الحب والزواج لذي المورلي بجنوب السودان أحد أسباب نكبتهم بقلم:فوزي منصور
تاريخ النشر : 2012-01-17
الحب والزواج لدى المورلي في جنوب السودان كأحد أسباب نكبتهم

صراع قديم متجدد بين قبيلتين
أعلنت قيادات من قبيلة  "المورلي" نهاية اﻷسبوع الماضي أن هجمات حوالي ستة آلاف مسلح يطلقون على أنفسهم "الجيش الأبيض لشبيبة النوير"  من قبيلة النوير/لو على مقاطعة البيبور حيث تنتشر قرى قبيلتهم في ولاية جونجلي بجنوب السودان والتي بدأت في نهاية شهر ديسمبر من العام الماضي أسفرت عن 5541 قتيلا و942 جريحا. أغلبهم من النساء واﻷطفال بينما تشرد عشرات اﻵلاف في البراري بالمنطقة بعد أن أحرق النوير مساكنهم . وتركوا في العراء بلا طعام بعد أن انسحبت المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة من المنطقة خوفا على أفرادها بعد أن صارت المنطقة غير آمنة .وقام أيضا المهاجمون من النوير /لو بنهب حوالي ستين ألف رأس من الماشية تعود إلى قبيلة المورلي .

وكانت مليشيات الجيش الأبيض لشبيبة النوير قد أصدرت بيانا في 26 من ديسمبر الماضي تعهدت فيه بـ"محو قبيلة مورلي بالكامل كحل وحيد لضمان توفر الأمن لماشية قبيلة النوير.وقال حينها أي في نهاية ديسمبر الماضي، محافظ البيبور بجونجلي جوشوا كونيير إن هناك عمليات قتل جماعية وقعت بالمنطقة، مؤكدا أنهم أحصوا حتى الآن مقتل 2182 امرأة وطفلا ، إضافة إلى 959  رجلا .وكشف جوشوا أن أكثر من ألف طفل هم حاليا في عداد المفقودين ، بينما سرقت عشرات الآلاف من الأبقار .وأكد جوشوا أن محاربي اللو نوير اصطادوا دون رحمة المدنيين الذين احتموا بالغابة. وقالت قيادات أخرى من المورلي إن النساء تمت مطاردتهن حتى النهر حيث لاقين حتفهن غرقاً.

وتتكون مليشيات  مليشيات الجيش الأبيض لشبيبة النوير من تحالف مجموعة النوير /الجكنج والنوير/لو.ويعود تحالفهم إلى نهاية عام 1982م، بغرض الدفاع عن ماشية قبيلة النوير /الجكنج، بجانب مهاجمة القبائل الأخرى من حين لآخر ونهب ماشيتهم، وبعد أن تطور تسليحهم بمرور الوقت ، انضموا الى التمرد المسلح في جنوب السودان ، وكان نشاطهم انطلاقا من مدينة الناصر على نهر السوباط ،التي تمكنوا من اﻻستيلاء عليها ،بداية لهجمات الجيش الشعبي لتحرير السودان  ضد القوات الحكومية في الشمال..وللنوير  امتدادات عرقية حول منطقة جمبيلة شمال نهر السوباط في أثيوبيا. ومع تصاعد حدة الحرب في جنوب السودان في مطلع التسعينيات، حصل  شباب النوير على  كميات  كبيرة من الأسلحة  الحديثة استعملوها في حماية ممتلكات مجتمعاتهم الرعوية وما عرف بمعسكرات الماشية وفي الاستيلاء على الماشية وغيرها من ممتلكات القبائل  الصغيرة المجاورة التي ليس لديها ما تدافع به عن نفسها، وقبل اﻻستقلال رصدت اﻷمم المتحدة سفنا تحمل أسلحة أليهم عبر نهر السوباط. ولم تتمكن من اﻹغارة على قبيلة المورلي رغم صغرها على هذا النحو الكاسح اﻻ بعد أن قامت القبيلة بتسليم ما بحوزتها من أسلحة للحكومة بعد اﻻستقلال عندما طلب منها ذلك بينما تشبث النوير والدينكا بأسلحتهم ورفضوا تسليمها.

