استخارة الأمن بقلم: جودت مناع
تاريخ النشر : 2010-11-20
استخارة الأمن بقلم: جودت مناع


استخارة الأمن
بقلم: جودت مناع
في كل زيارة لمسؤول من كيان الفصل العنصري الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة تحرص الأخيرة على إبراز دعمها لأمن الكيان وهو ما صرحت به هلاري كلينتون وزيرة الخارجية أثناء زيارة نتنياهو الأخيرة.
العلاقات الحميمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل أشبه بعلاقة (الكناين) فهلاري كلينتون فضلت هذه العلاقة عن غيرها بعد فشل علاقة زوجها الرئيس السابق كلينتون بمونيكا لوينسكي وإلا لكانت الآن (ضرة) للكيان.
من الملاحظ أن مثل هذه التصريحات تصدر عن مسؤول أميركي عندما توشك المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية والكيان على الفشل.
ومن اللافت أن رئيس الوزراء سلام فياض (الشبين) لم يكن مباشرا في رد فعله على تصريحات كلينتون حين قال: "إن دعم أمن إسرائيل أخطر من الاستيطان" وكان الأجدر به أن يقول: إن دعم أمن الكيان هو دعم للاستيطان في فلسطين.
إن أمن الكيان قائما على الاستيطان وقد وافقت الولايات المتحدة (الكنه) على تجزئة ملف الاستيطان إلى جزئين الأول: جغرافي باستثناء القدس المحتلة من التجميد والثاني: زمني بسبب فكرة التجميد لمدة ثلاثة أشهر وقبل ذلك تسعة أشهر وهو ما تسعى له (الكنه) التي مولت الاستيطان بضمانات مالية وصلت عشرة مليارات دولار أميركي.
إن بجاحة (الكنه) تصل إلى درجة الانحياز عندما تستغل أمن الكيان كغطاء على جرائمه المستمرة في فلسطين المحتلة وآخرها استمرار حصار قطاع غزة وغزوه وقتل المدنيين على متن سفينة مرمرة التركية ممن جاؤوا لمناصرة المحاصرين في قطاع غزة.
وفي الظاهر تسعى (الكنه) لتجميل موقف الكيان المتشدد لإرضاء السلطة المتردد في لقاء الكيان الذي يحد الغنائم مقابل ذلك من (الكنه).
استغلال الأمن يخدم السياسة الأميركية في الشرق الأوسط وآسيا فأمن الكيان يتصدر أي تصريحات تعقب لقاءات مسئولي الكيان مع إدارة الكنه أو زعماء غربيين آخرين لا سيما عندما تكون الأجندة دسمة كملف إيران النووي أو فقراء قطاع غزة أو المقاومة في جنوب لبنان أو أي جهة تسعى للدفاع عن استقلالها أو الدفاع عن أراضيها أو إنهاء احتلال أراضيها من قبل الكيان.
استغلال الأمن من قبل (الكنه) ليس سياسيا فحسب وإنما أمنيا واقتصاديا وبتجلي ذلك في إبرام صفقات أسلحة مع دول عدة مما يوفر مردودا ماليا ضخما للخانة الأميركية.
وللحقيقة فإن مدعاة الأمن كذبة كبيرة، ففي السابق كانت ذريعة الكيان لاحتلال الأراضي العربية للحفاظ على أمنه، أما اليوم فإننا نسمع عن انسحاب من طرف واحد من قرية الغجر اللبنانية وقبل ذلك تم من معظم الجنوب اللبناني ومن قطاع غزة ويرجع ذلك لسببين أولهما أن الكيان لن يندحر من جنوب لبنان وقطاع غزة بدون قوة وثانيا أن مفهوم احتلال الأراضي لحساب أمن الكيان هي مسألة متغيرة.
هذه المعادلة تصل إلى درجة التحايل على الطرف الأضعف في الصراع بالقول إننا نوافق على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة الكيان، فالمحافظة على وجود السلطة ليس من أجل الحصول على تنازلات سياسية لأنه لم يتبقى شيء يتنازلون عنه وهو ما صرح بهم سؤول أممي كبير مؤخرا ولكن من أجل خدمة مصالح الكنه لضمان نجاح حملاتها العسكرية في العالم.
لذلك فإن فياض (الشبين) سعى للحصول على (فرمان) من جامعة الدول العربية وباتت السلطة تمسك الاتفاقيات الموقع مع الكيان مثل أوسلو وواي بلانتيشن وأنا بوليس وغيرها من الاتفاقيات واليد الأخرى تمسك بقرار الجامعة العربية حول ربط المفاوضات المباشرة بتجميد الاستيطان.
وبسبب مساوء مفهوم أمن الكيان فقد تعرضت أكثر من حلقة سياسية للتفكك ولم تعد قادرة على الصمود وهو ما تعرض له المؤتمر اليورو متوسطي عندما فشل بالالتئام مؤخرا كي لا تفسر مشاركة بعض الدول العربية بأنها تطبيع مع الكيان وهو ما تسعى إليه الكنه والاتحاد الأوروبي. ناهيك عن انقسام العالم العربي إلى معسكرين: الاعتدال والممانعة أما الوضع الفلسطيني الداخلي فحدث ولا حرج.
استخارة الأمن قلبت كل المفاهيم السياسية لمصطلح الأمن مثل كان وأخواتها وعرضت العلاقات الدولية مجتمعة لضربة قاسمة قلبت الأمور رأسا على عقب أي فوق وتحت بدلا من غرب وشرق وباختصار مثل صارت السياسة مثل طبخة (المقلوبة) يعني بالانجليزية (Up Down).
كاتب صحفي ومستشار في الإعلام
[email protected]