حركة التحرير الوطني الفلسطيني الوريث الشرعي للثورة الفلسطينية بقلم الكاتب محسن الخزندار
تاريخ النشر : 2009-11-16
حركة التحرير الوطني الفلسطيني الوريث الشرعي للثورة الفلسطينية بقلم الكاتب محسن الخزندار


حركة التحرير الوطني الفلسطيني الوريث الشرعي للثورة الفلسطينية
قصة كفاح الشعب الفلسطيني 1936-1939
ثورة الشمال والجليل( ): اتخذ التنظيم الإداري للثورة في شمال فلسطين حتى أوائل سنة 1938 أشكالاً محلية مختلفة يقوم بها كل قائد حسب الظروف التي تحيط به وحسب إمكانياته المادية معتمداً على العلاقة النضالية بينه وبين رفاقه في السلاح وبعد انتشار الثورة وشمولها الشعبي ومرورها بتجارب عديدة في أسلوب القتال والإدارة المحلية اتخذت في أوائل سنة 1938 طابعاً جديداً يتصف بالعمل الإداري الثوري المنظم ويتألف مما يلي:
1-القيادة العامة: اتخذ مركز القيادة العامة في مدينة دمشق الأسلوب السري خشية مراقبة السلطات الفرنسية المستعمرة ولم يقصر الرجال الوطنيون في دمشق في تقديم أنواع المساعدة المادية والمعنوية الفعالة أو الحيلولة دون تعرض السلطات الفرنسية للثوار.
أما مجلس القيادة العامة فقد كان مكوناً من قائد يعاونه عدد من المساعدين وصلوا إلى هذه المناصب بعد التجارب العديدة بإسهامهم في المعارك التي جعلتهم قادرين على حرب العصابات عملياً وإلى جانب هؤلاء بعض المستشارين من قدماء الثوار السوريين مع عدد من رجال العلم والسياسة من أبناء فلسطين ويقوم القائد العام بزيارة المجاهدين مرة أو مرتين في السنة يمكث حوالي الشهر متجولاً في سائر أرجاء مناطق الشمال الجبلية للإشراف على سير الأعمال الجهادية والإدارية لرجال العصابات وشئون الحكم المحلي لأن سلطات الانتداب فقدت السيطرة على الشعب.
ويرافق القائد العام أثناء تجواله قائد محلي أو أكثر بالإضافة إلى مجلس قيادة جبهة مؤلف من عدد من المستشارين ومع هؤلاء جميعاً عدد من الحراس وكان الثوار يعتمدون في مئونتهم الغذائية على أهالي القرى وأثناء وجود القائد العام في جبهات القتال كان يقوم مساعده في دمشق بالإشراف على شئون القيادة العامة.
مهام القيادة العامة: كان من أعمال القيادة العامة شراء ما يمكن شراؤه من أسلحة وذخائر من خارج فلسطين وإرسالها إلى الثوار وتأمين مساعدات مادية إلى كل ثائر متفرغ لشئون القتال والجهاد ومحاكمة الخارجين عن مبادئ الثورة وإصدار البلاغات الحربية عن المعارك.
القيادة المحلية أو قيادة المنطقة:
1- للشمال خمس قيادات محلية: الأولى في جبل الكرمل والثانية في قضاء عكا والثالثة في قضاء شفا عمرو والرابعة في قضاء صفد والخامسة في قضاء الناصرة وطبريا وكان القائد المحلي ينوب عن القائد العام في منطقته.
2- تتألف قيادة المنطقة من قائد ومساعد أو أكثر وكاتب وضابط أو رقيب فني وخبير في صنع الألغام ومن خمسة إلى خمسة عشر فصيل يتكون كل فصيل في أغلب الأحيان من خمسة عشر ثائراً.
3- لم تكن الرواتب مقررة لأحد من الثوار ولكن القيادة كانت تدفع مساعدات شهرية تقدر من جنيه إلى ستة جنيهات لكل ثائر محتاج حسب مركزه بواقع جنيهين للجندي وأربعة جنيهات لرئيس الفصيل والكاتب وخمسة جنيهات للمساعد وستة جنيهات للقائد ولم تكن الرواتب إلزامية وثابتة بل كانت تدفع بشكل مساعدة في بعض الأشهر وكانت القيادة تقدم الملابس للثوار وغطاء للنوم يتألف من عباءة واحدة لكل من اثنين أو ثلاثة من الثوار.
4- لم تكن وسائل النقل مهيأة للجميع بل كان لدى كل قائد ما لا يزيد عن عشرة رؤوس من الخيل للقادة والمتقدمين في السن والجرحى والمرضى وعدد من البغال لنقل العتاد الحربي.
