بغل البرويطة-17- بغلة منديلة بقلم محمّد خريّف
تاريخ النشر : 2011-07-25
بغلة منديلة

. أبي و يدعى محمّدا مثل ابنه أنا وأبيه محمّد ولد في 20/12/ 1918بقرية منزل حرّ تونس البايات. أبي هذا المزارع المتواضع الّذي كان يحبّ الحياة والجمال دون أن ينسى كرّيطته وبغلته كان يحبّ مثل جدّي مصداقية الرّوامة مات عشية يوم السبت 12/02/2000 أبي يحبّ من خلال محاورته مع عمّي وجدّي طعام اليهوديّة و فرش المسيحيّة وسكوت المسلمة. أبي لاينفك عن توجيه القريض الى بغلته الصّفراء في لون سجّادة جدي يستجدي عليها يوميّا الولي حسين العويّب حسين اسم اخر تهبه لي أمّي لتنجيني من الموت لأنّ جدّها حسين العويّب كما تعتقد سلالته له القدرة على طرد عزرائيل ملك الموت. هذه البغلة في اعتدال قامتها قادرة على تحمّل مشاق الطّريق تقطع كل المسافات و تقدرعلى نقل حمولة طنّين اثنين دون أن تحتاج الى التّقهقرأو التّعثّر .هذه البغلة وهي تشق طريقها كان يعشقها ابي وجدي وعمي وهي المعروفة بهذه القوة الفائقة التى منحها الله اياها لينعم بها على اسرة غير مرغوب فيها وابناء القرية اجمعين يرغبون في امتطاء ظهر الكريطة تجرها بغلتنا المفضلة دون ان يعيروا اهتماما بما يكون لكلماتهم من تاثير في نفوسنا تنبزنا هذه الكنية التي تخرج من افواههم – منديلة- مامعنى اهي مجرد علامة مجاملة او هي تلك العلامة التي يعتبرها كل ولد في سني قرينة احتقار ازاء حرفة جدي الذي يحب فلاحة الارض حتى الجنون وهو الذي يدين بالمقابل عقلية القرويين الذين يكلاهون العمل اليدوي.. هذه البغلة التي صارت معراجا ارضيا كان لها قصة اسطورة تشبه قصة عمي وابي وجدي. وما بغلة منديلة سوى هذا المحرك الحيواني لعربة ذات ارجل اربع وعجلتين من خشب يحيط بهما صفيحة حديد على مستوى حافة كل عجلة. ابي يصنع من وسيلة نقله الارضيّ هذه مابه يقدر انتلجنسيا عصره على فعل كل شيء لان الكرارطية يغنمون من امتياز السفر ومعرفة فضاءات اخرى فضاء القرية والفصل لهذه البغلة التي قد يستطيع بها ابي دوما على صلة بمدن تونس وصفاقس ونابل بابا حمة هكذا تتربج به العائلة كان في صباح الغد ياخذ في حكاية ماشاهد وهو المتيّم بفتنة الحسناوات في حضرة جدي وعمي الذي كان يعجب رغم ظلمة البصر ببريق بسمة حلم تنقصه وهو يترشف ملاحة الوصف . منديلة جدي وهو الفخور بان يجعل من هذه المخلوقة هبة الرب فتكون ابنته المدللة المفضلة فيحبها كما لايحب اية واحدة من بناته الاربع .جدي لاينفك البتة يتحدث عن فطور مليح يهدى كل صباح لهذه البغلة فطور الصباح يصنع في العادة من كمّية هامّة من الدّرع يخلط بزيت الزيتون وبيض ا لدجاج في الاربعينات..انه طعام الكيف يقدم الى هذه البغلة الجميلة التي يدبج صدرها جرس من نحاس يكون سند ارجوحة من لحم ودم لناقوس يبشر بوصول الكريطة محملة بكل مايلزم بنات القرية من زاد العرائس. ابغلة منديلة هذه الدابة الرائقة التي كانت تتقد ذكاء وتعرف كل الغاز المسالك تسير دوما في صراطها المستقيم الذي ترسمه لها عجلتا الكريطة. بغلتنا تصنع من اذنيها جهازي استشعار للاستنفار عند كل عقبة او خطر يعترض سبيلها جدي يغمغم فيبدو فخورا مثل ابي بهذه المخلوقة المدللة لان ابي بفضل هذه البغلة التي ربّاها على هواه ينذر في كثير المرات بوجود كمين ينصبه قراصنة الطريق عند مروره بالمنحدارات والمرتفعات سواء على مستوى صعدة تافلون او على مستوى منخفض بير دراسن ....