الغناء الشعبى وسلامتها ام حسن ؟ بقلم:وجيه ندى
تاريخ النشر : 2011-12-21
الغناء الشعبى وسلامتها ام حسن ؟ بقلم:وجيه ندى


الغناء الشعبى وسلامتها ام حسن ؟
كان ظهور شرائح اجتماعية لها ذوق مختلف. وكان احمد عدوية ظاهرة تلقائية، و كان ظاهرة مخطط لها، وتم تدعيم هذه التجاره فى سوق صناعة الكاسيت وكان احد المدعمين الشاعر مأمون الشناوى والذى سعى لتقديم الصوت الشعبى احمد عدويه لشركة "صوت الحب"، وساعدته الشركة فى التعاون مع مجموعة من الملحنين والشعراء: بليغ حمدى بأغنية "بنج بنج"، وهو اللى لحن لأم كلثوم. وكمان سيد مكاوى لحن له "سيب وأنا أسيب". وطبعا ساعد عدوية إن القاهرة اتحولت لعاصمة المتعة بعد الحرب الأهلية فى لبنان، وده فتح سوق جديد (شارع الهرم)، اللى جذب كتير من السياح العرب... فى فترة السبعينات حاز المطرب الشعبى أحمد عدوية على جزء من موجة جديدة من الغناء الشعبى بدأت فى الستينات من خلال "محمد رشدى" مما استدعى دخول عبد الحليم حافظ فى المنافسة من خلال الإذاعة والتلفزيون. وكانت صناعة الكاسيت. جزء مهم من انتشاره لأنها رخيصة مقارنة بالاسطوانات اللى كانت عند الطبقة الوسطى. كان كتير من محبى الفنون عائدين من الدول العربية حاملين الكاسيت ، وكان يستعمله الريفى بجوار عمله فى الحقل وايضا المصنع وفى مركبة المواصلات و فى البلكونة وصوت التسجيل عالى وقوى... كله شغال.... وعمل احمد عدوية فى كازينوالليل. وكان عدوية عازف ايقاع (طبال ) للراقصات. فى أواخر الستينات كان بيشتغل فى لبنان مع المغنية شريفة فاضل وهى اللى قدمته للناس الكبار فى القاهرة. وكانت أغنية "سلامتها أم حسن" أول أغنية لأحمد عدوية فى عام 1973، وحققت نجاح جماهيرى كبير، ووصل توزيعها إلى مليون نسخة. وفى سنة 1976 غنى عبد الحليم وأحمد عدوية فى حفلة واحدة حيث غنى عبد الحليم حافظ "السح الدح أمبو" وغنى أحمد عدوية "خسارة فراقك ياجارة".وقد كتب عنه فى مجلة السياسة "تحت لهيب الشمس يغنى لا تحت أضواء الشموع". فى هذا الحوار اللى عمله احمد عدوية للمجلة قال حاجات كتيرة ملفتة للانتباه. قال "أنا أغنى للطبقة الكادحة إذن أنا مغنى الشعب. حاربونى وأنا متربع على عرش الشهرة فسقطوا وبقيت أنا. أنا مغنى بسيط أغنى للعامل والمزارع والحرفى ولأبناء الطبقات الكادحة أجمعين واللى اكتشفوا أننى لا أغنى لهم فحسب ولكنى أخاطبهم من خلال الغناء، وأتكلم معهم مباشرة بلغتهم بلا حواجز، ولا تكلف، وادعاءات جوفاء. وكانت النتيجة إنهم ساعدونى ودعمونى. وأنا حاقول أنا مغنى الطبقة الكادحة، والطبقات الكادحة هى الأغلبية، والأغلبية هى الشعب والشعب [كانت كتير قوى كلمة الشعب فى الوقت ده] صاحب القرار الأول والأخير، وسر النجاح عند اللـه. وخللى الاذاعة والتلفزيون والمتقعرين والمتفلسفين، وتجار الكلام، ومقاولى التنظير والتقعير والإيديولوجيات يسلمولى على الترماى. أغنيتى هيه الساندوتش الذى يتناوله الناس البسطاء فى الشارع وهم يتحركون وسط الزحام. الناس يريدون أغنياتى بالنهار وتحت لهيب الشمس، لا تحت أضواء الشموع". ده اللى قاله بسام القصاص على لسان أحمد عدوية. كلام مدهش مش كده؟ واليكم بعض ما كتب احمد عدوية فى الجرايد فى تلك الفترة...جريدة الجمهورية 1976... احمد عدوية يحاول عمل أغانى لدخول الإذاعة والتلفزيون من خلال أغنية "أمورة وعجبانى". الجمهورية 1979: ملكية أحمد عدوية 16 تاكسى، 2 عربية له ولزوجته، اشترى ارض فى المعادى وبدأ بناء عمارة له وللعيلة. فى سنة 1985 - خللى بالك من الثمانينات - اتعملت قضية على أحمد عدوية من شرطة الآداب لغنائه أغنية فاضحة فى كازينو الليل... وهنا كتبت جريدة الجمهورية تقول نقلا عن أمين أبو طالب رئيس النيابة: "لازم يكون الفنان قدوة ويقول ... "ظهر عدوية وسط تصفيق السكارى وبدأ يغنى وهو يمسك فى إيده كأس خمر وبدأ يغنى أغانى بذيئة وكلام هابط": لابس جبة وقفطان، وعامل بتاع نسوان، وماسك فى إيده سبحة حب الرمان، تطول حبة وتقصر حبة، تدخل حبة وتطلع حبة... لكن أحمد عدوية طلع بغرامة 200 جنيه. مشكلة عدوية ما كانتش مع السلطات بس، وكتبت جريدة الاحرار 1987: ضرب عدوية من الجماعات الإسلامية فى أحد الأفراح بالمنيا لأنهم حاولوا أن يفضوا الفرح الذى يغنى فيه فاعترض.... فضربوه علقة ساخنة.
