اِعترافات عَاشِقة.. شعر: محمد عبد الفتاح/ المغرب
تاريخ النشر : 2012-06-17
اعترافات عَاشِقة
*************محمد عبد الفتاح/ المغرب


معذبة
-------

مَا أعْذبَ الحُبﱠ العَمِيقَ إذا هَوَى
عَلَى قلْبِ هَاميَةٍ فأرَّقَ وَاكْتوَى
هَمَسَتْ وَالوَرْدُ بعَيْنَيْها:
وَفجْأة ً تغِيب
بلا" وَدَاع" تتْركنِي
وَدُونَمَا بَريد
أظل وَحْدِي
صَرْعَى هَوَاجسِي
يَقتُلنِي لَيْلٌ عَنِيد
وَأنَا فِي إثرك
أجُرُّ تفاصِيلَ الهَزيمَةِ ..
مَذبُوحَة َ الوَريد
أحْمِلُ نَعْشِي٬
مُشْرقة ٌ دمُوعِي..
وَشُمُوعِي٬
يَقتلُها اللَّهيبْ..
يَا ﺃيُّهَا الغالِي
أيُّهَا القيْسِيُّ العَنِيدْ..
تترَبَعُ فوْقَ السَّحَاب
وَ تحْيَا فِي الوَجيبْ!..

اِمْرَأة ٌمُحَطمَة
--------------
إذ ْ تُغَادِرْ..
هَلْ صَحِيحٌ رَمَيْتنِي
كَمَا تُرْمَى الدَّفاتِرْ؟
اِمْرَأة ٌمُحَطمَة..
تُخلِّفنِي وَجْهاً فِي وَجْه
زَاويَةٍ مظْلِمَة..
قدْ قضَيْنَا العمْرَ كلَّهُ حُلمَا
كَعُصْفورَين جَرّبا يَوْماً أن يَحْلُمَا
أتُرَاكَ مَعِي يَوْمَا
عَرَفتَ التبَرّمَا؟..
أتُرَاكَ جَرّبْتنِي فِي غيَابك
قدْ أطِيقُ تبَسُّمَا؟
هَاجرْ كَمَا نَوْرَسٌ يُهَاجر
فرُبّمَا فِي مَوْسِم ِالهجْرَة..
قدْ تُقابلُ أخْرَى
قدْ تُقبِّلُ أخْرَى
أتُرَاكَ فِي أحْضَان أخْرَى
تُقبِّلهَا كَمَا كُنْتَ تُقبِّلني..
وَتلْثُمُ أنْفاسَهَا
كَمَا كُنْتَ تَعُدُّ أنْفاسِي تَلثَّمَا..
وتُحْرقُنِي فِي زَاويةِ النِّسْيانْ..
قدْ أخْطرُ عَلَى طيْفِ خَيَالِكَ مَرَّة٬
فتَذكُرنِي..
ثم تُحْرقني٬ مَرّة ً تِلْو َمَرّة..
إذ ْ تُغادِرْ..
تُغادِرنِي٬
اِمْرَأة ٌمُحَطّمَة..
جُزْءٌ مِنْ مَرَايَا مَكْسُور
فِي غُرْفةٍ مُعْتَمَة..
أبَداً ﺃنتَظِرُكَ سَيِّدِي ..
كأنَّنِي حَقَّا
عَلَى ٱنْتظاركَ مُرْغمَة!..

صُورَة
-------

أنا التِّي..
رَسَمْتُ صُورَتك
عَلَى جدَار حُجْرَتِي!
وَجَلَسْتُ هنَاكَ وَاجمَة
أتأمّلهَا فِي وَحْشَتي
وقبّلت رَسْمَكَ فِي الجدَار
مُفعَمَة ً بدَهشَتي..
وَلَمَسْتُ طيْفك
عنْدَمَا دَاهمَنِي
فِي عزْلَتِي
وَجَلَسْتُ أتحَنث ُ بذكْرَاكَ علّنِي..
أسْلُو قلِيلا علّنِي..