وتعد هذه اﻷحداث اﻷخيرة تكرارا لما سبق أن وقع  فى ولاية جونقلي. فقد نشبت معارك مسلحة في 29 سبتمبر 2007 بين قبيلتي الدينكا بور و المورلي، عرفت بحادثة مستشفى بور التي راح ضحيتها ما يقارب «12» شخصاً، ويقول المورلي إن تلك الأحداث وقعت عندما صدوا هجوماً لدينكا/ بور في منطقة «كوك شار» وقتلوا 37 منهم، وجرح أكثر من 45 شخصاً، نقل الجرحى إلى مستشفى «بور» وهناك قام دينكا/ بور بهجماتهم وقتلهم في المستشفى،ثم تكررت في منتصف فبراير  2009 حيث تعرض المورلي لهجمات  شنتها قوة مشتركة من أبناء دينكا بور وأبناء النوير ﻻو بمساندة ودعم من الجيش الشعبي نتج عنها مقتل سبعة وثلاثين حرقا من أبناء المورلي واختطاف تسعة نساء ونهب الآلاف من الأبقار في منطقة  لوكا ماي بالبيبور، ثم أعقبها حملة أخرى فى مارس  2009 وعلى مدى أربعة أيام حيث هاجم أكثر من خمسة آلاف مسلح من أبناء النوير المدججين بالسلاح   القرى التابعة للمورلي بطول المنطقة الشمالية الغربية لمحلية نهر البيبور بولاية جونقلي أسفر عن مقتل أكثر من مائة مواطن من الأطفال والنساء والعجزة في كل من قرى:نانام وكونقور وليكو انقلي  مما ترتب عليه نزوحهم الى مناطق  قمروك والبيبور  هربا من الموت بعد احتلال مدينتهم ليكو انقلي، وإلى أن تم استردادها فيما بعد من النوير.

ونظرا لعدم تدخل حكومة جنوب السودان وجيشها الشعبي لحماية السكان من القبيلة ، رغم أن عناصر من النوير أكدوا عزمهم على إبادة القبيلة عن بكرة أبيها، بحيث ﻻ يبقى لها أثر في المنطقة، فقد انسلخ عن الجيش الشعبي الجنود الذين ينتمون لقبيلة المورلي بأسلحتهم الخفيفة لحماية أهلهم ، والثأر لهم وقاموا بالفعل بشن هجمات مضادة على قرى النوير/ حيث تمكنوا من قتل المئات منهم واسترداد قطعان ماشيتهم منهم. واستمرت هجمات متفرقة من المورلي على النوير خلال اﻷسبوع الماضي كان نتيجتها مقتل حوالي مائة من النوير.

وردا على الهجمات الثأرية من مسلحي المورلي على مواقع النوير لو فقد تعرضت قبل يومين القبيلة لهجوم بمنطقة انغولوا التابعة لمقاطعة البيبور بولاية جونقلي  جنوب السودان من قبيلة دينكا بور ابتداء من عصر يوم السبت  الماضي وحتى ساعة متأخرة من الليل، وأضافت المصادر أن حصيلة الهجوم الأولى بلغت 8 قتلى و13 جريحاً من قبيلة المورلي ،وأن دينكا بور هاجموا المنطقة مدعومين من الجيش الشعبي ،وأن أفراداً منهم نهبوا عدداً كبيراً من أبقار المورلي. وتسيطر قبيلتي الدينكا والنوير على الحكم في جنوب السودان وكذلك على الجيش الشعبي.

وكانت حكومة جنوب السودان بعد استقلالها عن الشمال كنتيجة ﻻستفتاء تقرير المصير في 9 يناير 2011 والذي بدأ العمل به منتصف العام الماضي قد قامت بنزع سلاح المورلي بينما رفضت القبائل الجنوبية الأخرى التخلي عن أسلحتها، وخاصة تلك المحسوبة على الجيش الشعبي الحكومي ، أي الدينكا والنوير، مما ترك المورلي بدون سلاح يدافعون به عن أنفسهم، في مواجهة أﻷعمال العدائية من قبل القبيلتين المسلحتين، والذين لهم ثارات قديمة معها.

