محمد مصدق وتأميم النفط الإيراني 1951_1953بقلم: فراس حسن الجبوري
تاريخ النشر : 2010-02-19
بدات المفاوضات بين الحكومة الإيرانية وشركة النفط الانكلو إيرانية في تشرين الأول 1948 قدمت الحكوالايرانية خلالها مذكرة الى شركة النفط تضمنت مقترحات عديدة لاعادة النظر في امتيازات 1933 واقد أشارت المذكرة الى التالي:
1_ مظالم ايران من قلة العوائد والأسعار العالية التي تدفعها للشركة من اجل الحصول على النفط.
2_ سياسة الشركة في استخدام الأجانب والتميز في معاملة العمال الإيرانيين وقلت عدد الايرانين في المناصب الإدارية في الشركة
3_ أشارت المذكرة الى مبدءا مناصفة الإرباح المعمول به في فنزويلا .
وبدلا من الاستجابة للمطالب الإيرانية ، رضت الشركة على الحكومة الإيرانية في 17 تموز 1949 مشروع اتفاقية تكميلية لامتيازات 1933 وكان من بنودها زيادة عوائد الحكومة من حوالي 15_20% الى والي 25 _30% مع تخفيض نسبي في اسعار النفط الذي كان تبيعه الشركة لإيران للاستهلاك المحلي.
وطبقا للاج راءات الدستورية فان الحكومة الإيرانية عرضت مشروع الاتفاقية التكميلية على مجلس النواب للمصادقة عليه .
كانت ورة مجلس النواب الخامسة عشر قد انتهت في 28 تموز1949 . فان الاتفاقية قد عرضت على مجلس النواب في دورته (16) حيث واجهة الاتفاقية معارضه قويه من قبل نواب الجبهة الوطنية بصورة خاصة . وبناء على ذلك تشكلت لجنة خاصة من أعضاء مجلس النواب برئاسة محمد مصدق و مكونة من18عضو من بينهم 3 من أعضاء الجبهة الوطنية .
كان تقرير اللجنة ضد الاتفاقية لأنها لا تضمن حقوق ايران ومصالحها لذلك اضطر الجنرال علي رزم ارا الذي تولى رئاسة الوزراء في حزيران بسحب 1950 الاتفاقية من مجلس النواب في 26 كانون الأول 1950.
في 11/1/1951 عهد مجلس النواب الى اللجنة التي ترأسها محمد مصدق مهمة إعداد تقرير حول الإجراء الذي يجب ان تتبعه الحكومة الإيرانية إزاء شركة النفط وفي غضون ذلك وصلت إنباء عقد اتفاق بين شركة النفط الأمريكية ارمكو والحكومة السعودية حول تطبيق مبدأ مناصفة الإرباح في 30 كانون الأول 1950 وقد أدى ذلك إلى زيادة تصلب مجلس النواب الإيراني في موقفه من شركة النفط الانكلو إيرانية التي سارعت الى الاتصال برئيس الوزراء علي رزم ارا معربة عن عن رغبتها في إجراء مفاوضات جديدة مع الحكومة الإيرانية على أساس مبدءا مناصفة الإرباح . الا ان مبادرة الشركة جاء ت متاخرة ففي 19 شباط 1951 اقترح مصدق على اللجنة النفطية في مجلس النواب تأميم النفط الإيراني . وعندما نقل هذا الاقتراح الى رئيس الوزراء علي رزا مارا الذي كان رده غير مشجع على أساس ان التأميم غير عملي وكان هذا الموقف سببا لاغتياله من قبل احد أعضاء منظمة " فدائيان إسلام " في 7 اذار 1951 ، وفي 15 اذار 1951 اصدر مجلس النواب قرار التأميم وصادق علية مجلس الشيوخ في 20 آذار 1951 كما صدر في 1 ايار 1951 قانون ينص على تطبق التأميم و على إنشاء شركة النفط الوطنية الإيرانية لتضطلع بعمليات تصدير النفط . وكان قبل ذلك داعية التأميم محمد مصدق قد أصبح رئيس للوزراء .
