لماذا يختار العرب المسيحيون أسماء أجنبية؟
بقلم عبير كايد من واشنطن/ Abeer Kayed
لقد لفت نظري هذا الشيء منذ فترة و اليوم قررت أن اكتب عنه وبعد قراءة ملية، علي أجد من يرد علي أو من يكون لديه نظرة مغايرة ليقنعني و قد تقودنا إلى منظور أوسع واشمل وبالتالي أعمق لفهمها وتجاوزها، وبالتالي لنتدارك النتائج المستقبلية التي ستتمخض عنها هذا الاختيار الإرادي أو المفروض من لهذا المسلك المتبع من قبل إخواننا المسيحيين في الشرق الأوسط. بداية، لا يوجد تعريف لما هو عربي حتى الآن بالرغم من أننا" عــــرب"، واعلم أن بعض العرب سيغضبون من هذه النظرة النافية للهوية العربية، أنا لا انفيها ولكن أتساءل اليوم ما معنى أن تكون " عــربي"؟ أو ما يسمى بالهوية العربية وهذا مختلفاً تماماً عن القومية العربية فقط للتنبيه. ولكن لماذا نسمي أنفسنا بعرب؟ لم أجد أي جواب مقنعٍ لغاية الآن؟ ولكن على الأرجح لأن لساننا ينطق بلغة الضاد أي العربية وورثنا الثقافة العربية منذ زمن بعيد، و أجيال تتبع أجيال كما يقال. وبالرغم من ذلك فالفرس و الأتراك قريبين جدا منا وهم ليسو عرباً أصلاً، فهم قريبين في العادات و التقاليد و الفن، وكذلك الترابط العائلي واحترام الوالدين وطاعتهما، ومكانة الجد والجدة، و كذلك محبة الجار ووده و المشاركة في المناسبات الاجتماعية و الافراح و الأتراح، و الرقص و الغناء و الموسيقى، و" الحنية العربية" التي لا مثيل لها، وحتى طريقة ما نسميه بالعامية" أن ينهض لمؤازرة جاره ويفزع لصديقه ويساعده الخ...، وستقولون بان هؤلاء مسلمين، لذا لدينا ثقافة واحدة ومشتركة وهذا ما يقوله الجميع، ولكني لا أشاطركم الرأي ولي الحق بذلك ، بالطبع لا، لان الثقافة الإسلامية الموجودة في باكستان وأفغانستان وطاجاكستان وكل دول البلقان المسلمة و اندماجها بالثقافة المحلية هناك، مختلفةٍ تماماً عن الثقافة العربية ، ولا تشبه الثقافة الإسلامية العربية، ، لان هناك ثقافة شاملة لأهل الشرق الأوسط و شمال إفريقيا معاً، فالمسحيين الأتراك و الإيرانيين و حتى يهود المغرب ، يغنون ويرقصون على الطريقة العربية، ويحتفلون بحفلات الزفاف على غرار ما نسمي أنفسنا كما" العرب" بحمل العريس و العروسة و الزغاريت الخ.... ولكن كيف يمكننا تفسير ذلك. على سبيل المثال، انظر إلى العرب اليوم، أصبحت المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية جزء من أحاديثهم ورضائهم عن الأتراك لان كما يقول مواطن عربي" والله انهم زينا ها الأتراك" ، الجميع اليوم يتحدث عن المسلسلات التركية وكأنها جزء منها لا يتجزأ من الهوية العربية، هل الأتراك عرب على الرغم من رفضهم القاطع لهذا الانتماء؟ ولا يتشرفون بذلك حتى، على غرار الإيرانيين.
وألان هل مسيحيو الشرق هم عرب؟ نعم وبالفم المليان، آبوا أم قبلوا فهم عرب، فمسيحية لبنان رحلوا إليها بعد خراب مآرب في اليمن، وكما يقال أصل العرب من اليمن لو أردنا ان نتبع هذا القول السائد. ومسحية فلسطين هم من اتبع المسيح و عيسى ابن مريم عليه السلام ولد في فلسطين التاريخية ، أي ليسو متطفلين ولا غربان عن أرضهم. فالجميع يعلم انه قبل مجيئي الإسلام إلى الشرق الأوسط كانت هناك ديانتي: اليهودية و المسحية، وبعث الله الرسول محمد( ص) لكي يبشر بالدين الإسلامي ويكون خاتم الرسل. والإسلام ، دين التسامح و المحبة واحترام الأديان الأخرى، كما قال عز وجل وجاء في القران الكريم، الاعتراف الكامل بأهل الكتاب وهم اليهود و النصارى ولا يحرض عليهم كما يدعي بعض الكتاب الغربيين و الساسة و المستشرقين، الذين يسعون حثيثا للتفرقة وزرع ثغرات حقد بين المسحيين و المسلمين و اليهود، ولكن اليوم بحكم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أصبح الإسلام "كدين أصحابه عــرب" على المحك لعدة السباب يطوح شرحها.
