حمرة الأزقة العتيقة بقلم:نيروز قرموط
تاريخ النشر : 2010-07-28
حمرة الأزقة العتيقة

للحرية في حب الانسان لوحات كبرى ترسمها منحنيات صغرى كأنها الرمان , حبيبات ناعمة تلمع الأحمر نبيذا طازجا يتعتق بين ألمسيات في حويصلاتها كؤوس غارقة فوهاتها إلى الأعلى مفتوحة شاخصة , والنبيذ يقطر , قطرات عتيقة بحداثة الرمان لامعة , والحويصلات تتسع لتنغمس كل الملذات كانها الكأس في أسفله سر الحداثة العتيقة ملجأ , و خيوط براقة كأنها الوشاح تلتف وجها بعيدا , ملامحه عميقة , كعتق الرائحة تنتظر من يشتمها رؤية , ويكشف السرخلف الوشاح يختبئ المخمل لا يقوى الظهور من بين الخيوط لكنه يظهر , و يظهر , غامقا , ثقيلا , قاسيا , متهادلا , ضيقا متسعا كبيرا يكسو ظلال الزقاق البعيد في عتم الليل ليظهر الخيوط متلألاة ساطعة , و المخمل يبيتعد , والخيط يقترب , والوجه يبدو كأنه القمر يداعب عتم الزقاق ظلالا , والظل يعلو , لتصنع عينك ظلاله , ويسقط نظرك من أعلى إلى أسفل , لتتفاجأ بمنحنيات ترسمها عيناك , إنه الجسد في حرارته تثلج برودة الظل , ويتبعثر العتم ليلتهب المخمل , وتنطلق خيوطا عبر الأزقة لتلتفه وشاحا بعيدا واسعا يتسع كل الظلمات لهيبا لكنه باردا ثقيلا , والأزقة تكبر , والجسد ينضج , والمخمل يبقى عتيقا ثمينا غاليا إنه آثارا بعيدة راسخة قديمة بليونة خيوطها وبساطتها لكنه المخمل يتسع , و الجسد يانع ناضج طازج في لونه حمرة النبيذ و المخمل العتيق , والخيوط تبيض وتلمع , كخيوط ماسية تعبر الأزقة لترسم الطريق , لكفة قدم رقيقة لتعبره حافية و لكنها مخملية , جسدها يمتشق الثوب إلى أعلى , ويشده عاليا إلى فوق , و الأصوات تلتف تتشابك كأنها الفجر صلوات ترنيمات تنهيدات , والضوء يشتق طريقه إلى الوجه الحزين ليضيء نصفه , وإذ به المخمل العتيق , والنصف الآخر يلتفه الوشاح لكنه أبيض مشرق به من الصباء والبهاء ما يظهره خلف الوشاح قريبا آتيا نحو البلدة القديمة هو القافز على درجات قديمة تتكسرها حجارة ثمينة على أرض هي الثقيلة بأمة غامقة تنتظر الجسد يقترب , و بقترب ليرى ألوانا فاتحة تمحى الغمقة لترسم غمقة جديدة , بكفة قديمة حديثة لكن رقتها قديمة , و منحنياتها تتراقص بين أزقة لا تشبه بعضها , ولكنها ثمينة , والأزقة تمتد , والظلام حالك , والجسد وحده مضيء , هو السراج لبركات تستهل أشهر عتيقة لكنها باقية يحتفل بها كأنها حديثة , تشتد الصلوات , و الجسد عبادة , ليتناثر ضوء السراج , ويضيء , البيوت العتيقة , وتبدأ الأصوات , لتسمع طفلا يبكي , وعجوزا تضحك , و رجلا ينادي , والجسد يقترب , و المخمل باق , والخيوط تتباعد , وتمتد , و ترسم أزقة طويلة قصيرة رائحتها تشتد نبيذا , ليشربه الطفل قوة , والرجل لذة , العجوز على لسانه , وفي أنفاسه رائحة ما يشربون , يريد شربه , لكن الرائحة في عقله أقدم , ولا يريد شرب المزيد , لكنه يريد للرائحة أن تشتد , و يسير الجسد , أصبح يلوح لكل من غادرالبيت إلى زقاق قديم , ليلتفونه جميعا , وتسدل عليهم خيوطا ناعمة و المخمل فوقهم وتحتهم هو الثمين , رغم أنفاسهم الطائرة , فهي لن تتهاوى والمخمل أسفلهم , وأعلاهم , و يتثاقل المخمل , و تزداد أنفاسهم خفة للتطاير فوق نحو الصلوات , الترنيمات لاتقوى النزول فالمخمل يحملها , ولكنها تحلق , وتحلق , و الأحمر يتناثر دما ثمينا كحمرة المخمل , و خيوط بيضاء تلتف الأجساد , و الآثار تبقى لكنها تسير والجسد معها , لترسم خارطة هي حواف لدنة أطرافها حادة , ضفافها مياه حمرتها الجسد يسير على أرضها , و الجسد ينضج و الجمال يبهر , لكنه يسير , والأرض باقية مرصعة تحت كفة قدم لم تتعب , فهي ما زالت تنير , وتنير , و القباب أعلى المسير , والنقوش تظهر على الجدران خلف الجسد تستنير , و الضوء على الجدران وشحات تكبر , وتكبر , والجسد يسير أنفاسه تعلو إلى السماء يفتش عن قلب أحمر يانع يبدأ خلفه المسير , ويكمل للأرض زقاقا يلتفه مخمل هو كالحرير .
نيروز قرموط