ديمقراطية الناتو ومصطفى عبد الجليل
بقلم أحمد ابراهيم الحاج/ 20/4/2011م
طلع علينا الرئيس الليبي المنتظر الشيخ مصطفى عبد الجليل بتصريح ينم عن الديمقراطية التي يعد بها ليبيا، وصرح وكأنه الرئيس القادم والمفروض على ليبيا من على ظهر دبابة غربية وجناح طائرة صليبية متخطياً ما ستسفر عنه نتائج الإنتخابات وما سيقرره الشعب الليبي على اسس ديمقراطية موعودة، ومبشراً فرنسا وايطاليا وبريطانيا وقطر والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة بالجنة الليبية. تلك هي الدول التي بشرها الشيخ الجليل (كرزاي ليبيا) بجنة ليبيا. فليبيا التي عشت فيها ردحاً من الزمن من الأوطان العربية الجميلة المترامية الأطراف والمنوعة الطبيعة والمناخ والغنية بالموارد الطبيعية والجوفية وذات ساحل طويل ممتد على حدود البحر بساحل طوله حوالي الفي كيلومتر. تناسى مصطفى عبد الجليل جيرانه الدائمين من العرب الذين يشاركونه الهموم والأحزان والأفراح، وتناسى ثقل مصر الجارة وقائدة الأمة، وفضل عليها قطر الصغيرة، وتناسى تونس الثقافة والحرية وفضل عليها الإمارات العربية المتحدة التي يتفوق فيها عدد السكان الأجانب عن عدد أهل البلاد ويسيطر الأجانب على اقتصادها. ليجعل ليبيا تقتدي بهذه الدول الصغيرة وتسير خلفها في سرب المستعمرين تتباهى بالمباني الشاهقة وتتناسى بناء الإنسان. وتناسى الجزائر الثورة وبلد المليون شهيد وراح يزحف تجاه ايطاليا وفرنسا. ورفرف بجناحيه طائراً الى الغرب مغرداً في سربهم للتحالف معهم ضد بلاده وشعبه ليعمق جراح وطنه ويثخن جراح شعبه ويزيدها تقرحاً وايلاماً. ولم ينتظر الإصلاحات الدستورية التي يطالب بها الشعب الليبي، وما ستفرزه من قيادة منتخبة بحرية وديمقراطية ينتخبها الشعب وتحدد مصير البلاد ومستقبل علاقاتها، ونصّب نفسه القائد القادم لليبيا بديمقراطية مستوردة تفرضها الإرادة الأجنبية، وتحول الى كرازاي ليبيا، وأفتى من خلال وعود التحالف الدولي له بكرسي الرئاسة بما ستكون عليه سياسة ليبيا بعد التحرير من نظام حكم ليبي، واستخلافه بنظام ليبي جديد بوجوه ليبية وقلوب غربية أجنبية، وحدد علاقات ليبيا ومسار سياستها بعد التحرير. وسافر الى فرنسا يستجدي الإستعمار الجديد لعودة المستعمر الى ليبيا كوصي على الحكم الليبي الجديد. وطرب مصطفى عبد الجليل ورقص على جراح شعبه بما سمعه من لقب اطلقه عليه الغرب وهو لقب الرئيس يدغدغون به غرائزه السلطوية.
ما يحدث في ليبيا الآن هو محاولة انقلاب على الحكم القائم بالقوة الأجنبية، وتغيير وجوه قديمة معروفة بوجوه جديدة مجهولة، ليس للشعب إرادة أو تحكم باختيارها، لأن طريقة التغيير ستتم بأيدٍ غريبة عن الوطن الليبي وعن الشعب الليبي. وتدعم هذا الإنقلاب على الحكم قوىً خارجية لا يهمها الاّ مصالحها بالمقام الأول. واختلطت الأوراق في ليبيا وتداخلت النوايا الطيبة مع الخبيثة وصار من الصعوبة فرز النخب الوطنية من غير الوطنية لقيادة ليبيا الى بر الأمان. وخرجت ليبيا عن إطار الثورة الشعبية السلمية ودخلت في معمعة ومخاض عسير ينذر بولادة قيصرية لجنين مجهول المعالم. ومشوه الخلقة. يحتاج الى عناية طبية فائقة وجراحات تجميلية لا تحمد عقباها. تلوثت ثورة الشعب الليبي وصارت وباءً ينخر بجسد الأمة الليبية ليمتد الى جيرانها بدلاً من أن تكون دواءً يعالج أزمات الحكم الصحية وامتداداً لثورات عربية شعبية واعدة..
كنا نتمنى لليبيا أن تنتقل الى التغيير بسلام وسلاسة وبولادة طبيعية وبأيد ليبية صافية نقية بيضاء وغير ملطخة بالدماء الغزيرة. صحيح أن الحرية لا بد وأن ترافقها الدماء ولكن بترشيد وتوفير لهذه الدماء الوطنية وليس بهذا الكم الهائل من الضحايا الليبية والمقدرات والموارد الوطنية التي يحطمها الغزو الصليبي لينقل ليبيا مما وصلت اليه الى مستوى ما تحت الصفر بدلاً من أن ينقلها خطوات الى الأمام عن المستوى الذي وصلت اليه اليوم.
ديمقراطية الناتو ومصطفى عبد الجليل بقلم أحمد ابراهيم الحاج
تاريخ النشر : 2011-04-20
