معركة ناوارين"نافارين"
بقلم احمد عطيات
"ان معركة ناوارين- التي لم يسمع بها الكثير من المسلمين - يمكن ان تعتبر بداية النهاية للدولة العثمانية –التي كانت حتى ذلك الوقت الدولة الاولى في العالم -رغم ما كان يعتريها من الضعف - فقد كانت حتى وقوع تلك المعركة في حالة هجوم ،وبعدها اصبحت في موقع الدفاع ، وبدات الدول الغربية تنتقصها من اطرافها، ابتداءا من الجزائر التي إحتلهاالفرنسيون وانتهاءا باقتسام الفرنسيين والإنجليز لباقي مناطقها -وخصوصا بلاد الشام والعراقين - في اتفاقية سايكس- بيكو- التي انتهت باقامة دويلات خاضعة لنفوذها في كل العالم الذي كان اسلاميا -ثم القضاء عليها نهائيا عام 1924على يد عميل الانجلير مصطفى كمال الذي حولها الى دويلة العوبة بيد الإنجليز الذين صنعوا منه بطلا ، ثم جرها اتباعه ومريدوه الى الولاء الامريكي كما هو حالها اليوم".
التاريخ : 19 تشرين اول 1827م/18ربيع أول 1243هـ ـ
الاطراف المتحاربة": العثمانيون و المصريون والجزائريون.
ضد تحالف مكون من إنجلترا وفرنسا مع روسيا
1-المسلمون : بقيادة ابراهيم بن محمد علي باشا وقد ضم الأسطول المصرى العثمانى الجزائري(62) قطعة بحرية و(1962) مدفعًا
2- الحلفاء:بقيادة الكونت أدميرال ادوارد قودرينكتن،وكان الأسطول الأوربى (27) قطعة بحرية و(1294) مدفعاً.
عددالقتلى من الحلفاء: 140
عدد القتلى من المسلمين: ثلاثين ألف جندي مسلم
سبب التسمية: لوقوعها فى خليج نوارين غربى اليونان،
نتيجة المعركة : انتهت بإنتصار الحلفاء
اهمية المعركة:
تعد معركة نافارين واحدة من المعارك البحرية التي غيرت مجرى التاريخ وغيرت مواقع الكثير من القوى المعروفة آنذاك. اذ ترتب على الهزيمة ضعف عسكري اسلامي بحري شامل شجع شارل العاشر ملك فرنسا على فرض حصار بحري إنتهى بإحتلال الجزائر في 1830 اي بعد ثلاث سنوات من معركة نافارين.
تمهيد تاريخي:
الثورة اليونانيةعلى العثمانيين:
بدأت العلاقة بين الدولة العثمانية وشبه جزيرة المورة (اليونان) عندما قام السلطان محمد الفاتح بفتح تلك البلاد سنة (863هـ = 1458) في حملته (السلطانية) السابعة، حيث استطاع دخول مدينة أثينا التي يطلق عليها العثمانيون مدينة الحكماء.
وكان من سماحة محمد الفاتح أنه سمح للدوق اللاتيني فرانكو أن يأخذ كل ثروته ويذهب إلى إيطاليا، ثم دخل الفاتح مدينة باترياس وأسس لواء تركيا، وسمح لأميرين يونانيين بإدارة ثلثي المورة تحت الحماية العثمانية، وقام بهدم ما يقرب من 292 قلعة بمدفعيته من أصل 300 قلعة كانت موجودة في المورة.
ما قبل الثورة.
كانت الشرارة الأولى لاندلاع الثورة اليونانية على الخلافة العثمانية في (10 جمادى الأولى 1236 هـ = 12 فبراير 1821م) وذلك عندما قام حوالي 10 آلاف مسلح بقيادة جرمانوس Germanos أسقف باتراس بحمل علم عليه صورة مريم العذراء وهو يصيح: "يا أيتها الأمة اليونانية.. هيا أفيقي واقتلي الأتراك"، وقام الثوار الذين كان يتزعمهم القساوسة والأساقفة بحصار قلعة المدينة.
اشتعلت الثورة في جميع اليونان على إثر هذه الشرارة التي كانت معدة بعناية بالغة. وساهم في دعمها الدول الأوربية، وفي مقدمتها روسيا القيصرية باعتبارها حامية المذهب الأرثوذكسي الذي كان يعتنقه اليونانيون.وكان البطريرك الأرثوذكسي جريجوريوس المقيم في إستانبول هو المحرك الأول لهذه الثورة، ويجمع كل خيوطها في يديه.
