د/ العوا يوافق كبار العلماء في مسألة المهدي المنتظر بقلم:د. أيمن محمد صبري
تاريخ النشر : 2012-04-04
لقد تشرفت بأن أطلع الدكتور العوا على مقالتي السابقة حول موقفه من أحاديث المهدي المنتظر وقد طلبت منه أن يزودني بمعلومات أكثر حول هذا الموضوع فحباني بمعلومات قيمة أنشرها بنصها لتعم الفائدة:

الابن العزيز الدكتور أيمن صبري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
فأود الإفادة بما يأتي:

أولا: عبارة ابن خلدون هي «.... لم يخلص منها من النقد إلا القليل أو الأقل منه» هكذا وردت في طبعة عبد الرحمن محمد بالقاهرة (المطبوعة قبل سنة 1927) في صفحة 280، وفي طبعة أستاذنا الدكتور علي عبد الواحد وافي، 1981 ج2 ص 807، وفي طبعة الأستاذين إبراهيم شبوح وإحسان عباس، 2006 ج1 ص 558. ومعناها أن الذي خلص من النقد هو أقلُّ من القليل والأقل من القليل هو الذي يقال له: النادر (!) والعبارة الواردة في كلام الشيخ محمد حسان منقولة من طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، (مطبوعة قبل سنة 1968)، ص 322. وأغلب أنها تحريف مطبعي للعبارة التي في النسخ الأخرى.

ثانيا: جاء في رسالة العلامة السلفي الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود المعنونة: (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر) ما يأتي:-

1 ـ أن فكرة المهدي ليست في أصلها من عقائد أهل السنة القدماء فلم يقع لها ذكر بين الصحابة في القرن الأول، ولا بين التابعين، وأن أصل من تبنى هذه الفكرة هم الشيعة الذين من عقائدهم الإيمان بالإمام الغائب المنتظر. (ص3).

2ـ أن أحاديث المهدي ليست بصحيحة، ولا صريحة، ولا متواترة بل هي كلها مجروحة وضعيفة. (ص16).

3ـ لا يجب الإيمان الجازم بخروجه (أي المهدي) لقوة الخلاف في الأحاديث فلا ينكر على من أنكره، وإنما يتوجه الإنكار على من قال بصحة خروجه. (ص29).

4ـ ليس من عقيدة الإسلام والمسلمين الإيمان به.... فلم يذكره ابن تيمية في عقائده، لا في الواسطية ولا في الأصفهانية ولا السبعينية ولا التسعينية ولا القرشية، كما أنه لم يذكر في العقيدة الطحاوية ولا في شرحها، ولا في عقيدة ابن قدامة، ولا عقيدة ابن زيدون المالكي (ص 30) ولا في كتابه الإبانة عن أصول الديانة للأشعري وهي تتمشى على عقيدة أهل السنة، وهي من آخر مؤلفاته... فعدم إدخالها في عقائدهم يدل على أنهم لم يعتبروها من عقائد الإسلام والمسلمين (ص56).

5ـ بمقتضى الاستقراء والتتبع لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا صحيحًا صريحًا يعتمد عليه في تسمية المهدي (ص39).

ثالثًا: أشار ابن القيم في المنار المنيف إلى أحاديث المهدي وذكر أقوال العلماء فيها وانتهى إلى أن الناس لهم أربعة أقوال في المهدي: أنه عيسى بن مريم، وهو المهدي على الحقيقة عند أصحاب هذا الرأي؛ أنه المهدي العباسي، أنه رجل من أهل بيت النبي من ولد الحسن بن علي؛ أنه محمد بن الحسن العسكري (المهدي المنتظر) وهو قول الشيعة الإمامية. وأن اليهود تنتظر القائم الذي يخرج آخر الزمان فتعلو به كلمتهم ويقوم به دينهم، وينصرون به على جميع الأمم (ط الشيخ أبو غدة، حلب 1970 ص141-145).- انتهى كلام الدكتور العوا حفظه الله.

أما العلامة يوسف القرضاوي فقد قال في مذكرات القرضاوي: "قضية المهدي كلها لا أصل لها في القرآن ولم يتحدث عنها بالعبارة أو الإشارة... وكذلك الصحيحان (البخاري ومسلم) لم يذكرا المهدي كذلك... ثم إن البحث في هذه الأحاديث المروية في هذا الشأن - في ضوء موازين الجرح والتعديل والتوثيق والتضعيف- يبين لنا أن هذه الأحاديث كلها لا تبلغ درجة الصحة التي يجب أن تتوافر ليُحتج بها في قضية مهمة كهذه".

فإذا كان هذا كلام كبار علماء الحديث والعقيدة والفقه من أئمة أهل السنة والجماعة فكيف يتم التشنيع على الدكتور العوا في هذه المسألة العلمية التي يتكلم فيها وفق كبار علماء الأمة! وهو بما حصَّل من علوم مؤهل للخوض في هذه المسائل العلمية،، وللعلماء أن يختلفوا ويجب على العوام احترام جميع العلماء سواء اختلفوا معهم أو اتفقوا. ويجب ألا تُنشر خلافات العلماء على العوام وتستخدم في التفسيق والتبديع وفي الدعاية الانتخابية الرخيصة، فما أضاع هذه الأمة وقَسَّمها وأفشلها سوى تلك الغوغائية والبغي والعدوان واستخدام مسائل الخلاف في المعارك السياسية وكسب الأنصار واستعداء العوام، بينما للخلاف في مسائل الدين أصول حكيمة يعرفها العلماء الحكماء.. فتلك الخلافات تناقش في دوائر العلماء وبحوثهم ومجامعهم العلمية ولا تطرح على العوام وتبتذل سلاحا للطعن على العلماء وتهييج العوام وإثارة الفتن والأحقاد والشحناء.