البغلة تجعله يشم من بعيد رائحة غريبة تكون في الغالب لفريق من الجندرمة هذه الخصلة قد تجيز لجدي ان ينسب الى هذه البغلة قوة سخرية او مقدسة تستمدها من الله الذي يجعل من هذه البغلة رسول كراهية او مقا ومة ازاء المستعمر الفرنسي. بغلة منديلةلا تجسد قصة عائلة زراعيةعجيبة فحسب وانما تجسد قصة قرية باكملها قبل مجيء التركتور الاميريكي.ابي يحكى لنا بتاثر عن النهار الذي رجع فيه من صفاقس على ظهر الكريطة اثر حلم مرعب مكرمابذلك بغلته رغم غضب جدي مقابل حنان جدتي فهل البغلة كانت معراج الحب والكراهية كنت انتشي مستلقيا على خشبة الكريطة اتبنن احيانا رنة االطريق المزفته تحت وقع الحوافرالمنحرفة تختلط بلون سماء من شرارات نجوم متلاشية..هذه البغلة كانت تمشي في صمت ودون ان يهتم ابي بهذا المستقبل الغائم كان لاينفد يدعو رفاقه القرويين الى مقاسمته طعام السفر او رغبة الشره في اكل وليمة تصحبها كمية في حضرة بنت من حباب يحجبها احمر قان وهي تلك الملهمة اللازمة اعدت بفضل التكروري يزرع في حميمية في مروج بئر السواني فالخمرة كالافيون والانثى كانت تغري ابي ابي الذي لم يجرؤ كامل حياته ان يربي بغلا او حمارا فالخمرة في العربية انثى وان كانت مذكرة في نوعها كانت بالنسبة الى ابي هذه العذراء المتاهبة لهذا الاغتصاب او هذه المغازلة في المنام على ظهر الكريطة فالبغلة كالحمرة قد تهب هذه الرغبة في الهروب فمضاجعة الخمرة تعدل مضاحعة البغلة .اذ البغلة كالخمرة لاتحتاج الى هذا المخاص او هذه التوليد اللازم للنساء اها دوما في مناى عن هذه العملية القيصرية التي قد تذهب بحياة ام او رضيع . انها بغلة العجب هذه العربة العجوزالتي لمدة طويلة في خدمة القرية كما كانت في خدمة المعمرينوالحلفاء والمحورفالبغلة وهي تجر العربة نقلت الاحجار والصخور والحصى ليشيد المسجد الجامع والكوليج وبرج المراقبة "الشابور" للالمان وربما مرابط للجندرمة. هذه البغلة لاتنظر بفصل اللجام التي اماماها كانت لاتفهم شيئا مما يحكيه جدي مع رفقة سفره فرغم ما يدعيه جدي من زيف فالبغلة لاتعترف بباي تونس ولا بمراقب قرنبالية ولا بالمقيم العام الفرنسي في حاصرة تونس ولا حتى فلاقة الجبال ولا زعيم الاستقلال اصبح في مابعد المجاهد الاكبر لانها تمشي ساكتة تتملكها احيانا قشعريرة تصنع من اذنيها القصيرتين قرني استنفار. جدي جعلنا نعتقد بان بغلتنا نسيج وحدها ولا بغلة في المملكة المحمية تستوي معها في القوة فانا ايضا احببت هذه البغلة دون ان افكر في ان ابي سيبيعها يوما انها تشبه امي فلم اعتقد البتة في ان يطلقها ابي بصفة غير متوقعة. سكوت البغلة يشبه سكوت امي يقلقني دون ان اهتم بوجود خديم الشيخ الى جانبي فاقول لم لا تنهق بغلتنا كما ينهق بغل المدب بن علية ولو مرة واحدة في اليوم جدي ككل قروي يحبذ صياح ديك اونهيق بغل وينبذ او يتطير من نهيق بغلة او صياخ دجاجة لان صراخ الانثى في نظره نذير خطر او شؤم قد يلحق الصير بحياة المؤمنين لكن لتفادي الماساة المتوقعة يذبح جدي عتوقتين من دجاج امي التي كانت تنفذ الاوامر دون احتجاج ولاتتاخر في اعداد قصعة كسكسي لذيذ يكون خصيصا لسهرة جمعة مقدسة .