اﻻتهام الموجه من النوير وحلفاؤهم من الدينكا للمورلي أنهم يخطفون النساء واﻷطفال بسبب إصابة الرجال والنساء لديهم بالعقم ﻻنتشار اﻷمراض التناسلية بينهم ، واﻻتهام على هذا النحو يعكس جزء من الحقيقية وليس الحقيقة كاملة.فاﻷمراض التناسلية منتشرة لدي جميع قبائل جنوب السودان بنسب متفاوتة وليست قاصرة على المورلي.وما الذي يستفيده رجال المورلي من اختطاف النساء بغرض زيادة نسلهم طالما هم مصابون بالعقم؟..أيضا لو افترضنا أن النقص المطرد في عدد المورلي يتم تعويضه بخطف أطفال من النوير وأن هذه العملية مستمرة منذ عقود كثيرة، فإن هذا يعني بأن الجيل الحالي من المورلي يعود عرقيا الى النوير وليس لهم، بينما يفترض بأن أجيال المورلي قد انقرضت فما الحكمة أذن في أن يقتل النوير من ينتمون إليهم من أطفالهم الذين شبوا وصاروا رجالا داخل قبيلة المورلي؟.

لعنة اﻷنتروبولوجيا والجغرافيا

إذن اﻷمر يعود إلى غير ما تتضمنه اتهامات النوير/لو والدينكا بور ، وهو يتصل في حقيقة اﻷمر باﻷنتربولوجيا السائدة لدي قبيلة المورلي والتي ﻻ تختلف عن عادات وتقاليد باقي قبائل جنوب السودان وخاصة الذين ينتمون الى ما يعرف بزنوج النيل والذين يضمون طائفة كبيرة من القبائل من أشهرها في جنوب السودان الدينكا والنوير والشيلوك واﻷنواك. وخاصة الجزء الخاص بالحرص على اﻻغتراب في التناسل ، أي زواج الشباب من الذكور والإناث من خارج قبيلتهم.وانتشار هذه العادة كان يفترض أن تسهم في ترابط مجتمعات الجنوب القبلية بسبب علاقات المصاهرة التي تربط القبائل ببعضها ، ولكن الصراع على الثروات الطبيعية ثم على السلطة فيما بعد تغلب على ما تفرضه صلات الرحم.

ﻻ تتسبب هذه العادة الموجودة لدى المورلي مثل باقي القبائل في الصراعات العنيفة واﻻقتتال بينها اﻻ في حالة المورلي فقط مع جيرانها من النوير/لو والدينكا/بور،.والنوير يحيطون المورلي من جميع المناطق ويتمركزون بشكل أساسي في منطقة "ايوت" بولاية جونقلي.فيما عدا الطرف الشمالي الغربي من وﻻية جونجلي الذي تنتشر فيه دينكا /بور. وتنتشر قبيلتي الدينكا والنوير في أنحاء مختلفة من جنوب السودان ويمثلان أكبر قبائل الزنوج النيليين فيه وتنقسم كل قبيلة منها إلى مجموعات قبلية متفرقة تحمل كل مجموعة منها اسم القبيلة باﻹضافة إلى لفظ يحيل الى المنطقة التي تقيم فيها أو اسم نهر، مثل حالة مجموعتي النوير/ لو والدينكا/ بور أو تحمل اسم القبيلة وأسم جد للمجموعة مثل حال الدينكا أنقوك في منطقة إيبي البترولية التي تقع على الحدود بين دولتي الجنوب والشمال وتشكل نقطة خلاف وصراع بينهما حاليا.

