صورة قبيحة لكل مـا هـو مُسلم بقلم:د. عـبد القـادر حسين ياسين
تاريخ النشر : 2012-05-17
صورة قبيحة لكل مـا هـو مُسلم بقلم:د. عـبد القـادر حسين ياسين


صورة قبيحة لكل مـا هـو مُسلم

الدكتور عـبد القـادر حسين ياسين

مِن محاسن "الإنترنت" أنها تترك الحبل على الغارب لطرح كل شيء، وهذه حسنة عندما يسمح للجميع بطرح أفكارهم، لا أن يضيق على فريق ويفسح المجال لآخر، وهذا ما يدأب عليه بعض المواقع الإلكترونية بتركيز النقـد الغـثّ والسمين على الإسلام.


لا أضيف جديدا إذا قلت بأنني عـلماني، وأعارض بكل قوة أي شـكل من أشـكال الدولة الدينية مهما كانت مُسـمياتها... ولديّ منظومة أخلاقية وقيمية وفكرية مختلفة تماماً عن المنظومة الدينية. ومن خلال متابعتي لهذه المواقع، )وأحدها رَفـَضَ نشر مقالي هذا!!) دُهشت من هذا الميل الغريب لدى الكثيرين للشتم والسباب بإسم العلمانية، بدلاً من النقد الموضوعي والبحث العلمي في موضوع الدين. فهؤلاء السـادة يتناولون الدين الإسلامي وكأنه وحيد بمشكلاته وتخلفه ، والذي يـُصور على أنه ظاهرة فوق مجتمعـيةsuper-societal، ويغدو معهم مُحمد ، النبي والمصلح والعـبـقـري العظيم ، شيطانا رجيمـاً!! ويـُمعـنون في السُخرية الرخيصة من تاريخه وحياته، دون أدنى حسّ بالتفكيرالعلمي الرصين، ويتناولون دينه ( وهو الحلقة الأكثر تطوراً في الفكر الديني باعتراف البروفيسور ماكس فيبر ، أشهر مؤرخي الأديان الأوروبيين) ويقـيّمونه وكأنه عاش في القرن العشرين في الحي اللاتيني في باريس!!


أعرف جيدا أن كلامي هذا لن يُعجب الكثيرين ، ولكنني أقول وأكرر ما قـلته منذ أكثر من عشرين عاما بأننـا  بحاجة للنقد الشامل لتاريخنا ، وموروثنا الديني،  وعـقائدنا كلها،  وبـُنانا الفكرية ، وآليات تفكيرنا الصدئة، التي تجعل من أدياننا وأحزابنا ومؤسساتنا وأنظمة حكمنا مستحاثات خارج العصر، وليس إسلامنا فحسب.

 

هل أحدثكم  - على سبيل المثال -  عن والد صديقي السويدي البروتستانتي الذي يُحرم التلفزيون وزينة المرأة؟! هل يختلف هذا الرجل الذي يعيش في القرن الحادي والعشرين (وليس في العصور الوسطى) وفي السويد ، أرقى بلد في العالم ( وليس في أفغانستان إبان حكم طالبان!!!) هل يختلف عن أي أصولي مسلم يعتبر التلفزيون ، وكل ما أنتجته التكنولوجيا "رجس من عمل الشـيطان"؟!

 

إن معظم ما نقرأه ينتمي للمدرسة الإستشراقية الرخيصة التي تتقاطع مع مُسَلـَّمات وعي منغلق، تلهج به الأقليات الدينية والمذهـبـية عن "الدموية" الإسلامية و"الغـزو" و"الاستـعـمار" العـربي الإسلامي و"الإرهاب" ونشر الإسلام بالقوة و"بـَدَوية" الإسلام، إلى آخر هذه الأسطوانـة الـمـشـروخـة..!!.

 

ومن نافلة القول أنه  يمكن تـفـنـيـد هذه المغالطات التي يقدمونها، ولنا من الحجج والبراهين ما لا يطيقونه. والمسـألة ، في رأيي المتواضع ،  ليست عـفـوية، ورغم إعتمادها كثيراً في الدعاية على نتاجات المقـتـنـعـين بهذه الأفكار عفوياً (أقليات) أو تهويم وجلد للذات (فلول يـَسار مهزوم) لترويجها أكثر من اعتمادها على المأجورين أو الكتاب بالمقالة، إنها جزء من الحملة الأمريكية على كل الهويات الرافضة للهيمنة بغض النظر عن تقييمي لتلك الهـويات ومدى عصريتها.


