كل فى فلك يسبحون بقلم:صفوت صالح الكاشف
تاريخ النشر : 2010-06-11
قال تعالى فى كتابه الكريم ( لاالشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ، ولاالليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون ....) من سورة يس ...
من سياق الآية يتبين بجلاء أن كل من الشمس والقمر ، والأرض التى أتى ذكرها خفيفا تعبيرا مبهرا بالليل والنهار ، كل منهم يسبح فى فضاء الكون ، وأن سباحتهم منضبطة أشد الانضباط فضلا عن كونهم أجراما ثقيلة للغاية بل ولها ثقل لانهائى لعظم كتلها ، ومع ذلك فإنها تسير وتدور وتتحرك بإستمرار ولاتتصادم ، بل أن حركتها جزء أكيد من نظامها ، فلا يتسنى لأى جرم سماوى أن يتوقف ولو للحظة واحدة ، أى أن قانون السير (أوالسباحة) لهو قانون حتمى لاحيود ولامناص عنه .
ولكن كيف تكون هذه السباحة ، ولماذا استخدم القرآن الكريم هذا اللفظ (سباحة) ولم يستخدم مثلا لفظ حركة أو سير ، ماالمغذى الكامن هنا ؟.
لكى نتعرف على أسلوب حركة هذه الأجرام علينا أولا أن نعرف أن الفراغ الكونى خارج الأرض ، بالغ الإتساع والأمتداد ، وإلى مالانهاية ، وبشكل مطلق ، فلايمكن لكائن من كان أن يتخيل مدى عظم أتساعه الأبدى ، وظروفه التى لايستطيع عقل بشرى أن يستوعبها بتمامها . فالعلم يقدم لنا جديدا دائما فى هذا المجال(الفضاء).
ولمحاولة تبسيط الأمر وتوضيحه فهما يسيرا ، فإننا نقول بأن الأرض تندرج ضمن مجموعة من الأجرام السماوية تشكل معا منظومة يطلق عليها المجموعة الشمسية ، تلك المجموعة تشمل نجما هو (الشمس) وهى تمثل واحدا من النجوم المتوسطة حجما ، وهى تعتبر مركزية الوضع فى مجموعتها ، تلك المجموعة التى تضم الكواكب السيارة ، والتى منها عطارد والزهرة والأرض ، فالمشترى ....الخ
ولكن أين القمرهنا ؟ ذلك الذى لم يأتى ذكره سياقا واردا ، للاجابة نقول بأن القمر هو جرم سماوى صغير تابع للأرض بل ويتحرك فى فلكها ويسبح معها فى مسارها الأكيد حول الشمس . ذلك المسار الذى يكمل دورة كاملة كل سنة ميلادية (366/365يوم) .
يحتوى الكون على مكونات أخرى ، كالكويكبات ، والشهب والنيازك ، والمذنبات ، والثقوب السوداء التى يمكنها ابتلاع كل شىء يقترب منها ، حتى أشعة الضوء المعتادة ، فلايمكنها أن تخرج من أسارها نتيجة لمغناطيسيتها..
تتحرك الأرض فى مسارها حول الشمس بسرعة 29 كم / ث تقريبا ، بينما تتحرك الأرض حول محورها _فى نفس الوقت بسرعة 465متر/ ث ( نصف كم/ث تقريبا) ، والمثير للدهشة أن المجموعة الشمسية بكليتها تتحرك أيضا حول مركز المجرة التى نتبعها (وهى مجرة درب التبانة ) أو مجرة الطريق اللبنى ، بسرعة كبيرة للغاية ، وتكمل دورة كاملة حول مركز المجرة فى زمن قدره 12مليار سنة ..
لاحظ هنا أن السرعات التى تتحرك بها الأجرام السماوية سرعات هائلة ، وهذه السرعات هى مايحفظ توازنها علاوة على قوى أخرى من الجاذبية والمغناطيسية الهائلة.
ولما كانت الأرض تسير فى حركتها عكس عقارب الساعة بالنظر إليها من أعلى القطب الشمالى (تماما كحركة الحجيج حرما آمنا حول الكعبة المشرفة ) ، ومع ذلك فإن أتجاه الحركة هذا ليس قاعدة أساس لوجود كواكب أخرى تسير فى أتجاه معاكس ، وهذه مسألة مدهشة ، ومع ذلك فإذا كان للأرض كوكبا تابعا هو (القمر) ، فإن لبعض الكواكب الأخرى أكثر من تابع أوقمر ، بل وإن منها ماله بضع أقمار ، وهذه مسألة مثيرة أيضا ،وكل يتحرك (ويسبح)، فلفظ السباحة هنا بالغ الدلالة والدقة بسبب من أن الفراغ الكونى أو الفضاء الخارجى ، ليس مجردا تماما من المادة ، وهذه الحقيقة قد تم أكتشافها أخيرا ، وبسبب هذه الحركة الحثيثة والأكيدة ، لك أن تتصور أنك تكون معكوس الوضع نسبة لمن يقابلك فى الجهة المقابلة من الكرة الأرضية ، ومن هنا فإن المحيطات بكل ماتحتويه من مياه تكون متعاكسة أومقلوبة الوضع نسبة لبعضها البعض . والسؤال : لم لا ينقلب أو ينسكب ماءها طالما الحال هكذا ؟ وللأجابة نقول بأن هذا لايحدث بسبب من أن الأرض فى حركتها تحتفظ لنفسها بما يعرف بالقوة الطاردة المركزية ، تلك القوة التى تتعادل تماما مع جاذبية الأرض الفذة ، ومن هنا فماءها لاينسكب ، ومع كل هذه العظمة فإن الأثر المنقول يشير بجلاء إلى أن الأرض لاتساوى عند الله جناح بعوضة ، ولوساوت . إذن لما سقى (الله سبحانه) منها كافر شربة ماء ..
ربما تكون قد شاهدت رواد الفضاء وهم يسبحون بداخل سفنهم أو حتى خارجها وقد يتشقلبون بحيث أن أحدهم يكون رأسه إلى الأسفل نسبة للرائى .
من هنا يتبين أنه ليست هناك مشكلة فى الأوضاع (معتدلة أو مقلوبة) طالما انعدمت الجاذبية الأرضية أو الجاذبية فى داخل سفن الفضاء . ولذك يتعين على مرسلى الرحلات الفضائية أن يقوموا بتدريب رواد الفضاء على اجتياز تلك اللحظة ، أى لحظة إنعدام الوزن ، وعلينا نحن أن نشكر الله على نعمائه ، وعلى خلقه للكون العظيم ، والذى نحن جزء من منظومته ..
المراجع / الجمعية الفلكية بجدة
بقلم / صفوت صالح الكاشف
القاهرة _مصر
تاريخ 2010/6/10م