5- يحق لكل قائد منطقة أن يشرف على قيادة جميع المسلحين من أبناء القرى والمقاومة الشعبية دون أن يدفع لأي منهم أية مساعدة مالية ودون أن يقدم لهم الذخائر في أكثر الأحيان أما الأسلحة فكان يدفع ثمنها من أموال الثوار الخاصة أو عن طريق اللجنة المحلية التي كانت تجمع الأموال من سكان كل قرية لشراء عدد من البنادق تسلم إلى الراغبين في الجهاد وكان من أهم أعمال رجال المقاومة الشعبية هي النجدة في حالة نشوب معركة بين الثوار العرب والجيش الإنجليزي والهجوم على المستعمرات اليهودية والدوريات الإنجليزية وعلى مراكز الشرطة بقصد تخفيف الضغط عن القيادة أثناء المعارك وذلك بتوزيع القوات الإنجليزية على جبهات عديدة حتى تتمكن القيادة من تنفيذ هجوم على الدوريات أو القوافل أو المعسكرات التابعة للجيش الإنجليزي أو المستعمرات اليهودية.
6- تتلقى جميع اللجان المحلية الأوامر من قيادة المنطقة.
وكانت اللجان المحلية في المناطق تقوم بأعمال إضافية أخرى كما يلي: الإصلاح بين الناس وإعادة الحقوق لأصحابها وجمع تبرعات لأسر الشهداء والمحتاجين من الفقراء الثوار ومنع الأفراد من التعاون مع حكومة الانتداب وتوزيع الثوار على بيوت الميسورين من أبناء الشعب للنوم والطعام عند تواجدهم في القرية.
7- الالتزام بتنفيذ الأوامر الصادرة عن قيادة ثوار المنطقة وفي حالة عجز اللجنة المحلية عن حل إحدى المشاكل تحول إلى قيادة المنطقة التي بدورها تبحث المشكلة وتبت فيها بسرعة ونظراً لما كانت تتمتع به الثورة من هيبة وتقدير في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني ورغبتهم الجامحة في التعاون لدعم الثورة مادياً ومعنوياً حتى تتمكن من تحقيق أهدافها في الحرية والاستقلال وإعادة الحكم الوطني إلى فلسطين.
أعمال القيادة المحلية: عينت القيادة جهازاً خاصاً للقيام بأعمال الاستخبارات على الأعداء من يهود وإنجليز وتتبع تحركاتهم العسكرية ومعرفة مناطق تجمعهم بغية مهاجمتهم في الوقت المناسب ودراسة إمكانية ضرب أي هدف عسكري أو مدني له أثر فعال في إضعاف قوى العدو المشتركة مادياً ومعنوياً وكانت أهم أعمال القيادة ما يأتي:
1- الهجوم على دوريات البوليس الإنجليزية.
2- الهجوم على القوافل العسكرية الإنجليزية.
3- الهجوم على المعسكرات الإنجليزية.
4- الهجوم على أماكن تجمع اليهود بما فيها من نقط حراسة ومستعمرات وحقول.
5- تدمير أنابيب البترول فيما بين بيسان وحيفا.
6- تدمير الجسور والسكك الحديدية وتخريب الطرقات وسائر طرق المواصلات.
7- حرق دوائر الحكومة والمتاجر والمصانع اليهودية.
8- تقطيع أشجار اليهود.
9- الاستيلاء على الأسلحة من الإنجليز واليهود.
10- غنيمة ما يمكن من أموال الحكومة واليهود.
11- معاقبة الخونة الذين يتعاونون مع حكومة الانتداب.
تكبد الثوار مشاق كبيرة أثناء عمليات التطويق الواسعة التي كانت تقوم بها قوات حكومة الانتداب ضدهم وتمنع تنقلهم فكانوا يتنقلون بمعدل ثماني ساعات ليلاً في الجبال وما المشاق أنهم كانوا في أمور التغذية فكانوا أحياناً لا يذوقون طعام الغذاء إلاّ كل ثمانيٍ وأربعين ساعة وغالباً لا يأكلون إلاّ كل أربعٍ وعشرين ساعة وكان الثوار يعانون البرد ليلاً والحر نهاراً ويقاسون النعاس من شدة الإرهاق والإجهاد نظراً للأسفار الكثيرة وكان الشعب الفلسطيني بأجمعه يسير مع الثورة يدعمها ويؤيدها ويقدم للمحتاجين من الثوار كل ما يحتاجونه ويتحملون السجن والعذاب والظلم والإرهاب وقد قدم للمعركة كل إمكانيات النصر ومتطلبات النجاح واستجاب لسائر نداءات الثورة وقد صدر أمر في تاريخ 27/أغسطس/1938 من القيادة العامة للثورة بأن يرتدي سائر أفراد الشعب الفلسطيني الكوفية والعقال فاستجاب الشعب الفلسطيني لذلك وفي غضون أسبوع واحد لم يعد في جميع أنحاء فلسطين لباس للرأس سوى الكوفية والعقال أما سبب إصدار ذلك الأمر فهو أن الثوار يرتدون الكوفية والعقال أثناء القيام بالعمليات الحربية داخل المدن وكان رجال البوليس الإنجليزي يلاحقون كل من يرتدي الكوفية والعقال ووجدت قيادة الثورة في ذلك قضاء على أسباب حملة الاعتقالات وأصدرت الأوامر بتحديد لباس الرأس وكان لاستجابة الشعب الفلسطيني لهذا الأمر أن تلاشت ملاحقة الإنجليز للثوار أثناء وجودهم في المدن.
