سلاما حنظلة بقلم:عبد الكاظم العبودي
تاريخ النشر : 2010-07-02
سلاماً حنظلة
عبد الكاظم العبودي
اللجنة الاعلامية للقدس في الجزائر
ظلت العقدة الصهيونية تزرع الخوف في أوصال اليهود الذين استدرجتهم إلى ارض فلسطين ليكونوا هم نارا وهشيما لمجتمع استيطاني عنصري مستنبتٍ بالقوة على أرض الأنبياء والرسل, وحال قيام الكيان الصهيوني عام 1948 على الأرض الفلسطينية المغتصبة قطعت الحركة الصهيونية الطريق على أتباعها من العودة إلى أوروبا من حيث أتوا بعد اكتشاف مراميها بالتلويح المستمر باحتمال عودة اشتعال أفران المحرقة وأكذوبة الهولوكوست النازي في أوربا, واستغل الصهاينة شعار المحرقة إلى أقصى الحدود الإعلامية ليصبح هاجسا مرعبا ومركبا نفسيا في الذات الصهيونية واليهودية الاستيطانية لردع أي محاولة للارتداد من جانب قطعان المستوطنين للعودة من حيث أتوا إلى بلدانهم الأصلية. كان البحر وموانئ إسرائيل ولا زال مفتوحا لمن يرغب أن يستدرك فداحة جرائم المغامرة الاستيطانية لليهود في احتلال ارض حرة، ومحاولة إزاحة شعب عريق من الوجود عليها.
وبعد اعتذارات حكومات أوربا المنتصرة أو المهزومة بعد الحرب العالمية والإصابة بعقدة الذنب المستديمة بهاجس المحرقة النازية سعى الجميع إلى طمأنة اليهود بالحماية الدولية والدعم الاقتصادي وتوفير التسليح الأحدث للكيان الصهيوني بما فيه الأسلحة النووية, ثم حولت الحركة الصهيونية مصادر الترهيب والتخويف السابقة لسكان دولتها من شعار المحرقة إلى التخويف بالمغرقة أي بالتلويح أن العرب والمسلمين الزاحفين يوما من شرق نهر الأردن، عبر الضفة والقطاع سيرمون اليهود في البحر.
وهكذا صارت عقدة المحرقة متلازمة مع صور المحرقة، وفي كلتا الحالتين لا وجود إلا للخيار المر أمام المستوطنين شذاذ الآفاق, إلا وهو في احتمالية الموت غرقاً لهؤلاء المغامرين في غزو فلسطين في عرض البحر، رغم ضعف العرب العسكري ، واستمرار إهمال المجتمع الدولي لمـأساة الشعب الفلسطيني، وتعمق معاناة اللاجئين من أبناء فلسطين لأكثر من ستة عقود متتالية.
ومع استمرار وتصاعد الهجمة الصهيونية وحروبها على الشعب الفلسطيني الأعزل اكتشف العالم متأخراً أُكذوبتي المحرقة الأوربية والمغرقة العربية، وتكشفت تدريجيا فظاعة وجرائم وأحقاد الصهيونية العالمية، التي لبست دوما ثياب الدولة المستكينة التي تنشد السلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، والمتطلعة إلى التعايش والتجاور مع العرب من خلال السعي إلى التطبيع ونسيان جريمة القرن العشرين المتمثلة في إبادة وتشريد الشعب الفلسطيني وتجاهل معاناته المستمرة.
كان شاهد هذه الجرائم بامتياز قلم وريشة الفنان الخالد ناجي العلي الذي ولد وعاش كل سنوات النكبة والتشرد واللجوء، ولد الشهيد ناجي العلي وفي ذاته جنين الشعب الفلسطيني المتمثل في حنظلة, تلك الشخصية التي قرأنا صرخاتها وآلامها وذقنا معها طعم مرارات هزائم أُمتنا ونكسات أنظمتنا وتراجع حركتنا الوطنية,
في كل رسومات ومعاناة الشهيد ناجي العلي لم نر وجه حنظلة، إلا وهو يستدير بوجهه خشية أن يرانا أو نراه، هكذا أراده ناجي العلي غاضبا يشيح بوجهه عنا,
هذا الاسبوع يطل وجه حنظلة مرة أخرى بعد نسيانه الطويل في إعلام العالم العربي، هاهو عائد إلى غزة في رحلة بحرية تسعى لفك الحصار عنها، مع أحرار الإعلاميين الشرفاء الذين أرادوا تكريم ذكرى ناجي العلي ، فجعلوا من اسمه عنواناً لسفينتهم، وأعادوا إليه وهو في قبره البعيد في بريطانيا، حلمه الذي أورثه حنظلة, بالعودة إلى فلسطين.
هؤلاء الإعلاميون الأحرار يعرفون حجم التضحية المنتظرة طالما أن الصهيونية وجيشها الحاقد على الحرية سيستخدمان خيار المحرقة أو المغرقة أو أسر السفن والتوجه بها إلى مرفأ أسدود الفلسطيني القديم الذي يسمونه وفق المرحلة أشدود, طالما أن العالم مازال مُضللاً,
بالأمس القريب كان نصيب سفن مرمرة وراشيل هو الأسر الصهيوني ودفع ضريبة الحرية دما ودموعا وشهداء، ولم تُعاقَب إسرائيل، ويقيني أن مرارتنا ستكون أكثر مع حنظلة عندما تصل سفينة ناجي العلي إلى شواطئ الأرض المحتلة، وسيكون حنظلة هذه المرة من رياس البحر فوق سفينته ربانا وهاديا, وجهه يتشوق إلى رؤية ملامح غزة، كم من السنين مر عليك يا وطني، وكم اجتزتَ من المحارق والمغارق.
اللجنة الاعلامية للقدس في الجزائر
[email protected]