فالبوذية حين تخدم تفتيت الصين (التيبت نموذجاً) تـُصبح ديانة مسالمة، رغم أن الدالاي لاما كان لا يزال، قبل دخول الجيش الصيني إلى التيبت، يتلقى القرابين البشرية التي تجاوزها الإسلام بجذره منذ أكثر من 1400 عام، ويُقدم البوذي بصورة مُدرّة للعواطف، ويحصل الدالاي لاما على جائزة نوبل للسلام بعد فراره من التيبت ولجوئه الى الهند.

 

وكذلك الأمر بالنسبة "للمجاهدين" الأفغان، فحيث خدم "الجهاد" مصالح الأمريكيين صُوّر "المُجاهدون" كمقاتلين من أجل الحريةFreedom Fighters  في أكثر من فيلم أمريكي( "رامبو") وفرنسي ( "الطريق إلى الجنة")!! لدرجة أن الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان ساواهم بـ "الآباء المؤسسين  Founding Fathers للولايات المتحدة " [كذا!!!].


واليوم تـُعمَّم صورة المسلم الشرير والشرقي المتخلف كما هي في لاوعي الغرب المؤسس على سفاسف ذلك النمط من الاستشراف الرخيص، هذا النمط الفكري الغوغائي ما هو إلا النظير للأصولية المتطرفة. وما نحتاجه هو عـودة للأصول الإسلامية لدراستها جيداً بأدوات بحث ومناهج علمية جديدة، للخلوص إلى ترسيمات نظرية جديدة في التعامل مع النصّ بعـقـلية منـفـتحة علمية لا تلفـيقية، والأخذ بمفهوم التاريخانية  Historigraphyوتحرير البحث العلمي الجامعي والفكري من كل القيود على الإطلاق.



وأود أن أستميح القارئ عذرا بتقديم بعض النماذج من هـذه الكتابات كأمثلة بسيطة على السطحية والخواء في تلك الكتابات، وسأوثق ردودي في بحث مطول حول ذلك :

 

♦ -  إذا كان الأمر مُجرد سُخرية، فيمكن أن أسخر من بوذا  وفـيشـنا وداوود والمسيح وأي نبي أو مدعي نبوة آخر...


♦ -  حول الانتشار الواسع للإسلام: "لقد استولى العرب على أراض لم يسكنوها"، صحيح، وإذا كنا حريصين (فعلا لا قولا!) على المنهج العلمي في البحث التأريخي  فيجب أن لا ننسـى كيف كانت العلاقات بين الأمم في ذلك الزمن السحيق، ألم يكن التقسيم العالمي للثروة قائماً -  بشكل أو بآخر-  على مؤسسة الغزو؟

 

♦ -  لقد حكم المسلمون تلك البلاد، لكنها لم تصبح مُسلمة إلا بعد تفاعـل إنساني استغرق مئات السنين، وخلال القرون الأولى من الإسلام لم يدخل فيه من النصارى أكثر ممن بقي على مسيحيته من العرب، وحتى بداية القرن العشرين كان المسيحيون يشكلون أكثر من ربع السكان في المشرق العربي (العراق وسوريا وفلسطين ومصر) فلماذا استغرق الأمر ألف سنة ليصبح المسلمون أغلبية؟ ثم كيف إنتشر الإسلام في إندونيسيا ، أكبر بلد إسلامي،  وفي شرق آسيا وفي أفريقيا؟

 

♦ -  لم يكن التاريخ العربي الإسلامي مثالياً بالتأكيد، وقد سُجنتُ غـير مرة لمجرد التعـبير عما أقوله الآن...ومع احترامي الشديد لأولئك  الأسـاتذة الأفاضل الذين أختلف معهم في الرأي (والاختلاف في الرأي يجب أن لا يُفسـد للوُدّ قضيـة ) إلا أنني أقول بأنه ليس من المنطق بالنسبة للتاريخ أن يكون كذلك إلا أنه كان الأقل سوءاً بين تواريخ كل الأمم (بالنسبة لقيم العصر)...