ظهرت المشكلة مبكرا بالنسبة لقبيلة المورلي الصغيرة التي هاجرت قبل مئات السنين الى المنطقة من أثيوبيا ويقال من شمال كينيا. واعتبرتها القبائل المجاورة غريبة عنها جنسا ولغة وأقل منها عددا وقيمة وغير جديرة بأن تتم المصاهرة بينهم وبينها. أي عوملت القبيلة من قبل النوير والدينكا بشيء من العنصرية والعصبية القبلية ﻻ يوجد مثلها في التعامل مع مختلف القبائل في السودان.بل كان يتم التصاهر بين قبيلة الدينكا والقبائل العربية في شمال السودان وبين النوير وقبائل اﻷنواك القريبة منهم أو قبائل اليوربا في أقصى الغرب أو حتى قبائل الزاندي التي ﻻ تنتمي الى الزنوج النيليين.وذلك ﻷن القبائل اﻷخرى كانت تشكل ممالك كبيرة وقوية قبل وصول اﻻستعمار اﻷوربي للمنطقة فاكتسبت احترام القبائل اﻷخرى في الجوار والتقرب إليها، وﻻ ينطبق هذا اﻷمر على المورلي. وهناك أيضا الغيرة والحسد من رجال المورلي الذين اشتهروا بأنهم محاربون أشداء.

وصف رجال المولي بأنهم محاربون أشداء ترك عنهم انطباعا حسنا لدي فتيات النوير ، أو قل جعل لهم جاذبية خاصة لديهن ، فضلا عن الثراء الذي تتمتعون به والذي يعد عدد اﻷبقار التي يمكن تقديمها مهرا للعروس .فكانت الفتاة من النوير التي تتعرف على شاب من المورلي خلال المراعي المشتركة أو نقط التماس فيها ويعرض الزواج منها ﻷنه ﻻ يستطيع الزواج من داخل قبيلته وفق أعراف القبيلة التي ﻻ ترحب بزواج اﻷقارب، تقبل ، ولكن ﻷنها تعرف أن خاطبها لن تقبل به قبيلتها، الذي تنظر الى المورلي بأنهم ﻻ يستحقون هذا الشرف ، ﻻيكون أمام الفتاة سوى الهرب مع خطيبها الى قبيلته حيث يتم زواجها منه فيها. وتعتبر النوير إن فتاتها خطفت.



تأتي هنا أيضا حكاية خطف اﻷطفال..الزوجة من المورلي عندما تلد بنتا تخشي أﻻ تجد لها زوجا في المستقبل ، فشباب القبيلة لن يقبل الزواج بها ، وشباب النوير ، وهم أقرب القبائل اليهم والذين يشكلون عازلا بينهم وبين باقي القبائل لن يقبلوا أيضا الزواج من ابنتها ، مهما كان قدر جمالها، ﻷنهم يعتبرونها أقل شأنا منهم. ﻻ تجد هذه المرأة القلقة على مستقبل ابنتها سوى أن تسعى إلى إغواء طفل من النوير وتأخذه معها وتربيه في بيتها حتى إذا كبر زوجته ابنتها.أو تزوج ابن جارتها، وتزوج ابن جارتها بالتبني ابنتها.

لم يكن ضم المورلي ﻷعداد من نساء النوير اليهم بغير إرادتهن ، فاﻷرض مفتوحة ، والنساء تخرج للمرعي وللزراعة ويمكنهن العودة الى قبائلهن لو شئن. كما ﻻ يتم استعباد اﻷطفال أو استغلالهم وإنما يتم تبنيهم مثل أوﻻدهم بدون تفرقة. ويصير الطفل عندما يكبر ويتزوج البنت التي تربي معها من المورلي ولو أنه جينيا وعرقيا من النوير. ويتردد أن  أولئك الأطفال المخطوفون الذين أعيدوا الى قبائلهم الأصلية ،عندما طلب منهم التعرف على ذويهم فروا عائدين الى أسرهم في قبلة المورلي التي ربتهم.

وعندما يقتل النوير في هجماتهم العديد من نساء وأطفال المورلي ، فهم يقتلون في واقع اﻷمر نساء وأطفال من النوير أو من أمهات من النوير. وهم يستحلون دمهم حتى لو عرفوا ذلك، ﻷنهم في عرفهم جلبوا العار لقبيلتهم وخانوها بتركهم لها واللجوء لعدوها اﻷقل منها مرتبة.

الوجه الثاني لمشكلة المورلي المتعلقة بالنساء واﻷطفال أو بهجمات القبائل المجاورة عليهم ورغبتها في القضاء عليهم يمكن أن يكون سببه ما يمكن تسميته بلعنة الجغرافيا.

