نجاح سلام اسرار الحب بقلم:وجيه ندى
تاريخ النشر : 2010-01-10
نجاح سلام اسرار الحب بقلم:وجيه ندى


نجاح سلام اسرار الحب

ولدت السيدة نجاح سلام في بيروت في بيت جمع الدين والعلم والأدب والفن، فجدها هو العلامة الشيخ عبد الرحمن سلام أمين دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية كان شاعرًا وأديبًا وفقيهًا وخطيباً أما والدها الفنان والأديب محيي الدين سلام فيعتبر واحداً من كبار الملحنين و أحد أبرز وأمهر عازفي العود في لبنان والوطن العربي، شغل منصب رئيس الدائرة الموسيقية في الإذاعة اللبنانية بعد أن ساهم مساهمة فعالة في تأسيسها في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين، كما كان له الدور الكبير في اكتشاف وتقديم كبار المطربين والملحنين والعازفين(حيث كان منزله ملتقاً للشعراء والأدباء والفنانين) نذكر منهم على سبيل المثال صباح ونور الهدى و سعاد محمد وكذلك المطرب الكبير وديع الصافي،وقد كان له الفضل في تغيير اسم وديع الصافي من وديع فرنسيس الى وديع الصافي نسبة لصفاء حنجرته، أما الاكتشاف الكبير والأهم فهو بالتأكيد اكتشاف موهبة وصوت ابنته المطربة الكبيرة والمعروفة والشهيرة فى ذلك الوقت نجاح سلام وفي هذا المناخ الفني ـ الأدبي والذي كان له التأثير الكبير على نشأة صاحبة السيرة ترعرعت موهبة نجاح سلام فأحبت الشعر والأدب وعشقت الموسيقى والغناء وتعلمت أصولهما من والدها الذي كان منزله أشبه ما يكون بمعهد فني واسع يتردد عليه كبار مطربي العصر أمثال السيدة أم كلثوم والمطربة فتحية أحمد وماري جبران وأسمهان ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وزكريا أحمد وغيرهم وبداية نجاح سلام في الغناء كانت من خلال الحفلات المدرسية التي كانت تقام مع نهاية كل عام مدرسي، وأول هذه الحفلات كانت في مدرسة زهرة الإحسان، وحين اشتهر اسمها في الأوساط المدرسية طلبتها الجامعة الأميركية لإحياء حفل في "الجونيورز كولدج" وهذه الحفلة أطلقت اسم نجاح سلام في الأوساط العائلية غناء نجاح سلام كان حتى هذه المرحلة "1944-1945" من منطلق الهواية، وبضغط على والدها من قبل المشرفين على تعليمها الدراسي ، فصحيح أن الوالد كان يسمح لها بالاستماع لكنه كان يرفض رفضا كاملا ومطلقا احترافها للغناء، فالوضع العائلي لا يسمح سواء من الناحية الدينية أو من الناحية الاجتماعية و في ظل المركز السياسي الذي تميزت به العائلة ، إلا أن سمعة نجاح سلام ذاعت وانتشرت في الأوساط بحيث صارت نجمة كل الحفلات المدرسية في لبنان إلا أن الوالد الذي كان يرغب في أن تتابع ابنته التعليم المدرسي وعدها بالسماح لها باحتراف الغناء وأيضا بمرافقتها إلى مصر (حلم كل فنان حتى هذه الأيام) إن هي تفوقت بدراسته وهذا ما حدث حيث رافقها الى القاهرة كما وعدها في العام 1948، وهناك عرفها على كبار الملحنين الذين سبق لها أن شاهدتهم وهي طفلة في منزل والدها، ولكن لقاءها معهم هذه المرة وهي صبية وصاحبة صوت جميل، فتعرفت على سيدة الغناء العربي أم كلثوم والموسيقار فريد الأطرش والشيخ زكريا أحمد وغيرهم الكثيرين، فتركت في نفوسهم أثرا طيبا انعكس بعد ذلك ألحانا وأعمالا غنائية جمعت بينهم وبين صوت مطربتنا السيدة نجاح سلام. وتعود نجاح سلام مع والديها إلى لبنان ومن أبرز أهدافها تحقيق النجاح في أول أعمالها الغنائية وتحقيق الشهرة حتى يلتزم من قابلتهم بالقاهرة بما وعدوها به. وفي العام 1949 ولحساب شركة بيضا فون أهم شركات الانتاج في ذلك الزمان تسجل مطربتنا الكبيرة أول أعمالها "حول يا غنام" وأغنية يا جارحة قلبي من كلمات وألحان سامي الصيداوي، و بهاتين الأغنيتين انطلقت مسيرة نجاح سلام الاحترافية الناجحة، مع الملاحظة أن هاتين الأغنيتين تحولتا مع مرور .عاما على انطلاقتهما إلى تراث غنائي تردده الأجيال المتعاقبة وأيضا كثير من الاصوات