ابي ودون ان يصرح بذلك كان لايخب صراخ الانثي لكنه يعشق حصور كل انثى بداءا بالبغلة وانتهاء بانثى المعمر ناجاك .. افكر انا مثله في لون سريرها الابيض .بغلة منديلة تحمل معها سعادة المتزوجين الشبان كما تجلب الرغبة في تناول وجبة طعام فتاة يهودية من نابل او تلك الفتاة بنت التارزي صيون اليهودي في سوق القرانة المعروف بخبرته في خياطة الجبب قمراية مدورة يصنعها للمتزوجين من الشبان الجدد من ابناء المسلمين الذين يفضلون مثل ابي شراء جبّة الزفاف حسب الطلب ...ابي مثل جدي مثل المدب بن علية مانفكوا يذكرون فضل اليهود عليهم دون ان يردفوا عبارة"عليه الخزي" اسال نفسي لم تصلح هذه العبارة وكيف نجيزلانفسنا هذا التضارب الذي يمزج المدح بالذم .فكاس الليموناضة من يد اليهودية كالصحن التونسي اليهودي لذيذ . امي تسترق السمع لكنها تبدو غير مبالية بمحاورة كهذه . البغلة تعيش لتصمن فرحة الاكتشاف هذه فرحة الاعتراف بالجميل والصداقة بما في ذلك هده الكراهية المقنعة التبادلة بين المسلمين واليهود والمسيحيين في تونس في فترة مابين الحربين لكن العقلية السائدة تقول "كل شاة معلقة من ارجلها" و"لكم دينكم ولي ديني" فلاشئ يحتمع عليه الناس في ذلك العهد غير النفع من سعادة النشوة .بغلة منديلة تواصل طريقها دون ان تهتم بذلك نحو المستقبل الغامض في اتجاه الشرق لا الغرب وربما نحو الشمال او الجنوب وقد تكون وجهات اخرى صوب بغلتنا المفضلة رغم وجود صفيحتين من جلد تمنعان البغلة من النظر خارج الفضاء يرتضيه ابي .
وكانت البغلة تمشي مشدودة العينين مكسورة الانف يرفع احيانا لكنها لم تحتج البتة تعود بمفردها الىالبيت عندما يجن الليل تاركة ابي في مع رفاقه يقهقه في دكان عطار القرية الذبي يصلخ في الليل للشراب ولعل عودة البغلة الى بيتنا بهذه الطريقة يهبني الرغبة في ان ااعتقد بانها تلعب اللعبة لجدي ختى لايعاقب ابي الذي قد يسلم من حجارة تقذف بها الكريطة محملة في غياب ابي الذي قد لاليعود الا سكران عند الفجر .
بغلة منديلة جدي تجسّد فكرتين اثنتين هي ضد جدي ومع جدي لذلك كان يعشقها لكنه كان بين الفينة والفينة يلعن الري ببيليك متاعها وربما وربما ربها لكن من تكون الريبيبليك ان لم تكن تلك التي هيلابي او للحندرمة وقد تكون البغلة في نظر جدي منافقة غخائنة انها قد تشبه جدتي بية بنت الشيخ بالحاج معاوية وكانت تحب جدي الىحد الجنون كانت وفية عفيفة لكنها صارت منافقة ايضا ان كانت تحول من باب الشفقة بين ابي وفاس جدي عند هجمة من الهجمات لكن بعدها باحظان يستانف ابي وجدي حوار اول امس حول البغلة مباركين شجاعتها ووفاءها النادر كما يثنون على مالها من تعلق بالبيت وحيل لتفادي مخاطر الطريق.