 

♦ -  فبعد ظهورالإسلام بخمسمائة عام إجتاح التتار آسيا، و"ألقى هولاكو بمليون كتاب في نهر دجلـة حتى أصبحت مياه النهر بلون الحبر..."  وفعـلوا غير ذلك الكثير، فهل فعل العـرب المسلمون مثلهم؟

 

♦ -  وبعد ذلك بألف عام حمل المـُتطهـرون البروتستانت The Puritans   دينهم نحو "أرض الميعاد"، (العالم الجديد) وأبادوا 115 مليون هندي أحمر، ولا تزال كنائسهم حتى اليوم !وقد رأيتُ بأم عـيني ، وعلى بعد 500 متر من مبنى الأمم المتحدة في نيويورك ، كنائس للسود وأخرى للبيض... فيا للعار...!!

 

♦ -  وهل شَهدَ تاريخ الإسلام كله إلا تلاصق الأكتاف في الصلاة بغض النظر عن اللون والعرق واللغة والوضع الطبقي أو الاجتماعي؟... وقد ذكر لي محمد علي كلاي ، بطل العالم السابق في الملاكمة للوزن الثقيل والرئيس الحالي للجمعـية الافريقية- الامريكية للبرّ والإحسان ، عـندما التقيته في نيويورك قبل سنوات،  أنه ذَهـَب الى مكة لأداء فريضة الحج للمرة الأولى  مع وفد من الأمريكيين السـود ؛ وكيف أنهم جميعا "ذهلوا" لصلاتهم مع المسلمين البيض.


العلمانية تعني فيما تعنيه حماية الدين من مُستغليه السـُلطويين والمعارضين على السواء، وفصله عن السياسة بجذرها البراغـماتي القـبـيـح، وتنزيهه عن التوظيف الذرائعي لمصالح غير مشروعة. إنها تعني تحرير الإنسان من سطوة الجهل والغـيـبـيـات، وتمكينه من بناء علاقة روحية ومنظومة قيم وجدانية إذا أراد - عبر دينه - أن يتعامل بها مع كل إنسان.  إن العلمانية ، بشكلها الأرقى،  تعني إعطاء الدين حيزه الطبيعي في المنظومة الاجتماعية كعامل لا يمكن تغـيـيـبـه، وكحاجة إنسانية أيضاً. واليوم، يشكل الإسلام هيكلاً عظمياً يشد هذا الجسد المتهالك، ويُحافظ على تماسك الأمة في وجه المشروع الأمريكي.


في العراق حاول الأمريكيون  ـ عبر بثّ هذه "المُسوخ العلمانية" القفز فوق حقيقة التناقض الأكيد بين المصالح الأمريكية والإسلام الشيعي العراقي، من خلال تلفيقة نظرية يجري نشرها، وتوسيع قاعدتها البشرية من المنافي العراقية وأسموها "التـشـيـُّع" العراقي العلماني، بهدف استقطاب الشيعة عبر خطاب طائفي بعيد عن الأيديولوجيا الإسلامية بفـرعها الشيعي الثوري.

 

إن الترابط العميق للعراق وشيعـته مع محيطه العـربي السـُّني لا تفصم عـراه تـفـتـيـقـات مراكز الإستشراق الأمريكية حول هذا التشيع العراقي” العلماني" المزعوم، وفصل العراق عن القومية العربية، باعتبار أن العراق شيعي والقومية العربية ذات سمات سنية! وأن الإسلام هو "سبب بلاء" هذه الشعوب.

 

وفي الوقت نفسـه يـُلبي التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في أكثر من عشرة دول عربية وإسلامية دعوة هؤلاء للحوار، ويحرصون على تقديم أنفسهم بلبوس عصري "علماني" يطرح المواطنة الكاملة لغير المسلمين ومشاركة المرأة ومساواتها وتداول السلطة ونبذ الجهاد، لتلميع صورتهم كبديل وتيار لا يتناقض مع الأمريكيين، ومستعد لأن ينخرط في "إصلاح" و"تحديث" المنطقة. ومن المؤسف حقاً أن هؤلاء الإستشراقيين خرجوا من عباءة اليسار لملاقاة هؤلاء القادمين من اليمين الإسلامي، ليصبوا في طاحونة الغزو الأمريكي.


