شوقي أبي شقرا يكتب عن فيصل أكرم
تاريخ النشر : 2011-06-05
شوقي أبي شقرا يكتب عن فيصل أكرم


شوقي أبي شقرا

فيصل أكرم


 
شوقي أبي شقرا يكتب عن فيصل أكرم

 
شوقي أبي شقرا

 
وهو ذا شاعرٌ من الوسط العربي، من البيئة الجديدة حيث الصداح على الوزن وعلى بعض القافية وعلى بعض البراعة في الخطاب وفي قول الصورة قولاً من شأنه أن يكون إسقاطاً للحجر الكريم، في خاتم كريم وفي منزلة بين منزلتين، بين إثنين وأكثر من ذلك..

إنه فيصل أكرم، الذي صدر له كتابه من القصائد بعنوان «حوار الليل ونجمة الصبح»، عن دار الفارابي في بيروت، في 105 صفحات من القطع الوسط..

وفيصل أكرم، في صنيعه هذا، ما فتىء على وتيرته الكتابية، على وتيرة من التفعيلة أو على إنسياق من الوزن، حيث يكون الإنسحاب والصعداء، يتوهجان إيقاعياً وينزلقان إيقاعياً إنزلاق القوة والتقيد بما على الشاعر أن يكون ملزماً أياه، ولا أن يكون حراً وفي إندياح مفتوح على الجمل، على العبارات التي تلفها معاً موسيقى خليلية، وحيث نشعر ببعض الأسر، وببعض الحريّة، وببعض المتعة التراثية والتي تمنح الشاعر طمأنينة الكلام وإرتياح الثواب ولا أن يكون العقاب هو الفاصل، هو الذي يتربص ويرفرف فوق التأليف.

وألمح من خلال النص، ومن خلال السطور والموسيقى التي ترف، والتي تأخذ السياق، وتأخذ الكيان الشعري إلى محطات أخرى ليست بالضرورة هي الفوز الحق والنصر المبين. إذن ألمح الهدير أو الهديل وهناك من الشاعر أكرم، ما يدعى الطريقة، ولعلها، مرة أخرى، تكون المحجة، تكون القبلة، وتكون الملاذ الذي للشاعر العربي هو الأصل وهو الغاية..

 وفي أي صدد نحن، أي مقهى وأي هيكل، وأي مكان ما دمنا نصادف دائماً، وعلى ما يشبه القاعدة أو المتعة المشتهاة، شاعراً تلو شاعر وهو في حيلة ليست إلا كذلك، وليس بيده أن يفعل سوى الأمر المتوالي، سوى الأسلوب المتواصل الحلقات، سوى أن يعمد إلى الوزن وإلى أن يجني مما يفعل، جنى المعهود من الأيقاع، ومن ذلك التكريس المتقادم، سوى أن يصيب المغامرة في حدها الأدنى، وسوى أن يكرر التجربة أياها، منذ الافاق الناعمة والقريبة وحيث لا وجع رأس من الحرية المتاحة، ومن الإستقلال الذكي. ولا هنالك، من لدى الشاعر أكرم، سوى أن نصغي أليه متحركاً على أوتار مأنوسة، وعلى أن ينجرف، في هذه الآونة السعيدة إن شئنا، في تيار التراث وفي أن يتحدى الحاضر وسواه من الشعراء الذين يأملون الخير، يأملون التجربة المريرة والشاقة وهي الإنعتاق من النير، من خطيئة القافية، ومن المنزلات من الوزن، وأن يسيروا في النور الذي يشق على أصحابه، على طالبيه، وفي النور الذي هو صعب جداً لمن لا يلزم اللزوم ولمن لا يتجرأ على أن يغادر مغارة علي بابا حيث الكنوز المألوفة، إلى البحث عن مغارة الذات والشخصية المفردة والمحتدمة، وحيث الكنوز أبهى، وفيها النقاء الذي ما بعده نقاء.

ونحن نطرب مع الشاعر فيصل أكرم إذ لا بأس أن يبقى على الأصول وأن يمارس نهجه في هذا السبيل، وأن يعبر المعاني عبور الملتزم وعبور الشخص الصادق الذي لا يبتغي الإنحدار من عل إلى أسفل، ومن أسفل إلى أسفل، بل أنه ينطلق من ذاته إلى ذاته ومن مدى إلى مدى. وهو يغلب عليه البحث عن قمة النجاح، عن سيطرته على أدواته، وعن كونه إبن الحرفة، والخدين الذي لا يهوي إلى الإنفعال وأنما يحرص على العمل وعلى بلوغ المشتهى والحصول على نبرة، على لهجة من الديباجة العربية السليمة المعافاة..

ولعله على حق، وعلى أنه يعتمر القافية من باب الإلفة والأخذ بمقتضيات التراث ولا أن يكون منفلتاً من الصواب. ومن الأرجح أن يكون كذلك، وأن يهوى التطور والتجديد من الباب الكبير، من الرتاج الذي هو قيد الإعجاب وما إنفك يكون هكذا، على هذا القدر من الحظ ومن السلامة والقوة، ومن كون القصيدة العربية تحتاج إلى نظافة، وإلى أن يكون سرها منوطاً بالأزمنة اللطيفة، أزمنة الضرب على العود وعلى الطبول المزدانة بالنغمات المتناغمة والألفاظ النبيلة..

 وهنا لا انفتاح وإنما القضية هي القضية، وصاحب الحانة، وصاحب القضية أدرى بالحاجة، وأدرى بما يفقهان من العلامات ومن وجوب التوازن والموازنة بين ابيض وأسود وبين خلة وخلة وبين ناي وناي وبين خلان وخلان. وبين قيد قاس وقيد من الخيطان الناعمة وحيث لا شقاء سوى ما يحرك ما يشبه الرويّة الفكرية المختارة وذات الصدى المتغافل عن التعاسة والضوضاء.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

·       شوقي أبي شقرا، من رواد الشعر العربي الحديث في لبنان، والمقالة من كتاب يصدر قريباً..

·       فيصل أكرم، شاعر سعودي صدر له أحد عشر ديواناً آخرها (حوار الليل ونجمة الصبح) الصادر عن دار الفارابي هذا العام 2011