لقد عشت في المملكة العربية السعودية ورأيت بأمة عيني ، إفراد من( هيئة الآمر بالمعروف و النهي عن المنكر) يضربون العمال الفلبينيين وكان ذلك في الثمانينات بسب ارتدائهم لصليب حول أعناقهم، يا أخي آية بالقران تبوح ذلك التصرف الهمجي من قبل أئمة دين ؟ اليوم أوجه هذا السؤال إلى هيئة علماء المسلمين أهل هذا هو الإسلام؟ طبعاً ناهيك عن التوقيف و الحجز للأيام وأشهر والحرمان من الاتصال بأحد، هذه التصرفات غير الأخلاقية كانت ترتكب بحق المسحيين بسبب :تزينهم لبعض الزوايا في داخل بيوتهم بمناسبة ميلاد المســح عليه السلام. او ارتداء الصليب أو عدم الصلاة خلال أوقات الصلاة في الأماكن العامة و خلال شهر رمضان العقوبة بالسجن والجلد. لقد افسد هؤلاء مظهر الإسلام كدين جميل ووسط في العالم بأسره، هؤلاء الذين يدعون الإسلام. نادهيك عن إخفاء المسحيين ديانتهم لتجنب التمييز و التوبيخ وبعض الأحيان الحرمان من العمل و الترحيل النهائي من قبل السلطات السعودية. وفي بعض الدول العربية كمصر، يحرم الأقباط من ترميمي مساجدهم ومن الوصول لأي مناصب عليا في الدولة فقط لأنهم مسحيين.ألا يحق لهم بعد ذلك الخروج حتى عن دينهم و البحث عن أسماء لا تشبه العرب ويتوددون للغرب؟
لماذا تساعد فرنسا لبنان منذ العهد نابليون إلى اليوم، ومن وضع الدستور اللبناني وقال أن رئيس الدولة يجب أن يكون ماروني و رئيس مجلس الوزراء مسلم شيعي ورئيس الحكومة مسلم سني. الم ينجح هذا النظام وبحق المحافظة على حقوق مسيحيو لبنان. ولكن المعاملة السيئة و المهينة التي يتعرض لها مسيحيو الشرق هي السبب المباشر لالتفافهم حول الدول الغربية لحل مشاكلهم الداخلية؟ ام لديكم جواب آخر، وتسمع بعض المسلمين من
وهذه معلومات إضافية لإبراز التسامح الإسلامي المسيحي و حسن معاملة مسحيين الشرق خلال الخلافة العباسية:
كنيسة المشرق الأشورية:
تُعد كنيسة المشرق الاشورية من الكنائس القديمة بعد اورشليم وانطاكية، يعود منشأها إلى المنتصف الثاني للقرن الأول حيث قد بُشرت بالايمان المسيحي بواسطة الرسول تداوس (اداي) وتلميذه مار ماري، ولذا كانت تُعرف باسم كنيسة مار ماري.تركزت الكنيسة في بادئ الامر إلى الجنوب من العاصمة الفارسية القديمة، قسطيفون، في مكان يُدعى بالاشورية KOKHEأي الاكواخ.
بقيت كنيسة المشرق الاشورية ثابتة وقوية، تمتد إلى الشرق من اوروشليم حتى تركيا، اورهاى، نصيبين ،قيسارية وفي كل الامبراطورية الفارسية الممتدة إنذاك إلى الهند.
برغم اضطهاد الامبراطورية الرومانية للمسيحية ما قبل عام 313م حظيت الكنيسة بالسلام في ارجاء الامبراطورية الفارسية في ظل الملوك البرثنيين.
عاش المسيحيون حتى نهاية القرن الثالث في جماعات يرأسها اساقفة وتربطها العلاقات بانطاكية.
بخصوص كنيسة المشرق سرعان ما اخذ نفوذ اسقف المداين في الازدياد، حتى اعتبر نفسه المسؤول الأول عن اخوته اساقفة المشرق وتبنى لقب جاثليق ويعنى " العام" أو "الشامل".
قد تبنت كنيسة المشرق لقب بطريرك الذي هو في الاصل يوناني وكان يمنح لأسقف روما –القسطنطينية –الإسكندرية –انطاكية وخصوصاً من بعد انعقاد المجمع الخلقدوني سنة 451م.
في عام 286م تبنت الامبراطورية الفارسية الزردشتيه ديناً للدولة فيها. بما انه تم الاعتراف في عام 313م بالايمان المسيحي رسمياً في الامبراطورية الرومانية التي كانت عدواً للامبراطورية الفارسية، بدأت موجة اضطهادات سفكت فيها الدماء وراح ضحيتها الكثير من الشهداء، ولاسيما في الفترة الواقعة في 339-379م تحت حكم الامبراطور شابور الثاني " فترة الاظطهاد الاربعيني"، الذي خلف وراءه مئات الالاف من الشهداء عرفوا باسم " شهداء المشرق" من بين الشهداء البطريرك مار شمعون برصباعي 320-341م. لقب بر صباعي ـ اي ابن الصباغين أو من ال صباغ ـ فيقال إنه اطلق على الأسرة لكونهم يقومون بصبغ الحرير والثياب الملوكية" ،مات شهيداً على يد الملك الفارسي بعد أن رفض الخضوع للملك وعبادة النار والشمس، عندها بدأ الشعب يلجأ إلى جبال هيكاري، روسيا وتركيا هرباً من الاضطهادات والفناء.
