ساويرس باشا..بيحب الخير !! بقلم:عصام عبد العزيز
تاريخ النشر : 2010-12-08
ساويرس باشا..بيحب الخير !! بقلم:عصام عبد العزيز


ساويرس باشا... بيحب الخير !!!
عصام عبد العزيز

في عالم تزاوج فيه رأس المال مع السلطان والإعلام... طبيعي أن تسود أخلاق "السوء"، وفي السوق كل شيء يباع ويشترى... ومن ثم فلا عجب أن يخرج علينا الملياردير نجيب ساويرس من وقت لآخر في أحد المنتديات أوفي حوار من تلك الحوارات المتفق عليها مسبقاً مُستَضِيفاً أو مُستَضَافاً ليقول ما يشاء في الوقت الذي يريد وبالكيفية التي يراها... فتكرار رؤية ساويرس باشا وحواريه عبر الفضائيات أو في المنتديات ... تجعلك تعتاد وجهه "البلاستيكي" تصبر في البداية، ثم تتعاطف، وتتعايش معه.. إنها عملية تخدير تدريجية... عبر عناوين براقة لامعه تدغدغ العواطف وتكرس سياسة اللاوعي لدى العامة... تستهدف بالدرجة الأولى إظهاره في صورة رجل أعمال وطني"مصري الانتماء عربي الهوى... ذو الأيادي البيضاء على المساكين والفقراء، الزاهد في المناصب حتى لو كانت رئاسة الجمهورية".
من ذلك "اسطوانته الجديدة" والتي ما فتيء يكررها في كل لقاءته الأخيرة من أنه تعب من "البيزنس" وسيقلل منه وسيتجه لعمل الخير!!! لماذا؟ لأن في عقيدته كما يقول "الأغنياء لا يدخلون الجنة"... وحدد الرجل ثلاث محاور: الأول‏:‏ مكافحة الفقر والمساهمة في توليد فرص العمل أمام الشباب المصري من خلال المشروعات متناهية الصغر، أما الثاني: فسيكون بإعطاء دفعة حقيقية لحوار الأديان والثقافات وتنمية فكر التسامح ومحاربة التطرف والإرهاب والدعوة للبعد عن كل ما يفرق المجتمع والتركيز علي نقاط الاتفاق‏، أما المحور الثالث: تنمية الأماكن الأكثر فقرا في العالم‏‏ والبداية ستكون من الأراضي الفلسطينية المحتلة‏.‏...
هذا الكلام الجميل والبراق هو من قبيل "الشو الإعلامي" لأن الحقائق والوقائع على أرض الواقع عكس ذلك تماماً ومن أمثلة ذلك:
أولاً: فحرص الرجل على مكافحة الفقر والمساهمة في توليد فرص العمل أمام الشباب المصري من خلال المشروعات متناهية الصغر ... هذه كما يقول المصريون"كذبة أبريل" لأن الرجل الذي كون ثروته من جيوب المصريين حتى بلغت "2.5"مليار دولار، وكان تقرير لمجلة Arabian Business، في ديسمبر 2007م، قدر ثروة ساويرس بـ 800 مليون دولار، أي أن ثروته تضاعفت أكثر من مرة في عامين!!! الأمر الذي لم يجد له خبراء المال والاقتصاد تفسيراً منطقياً... يقول ساويرس في حفل أقامته له جمعية رجال الأعمال في 26/12/2010م " أنا وفرت 2500 فرصة عمل للشباب الذى يحاول الهرب بالمراكب المتهالكة إلى أووبا للعمل هناك وقلت لهم إن الراتب 2000جنيه ولكن لم يوافق منهم سوى 20 فقط لأنهم لايكتفون بـ2000 جنيه ولكن يريدون أن يحصلوا على 20 ألف جنيه فى الشهر ويتزوجون من أجنبيات" ولا أدري أين وجد هؤلاء الشباب وكم عددهم ؟ وأين اجتمع بهم؟ طبعاً لم يسأله أحد...!!! أما الحملة الخيرية التي قامت بها شركة "موبينيل" لدعم الفقراء طوال شهر رمضان الماضي وبثت إعلانات لها في محطات التليفزيون المختلفة... هذه الحملة تمت بالاتفاق مع مؤسسة " هابيتات انترناشيونال الإنسانية" وهي منظمة مسيحية تبشيرية أمريكية ترمي إلى نشر المسيحية... التي قالت أنها تسعى للوصل إلى 400 ألف أسرة مصرية أو 2 مليون شخص شخص بحلول عام 2023 أي في خلال 13 عام فقط. أرأيتم مدى حرص ساويرس باشا على الفقراء " الصليب بيد والخبز باليد الأخرى" أليس في هذا تهديد لأمن وسلامة المجتمع؟.