و إذا كانت مسيرة نجاح سلام مع الأغنية قد بدأت من خلال الأسطوانة فإن المسيرة الإحترافية الفعلية بدأت على مسارح سوريا، حيث تهافت على التعاقد معها أهم وأرقى المسارح الغنائية في كل من حلب و دمشق، و هناك التقت بكبار الشعراء والملحنين منهم عمر أبو ريشة و نجيب السراج و محمد محسن و محمد عبدالكريم اللقب بأمير البزق و الذي صاغ لها إحدى أجمل الألحان و هي "رقة حسنك وجمالك" و التي مازالت تغنى حتى هذا اليوم و تتردد على ألسنة أبناء هذا الجيل بعدما رددها قبلهم آباؤهم, و كانت هذه الأغنية جسر عبور لنجاح سلام إلى الإذاعة السورية حيث صنفت مطربة درجة أولى ممتا زوبعد أن أمضت فترة خمسة أشهر في سوريا و أصقلت موهبتها لحفظ الأدوار والموشحات و الإيقاعات على أيدي كبار الأساتذة امثال عمر البطش وعلى الدرويش سافرت نجاح سلام برفقة والديها إلى العراق حيث تمت دعوتها للاشتراك و لتقديم أعمالها على أهم المسارح في بغداد ، وحيث تعرفت على كبار العائلات العراقية بعد أن أمضت أربعة أشهر في العراق وبعد ذلك رجعت إلى رام الله في فلسطين و قدمت بعضا من تسجيلاتها إلى الإذاعة ثم عادت إلى سوريا حيث ازداد انتشار صيتها في الدول العربية ، و خلال هذه الفترة لم تكن السيدة نجاح سلام تقدم أي نشاط فني في لبنان نظرا لحساسية مركز عائلتها آل سلام و منصب جدها الديني العلامة الشيخ عبد الرحمن سلام رحمه الله تعالى وكانت نجاح سلام بدأت في سوريا.في بداية 1950م ثم عادت إلى لبنان لتسجيل بعض الأغاني للإذاعة اللبنانية، وكان أولى هذه الأغاني "على مسرحك يا دنيا" من كلمات سامي الصيداوي و ألحان نقولا المتني الذي كان يلقب بالسنباطي لشدة تأثره بشخصية و فن العبقري الأستاذ رياض السنباطي. ثم أغنية "يا عربجي خفف سيرك" و أغنية "ميّل يا غزيّل" كلمات وألحان سامي الصيداوي، ثم أغنية الليلة سهرتنا حلوة" ألحان محمد محسن، ثم أغنية "القطر جه وحبيبي ما جاش" و أغنية "يابا قلبي ماادري ايش بيه" و أغنية "وديله سلامي يا طير الحمام" من ألحان فليمون وهبي، ثم سافرت إلى القاهرة لتمضية إجازة برفقة والديها.في القاهرة تعرفت المطربة الكبيرة نجاح سلام على صاحب و مدير شركة (نحاس فيلم) السيد غبريال نحاس و كانت شركته من أكبر شركات الأنتاج السينمائي حيث أنتجت أفلام السيدة أم كلثوم وعبد الوهاب و ليلى مراد و يوسف وهبي، فرشحها لبطولة فيلم "العيش و الملح" بالاشتراك من الفنان سعد عبد الوهاب، و بما أن الفيلم يتضمن بعض المشاهد التي لا تتناسب مع تقاليد و تربية المطربة السيدة نجاح سلام رفض الوالد هذا العرض .و في هذه الفترة قابلت السيدة نجاح سلام الفنان محمد سلمان ، الذي كان لوالدهاالفضل في اكتشافه كمطرب ومؤلف وصاحب أخف ظل في 1942م ، و بما أنه كان ضليعا في اللغة العربية طلب والدها منه أن يشرف على تعليم ابنته أصول ومبادئ هذه اللغة ، لذلك فرحوا بلقائه في القاهرة بعد أن كان صيته قد انتشر جدا في القاهرة عقب اشتغاله في السينما المصرية كممثل ومطرب.و بعد عودتها من القاهرة إلى لبنان عام 1950 بدأت السيدة نجاح سلام توسيع نشاطها في بيروت فعملت على أكبر المسارح وذاعت شهرتها جدا.