ما الحب ؟ بقلم : محمد يوسف جبارين
تاريخ النشر : 2010-05-07
ما الحب ؟ بقلم : محمد يوسف جبارين


ما الحب ؟

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

ما الحب ؟ هو هذا السؤال الذي لم يزل الشاغل لكل انسان عبر مسيرته مع شعوره عبر الحياة ، فالحب سيرة بحالها وهي بحق سيرة الانسان وقصته في هذا الوجود ، فما الحب ، سؤال تاه فيه من تاه وحار به من حار ، ولكن الذي لامس قلبه الحب عرفه ولم يرض بغيره ، فهل ثمة استواء على تعريف للحب ، أنا أقول بأن الحب هو الحب ، ولا يعرف الحب الا من أحب ، وكلمة احبك ، هي بمعنى نفسها ، فلا نفس لها سوى نفس معناها ، فما هو الحب ، فما هو ؟؟ لا بد من أن نعرفه حتى تتسمى الأمور بأسمائها ، فان لم نفعل ، فمرة أخرى ، فهي الحيرة في البحث عن المعنى ، فاذا كان الحب في قلب فهو الغامر له ، فلا غيره الحب ، فاذا تباعدت الظروف بين من أحب أو أحبت وبين الحبيب فليس له سواه الرفض، رفض البعاد ورفض الجفوه والاحساس بالغبن النازل على القلب ، من ظروف هي تنزل بقسوة على قلب من يريد حبيبه ، فهنا منشأ العذاب ، يتعذب الحبيب بهجر من أحب ، يتعذب بقسوة البعاد ، يتعذب بعذاب هو نتاج ما لم يقبل به حبيب ، وهي معادلة ، فاذا الحب قد أخذ مكانه ، فلا يمكنه حبيب الا أن يجري صوب حبيبه ، فاما أن يلجأ لجفاء أو لهجر أو لقسوة ، فذلك به دلالة على غيبة ما نقول بأنه الحب ، فالحب جنة الحبيب فهل ثمة حبيب يفارق جنته ، فمن جهل بالحب قول ، بأن حبيبا لا يأنس بحبيبه ، أو لا يهيم شوقا اليه ، أو لا يريد حبيبه ، ومن غربة الحب عن قلب استهانتة ، بعيش حبيب مع حبيبه ، وكم من أب آثر جفاء بين قلب ابنته وبين قلب أحبها وأحبته ، على حال ظنه أوفر معاشا لابتته ، فأبقاها وحياتها بقلب مشطور نصفين طيلة حياتها ، وبظنه أنه اختار لها درب سعادة تحياها ، وما يدري بأن ابنته وهي دامعة العينين بين يديه ترجوه حياتها في حب يمتلك عليها جنانها ، انما هي سوف تظل في قرارة نفسها دامعة العينيين طيلة عمرها ، فحالها يغدو كما وردة دامعة العينيين ، دامية الفؤاد ، تتندى نفسها أسى وحيرة وارتباك ، كلما لاح في ذهنها طيف حياة ، كانت تجوب حلما ، يدور بها ، أيام كانت لم تزل بعد على عتبات الظن ، بأنها سوف تلاقي حبيبها يوما في عش تقيم واياه حياة حب ، تبني بها جمال حسها بوجودها ، وترفع بها أحلامها الى رتبة واقع تراه يوما أمامها محققا ، يسري بين يديها ، وتبسم له وتطيب به نفسها ، وتحلم بمزيد من آمال تحققها ، ضاع كل ذلك ولم يبق لها سواها الدمعة تجرى على خدودها ، وهي صامتة غائرة الفكر في تساؤلها الذي لا ينقطع ؛ أما كان يمكن أن يكون غير الذي كان ؟! والذي تتعذب به الآن ، فهي في حال ليس به ما يعطيها سوى أن تعيش في حضن لم ترده يوما ، وتحت سقف لم يكن هو ما يعنيها في شيء ، فهو الفارغ من كل ما تريده في حياتها ، فجوهرة حياتها حلمها في حبها لا تراه في حياتها ، فهو الجفاف يجري لها ، ويبس يحط لها على نفسها ، فهي كعود يابس ليس به حياة ، فما وجودها ، وما حاجتها الى وجود مثل هذا ، فلماذا الحرمان يا زمان ؟ لماذا حبس نفس قي ما لا صلة له بجوهرها ، فالانسان ليس مادة وانما نفس ترفرف تحوم بعيدا تتساءل أين أنت يا حبيبي ، أين أنت ايها الحب الذي لا وجود له في غير المخيال ، وقد كان بالامكان أن يكون هو ماء الحياة ، فلماذا حط في الخيال وعشش هناك ، ولم يعد ممكنا وصوله بغير الانسراح والتوهم ، فما هي هذه الانفصالية التي تشطر القلب وتمزقه بلا أدنى شفقة من دنيا ، أكثيرا على هذه الدنيا أن ترى جفنا بلا دموع ، ومآقي بلا حسرات تهب عليها من نفس مشوية بحرمان من حضن حبيب ، أما كان أجدى للدنيا أن تتجلى بالحب بدلا عن الدموع تسح من عيني عاشقة ، لا ذنب لها سوى أنها من طهر حسها ورهافته تحب حبيبها ، فيا ليته عش الحب مرفأ الحياة ، بدلا عن تعاسة لا توزع الفكر في ضوء الحرمان ، الا الى رجاء من فناء تزول به حياة فارغة من كل حب ، وليس بها سوى الحسرات ، التي تحيل لؤلؤة الى دموع ، لا تكف تسح من عيونها حسرة وآهات ، وأملا لن تراه في غير أحلامها وذكرياتها ، وهي تفر اليها من حضن يبس وجفاف تضيق به . وتطوف في ذكريات هي في عمق حسها ما هي ، وما أرادت ولم تزل تريد أن تكونه في حياتها ، فهي تقبض على مكنون في صدرها لم يغفو ولم ينم في مجرى وجودها ، وهو في قرارة نفسها ما تم بالجهل ، بالفهم الخاطىء للحياة انتقاصه منها ، فغدت تحيا حياة تنقصها بهجة الحياة ، فهي حياة من اليبس الذي يتلون بأصباغ مستعارة من ربيع زائف لا حقيقة له ، سوى على سطوح الأحرف التي يجتهد العقل في توظيفها تيسيرا لمجرى حياة ، فاذا ليس بها جوع جسدي ، فلديها من هو دائب على اروائه ، وانما في مشاعرها جوع الى الارتواء ، وفي انسانيتها جوع الى الحس بتكاملها العاطفي ، فهي مبتورة ، وبها جوع حقيقي يأخذها وهي منفردة منسرحة الفكر الى عواصف عشقية ، فتحس برعد وبرق يضربان في أرجائها ، فكأنها تكاد تمطر حزنا وكمدا على حرمان يغلي بها ، فيغيم وعيها ، ويحار عقلها عن بلابله ، ويتوه منها جنانها ، وهذيان يتأرج على لسانها ، فاذا هي تهذي وعيناها زائغة حائرة ، سابحة بفكرها في بحر حب افترشته لها صورة لحبيبها ، أطلت عليها من أعماقها ، فكأنه بين عينيها ، فتهيج مشاعرها ، وتفطن الى رسالة له مخبوءة في طيات اسرارها ، وتنهض اليها وتدفن فكرها وحسها فيها وتقرأ قوله لها ..