هل تعود امبراطورية غوار الى تونس؟ بقلم:عصمت القاسم
تاريخ النشر : 2011-01-24
الاسبوع الماضي شاهدت لقاءا مع المخرج السوري المبدع مروان عكاوي الذي يقطن الان في اليونان ويحمل جنسيتها.
ذكرت حينها الفلم القديم الذي انتج عام 1982 والذي يحمل اسم امبراطورية غوار حيث كانت اليطولة لرسول الفن والابداع دريد لحام.
الشاهد في الموضوع انني تذكرت الفلم وتذكرت حالة الشارع التونسي ,ظلم وقهر واضطهاد عاشه الشعب في تونس منذ الاحتلال الفرنسي والذي تواصل بعد خروج المحتل بالتضييق على الحريات ومنع الاحزاب وتجسد واضح لعلمانية دنيئة لم تنجح القوة الاستعمارية في تنفيذها وانما نفذها ابناء الوطن ممن اصبحوا قادة خدما للاستعمار.
الفرق الوحيد بين مفهوم الاستعمار ومفهوم الاستقلال في الكثير من الدول العربية اصبح شيئا بسيطا فقط هو مجرد الشكل الظاهري للحكومة فبدلا من قائد يتلعثم بلسان اجنبي اصبح القائد يتكلم العربية اما الغزو الفكري والثقافي والحرب على الدين والتاريخ واللغة لم يتوقف بل تعدى ذلك الى تجويع الشعب وسرقة قوت ابناءه وتحويله لرقيق في زمن انتهاء الرق.
في الماضي كان العبد يحمل صك العبودية وبامكانه شراء عبوديته بالمال او باستطاعة احد اخر ان يفعل له ذلك,لكن عبوديتنا في المجتمع العربي هي مجانية غير مقيدة لا يمكن شرائها, لم تهنئ معظم شعوبنا العربية بطعم الحرية منذ ما يسمى استقلالا الا بعطلة عيد الاستقلال التي تعطى لهم ليرتاحوا قليلا من الخدمة المجانية لسادة الانظمة وتجار دمائهم وعرقهم.
اليوم تونس بشعبها العظيم تمثل حالة استثنائية تمثل انفجارا للسكون الذي خلفه القهر والطلم والعبودية الجديدة في النفوس, تونس اليوم تعطينا مثالا عظيما ان انظمة القهر والاستبداد ليست الا ابراجا من ورق اهون من بيوت العنكبوت قد يخيل لنا من قوتها انها تقف في وجه الاعاصير لكنها لا تحتمل ان تمرر يدك فوقها ,تونس اليوم تقول كفى , تصرخ بالحقيقة في وجه الطغيان كلنا سعداء بما حققه الشعب التونسي كلنا فخورين بهذه الهبة العظيمة كلنا نقف احتراما لتونس ولاهل تونس.
يا شعب تونس
بقدر فرحتنا بمنجزكم العظيم بقدر ما نتخوف عليكم من ضياع لدماء وصبر ودموع سالت طوال سنوات عجاف, فلست اجد تفسيرا لحكومة جديدة يقودها ويشارك فيها قيادات الحزب الدستوري, ما الجدوى من ثورة تبقي وزير داخلية امر باطلاق النار على ابناء دينه وشعبه في منصبه؟
اليس هؤلاء هم ازلام النظام وقبضته الحديدية أليسوا هم من قاد الوزارات التي نهبت خيرات الشعب ومقدراته اين كان رئيس الوزراء عن الحالة التي اوصلت البوعزيزي لارتكاب فعل محرم في ديننا مصيره العذاب مفضلا له عن عذاب الاهانة والقهر الذي يعيشه الشعب ام ان سعادة الوزير السابق في الحكومة السابقة كان عنده قصر في النظر وعند تعيينه في الحكومة الجديدة قام بعملية ليزر اعادة لعينيه صحتهما , قليكن ذلك لكن يجول في خاطرنا سؤال أليست الصورة والكتابة وجهان لعملة واحدة؟؟؟!!!
لا اريد الاسهاب في تفاصيل اكثر كل ما اود قوله ان دريد لحام جسد الثورة العربية في مشهدين المشهد الاول في امبراطورية غوار عندما وحد الحارتين وطرد الطغاة واعاد للناس حقوقهم وشعروا بقيمتهم وتعبيرهم عن انفسهم لكنه معاوينه كانوا هم ازلام النظام السابق وحراسه فماذا كانت النتيجة؟
والمشهد الثاني في ضيعة تشرين عندما توالت الانقلابات تباعا حرصا على مصلحة الوطن والمواطنين لكننا رأينا نفس الشخصية بلباس مختلف تتناول نفس الخطاب الوحدوي الوطني فماذا كانت النتجة؟
ومما يجرح في خاطري ان ارى المشهدين كلاهما في تونس الحبيبة

يا شعب تونس يا من خلقتم المعجزة العربية في العصر الحديث

اخشى على دمائكم وانجازاتكم من الضياع



عصمت القاسم

18/1/2011