بأسماء قادة الثورة والفصائل في الشمال منذ بداية الثورة حتى نهايتها:
خليل محمد عيسى قائد عام من شفا عمرو ومحمد أبو محمود الصفوري من شفا عمرو وسليمان "أبو علي" من سمسم وعبد الله الأصبح من الجاعونة وعبد الله الشاعر قائد منطقة صفد من الناصرة وتوفيق الإبراهيم قائد منطقة من أندور والشيخ عارف حمدان من حيفا وأبو خضر محمود الخضر من حيفا ورشيد عيد الشيخ أبو درويش قائد منطقة جبل الكرمل من حيفا وخالد الحصني قائد فني لسائر مناطق الشمال من سوريا وأبو غازي قائد فني لسائر مناطق الشمال من سوريا ومحمود سالم قائد منطقة شفا عمرو من شفا عمرو.
القادة المساعدون: محمد عيد موسى من كوكب أبو الهيجاء وأحمد النوبة من صفورية وعارف غنيم من صفورية وعلي إبراهيم زعرورة من صفورية ومحمود سليم الصالح من صفد ويحيي هواش من البردة والحاج صالح أحمد طه قاضي الثورة من صفورية وحامد من كوكب قاضي الثورة من كوكب.
قادة الفصائل: سرور برهم من حيفا وعارف الإبراهيم من حيفا ومحمد سعد شتات من مزرعة عكا ووليد سعيد من الكابري عكا وعيد سعيد أبو الخير من الكابري عكا وأحمد درويش من الكابري عكا وتوفيق الجمل من البصة عكا وكمال حسون من الشيخ داود عكا وعوض ييتم من كويكات عكا وفوزي الرشيد من ترشيحا عكا وأنيس حميدة من ترشيحا عكا ومحمد علي إبراهيم من ترشيحا عكا وعلي حمود من ترشيحا عكا ويونس الحبشي من سحمتا عكا ومحمود سعيد من الدير عكا ورشيد العبيد من مجدل الكروم عكا وعيد بشر من مجدل الكروم عكا ومحمود الجودي من البردة عكا وصالح عبوش من سخنين عكا ومحمد مهاوش من الدامون عكا وكايد عباس من كابول عكا ومحمد سعيد الخطيب من كابول عكا والحج منصور من عرابة البطوف عكا وجدعون وطفة من جديدة عكا ونمر خليل من شعب عكا ونمر ألماظة من البصة عكا ومفلح علي حمادة من شفا عمرو حيفا وسعيد قادرية من شفا عمرو حيفا وحسين محمود من شفا عمرو حيفا وصالح المحمود من شفا عمرو حيفا ومحمد السليمان من شفا عمرو حيفا وإبراهيم النمر من شفا عمرو حيفا وقاسم أبو ظعون من شفا عمرو حيفا ومحمد المصطفى طمرة عكا وسعيد القدح من كفر مندا الناصرة وصالح النصر من صفورية الناصرة وإبراهيم جنداوي عرب الجناوي من غابة شفا عمرو وأحمد عبد القادر من زعرورة وصفورية ونايف المصلح من صفورية ومحمد سالم من صفورية وسعد من عرب الخوالد طبريا وخالد السعود من عرب الخوالد طبريا ومحمود الحمد من عرب الخوالد طبريا ومحمد الإبراهيم من عرب الدهيب طبريا وأحمد محمد الشهابي من لوبية طبريا ومثقال وعي من عرب الخزانية طبريا وحسين العلي من عرب الزييدات بيسان ومحمد الحنفي من بيسان وعبد العزيز من عرب الصقر بيسان وعبيد أبو رحال من بيسان وصبحي شاهين من طبريا ومحمود شتيوي من منطقة سمخ ومحمد سويد من باقوق طبريا وشهاب الأحمد من عرب المواس طبريا والأمير خالد معجل من عرب القديرية طبريا والشيخ سليمان داوود من طرعان ومصطفى الذياب من عرب السواعد ورشيد الشاعر من صفد ومحمد علي قاسم من عرب سميكة وأحمد أبو دية من فراديه ومحمود كايد من الصفصاف ومحمود عثمان الكردي من برعم وفؤاد أحمد من عيد الزيتون والشيخ نايف الزغبي من سولم ومسعود نصار من أجزم وأبو درويش من بلدة الشيخ ويوسف أبو حريرة من المجيدل وصالح الدوحي من النحف وذيب ديوان من الباجور وعبد السلام الشبحري الكسار من صفد وأحمد الحاج ياسين من صفد وجبر لوباني من المجيدل والشيخ ناجي أبو زيد من حيفا

الثورة في منطقة حيفا( )
أسس الشيخ عطية أحمد عوض وخليل محمد عيسى فصائل للاشتراك في الثورة منذ استشهاد الشيخ عز الدين القسام وكانت لهم مراكز سرية في كل من جبل الكرمل وغابة شفا عمرو وقرية سولم وقرية سيلة الحارثية عند الشيخ عبد الله من الجرادات وكان رؤساء الفصائل التابعة لهم محمود خضر والشيخ رشيد عبد الشيخ والشيخ يوسف أبو درة والشيخ محمد الصالح.