مناجاته لها : يا روح الروح ، يا حبيبتي يا أجمل ما في الوجود في سيرورة زماني ، اني مذاب في شروق صباح الورود أمامي ، فأي بهية ندية هنية رقراقة عذبة هذه التي تضمها رموشي ، فعذوبتها لم يعرف الماء مثلها صفاء له في غدرانه ، فما أنت يا حلوتي ، يا فتنة ، أفتن بها فيحار عقلي عن استوائه ، أهيم فلا عقل لي سوى أنت التي تأسرينه فلا يعرف سوى أن يتسمر فيك ، فلا مسألة له سواك أنت وأهواك ، يهذي بين وعي ولا وعي ، فلا يحط على جانب من عقل أو لاعقل فهو بينهما ، وكله حب في حبك أنت ، فأنت حبيبتي وأنت يا حبي باعثة الهذيان في تراكيبه ، فليس له سواك محرك يتحرك به ، تأسره عيناك ، يطوف فيها في أعماقها باحثا عنك ، عن أسرار يريد أن يعرفها ، فقوله هنا بحر الهوى والذكاء والغناء والهناء ، هنا عبقرية أنوثة لم يأته مثلها ، فتخلخل توازنه ، فما به غير أن تأخذيه الى جنائن لن يعرفها ، ولن يحسها سواه الهائم في بحور الجمال ، فهي التي يريدها ، ولن يبلغها ، فهي اللانهائية في مداها ، فأبعادها هي الأبعاد الممتدة في اللانهاية ، فسباحته في عينيك نشيده وهيامه ، وبعثه من جديد ، فأي عقل وأي لا عقل لديه ، فكلاهما التعريف الذي لا يريده ، وانما في عينيك يتعرف على عقل الغرام الذي لا الى هنا ولا الى هناك وانما اليك أنت ، فأنت جنته التي توههما يوما ، وتمنى الوهم منسوخا وجودا ماثلا بين يديه ، فهي التي يفتش عنها في مجرى حياته ، في كتبه في شوارع الأيام ، في النسيان في الهذيان في العقل في اللاعقل ، فاذا هو يوم فاذا هي الوهم حقيقة في بؤبؤ عينيه ، في مركز استنهاضه لكل تساؤل أين هي وما هي ومن تكون وأين أجدها ، وهل حقا هي من البشر ، وهل يمكن أن يكون بين الخلق ، مثل هذا التوهم لهذه المتخيلة ، في مكنون الذائب في هيام من يسعى اليك ، وما يعرف أين وكيف ومتى وأين ، فاذا أنت مرة واحدة بين عينيه ، فها هي أطلت من عمق الزمان ، انها هي ، وهي أنت ، فأنت وليست سواها التي أرادها ويريدها ، الا أنت ، فأنت ، فماذا يقول فيك أبلغ من قوله انك أنت . والى هنا تطوي الورقة التي بين يديها وتعيدها الى مكانها ، وهي تموج بتساؤلها ، لماذا ؟ وماذا دعا أبي الى كل هذا الذي أنا فيه ، فأنا أحبه ، فلماذا ظن والدي الفقر لعنة لا يجب الاقتراب منها ، وبأن الحب مراهقة تمحوها الحياة الرغيدة ، لماذا والدي لم يفهم بأن الحب حياة تحيل الفقر الى غنى ، وبأن حياة فارغة من الحب لا تعرف لرغد قيمة .فها هو الذي كان فقيرا ، أصبح بما اكتسبه من علم محتارا أين يضع ماله ، ومع ذلك ينقصه أنا ، تماما مثل ما أنا ينقصني هو ، أتراه أبي عرف الحب ، هل أحسه يوما ، أشك في ذلك ، ولماذا أمي انحازت الي وأبت الا أن أحيا مع من أحب ، حتى ولو كنت سوف أعيش معه في كوخ ، أتراه الحب لامس قلبها ، وهل يا ترى كان ابي هو من أحبت ، أم كان غيره ومن جوعها تكلمت واتخذت موقفا الى جانبي حتى لا أرث جوعها ، فأحيا بجسد يأكل حتى الثمالة ، بينما النفس بها جوع ، وليس لها سوى الفكر يسبح بها في الخيال ، بحثا عن ذكرى حبيب تتماثله بين يديها لتئد بحضرته جوعها .
