محمود درويش تأريخ مضيء بقلم : عدنان أبو شومر
تاريخ النشر : 2011-09-05
وبين لحظة وأخرى انتهت مراسم التوديع...!!!
بعد أن حمل لواء الكرامة .. ظل متيقظا حذرا تعتلى سطح فكره كثير من الأفكار, والمبادئ.. ومصرا على ما حبكه العقل , و ما أحكم من القوانين , وما تكشفت لديه القضايا كوضوح شمس النهار .
نظر الى يمينه .. يحاول أن يستطلع الجوانب الأخرى .. ازداد حنينه لرؤية المسافة الممتدة آخر الطريق , فبدت له نفسه وهي ترثي حالها تودع رفيقها , تداعب بواقيه الخالدة عند جاره البعيد , بعد أن توقفت ظلال الأشياء عند آخر الطريق تنتظر مرور موكبته.. !!
كان يرحمه الله عزيزا يتسامر مع نفسه يحدثها عن خفاياه البعيدة عن الضلوع , ثم يقنعها بأن الزيف مازال يزحف حوله اليها , ولم تستوقف هذا الزحف الغبي أية دلالة منا , فبدا خائفا مقهورا , زاحفا الى عين مائه الرقراق ... يسترسل شعره المنتقى , يردد الحانه من جديد , يسطر أغانيه المتناغمة مع كبريائه الخالد .. مضيفا الى عالمنا أصالة جديدة رسمت بألوانها الزاهية فوق سجلات تراثنا.....
كان دائما يمضي بنا الى الأمام فكنا له بالمرصاد.. نعطل فكره.. نقاوم وده ..نداهن ضعفنا وخورنا .. مما دفعه للاستدارة عائدا الى الخلف .. بعيدا ..!!
وفجأة أبصر بعض الوامضات... دفعت فضوله الى محاولة العودة من جديد ؟؟؟
ظل يراوح بين المكانين يحاول أن يتحين فرصة نجاة جديدة ..لكنه لم يقو على ذلك , فآثر أن يتركنا .. متقدما الى أمامنا ..حيث كانت الشمس تنتظر قدومه القريب , وعند آخر خطواته امتطت معه الطريق سلمها المخفي عند دائرته المضيئة ترتب معه ومن بعيد عبر منظاره المركب بعض المقطوعات الشعرية , والنثرية يصفنا فيها , ويصف ضعفنا المتنامي..!
مع العلم بأن المعالم ظلت مرسومة في ذاكرته القريبة , والبعيدة ..تحدثه في كل مراحلها عن حضوره الباقي ... ويحدثها عن آخر الفرص ..لتودعه بآخر سهامها ..
استشرف المكان على الرحيل معه.. مودعا ..!!عند صومعته الباقية .. على آخر السطور ... يستنهض بذلك عزيمتنا...
وعندما اشتدت ظلمة المكان ..فر سيفه بعيدا ليسجل القلم بمداه الذهبي سيرة الباحث عن معالم التاريخ .... فسجلت له الأيام على صفحاتها تاريخا معطرا ..حفظت به قصائده المأثورة الخالدة ..راسمة لنا لوحة فاتنة ..ستظل تحمل سيرة الباقي بين الصومعة والجدار... مشيدة ركنا أساسيا نقشته الجغرافية على جدرانها المقاومة.. يمتد معها من الشمال الى الجنوب , ومن الشرق الى غربنا الشرقي..
ودعناك ومازالت قصائدك باقية بل محفورة في صميم عقولنا... !!!
غزة ـ فلسطين