وقفات مع كتاب : " هذا هو الكافي للكليني " لصاحبه د . طه حامد الدليمي
( الحلقة الأولى )
محمد شركي
دأبت على تحرير المقالات المتعلقة بفساد وانحراف العقيدة الرافضية وأنا لا أضع نصب عيني الرافضة لأنني أعرف جيدا درجة تمكن التعصب منهم وإنما لتنوير من لا يعرف عقيدتهم ، ويصدق أكاذيبهم من أهل السنة الذين يظنون عن حسن نية أن عقيدة الرافضة صحيحة سليمة لا تختلف عن عقيدة أهل السنة والجماعة. وهذه المرة سأقف وقفات مع كتاب " هذا هو الكافي للكليني " لمؤلفه الدكتور طه حامد الدليمي . ومعلوم أن كتاب الكافي هو أصح كتب الحديث عند الرافضة وهو حجتهم في عقيدتهم الفاسدة ومنه يستقون ، وبه يخاصمون ، لهذا لا بد من تعريف المسلمين ببعض ما جاء في كتاب الكافي خاصة أولئك الذين يعتقدون أنه لا فرق بين عقيدة السنة وعقيدة الرافضة ، ومن الذين أثرت فيهم الدعاية السياسية للرافضة ودلست عليهم هذه الدعاية فظنوا الخير في عقيدة لا خير فيها . جاء في مقدمة الكتاب أن بلاد فارس لما دخلها الإسلام صار أهلها ثلاث فرق : فرقة دخلت في الإسلام ومنها من صح إسلامه ، ومنها من خالط إسلامه ما كان عليه من اعتقاد فاسد سابق ، وأخرى تظاهرت بالإسلام وهي المعروفة بالشعوبية المتعصبة للجنس الفارسي التي أساءت أكثر للإسلام وكانت أخطر عليه لأنها كانت تبطن ما لا تظهر ، وثالثة بقيت على ما كانت عليه من فساد العقيدة وهي واضحة الكفر. ويذكر المؤلف أن التشيع الذي بدأ عربيا خالصا وهو مجرد مناصرة الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه لخلافه السياسي مع الخليفة معاوية رضي الله عنه بسبب حادثة اغتيال الخليفة الثالث الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه استغله الفرس الشعوبيون الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون المجوسية وهم الزنادقة وكان شغلهم الشاغل هو النيل من دين الإسلام بطريقة ماكرة لا تثير الانتباه ، لهذا لبسوا التشيع وجعلوه وسيلة لإفساد عقيدة الإسلام. ومع أن موقف الإمام علي رضي الله عنه واضح في خلافه مع معاوية رضي الله عنه حيث قال فيه : " إن ربنا واحد ونبينا واحد ودعوتنا في الإسلام واحدة ، لا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يستزيدوننا ، الأمر واحد ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء " نهج البلاغة الجزء الأول الصفحة236 . ويرى المؤلف أن الفرس حاولوا تحويل التشيع من طابعه السياسي إلى طابع ديني من أجل الأغراض السياسية البحتة.