تبين مؤخراً أن كتاباً حول جرائم الشرف في الأردن لسـيدة أردنية مقيمة في أمريكا منذ سنوات طويلة لجأت إلى أوأستراليا مدعـية تهديدها بالقتل في الأردن بسبب قضية "شرف"، هو كتاب مُلفق تماماً، ورغم ذلك لم يتغير شيء في الإقبال عليه، لأنهم ببساطة يريدون أن يقرأونا بوعـيهم لا بحـقـيـقـتـنا.


رَوى لي أحد المثقفين السوريين المقيمين في هـولندة أن بعض أصدقائه الهـولنديين يعتقدون أن" خليفة المسلمين يتجول كل يوم في سوق المدينة حتى تقع عيناه على فتاة أو امرأة جميلة ليضاجعها في قصره وإذا إعترض زوجها أو أبوها يأمر بجزّ عـنقه!!" وعندما سألته عما إذا كان لديه أي تفسير لهذه الخـُزعـبلات  قال: "لا، لم يعـد في الشرق من يقرأ "ألف ليلة وليلة"، لكن حدود معرفة الهولنديين بنا توقفت عند "ألف ليلة وليلة"... على تخوم القرن الرابع الهجري!

 

كتاب نورما خوري "الحـُبّ الـمـُحـرَّم" Forbidden Love عـن اضطهاد النساء المسلمات لقي رواجاً مذهلاً في الغرب، لأن الغرب يريد أن يرانا بهذا الشكل، مخلوقات غـبية، متناقضة، دموية، تسبح في فضاءاته الاستشراقية، وكلما تمردنا على التخلف، وحاولنا ولوج الحداثة، أسقطونا من تجربة محمد علي إلى تجربة عبد الناصر، وألصقوا بنا شتى الأكاذيب، وعمموا صورة وحيدة وقبيحة للمسلم، فغدا المسلم لمجرد انتمائه الاجتماعي إلى هذا الدين محل اشتباه وانتقاص لكرامته الإنسانية.
والهجوم الأمريكي على الهوية الإسلامية بلغ درجة دفعت بالفنان الشيوعي اللبناني زياد الرحباني ، وهو - لمن لا يعرفه - ابن المطربة اللبنانية المعروفة فيروز وهي - لمن لا يعرفها - من  أسرة مسيحية كريمة ، إلى القول: "تشعرني الهجمة الأمريكية على المنطقة أنني مسلم.!!". إنَّ الإسلام الصحيح هو التقـدم ، وهو مصلحة المجتمع ، وهو اللحاق بالحضارة ، وهو تحصيل العلم ، وأن المساحة الخصوصية في قضية الدين أوسع وأرحب ، وأن فرض الرأي على الآخرين لا يجوز ، وأن التشريع للبشر ، أما مبادئ التشريع وأصول العـقـيـدة فهي لله ، وأن الإسلام يعني بالغايات قبل الوسائل .

 

غـنيّ عـن البـيـان أنَّ العصر الأول للإسلام لن يأتي إلينا ، ولن نعـود إليه ، فكلا الأمرين مُستحيل ، وأن التـفـكير يسبق التكـفـير ، والعـقـل يسبق الـنـقـل ، والسماحة تـتـسع الجميع ، والإسلام لا يعرف الكهـنوت ، ولا يعرف رجال الدين ، ولا يعطي قـُدسية لأحد ، ولا يمنح عصمة لأحد ، ولا يمنع النقـد عن أحد ، فلا عـصمة لأحد غـير الرسول ، ولا قـدسية لأحد غـيره ، وأنه ليس في الإسلام أزياء ، وليس له ألقاب ، ولا يحق لملـك الـمـغـرب مـحـمـد السـادس، أو لأي إنـسـان ، كائناً من كان ، أن يدّعي أنه "أمير المؤمنين" كما لا يحـق لملك السـعودية ، عـبـد الله بن عـبـد العـزيز ،  أن يـزعـم بأنـه"حامي حمى الإسلام" ، فكلنا مسلمون ، وكلنا حماة الإسلام ، ونحن جميعاً مواطنون ، وقبل ذلك كله مدافعون عن وحدة الصف وتلاحم الصفوف .