فبضل هذه البغلة لحقت امي العروس ابي العريس للمرة الثانية الى بيته في بيرالسواني على طهر الكريطة يحاديها جنود الالمان والبغلة تقوم بدورها في نقل ابادن القازوقد لفظتها الامواج نفط البحر هذا صار لازما لاتمام زيجات ابناء الشط يباع في السوق السوداء بابخس الاثمان شانه شان فلوس المحور التي يغنم منها الفائقون من اعيان الدخلة .. قصة البغلة تحيي فينا لذة الزيجات وتلهمنا مرارة الماسي فالبغلة قد حملت الابكار من عرائس القرية كما خملت جثمان لاى جدتي تموت ربما اثر ازمة قلبية بعد تعب شديد سببه مشقة فلح الارض وشدة القيظ ومايكيله لها جدي من ضرب وشتم لانه لايعترف بصعف المراة فهي مثل البغلة بغلتنا او أي امراة تشبه زوجته فالمراة عنده تحترف التمثيل على الدوام ولم يبكه بكاءالدم غير عمي الضرير لحظة انفجرت في وجهه القرينات ..فجدي رغم شراسته الظاهرة مانفك يذكر جدتي بخير معبرا عما يعتمل في نفسه من شعور الحنان والشفقة ازاءها انها تصير معبودته بعد موتها فبية لا مثيل لها الاهذه لاالبغلة الصفراء . الا تكون محور احاديثه فلا وجود في الدنيا امراة تعدلها لكن ما ان يضع اصابعه بين فخذيه حتى يلم به حلم اليقظة فيحلم باخرى لاتكون عجوزا لان العجائز في نظره يقتلن فيه الشاهية وهو الذي يحب ان يستعيد فحولته في كل لحظة ياحبذا لو كانت زوجته الجديدة المنتظرة صغيرة السن تعطيه القوة وترجع له شبابه فالذكر يختلف عن الانثى في هذه الناحية هكذا شاء الرب وهو وحده يدري م الجواب وتسمع البغلة الحديث كما تسمع امي ويسمع الحاضرون من اخوتي واخواتي و لااحد يجرؤ على ان يقول لجدي " انك ثرثار "
لعل بغلتنا حسب تخمينات جدي تصير مشهورة مثل بغل علية تيرة وقد بكته يوم مماته منزل تميم كبيرها وصغيرها.الان فقط عرفت الاسباب التي قد تجعل جدي يقول ضاحكا لعمي عندما يسمع بوفاة بم بم أي واحد كرزة "بغل علية تيرة وماادراك قد مات" وهو مايعني ان المتوفي الجديد لايسوى شيئا امام بغل يقدر على حمل ماثقل من الموازين وذاع صيته في الافاق لذلك صارت قصة هذا البغل مثلا يتندر بها الاصحاب في مجالسهم الخاصة والعامة.
