قصة قصيرة
"الدجاجة ضحية البيضة"
بقلم
الكاتب والصحفي
نصير أحمد الريماوي
31/5/2010م
كان رجل بسيط الحال يعيش مع زوجته في سقيفة محاطة بحوش.. ومن صفات هذا الرجل أنه كان أكولاً للبيض البلدي.. ابتاع دجاجة بياضه.. حمراء اللون.. كان يستمتع لسماعه نقنقتها وهي تأكل وتطارد الحشرات في الحوش، تميزت بعطائها في ريعان شبابها، وكِبَر بيضها مع تقدمها في السن.. وأطلق هذا الرجل عليها اسم " المنتوفة" لأنها كانت تنتف بمنقارها الريش عن بطنها وجناحيها بسبب نقص الكالسيوم من جسدها.. وهو يجهل سبب ذلك..
من طبع هذا الرجل، أنه اعتاد عدم الخروج من المنزل إلا بعد تناول طعام فطوره من بيضها اللذيذ، والشهي بعد قليه مع زبد الماعز الطازج، والتهامه مع رغيف طابون محمص من الحنطة.. وكلما استيقظ صباحاً دائما يسأل زوجته: هل باضت "المنتوفة" ؟، وهل باضت الدجاجة؟..
لقد شيد لها عشاً في الحوش - يتكون من عسلية فخارية قديمة مقصوصة العنق وبداخلها قش وريش- لترتاح وتبيت فيه الدجاجة، ولتضع بيضها أيضاً.. ففي كل صباح يذهب إلى خُم الدجاجة.. يتحسسه بيديه.. ويجمع بيض الدجاجة.. وتقوم الزوجة بدورها بتجهيز طعام الفطور..
في أحد الأيام، تأخرت زوجته عن تجهيز الفطور.. ذهبت إلى خُم الدجاجة فوجدته خاوياً.. ولاحظت بقايا قشور البيض داخل العش.. ما الأمر يا ترى؟.. هل يوجد حيوان غريب يسطو على بيضها؟.. أبلغت زوجها بالأمر.. وبدأت الشكوك تساورهما..
قررا مراقبة الدجاجة وهي تدخل العُش.. انتظرا بعضاً من الوقت، ثم ذهب الرجل مسرعا عله يعثر على بيضة جديدة.. ولم يفلح، لأن الدجاجة صارت تسبقه في الأكل!!.. فوجدها تأكل بيضها لنفس السبب السابق!!..
نصحته زوجته بأن ينقلها إلى خُم آخر ظناً منها بأن المكان الجديد سيحل المشكلة.. قام بنقلها أثناء الليل إلى مكان آخر.. ولم يدرك بأنه إذا تم نقل الدجاجة من مكان لآخر تتوقف عن المبيض!! ويتعرض لخسارة أخرى..
ذهب، واستشار بعض جيرانه- الذين يهتمون بتربية الدواجن- في الأمر فأسدى له نصيحة، بأن يُعرّض الدجاجة إلى أشعة الشمس لتحفيزها على وضع البيض!!..فقام بنقل العش إلى مكان مكشوف لأشعة الشمس.. ولم يتغير عليها شيء!!.. فقرر أخيراً أن يُبيضها عنوة مندفعاً من شهوته وغريزته.. طارد الدجاجة حتى مسكها بين يديه، وبدأ يضغط بكفيه على بطنها وجسدها من جهتي اليمن والشمال إلى الخلف متأملاً إخراج البيضة من بطنها لفطوره!! بدأت الدجاجة تقوقئ عالياً وتصيح من الألم.. فكانت النتيجة أنه حطم البيضة في بطنها من شدة الضغط المتواصل.. وماتت الدجاجة.. وراحت ضحية جهله بالأمور، وشراهته الجامحة غير المتأنية.. حزن على فراقها وخسرانها حزنا شديداً، كما ندم أيما ندم على تصرفه الأحمق، وخطئه اللذان حرماه من تناول البيض بعد ذاك اليوم..
ــــــــــ
[email protected]
الدجاجة ضحية البيضة بقلم:نصير احمد الريماوي
تاريخ النشر : 2010-06-07