1989 صيف هذا العام قضية الغيبوبة المشهورة مع الأميرة العربية.
1990 أخيرا أذاعت له الإذاعة المصرية أغنية... وشكرا. تفسيرات ظاهرة احمد عدوية..الجمهور المصرى فوجئ فى مايو 1968 بإن الإذاعة المصرية ذاعت أغنيات غريبة زى أغنية عايدة الشاعر "الطشت قاللى ياحلوة ياللى قومى استحمى" وليلى نظمى "العتبة جزاز والسلم نايلو ف نايلو". ماذا يحدث؟ كانت للموسيقى الشعبية فى الإذاعة المصرية باب لمدة لنصف ساعة أسبوعيا هو برنامج "موسيقى من بلدنا". وكان البرنامج يضم اصوات شعبيه كثيره ومنهم حفنى احمد حسن والشيخ امين وحسان شراره ومحمد ابو دراع وسبقهم محمد طه وغيرهم - وبوفاة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش كممثلى غناء الطبقة الوسطى فى أعوام 1974، 1975، 1977 تم التخلص من الوصف الظاهرى للحبيب من خلال وجهه (الشعر - العيون - القوام) وفى الإطار ده ظهر أحمد عدوية.المهم إن انتشار الأغانى الشعبية فى الوقت ده خلَّى الطبقة الوسطى تهجم على الأغنية الشعبية والفلكلورية... ورفضوا يعتبروا إن أحمد عدوية مغنى شعبى واعتبروه هابط. والحقيقة إنه إذا كان تعريف الأغنية الشعبية هو إنها الأغنية السائدة والمنتشرة بين طبقات الشعب المختلفة، فى هذه الحالة يصبح احمد عدوية فنان شعبى، لأن عدوية بيتسمع فى الزمالك وكمان فى قلعة الكبش. وعشان كده ممكن يتساوى فى هذا أحمد عدوية مع عبد الحليم حافظ وأم كلثوم فى إن كل طبقات الشعب بتسمعهم. لكن كان فيه إصرار من الطبقة الوسطى على محاربة الأغنية الشعبية والفلكلورية. وهذه الطبقة تبنت سيد درويش بس "نضفته" الأول من "الأباحة" اللى كانت فى أغانيه. ومن تلك الامثله ان سيد درويش قال: "شفتى بتاكلنى، أنا فى عرضك، خليها تسلم على خدك".وغيرتها الطبقة المحافظة: مهجتى فى إيدك، أنا فى عرضك، خليها تسلم على خدك. وهنا من الممكن أن نقول أن الطبقة الوسطى (المحافظة) هُزمت عسكريا وثقافيا، وكانت المعركة الفكرية دائرة فى شارع الغناء، حيث كان التعبير السياسى مرفوض ما بين 1967 و1970، وحدث انسداد الأفق أمام الحريات. واوقفت الدوله نشاط كرة القدم، خوفا من أى نوع من أنواع الوجود الجماهيرى وأصبحت الأغنية المتنفس الوحيد للشعب ليمارس المتعة الشخصية. مما أدى إلى خلق آفاق للتعبير الاحتجاجى من خلال الغناء. وتم الاعتراف بالريف المهمش والمدينة المهمشة من خلال فنانين زى أحمد عدوية أو مثل الشيخ أمام عيسى وأحمد فؤاد نجم. والحقيقة إن الدولة دعمت عدوية بشكل غير مباشر، ولكن لم يُسمح بغنائه فى الإذاعة المصرية، ولكن "جهاز الرقابة على الكاسيت" لم يقف فى طريقه، بعكس الشيخ إمام عيسى. وكمان ظهرت الأغنية الجماعية فى السبعينات بظهور فرق (الأصدقاء، الجيتس، النهار، المصريين)، وعدد كبير من الفرق التى تغنى أغانى غربية إن ظهور تلك الفرق دى كان راجع لحد كبير لانتشار الكاسيت زى ما حدث مع احمد عدوية. وكذلك ظهرت موجة البطن العارية والبكينى. وخلينا نشوف الفارق فى بداية الستينات عندما غنى عبد الحليم حافظ أغنية "أبو عيون جريئة" قامت إحدى المجلات بعمل مسابقة لأحلى عيون جريئة. وظهرت موضة الهيبز بين الشباب، وفسروا أغنية "سلامتها أم حسن" على إنها أغنية وطنية، لدرجة إن الريس بيرة وأحمد عدوية صدقوا إنهم معارضين... فسروا أغنية "سلامتها أم حسن" وأصبح عبد الناصر الشاطر حسن، وأصبحت مصر هى أم حسن وهنا تحولت أغنية سلامتها أم حسن لأغنية ثورية. وأغنية "والنبى لنكيد العُزال"، لمحرم فؤاد، تحولت أيضا لأغنية ثورية. "العُزال" هما الحكومة, "ونقول اللى ما عمره اللى انقال" يعنى المنشورات. وهذا ما تم مع السينما فى فيلم "شىء من الخوف" وفيلم "العصفور" بتحويلها لأفلام رمزية لمقاومة السلطة. واكتفى بتلك المقال عن الاغنيه الشعبيهالمؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجيـه نـدى وللتواصل 01006802177 – [email protected]