برغم هذه الفترة الصعبة التي مرت فيها كنيسة المشرق لم يتوقف عطاؤها من قديسين وعلماء تركوا أثراً كبيراً في مضمار العلم والآداب والتراتيل ونخص منهم بالذكر البطريرك مار شمعون برصباعي، يعقوب افراهاط الملقب بالحكيم الفارسي، افرام الملفان الذي ترك للكنيسة الكثير من المؤلفات والمصنفات الادبية واللاهوتية.
بعد أن عم السلام وانتهى عصر الاضطهاد الدامي الذي كان يرمي أن يقضي على المسيحية ويفنيها ،بدأت مرحلة جديدة في الكنيسة وهى مرحلة المجادلات اللاهوتية، فقد دار جدال حول الثالوث – سر المسيح الاله المتجسد، حتى أن آريوس قال أن الابن مخلوق وغير مساوٍ للآب، ودار خلاف آخر حول لاهوت الروح القدس. لم تقف الكنيسة مكتوفةِ الايدي أمام هذه الجدالات والبدع بل دافعت ووضعت قانون الايمان وأعلنت لاهوت الابن بأنه مساوٍ مع الاب في الجوهر في مجمع نيقيه عام 325م، لاهوت الروح القدس في مجمع القسطنطينية عام 381م.
في عام 428م انتخب نسطوريوس بطريركاً على كرسي القسطنطينية وقال أن مريم العذراء ليست أم الله بل ام المسيح لذا فقد وقع خلاف بينه وبين كيرلس بطريرك الإسكندرية
بعد عام 634م دخل العرب البلدان والمدن وبدأو بنشر الإسلام، عندها اتحد الاشوريون المشتتون مع الملوك العرب في المناطق الخاضعين لهم فيها.
نَعِمَ مسيحيو المنطقة الشرقية بنوع من الهدوء في ظل الخلافة العباسية، وكان قد أنتقل كرسي البطريركية من ساليق، قسطيفون إلى بغداد.
من ابرز البطاركة في زمن الخلافة العباسية البطريرك طيمثاوس الذي لقب بجليس الخلفاء على اثر لقائه بالخليفة المهدي في بغداد لمناقشة امور ايمانية ولاهوتية عديدة.
عاش الاشوريون بسلام مع الحكام المسلمين حتى عام 1258م، عام هجوم المغول على بغداد بقيادة هولاكو. فساد المنطقة جو من الذعر والسلب والنهب والحرق مما أضطر المسؤولين على نقل كرسي البطريركية إلى الجانب الغربي من بغداد العاصمة.
كما عاش المؤمنون في جبال هكياري بجوار الاكراد تحت سلطة الإسلام والاتراك حتى الحرب العالمية الأولى، وكان قد مر ثمانون بطريركاً على رئاسة الطائفة حتى ذلك الحين.
من بعد وفاة البطريرك شمعون السابع الذي كان يقيم في دير ربان هرمزد وبالتحديد في عام 1551م حدث انشقاق في الكنيسة واتحدت مجموعة منهم مع روما بشكل خاص كاحتجاج ضد مبدأ الوراثة المحصور في عائلة واحدة الذي أدخل إلى منصب البطريركية منذ نهاية القرن الخامس عشر وهكذا نشأت الكنيسة الكلدانية.
بالنسبة لكنيسة المشرق في الهند ، فقد صارت علاقتها مع البطريركية الشرقية أكثر تفككاً أثناء القرنين العاشر والحادي عشر لأنه كان من الصعب الوصول إلى هناك.
في عام 1896م صار للكنيسة اساقفة محليون من ابنائها وبعد مرور 27عاما من هذا التاريخ نشأت رئاستهم المنفصلة وقد عرفوا بـ " بكنيسة مالابار السريانية "وعددهم حوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون وفي عام 1993م صار عندهم رئيس اساقفة على المسيحيين غير الكاثوليك في الهند إنقسموا إلى عدة جماعات :
" اليعاقبة" كانوا مالاباريين سرياناً حتى عام 1665م ومع مرور الوقت تبنوا ليتورجيا السريان الغربيين الانطاكيين. اما الذين فصلوا أنفسهم عن اليعاقبة في اوقات مختلفة فهم الانجوريون 1772م الانكليكان1864م المارثوميون 1876م كل هؤلاء ماعدا الانكيليكان المشمولين مع الكنيسة الهندية الجنوبية يستعملون الليتورجيا السريانية.
يعيش الاشوريون مبعثرين في أنحاء العالم خصوصاً من بعد المذابح الأخيرة ضدهم والتي جرت في العام 1915م وراح ضحيتها ما يقارب النصف مليون اشوري والتي اجبرت الاشوريين إلى الابتعاد نحو جبال الهكاري. يحاول الاشوريون المحافظة على ايمانهم وثقافتهم ولغتهم تحت رعاية بطريركهم.
هل المسحيين العرب عرب؟ بقلم عبير كايد
تاريخ النشر : 2010-07-22