أثر الشعوب الأربعة( الفراعنة والحيثيين والحوريين والفلسطينيين)على إنحراف مسيرة اليهود بقلم:محسن الخزندار
تاريخ النشر : 2010-01-26
أثر الشعوب الأربعة( الفراعنة والحيثيين والحوريين والفلسطينيين)على إنحراف مسيرة اليهود بقلم:محسن الخزندار


من كتاب اليهودية في العراء بين الوهم والحقيقة
أثر الشعوب الأربعة( الفراعنة والحيثيين والحوريين والفلسطينيين)
على إنحراف مسيرة اليهود(الموسويون –العبريون)
في العقيدة واللغة والثقافة والحضارة والتقاليد

بقلم الكاتب محسن الخزندار





الفراعنة
إختراع الكتابة
لاشك أن الكتابة من أهم مخترعات البشر. ابتدأت في العراق ثم استعملت في مصر. وكانت الكتابتان العراقية والمصرية في أول أمرهما، قوامهما التصوير، إذ كانوا يعبرون عن الشيء برسم صورته، فإذا أرادوا كتابة كلمة "بيت" مثلاً صوروا بيتاًن وكانت صورة الرجل تعني رجلاً وهكذا (وقد شاعت هذه الكتابة التصويرية وأتقنت في الصين قديماً وظلت حتى القرن التاسع عشر في بعض مدن المكسيك وبين هنود أمريكا الشمالية)
ولما كانت هذه الطريقة متعبة ولم تكن تلك الكتابة حقيقية، دخلت الكتابة في دور ثانٍ صارت فيه صورة الشيء تدل على المقطع الأول من اسمه.
فصورة الرأس، وكانت تدل على كلمة (رأس)، صارت تدل على المقطع الأول من كلمة (رأس) أي (را). وصورة البيت، وكانت تدل على كلمة "بيت" صارت تدل على المقطع الأول من كلمة (بيت) وهو الباء. ثم جمعت هذه المقاطع ورُكبت منها كلمات جديدة، فكانوا إذا أرادوا كتابة كلمة "رب" صوروا رأس وبيتاً. فصورة الرأس تشير إلى (ر) وصورة البيت تشير إلى (ب) فيتكون من الصورتين معاً لفظة (رب).
وكانت الكتابة في العراق ترسم صورها في بادئ الأمر بقلم من القصب أو الخشب أو العظم على لوح من الطين الطري، ثم يشوونه ليصير صلباً. ولما انتقلت كتابتهم من طورها التصويري إلى طورها الصوتي كان لها ثلاث مئة وخمسة صورة أو علامة، كل صورة منها تدل على مقطع. ولم تتخط الكتابة العراقية طور المقطعية ولم توضع لها حروف مجانية. وبشكلها المقطعي استعملها مخترعوها "السومريون" (عندما ابتدأ التاريخ المدون، كان سكان العراق الجنوبي يعرفون جيداً بالسومريين. والغالب انهم تحدورا من القبائل والأقوام التي سكنت العراق في عصر ما قبل التاريخ، والمتفق عليه انهم كانوا من الجنس الأبيض ولكنهم ليسوا بساميين ولا يمتون بصلة إلى الجنس الآري- الهندي- الأوروبي. وقد ازدهرت الحضارة السومرية في العراق ازدهاراً باهراً ويعد عصرها من أزهى العصور في تاريخ الحضارة العراقية. وظلت لغتهم شائعة الاستعمال حتى نهاية الألف الثالث قبل الميلاد. ثم أخذت تحل محلها بالتدريج الأكادية، وهي لغة سامية معروفة في لهجات مختلفة وهي البابلية والآشورية والكلدانية. ومن الكلمات السومرية التي مازلنا نستعملها إلى اليوم "الكمون Cumin" و"الكركم Crocus" و"الزعفران Saffran" ومما هو جدير بالذكر أن كلمة "الملاح" أصلها من اللغة السومرية وتتألف من "ما" وهو سفينة و"لاخ" بمعنى ذهب وجاء. وكلمة "هيكل" وتتألف من شقين "أي" بمعنى البيت و"كل" بمعنى العظيم. و"سين" هو الاله القمر الذي عبد في بلاد كثيرة من الشرق الغربي. وما زالت أماكن كثيرة تحمل اسم القمر السومري سين) ومن بعدهم البابليون والآشوريون وتعرف هذه الكتابة عند العرب بالخط المسماري، وعند الإفرنج بالخط المثلث الشكل أو الإسفيني. وسماه آخرون باسم "خط الأوتاد" وذلك لأنه كان للقصبة التي يكتب بها السومري رأس مربع كالّ، فيأتي خطه على هيئة أسافين أو مسامير. وقد انتشر الخط المسماري في الشرق الأدنى، وظل معروفاً في العراق حتى بداية التاريخ الميلادي. وأما الكتابة المصرية فكانت تعرف باسم " الكتابة الهيروغليفية" (معناها لغة الكهان التصويرية (هيروت كاهن. وغليف – صورة) وانتقلت من الدور التصويري إلى الدور المقطعي، وأخيراً إلى الحروف الهجائية وبذلك سبق المصريون أهل العالم قاطبة إلى استنباط الكتابة بالحروف الهجائية.
رأي المصريون أن طريقة الكتابة المقطعية صعبة يحتاج الإنسان معها أن يحفظ عدة مئات من المقاطع وأن يتقن رسمها قبل كتابتها، مما جعل الكتابة عندهم مقصورة على رجال الدين والكهنة ، ففكروا في تبسيطها، وذلك أن الصورة أو الشكل الذي يدل على مقطع جعلوه يدل على صوت واحد من أصوات المقطع. وهذه الأشكال التي وُضعت ليدل كل منها على صوت واحد هي أصل الحروف الهجائية التي عرفها العالم. وكان عدد الحروف الهجائية عند المصريين أربعة وعشرين حرفاً.
وصلت الحروف المصرية إلى الفينيقيين – الكنعانيين- عن طريق عرب سيناء. ولما عظم شأنهم في عالم التجارة، وتوغلوا في أسفارهم إلى أماكن بعيدة، احتاجوا إلى تبسيط الحروف السينائية وتسهيلها لكي يخابروا بها عملاءهم ويضبطوا حساباتهم . فتمكنوا بعد البحث وبذل الجهد من استنباط اثنين وعشرين حرفاً جديدة سهلة، خالية من التعقيد أخذها عنهم اليونان، وعن هؤلاء نقلها الرومان ثم امتدت إلى سائر جهات أوروبا مع تعديل قليل وبذلك أصبحت الحروف الهجائية الفينيقية مع الزمن أُماً لكل الحروف الهجائية الأوروبية.
وكان المصريون يكتبون على ورق رقيق، وهو ورق نبات اسمه البردي، كان يكثر في مستنقعات الدلتا والكتابة عليه أفضل كثيراً من الكتابة على الخزف وغيره. وأما القلم الذي كان يكتب به فهو عبارة عن قصبة مبرية، ومازال هذا القلم مستعملاً عند القليلين جداً في الكتابة العربية إلى اليوم. وكان الكاتب يغمس قلمه في حبر يُصنع من مزيج من الصمغ والماء وسناج القدور. وتمكنوا فيما بعد من صنع مواد مداد أسود ثابت كانوا يطحنون مادته على ألواح من الخشب.
أولاً: عصر ما قبل معرفة الكتابة:
صلة فلسطين بمصر قديمة وثيقة الارتباط منذ قديم الزمن نظراً للارتباط الإستراتيجي والجغرافي بين القطرين مستمدة ذلك من المصالح المشتركة في الدفاع عن كل منهما يفرض الاهتمام بالآخر.
ارتبطت مصر في هذا العصر بصلات حميمة بجيرانها وقد عثر في المعادي (جنوب القاهرة) على مكاشط من الظران، مروحية الشكل تشبه كثيراً مكاشط عثر عليها في تليلات الغول شمال البحر الميت.
ومن الجائز أن رمز صلاية (الصلاية في الحضارة المصرية قطعة من الحجر المنحوت المطعم بمواد التلوين والتجميل) الملك نمرمر المشهورة والمحفوظة حالياً بمتحف القاهرة وهي تصور الملك في تلك الحقبة يصرع مجموعتين من الأعداء إحداهما تسكن مدينة أحيطت بسياج يشبه أسوار المدن الفلسطينية في ذلك الزمن والأخرى محاطة بسور يشبه أسوار حظائر الماشية الموجودة في شرقي الأردن من الجائز أن هذه الصلاية تسجل غزوة لبعض المدن الفلسطينية والبدو الرحل في الأردن.
وعثر في سهل سارونة (بين يافا وجبل الكرمل) على خاتم أسطواني عليه اسم نمرمر كشف كذلك عن قطعة من الفخار في (تل العريني) مسجل عليها كتابة بدائية فسرت بأنها اسم الملك نمرمر ومعها أوانٍ طرازها مصري.
كما كشف في (عاي) بفلسطين عن أكواب من المرمر وطبق من الغرانيت الوردي من العصر الثالث البرونزي يغلب عليه أنه مصري الأصل من عهد الأسرة الثالثة (2778-2723 ق.م. تقريباً) وكشف كذلك عن إناء من المرمر له حافة مسطحة وفخار شبيه بالفخار الذي عثر عليه من عهد الأسرة الثالثة وعثر أيضاً في مجدو ورأس العين على أوان لها حافة مفلطحة وأيد أنبوبية وميزاب تدل كلها على الآثار المصرية كما عثر على قواديم من كفر منشه صنعت على أسس وقواعد مصرية أصلية.
ومن الأهمية بمكان أن نشير أنه عثر على فخار فلسطيني بمصر في أبو صير الملق عن جرة كروية الشكل مزينة بخطوط حمراء ومثلها معروف في فلسطين في العصر البرونزي الأول ويلاحظ العثور في قبور ملوك مصر على أوانٍ يعتقد أنها مهداة أو جزية ولكنها لا تدفع إلى الاعتقاد بأن مصر كانت تحتل هذه المناطق في تلك الحقبة من تاريخ مصر الفرعونية الأمر الذي يأخذنا إلى وجود صلات برية بين مصر الفرعونية وفلسطين بالإضافة إلى الصلات البحرية بينهما.
وقد أطلق المصريون على سكان الصحراء الشرقية وسيناء والنقب اسم البدو (الذين يعيشون فوق الرمال أو سكان الرمال) وتوجد إشارة إلى تسميتهم بالشرقيين وسموا أيضاً (منثيو Mntjiu) وهي تعني المتوحشين وأشيعت كلمتا سيثتيو Setjetw وعامو Amw في الدولة القديمة ومن المحتمل أن الأولى تعني حملة الأقواس والثانية تعني قاذفي العصي وكان هؤلاء يتدفقون إلى الدلتا في حالة جفاف المرعى فيطاردهم المصريون لأنهم كانوا يعيثون في الأرض فساداً.
وقد استغل المصريون القدماء ما تضمنته واحتوته المنطقة الجنوبية الغربية من سيناء من مواد خام هامة مثل النحاس والملاخيت والفيروز واللازورد والياقوت والأصفر كما يلاحظ أن المصريين تركوا رسومهم في وادي مغارة منذ عهد الملك زوسر إذ شوهد أي الملك زوسر وهو يهوي بسلاحه على أحد الآسيويين من ذوي اللحى وترك سنفرو وخوفو ما يشير إلى قيامهما باستغلال معادن سيناء ويسجل زيادة نشاط ملوك الأسرتين الخامسة والسادسة في سيناء لأهمية ما يوجد بتلك المنطقة وأهم المخلفات التي احتوته تلك الصحراء على لوح يشاهد عليه الملك ساحور يقضي أيضاً على منثيو ويقضي على كل الملوك الأجنبية.
وقد سمى المصريون الطريق الموصل إلى فلسطين (طريق حورس) وكان يبدأ عند سيل على الحدود (قرية تل أبو صفية بالقرب من القنطرة) ويعبر ذلك السبيل بالصحراء مروراً بمستنقعات الملح إلى العريش وغزة وكانت تلك الطريق شاقة وخطرة.