قصة البغلات والبغال تشغل حيزا من حياة اهل القرية الذين يحلمون بهذه القوة الحيوانية التي يمن بها الله على عباده المؤمنين من الاشراف من سلالة السيدة فاطمة زوجة علي بنابي طالب صهر الرسول محمد لان السيد علي وحسب ما يروي عنه نسله كان ذلك الفارس القوي الذي ماانفك سيفه يقطع اعناق الملحدين فعلي الذي كان غالبا ما يتردد لفظه على لسان عمي احمد لم يكن سوى صاحب حصان وسيف لهما من القدرة المقدسة التي يسميها حصان القدرة لذلك تلهم بغلة هذه الاسرة القروية الرغبة في ان يكون لها هذه القدرة الغيبية التي تبرر وجود هذه القدرة الدنيوية لذلك وشح جدي صدر البغلة بحرز يكتبه جدي محمد بيد الامي ليحفظ البغلة من شر العين هذ االحرز ورقة مطوية اعثر عليها قرب شوشة بغل البرويطة وانا اتثبت سائلا حميدة خدام نهار في قريتنا عن ام بغلتنا وعن ابيها اتكون انثى الحصان ام يكون ذكر الحمير فلا يدري ماالجواب واستمر في فك حروف الحرز وتبدو لي بغلة منديلة شبيهة بحصان السيد علي في انتصاره على الكفرة لم تتقهقر البتة امام اشغال الكريطة الشاقة صورتها شبيهة بصورة جدتي وصورة امي معها هاتان المخلوقتان التان كانت دوما ضحية عنف يلحقهما على الدوام من جدي وابي حمة ينظر بعين الصمت وليس له الا ان يبارك افعال ابيه بدافع الاحترام والتفاني في حب الرّبّ الذي ينصح الابناء ويامرهم بطاعةالاباء وان كانوا كفارا. فجدي يقول ودون ان يقرا حسابا لما يقوم به من افعال سواء اكانت افعال خير ام شر انه وبفضل انثاه العفيفة ويسميه الجبيرة سيفوز ااجلا ام عاجلا بالجنة وليقيم الدليل على صدق نواياه كان يروي لنا في اسلوب مشوّق مغامراته مع الموت مكرما بذلك بغلته التي انقذته من الموت في عديد المرات ...لذة اللحظة يرويها جدي سرعان ما تنسينا نكد عيشنا وتستمر امي في حياتها ناسية جراحها التي لاتزال اثارها ظاهرة وكان السبب فيها لكمة بونية كان فمها هدفا لها حان الوقت لتروي امي الحادثة بمرارة بعد وفاة جدي وابنه حمة بابا ...جدي عنف امي لمّا سعت الى الحيلولة بينه وبين ذلك الراعي الصغير الذي ارادت ان تريحة من عنفه الشديد امي ظلت ساكتة كامل حياتها ولعل سكوتها يفسر لي قوة صبرها وهو مايحبذه جدي وابي كما يحبذان عفة المسيحية وماكل يهودية نابل او تونس.لذة الحكاية تجعل شوارب السامعين من بين شبان القرية العزاب تتلمظ في شره فيطمحون الى هذه السفرة الرائقة على متن كريطة منديلة ليلة كل خميس طالعها نهار جمعة يجدون انفسهم في حلقة حول طاولة يعدها لهم اليهودي مومو امهر طباخي نابل في ذلك الوقت حيث المشوي الى جانب مسكاة قليبية ينسي وندماءه عذاب جدي و تخريفه في فندق العبري . بغلة منديلة غالبا ما تجعلني افكر في هذه اللذة الجنسية دون حصول اجنة لكنها على خلاف المسيحية التي لم تسلم من سوء ظن اليهودية لم تدع انها تنجب دابة او كائنا بشريا سواء اكان نبيا ام لم يكن هذه البغلة تنساق مع اللذة دون ان تدري من هو الشخص الذي يضاجعها لانها لاترد الفعل الا بدافع الغريزة ولاتندم على ذلك بل تواصل التهام حبات الشعير وقشات التبن لكن ودون ان اجعل مني عالم نفس اجد ني منتشيا بهذا السلوك الحيواني