ففيما يتعلق بالنساء واﻷطفال فإنه وإن لم تفسر ظاهرة خطف اﻷطفال منذ الخمسينيات من القرن الماضي من قبل القبائل المجاورة اﻻ بانتشار العقم بين رجال ونساء المورلي، و شكلت هذه القناعة موضوعا ناقشه أعضاء برلمان الجنوب ،ومع ذلك لم يتم إرسال أية بعثات طبية لمناطقهم.

ووفقا ﻷقوال من رجال المورلي فأن نساءهم يعانون بالفعل من مشاكل صحية، لم يفصحوا عنها، و ﻻ يجدن من يعالجهن منها. وطالب رجال المورلي توفير الرعاية الصحية لنسائهم وأطفالهم دون جدوى.ومما يوحي بأن لهذه المشاكل الصحية علاقة بالنسل هو أن  عدد سكان القبيلة ﻻيتزايد، إن لم يكن يتناقص .بينما يتزايد عدد أفراد غيرها من القبائل اﻷخرى وهو ما يعزز أيضا القول بانتشار العقم لديها.ولو أنه يطرح سؤال: لم أصيبت به دون غيرها من قبائل المنطقة؟.
.
ومع عدم توفر دراسات و معلومات كافية عن مجتمع المورلي ،وعن المشاكل الصحية فيه فإن جغرافية المنطقة يمكن لها أن تكون مفسرة لطبيعة تلك المشاكل. فالمورلي يبنون قراهم على ضفاف نهر البيبور البطيء الجريان بسبب قلة انحدار الهضبة التي يجرى عليها النهر من الشمال إلى الجنوب،مما يتسبب عنه فيضانه في موسم الأمطار التي تهطل غزيرة عليها فتنتشر المستنقعات الملوثة بفضلات اﻹنسان والحيوان حول القرى ، وتعتمد عليها النساء في الحصول على المياه ﻷغراض الشرب واﻻستعماﻻت المنزلية لقربها من المنازل ، ويتعرضن بالتالي للأمراض المتوطنة المرتبطة بالمستنقعات المغلقة ذات المياه الراكدة مثل : البلهارسيا واﻻنكلستوما والدوسنطاريا فضلا عن اﻻصابة بحميات الملاريا والتيفود وقد تصيبهن أيضا الكوليرا وغيرها من اﻷوبئة القاتلة.وﻷن الرجال في مواسم المطر يكونون مع الماشية في مراعي اﻷراضي المرتفعة ويهبطون إلى اﻷراضي المنخفضة في موسم الجفاف حيث تجف فيه المستنقعات ،فإن النساء واﻷطفال يكونون اﻷكثر عرضة للإصابة بهذه اﻷمراض من الرجال .وقد تتسبب هذه اﻷمراض في إجهاض الحوامل وفي عقمهن أو في موتهن أثناء الوﻻدة أو موت أطفالهن بعد الوﻻدة نتيجة انتقال عدوى اﻷمراض اليهم وهم أجنة في بطون أمهاتهم. من هنا تزداد معاناة القبيلة من نقص مستمر في عدد النساء واﻷطفال بها مما يتطلب تعويض النقص وكذلك بضعف معدل الخصوبة.خاصة وأن القبيلة غير معروفة أيضا بتعدد الزوجات مثل القبائل اﻵخرى ربما لعدم توفرهن لديها.

