قصتي مع هديل .. الحلقة التاسعة .. بقلم الرحالة العربي ابن الجبيلي
تاريخ النشر : 2010-06-16
قصتي مع هديل .. الحلقة التاسعة .. بقلم الرحالة العربي ابن الجبيلي


من سلسلة قصص وتجارب على حلقات

الحلقة التاسعة

مرت هديل بأيام عصيبة ومتوترة وإحتارت كيف تتعامل بحزم مع العصابي الموتور زين . فمن جهة كانت رغبتها الصادقة بعدم إيذائه والإستعانة بسلطة القانون لحماية نفسها من جنونه وأهوائه المزاجية الحادة ومضايقاته لها تمنعها من المبادرة للقيام بردة فعل حاسمة ضده لأنه الوحيد لأسرته وهي تدرك بطبيعتها الطيبة والبسيطة أن أي عمل تلجأ إليه عبر الإتصال المباشر برقم الطوارىء وتقديم شكوى عاجلة للشرطة يمكن أن تؤدي إلى تعقيدات قد يدفع أهله ثمنها كمعيل وحيد لهم وخاصة أنها تعرف أهله جيداً وتتذكر علاقتها بجدته التي تحبها وتعطف عليها . ووالده الذي كان يمنحها شعوراً متميزاً من الإحترام كصديقة جديدة للإسرة . وهي تعرف أن أهله لاذنب لهم بسلوكياته المتهورة وملاحقاته لها في كل مكان . لهذا كانت تحرص على عدم إدخاله السجن لسوء تصرفاته معها كي لاتحرمهم من دخل عمله في محطة الوقود في مدينة الساوث فيلد وتحمل مسؤولياته إتجاههم . ولكن زين شخص أحمق وغبي ولايفهم لغة الحوار والتعامل اللطيف . وطبيعته الحيوانية الهائجة تؤهله لممارسة العداونية والعنف والجريمة في كل وقت . إنه يستهتر بكل شيء لايحقق إرضاء غروره الطائش حتى لو أدى الموقف إلى مأساة لأسرته . فكلما طلبت منه هديل الإبتعاد عنها والإهتمام بحياته وأسرته ورغبة أهله في تزويجه كي لاينقطع نسلهم . يصر بالمقابل على تهديدها وإستغلال واقعها . والقول المأثور عن الحمقى يؤكد إنتماء زين الفطري لمعانيه ( لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها ) إنه مزيج من شخصية المريض نفسياً والموتور عاطفياً والمتعصب لذاتيته المفرطة عقلياً . كانت ثقته الضعيفة بنفسه لاتساعده على فهم أسس الحياة وقيمها النبيلة وألوانها ومسؤولياتها . وخيانة حبيبته له نتيجة عجزه تجعله يتمسك برهافة إحساس هديل العاطفي وأنوثتها الطاغية لتنسيه إضطراباته الداخلية العميقة . ولأنه قد نشأ في بيئة غير سوية وراثياً وتعاني من بعض الأمراض فهو غير مدرك لأبعاد أعماله وحركاته وردات فعله الطائشة . حاولت هديل الإستعانة بإمرأة كانت قد تعرفت عليها في ديربورن وهي من مدينة فلينت في شمال ميشيغان والتي تتشارك المدينتان بالإنتماء إلى جغرافيتها . وكانت مارتا وهي من جبل لبنان من النوع الذي يعطيك من طرف اللسان حلاوة ليحقق مآربه بذكاء فطري خبيث . وقد إكتشفت مبكراً طبيعة الظروف التي أحاطت بحياة هديل الريفية وفقر ثقافتها وتعليمها وتجربتها . فبدأت تعرض عليها أفكار المرأة المتحررة من كل الضوابط الإجتماعية وتساعدها على إكتشاف طاقاتها كإمرأة تستطيع بالحرية المباحة أن تطور في أعماقها فهم لغة الجسد . وعرفت بحدسها أن هديل متعطشة للخروج من قيودها وعلاقتها المتأرجحة مع زوجها بسام . عرضت عليها أساليب العلاقات الإباحية الجنسية وطرق إغراء الرجال . وتقنيات الحصول على قمة المتعة في تعامل الجسد مع الطرف الآخر . وهديل مأخوذة بهذه المعلومات والخبرة التي لم تكن تجيدها . مما كان يؤثر في إحساس بسام بأنها غير قادرة على منحه دفء الشعور بحرارة جسده . وكثيراً ماكانت مارتا تحكي قصص تجاربها الجنسية مع عدد من