قراءة في كتاب..فنون الزجل الشعبي الفلسطيني لعميد الزجل موسى الحافظ من سنديانة حيفا عرض وتعليق:د.إدريس جرادات
تاريخ النشر : 2010-04-18
قراءة في كتاب..فنون الزجل الشعبي الفلسطيني لعميد الزجل موسى الحافظ من سنديانة حيفا عرض وتعليق:د.إدريس جرادات
الشاعر الشعبي الزجال موسى الحافظ


قراءة في كتاب...
فنون الزجل الشعبي الفلسطيني
لعميد الزجل موسى الحافظ من سنديانة حيفا
عرض وتعليق:د.إدريس جرادات/مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي-سعير/الخليل [email protected]
صدر كتاب فنون الزجل الشعبي الفلسطيني لعميد الزجل وشيخ الشعراء الشعبيين موسى حافظ بواقنه ابن سنديانة حيفا وسكان مخيم جنين الأسطورة بعد النكبة ،عن مؤسسة البيادر المقدسية عام 1988م.
أهدى الشاعر ديوانه الشعبي إلى روح والده والى أخيه محمد وصديقه محمد خليل من الأردن والى الشاعرين الشعبيين غانم الأسدي أبو دياب وأبو جاسر الحفيري وكذلك إلى كل من يسري تراث هذا الوطن في عروقهم.
أشار في مقدمته للديوان:"أن تجديد التراث ليس غاية بحد ذاته،بل وسيلة للبحث عن روح الشعب لتطويرها كوسيلة لتطوير الواقع ذاته ولحل مشاكله".
بدأ الشاعر اهتمامه بالشعر الشعبي والغناء الشعبي منذ نعومة أظافره مقلدا لوالده بالعتابا والميجانا ومشاركا له في حفلات الأعراس، وأحيا أول حفلة بشكل كامل وعمره17 عاما وكان أصغر فنان شعبي فلسطيني يحيي حفلة فرح.
هدف الشاعر من إصدار الديوان للتعريف بفنون الزجل الشعبي وقواعد وأسس الأداء والإيقاع والوزن لكل نمط من أنماط الزجل الشعبي بإيراد أمثلة على كل نوع من أنواع الزجل الشعبي والتعرض إلى فن الحداء والزجل الذي يعرفه:"بأنه مجموع الأبواب والأنماط الغنائية الفنية المرتبطة بأداء الإيقاعات المحددة القادر على أدائها مغن شعبي يعرف أنواع الزجل ويحفظ عدد كبير من الأبيات والأقوال لكل نمط ولديه القدرة على الارتجال وسرعة البديهة، وأن يعرف فنون الزجل من مبدع مرتجل للفن ومطور له.
وعن اهتمامه بفنون الزجل لوضعها في إطار يفيد الأجيال من بعده ويفيد كل من يرغب في التعرف عليه من باحثين وهواة وراغبين في هذا الفن الجميل الأصيل،كذلك البحث في الأصول العلمية المنهجية لفن الزجل حيث لا يزال البعض يتخبط في الوصول إلى اتفاق على الأساس العلمي والمنهجي للمحافظة على استمرارية الزجل من خلال خلق ذوق ووجدان فني لدي شعبنا.
وفي اتصال هاتفي بتاريخ20/10/2009م مع الشاعر وسؤاله عن مدى جودة الزجل الشعبي أشار:"معيار المحتوى والمضمون ومناسبته لسياق الموضوع الذي يغنيه والالتزام بالقافية وأصول النظم ومعيار الأداء والوزن والقافية والصورة الشعرية القائمة على الخيال والإبداع".
في متن الديوان أورد مقولة للكاتب جبران خليل جبران:"الزجل كباقة من الرياحين قرب رابية من الحطب أو كسرب من الراقصات المترنمات قبالة مجموعة من الجثث".
ثم يستعرض الأغنية الشعبية حسبما يرى أنها تغطي كافة مظاهر الحياة وان أغاني الحصاد في طريقها إلى الزوال حيث لم يعد بيادر وشواعيب ومناجل، وأن الزجال يغطي في موضوعاته كافة مظاهر الحياة ويعالجها إلا أن الحداء عادة ما يكون في حفلات الأعراس ويؤديه زجال مع زميل آخر ويقوم بتوجيه الجمهور.