ومن الجدير ذكره أن سكان فلسطين الجنوبية زود المصريين بالأيدي العاملة منذ أقدم العصور وجاء ذكر ذلك على حجر بالرمو منذ عهد الملك جر وهو(من ملوك الأسرة الأولى)ونقشت على كسرة من قبر الملك قع بأبيدوس صورة أسير آسيوي وقد يشير ذلك إلى غزوات وجهت إلى فلسطين.
ومن الملاحظ عدم مشاهدة أي نشاط عسكري لملوك الأسرة الرابعة إلا أنها بدأت تحركات المصريين في الشرق لحماية الطرق الموصلة إلى مناجم سيناء منذ بداية الأسرة الخامسة وقد اتجهوا شمالاً إلى سهل سارونة بل إلى أبعد من ذلك في الاتجاه الشمالي حيث نشأت مدناً منذ بداية عصر البرونزي كم ظهرت على معبد ساحورع رسوم آسيويين بشعورهم المرسلة ولحاهم المدببة وهم يرتدون المآزر القصيرة ويحيطون جباههم بالعصابات وورد في كتابات الأسرة الثالثة ذكر أسماء عدد من الحصون منها حصن ونت Wenet وهو في الغالب أول حصن في فلسطين من الناحية الغربية المجاورة لمصر على طريق حورس ومن الجائز أنه يقع تحت مدينة رفح وفي عهد الأسرة السادسة أصبحت كلمة ونت تدل على جميع المستوطنات المحصنة للآسيويين.
كما ورد في الوثائق المصرية القديمة أنه ظهر على أحد جدران الطريق الموصل بين معبد الوادي والمعبد الجنازي للملك أوناس بصقارة أن المصريين في معركة مع الشاسو (هو الاسم الذي أطلق على بدو فلسطين في فترة متأخرة) وقد استخدمت هنا لأول مرة كلمة عامو التي أصبحت تعني الآسيويين عامة في الدول الوسطى ثم أطلقها المصريون في الدولة الحديثة على الهكسوس.
كانت حملة أوني على فلسطين في عهد الملك بيبي الأول آخر ما يعرف عن فلسطين في الدولة القديمة ولا تتحدث الوثائق من عهد الملك بيبي الثاني عن فلسطين ولكن يفترض أن المناوشات استمرت، فقد عثر على مخلفات للمصريين في المواقع الأثرية الفلسطينية ولعل سبب ذلك يرجع إلى أن منطقة لبنان أصبحت تغذي مصر باحتياجها من الخشب والراتنج .
ثانياً: العصر المتوسط الأول:
منذ نهاية الدولة القديمة (2263 ق.م. تقريباً) دخلت مصر في فترة انحلال في العصر المتوسط الأول وشملت عهود الأسر من الأسرة السابعة إلى الأسرة العاشرة استمرت حوالي 190 سنة.
انتهز البدو الآسيويون فترة التمزق التي تعيشها مصر فاندفعوا إلى شرقي الدلتا بماشيتهم وأقام بعضهم فيها وبدأ في تلك الفترة تكوين مستعمرات مصرية في شمال شرقي الدلتا لتخليص البلاد من تسلل البدو الآسيويين وعملوا على تقوية الحدود وقد حفظت تعاليم أخيتوي الثالث لولده مري كارع واشتملت على عادات هؤلاء الرحل في سورية وفلسطين فهي تصف نوعاً من قطاع الطرق الذين كانوا يهددون حياة أهل الدلتا وهذا لا ينطبق على عامة السكان (أصحاب المنطقة) الذين أبدوا ضروب الكرم والشهامة حين استقبلوا سنوهي وأكرموه فطابت له الإقامة فيها ردحاً من الزمن.
استطاع منتوحتب الثاني توحيد مصر فتكونت الأسرة الحادية عشرة (من 2160-2000 ق.م. تقريباً) كما يلاحظ أن السياسة الآسيوية نشطت فهناك إشارات إلى حملات عسكرية على شعوب الشرق منها حمله على (أرض زاهي) أي سورية وفلسطين.
بعد وفاة منتتوحتب الثاني بخمس عشرة سنة تحطمت الوحدة المصرية لمدة وجيزة وهاجم البدو الرحل شرقي الدلتا كما تقول نبوءات نفرتي.
ثالثاُ: ملوك الأسرة الثانية عشرة:
لم يمنع أمنحمات الأول (من 2000-1970 ق.م. تقريباً) مؤسس الأسرة الثانية عشرة الرعاة الآسيويين من شرق الدلتا حيث سمح لهم بالتزود من المياه لمواشيهم.
وتعود إلى تلك الحقبة حملة القائد نسومونت على الآسيويين وحملة سنوسرة الثالث (1887-1850 ق.م. تقريباً) الذي وصل إلى بلد أجنبي كان اسمه سكم (بلاطة) في المرتفعات الغربية للأردن.
وفيما عدا هاتين الحملتين اللتين لا تعرف أسبابهما لا يرد ذكر لعمليات حربية قام بها المصريون في فلسطين في هذا العهد ولم يمثل الفراعنة وهم يضربون (عدواً آسيوياً) كما جرت العادة في الدولة القديمة وتدل قصة سنوهي (سنوحي) الذي عاش في فلسطين على طبيعة العلاقات السلمية التي سادت بين مصر وفلسطين.
كما ازداد في تلك الحقبة من الزمن ما يعرف بالدبلوماسية اليوم فكثر سفراء الفراعنة ورسلهم إلى فلسطين وما وراءها وقد عثر على الوثائق الثبوتية لذلك في تل العمارنة ومدينة ماري وأشارت قصة سنوهي إلى اهتمام الأمراء الآسيويين بمراسلة ملوك مصر وكانوا على علاقات طيبة معهم وأن ملك مصر استقبل الفلسطينيين في قصره وكان من عاداتهم (الفلسطينيين) أن يرسلوا إليهم الهدايا الثمينة.
وفي مقابر بني حسن المؤرخة في عهدي أمنمحات الأول وسنوسرة الأول لوحظ وجود مناظر لحياة عسكرية تبين وجود محاربين من الشرق بين صفوف المصريين.
كما يسجل أن مصر استوردت في عهد الدولة الوسطى من فلسطين الماشية وبعض المنتجات الآسيوية وقد سبقت الإشارة إلى أعمال التعدين التي قام بها المصريون في سيناء وبدأ الاستخدام الواسع للبرونز واللازورد الآسيوي في مصر أثناء الدولة الوسطى وتين نصوص معبد سنوسرة الأول والكنوز التي عثر عليها فيه الثروات التي كانت تضمها فلسطين وسورية وما كانت تقدمه إلى ملوك الأسرة الثانية عشرة منها كهدايا.
وعثر من ناحية أخرى في كل من سورية وفلسطين على آثار مصرية نتيجة زيارات شخصية ومن الجدير ذكره عندما حضرت وفاة أمنحات الأول فر سنوهي لأسباب سياسية إلى سورية ولم يعد إلا في عهد ولده سنوسرت الأول.
وثبت وجود مقابر ومنزل واحد بفلسطين ترجع تاريخها إلى الدولة الوسطى وكانت ملكاً لمصريين في حينه.
ومن الأهمية يمكن أن نشير إلى المقتنيات المصرية التي وجدت في فلسطين في الدولة الوسطى فهي كثيرة فقد عثر على التماثيل والأختام المصرية في مجدو وتل العجول (جنوب غزة) وجزر أريحا وتل يما (غرب بحيرة طبرية) وتل الدوير وبلاطة (شرق نابلس) وبيسان ولا توجد النصوص التي تعلل وجود المصريين وآثارهم في فلسطين أيام الأسرة الثانية عشرة ولهذا تضاربت آراء المؤرخين فأعاد بعضهم ذلك إلى الاستعمار السياسي لفلسطين في حين رآها آخرون نتيجة للعلاقات الدبلوماسية والتجارية بين مصر وفلسطين.
ومهما يكن الأمر فهذا الاختلاف لا يرقى إلى الشك فقد كانت هناك صلات قوية بين المصريين والفلسطينيين في أيام الأسرة الثانية عشرة وأن اللغة المصرية والديانة المصرية والزخرفة المصرية وجدت سبيلها إلى فلسطين.
وقد صورت الوثائق المصرية الأثرية في هذا العهد صور الآسيويين رجالاً ونساء بزينتهم وملابسهم وأسلحتهم وأدواتهم المختلفة في تلك الحقبة.
وفي قصة سنوهي الشهيرة عبارة تشير إلى وجود اتحادات عسكرية تفسر حملة سنوسرت الثالثة على شكيم وأن فلسطين كانت مركزاً لإمارة قامت بدور قيادي في إقليمها وأن الإمارات الصغيرة شكلت اتحادات كان على رأسها أقوى الأعضاء وقد جد ما يدل على هذا النظام في دار المحفوظات بماري.
رابعاً: فلسطين في عهد الأسرة الثامنة عشرة:
قام حكام مصر في هذه الفترة بتوسيع سلطانهم على الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
وقد طرد أحموس الأول (1580-1558 ق.م.) الهكسوس إلى جنوب فلسطين ويبدو أنه استولى على شاروحين ثم تابع أمنحتب الأول (1588-1530 ق.م.) عمل أحموس فتقدم في آسيا وفي تلك الحقبة ونشط ملوك مصر ولاسيما تحتمس الثالث (1504-1450 ق.م.) وفي هذا السياق سجلت الوثائق أخباراً مفصلة عن حملة تحتمس الثالث عام 1482 ق.م. على فلسطين وما دار في موقعة تل المتسلم (مجدو) وكيف استطاعت مصر أن تخمد ثورات الممالك الفلسطينية والسورية واحتفظت بسلطتها القوية طوال القرن الخامس عشر قبل الميلاد وفي بداية القرن الرابع عشر ضغط الحيثيون من الشمال وثارت المدن العمورية وأحدثت جماعات الخابيرو القلاقل في فلسطين عندما ضعفت سلطة مصر وتخلخل مجدها وتفككت مدنها ولم ترجع إلا في عهد الفرعون سيتي الأول ثاني ملوك الأسرة التاسعة عشرة التالية.
عرف تسجيل تاريخ هذه المرحلة التي احتلت مصر للمدن الفلسطينية على الفخار (فخار بالعصر البرونزي المتأخر) بالدرجة الأولى.
فقد عثر في فخار مجدو وتعنك وشكيم وبيسان وتل الفارعة وتل أبو حوام وتل الدوير على وثائق تعود إلى هذه الأسرة وتضم لوحات وتماثيل تحمل الطابع المصري ومنها لوحة الإله ميكال الآسيوي عثر عليها في بيسان وتمثال من البرونز للإله رشف عثر عليه في تل الدوير ويمكن الاستدلال من هذه الآثار على أن هذه المدن كتل الدوير كانت تحت الإدارة المصرية فإن العبادتين الكنعانية والمصرية قد تدخلتا نوعاً ما في حياة المجتمع في حينه.
وتدل دراسة آثار المواقع الفلسطينية المختلفة على أن الدمار قد لحق بهذه المواقع والمدن بنتيجة الحروب بين الهكسوس المتراجعين والجيوش المصرية المتقدمة وأن الخراب بلغ فيها ما بلغ فهجرت زمناً ثم بدأت تعود إلى سابق عهدها بعد غزوات تحتمس الثالث وأخذت تزدهر في نهاية عهد الأسرة الثامنة عشرة .
خامساً:فلسطين في عهد الأسرة التاسعة عشرة:
في عهد هذه الأسرة جرت هجرة الإسرائيليين إلى أرض كنعان وتمت إقامتهم في مصر ثم خروجهم منها وتحركهم إلى سيناء وشرقي وادي عربة والبحر الميت والمصادر الوحيدة التي تسجل ذلك كله هي أسفار سيدنا موسى الخمسة: التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية وقد تتناثر بعض المعلومات في نصوص ماري والنصوص الأكادية والحثية والآثار المصرية ووثائق نوزي ورسائل تل العمارنة وروايات الكتاب الهيلينيين والرومان.