الرجال الذين عرفتهم في حياتها قبل الزواج بأكرم الذي ساعد هديل على الترجمة في جلسة الحصول على الطلاق من زوجها العابث بأمن عاطفتها وكرامتها الأنثوية . كانت مارتا قد أقامت مع زوجها قبل ذلك بأحد فنادق المدينة وقد حصلا على مساعدات مالية متراكمة من هديل على أمل تعويضها عن ذلك وشاركاها مائدة طعامها مع زوجها بسام لخمسة شهور كونهم يبحثون عن فرصة إستثمار في الولاية . وأنهم يملكون أموالاً سوف يجلبونها من أحد بنوك الإمارات العربية المتحدة وقيمتها تتجاوز المليوني دولار أمريكي . وهو أمر يحتاج إلى وقت . ولهذا كانوا قد أقنعوا هديل بمساعدتهم على وعد رد الجميل لها ولزوجها الذي فقد في تعامله معهم فيما بعد مبلغ خمسة آلاف دولار قسم منها بشكل دين والآخر بسبب حصولهم على سيارة وقع بسام صك التنازل عنها على أمل حصوله على قيمتها دون جدوى . مما دفعه إلى توجيه اللوم لهديل على ثقتها بهم وتوريطه بمساعدتهم . ولم يكن يعرف يومها بأنها قد تورطت بذاتها وقدمت لهم أساورها الذهبية التي جمعت قيمتها من عملها المضني مع أربعة خواتم ذهبية كان بسام قد قدمها إليها في أوقات متباعدة خاصة حين يسعى لتخفيف التوتر معها وإرضائها لحل مشكلة أو أخرى . كان الإتفاق مع هديل على رهنها مؤقتاً وإعادتها بعد شهرين من محل للمجوهرات على تقاطع شارعي شيفر وفورد حيث يأمل أكرم وزوجته بتحويل المال المذكور إلى أمريكا . وزاد في الطين بلة أن هديل لدى دخولها إلى أحد محلات الهواتف قرب الفندق . تعرضت إلى الحجز القسري لمدة وجيزة كي تدفع قيمة شيك بلا رصيد وقعه أكرم بمبلع مئة دولار لأنها كانت قد دخلت المحل المذكور معهم لدى شرائهم بعد الأغراض منه . وتجنباً لتدخل الشرطة والفضيحة وكون هديل لاتعرف حقوقها القانونية ومحدودة الخبرة في العلاقات العامة وإجادة التخاطب بالإنكليزية قامت بدفع قيمة الشيك المذكورة وكأنها هي المتهمة دون أن تفطن إلى حقيقة هؤلاء الناس من صخب الحادثة ووضوح الفعل المشين . وبطبيعة الحال لم يكن صعباً على الزوجين الصديقين لها !!! من تبرير خطأ صاحب المحل المذكور وأسفهما لأنه لايعرف قدرتهما الشرائية الكبيرة على إمتلاك عشرة محلات مثل محله !!! . ولغة المبررات عند الخبراء لاحدود لها ؟؟؟ . وهديل سريعة التأثر بالكلام لأنها غير قادرة على فهم الحياة الجديدة بعد . وهي مؤهلة بضعفها للإستغلال بكل ألوانه ومتاهاته . وربما تنقضي حياتها دون أن تتعلم التمييز بين الصالح والطالح . وبين الحق والباطل . ألم تسقط في فخ زين الذي أوهمها بأنه مجنون ليلى وأنه العاشق الذي لم يعرف العالم مثله . وكان يردد دائماً على مسامعها جمل لامعنى لها : ( أنا مستعد لرمي نفسي في النهر إن رغبت بذلك ؟؟؟ .( أنت بعد الله عندي ) ؟؟؟ لم تكن هديل تملك القدرة الفكرية على التساؤل والتمييز بين الإنسان الصادق والمحتال . وبين الطيب والخبيث . وبين أصحاب المصالح والنبلاء . لهذا تورطت في كل علاقاتها الضبابية بالخطايا والفضائح وعالم الأنانيات والإباحية . تبحث عن الحب الحقيقي المفقود دون أن تحظى به . ومن حضن إلى آخر كانت تعاني من صعوبة التخلص من آثار علاقاتها . لهذا لجأت إلى مارتا على أمل مساعدتها للتخلص من ذلك المعتوه . ولم تكن تدري أن صديقتها المفترضة تخونها وتساعده سراً على إستغلال نقاط ضعفها وتوهمها بالتضامن معها لتبقيها تحت سيطرتها وذلك لجني المزيد