وما لبثوا أن أصلوا أصول وفروع عقيدة منحرفة بدعوى مناصرة آل البيت وادعاء التباكي عليهم ، وقد روجوا العقيدة الفاسدة بين عوامهم وسوقتهم في بلاد خرسان. وألفت لهذا الغرض كتب صارت عمدة هؤلاء منها : " كتاب الاستبصار و كتاب التهذيب وهما معا للطوسي ، وكتاب القمي ، وكتاب الكافي للكليني " وأصحاب هذه الكتب كلهم من الفرس. وكتاب الكليني يحظى بتزكية علماء الرافضة الذين يجعلونه أصح كتبهم ، وهو يتكون من ثماني مجلدات اثنان في الأصول ، وخمسة في الفروع ، والثامن يسمى الروضة. وأبدى المؤلف اندهاشه بعد اطلاعه على الكافي لما فيه من أمور مخزية وتفاهات لهذا ألف هذا الكتاب ليضع بين يدي من يستهويهم التشيع الدلائل القاطعة على فساد الكافي وعلى فساد عقيدة من يعتمده مصدرا خصوصا الذين اعتنقوا التشيع حبا في آل البيت واستغلهم أساطين السياسة ودهاقين الزندقة من الفرس الموتورين . ويرجو المؤلف أن ينور الله تعالى قلوب المغرر بهم ليعودوا إلى جادة الصواب . وذكر الكاتب أنه عرض بعض ما جاء في هذا الكتاب على بعض الشيعة فبهتوا ولم يجدوا جوابا ، ومنهم من تبرأ مما سمع ، ومنهم من يكرر كلاما لقن له تلقينا مفاده أن الكافي ليس كله صحيحا موهمين أن التفاهات والمخازي تدخل في حكم الضعيف وليس الأمر كذلك بالنسبة للمؤلف لأن قواعد البحث العلمي عند أهل الحديث والمعروفة بأصول الحديث تقتضي فرزالصحيح من السقيم حتى يتبين ما يقر الشيعة بصحته وما ينكرونه ، وهو ما لم يعرف عندهم إلا ما كان من محمد الباقر المجلسي ، ومحمد الباقر البهبودي ، وعبد الحسين المظفر ، وهي محاولات فردية لا تعبر عن رأي جمهور . وفي المقابل يوجد كبار علماء الشيعة الذين يصرحون بصحة ما جاء في كتاب الكافي وشعارهم الرائج في الحوزات : " إن الكافي صحيح من الجلد إلى الجلد " ويذكر المؤلف منهجه في كتابه وهو جمع نماذج من روايات الكافي سواء في أصوله أم في فروعه ، وهي نماذج كافية لتقاس عليها مواد الكافي لتكوين صورة عن التصور والاعتقاد الناتج عنه. والمؤلف لا يعلق على هذه النماذج وإنما يسوقها سوقا لأنها ناطقة ومعلقة على نفسها بنفسها . ويذكر المؤلف أنه اكتفى بالمتون عن الأسانيد لأن الاشتغال بأسانيد متون فاسدة من قبيل العبث . وساق المؤلف بعض شهادات الرافضة في الكافي ومن بينها شهادة الكليني نفسه القائل : " الكافي يجمع بين جميع فنون الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين ) أصول الكافي ص 8. ومن بين الشهادات شهادة الشيخ المفيد الذي يعتبر الكافي أجل كتب الشيعة وأكثرها فائدة ، وشهادة الشهيد محمد بن مكي الذي يعتبر الكافي في الحديث غير مسبوق ولم يمل الإمامية مثله ، وشهادة علي بن عبد العالي الكركي ، وشهادة الفيض ، وشهادة المجلسي ، وشهادة الاسترابادي ، وشهادة بعض المحدثين منهم الدكتور حسين علي محفوظ. ويزعم الرافضة أن الكافي ألف في زمن الغيبة الصغرى ولو كان فيه ما لا يصح لبينه المهدي بواسطة سفرائه ، وعندهم أن هذا استدلال منطقي وملزم . وقد ساق المؤلف هذه الشهادات قبل كشفه عن مخازي الكافي وتفاهاته لتكون الحجة على الذين زكوه وعلى الذين تابعوهم ثابتة.