ويصعب تحديد تاريخ تقريبي لهذه الأحداث التي تمت في هذا العهد فأسفار التوراة نفسها تختلف فيما بينها فيوحي سفر الملوك( ) بأن خروج بني إسرائيل من مصر وقع عام 1450 ق.م. تقريباً وينبئ سفر الخروج( ) أن تحركات بني إسرائيل من فلسطين إلى مصر كانت حوالي عام 1900 ق.م. تقريباً ويروي سفر الخروج في الأصحاح الأول أن فرعوناً جديداً ضيق الخناق على الإسرائيليين حتى إنهم اضطروا للهجرة من مصر بعد وفاة فرعون الذي صادق سيدنا يوسف أي أن الخروج جرى في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
وقد تحدثت الروايات عن أعمال السخرة التي كلف بها الإسرائيليون في أواخر القرن الرابع عشر وأوائل القرن الثالث عشر قبل الميلاد وقالت إن أحد الفراعنة أجبرهم على العمل في بناء مدينة بيثوم ومدينة رمسيس ولعله كان الفرعون رعمسيس الثاني (1304-1237 ق.م. تقريباً) الذي امتاز عهده بالنشاط العمراني وعلى هذا القول يكون دخول الإسرائيليين لمصر في نهاية القرن الرابع عشر قبل الميلاد ومن المحتمل أيضاً أن يكون خروجهم قد وقع في النصف الثاني من القرن الثالث عشر.
وحاول بعض الدارسين أن يجدوا أدلة من خارج نصوص التوراة يربطون بها بين تحرك الإسرائيليين لمصر جزءاً من غزو الهكسوس الذي حدث عام 1700 ق.م. ورأوه آخرين أن خروجهم منها متصلاً بطرد الهكسوس من مصر عام 1570 ق.م. ولكن هذه المحاولات أخفقت في الوصول إلى تنمية ذلك وظلت الآراء تختلف في تحديد تاريخ خروج الإسرائيليين من مصر( ).




























الفلسطينيين

في أواخر القرن الثالث عشر ق.م زحفت القبائل الهندو-أوروبية على بلاد اليونان فاضطر سكانها الايجيون إلى الفرار بحراً ووصلوا إلى أقرب السواحل ، وهي سواحل مصر وسوريا اليوم .
وكان الفلسطينيون (أو الفلسطيُّون) من بين هؤلاء الذين جاؤوا من جزيرة كريت واحتلوا مدينتي أرواد وقادش ولما أرادوا الوصول إلى مصر جمع رعمسيس الثالث (1198ق.م-1167 ق.م) قواته البرية والبحرية وكانت معركة قاسية جداً تغلب فيها المصريون ، غير أنهم لم يلحقوا بالفلسطينيين شمالاً ، وهكذا كانت سواحل فلسطين بداية استقرار الفلسطينيين (الايجيين) عليها .
لا شك في أن دخول الفلسطينيين أر كنعان كان متزامناً مع دخول قوم سيدنا موسى وتشير بعض الكتابات إلى سبق الفلسطينيين وبعضها الآخر إلى الموسيين واستطاع الفلسطينيون منذ بداية عهدهم أن يتغلبوا على الكنعانيين ويستولوا على مدن الساحل من جنوبي الكرمل (حيث كانت حدودهم مع الفنيقيين) حتى غزة (حدودهم مع مصر) وكانت أهم مدنهم خمساً : غزة وعسقلان واسدود وعقرون وجت ، وقد حكمت كل مدينة قبيلة من قبائلهم باستقلالية كاملة ، غير أنهم امتازوا بوحدة قوية نسبياً فيما بينهم ، هي أشبه بالاتحاد الكونفدرالي كما كانوا عند الخطوب يتوحدون .
ولم يختلط الفلسطينيون بغيرهم من الشعوب وربما يعود ذلك إلى عدم انتمائهم إلى الشعوب السامية ، فهم آريون ، وربما يعود ذلك أيضاً إلى كونهم قد جاؤوا بعائلاتهم معهم منذ البداية فعاشوا في مجتمعهم الخاص في عزلة .
في النصف الثاني من القرن الحادي عشر وصل الفلسطينيون إلى قمة قوتهم الحربية وهم منذ البداية تميزوا بالطابع الحربي ، فقد برعوا في صناعة الأسلحة الحديدية وفي استعمالها وهم بنوا أول مصانع للحديد على أرض كنعان في الجنوب الغربي ( ).
إن أبرز ما تميز به تاريخ الفلسطينيين هو سلسلة الحروب التي خاضوها مع بني إسرائيل ، ولو كانت مصر في تلك المرحلة بعد قوية، لما تمكن الفلسطينيون ولا بنو إسرائيل من الاستيلاء على قسم كبير من أرض الكنعانيين فالحروب الكنعانية –المصرية كانت قد أضعفت كلاَّ من الكنعانيين والمصريين مما سهل على الفريقين المهاجمين من الغرب والشرق أن يحتل كل منهما جزءاً من البلاد .
ومن أبرز معاركهم : المعركة الأولى وهي تعرف بمعركة افيق (رأس العين) وقد انكسر فيها بنو إسرائيل وقتل فيها ثلاثون ألفاً ، كما ستولى الفلسطينيون منهم على " تابوت العهد " المقدس لديهم والذي كانوا يتبركون به ويحرصون عليه كل الحرص في ترحالهم وحروبهم ، وخبأ الفلسطينيون " تابوت العهد" في إسدود غير أنهم ردوه فيما بعد إلى سيدنا داوود ثم وضع في هيكل سليمان ولم يعرف مصيره بعد ذلك .
و تابوت العهد أو تابوت الشهادة يعتبر الرمز لإله اليهود "يهوه" وهو يتألف من خزانة خشبية مكسوة بالذهب من الداخل والخارج ، ويحيط به إكليل من الذهب الخالص ، واحتفظوا داخله بلوحي الشهادة وهما اللوحان الحجريان اللذان نقشت عليهما الشريعة الموسوية أي الوصايا العشر التي نزلت على النبي موسى في جبل سيناء
وفي سفر صموئيل وصف لإستيلاء الفلسطينيين على تابوت العهد " وكان كلام صموئيل إلى جميع إسرائيل ، وخرج إسرائيل للقاء الفلسطينيين للحرب ونزلوا عند حجر المعونة ، وأما الفلسطينيون فنزلوا في أفيق ز واصطف الفلسطينيون للقاء إسرائيل واشتبكت الحرب فانكسر إسرائيل أمام الفلسطينيين وضربوا من الصف في الحقل نحو أربعة آلاف رجل ، فجاء الشعب إلى المحلة وقال شيوخ إسرائيل لماذا كسرنا اليوم الرب أمام الفلسطينيين ، لنأخذ لأنفسنا من شِيلُوه تابوت عهد الرب ، فيدخل في وسطنا ويخلصنا من أيد أعدائنا ، فأرسل الشعب إلى شيلوه وحملوا من هناك تابوت عهد رب الجنود الجالس على الكرُوبيم . وكان هناك ابْنا عالي حِفْني وفِينْحاسُ مع تابوت عهد الله . وكان عند دخول تابوت عهد الرب إلى المحلة أن جميع إسرائيل هتفوا هتافاً عظيماً حتى ارتجت الأرض ، فسمع الفلسطينيون صوت الهتاف فقالوا ما هو صوت هذا الهتاف العظيم في محلة العبرانيين ، وعلموا أن تابوت الرب جاء إلى المحلة فخاف الفلسطينيون لأنهم قالوا قد جاء الله إلى المحلة . وقالوا ويلٌ لنا لأنه لم يكن مثل هذا منذ أمس ولا ما قبله ، ويلٌ لنا . من ينقذنا من يد هؤلاء الآلهة القادرين ، هؤلاء هم الآلهة الذين ضربوا مصر بجميع الضربات في البرية . تشددوا وكونوا رجالاً أيها الفلسطينيون لئلا تُستعبدوا للعبرانيين كما اسْتُعبدوا هم لكم . فكونوا رجالاً وحاربوا ، فحارب الفلسطينيون وانكسر إسرائيل وهربوا كل واحدٍِ إلى خيمته . وكانت الضربة عظيمة جداً .وسقط من إسرائيل ثلاثون ألف راجل ، وأُخذ تابوت الله ومات ابنا عالي حِفني وفِينحاس " ( )
ومن أبرز ملوك الفلسطينيين كان الملك أخيش وهو الذي كان سيدنا داوود قد لجأ إليه في أثناء هربه من شاول وسيدنا داوود نفسه كان قد تحول من راعي غنم إلى مصوِّب شجاع ماهر لما تمكن من قتل جالوت أو جُليات ، القائد الفلسطيني الجبار ، وكان كل من الجيشين إلاسرائيلي والفلسطيني واقفا على جبل طوال أربعين عاماً ن وكان جليات ينزل إلى الميدان يومياً بالدرع والخوذة النحاسية والسلاح الكامل ، يتحدى بني إسرائيل ويطلب منهم مبارزاً ن فلا ينزل منهم أحد لشدة ما كانوا يخافونه ، وكان سيدنا داوود يومذاك صغير إخوته ويرعى غنم أبيه في بيت لحم ، غير أنه ذات يوم وصل إلى صفوف بني قومه ليسأل عن إخوته وشاهد خوف رجال شاول وهربهم وهم يسمعون صيحة الفلسطيني يدعوهم إلى النزال ، وسمع أيضاً أن الملك شاول وعد بأن يزوج ابنته من يقتل جليات ، وحاول شاول لما مَثِل سيدنا داوود بين يديه أن يثنيه عن عزمه لكونه غلاماً ما اعتاد الحرب ، غير أن سيدنا داوود لم ينثن ، ولم يرتد ثياب القتال ، واكتفى بعصاه وخمسة حجارة وضعها في جرابه وتقدم نحو الفلسطيني ومقلاعه بيده ، ونظر إليه جُليات فاحتقره لصغره ، ولما تقدم إليه ما كان من سيدنا داوود إلاَّ أن تناول حجراً ورماه بالمقلاع فأصاب جبهته وسقط جُليات على وجهه إلى الأرض ، وبالمقلاع والحجر قتله ، ثم ركض ووقف فوقه وأخذ منه سيفه وقطع به رأسه وهرب الفلسطينيون لما مات جبارهم ( ).
ابتدأت العداوة بين شاول الملك و سيدنا داوود " الرجل المسكين الحقير" كما كان يقول عن نفسه ، فبنوا إسرائيل هللوا لداوود ن وفكر شاول في التخلص منه ، فطلب منه أن يقتل مائة فلسطيني قبل أن يزوجه ابنته وفعل سيدنا داوود ن فذهب وحاربهم وقتل مائتين ، ثم تزوج ابنته ، واشتدت العداوة بينهما حتى وفاة شاول .
بقيت الحرب سجالاً بين الفلسطينيين و بني إسرائيل ، غير أن النزاع الداخلي بين شاول و سيدنا داوود بقي مستمراً كذلك . وفي هذه المرحلة قرر سيدنا داوود أن يلجأ إلى الفلسطينيين أعدائه وأنجده الملك أخيش ملك جت ، وكان سيدنا داوود قد لجأ إليه مع ستمائة رجل وامرأتيه واستقر في مدينة صقلغ التي أعطاه إياها أخيش وفي إحدى حروب الفلسطينيين ضد شاول طلب الملك أخيش من داوود أن ينزل هو ورجاله ليحارب في صفوف الفلسطينيين ، ورضى سيدنا داوود لكن أقطاب الفلسطينيين لم يرضوا بذلك ، فهم لم يطمئنوا إلى سيدنا داوود وطلبوا من ملكهم أن يعيد داوود إلى مكانه ( وقد كان لاجئاً سياسياً لدى أخيش بلغة اليوم( )
وقد ورد أن الملك أخيش قال عندئذٍ لسيدنا داوود : "حيٌ هو الرب إنك أنت مستقيم وخروجك ودخولك معي في الجيش صالحٌ في عينيَّ لأني لم أجد فيك شراً من يوم جئت إلىَّ إلى اليوم ، وأما في أعين الأقطاب فلست بصالحٍ . فالآن ارجع واذهب بسلام ولا تفعل سوءاً في أعين أقطاب الفلسطينيين ، فقال سيدنا داوود لأخيش فماذا عملت وماذا وجدت في عبدك من يوم صرت أمامك إلى اليوم حتى لا آتي وأحارب أعداء سيدي الملك فأجاب أخيش وقال لسيدنا داوود علمت أنك صالح في عينيَّ كملاك الله . إلاَّ أن رؤساء الفلسطينيين قالوا لا يصعد معنا إلى الحرب ، والآن فبكر صباحك مع عبيد سيدك الذين جاءوا معك وإذا بكرتم صباحاً وأضاء لكم فاذهبوا . فبكر سيدنا داوود هو ورجاله لكي يذهبوا صباحاً ويرجعوا إلى أرض الفلسطينيين فصعدوا إلى يزرعيل " ( ).