فهذه صورة حقيقية ، من حياة يجري فيها ذبح حياة الحب ، بارادة فاهمة بأن ذبحا كهذا انما هو وهم مراهقة ، وجهل فكر بحياة ، لكن حقيقة انسانية الانسان الذي أحب ، تشهد على أن تفريغ حياة الانسان من حقه في أن يحيا حبه ، انما هو الانتزاع بوعي أو بغير وعي من هذا الانسان حقه ، في أن يحيا انسانيته بكل تكاملها في الحياة ، ولن يحقق تكامل كهذا بحرمان من الحب . فكيف جاز لأب حنون ، به حب كبير لابنته ، أن يسمح لنفسه بأن ينوب عنها في التعبير عن حسها ، وبأن يقرر هو لها ، ما هي الحياة الأليق بأن تحياها ، فلم يترك حبيبها بابا الى أبيها الا ودخل عليه منه راجيا ، موضحا بأنه يحبها وحدها من دون اناث الأرض ، فهي مالكة نواصي مشاعره ، وشاغلة خياله ، وهي منهل فكرة وعزيمته على الاقبال على الحياة ، بكل بذل يقتضيه ، ليجعلها تحيا واياه في حياة لا ينقصها شيء ، مما تتوقه نفس تحيا حياة الحب مع من أحبها ، فالحب سوف يرسم دربهما معا ، ويمضيان في الحياة بما يرغبان به ، ويواجهان الصعوبات سوية بأمل يجمهما على التغلب على كل صعوبة . ولم ينفع الكلام ، ولا الانفعال البادي في تراكيب جملة تلو أخرى ، والدال على مقدار صدق الحبيب فيما يذهب اليه من الزام يلتزمه . فتمزق أمل الفتى ، ولم يجد بينه وبين أبيها الا كل ما يباعد بينه وبينها ، فغام الأمل وضم اليأس الفتى ومضى في الحياة كسير القلب ، لا يملك سوى ما احتشد له من ذكريات في ذاكرته ، يعود اليها والحسرة تجوب ما بين أقطاره .
أما درى الانسان ، في كل حال وآن ، بأن الحياة من دون الحب يمكنها أن تمضي في ركابها ، لكنها لن تزهو بغير ما يؤنس القلب ، وقد خلت الحياة من كل ما يمكنه أن يكون بدلا عن الحب ، فلا أنيس لقلب أحب الا قلب حبيبه ، فاذا هو بعيد استدعاه القلب المحب على بعاده ، يتماثله ، يستحضره بما أوتي من ملكات من فكر وحس ، ويسعفه الخيال ، فتراه في خلوته هائما ، منسرحا طربا ، وبه جوى وشغف ولهفة على لقاء ، ويتمنى حبيبه بين عينيه ، وأمامه ، فهل يكتمل للحياة معناها بغير كلمة الحب ، فهذه الحياة ثلاثة ؛ الميلاد والحب والموت ، وما بين ميلاد وموت ليس سواه الحب ، فاذا غام غامت الدنيا ، واذا غاب غابت حلاوتها ، ولا أحد في هذه الدنيا ، الا ويكد راجيا بلوغ حلاوة العيش ، وراجيا حسا بدفء يمس شغاف قلبه ، وبأن تتكامل له بالحب انسانيته ، فالحب بذاته هو مناط الفعل وغايته ، فليس ثمة بذل بدون غاية والغاية الأبدية المعلقة على كل الجهد في الدنيا هي الحب ، ذلك بأنه البداية والنهاية ، فهو الذي يبرر به كل بذل ويبرر به كل عطاء ، وهو مع ذلك غاية وسيولته في مجرى كل ما نقوم به . انه ليس خصيصة مراهق من دون غيره ، بل هو ماء حياة الانسان ، انه الحلاوة التي بلاها لا يبقى من الحياة سوى رتابتها ، فهي كما يقال عادية ، واذا تم تمحيصها تجلى بأن الذي ينقصها هو ألقها ، فثمة معنى غائم في فضائها ، وينتقصها بريقها ، وليس الحب ابداعا من أحد بل هو جوهر الانسانية في تجليها ، فاذا ثمة من قال بيوم نجعله عيدا للحب ، فليكن ، ليبقى السؤال ، وماذا يفعل بالحب من سلبوه قسرا حقه في أن يحيا حياة الحب ، هل يدمع ويندب حظه ، ويكون عيد الحب فرصته الى مزيد من الحسرات تهجم عليه ، ومع ذلك فهناك تساؤل حقيقي ، فلماذا لا تكون كل أيام الانسان عيدا للحب ، وهو المنشود في كل همس ، وفي كل حركة من جانب الانسان ، فاذا سعى هذا الانسان الى معيشة أهله ، كانت دافعيته الى ذلك متشكلة بقوة حبه لأهله ، ولولا هذا الحب فليس ما يحركه ، فلتكن كل أيامنا أعيادا للحب فكذلك نحقق انسانيتنا ، وديننا ، ذلك بأن الدين هو الحب بذاته ، فهذا الدين قانون الانسانية في صيروتها في طاعة الانسان لموجبات الدين ، فليس ثمة ما يتناقض بين عيش الحب وبين أن تلتزم الحب ، فكلاهما واحد ، وهذا الدين الاسلامي حب لله ، ومن خلاله حب للانسانية ، في خلال طاعة لله ، تلح على تجلي الحب مجرى للحياة تجري فيها ، فالحب هو هو الذي لا سواه ، هو لباب الانسانية التي يأمل أن يحياها الانسان بكل معانيها .