وفي الفصل الأول من كتاب : " هذا هو الكافي للكليني " تحت عنوان : " الطعن في القرآن الكريم " يسجل مؤلفه الدكتور طه حامد الدليمي أن ما جاء في الكافي في هذا الشأن لا يمكن أن يفوه به الإمام جعفر الصادق أو غيره من أئمة آل البيت الكرام وإنما جارى في نسبتها إليهم الرافضة ،وهو أمر يتطلبه أداء أمانة النقل عن الكافي . جاء في أصول الكافي الجزء الأول ص 24/25 أن ابن السكيت سأل أبي الحسن : لماذا بعث الله موسى ين عمران عليه السلام بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر ؟ وبعث عيسى عليه السلام بآلة الطب ،و بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالكلام والخطب ؟ فأجابه أبو الحسن وخلاصة جوابه أن الغالب على عصر موسى عليه السلام السحر ، والغالب على عصر عيسى عليه السلام الطب ، والغالب على عصر محمد صلى الله عليه وسلم الخطب والكلام أو الشعر. فسأل ابن السكيت : فما الحجة على الخلق اليوم " فأجابه أبو الحسن : العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه . ولم يعلق المؤلف على هذا الكلام وواضح أنه اكتفى بعنوان جانبي مفاده إبطال حجية القرآن العظيم ، لأن اعتبار القرآن بموجب هذا الكلام حجة على أهل الخطب والكلام والشعر بينما حجة غيرهم العقل ، وفي هذا تصريح بإبطال القرآن. وأورد المؤلف من كتاب الكافي الجزء الأول ص171/173 أن هشام بن الحكم قال في الإمام جعفر الصادق وهو يجادل رجلا شاميا : " هذا القاعد ـ وهو يقصد الإمام جعفر ـ تشد إليه الرحال ويخبرنا بأخبار السماء والأرض وراثة عن أب عن جد " وكان هشام قد سأل من قبل الرجل الشامي بعد أن أخبره هذا الأخير أن الكتاب والسنة يرفعان الخلاف : فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة في رفع الخلاف عنا ؟ فلما أجاب الشامي بنعم قال هشام : فلم اختلفنا أنا وأنت ؟ ويعقب المؤلف بقوله إذا كان الكتاب والسنة لم ينفعا في رفع الخلاف ولا حجة لهما بل الحجة للعقل والإمام جعفر غير موجود فما العمل بالنسبة لمن أراد أن يعرف دينه ؟ فهذه الرواية في الكافي وغيره تتعمد صرف الناس عن حجية الكتاب والسنة. وساق المؤلف دليلا آخر من الكافي يوجد في الجزء الثاني ص 634 للطعن في صدقية المصحف المتداول بين المسلمين ، فعن سالم بن سلمة قال : " قرأ رجل على أبي عبد الله وأنا أسمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرأها الناس ، فقال أبو عبد الله : كف عن هذه القراءة ، اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام القائم قرأ كتاب الله عز وجل على حده . وأخرج المصحف الذي كتبه علي وقال : أخرج علي إلى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال : هذا كتاب الله عز وجل أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم وقد جمعته من اللوحين ، فقالوا : هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه ، فقال : أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا إنما كان علي أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه " ويعقب المؤلف بقوله : هكذا وبكل بساطة تنتهي قصة القرآن وبمشهد تمثيلي مثير. ويسوق المؤلف رواية أخرى في الكافي الجزء الأول ص 228 مفادها أن أبا جعفر قال : " ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب والأئمة بعده " . ويذكر المؤلف أن هذا القرآن المنسوب لعلي والأئمة من بعده والمخالف للقرآن المتداول بين الناس منذ عهد النبوة إلى اليوم فيه أن سورة الكافرين شملت ذكر اسم سبعين رجلا من قريش ، وأن هذا القرآن ثلثه نزل في آل البيت وفي عدوهم ، وثلث في السنن وثلث في الفرائض والأحكام كذا جاء في الجزء الثالث من الكافي ص631 . وساق المؤلف آيات من هذا القرآن منها :" يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا في علي نورا مبينا " الكافي الجزء الأول ص417 . وذكر المؤلف أن الكافي يذكر في تفسير قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) أن المقصود بأولي الأمر على حد قول منسوب لأبي جعفر هم آل البيت الكافي