تأثر عدد من الشباب اليوناني الذي كان خارج اليونان بشعارات الثورة الفرنسية، فأنشئوا العديد من الجمعيات في فرنسا والنمسا وغيرها من الدول الأوربية، كان أهمها: جمعية الفكرة العظمى.
قامت هذه الجمعيات اليونانية بأنشطة سرية داخل اليونان وغيرها، وأخذت تجند الكثير من اليونانيين لأفكارها، وكان من بين تلك الأهداف: إحياء الإمبراطورية البيزنطية، واسترداد إستانبول باعتبارها ملكا للأرثوذكس وإخراج الأتراك من أوربا، ودفعهم ثانية إلى قارة آسيا التي خرجوا منها.
رأت روسيا في الثورة اليونانية فرصة لتمزيق الدولة العثمانية التي تناصبها العداء، ورأى ألكسندر الأول قيصر روسيا أن مساندة اليونانيين ستخدم المصالح الروسية، حيث ستظهر الروس حماة للمذهب الأرثوذكسي في العالم، وهو ما سيقود إلى تأليب كثير من العناصر الأرثوذكسية داخل الدولة العثمانية، مما سيضعفها عن مواجهة روسيا في أي حرب مقبلة، خاصة أن الناطقين باللغة اليونانية ضمن الدولة العثمانية كانوا يتركزون في المورة وكريت وقبرص، وكان هؤلاء يشكلون ما يقرب من نصف سكان تلك المناطق، أي إنهم يتفوقون على العنصر التركي الموجود بين ظهرانيهم، مما يجعل أي ثورة ذات قوة وعنفوان ودموية في ذات الوقت.
الثورة في كل اليونان
اشتعلت الثورة في أغلب مناطق اليونان في وقت واحد؛ حتى لا تقوى الحامية العثمانية على مواجهتها، خاصة مع إمدادات السلاح التي تدفقت على الثوار.
وعندما رأى القائد العثماني في المورة هذه الاستعدادات وعنفوانها أخلى كثيرا من المدن في المروة تاركا العنصر التركي المسلم فريسة سهلة للثوار، فقتل الكثير من الأتراك المدنيين بشكل جماعي مثلما حدث في قلعة تربيوليجة في (9 المحرم 1237 هـ =5 أكتوبر 1821م) حيث قُتل 8 آلاف مدني تركي بشكل جماعي بمن فيهم الأطفال حديثو الولادة؛ إذ كان يسكن اليونان في تلك الفترة حوالي 50 ألف تركي، كان بعضهم مستوطنا لليونان منذ ما يقرب 400 عام أي منذ الفتح العثماني الأول لها، وبذلك استطاع الثوار السيطرة على المورة في حوالي 3 أسابيع.
ومع اشتداد الثورة في المورة بدأ المتطوعون يتدفقون إليها، فدخلها 3 آلاف متطوع من بينهم ابن رئيس الولايات المتحدة جورج واشنطن، كما ساهم الكثير من كبار شعراء أوربا وأدبائها في مساندة الثوار، وأصر الثوار على فكرة إحياء الإمبراطورية البيزنطية من جديد، وأعلن الثوار تأسيس اليونان التي تضم المورة وجزر كيكلاد وجزيرة آغري بوز، وتم انتخاب رئيس للدولة في (20 من ربيع الآخر 1237هـ= 13 من يناير 1822م).
وقد دخلت مدينة ساقيز الواقعة في بحر إيجه التي كان يقطنها حوالي 80 ألف نسمة في خط الثورة على العثمانيين، لكن القائد البحري العثماني زادة علي باشا استطاع إنهاء تمردها في (19 من رجب 1237 هـ=11 إبريل 1822م) وقتل الكثير من الثوار، وهو ما أثار مشاعر مثقفي أوربا، فنظموا الأشعار وألفوا الروايات في وحشية الأتراك.
وللحديث بقية في الجزء الثاني ان شاء الله
من كتاب اشهر المعارك الحاسمة التي غيرت وجه التاريخ/ احمد عطيات
معركة ناوارين"نافارين"بقلم احمد عطيات
تاريخ النشر : 2011-10-16