خصص الشاعر فصلا للعتابا ومعناها العتب ومشتقة من العتاب ويعتمد هذا النمط على الجناس والإيجاز البليغ ومحوره قصة أو نصيحة أو خبر وقصة العتابا في فلسطين""أن تعلق شاب بفتاة اسمها عتاب وتغنى بها أو أن أمير الجرمق يعاتب زوجته التي هربت مع ضيفها" وللعتاب صرف لفظي من ثلاث شطرات لها نفس الجناس والشطرة الرابعة بحرف الباء الساكنة.
مثال على العتابا:
ما حل الهجر يا خلان ما حل"تحريم الهجر والفراق"
وبعد منكم خصب المرج ما حل"القحط والمحل"
أنا لأبني عدروب الشعر ما حل"المكان أو البيت"
تودع كل جمعة من الحباب.
وهناك أوزان متفق عليها من حيث الأداء والإيقاع حيث تعتمد العتابا شطرات متساوية في الطول وتناغيم الوزن وعدد المقاطع الصوتية للعتاب من 10-11 مقطع للشطرة الواحدة وتأتي على البحر السريع وترابط المعنى ويبدأ بأوف وينتهي بعنة"فهو أقل حدة من الاوف واختصارا للوقت قد يستغني الزجال عن الاوف والعنة وقد يغني الزجال بما يجول في خاطره أو شرط التزام الزجالين بقافية موحدة أو الربط على أساس المعنى.
ثم الحديث عن الميجانا المشتقة من المجون والمزاح والهزل وهي بيت من العتابا تختم بمقطع" نا" بدلا من الباء الساكنة وهي بطيئة الأداء وهادئة وتنتهي ببيت يردده الجمهور
يا ميجانا يا ميجانا يا ميجنا
الله معاهم وين ما كانوا أحبابنا
وتتألف من 12 مقطع صوتي للبيت الواحد على البحور السريانية، أما المثمن يتكون من 6-8 شطرات ،ومثمن عتابا قافيتين وخاتمتين أو قافيتين وخاتمة واحدة.
تحدث الشاعر عن نمط المعنى وهو من اختراع السريانيين في جبل لبنان ومأخوذة من المعاناة والألم، أما المعنى-كسر الميم وفتح العين-في فلسطين من النمط الخماسي والرباعي المطور والمصروف المجنس والمعنى الطويل الزجلي بقافية واحدة أو قافيتين وله 12 حركة صوتية ومثال على ذلك:
بفقع إذا فيكي البشر بطلعو
ومن غيرتي بيي إن حكاكي بمنعو
فوتي من عيوني وعلى قلبي ادخلي
وإن ضايقك بصبوص عيني بقلعوا .صفحة43"
ثم استعراض شعر الحركة والمشيرة والمعروف بالفرعاوي ويستخدم هذا النمط في الزفة والسهرة ويمتاز بالرجولة والانفعال والحماسة وله جمهور يردده خلف الزجال بان يقف صف طويل متراص من الرجال ويصاحب بثلاث إلى ست سحجات بالكف ومثال ذلك:
الزجال :نادى المنادي للميدان والفرسان اتجمعوا
الجمهور:يا حلالي يا مالي
أما نمط القرادي المأخوذ من لجلجة اللسان بأن يردد الجمهور لازمة محددة في السهرة ويتكون من 14 مقطع صوتي سعة مقاطع لصدر البيت وسبعة أخرى لعجز البيت حسب البحور السريانية ومثال ذلك:
الزجال:كلماتك ع شفافك همس
صحيت الميت من الرمس-القبر-
ما بدي أطلع ع الشمس
نورك يا حلوه زيادي
الجمهور:لو قالوا كافر بالحب،بقول الحب عبادي
ومنه المربع والمخمس والمثمن حسب عدد الشطرات
ثم الحديث عن الشروقي، وفيه يتحدث الزجال عن قصة أو حادثة بقصد التوعية ويتضمن الحكم والأمثال ويغنى في وقت قبل الخروج إلى الزفة ومثال على ذلك:
وقولوا لأمي بانا للوطن راجعين
