حكاية عصفور بقلم:يوسف حمدان
تاريخ النشر : 2012-05-22
حكاية عصفور

جاء العصفور شريدا
من أحضان الوطن الأم
إلى أكناف الغربة.
أفزعه كيف اقتلعوا
من لحم الأرض
جذور الأشجار.
شاهد كيف تسير الدبابات
على العشب الأخضر والأزهار.
طار إلى أرضٍ لا يحرثها غازٍ
لا تنجب للناس ملوكا أو أمراء.
الحُكام عليها خدمٌ
كل الناس عليها أحرار.
ويطير حمامٌ
ويحط بلا وجل في الساحات.
يبني البط منازله
حول ملاعبها والأنهار.
يتساوى الطير الأصليُّ
مع الطير الوافدِ
والنسرُ عليها رمزٌ وشعار.

في تلك الأرض
قضاءٌ يفصل بين الناسِ
وقانونٌ لحقوق الإنسان.
في بلد الدستورِ يُدان المرءُ
إذا جوّع قطته
أو آذى كلب الجيران.
يرنو العصفور إلى برجٍ
ينطح في الأفق سحابة.
يسأله: قل لي بالله لماذا
حين يجوِّع محتلٌ شعبا
في وطني
لا تَسمع أذنٌ
لا تُبصر عين؟
ولماذا حين يصادر محتلٌ
مقبرة القدس
ويغتال الزيتون.
تسكت كل الأفواهِ
ويبقى ذبح البيارة
والقرية
سرا في بطن النون؟

في تلك الأرض
تكون الأشياء هي الأشياء.
لكن الصيف غريب أحيانا
ثم يجيء خريفٌ
في زي ربيع.
أصوات دعاة العدلِ
تنادي صبحا ومساء.
يُسمع صوت الحقِ
بآذان صاغية حينا،
ويواجه أحيانا آذانا صماء.
يحتار العصفور ويسأل:
هل هذي الحرية ثوبٌ
فُصّل وِفق الأرصدة البنكيةِ
أم وفق فصول الأزياء؟
هل هذي الحرية زيٌ وطنيُّ
لا يلبسه الغرباء؟
يستمع العصفور إلى نسر ٍ
يهتف في الأجواء:
الحرية كنزٌ
لا يدركه الضعفاء!
العدل له ثمنٌ
لا يملكه الفقراء!
ركب العصفورُ جناحيه
وعاد إلى عشٍ أصلي
فرشته الأم بأنعم ريشٍ
ورعته عيون الآباء.

في وطن الآباءِ
يزقزق عصفورٌ
في آذان الأبناء:
الأشجارُ بلا أعشاش ٍ
كثبانٌ في صحراء.
يكتب فلاحٌ بالمحراث
على صفحة حقل:
الدار بلا أبناءِ الأرضِ
حدائق وردٍ
حرمت من قطرة ماء.
ترسم ريحٌ بسنابل قمحٍ:
الأرض بلا مِعول فلاح ٍ
أم ثكلى في بيت عزاء.
ويغرد عصفورٌ عاد
إلى وطن الأجداد:
الأرض لمن يعشق رائحة
لا تُبعث إلا من تربتها.
والزيتون لمن يغرسه للأحفاد.
الحقل لمن يتذوق طعم البهجة
في عرس الزرعِ
وفي عيد حصاد.

يوسف حمدان - نيويورك