سَاحِر
------

قالوا عَنِي
كَلاماً كَثيرا
قالوا فيمَا قالوا حَبيبي:
ﺃنَّكَ سَاحِري
وَﺃنَّكَ فارسٌ
تمْتهنُ التبْشِيرا..
وَقالوا أيْضا ً
إنِّي بَلْهَاءٌ غرَيرَة
إنِّي ٱمْرَأة ٌ تُقاتِلُ بلا ذخِيرَة
اِمْرَأة ٌ تَتَهَاوَى حَزينَة
بلا نُعُوتٍ بلا ألْقابٍ
لتَدْفنَ وَجْهَهَا
فِي نَفسِها الدَّفينَة..

" كْيُوبيد "
-----------

فِي حُجْرَتي ..
مِشْجَبٌ يئِنُّ تحْتَ مِعْطفِي
وَسَريرٌ يَسْتنكِرُ مَوْقِفِي
وَهنالِكَ فِي السَّرير دُمْيَتِي..
أخالهَا تبْكِي..
وَأخالُ تِمْثالَ "كيوبيد"
يَقْتربُ مِنْ دُمْيتِي..
يَمْسَحُ دَمْعَ دُمْيَتِي..
يَرْفعُ يَدَ دُمْيَتِي..
يُلاعِبُ دُمْيَتِي..
يُضَاحِكُ دُمْيَتِي..
يُرَاقِصُ دُمْيَتِي..
وأخَالُ نَفْسِي دُمْيَتِي..
وﺃخالُكَ"كيوبيد" يَرْفعُ سَهْمَهْ
يُخرِجُ نصْلَهْ..
يُعَلِّقنِي
عَلَى جَدَائِلِ سُؤْدَدِ
يَجْتاحُنِي
كَيَوْمِ انْقِشَاع مَوْلِدِي..
وَصورَتُكَ المَصْلوبة ُفي الجِدَارْ
تَزفنِي ثمْلَى
حَتَّى القرَارْ
سَأضَلُّ أمَامَ الصُّورَةِ فِي الجدَارْ
سَأغرِّدُ كَمَلايين ِالطيورْ
سَأصِيحُ نَشْوَى فِي حُبورْ..
خيْرَ الأعوَام ِعَامُنا
وَخيْرَ الشُّهُور ِأيَارْ!..

"جُونْ دَارْك"
--------------

أقولُ ومشْرقة ٌدُموعِي..
طاوعنِي يا يَراعِي..
عَاذِلِي أنَا الآنَ عَلِيلَة..
أدْخِلنِي المُخْتَبَرْ
صُبﱠ عَلَى جُرْحِي
زَيتا ًمِنْ هَوَاكَ
يُرْدِيني قتِيلَة
شَرِّحْنِي..
خُذِ المِقصَّ
وَٱقطعْ شَرَايينِي..
وَٱكْتَسِحْ مَدِينتِي
مِثلَ المَطرْ
كَعَاصِفة ٍهَوْجَاءَ
لا تُبْقِي وَلا تَدَرْ
أنَا بنَفْسِي ٱخْتَرتُ
هَذا السَّبيلا
فلْيسْقُطْ كُلﱠ شعَرَاءِ البَلاطِ
وَكُلﱠ شعَرَاءِ الكَنِيسَة..
وَلتنْطلِقْ مِنْ حَنَاجِرهَا
الأغانِي الحَبيسَة
وَليَقِفْ مَوْسِمُ الرِّجال ِصَفاً
بَيْنَ أيْدِي قدِّيسَة
ﺃحبُّكَ رَجلا ًمِنْ عَجينْ..
مِطْوَاعا ًفِي يَدِي
مِثلَ العَجينْ
وَمِثلَ أحْلام ِاليَقينْ..
يَا وجْها ًيحْمِلُ ما يشاءْ
تَحُط ُّ"جُونْ دَارك" نوْرَسٌ
فوْق شطﱢ تِرْحَالِكَ الطويل ِ
عَلَى جَبينكَ قدرا ً
كَالدُّرَر ِالنفيسَة
بَاحِثة ًعَنْ أفُق ٍفضِّيٍّ يَحْضُنُها...