أما سبب هجمات القبائل المجاورة بخلاف خطف اﻷطفال والنساء فيرجع أيضا للجغرافيا كنتيجة لأهمية موقع المورلي  وتوفره على المياه والمرعي  واﻷراضي الصالحة للزراعة  ويمثل نهر البيبور وروافده العديدة القادمة من الهضبة اﻷثيوبية: نانعام وكونق كانق ولوتيلا وفيغينو وكنقن واقوي ، شريان الحياة للقبيلة،فباﻹضافة الى استعماله في اﻻنتقال بالقوارب وفي الزراعة يتم اﻻستفادة منه كمصدر للثروة السمكية. باﻹضافة لامتلاك المورلي لقطعان  كبيرة من الماشية رمز ثراء القبائل السودانية مع اتساع المنطقة التي تزيد من إمكاناتها، وهو ما يزيد من إثارة طمع القبائل في تلك الثروة الهامة لديهم، وتأتي أهمية الموقع الذي يشكل عازلا بين نوير/ لاو جنوبهم وغربهم ونوير/ الجكنج شمالهم يحتاجون ﻹزالته لتحقيق التواصل بينهم، ومن عادات المورلي عدم السماح للغرباء بدخول أراضيهم أو المرور منها.
ومن هنا جاءت فكرة إبادة القبيلة لدي النوير للتخلص منهم واﻻستيلاء على أراضيهم وماشيتهم  وإزالتهم كعازل بشري يحول دون لم شمل تجمعاتهما. وتوجد قبائل قوية في الغرب مثل الدينكا بور لكنهم ﻻ يستطيعون إزاحتها ،بينما اعتبروا المورلي الحلقة اﻷضعف التي يمكن كسرها وﻻيوجد نصير لها في المنطقة.

وتتكون أرض المورلي من هضبة تطل على حوض السودان الجنوبي وتعد امتدادا للهضبة اﻷثيوبية وتتخللها تلال مرتفعة وتمتد حدودها إلى جبال بوما من الناحية الجنوبية الشرقية،.وقد فرضت الطبيعة نظام كسب العيش للمورلي فإلى جانب نشاطهم الرعوي يزرعون محاصيل قوتيه ويمارسون صيد اﻷسماك في اﻷنهار والمستنقعات.وكان لغني غذائهم بالبروتينات والفيتامينات واﻷملاح المعدنية التي توجد في اللحوم والألبان واﻷسماك والفواكه اﻻستوائية باﻹضافة على الزواج المختلط أثر على تحسين الصفات الوراثية وتقوية بنية الرجال مما جعلهم مضرب المثل في القتال. اﻻ أن هذه المزايا لم تستفد منها نساء القبيلة وأطفالها اﻷكثر تعرضا ﻷمراض المستنقعات الملوثة واﻹصابة بها مما تسبب عنها زيادة الوفيات بينهم في سن مبكرة.وﻻ وجود لطرق المواصلات بالمنطقة أو المدارس والمستشفيات أو مطاحن للغلال أو مضارب للأرز. وأكثر من 90 بالمائة من السكان أميون ، و لم تتح فرص الدراسة في المناطق القريبة سوى لعدد محدود جدا منهم،انضموا للجيش سواء الشمالي خلال الوحدة أو الجنوبي خلال التمرد أو بعد اﻻنفصال.

ولم تجد اﻷمم المتحدة ما تفعله لحماية المورلي من اﻹبادة سوى أن تطلب منهم ترك قراهم ،والفرار الى التلال المجاورة حيث توجد غابات للاحتماء بها.وترك قراهم للنوير يحرفونها.



ويتكون نظام الحكم الداخلي أو العرفي عند المورلي من السلطان وهو السلطة الأعلى في القبيلة، ويتم اختياره على أساس توفر الصفات الحميدة فيه، مثل الشجاعة والعدالة والمساواة والكرم، ويليه فى مستوى الحكم الشيوخ والعمد وهم يمثلون الطبقة الثانية في الحكم ويساعدون السلطان في تصريف أعبائه.دون أن يمنع ذلك من خضوعهم في ذات الوقت للنظم اﻹدارية لحكومة جوبا.وكان سلطانهم يقيم في الخرطوم خلال زيارتي للسودان في ديسمبر 2010 . ويعارض الانفصال.

وقد طلب مؤخرا سلطان النوير بتقسيم المنطقة بين قبيلته وبين النوير والدينكا مع إقامة منطقة عازلة تنتشر فيها قوات لحفظ اﻷمن والسلام ، وبالتالي وضع حد للاتهامات حول خطف اﻷطفال والنساء واﻷبقار.وكان الرد على مطلبه إرسال قوات من الجيش الحكومي لقتل المزيد من أفراد قبيلة المورلي.

فوزي منصور