الجزء الأول ص276. ومن نماذج قرآن علي : " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم " تحريفا لقوله تعالى : ((أن تكون أمة هي أربى من أمة )) . ومما جاء في قرآن علي أيضا : " وإذا المودة سئلت بأي ذنب قتلت تحريفا لقوله تعالى : (( وإذا المؤودة سئلت )) جاء التحريف في الجزء الأول من الكافي ص 295 . ومثل هذا التحريف جاء في الجزء الأول ص 412 وهو " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم وأن محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين" ومما جاء في الجزء الأول من الكافي ص 414 :" ومن يطع الله ورسوله في ولاية علي وولاية الأئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما " . ومما جاء في الجزء الأول من الكافي ص 416 : " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم فنسي " . ومما جاء في الجزء الأول من الكافي ص 417 : " بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله في علي بغيا " . ومما جاء في الجزء الأول من الكافي ص 417 أيضا : " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي فاتوا بسورة من مثله " ومما جاء في الجزء الأول من الكافي ص 418 : " كبر على المشركين بولاية علي ما تدعوهم إليه من ولاية علي " ومما جاء في الجزء الأول من الكافي ص422 : " سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي ليس له دافع " . ويسرد مؤلف كتاب " هذا هو الكافي للكليني " آيات أخرى من المصحف المنسوب لعلي كلها في الجزء الأول في الصفحات :423/424/425/438 . ويستغرب المؤلف إيراد الكليني لحديث منسوب لأبي جعفر جاء فيه : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة لعنتهم وكل نبي مجاب الدعوة : الزائد في كتاب الله ، والتارك لسنتي ، والمكذب بقدر الله ، والمستحل من عترتي ما حرم الله ، والمستأثر بالفيء والمستحل له " ويذكر المؤلف أن ما فعله الرافضة مما جاء في الكافي مماثل لتحريف اليهود للتوراة ، وتحريفهم إنما هو تحميل نصوص القرآن ما لا تتحمل من تأويلات كذبا وافتراء على آل البيت لمناصرتهم وفي حبهم على حد زعمهم حتى يصير على سبيل المثال كما جاء في الجزء الأول من الكافي ص 374 تأويل قول الله تعالى : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن )) فنسب لموسى الكاظم أنه سئل عنها فقال:" جميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر والباطن من ذلك أئمة الجور ، وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر والباطن من ذلك أئمة الحق " . ومما جاء في تأويل قوله تعالى : (( الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كـأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء )) فتأويل الرافضة لنور الله هو أن فاطمة مشكاة ، والحسن مصباح والحسين الزجاجة . وفاطمة الكوكب الدري بين نساء الدنيا ، ونور على نور يعني إمام بعد إمام. ويؤولون قوله تعالى : (( أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض )) بأن الظلمات هما الأول وصاحبه أي الصديق والفاروق ويغشاه موج هو الثالث ذو النورين ، من فوقه موج هو الثاني ، بعضها فوق بعض هو معاوية . وهكذا يتم العبث بكتاب الله عز وجل في تأويلات بليدة بعيدة عن الحقيقة من أجل تبرير عقيدة فاسدة ويصير بذلك كل كلام الله عز وجل يدور حول خلاف علي ومعاوية رضي الله عنهما وهذه منتهى البلادة. وبهذه التأويلات وهي منهج الرافضة في التعامل مع القرآن الكريم لا شيء يكون كما أنزل الله وكما فهمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهمه لأصحابه وإنما هو تأويلات تدور حول آل البيت وصراعهم ضد بني أمية بكل تعسف وتمحل. وقد ذكر منها المؤلف العديد مما ورد في الجزء الأول من كتاب الكافي حجة الرافضة ومرجعهم الأول . وإلى حقلة أخرى إن شاء الله تعالى مع هذا المؤلف الفاضح لفساد عقيدة الرافضة من خلال فضح ما في كتاب الكافي للكليني .
وقفات مع كتاب : " هذا هو الكافي للكليني " لصاحبه د . طه حامد الدليمي بقلم: محمد شركي
تاريخ النشر : 2010-10-26