البيولوجي يربكني ما يعطيه ابي لبغلته المضلة من اهمية مقدسة. فالبغلة بصفة عامة تحضر بصفتها وسيلة نقل وتفريق الكبوت فالمراهق له ان يشبع رغباته الجنسية دون ان يكون محل تتبعات عدلية الا في حالات يصبط فيها بعضهم متلبسين بجريمة اغتصاب اتان او فرس من املاك الغير هنا اوهناك . فالبغلة الخاصة تستر في العادة عورة مالكها ولاتخون البتة عشيقها كما تفعل صبايا القرية. دعنا من هذ الموضوع الحرام ولنتحدث عن هذه الدابة التي اصبح جريي وراء اسرارها بحثا عن لحظة المستقبل دون ان اظفر بها . الا يغريني هذا الجري فكون مثل ابي الذي قطع كل هذه المسافة في الجري وراء هذه السعادة وهي يحادي البغلة او يقف وراء ذيلها او حتى يتحدث عن سعادته وشقائه والبغلة تواصل طؤيقها دون ان تعير ابي اهتماما الا حين يواجهها حيث تعبرعن حبها الغريزي لهذ ا الرجل الذي قد لايستطيع لاسباب ثقافية ان يواجه البغلة لان مواجهة انثى امر اخر غير مضاجعة بغلة ...فالبغلة تحب ان تنظر وتشم قبل ان تحس بانها هدف لذة تكون انطلاقا من دبرها لكنها لم تطالب باحترام حقوق الحيوان . فبغلة منديلة ككل بغلة على الارض تاكل الشعير وتطرحه ان تترك اثر عدوى لكن تصير قصة كائن ما فوق الطبيعة اذ البغلة حسب ريات يمكنها ان تلد كلب صيد او نبيا مرسلا اووليا صالحا لكن دون ان اومن باية رواية من هذه الروايات اوصل طريقي مثل ابي الى ما لانهاية دون ان اصل الى محطة حلمي. وبمرورالايام تجد بغلة منديلة نفسها وحيدة تنتظر يوم تباع لانها صارت متروكة من ثلاثتها بعد زواج عمي فجدي بامراة رابعة في الخامسة والثلاثين ارملة اصغر من جدي بكثير اذهو في التسعين ونيف .فكر ابي في هذا الوقت تقريبا في ترك البغلة واقتناء وسيلة نقل اخرى تكون افضل وتتماشى مع الوضع الجديد للعائلة التي تحسن شيئا فشيئا في نظر اولاد البلاد الذين يحسدون ما غنمه عمي عما لحقه من اضرارالحرب العالمية الثانية ...فانطفا بريق البغلة شيئا فشيئا لكن وفي غفلة عن علاقة الحب التي تربط ابي ببغلت باعها بابخس الاثمان لكم البغلة ظلت وفية يسوقها الحنين فتغادر اسطبل شاريه الجديد لتعود رغبة في ان تشم رائحة ابي وترى لون قشابيته القليبية السواكي وتتمحمح عليه لكن بابا يطلع على تراكتوره الجوندير وقوته تعوض 85 حصانا بخاريا موش بغلة ويعنقر كبوسه الاحمر فتراه فخورا متظاهرا بالسعادة لكنه يحزن ويسب رب التركتور وقتلي يحرق بساقين البوجادي ديسك الامؤياج في دويرت الزيتون الضيق هابي مثله مثل جدي وعمي كثيرا ما يفقد الصواب ولا يعترف بخطئه ولا يتحمل مسؤلية شقائه احد غير عين الحسود يعد لها جدا حرزا يحرج منه عود توت يضعه في جبهة التركتور من شانه ان يبعد عن العائلة شر المكروه. ويخطر لابي ان يشتري الى جانب التركتور بغلة اخرى سوداء اللون قد تملا فراغ الصفراء او البرتقالية قدتساعد الجوندير على حراثة مساحاته الصغيرة او تصلح لجر كاليس بابا يشتريه بعد الكريطة باش يتهمم عليه نهارالسوق والجمعة بعد ان تحقق حلمه وصار بفضل ولده العاطي تقولش عليه من بلا د الجابون والا تقولش عليه الشيخ محمود في زمانة يشتري لممو عينه هنشير تامزراط ويفكر في بيع هنشير الرمل وبقية