فارس
--------

يَا سَيدِي
هَذيْ دُنيَا الحَالمينْ..
فمُدﱠ يَدَيكَ وَاقطِفْ غُلالَة ً
مِن زَهْرِ اليَاسَمِينْ
وَتَرَجَّل مِنْ صَهْوَةِ جَوَادِك َ
وَسَتَعرفُ أنﱠ دمُوعِي
طُوفانٌ يُغْرق ُ
ﺃمْهَرَ السَّبَّاحِينْ!..

تائِهَة..
--------

تَائِهَة ٌمُعَذبة ٌبلا وَطنْ
لا مَلْجَأ لي فسِيحْ..
مَنْ يَشْنقنِي
فِدَاءً للحَبيبْ
مَنْ يَصْلبنِي
كَمَا صُلِبَ المَسِيحْ..

ذِكْرَى..
--------

تُعَاودِني الذكْرَى
جئْتنِي تَحْبُو كَطِفلٍ
فبَسَطتُ لَكَ ذِرَاعِي
وَتَرَكْتُكَ تقبِّل رَاحِي
وَجَبيني فِي ارْتيَاحِ
حَلﱠ صَبَاحي..
دونَ سَابق عَوَاصِفٍ..
مَلاك ٌزَهْريٌ
يَجْتثُني مِنْ قرَارِي
حَيﱠ عَلَى اكْتسَاحِي
أيَا أحْفادَ"كيوبيد"
أمَا قرَأتم ْصَبَاحِي
أسْطورَة ًخَالدَة ًفِي إصْحَاحِي!..

زَائِرَة
------

ﺃقرَعُ بَابَ دَارَه
عَاذِلي يَفتَحُ البابَ
ممْسِكا ًسِيجاره
يدْعُوني للدخول ِ
يحْكِي لي أساطِيرَ رُوما
وينْسجُ منْ خيالِه
تفاصِيلَ مَقتلِ"شمْشُون"
يخْلقُ قصصا ًمُدْهِشَة ًدوْما
يزفني وسْط َأشْلائي
َنصَبا ًيتعبَّدني
ويلْتمِسُ لديﱠ الطّهارةَ
والبراءة َوالنقاءْ

يَقِين
------

يَا سَيِّدِي
لِماذا كُلُّ هذا الأنِينْ؟
كلّما وَقفْتَ بجَانبي
يَمْلؤُكَ اليَقِينْ
بأننَّي أنثى..
وَبأنَّني وَحْدِي مَلِكَة..
وَﺃنَّك ألْقيتَ نَفْسَكَ جانبي
إلَى بَحْرٍ مِنَ التَّهْلُكَة
إلَى بَحْرٍ منْ رَحِيق الشَّفتيْنْ..
وَأنْتَ بجَانِبي
يَمْلؤُكَ اليَقِينْ!..

لا تُغادِرْ..
----------

يا منْ ملكْتَ عقلِي
وقلْبي ونفْسِي
وأنْفاسِي٬ وعِطْري
وشِعْري٬ وهواجِسِي
والحلي والأساورْ..
والرَّسَائِلَ والمذكِراتِ
والكُتُب٬َ والدَّفاتِرْ..
لا تغادِرْ..
لا تسلْ سيْف الهوى
لتردِيني صريعة
لا تكْرعْ كأساً
يسْقِيني فجيعة
يا سيدي حاذِرْ..
لا تنْقلبْ إلى وحْش كاسِرْ..
لا تلْقِي حنينِي وأشْواقِي
بين الهواجرْ..
لا تغادِرْ..
فلنا في الصُّبْح البشائِرْ..
فلنا في الصُّبْح البشائِرْ..
فلنا في الصُّبْح البشائِرْ.