وقد تعجبت كثيرا من افتراءات صبية الحملات الانتخابات على الدكتور العوا فلم يكتفوا بنشر الأكاذيب حوله بل أخذوا يكذبون ويزورون كلام دعاة عظماء لهم شعبية كبيرة فيأتون بمقطع فيديو للداعية الكبير محمد حسان ينتقد فيه الإمام محمد عبده ورشيد رضا فيجعلون العنوان أن الشيخ محمد حسان يرد على الدكتور العوا.. وقد فندت ذلك في المقال السابق. ثم وجدت مقطع فيديو آخر للشيخ الرباني والداعية الجليل رحمة الله عليه الشيخ عبد الحميد كشك يضعونه على النت تحت عنوان "د/ العوا ينكر المهدي المنتظر وكشك يرد عليه". طبعا الشيخ الكبير عبد الحميد كشك لقى ربه منذ زمن بعيد بعد جهاد ونضال وصبر على البلاء عظيم ولم يذكر الدكتور العوا في خطبه أبدا فضلا عن أن يرد على كلامه ولكن صبية الحملات الانتخابية أفاكون يفترون الكذب وهم يعلمون.. ويريدون أن يصل لكل محب للشيخ عبد الحميد كشك أو الشيخ محمد حسان أنهما يعارضان الدكتور العوا.. فكيف يحكمنا هؤلاء المزورون الأفكاون!

طبعا للشيخ كشك محبيه ومريديه وأنا شخصيا من أشد المحبين للشيخ كشك رحمة الله عليه وكنت من مريديه في مسجد عين الحياة بدير الملاك. وفي تلك الخطبة كان الشيخ كشك يرد على الذين ينكرون أحاديث المهدي المنتظر..

وأحب التنويه أننا سمعنا من هؤلاء الذين يستشهدون بكلام الشيخ كشك أذى كبير للشيخ رحمة الله عليه فتارة يتهمونه بخلل العقيدة وتارة يشتمونه لأنه يذكر في مواعظه أحاديثا ضعيفة وتارة يتهمونه بأنه يوالي الشيعة.. وكان الشيخ بالفعل من أشد المتحمسين للثورة الإيرانية وله خطب نارية في الدفاع عن الخوميني وثورته الإسلامية يهاجم فيها موقف السادات من الشاة المخلوع. وكنا ندافع باستماتة عن الشيخ كشك لكنهم كانوا لا يوقرون رجلا ربانيا كالشيخ كشك.. ثم هم الآن يتوسلون بكل طريقة خسيسة لتشويه مرشح منافس.. هل رضيتم الآن عن الشيخ كشك وتستشهدون بكلامه!! فلماذا لا تستشهدون بكلامه في تأييد الثورة الإيرانية!! عجيب والله أمر هؤلاء الذين يَدَّعون أنهم إسلاميون ثم يسلكون سبيل بني إسرائيل الذين لعنهم الله في التوراة والإنجيل والقرآن. ويبدو أنهم أدركوا أن الإفك الذي رموا به الشيخ كشك يتعارض مع استشهادهم بقوله فنشروا على النت مقطع آخر له يهاجم فيه غلاة الشيعة.. وطبقا لأخلاق اليهود التي يتحلون بها دلسوا على الناس أن الشيعة وغلاة الشيعة شيئا واحدا.. فيكون الشيخ بحسب زعمهم قد غيَّر رأيه في الشيعة.. ولا أدري كيف سيقف هؤلاء بين يدي المنتقم الجبار.. لا أظنهم يحسبون لهذا اليوم حسابا.

اعتمد الشيخ الرباني عبد الحميد كشك في بداية كلامه عن المهدي المنتظر على مقولة أن أحاديث المهدي بلغت حد التواتر المعنوي ومع شدة احترامنا وتقديرنا للشيخ كشك لكنه لم يكن عالما في مصطلح الحديث، وبحسب معلوماتي لا يغني التواتر المعنوي ولا حتى التواتر اللفظي عن تعديل الرواة، فلا قيمة لتواتر أحاديث الكذابين والمُدلسين سواء كان هذا التواتر لفظيا أو معنويا. طبعا الشيخ كشك رحمه الله كان يتساهل في استخدام الأحاديث الضعيفة في المواعظ استنادا إلى العلماء الذين أجازوا ذكر الأحاديث الضعيفة في المواعظ وفضائل الأعمال وإن كان العلماء الأثبات لا يرون ذلك ومنهم الدكتور سليم العوا إذ يتشدد في عدم رواية الحديث الضعيف حتى في المواعظ وفضائل الأعمال.

رحم الله فضيلة الشيخ الداعية الرباني عبد الحميد كشك، وعلى صبية الحملات الإنتخابية من الله ما يستحقون جزاء ما يأفكون.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الجبار.

د. أيمن محمد صبري