لو لم تكن التوراة نفسها مصدر هذه الحادثة لما صدق أحد أن سيدنا داوود أعظم ملوك بني إسرائيل قد التجأ إلى الملك أخيش الفلسطيني واستعد ليقاتل معه ضد أعداء "سيده الملك" أي ضد بني قومه .
ومن ناحية أخرى تظهر هذه الحادثة أن الملك الفلسطيني لم يكن مستبداً برأيه ن فقد استمع إلى نصيحة الأقطاب في قومه ، ونزل عند رأيهم وأثبتت الأيام أن أقطاب الفلسطينيين كانوا على صواب ، ذلك بأن شاول قد انتهى مع أبنائه الثلاثة في المعركة الأخيرة ، معركة جبل جلبو ، مما جعل الفلسطينيين يسيطرون على الطريق التجارية الدولية المارة بسهل مرج ابن عامر والغور ن والتي تصل بلادهم بدمشق وغيرها ، غير أنهم هزموا بعد ذلك أمام جيش الملك الجديد سيدنا داوود الذي بقى يلاحقهم حتى خضعت لحكمه المدن الفلسطينية كلها .
وفي عهد سيدنا سليمان خضع الفلسطينيون له طوال حكمه ن وفي مرحلة إنقسام المملكة إلى مملكتين ، شمالية وجنوبية حارب الفلسطينيون كلا منهما من وقت لآخر حتى القرن الثامن ق.م .
غير أنهم خضعوا نهائياً بعد ذلك ، أما في الحروب الخارجية فقد اضطر الفلسطينيون بحكم موقع بلادهم إلى أن يقاتلوا الآشوريين والمصريين خصوصاً عندما كان هذان الفريقان يتقاتلان على أرض الفلسطينيين ، وقد صمدت "اسدود" المدينة الفلسطينية الأولى ثلاث سنوات أمام الجيش الآشوري في القرن الثامن ق.م لكن الآشوريين احتلوها أخيراً وكذلك احتلت مصر غزة .
انقرضت مملكة الفلسطينيين إلى حدٍ بعيد قبيل السبي البابلي ، ولم تعد لهم في القرن الرابع ق.م أية قوة تذكر ، وانتهت سيرتهم في تاريخ فلسطين بالاندماج التام والانصهار مع الساميين ، وهي نهاية متوقعة لشعبٍ غريب كانت بلاده ممراً للشعوب والجيوش المجاورة ( ).
ليس من شك في أن أكبر مساهمة للفلسطينيين في المدينة الكنعانية والإسرائيلية كانت إدخال صناعة الحديد ، فسيدنا داوود تغلب عليهم لما أصبح قومه أيضاً يعرفون ا؟لأسلحة الحديدية ، وقد ورثها عنهم الفنيقيون أيضاً ، فاستعملوا الحديد في بناء السفن وكذلك ورثوا عنهم الرغبة في ركوب البحر البعيد وتفوق الفنيقيون في هذا المضمار ، فوصلوا إلى المحيط الأطلسي عندما كان الفلسطينيون قد نسوا هم أنفسهم حب ركوب البحر . وفضلوا البقاء والاندماج في سكان الأرض .
وساهم الفلسطينيون كذلك في صناعة الفخار فعرف الكنعانيون منهم أدوات جديدة من الفخار كما عرفوا من الحديد .
وتأثر الفلسطينيون بدورهم وعلى الرغم من عزلتهم بكثير من التقاليد الكنعانية فأصبحت عبادتهم تتألف من ذكر وأنثى كما هي عبادة الساميين . ومن آلهتهم الإله داجون إله الحبوب والغلات الغذائية ، وقد عبدوه على صورة رأس إنسان ويدي إنسان وجسم سمكة مغطاة بالفلوس والزعانف ، وربما صوروه على هذا الشكل تأثراً بنشأتهم بين الجزر وبحبهم للبحر( ) .
لم يبق شيء يذكر من اللغة الفلسطينية ، ومن الكلمات القليلة الباقية " كلمة سيرين" وهي تعني الحاكم أو السيد ، فقد كان يقال سيرين اسدود مثلاً ، أي حاكم اسدود ، وما زالت هناك قرية تدعى سيرين في شمال فلسطين ( ) .
غير أن أهم ما بقى من تاريخ الفلسطينيين هو الاسم الذي أطلق على معظم الأراضي التي عرفت في فجر الحضارة بأرض كنعان : فلسطين .
يعد الفلسطينيون قوم من الأقوام الخمسة التي تنتمي إلى شعوب البحر والتي سكنت الشاطئ الجنوبي من فلسطين كما يستخلص من الكتب المقدسة والنقوش والآثار و التي يعتقد أنها هاجرت من مناطق بحر إيجة إلى كنعان القديمة فأعطتها اسمها الحالي فلسطين و كذلك يعتقد المؤرخون المعاصرون أن الهرج السكاني الذي تعرضت له مناطق آسيا الصغرى وبحر إيجة في نهاية القرن الثالث عشر قبل الميلاد دفع هذه الأقوام إلى البحث عن أوطان أكثر اطمئناناً فكانت منها هجرات الفلسطيين إلى الساحل السوري فقضى الفلسطيون على مدينة أوغاريت (رأس شمرا) كما هاجموا طريق ’خر مدينة صور واستوطنت فرقة ثالثة منهم الساحل الجنوبي من سورية القديمة بعدما هزمها رعمسيس الثالث عام 1191 ق.م. عند محاولتها غزو الساحل المصري كما استوطن قسم من هؤلاء ويدعون بالجيكر أو التجكر منطقة دورا جنوبي الكرمل الذي اعتبر الحد الفاصل بين مناطق نفوذ الفلسطينيين والمناطق الفنيقية وبمرور السنين تمكن الفلسطينيون من فرض سيطرتهم على المنطقة الساحلية الممتدة من جنوبي يافا إلى غزة واستوطنوا مدنها السامية الأصل وأشهرها غزة وعسقلان وأشدود وعقرون إلا أنهم لم يشعروا بالاطمئنان لقربهم من الساحل فلم يقيموا إلا في مدينة داخلية واحدة هي غاث (تل عراق المنشية يعتقد أنها على بعد قرابة 8 كم تقريباً جنوبي بيت جبرين) كما لم ينشئوا أكثر من مدينين داخليتين هما اللد وصقلغ (شمال بير السبع)( ).
وترجح المصادر التي تم العثور عليها ولاسيما المصورة من عهد رعمسيس الثاني وكذلك بقايا الخزف المطلي في مناطق سكناهم انتساب الفلسطينيين إلى الأقوام الأوربية التي استوطنت في بدايات تجمعها أجزاء متعددة من البلقان وبلاد اليونان وجزر البحر الإيجي.
وتدلل ظاهرة محافظة الفلسطيين على مميزاتهم الحضارية فترة طويلة من الزمن على أنهم لم يحاولوا الاختلاط بسكان البلاد الأصليين من العناصر السامية وساعدهم على ذلك اصطحابهم نساءهم من موطن هجرتهم الأول.
وقد اقتبس الفلسطينيون نظام الحكم الفينيقي فأنشأوا من في مدنهم الرئيسية الخمس مدناً يحكم فيها سيداً وترتبط جميعها باتحاد (يشبه اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم) اتفق على أن تكون عاصمته مدينة أشدود وقد وصلت صورة أحد هؤلاء الأسياد على غطاء تابوت وجد في خربة المشاش جنوبي شرق بير السبع وهو السيد بلحية على الشفة السفلى وشعر مجدول( ).
وكان العبرانيون حسب رواياتهم المقدسة أقوى المنافسين الفلسطينيين ففي عام 1050 ق.م. غنم الفلسطينيين من العبرانيين تابوت العهد الذي اودعت فيه الوصايا العشر ونسخة التوراة الأصلية وحملوه إلى عاصمتهم أشدود ويعزو المؤرخون تفوق الفلسطينيين إلى نوعية أسلحتهم التي صنعوها من الحديد الذي يعزى إليهم إدخاله إلى تلك البلاد وتصور قصة جوليات المحارب الفلسطيني وتؤكد عظمة أسلحته ودروعه بأنها مصنوعة من الحديد الخالص.
يظهر أن تعدين الحديد أصبح في تلك الفترة حكراً على الفلسطينيين الذين كانوا يتفنونه لدرجة أن المصادر اليهودية تذكر أن العبرانيين المعاصرين كانوا يحددون أدواتهم وأسلحتهم عند حدادين فلسطينيين وفي الوقت الذي تعرضت فيه وحدة المدن الفلسطينية إلى التفكك تعرف العبرانيون إلى صهر الحديد وتعدينه وتمكن العبرانيون من الفلسطينيين لاسيما بعد استيلاء سيدنا داود على منطقة آدوم (جنوبي البحر الميت) التي كانت غنية بمعدن الحديد وضمها إلى مملكته.
وعلى الرغم من أن الحفريات الحديثة التي جرت في فلسطين لم تسفر عن آثار مادية كثيرة خلفها الفلسطينيون تدل على شخصيتهم الحضارية فإنه يعزي إليهم فضل نقل الحضارةة السورية من عصر البرونز إلى عصر الحديد وفضل آخر تمثل في تعميم معرفتهم بما وراء البحر على جيرانهم الفنيقيين الذين مالوا إلى الأسفار البحرية البعيدة فساهموا في استكشاف مناطق مجهولة من البحرين المتوسط والأحمر وكذلك شرقي المحيط الأطلسي.
أخذ الفلسطيون بعد أن تقلص نفوذهم السياسي يتأثرون ويختلطون بسكان البلاد الأصليين من العناصر السامية التي استوطنت البلاد منذ 3000 ق.م. واندمجوا بهذه العناصر لدرجة لم يعد بالإمكان تمييزهم منهم حتى إن النبي نحميا عندما كتب عنهم في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد لم يذكرهم بالاسم بل ذكر الأشدوديين واللغة الأشدودية والإله داجون الأشدودي التي يرمز إلى الفلسطينيين( ).
اختلف كثيراً في تعيين أصل الفلسطينيين فهناك من يقول أنهم أتوا من شمال سوريا ومن يقول أنهم أتوا من جزيرة كريت عن طريق آسيا الصغرى إلى فلسطين وهناك قولٌ آخر أن الشعوب والجماعات الهندية الاريه زحفت إلى اليونان وجزر بحر ايجه الواقعة بين اليونان وآسيا الصغرى بما في ذلك جزيرة كريت وقد أدى هذا الزحف إلى هروب جزء كبير من سكان بحر ايجه بسفنهم إلى البحر والاتجاه جنوباً وقد حاولوا غزو مصر لكن المصريين صدوهم فتحولوا إلى السواحل الكنعانية ما بين يافا وغزة وكان غزو القبائل الفلسطينية المنشق اسمها من بيلست وهو الاسم الأصلي لهذه القبائل التي قدمت من بالستا في اليونان .
وهناك قولٌ آخر أنهم ساميون جاءوا من الحبشة وعبروا إلى جزيرة العرب من باب المندب فنزلوا اليمن وانتشروا في الحجاز ونجد والبحرين ثم نزحت طائفة منهم إلى فلسطين .
وعندما نزل سيدنا إبراهيم إلى بئر السبع وحفر بئره المشهور فيها اصطدم مع الفلسطينيين كما تقول التوراة وحارب الفلسطينيون اليهود زمناً طويلاً الذين كانوا يسكنون الجبل والفلسطينيين يسكنون الساحل .
ومن الجدير ذكره أنه اندمج الفلسطينيون مع الكنعانيين وتكلموا اللغة الكنعانية وتركوا اللغة الكريتية واتخذوا الديانة الكنعانية ديناً لهم فعبدوا الإله بعل وعاشره ودجن وحاربوا اليهود إلى أن حكم فلسطين الآشوريون فذابوا مع الشعب الكنعاني والعموري.

