الطائر ترجمة : حماد صبح
تاريخ النشر : 2012-06-02
بسم الله الرحمن الرحيم
الطائر ترجمة : حماد صبح
كانت المناسبة حفلة عيد ولادة سيروزا ، وقد تلقى فيها الكثير من الهدايا : خذاريف خنزير وأحصنة خشبية وصورا ، ولكن عمه منحه هدية عدها أغلى
سائر الهدايا . منحه فخا لصيد الطيور . كان الفخ مركبا بطريقة ترتفع فيها اللوحة فوق الإطار ، ثم تنطبق على قمته ، فإذا ما نثر الحب فوق اللوحة ووضع
الفخ في الحديقة فإن الطائر الصغير سينزل ويحجل فوق اللوحة التي ستتحرك مفسحة المجال ؛ فينغلق الفخ محدثا صوتا . سر سيروزا بالفخ وأسرع إلى البيت
لعرضه على أمه . قالت الأم : إنه ليس لعبة صالحة . ماذا تريد أن تفعل بالطيور ؟ لم تريد تعذيبها ؟
قال : أريد وضعها في قفص . ستغني وسأغذوها بنفسي .
وكان أن حصل على بعض البذور ونصب الفخ في الحديقة ، ووقف غير بعيد منه متوقعا أن تنزل الطيور إليه ، لكن الطيور خافت منه ولم تقترب من القفص
. أسرع سيروزا بدخول البيت للحصول على ما يأكله وترك القفص . وبعد الغداء عاد للنظر إليه ، فوجده قد انغلق وبداخله طائر صغير يخبط في القضبان .
أخذ الطائر ودخل البيت . صاح : أماه ! صدت طائرا . أحسبه عندليبا .
فقالت الأم إن الطائر كناري بري ، وأضافت : حذارِ ! لا تؤذِه ! ويستحسن أن تخلي سبيله .
قال : لا . أنوي إعطاءه ما يأكله ويشربه .
وكان أن وضع الطائر في قفص وقدم له زمن يومين البذور والماء ونظف القفص ، لكنه نسي في اليوم الثالث كل ما له علاقة به ولم يبدل له الماء .
فقالت أمه : انتبه ! نسيت طائرك . يستحسن أن تخلي سبيله .
دفع سيروزا يده في القفص وشرع ينظفه فذعر الطائر وراح يرفرف . وبعد أن نظف سيروزا القفص ذهب لجلب بعض الماء فلاحظت أمه أنه نسي
إغلاق بابه فنادته : سيروزا ! أغلق باب قفصك وإلا فإن طائرك سيخرج ويؤذي نفسه !
وما أن فاهت بكلماتها حتى وجد الطائر الباب فاغتبط وفرد جناحيه وحام داخل الحجرة قاصدا النافذة فأقبل سيروزا يجري والتقطه وأعاده إلى القفص .
كان الطائر حيا ما يزال ، لكنه مال على صدره باسطا جناحيه متنفسا بصعوبة فأطال سيروزا النظر إليه شيئا وشرع يبكي .
سأل : أماه ! ما عساي أفعل الآن ؟
ردت : لا تستطيع فعل شيء .
لبث سيروزا قرب القفص طول النهار . لم يفعل شيئا سوى النظر إلى الطائر الذي مكث كل الوقت مائلا على صدره متنفسا بصعوبة وسرعة .
وحين أوى سيروزا إلى فراشه مات الطائر . لم يستطع سيروزا وقتا طويلا النوم ، وكلما أغمض عينيه بدا له أنه ما فتىء يرى الطائر راقدا لاهثا .
وفي الصباح ، حين ذهب سيروزا إلى قفصه رأى الطائر مطروحا على ظهره متخالف الرجلين متجمدهما . وبعد تلك الحادثة أحجم عن صيد الطيور .
* الكاتب الروسي ليو تولستوي .