الانقلاب
أحمد الجنديل
اعتادت الذئبة العجوز ، المتهدلة الأذنين ، أن تحتضن حفيدها الصغير ليلا ، لينام في حضن جدته، وهو يشعر بالدف والأمان . وكما اعتادت الجدّة احتضانه ، فانه اعتاد أن ينام على سماع قصة من قصصها الجميلة .
ذات ليلة ، كانت فيها الرياح تهب بجنون ، حاملة معها المطر والخوف ، بدأت العجوز تسرد قصتها على حفيدها الصغير :
كان جدك ذئبا شجاعا ، ولم نشعر بوجوده إلى ما يعكّر صفو حياتنا ، فقد كان يجلب لنا الأمان والطعام في آن واحد .
وفي احد الأيام حصلت معركة ضارية ، بين فصيل الذئاب الذي كان يقوده جدّك الشجاع ، وبين فريق النمور ، وأثناء فترة المعركة ، اخذ منّا الجوع مأخذه ، ممّا اضطّر جدك الالتجاء إلى فصيلة الثعالب في الغابة المجاورة ، التي تعودت على منحه القليل من الطعام ، كان يجلبه لنا ليلا . بعدها غاب عنّا ، ولم نجد له اثر، رغم بحثنا الطويل عنه ، ممّا أحزننا وزاد فقرنا فقرا ، ولكنه بعد عام من اختفائه ، عاد إلينا ، وهو يحمل طعاما وفيرا ، وخيرا عميما .
وقفز الحفيد الصغير من حضن الجدّة ، وصاح فرحا :
وأخيرا ، عاد جدي الشجاع ، وعاد معه الخير والأمان .
هنا ! أطرقت الجدّة العجوز ، وانحدرت دمعتان على وجنتيها الذابلتين ، وأجابت بصوت حزين :
لا ياحفيدي الصغير ، لقد عاد بكل شيء إلا الأمان ، لأنه لم يعد ذئبا شجاعا ، بل عاد ثعلبا جبانا .
الانقلاب بقلم:أحمد الجنديل
تاريخ النشر : 2010-06-15