اسم فلسطين
إن وجود الفلسطينيين القدماء على الساحل الكنعاني من الكرمل حتى غزة حقيقة تاريخية لم تطرح مرة على صعيد الشك ، فالعهد القديم تحدث مطولاً عن الفلسطينيين وأثبتت سائر المصادر المعروفة أن الألف الثاني ق.م وجود الفلسطينيين ومدنهم في مدن الساحل خاصة وقد ضاعت معالم هؤلاء الآريين –الايجيين الغرباء عن الشعوب السامية في المنطقة ، فأصبحوا من الشعوب المنقرضة التي عاشت مئات من السنين في سؤدد وسيادة ، لكنها لما انقرضت تركت بعض بصماتها ، وأهم البصمات الخالدة التي خلفها الفلسطينيون كانت الاسم ، فالأرض الساحلية التي كانت مدنها تعرف بالمدن الفلسطينية أصبحت تعرف بأرض فلسطين .
وفي تاريخ ما قبل الميلاد كانت طبيعة الحكم دولاً مدينية مستقلة ، مما جعل الملوك يُنسبون إلى المدن التي يحكمونها لا إلى الدولة الواحدة لإنعدام وجودها أصلاً على الصعيد السياسي ، فيقال مثلاً الملك أخيش الفلسطيني ملك اسدود ، وسواه ملك عسقلان .... وهكذا .
وربما أدى انهيار الممالك المدينية هذه في عهد الفرس إلى جعل نسبة الأرض إلى الشعب أمراً طبيعياً بل محتماً بعد أن كانت نسبة المدن إلى هذا الشعب هي الأساس في عهود الملوك الأقوياء .
وقد ورد في معظم الكتب التاريخية الحديثة هيرودوتس كان أول من أطلق اسم فلسطين على الساحل الغربي من البلاد ، والحقيقة هي أن المؤرخ اليوناني المعروف بالمؤرخ الأول قد سجل الاسم وكتبه كما سمعه متداولاً في القرن الخامس ق.م ، فهو لم يطلقه أو يخترعه ن والتاريخ الذي كتبه كان سجلاً لما لاحظه وسمعه من الأقوام والشعوب عبر رحلاته المتواصلة في آسيا الصغرى والمدن والجزر اليونانية ومن الأماكن التي زارها : صور والساحل الفلسطيني كله حتى غزة ن ومصر التي مكث فيها طويلاً . ففي أثناء حديثه عن الحضارة المصرية القديمة وفن العمارة لدى المصريين القدماء قال : " إن الأعمدة التي بناها ملك مصر سيسوستريس في البلاد التي احتلها قد اختفى معظمها ، أما في الجزء من سوريا المدعو فلسطين فقد رأيتها بنفسي ما زالت منتصبة واقفة تعلوها الكتابة والرمز " ( الكتابة التي احتوت اسم الملك المصري واسم بلده وكيفية احتلاله البلاد بقوة جيشه ، والرمز يصور الشعب الذي أخضعه شعباً من النساء) .
ويقول في موضع آخر عن انتشار العادات المصرية :" أن الفنيقيين والسوريين أنفسهم من فلسطين يعترفون بأنهم تعلموا هذه العادة (عادة الختان) من المصريين " .
وعن موقع مصر يقول: " والآن فالمدخل الوحيد لمصر من هذه الصحراء :البلاد من فينيقيا حتى حدود مدينة قادش تخص الشعب السوري في فلسطين .." .
وفي العهد الروماني أطلق الرومان اسم فلسطين على البلاد كلها ، أي جرياً على عادة إطلاق اسم الجزء على الكل وبمعنى آخر عندما كانت اللغة الفلسطينية تحتضر وشعبها سائراً إلى زوال كرس الرومان هذا الاسم ومن بعدهم العرب المسلمون ، وفي القرن العشرين لما أقر مؤتمر سان ريمو سياسة الانتداب في هذه المنطقة لم تستطع بريطانيا العظمى أن تحذف اسم فلسطين وإن ابتدأت مؤامرة الحذف بأنها حذفت كلمتي (الشعب الفلسطيني) فلم تستعمل هذا التعبير ولا مرة ، لا في صك الانتداب ولا في الدستور ، فالتشريعات كلها كانت من وحي وعد بلفور ذي الأسطر الثلاثة ، وقد أشير فيه إلى الشعب الفلسطيني بتعبير "الطوائف غير اليهودية" .
ويتضح أن الحركة الصهيونية العنصرية قد اعتبرت الاستيلاء على الاسم أساساً من أسس الاستيلاء على الأرض ، وهي لم تقرر حذف الاسم لأنها لا تستطيع ذلك على الصعيد التاريخي ، لذلك قررت أن تنسبه إلى نفسها ، فالانسيكلوبيديا اليهودية تقول في تعريفها لكلمة فلسطين :"أحد الأسماء للبلاد المعروفة بأرض إسرائيل أو الأرض المقدسة، كلمة فلسطين كانت أساساً فعلاً مشتقاً من العبرية (بيليشت) وأول من ذكرها هيرودوتس"
وللرد على ذلك فإن اللغة العبرية المعروفة اليوم لم تكن أساساً قد وجدت لما وجد الشعب الفلسطيني وقوم سيدنا موسى أو بنو إسرائيل على أرض الكنعانيين ، فالفلسطينيون جاؤوا بلغتهم وبنو إسرائيل جاؤوا باللغة المصرية القديمة وسرعان ما اقتبسوا اللغة الكنعانية ، أما اللغة العبرية المعروفة فقد ولدت في السبي البابلي وحتى لو قبلنا بالتسمية الإسرائيلية للغة "المختلطة" لبني إسرائيل على أرض كنعان بأنها اللغة العبرية الأولى ( المندثرة) فهذه اللغة هي الأحدث تكويناً بين كل لغات المنطقة ، فهي التي أخذت عن غيرها لا العكس .
ومن الناحية الجغرافية فكلمة فلسطين في الانسيكلوبيديا اليهودية تختلف عن كل ما جاء في كتب التاريخ ، فهي تتجاوز حدودها المعروفة إلى ما هو أبعد كثيراً . فالانسيكلوبيديا تختصر الشروحات التلمودية لكلمة فلسطين بقولها : " ... في كتب التلمود تستعمل فلسطين اسماً لمقاطعة رومانية تجاور مقاطعتي فينيقيا وعروبيا ، ومنذ القرن الرابع كان يشار إلى المقاطعات الثلاث التي تجزأت إليها أرض إسرائيل بفلسطين الأولى والثانية ، والثالثة بالتتابع ... "
فلسطين – تلمودياً إذاً هي فلسطين وبلاد الفنيقيين وبلاد العرب وهي في لغة الصهيونية المعاصرة العنصرية " إسرائيل الكبرى" ، إن هذه الادعاءات العنصرية ليست بحاجة إلى تعليق لو لم تكن أحابيلها قد اخترقت الموسوعات العلمية الأخرى ، فالانسيكلوبيديا البريطانية في أحدث إصدار لها تساير الادعاءات الصهيونية ، ولما كان العلم أساساً لا يقبل بالمسايرة فقد جاء تعريف كلمة " فلسطين" خالياً من كل منطق تاريخي : " إن كلمة فلسطين مشتقة من اليونانية بلستينا ، المشقة بدورها من العبرية بيليشت (أرض الفلسطينيين) ..."
وبتعبير آخر فالانسيكلوبيديا البريطانية تفترض أن الفلسطينيين قد عبروا البحر وقاتلوا المصريين وامتلكوا أحدث الأسلحة في ذاك الزمان ، قد جاءوا بلا اسم ولا لغة ولا هوية ، وانتظروا حتى يمنحهم أعداؤهم " بنو إسرائيل" اسماً ولقباً .
والدليل القاطع على نفوذ الإخطبوط الصهيوني في العقل الغربي المعاصر أن الانسيكلوبيديا البريطانية نفسها وفي أول إصدار لها في القرن الثامن عشر ، أي قبل ولادة الإخطبوط الصهيوني بأكثر من مائة سنة ، كانت موضوعية في تعريفها لكلمة فلسطين ، فقالت : " تدعى فلسطين من الفلسطينيين الذين سكنوا شاطيء البحر ، وقد دعيت أيضاً بيهودية من يهودا والأرض المقدسة من حياة سيدنا عيسى مخلصنا عليها وآلامه فوقها ، وتدعى كنعان وأرض الميعاد في الكتاب المقدس ."
ذكرنا بداية ونذكر نهاية بشأن الحق التاريخي الذي يدعيه الإسرائيليون اليوم في أرض فلسطين ، أن ليس هنالك حقوق تاريخية لا في الشرائع السماوية ولا في الشرائع الدولية ، ولا في شرائع الأمم الممارسة منذ أقدم الأزمان ، فالحركة الصهيونية السياسية المعاصرة هي الحركة الوحيدة التي ادعت هكذا حقوق ، إن لغة الاستعمار الأوروبي في القرن التاسع عشر لم تجد ضرورة حتى لتبرير الأطماع التوسعية والاقتصادية في القارات الأخرى ، ولغة الانتدابات في القرن العشرين وجدت ضرورة دنيا لإخفاء مطامعها ، فادعت الرغبة في تمدين الشعوب الأخرى حباً بالمدنية والإنسانية ، وقالت أنها مؤقتة ن أما الحركة الصهيونية فقد أخفت مطامعها جميعاً وتسترت وراء الحقوق الدينية والتاريخية لسببين : أولهما أنها لم تكن دولة ، وثانيهما أنها كانت بحاجة إلى إقناع اليهود أنفسهم من شتى الجنسيات وفي بلاد الأرض بالتجمع في فلسطين وخصوصاً أن " سيف الاضطهاد" –وهو الحجة الكبرى –لا تأثير له في الملايين من اليهود السعداء أو المكتفين في مواطنهم .إذاً فالرابط الأوحد هو إثارة المشاعر الدينية والتشبث بأسطورة الحقوق الدينية والتاريخية .
ونجحت الحركة الصهيونية في هذه الإثارة داخل مجتمعاتها اليهودية ، وإن لم يكن لهذه الحقوق أدنى أهمية على الصعيد السياسي الدولي كما قال إلمر بيرغر ، إلاَّ أن الأثر لا ينكر فيما بين اليهود أنفسهم .





الحيثيون
إن السهول الواقعة شرقي بحر الخرز، والممتدة إلى مصاب نهر الدانوب مارة بروسيا الجنوبية وسواحل البحر الأسود الشمالي، كانت مسكناً لقبائل رُحّل تعيش في الخيام، وتتجول بقطعانها من مرعى إلى آخر انتجاعاً للكلأ، حتى وصلت إلى الهند شرقاً وإلى أوروبا غرباً. ولهذا أطلق عليها الاسم الهندي الأوروبي، كما دُعيت بالعنصر الآري. وجميع هذه الجماعات من جنس واحد، وكانت تتكلم لغة واحدة، ثم تفرغت لغتهم هذه إلى عدة لغات، وهي اللغات المحكية في الهند وفارس وأوروبا.
أخذت هذه الأقوام تهاجر من مراعيها خلال فترات زمنية مختلفة. فكانوا يقوضون خيامهم ويحملون متاعهم على عربات تجرها الثيران ويغيرون على المدن والأقطار المجاورة التي سمعوا بها تتمتع به من خير وافر وعيش رغيد.
كان لدى الآريين كثير من الحيوانات الأهلية، أخصها الخيل التي استعملوها للركوب ولجر مركباتهم الحربية. فالآريون كانوا أول من دّجن الخيل، وأما الساميون فلم يعرفوها إلا بعد عصر حمورابي.