 

أعلم أن الحديث قد يطول ، ولعلي أوجز العرض والقصد في الرفض الكامل لخلط أوراق السياسة بالدين ، وفي التأكيد على الفصل بينهما ، حجتي في ذلك ما يلي :

 

أولاً : أن البينة على من إدَّعى ، وإذا كنا ندعو للفصل فحجتنا جلية فيما هو قائم ، أما دعاة الوصل فعليهم أن يوضحوا لنا كيف يكون ، ولا مناص عن صياغة برنامج سياسي كامل ، وهو في تقديرنا أمر عسير عليهم ، وإن كان يسيراً علينا أن ندرك الأسباب.

 

ثانيا : إننا نقبل في منطق الصواب والخطأ في الحوار السياسي ، لأن قضاياه خلافـية ، يبدو فيها الحق نسبياً ، والباطل نسبياً أيضاً ، ونرفض أن يدار الحوار السياسي على أساس الحلال والحرام ، حيث الحق مطلق والباطل مطلق أيضاً ، وحيث تبعة الخلاف في الرأي قاسية لكونه كفراً ، وتبعة الاتفاق والمتابعة قاسية أيضاً لمجرد كونها في رأي أصحابها حلالاً ، حتى وإن خالفت المنطق ، بل حتى وإن خالفت الحلال ذاته ، ولم تكن أكثر من اجتهاد غير صائب تسانده سلطة الحاكم باسم الدين ، ويؤازره سلطان العقيدة في ساحة غير ساحتها بالقطع ... ولعل ممارسة جعفـر النميري في السودان لا زالت في الأذهان ، ولعـل مباركة العلماء الأفاضل لما فعله النميري عندما كان في السلطة لا زالت في الوجدان ، ولعل نقدهم المرير له ونكيرهم اللاذع عليه بعد أن ترك السلطة واضح للجميع ، ولعلنا نتساءل دون أن نـُغـضب أحداً : هل هو الخداع فلا نقبل منهم قولاً ، أم هي الغفلة فلا نقبل منهم ريادة ؟ أم هو الخطأ (و"كل إبن آدم خطـَّاء") فـنـدعـو لهم بالمغـفـرة ؟  وقريب من هذا موقفهم من الرئيس أنور السادات في مبادرة السلام حين رفعه بعضهم إلى أعلى عليين بالقرآن والسّنة ، وهبط به بعضهم إلى أسفل سافلين بالقرآن والسّنة ، وتركونا حيارى ، بل إن شئت الدقة أسارى، لعلامات التعجب والاستفهام.

 

ثالثا : إذا تجاوزنا وقائع التاريخ وانتقلنا إلى ممارسات نظم قائمة ترفع شعار الإسلام ، وتتبنى مفهوم الحكم به ، فإننا نرى أنها جميعاً حُجة في صالح الفصل ، ودليل جديد على خطورة الوصل ، وكم نتمنى أن يحتج بها البعض حتى نـُلزمه حُجته ، غير أنا نحسب أن أحداً لن يفعل ، لما نعلم ويعلم .

 

وبعـد ؛

 

لقد بلغ الإسلام الذروة في التسامح مع أهل الكتاب ، بل ومع الكافرين ، لكن القرآن الكريم لا يُفسر نفسه بنفسه ، والإسلام لا يُطبق نفسه بنفسه ، وإنما يتم ذلك من خلال المسلمين ، وما أسوأ ما فعل المسلمون بالإسلام ، ولسنا في حاجة إلى نكأ الجراح أو إثارة النعـرات أو تفجير الخلافات ، بقدر ما نحن في حاجة إلى تأكيد الإيجابيات ولم الشمل وتماسك الصفوف .

 

ويا عـقـلاء العرب ... هل نلتقي سويا على كلمة سواء ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كــاتب وأكاديمي فلسـطيني مـقـيم في السويد.