و بما أن الفنان الكبير فريد الأطرش سبق له و استمع لصوت المطربة السيدة نجاج سلام ، دعا بعض أصدقائه للاستماع لصوت مطربتنا الكبيرة على مسرح هذا الفندق، ، فاستمعوا إلى صوتها وفنها وآدائها وأبدوا إعجابا كبيرا، فطلب المخرج حلمي رفلة من فريد الأطرش أن يعرفه على والدها بهدف أشتراكها في فيلم"على كيفك" مع السيدة ليلى فوزي وزوجها عزيز عثمان والفنان اسماعيل ياسين، وهنا أبلغ الوالد أنه ليس لديهم شروط مادية بل أخلاقية ، وهي عدم قيامها بتصوير مشاهد تتضمن خروجا عن القيم الأخلاقية المحافظة. فوافق المخرج و كان هذا الفيلم انطلاقة السيدة نجاح سلام السينمائية، فاستقرت في القاهرة حتى بداية العام 1952م فانهالت عليها العقود السينمائية و كان فيلمها الثاني "ابن ذوات" 1953من إخراج حسن الصيفي و بطولة اسماعيل ياسين، في هذه الفترة استقرت نجاح سلام في القاهرة حيث أصبحت من أحب المطربات إلى قلوب الشعب المصري. ثم جاء بعد ذلك فيلم "الدنيا لما تضحك" الي شاركها فيه شكري سرحان واسماعيل ياسين، ثم فيلم "الكمساريات الفاتنات" مع اسماعيل يس والثنائى رجاء وعواطف ومن اخراج حسن الصيفى 1957 وكانت قد تعرفت على الملحن محمد الموجي والملحن كمال الطويل، فغنت أروع أغانيها الوطنية "يا أغلى اسم في الوجود" التي ما زالت حتى اليوم بمثابة النشيد القومي لمصر، بل إن طلاب المدارس كلها تغنيه كل يوم. ثم قدم لها الموسيقار الكبير رياض السنباطي قصيدة "أنا النيل مقبرة للغزاة" للشاعر محمود حسن اسماعيل .و في فيلم "السعد وعد" اختلف المخرج محمد عبد الجواد مع البطل شكري سرحان فرشح والد السيدة نجاح سلام المطرب اللبناني محمد سلمان للقيام بدور البطولة أمام ابنته، فتشاء الأقدار أن يكون هذا الفيلم سببا في زواجهما التي نتج عنه ابنتان جميلتان هما سمر وريم وقدم لها اهل الموسيقى العشرات من الالحان ومنهم عبد الفتاح بدير وفؤاد حلمىشوقى اسماعيل فؤاد مؤمناحمد صدقى وعبد المنعم البارودىفتحى حجازىعلى عشماوىمهدى سردانهابراهيم رافتيوسف شوقى ومنير مرادعبد العظيم محمد وغيرهم كما نظم لها الشعراء والمؤلفين الكثير من الاعمال ومن هؤلاء محمد ياسين قاسم احمد السمرهاسماعيل الحبروك فتحى قوره محمد حلاوهومحسن الخياط وعبد المنعم السباعىوزين العابدين عبد الله واستمرت المسيرة من نجاح إلى نجاح في كل شمال أفريقيا ، فقد سبقتها أغنياتها إلى بلاد الجزائر فرفعت من معنويات الثوار في مواجهة الاحتلال مثل أغنية: "يا طير يا طاير خذ البشاير من مصر و اجري على الجزائر.." وأغنية: "محلا الغنا بعد الرصاص ما اتكلم" من ألحان محمد الموجي وكلمات صلاح جاهين. ومن هنا تمت دعوتها إلى تونس من قبل الرئيس "حبيب بورقيبة"، حيث أقامت الحفلات في جميع مدن وقرى تونس ، كما أصر الرئيس بورقيبة أن تحيي حفل ميلاده كل عام. وفي هذه الأثناء أسست السيدة نجاح سلام شركة "سمرفيلم"للإنتاج السينمائي، ثم "شركة ريمافون"، فتوالت الأفلام السينمائية من إخراج زوجها الفنان محمد سلمان، وقامت ببطولة فيلم "يا سلام على الحب" من إخراج محمد سلمان ومع الفنان فهد بلان وبعد ذلك عادت 1963إلى القاهرة للقيام بطولة فيلم "سر الهاربة" ومن اخراج حسام الدين مصطفى ، ثم فيلم الشيطان 1969ومن اخراج محمد سلمان و تم تكريمها بمنحها الجنسية المصرية وأطلق عليها لقب"عاشقة مصر" لما قدمته من أغنيات وطنية صادقة حبا فى اهل وشعب مصر و في العام 1995دعتها جمعية تكريم عمالقة الفن العربي في أمريكا و منحتها جائزة اوسكار وللتواصل 0106802177 المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجيـــــــــــــة نـــــــدى