وفي نحو القرن العشرين قبل الميلاد أو قبل ذلك نزلت جماعة منهم آسيا الصغرى (وفي نحو التاريخ المذكور قطعت جماعة أخرى نهر الدانوب، فنزل بعضها شبة جزيرة البلقان والبعض الآخر انحدر إلى إيطاليا. وهؤلاء أسلاف اليونان والرومان. وفي نحو 1800 ق.م. ارتحل فريق من هؤلاء الآريين فتوجه إلى الجنوب وانتهت رحلته في بلاد الهند، كما أن فريقاً آخر تسلق هضاب ايران فسكنها ونشأت منه الأمة الأيرانية.)وتغلبوا على قبيلة " خَطيِّ – Khatti" التي تقطن منطقة نهر " قزيل ايرمق – النهر الأحمر" ، على مسافة 90 ميلاً شرقي أنقرة. ونتج من تمازج هذه القبيلة بالفاتحين الأمة الحثية التي أخذت بتوسيع نطاقها حتى احتلت معظم آسيا الصغرى. ثم اتجهت مطاعمهم إلى سورية فكانت " كركميش –Carchemish"، جرابلس الحالية، من أهم مدنهم وكونوا لهم مستعمرات قوية بين حلب " وكانت تدعى حلباً" وخليج الاسكندرونة وفي البقاع.
كما وأن عناصر حثية كثيرة استقرت في فلسطين، فنزلت " الخليل" و"بيتين" من أعمال رام الله – وجوارها. إلا أن فلسطين لم تكن في أي وقت من تاريخها قسماً من الإمبراطورية الحثية.
ترك الحثيون علاماتهم الفارقة، الأنف الأقنى، على وجوه من اختلطوا بهم من كنعانيين وأموريين وغيرهم من سكان البلاد الشامية. ويقول بعض العلماء أنهم الأجداد القدامى للجنس الأرمني في الوقت الحاضر.
وذهب بعض الباحثين إلى أن جماعة من "الحثيين" نزلوا قريتي "حَتَّا" من أعمال غزة و "حطين " من أعمال طبرية، وخلدوا اسمهم في هذين الموقعين. لأن " حَتاً، حطاً " أو " خَتا، خطا" هو اسم الحثيين نفسه. كما وأن آخرين ذكروا بأن " شاغور" التي تطلق على بعض الأماكن في سوريا ولبنان تعود بأصلها إلى كلمة) ساغورا) الحثية.
والحقيقة أن " حتاً " كلمة عربية. إما أنها من لفظة " حت الورق عن الشجر، يحت حتا سقط، وحت الوسخ عن ثوبه فركه. والحتات من كل شيء ما تناثر". أو أنها نسبة إلى " الحُتّ" بالضم مع التشديد، وهي قبيلة عربية من كِندة نزلت هذه المنطقة وخلدت اسمها في القرية المذكورة. ومما هو جدير بالذكر أن هناك، في مشيخة دُبي من مشيخات ساحل عمان قرية تحمل الاسم المذكور.
ويرجح الدكتور فريحة بأن لفظ "شاغور" سامي. يطلق على الأمكنة التي يتدفق منها الماء بغزارة كما هو الحال في شاغور حمانا.
الشاغور في فلسطين منطقة القرى الواقعة بين صفد و عكا، وقد ذكرها القلقشندي بقوله: "الشاغور"، كورة بين عكا وصفد والناصرة. بها قرى متسعة. وهي قسمان: شاغور البعنة وهي جبل به قرى عامرة شاغور عرابة ( المراد هنا "عرابة البطوف) وفيه عدة قرى) . وفي القرن الماضي زار منطقة الشاغور هذه " ادوارد روبنصن" الأمريكي وذكر أن قرية "سَخنين" هي قاعدة منطقة الشاغور .
أتقن الحثيون صناعة الخزف، وعلى الأخص النوع الأحمر المنقوش الذي انتشر استعماله في الشرق الأدنى. وقد بلغت هذه المصنوعات حتى أواسط فلسطين: إلى جازر ولخيش وغيرها.
ولما أغار اليهود على فلسطين اتفق هؤلاء الحثيون مع الكنعانيين على محاربة المغيرين.
وعرفنا من الحثيين " عفرون بن صوحر "الخثي الذي اشترى منه إبراهيم عليه السلام حقل "المَكفيلة" ومغارتها بأربعمائة شاقل من الفضة.
كانت هذه المغارة صخرة ذات كهفين في وسط غابة من أشجار الزيتون، وتقع اليوم ضمن الحرم الخليلي. ودفن فيها الأنبياء إبراهيم وزوجته سارة، واسحق وزوجته رفقة، ويعقوب وزوجته لئية ) ليا) ويوسف الصديق.
ويظهر أن أحفاد إبراهيم اتخذت بعدئذِ مساكنها بجوار هذه المقبرة التي أصبحت "حرماً" على ممر العصور.
والحثيون من سكان آسيا الصغرى القدماء وكانت خانوشا عاصمتهم إلى الشرق من أنقرة الواقعة في الأناضول والحيثيون من الشعوب الهندية الأوروبية ولغتهم هندو أوروبية التركيب وكتابتهم بالحروف ما بين النهرين المسمارية نزحوا إلى بلاد الأناضول في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد ويسجل لهم أن هجرتهم من أقدم الهجرات الهندية الأوربية المعروفة.
تحالف الحيثيون مع قبائل العيبرو ضد الفراعنة وسكنت جماعات من الحيثين فلسطين الكنعانية في الخليل وبيتين بجوار رام الله .
ويسجل أنهم تزاوجوا مع اليهود وأخذ اليهود عنهم الأنف الأقنى البارز وكان الحيثيون أصحاب حضارة متطورة إذا قيست بالمستوى العام الذي ساد أزمنتهم وكان أساس المجتمع عندهم أبوياً (السلطة للأب لا للأم) وكانوا يدينون بوثنية معقدة فعبدوا آلهة متعددة أشهرها آلهة العاصفة وهو اله الجبل وقد زال ملك الحيثيين على يد قبائل البيلست في مطلع القرن الثاني عشر ق.م .
كانت معرفة المؤرخين بالحثيين قبل منتصف القرن السابع عشر الميلادي ومن الأهمية الإشارة إلى ما ورد عنهم في التوراة حيث أطلق عليهم اسم حيث وأشارت إلى وجودهم في فلسطين قبل الغزو الإسرائيلي.
ثم بدأت الوثائق المصرية والعراقية القديمة تسلط الضوء إليهم من جديد على تاريخهم فظهر من الوثائق المصرية أن ملوك الأسرة الثامنة عشرة (1580-1085 ق.م.) كانوا على صلة وثيقة ببلاد أطلق عليها ايم خيتا وورد اسم خاتي في نصوص الملك الأشوري ولم يكن من الصعب على الباحثين ملاحظة الصلة بين كلمة حيث التوراتية وخيتا في النصوص المصرية وخاتي في المصادرالأشورية ومنذ عام 1871م بدأت الحثية تظهر في مواقع متعددة في سورية إلى يومنا هذا.
وتتبع العلماء الآثار الحثية حيث اكتشفوا عاصمة الحثيين حاتوشاش في موقع بوغازكوي على بعد 180 كم من أنقرة ثم عكفوا على دراسة الآثار المادية لهم وتحليلها الأمر الذي مكنهم من تتبع تاريخ الحثيين السياسي والحضاري من بداية استقرارهم إلى سقوط آخر دولة من دويلاتهم في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد.
يتفق المؤرخون على أن الحثيين نزحوا من مواطنهم الأصلية في سهول جنوب أوربا إلى بلاد الأناضول بمجموعات صغيرة استغرقت هجرتها فترة طويلة ووجدوا في المناطق التي استقروا فيها أقواماً سبقتهم في الاستيطان وكانت تطلق على نفسها اسم خاتي فتبنى المهاجرون الجدد هذا الاسم الذي وصل إلى هذا العصر بصيغته الحالية.
يُقَسم تاريخ الحثيين الطويل إلى ثلاثة عهود يعرف الأول باسم المملكة القديمة ويعتقد أنه بدأ سنة 1800 ق.م. وجاء في نص من فترة متأخرة أن آنيتا كان مؤسس المملكة الحثية ولكن التقاليد الحثية المتأخرة تنسب تأسيس الدولة إلى لابارناس لأنه ربما كان أول هندي- أوربي يتولى الحكم. ونقل الملك الثاني حاتوشيليش العاصمة إلى مدينة حاتوشاش وكان أول من غزا شمال سورية وعبر نهر الفرات واشتهر الملك الثالث مورشيليش الأول بسبب قيامه بغزو العراق وإسقاطه دولة بابل العظيمة حوالي سنة 1600 ق.م. ويعد سقوط بابل من الأحداث الحاسمة في التاريخ القديم.
أما العهد الثاني الإمبراطورية وفيه حقق الحيثيون أعظم انتصاراتهم التي رفعتهم إلى مستوى الدول العظمى وبلغت الإمبراطورية أوج مجدها في زمن شوبيلوليما (1375-1335 ق.م.) الذي امتد سلطانه إلى سورية وأرغم الكثير من دويلاتها على تغيير ولائها من الدولة المصرية إلى الدولة الحثية.
وقضى الملك شوبيلوليما على الدولة الميتانية التي كانت تتحكم في شمال سورية والعراق والتي كانت حليفة لمصر والتي خاضت مع الحثيين حروباً طاحنة لمنعهم من التوغل في سورية لأن مصر كانت تعدها من مناطق نفوذها ومن أشهر المعارك بين الطرفين معركة قادش سنة 1286 ق.م. زمن الملك رعمسيس الثاني وانتهت المعارك بمعاهدة صلح تعهد فيها الطرفان بإتباع سياسة سلمية ويعتقد أن تخوف الطرفين من القوة الأشورية الجديدة كان وراء المصلحة لمواجهة الخطر الجديد وحصلت الدولة الحثية بموجب المعاهدة على شمال سورية حتى دمشق.
ويبدأ العهد الثالث بعد سقوط الدولة الحثية المفاجئ في سنة 1200 ق.م. على يد أقوام بربرية أشاعت الفوضى في آسيا الصغرى مما هيأ فرصة لبعض العناصر الحثية وغيرها لتأسيس دويلات في شمال سورية أشهرها كركميش وحلب وربما كان هذا هو سبب إطلاق الأشوريين على هذه المناطق من سورية اسم (بلاد خاتي) وحارب الأشوريون الدويلات الحثية حتى سقطت آخر دويلة على يد صارغون الثاني حوالي سنة 711 ق.م. وانتهى بذلك تاريخ الحثيين السياسي والحضاري.
ورد اسم الحيثيين في كتب التوراة على هيئة (حيث) وكانوا من بين القبائل الموجودة في فلسطين قبل الغزو الإسرائيلي واعتبر الحثيون في التوراة خطأ من سلاسة كنعان ومما ذكر أيضاً أن إبراهيم الخليل اشترى من الحثيين كهفاً وأن بني إسرائيل تزاوجوا معهم كما جاء سلفاً وجاء أيضاً أن حزقيال خاطب القدس بقوله: أبوك عموري وأمك حثية. إن هذه الإشارات الكثيرة إلى الحثيين توحي بالاعتقاد بأنهم كانوا في فلسطين بأعداد كبيرة وكانوا على مستوى واحد من الأهمية مع الشعوب الأخرى بيد أن مسالة وجود الحثيين في فلسطين ما زالت من المشاكل الغامضة التي تتطلب المزيد من الدراسة وخاضة فيما يتعلق بتاريخ دخولهم إلى فلسطين كما تحدثت عنهم المصادر الأخرى التي اكتشفت في سورية والأناضول.
كانت صلة الحيثيين بسورية لم تبدأ إلا بعد عام 1800 ق.م. عندما قامت دولتهم وبلغ توغلهم في سورية أقصاه في القرن الرابع عشر قبل الميلاد أما الدويلات الحثية المتأخرة فإنها كانت محصورة في المنطقة الواقعة إلى الشمال من دمشق يضاف إلى ذلك أن الجيش الحثي لم يغز فلسطين ولهذا كله دفع المؤرخون إلى التساؤل في ضوء هذه لمعلومات التاريخية عن طريقة وصول الحثيين إلى المناطق المرتفعة في فلسطين كما ورد في التوراة ويحاول بعضهم أن يجد الجواب في نص من عهد مورشيليش الثاني (حوالي 1330 ق.م.) ورد فيه أن الملك حينما حاول معرفة أسباب غضب الآلهة الذي أدى إلى انتشار الوباء وجدها في غضب إله الجو الذي كان شاهداً على معاهدة عقدت بين إحدى المدن الحثية وبين شعب مصر لأن الحثيين خانوا العهد عندما أرسل شوبيلو ليوما الجيش لغزو مصر ونقل مع الأسرى الوباء إلى الحثيين ويعتقد هؤلاء المؤرخون أن لفظ مصر الوارد في النص يقصد به إلى جانب مصر نفسها المناطق الخاضعة لها ومنها فلسطين ويرى هؤلاء الحثيين الذين ورد ذكرهم في التوراة إلى أنهم بقايا تلك الحملة الحثية الذين دخلوا إلى فلسطين في القرن الرابع عشر قبل الميلاد وهناك من يرى أن الحثيين الذين ذكروا في التوراة ربما كانوا من بقايا الحاتيين من سكان بلاد الأناضول قبل مجيء الهنود- الأوربيين إليها وأن الحيثيين انتشروا على وجه الاحتمال فوق رقعة واسعة من الشرق الأدنى قبل عام 2000 ق.م. ويتفق هذا التاريخ مع مع ما ورد في التوراة من أن سيدنا إبراهيم الخليل اشترى كهفاً من الحثيين وأنه وجدهم يقيمون هناك لأن هجرة سيدنا إبراهيم كانت على ما يعتقد في القرن الثامن عشر قبل الميلاد.