ادى قرار التأميم الى أزمة في العلاقات الإيرانية البريطانية . ولآجل إحباط قرار التأميم انسحب الموظفون والعاملون البريطانيون في الشركة من إيران في حزيران 1951 كما أرسلت الحكومة البريطانية عددا من السفن الحربية الى المنطقة وفرضت حصار على تصدير النفط الإيراني . وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران في تشرين الأول 1952 بعد الفشل في التوصل في حل قضية التأميم بعد ان رفعت الى محكمة العدل الدولية وعلى مجلس الأمن الدولي . كما فشلت الوساطة التي قامت بها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي .
أدى الحصار المفروض على تصدير النفط الإيراني الى تفاقم الأوضاع الاقتصادية في إيران نتيجة انقطاع عوائد الحكومة من النفط . كما فشل مصدق في الحصول على قروض من الولايات المتحدة التي اتخذت موقف العداء من التأميم.
سعى مصدق إلى التقارب مع التحاد السوفيتي واجر مفاوضات مع الحكومة السوفيتية بشان شراء النفط الإيراني كما بدء الحديث حول ضرورة وقف ايران على الحياد في الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي .
كما واجه مصدق مشاكل على الصعيد الداخلي فمن جهة كان محمد رضا شاه وكبار ملاك الأراضي وقادة الجيش يتحينون الفرص للتخلص منه بسب أجراءته بعد تموز1952 ا1 ابعد العناصر المؤيدة للملكية من وزرته واحتفظ لنفسه بمنصب وزير الدفاع ونقل أراضي الشاه الى الدولة وقلص ميزانية البلاط وميزانية الجيش وعزل 136 ضابطا وبدا برنامج إصلاح زراعي وشكل لجنة برلمانية للتحقيق في الفساد والرشاوى . ووصل الخلاف بين مصدق والشاه الى حد مغادرة الأخير ايران في 13 اب 1953 من اجل أحرج حكومة مصدق التي بدأت تفقد تأييد عناصر مهمة في الجبهة الوطنية .
في الوقت الذي كان يوجه مصدق تلك المشاكل الاقتصادية والسياسية . كانت الاتصالات السرية جارية بين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية . بهدف الإطاحة به عن طريق انقلاب ضده وقد وضعت وكالة المخابرات الأمريكية CIA " " تفاصيل الخطة وعهدت الى مدير عملياتها في الشرق الأوسط ( كيرمت روز فلت ) بالإشراف والتنفيذ وقد تسلسل روز فيلت الى طهران واتصل بكبار قادت الجيش المناوئين لمصدق واتفاق معهم على تفاصيل خطة الانقلاب الذي كان من ضمنها إغراء البعض بالمال وتحريضهم على الخروج الى شوارع طهران في مظاهرات معادية لحكومة مصدق . وقد تم تنفيذ الانقلاب في 19 اب 1953 وكانت النتيجة الإطاحة بمصدق وبقرار تأميم النفط .
دخلت حكومة الانقلاب بمفوضات مع الشركات النفطية الأمريكية والبريطانية انتهت بتوقيع اتفاقية في ايلول 1954 نصت تشكيل اتحاد دولي (كونسورتيوم) من مجموعة الاحتكارات النفطية لاستغلال النفط الإيراني وان يجري تقسيم الأرباح على أساس المناصفة بين (كونسورتيوم) والحكومة الإيرانية . كما نص الاتفاق على حصول شركة النفط الانكلو _ الإيرانية على تعويض قدره 70 مليون دولار.

المصادر:
_ابراهيم خليل احمد ، خليل علي مراد ، ايران وتركيا : دراسة في التاريخ الحديث المعاصر ، دار الكتب للطباعة والنشر ، ( الموصل ـ 1992م ) .
_امال السبكي ، تاريح ايران السياسي بين ثورتين1906 ـ 1979م ، المجلس الوطني للثقافة والفنون ، ( الكويت ـ 1999م ) .
_روح الله رمضاني سياسة ايران الخارجية 1941 ـ 1973م ، ترجمة : علي حسين فياض ، وعبدالمجيد حميد جودي ، مركز دراسات الخليج العربي ، ( البصرة ـ 1984م ) .