فالقول صحيح بأن الحب اذا هو الجامع بين قلبين ، كان عناقهما الروحي الأبدي ، فلا فراق يمكنه أن يكون بينهما ، الا بقسوة ظروف ، بارغام لا يملك حياله من يحب أن يختار ، فهو المقهور بارادة غيره ، بظروف يتنجها له غيره ، ولا يمكن لحب أن يشغل قلبا ، ويكون باعثا على بعاد أو فرقة أو جفوة أو شيء مما يدعو الى عذاب فراق ، فاذا كان عذاب بغير قسريات ناتجة بغير ارادة الحبيب ، فلا يمكن أن يتسمى حبا ، وانما هو شيء آخر ، فاذا أحبك فلان فلا تصدقي بأن جفوة تأتي منه ، أو بعاد يحصل منه بارادته ، وشتان بين حب وبين استهواء نفس لأهواء بها تلامس في الظاهر ما كان يمكنه أن يتيحه ما يشبه الحب ، وهذا حال من انبهار واعجاب ، وهنا المساحة التي يتدخل فيها العقل ، بحثا عن جوع تبعث عليه شهوة ، فالاعجاب نطاق تصريف شهوة ، فهي هذه التي يمكن أن تريحه أو تزيح عنه خلوه من حبيبة ، فهنا الذي نراه في شوارع حياتنا التي ليس فيها ما يكفي من النظم التي تسمح بأن يستوي القلب على من أحب ، فهو اذن ضرورة حياة ، فلا بد من تنظيمها ، ولا بد من أسرة ، ولا بد من وأد جوع تجوعه الحياة الى استمرارها . وهو بغير حال من انتظام ، بحثا عن مجرى حياة عادية ، فهو يبدو كما اللهو الذي يكون فيه طرف ، يلهو بينما الطرف الآخر مصدقا لما هو فيه ، من اسباغ كل ما يعنيه الحب في بعض من سلوكيات ، وهذا ما يحدث ، فهذه فتاة في قارب لا تعرف بالتالي شاطئا ترسو عليه ، وهذه انقطعت بها السبل ، وهذه ما أن بلغت الشاطىء حتى وجدت عليه كل ما يصدمها ، فغيرها كان في انتظار من ظنته الحبيب على هذا الشاطىء ، وهذه مأساة الحب في حياة ضاع فيها الحب حين لم تتح فيها دروب الحب ، فاذا الحب عيب فكيف السبيل الى الحب ، واذا الأسرة التي تقام على حب مبعث سعادة ، فلماذا ليست كل الأسر تقام على الحب ، فأين وكيف والى أين وهل بالامكان وهل هو ممكن ، فعلى أية حال فكلمة الحب لربما مكونه من الحاء ، أول حرف في حياة ، ومن الباء أول حرف في بقاء ، فلا حياة لها صفة بقاء ، ولا بقاء لحياة ، فهي حياة عابرة ونقول الحب خلود ، فأين يكمن خلودة ، في حياة متصلة ببقاء ، فأين هي ، في الواقع الذي لا يصدقه ، في أغلب الأحيان ، أم في المخيال ..في الذهن ، في الهذيان ، في كلمات في الأوراق ، في حبر ، في سطور سرعان ما تضيع ، كما ضاع الحب من قبل ، بعصف بركان من جهل شب مرة واحدة .