من الأموال من زين مقابل مساعدتها له لحل مشاكله مع هديل . حيث كانت تمده بالمعلومات وتساعده على رسم الخطط لمحاصرتها وتحقيق المطلوب . وتلجأ أحياناً لإثارته بمعلومات قد تجعله يجزي الدفع أكثر بزرعها الشك بمحاولة دخول آخرين على حياتها . وقد شكا أهله لهديل عن شح المبالغ المالية التي بدأت تقل إلى درجة كبيرة تدفعهم للمعاناة من عدم كفاية مصاريف الطعام لهم في بعض الأحيان دون أن يعرفوا سبب ذلك . في وقت حصلت فيه مارتا على مصدر دخل إضافي لها وذلك بالتجارة في المعلومات التي تعرفها عن هديل للمعتوه زين مما ساعده على نشر شبكته المقيدة لحريتها . والمحطمة لسمعتها . والمدمرة لحقيقة ومجاهيل مستقبلها . وهذا ماستنبيء الأيام القريبة عن حقائقه بعد دخول الوافد الجديد أحمد إلى حياتها العبثية التي لاتشبه إلا سوق النخاسة في القرن الواحد والعشرين حيث التجارة بالنساء . ومظاهرمغريات الحياة الماجنة والإباحية والفجور . والمصالح والمنافع الإقتصادية والمادية تطغى على كل المفاهيم والقيم السامية . وحيرة الإنسان بين التمسك بصدق الإيمان بإصلاح الحال . والعودة عن تكرار الأخطاء والخطايا . وبذل الجهد لترميم مايمكن في سبيل حياة طاهرة عفيفة صالحة تحمي مكانة وتاريخ وسمعة المرء في محيطه ومجتمعه . أو الإستمرار في تدمير كرامة الإنسان لذاته وقيمه الإنسانية والعائلية والإجتماعية والوطنية . في واقع تمارس فيه أجهزة المخابرات المعادية لواقع أمتنا العربية أساليبها ومخططاتها لتدمير القيم التي تجمع أهل الحضارة الراسخة والتاريخ العظيم وتسعى لتعميق فرقتهم . وتحط من شأنهم وقيمهم الأخلاقية والتراثية والفكرية والإجتماعية . ولاتألوا جهداً لإفسادهم . و تبذل كل ماتستطيع للسيطرة على الضعفاء منهم لتوجيههم كي يكونوا أداة تزعن لمخططاتها الظلامية بحق العدل والإنتماء للوطن والإنسانية والتاريخ . وكلما وجدت تلك الأجهزة تطوراً في الوعي الثقافي والوجداني لماهية التعامل مع المثل العليا . والعلاقة بين الأرض والسماء عند المجتمع العربي المهاجر ضاعفت الجهد لتشوية القيم الروحية عند المخلصين . فكيف إذا عرفنا أن شبكات الموساد الصهيوني تعبث بأفكار وسلوكيات وواقع أبناء الجالية العربية في مدينة ديربورن . وأن لهم عملائهم وجواسيسهم السابقين والجدد وهم من بين صفوفها . وكم من فتاة وشاب وقعن ضحية الغرائز وعمى الألوان في الحياة . وتشجيع وإشراف العملاء المجرمين . وغياب التربية العائلية . وقد مارسن الجنس تحت عدسات الكاميرات السرية في البيوت والفنادق وسيارات الليموزين الطويلة وغيرها . فكيف بالكاميرات وأجهزة التنصت العلنية المحمولة بين أيدي المشرعين للعهر والإباحية . رواد المرابع الليلية . الحالمين بخمر الحرية تحت سحب الدخان . وأشكال المخدرات والحبوب المهلوسة حتى ساعات الفجر الأولى دون أن يسأل الأهل إبنتهم أو ولدهم . أين كنت ؟؟؟. وبطبيعة الحال لن يسألوا عن العذرية المخطوفة في قيم الشرف والجسد والفكر والتراث الأصيل . فنحن في عالم دين الحرية الجديد بماله ومآله . وكل شيء مباح مادام القانون يحمي . والدستور يشرع . والأهل غائبون . ومادامت الزوجة تستطيع طرد زوجها من بيتها والعكس واقع . والأطفال في حالة ضياع على دروب تشتت الكبار . وغياب المناهج التربوية والمربين . وبين شكل المستقبل للأجيال القادمة . فمن هو المسؤول؟؟؟؟ . يتبع .......