نكتب تاريخ العروبة بالشرف والدين
للأرض للبيت للينبوع،للعين
بالدم نفدي الوطن كبارنا وصغار-صفحة 118"
أما نمط المحورية أو الجوفية أو المحوربة المأخوذ من الحرب والرجولة والمسير والدعوة إلى القتال وهذا النمط جماعي الأداء وينسب إلى الصوت الخارج من الجوف أو نهاية الحلق، ويغنى عند أخذ العريس إلى الحمام، أو عند الفاردة وهي بطيئة الإيقاع حسب المنطقة الجغرافية ومثال ذلك:
عريسنا ما أجمله واجب علينا ندلله
أو عددوا عالخيل يا جيش العروبة
يا مهيرتي بالهوش أنا خيالها
حنا ما ننذل حنا،والموازر تلبقنا
شيخنا يا بي محمد، بالوغى حامي صنعنا
بعد هذا العرض السريع والموجز لمحتوى الكتاب-ديوان الزجل الشعبي- ،عليه يمكن الإشارة إلى الملاحظات التالية:
1-لم يميز الشاعر بين الحداء والقويل والزجال والمغني في التراث الشعبي.
2-أشار أن اللغة العامية هي لغة العاطفة صفحة 12 ،لا يوجد لغة عامية وإنما لهجات محكية أو شعبية .
3-حينما يتحدث عن أي نمط من أنماط الزجل يذكر:"من أكثر فنون الزجل الشعبي انتشارا وشيوعا ولا يمكن الاستغناء عنه-صفحة للعتاب19، وصفحة 61للفرعاوي.
4-غاية الشاعر خدمة التراث الوطني والقومي وللشاعر عذره في عقد الثمانينات مرحلة نضالية صعبة ومن يؤرخ للنضال الفلسطيني يعتقل ويتهم بالتحريض من قبل الجانب الإسرائيلي، ولكن بعد توقيع اتفاقية أوسلو للسلام يستطيع الشاعر أن يؤرخ وينشر الزجل التراثي بكل أنماطه والمتعلق بالقضية الفلسطينية.
5-أبدع الشاعر في تفسير المفردات الواردة في نهاية كل قصيدة.
6-النهج الوحدوي الواضح والنزعة الإنسانية في القصائد بغض النظر عن الدين أو الطائفة أو العرق:"تا يرجع ابن احمد وابن وليم"
7- يرجى اعتماد بحور الشعر للخليل بن أحمد الفراهيدي الشائعة الاستعمال لأن البحور السريانية لا يعرفها إلا المختصين فقط.
8-في ديوان الشعر القادم يخصصه للمناسبات الوطنية والدينية والقومية والإنسانية لأن شعر المناسبات يكرر سنويا وفي كل مناسبة ويرفق مع الديوان قرص مدمج صوتي.
9-الإشارة إلى المدينة والمخيم ومضارب البدو في فلسطين والى كل شرائح المجتمع الفلسطيني خاصة في ديوان حكي قرايا.
10-أشار في خاتمة الكتاب صفحة 154"راجيا أن يزودني بملاحظاتهم الدائمة لتطوير هذا العمل للوصول إلى أفضل وضع ممكن" وهذه الملاحظات بهدف التطوير.
والله يعطيك العافية على الجهد المبارك الذي تبذله ولك كل الشكر والعرفان والتقدير على هذا الجهد الدؤوب الذي تحرص فيه على توثيق الذاكرة الفلسطينية حيث أضأت قنديلا في مجال الزجل الشعبي الفلسطيني والنضال الحضاري الفلسطيني بالكلمة والقصيدة والزجل والغناء الذي يشحذ الهمم في ساحة الميدان ،وقد قررت أسرة مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي في سعير منحك شهادة عضوية شرف مع مسوغات التكريم المتعلقة بمنح هذه الشهادة .
عرض وتعليق:د.إدريس جرادات/مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي-سعير/الخليل [email protected]