من الواضح أن أي رأي من الآراء السابقة يفتقر إلى الأدلة المقنعة وستبقى مشكلة وجود الحثيين في فلسطين من المشاكل التي تنتظر أدلة جديدة تزيل الغموض الذي أحاط بها.
كانت لغة الحثيين من اللغات الهندية- الأوربية وقد دونوا نصوصهم بالخط المسماري وبخط مشابه للخط الهيروغليفي وكانوا يعبدون آلهة متعددة أعظمها إله الزوابع وإله الجو وكانت طقوسهم الدينية متنوعة تنوع بيئات مناطق بلاد الأناضول الواسعة.
وظهرت في ديانتهم تأثيرات من الديانة العراقية منها عبادة آنو وانليل وعشتار وتدل آثارهم على براعتهم في الفنون المختلفة وخاصة النحت المجسم والنقوش البارزة واشتهروا بتنظيماتهم العسكرية وباعتمادهم على العربة التي ساعدتهم على الحركة السريعة واهتموا بتحصين مدنهم وخاصة في المناطق الشمالية التي كانت تتعرض لهجمات القبائل البربرية المستمرة( ).




الحوريون:
شعب لايزال أصله مجهولاً عاش في الجبال شمالي الموصل وبين جبال " زاغروس" و" بحيرة أورمية" وفي نحو عام 1500 ق.م. أسس مملكته المعروفة باسم " مملكة ميتاني"، التي امتدت سيطرتها من البحر الأبيض المتوسط إلى شمالي إيران. وكانت لهم جاليات كثيرة ومستعمرات قوية في مختلف أنحاء بلاد الشام. ومنهم جماعة نزلوا البقاع الواسعة بين نهر الحسا وخليج العقبة.
وهم الذين حل محلهم " الآدميون" في نحو القرن الرابع عشر قبل الميلاد. ولازدياد انتشار "الحوريين" في بلاد الشام دعا المصريين – لوقت ما – أن يسموا بلاد كنعان باسم " خورو " أو "حورو".
والحوريون موطنهم الأصلي حول البحر الأسود في أرمينا وهم على الأرجح شعب هندي أوروبي أو آسيوي أوسطي أسسوا مملكة عرفت باسم ميتاني والحوريون هم الحوبون الذي تردد اسمهم في التوراة كشعب من شعوب فلسطين وسكنت جماعة منهم نابلس( ) وشمال فلسطين. كانت لغتهم تشبه السومرية أو التركية ومع ذلك استخدموا اللغة العقادية التي كانت منتشرة في ذلك الزمن وقد اشتهر من مدنهم نوزي جنوب شرقي كركوك وتدل آثار نوزي المكتشفة إلى جماعات العيبرو وقد وردت في اللوحات الأثرية بالخط المسماري وهي لوحات تشير إلى تأثير الحضارة الحورية على اليهود وانتقال عاداتهم وشرائعهم الدينية إلى اليهود الأولين وبخاصة إلى طبقة الآباء
فالعيبرو في ألوح نوزي تعني الغرباء و أنهم مرتزقة يتعاطون الخدمة والشغل لدى الدولة والأفراد وأن كلمة عبيرو مرادفة إلى كلمة مهاجر بائس وكلمة عبيرو (و عبرانيين) ( )وان التوراة استعملت هذه الكلمة لتدل على اليهود وعلى أنهم غرباء ( ).
وقد كان للحوريين صلات بالعموريين.وتأثير واضح وكان قسم منهم قد رحل في جماعات إلى فلسطين وكذلك صاحب الهكسوس زحف من قبائل العموريين إلى فلسطين.
وقد أخذ اليهود الكثير من العادات والشرائع من هذه الهجرة ومنها اقتبسهم أي اليهود عن الحوريين تعدد الزوجات ( )واتخاذ السراري ( ) وسماح الزوجة العاقر لزوجها بأن يستولد جارية له من أجل الحفاظ على النسل ( ) وتوريث الابن الأكبر حصة مضاعفة ( ) وأخذ اليهود الكثير من العادات الاجتماعية والتعابير والأسماء الشخصية التي ورد ذكرها في الأسفار الخمسة الأولى.
الحوريون من الشعوب التي ظهرت في الشرق الأدنى وذلك في النصف الثاني من الألف الثالثة قبل الميلاد واضطلعت بدور واضح في حياة هذه المنطقة السياسية والحضارية في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد تقريباً.
لم يكن تاريخ الحوريين واضحاً قبل بداية القرن العشرين إلا بعض المعلومات المتيسرة عنهم في التوراة بأنهم كانوا بين الشعوب التي أقامت في فلسطين قبل الغزو الإسرائيلي وأول ما لفت انتباه الباحثين وجود رسالة مدونة باللغة الحورية أرسلها ملكهم توشراتا إلى الملك المصري أمنحتب الثالث (1413-1377 ق. م.) واكتشفت بين رسائل تل العمرانية في سنة 1887.
وفي أوائل القرن العشرين بدأت المصادر المتصلة بالتاريخ الحوري تتزايد كماًَ ونوعاً فاكتشف المنقب الألماني (وينكلر) في سنة 1906 طبقة من الآثار الحورية في بوغازكوي الموقع الذي يمثل عاصمة الدولة الحثية في وسط بلاد الأناضول كما عثر على عدد من النصوص التي ورد فيها اسم خاري وهذا الاسم أعاد إلى الأذهان اسم خوري الذي ورد في التوراة واسم خارو الذي ظهر في المصادر المصرية.
وفي سنة 1925م أجريت تنقيبات مهمة في مدينة نوزي الواقعة على بعد 16 كم من مدينة كركوك من الناحية الجنوبية الغربية وكشفت عن آثار مادية ومدونة عرف منها أن نوزي كانت من المراكز الحضارية الحورية الرئيسة كما بينت هذه الآثار أهمية شأن الحوريين في تاريخ الشرق الأدنى القديم الحضاري.
وعلى الرغم من الغموض الذي مازال يكتنف جوانب من التاريخ الحوري فإن الوثائق التي اكتشفت حتى الآن مكنت المؤرخين من تتبع تاريخ الحوريين من بداية ظهورهم على مسرح الأحداث حتى اختفائهم وكيفية انصهارهم في الشعوب الأخرى.
بدأت أعدادٌ كبيرةٌ من الحوريين على ما يبدو بالهجرة جنوب القوقاز وأرمينيا (منطقة الشرق الأدنى) في النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد واستقر عدد منهم في العراق كما يستدل من نصين أحدهما باللغة الأكدية والثاني باللغة الحورية.
يرجع تاريخهما إلى العهد الأكدي (2370-2200 ق. م.) أن هناك في العهد المبكر كانت مملكة حورية صغيرة في مدينة أوركيش الواقعة في منطقة الخابور وكان ملكها صاحب هذا النص يعرف باسم تيشاتال وكان الحوريون على ما يبدو يمارسون بعض المهن في جنوب العراق لوحظ من وجود أسماء حورية في بعض الوثائق.
وازداد عدد الحوريين في العراق في عهد سلالة أور الثالثة (2113-2006 ق. م.) كما يتضح ذلك جلياً من ذكر أسمائهم في الوثائق التي يعود تاريخها إلى هذا العهد وفي بداية الألف الثاني قبل الميلاد بدأ الحوريون ينتشرون فوق رقعة واسعة من الشرق الأدنى إذ أُكتشفت آثارهم وأسماؤهم في مناطق تمتد من سلسلة جبال زاغروس شرقا إلى سواحل البحر المتوسط غرباً ومن بلاد الأناضول شمالاً إلى فلسطين جنوباً وقد أشارت التوراة إليهم وذكرتهم الوثائق المصرية ومما تجدر الإشارة إليه أن الظروف الدولية التي سادت بين القرنين الثامن عشر والسابع عشر قبل الميلاد من انحسار النفوذ الحثي عن سورية بسبب مشاكل داخلية في بلاد الأناضول كانت ملائمة لتغلغل الحوريين وانتشارهم وازدياد نفوذهم
كما يُذكر أن الدولة الأشورية كانت تعاني من حالة ضعف شديد أدّى إلى سقوط دولة بابل العظيمة لتحل محلها الدولة الكاشية التي لم يكن لها تأثير يذكر في أحداث الشرق الأدنى وعرف الحوريون كيف يستغلون تلك الأحوال في توسيع هجرتهم واحتلال مناطق مهمة في العراق وسورية ووصلوا إلى فلسطين وانضم عدد منهم إلى الهكسوس الذين دخلوا مصر.
وكان الحوريون في بداية تاريخهم أسياد أنفسهم لعدم اكتشاف أسماء أجنبية بين أسمائهم في نصوص القرن الثامن عشر قبل الميلاد وما قبله .
إلاَّ أن جماعة من الهنود الأوربيين استطاعت بعد الهجرة إلى العراق وسورية وفلسطين من فرض سيطرتها على الشعب الحوري وأقامت دولة عرفت باسم الدولة الميتانية كان لها شأن كبير في تاريخ الشرق الأدنى القديم في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد وكانت الطبقة الحاكمة فيها على ما يبدو ذات قدرات حربية كبيرة ومهارات فائقة في استخدام أسلحة الحرب الفتاكة في ذلك العهد وهي الخيول والعربات وكانت أسماء هؤلاء الحكام تختلف عن الأسماء الحورية التي لم تكن هندية أوربية وكان يشار إليهم بلقب ماريانا وهو تعبير في اللغة الهندية الأوربية يعني شاب أو محارب وتعاظمت قوة الحوريين تحت زعامة الهنود الأوربيين بعد سقوط دولة بابل العظيمة سنة 1600 ق. م. وأصبح لدولتهم وزن كبير بين الدول الكبرى في ذلك العهد إلى أن قضي عليها الحثيون والأشوريون.
تشير الأسماء الحورية التي وردت في النصوص التي أُكتشفت في شمال سورية إلى وجودهم في هذه المنطقة في القرن السادس عشر قبل الميلاد وهناك دلائل كثيرة تشير إلى أنهم كانوا من أهم الإمارات الصغيرة كدولة علالاخ التي كان لحكامها أسماء تدل على أنهم كانوا من طبقة الماريانا الهندية الأوربية وجاء في المصادر المصرية من القرن الخامس عشر قبل الميلاد أن الحوريين كانوا يقاومون الغزو المصري لسورية وأنهم دخلوا مع المصريين في حرب طاحنة في قادش.
بيد أن أهم ما يلفت النظر هو وجود الحوريين الواضح في فلسطين وتأثيرهم في الحياة العامة هناك فقد أشارت رسائل العمارنة إلى عدد من الحوريين الذين كانوا في فلسطين وكان حاكم مدينة القدس في القرن الرابع عشر قبل الميلاد يحمل اسم عبدي خيبا وخيبا أو خيبات آلهة حوريه المشهورة وبلغ تعاظم وجود الحوريين في فلسطين ومن الجدير ذكره أن المصريين أطلقوا عليهم أحياناً اسم خور أو خوري.
وورد اسم الحوريين في التوراة مع أسماء الشعوب الأخرى التي كانت تقيم في أرض كنعان (فلسطين قبل الغزو الإسرائيلي) حيث ورد اسمهم بصيغة حواريت وحوريم ويبدو أن الإسرائيليين تأثروا بهم وتزاوجوا معهم حتى أن سيدنا يعقوب تزوج امرأتين حوريتين هما راحيل وليئة.