ثانياً: أما دعوته بالمحور الثاني لإعطاء دفعة حقيقية لحوار الأديان والثقافات وتنمية فكر التسامح ومحاربة التطرف والإرهاب والدعوة للبعد عن كل ما يفرق المجتمع والتركيز علي نقاط الاتفاق... فهذا مجرد " طق حنك" كما يقول اللبنانيون... فالرجل كل أفعاله تدل على أنه طائفي بامتياز مع مرتبة الشرف !! فقد سخر إمبراطوريته الإعلامية للهجوم على الثوابت الدينية والاجتماعية والتشجيع على نشر الرذيلة بين الشباب والمراهقين وبث كل ما يفسد الذوق العام... وفتح قنواته الفضائية أمام كل مارق ليبث سمومه وأكاذيبه باسم "الاستنارة". ورغم أنه يزعم بأنه "ليبرالي" ويعشق الديمقراطية وهذا يعني أنه يحترم رأي الأغلبية واختياراتها... إلا أنه يطالب بكل بجاحة في أغلب حواراته وتصريحاته بإلغاء المادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" لإن هذه المادة تؤدي إلى نسيان "15مليون مسيحي" حسب زعمه في مصر، ولابد من الفصل بين الدين والسياسية، وعندما سأله مقدم برنامج "في الصميم" عن رأيه إذا تم إثابت هذه المادة في الدستور بناءً على اختيار حر من الشعب وهذه هي الديمقراطية... فإذا به يرفض أيضاً ذلك حتى ولو كانت اختيار الأغلبية... ويبلغ التناقض قمته ففي نفس الوقت الذي يرفض فيه احتكام المسلمين إلى دينهم وشريعتهم... فإذا به في حديث له مع جابر القرموطي ببرنامج "مانشيت" عندما سأله عن رأيه في قرار المحكمة بالسماح للمسيحيين بالزواج الثاني ، قال ساويرس "الحكم سخيف، ولا يوجد قانون فوق الدين والإيمان، وهذا الحكم ضد ديني، وقد يكون لي تعليقات ساخرة، ولكن أنا مع ديني وملتزم به، ورفضنا دليل على تمسكنا بديننا، فلا يحق لأحد أن يتدخل في دين الآخر"... أرأيتم مدى سماحة الرجل وعلمانيته وخطابه الذي يجمع ولا يفرق!!!
ثالثاً : أما ثالثة الأثافي فهي حرص ساويرس باشا على تنمية الأماكن الأكثر فقرا في العالم‏‏ والبداية ستكون من الأراضي الفلسطينية المحتلة‏... لأن علاقة الرجل بالصهاينة والأمريكان لاتحتاج إلى دليل فقد بنى مجده على أنقاض الدول التي دمرها التحالف الصهيوأمريكي في العراق وباكستان وأفغانستان... أما حبه لفلسطين فهو "حب زيادة شوية" بدليل أنه في 2006م قام باحتجاز نحو‮ ‬45‮ ‬مليون دولار من أموال ‬صندوق الاستثمار الفلسطيني في شركة أوراسكوم تيليكوم ... بناءَ على حكم محكمة محلية أمريكية غبر ملزم له ولا لشركاته!! لتعويض ورثة الأمريكي اليهودي يارون أنجرالذي قتل في الأراضي الفلسطينية الأمر الذي دفع الصندوق للقيام ‬بمقاضاة ساويرس‮ أمام القضاء المصري ... ثم بعد ذلك يخرج علينا ليقول : " أنه مستعد أن يستثمر 5 مليار دولار في مجال العقارات والبناء ومشاريع البنية التحتية داخل فلسطين... بشرط أن يخرج قرار من جامعة الدول العربية أن الاستثمار في فلسطين ليس له علاقة بالتطبيع مع إسرائيل" وكأن الناس قد نسيت فضيحة سعي إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي الحثيث لإقناع إيهود أولمرت رئيس الحكومة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية وعلى رأسها "الشاباك" بالسماح لساويرس بامتلاك جزء من أسهم شركة الاتصالات الإسرائيلية "بارتنر"
هذه هي الحقيقة التي يحرص ساويرس باشا على طمسها بتكرار ظهوره المستمر عبر الفضائيات والمنتديات ورغم التحضير الفني لكل لقاء تليفزيوني... ورغم التدريب والتلقين الجيد له من قبل خبراء صناعة النجوم إلا أن الرجل في حواره الأخير مع لميس الحديدي ببرنامج "من قلب مصر" أراحنا عن البحث في تفسير ظاهرته... فأفصح عما تستروح به نفسه وما تحبه وتهواه فيقول"عمري ما فكرت أترك مصر... "، لماذا ياباشا؟ فإذا به يقول:"أنا تعودت على الشوارع القذرة والكلاكسات والصوت العالي والوجوه العابسة والوساخة في كل مكان"... هذه هي البيئة التي يستروح فيها الملياردير... وهذه يا ساده هي صورة الوطن عند ساويرس باشا الذي يذوب فيه حباً... يقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
إن شر الجُناة في الأرضِ نفسٌ
ترى الشوك في الورود
وتعمى أن تــرى فوقها الندى إكليلا
والذي نفســـه بغير جمـالٍ
لا يرى في الوجود شيئًا جميلا
وقديما قالوا : الإنسان يرى الأشياء بعين طبعه ...لان المشكلة ليست في عدم وجود الخير والجمال بل في عينيه التي لا ترى إلا الفساد... كعين الذبابة التي لا ترى إلا القاذورات والأوساخ ... وفي علم البرمجة العصبية يُقال: إن "الإدراك هو الإسقاط" بمعنى أن ما تراه في الدنيا من حولك هو جزء من تكوينك الداخلي أو هو إسقاط من تكوينك الداخلي عليه.

ساويرس بااااااااشا ... إلعب غيرها

[email protected]