الكوكب الحادي عشر بقلم:فاطمة الخليل
تاريخ النشر : 2010-06-14
الكوكب الحادي عشر
إلى يوسف أينما وجد وعلى أية أرض , وإلى آلاف الأماني التي لازالت تعرش قرب بابي , وإلى عرش لن يكون إلا لي ألا وهو وطني .. وطني .
حنظلة من بلد المليار شهيد وشهيد

في زمن مترع بالهلوسات , لا بد لأحدنا أن يسوق ولو فكرة صغيرة , تبعده قليلاً أو كثيراً عن زحام الأسئلة .
استيقظ على صوت ملاك صغير يخبره بنبوءته : ستغدو وريث عرش قادم يا صديقي..
ذوت أقمار الفرح في عينيه .. ذوت نوارس حارب كي تبقى في خواطره وذاكرته , شاهد الأم قرب الأب الذي كان يرتل في كتاب قديم كان مدفوناً هناك , فيما كانت أشلاء أخوته العشر تخبره , أنه لن يكون الكوكب الحادي عشر , في قصة يوسف عليه السلام .
كرر نبوءته عليه من جديد وهو يداعبه : ستكون وريث عرش قادم يا صديقي .
ردد والحزن البازغ في ذاكرته يدميه : لا بد وأنك مجنون يا عزيزي لتقول هذا , أذهب وأبحث عن صاحب النبوءة .
جلس الملاك قربه وهو يطالع بقايا احتجاج في عينيه : قلت لك ألف مرة أن حمورابي لا يخطئ في شريعته .
ابتسم وهو يلقي عنه الدثار : لكن حمورابي مات منذ آلاف السنين .. راجع سجلاتك ودعني أغفو قليلاً .
- تغفو .. أجننت لتقول هذا , الكل يحارب بحثاً عن فتات أو ثروة صغيرة , فيما الكنز بين يديك , وأنت لاه عنه وأنت الأمين عليه .
- قلها ولا تخف , لكنه ليس لي حلم يوسف ولا حكمته .. ابتعد عن منزلي .. هيا ابتعد .
- ستندم يا صاحبي .
نظر حوله فلم يجد سوى أشلاء كوخ تهدمت أركانه , فيما كانت ثمة طاولة وسراج شمعة تخبره أنه لن يخسر أكثر مما خسره, : أبتعد أرجوك .. ابتعد عني .
رحل الملاك وفي عينيه ألف احتجاج ,, فيما عاد هو إلى النوم , وقد كان بحاجة لشمعة تضيء هذا الليل الحزين , أكثر من البحث عن عروش الأرض قاطبة , ألحت النبوءة عليه وتركته في زحام الهواجس أن يأرق ,, أثمة حقاً ما يخسره .. ليته أنصت لذاك القادم من السماء .. ليته ألح عليه أن يعرف أكثر .
مرت الساعات وبعد وقت ليس بالقصير طرق الباب عليه , وإذ به أمام صديقه وهو يقدم له رسالة ما .. تناولها بيد مرتجفة : ماذا هناك ؟؟
ردد الصديق : يبدو أن الأم لم تحتمل الصدمة فقضت البارحة .
سقط كوكب جديد في ذاكرته (( ستكون وريث عرش قادم )) وسقطت الشمس والقمر في سراديب تلك النبوءة , و أفاق على صوت المؤذن , يردد : حي على الصلاة .. حي على الجهاد .
وجد نفسه يقلب الصفحات القديمة وهو يرتل قصة هاروت وماروت , ومن بين الأوراق كانت ثمة عرش عرفه منذ أحقاب .. وأحقاب نعم أنه هناك , يعيش في قلبها هناك , ولكم هزته له الأم حزناً وحنيناً وآمالاً وأشواقها الخضر , ترقب ملاك جاءها صباحاً يحدثها عن ميلاد يوسف آخر خلف الأسلاك الشائكة .. وخلف عمر لن يموت بآلاف الحراب , ما دام له عرشها وتلكم الأقمار والنجوم .
كتائب الفتح المبين