وظهرت آثار الحوريين في بعض القوانين اليهودية وخاصة في القواعد المتبعة في تأجير الأراضي الزراعية وبلغ تشابه بعض جوانب الحياة الحورية والحياة العبرانية الأمر الذي دفع بعض المؤرخين إلى الاعتقاد بأن الحوريين والعبرانيين كانوا يقيمون معاً في العراق قبل هجرتهم إلى فلسطين وخاصة في ضوء ما اكتشف في مدينة نوزي من الوثائق القانونية الحورية التي تذكر عدداً من المؤسسات المشابهة عند العبرانيين .
وكان الحوريون يتكلمون لغةً لم يستطع العلماء بعد ربطها بأي زمرة من الزمر اللغوية المعروفة وأقرب لغة إليها هي اللغة الأوراتية التي ظهرت في أرمينيا في الألف الأول قبل الميلاد.
واستخدم الحوريون الخط المسماري العراقي في كتابة وثائقهم مما سهل على علماء اللغة قراءتها وأما ديانتهم فكانت تدور حول عبادة آلهة متعددة منها آلهة حورية وآلهة هندية أوربية وأخرى عراقية وكان إلههم الأعظم كوماري على رأس الآلهة وظهر جلياً أثر هذه الآلهة في عبادة الحثيين وكان الإله تيشوب إله العاصفة أكثر الآلهة شعبية وانتشاراً حتى إنه أصبح الإله الرئيس في عدد من دويلات سورية وبلاد الأناضول وكانت زوجته الإلهة خيبا كما وعُبدت الآلهة مثرا وفارونا وأندرا وهي آلهة هندية أوربية وانتشر بين الحوريين عبادة الإلاهة عشتار وهي آلهة عراقية عبدها الساميون والسومريون.
وقام الحوريون بدور بارز في نقل التأثيرات الحضارية إلى شعوب الشرق الأدنى فنقلوا عناصر حضارية سومرية سامية إلى بلاد الأناضول كما نقلوا الكثير من عناصر الحضارة الحثية إلى شمال سورية والعراق وأما بشأن الفنون الحورية فما زالت يكتنفها الغموض وبحاجة إلى المزيد من الدراسة العميقة لآثارهم الفنية وهناك أمل كبير في أن يؤدي الكشف عن عاصمة الدولة الميتانية التي ما زال موقعها غير معروف لحتى الآن .
اختفى الحوريون عن البسيطة في القرن السادس قبل الميلاد بعد مجيء أقوام جدد طغوا عليهم فذابوا في بقية شعوب الشرق الأدنى( ).
الحوريون كما تصورهم التوراة :
شعب لم يرد ذكره إلاَّ التوراة لذا أصبحت الروايات التي وردت في التوراة المصدر الوحيد الذي استند إليه المؤرخون في محاولتهم لتحديد هوية هذا الشعب وصلاته ببقية الشعوب واستنباط ملامح تاريخه ولما كانت روايات التوراة في أغلب الأحيان مقتضبة وغير وافية وفي أحيان أخرى غير واضحة فإن الغموض مازال يكتنف تاريخ الحويين كما ذُكر سابقاً وستبقى معرفة هذا التاريخ ناقصة إلى حين العثور على مصادر جديدة تلقي ضوءاً على ما خفي من جوانبه.
أما ما جاء في التوراة من نسب الحويون فيرجع ذلك إلى كنعان كما نسب اليبوسيون والعموريون والجرجاشيون إليهم فإذا صحت هذه النسبة لهم فيعني ذلك أنهم كانوا من الشعوب السامية التي استوطنت بلاد كنعان قبل الغزو الإسرائيلي لهذه البلاد. إلا أن العلاًّمة سبايزر speiser يرى أن نسبة الشعب الحوي إلى الساميين لا يمكن قبولها ويعتقد أن اسم حوي الذي ورد في التوراة ما هو إلاَّ تحريف لإسم حووئيا الذي عثر عليه بين الأسماء الحورية في الوثائق الحورية المكتشفة في مدينة نوزي التي كانت تُشكل المركز الحضاري و الرئيسي للحوريين في العراق فإذا قبل ما ذهب إليه سبايزر يكون الحويون والحوريون شعباً واحداً وبالتالي لا يمكن نسبتهم إلى الشعوب السامية ومن الذين يؤيدون سبايزر في رأيه هذا العلاّمة جرنتز Grintz ومما يستند إليه هذان العالمان أيضاً أن لفظ حوي كان يحل محل حواريت أي الحوريين كما يحل الاسم الأخير محل الأول( ) ويشيران كذلك إلى أن الحويين كانوا من الغرباء الذين نزحوا إلى البلاد من مناطق نائية( ) وهذا يتفق مع حقيقة أن الحوريين كانوا أيضاً غرباء نزحوا عن فلسطين من مناطق بعيدة تقع شمال العراق وبلاد الأناضول ويرى سبايزر أن الحويين دخلوا إلى فلسطين مع الجموع التي كانت تعرف بالهكسوس عند مرورها بهذه البلاد في طريقها إلى مصر بين القرنين الثامن عشر والسابع عشر قبل الميلاد.
هناك فريق من الباحثين يعتقد أن الحوريين لم يكونوا غير الآخيين اليونانيين الذين ذكروا في الإلياذة وظهروا في الوثائق المصرية باسم آكيوشا غير أن هذا الزعم لا يستند إلى دليل واصح وبالتالي لا يمكن قبوله.
يظهر مما سبق بوضوح صعوبة البت في تحديد هوية الحويين وأن أياً من الآراء التي قُدِّمت تنقصها الأدلة المقنعة مما دفع أغلب المؤرخين إلى الاعتماد في الوقت الحاضر على ما ورد عنهم في التوراة.
ومن الأهمية أن نشير إلى أن الحوريين كانوا يقيمون في شكيم (نابلس) وجبعون كما ورد في التوراة وعندما تحالفت شعوب المنطقة وهم الحثيين والعموريين والكنعانيين والفرزيين للوقوف بوجه الغزو الإسرائيلي خرج الحويون على هذا الإجماع وحاولوا تجنب الحرب بالتقرب من الإسرائيليين والتوسل إلى يشوع بعدم التعرض لهم وأنكر الحويون وجود أية علاقة بينهم وبين الشعوب الأخرى وادعوا أنهم غرباء وفدوا من مناطق نائية بعد أن تنكروا بارتداء ملابس بالية وسالمهم يشوع وعفا عنهم ثم بدأ يستخدمهم في جمع الحطب ونقل الماء للإسرائيليين ويبدو أن موقف الحويين هذا أثار عليهم غضب الشعوب الأخرى حتى أن ملك القدس العموري حاول ضربهم في جبعون إلا أن الحويين استنجدوا بيشوع الذي أسرع لنجدتهم وتتحدث التوراة عن التقارب الشديد بين الحويين وبني سيدنا يعقوب حتى أن ابن شكيم بن حمور الحوي تزوج من ابنة سيدنا يعقوب (دينة) لابنه أملاً في أن تؤدي المصاهرة إلى تقوية ما كان بين بني سيدنا يعقوب والحويين من علاقات ووعد شكيم بتسهيل إقامة بني سيدنا يعقوب في أراضي الحويين ومنحهم حق تملك الأرض والمتاجرة معهم واشترط بنو سيدنا يعقوب لقبول ذلك أن يوافق الحويون على ممارسة ختن الذكور منهم وتوجه زعماء الحويين بنداء إلى قومهم يدعونهم فيه إلى قبول بني سيدنا يعقوب بينهم والاتجار والتزاوج معهم غير أن كل ما فعله الحويون لكسب ود الإسرائيليين وكل ما قدموه من تنازلات لم يمنع هؤلاء النازحين (الحوريين) الجدد من نهب أراضيهم وسلب غنائمهم وأبقارهم وسبي نسائهم واختطاف أولادهم كما ورد في سفر التكوين( ).







المراجع

1- أبكار السقاف :"إسرائيل وعقيدة الأرض الموعودة"-الطبعة الثانية 1997
2-روجيه غارودي : "أرض الرسالات السماوية" - دمشق –طلاسدار 1987
3-الكتاب المقدس- الإصحاح السادس
4- الكتاب المقدس- الإصحاح الثاني عشر
5- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام في أربعة مجلدات- المجلد الثالث (ص-ك)- الطبعة الأولى 1984- إصدار هيئة الموسوعة الفلسطينية صـ436-439.
-أنيس الصايغ: "سورية في الأدب المصري القديم"- بيروت 1956.
-عبد الحميد أحمد زايد: مصر الخالدة- القاهرة 1966.
6- مصطفى الدباغ :"بلادنا فلسطين" –الجزء الأول –دار الشفق-كفر قرع -1988 ، القسم الأول ص538
7- الكتاب المقدس-سفر صموئيل الأول (1:4-11)
8- الكتاب المقدس –العهد القديم" ، سفر صموئيل الأول ، الإصحاح السابع عشر
9- الكتاب المقدس- سفر صموئيل الأول ، الإصحاح الثامن عشر –الإصحاح الواحد والثلاثون
10- الكتاب المقدس-سفر صموئيل الأول (6:29-11)
11- مصطفى الدباغ :"بلادنا فلسطين" –الجزء الأول –دار الشفق-كفر قرع -1988، القسم الأول ، ص 540-541
12- مصطفى الدباغ :"بلادنا فلسطين" –الجزء الأول –دار الشفق-كفر قرع -1988، القسم الأول ، ص490
13- مصطفى الدباغ :"بلادنا فلسطين" –الجزء الأول –دار الشفق-كفر قرع -1988، القسم الأول ، ص 537
14- نجيب ميخائيل إبراهيم: "مصر والشرق الأدنى القديم"- سورية 1966
15- فيليب حتي:" تاريخ سورية ولبنان وفلسطين"- بيروت 1958
16- مصطفى الدباغ :"بلادنا فلسطين" –الجزء الأول –دار الشفق-كفر قرع -1988
17- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام في أربعة مجلدات- المجلد الثالث- (ص-ك)- الطبعة الأولى 1984- إصدار هيئة الموسوعة الفلسطينية-ص476
18- د.علاء أبو عامر:"حكاية شعب التوراة" –دار ابن خلدون –غزة –الطبعة الأولى 2002
19- القلقشندي –الشيخ أبو العباس أحمد (صبح الأعشى) –وزارة الثقافة والإرشاد القومي-القاهرة
20- إدوارد روبنصن : "يوميات في لبنان تاريخ وجغرافيا" –ترجمة أسد شيخاني: الجزء الأول 1/192 –بيروت وزارة التربية والفنون 1950
21- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام في أربعة مجلدات- المجلد الثاني (ج-ش)- الطبعة الأولى 1984- إصدار هيئة الموسوعة الفلسطينية-ص139-141
22- الكتاب المقدس –سفر التكوين (34/2) – (سفر صموئيل 24/7)
23- الكتاب المقدس-(سفر الخروج 30/1-6-سفر التثنية 15/12-18 ) -(سفر أرميا 34/9 و14)
24- الكتاب المقدس-سفر التكوين 14/13-39/14)
-الكتاب المقدس-سفر الخروج 1/15
25- الكتاب المقدس-سفر التكوين 4/23)
26- الكتاب المقدس- سفر القضاة 19/9)
الكتاب المقدس-سفر صموئيل الثاني 3/7)
27-الكتاب المقدس-سفر التكوين 16/2)
28-الكتاب المقدس-سفر التثنية 27/17)
29- د. علاء أبو عامر –حكاية شعب التوراة –غزة-الطبعة الأولى 2002
30- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام في أربعة مجلدات- المجلد الثاني (ج - ش) الطبعة الأولى 1984- إصدار هيئة الموسوعة الفلسطينية- ص282-284
31- الكتاب المقدس-سفر التكوين (2:36)
32- الكتاب المقدس-سفر يشوع (6:9)
33- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام في أربعة مجلدات- المجلد الثاني- (ج -ش)- الطبعة الأولى 1984- إصدار هيئة الموسوعة الفلسطينية- ص295-296.