السواني ويخلي بقية المغوفين من بناته واولاده مزمرين يمشو اينيكوولدي العزيز ناخذلو ياقوتة البر هو طولي كرومتي موشميف اك الفلسو الصائع يفشل في البقرة الاولى والثانية ويحشمني قدام اصحابي قلو القراية اش عمل بيها ولدي هذا يعرف علم القهاوي والعبارة للحاج دبوسة النوالي هاهو يقفز بنفسه في نهار وليلة وكاني اسمع ابي يحدث نفسه بهذه الاحاديث في غمرة فشل سياسة التعاضد ووصل الدقّ للدّربالة وتغششت الماجدة وسيلة وفاق سي الحبيب والنعجة قريب يهزها واد مجردة ولا هزها الى سبالة بن عمار قرب قلعة الاندلس وسكت بن صالح عن كلامه المباح وكنت مثل ابي وجدي اكتب بالتلميح فانعت نفسي بوزير يموه يقلبها كاتب اتحاد الفلاحين زيرو تصير كنية له واسعد بانتصار ابي وجدي وعمي دون ان يكون لي في ذلك ناقة ولاجمل ونهز الطحين رغم ما يعتريني من ميولي الاشتراكية اتهيا لها بفضل ماالقاه من حرمان اجنيه من زوجة عمي العربية وشقيقي الجابوني بالتبني بسبب الاستئثاربالدزة والاستحواذ على ما ثمة ويدغدغني ما اقراه من كتب ودروس فلسفة في نهج لينين بمشاعر التاثر بمحمد الكراي وصالح القرمادي وتوفيق ؤبكار وماركس ولينين وغيرهم..
بغلة منديلة الابن تقتنع بعيشها المتواضع في كوخ من القش تقع جنوب بيتنا الجديد في هضبة الدّويميس تطل على صقلية ..والبغلة تجعل من مربطها ركحا لمسرح حيوانيّ ضيّق فهى لم تر البتّة دبرها او من يقترب من ذيلها وهو لاتوجه الخطر الا عبر الخلفيين ان تشبه خذرو اللصبيان يدور في نفس المكان وهي تتذكر ان ابي قد رسم لها المسالك و ترك مهنة الكرارطي ليصير سائق تركتور بوجادي ظل يحن الى مهنته القديمة فيجعل من تركتوره بغلة ابهة .وتصير قصة البغلة شيئا فشيئا مبتذلة امام طرافة قصص حديثة ترعب بما لللاهالي من قدرة على تعظيم شان القادم من اصحاب الملايين والافاريات من متقاعدي البوليس والحرس والديوانة والحماية ومن لف لفهم من محبي الاصطياف والاستجمام في شاطئ القرية تصبح مدينة بعنف السلوك الحضاري وتشييد المباني الصالحة للكراء والنزهة. لكن بالرغم من وجود هذه المباني الساحلية يظل مستقبل القرية غامضا اسود لامخرج منه الا بفضل هذ ا الرب الاعظم الذي كدنا ان ننساه بفضل توجيهات المجاهد الاكبر قبل شريط الانباء على امتداد ثلاثين سنة من متعة مراهق سرعان ماانقلبت على صاحبها . هذا الرب قد يعود في ثوبه الاسود ويظل ابي مترددا كارها هذا النوع من الارباب لايدري ا يقوم كعاته باداء صلواته في غير انضباط من باب التقوى أي الخوف او يستمر في عشقه أي بغلة من البغلات فيتحسر على شبابه او يستجيب لطلبات ابنه المفضل الذي يريد ان يدفعه الى بيع كل ماتبقّى من ممتلكاته ليسدد له ديونة الثقيلة المفترضة .
وتسود الشوطئ ويقتفي البوليس السياسي اثر حركة الشبان المتعصبين وكان ابي وهو ينظر الى السماء هذه المرة يلفظ في سره نفسه الاخير لافي فراشه على يسار امي بل في هذه المرة تحت حافري البغلة الخلفيين وهي تجتر التبن مساء السبت دون ان يودع احدا منا ا وان يشهد على اسمه هو اسم نبي او اسم عاشق بغلات ولايدري ايحمد اللله العظيم هذا الاسم ام ينبذه شيطان شعبه
صباح السبت 29/10/2010