جرت أول معركة في تلك المنطقة في 6/مايو/1936م عندما هاجم الثوار مستعمرة يهودية قرب وادي الملح بين حيفا وجنين وقتلوا عدداً من الحراس اليهود على حدود المستعمرة كما قتلوا خمسة أشخاص من سكان المستعمرة نفسها ووصلت تعزيزات من البوليس الإنجليزي وتمكن الثوار من الاختفاء بعد نجاح العملية بعد أن أصيب حسن مثقال الزبيدي من عرب الزبيدات بجراح وتلا تلك العملية عمليات فدائية قاموا بها على نطاق واسع كقطع الأسلاك الهاتفية وقطع أشجار بيارات اليهود وحرق متاجر ومصانع لليهود ونسف جسور وأنابيب البترول وخاصة قرب بيسان وقرب قرية أندور وجنوب بلدة شفا عمرو.
كان من أعمال مجلس القيادة الرئيسية في هذه المنطقة تأسيس فصائل من سكان القرى للاشتراك الفعلي في الثورة فأسسوا فصيلاً في قرية أندور بقيادة توفيق إبراهيم وفصيلاً ثانياً في قرية سولم بقيادة الشيخ نايف الزعبي وفصيلاً ثالثاً في قرية شرعان بقيادة الشيخ سليمان داوود ورابعاً في مدينة بيسان بقيادة حسين العلي من عرب الزبيدات وفصيلاً خامساً في منطقة سمخ بقيادة محمود شتيوي وازداد عدد الفصائل وفي سنة 1937م اتخذت الثورة شكلاً أكثر تنظيماً من سابقه وأصبح لدى القيادة إمكانيات للقيام بأعمال واسعة ودفع المصاريف لعدد من الثوار المحتاجين وتقديم الذخائر قبل كل معركة وشراء الملابس وتأمين الأطباء ووسائل النقل بين دمشق المقر العام للقيادة العليا وبين سائر جبهات القتال.
أسس رياض الشيخ حسن الخطيب من قرية نحف فصيلاً في منطقة عكا كان من أفراده: الشاعر الشعبي رشيد العبد من قرية مجد الكروم والشيخ يحيي من قرية دنون وصلاح حوراني ومحمد سعيد عبد الرحيم من قرية نحف والدكتور منصور من عكا وعندما هاجمت قوة من البوليس الإنجليزي في 24/يونيو/1936م قرية دنون شمال عكا اعتقلت الشيخ يحيى الذي كان يعمل لتأسيس فصيل من أهالي قريته وفي طريق عودتها هاجمها خمسة من الثوار بقيادة رياض الخطيب وجرى تبادل إطلاق النار ولم تقع إصابات وتمكن الثوار من تخليص الشيخ يحيى من أيدي القوة الإنجليزية التي اعتقلته.
هاجم فصيل رياض الخطيب في 6/يوليو/1936م دورية إنجليزية قرب قرية الفرج وكان الفصيل مؤلفاً من خمسة وعشرين ثائراً وعلم فصيل رياض الخطيب أن الدوريات الإنجليزية تتجول ليلاً على الطرق المعبدة الواقعة شمال مدينة عكا للبحث عن فصيل رياض الخطيب بعد أن علمت بتواجد نشاط للثوار في تلك المنطقة فنصب الثوار كميناً قرب قرية الفرج وعندما مرت سيارات البوليس الإنجليزي أطلقوا النار عليها من مسافة قريبة أدت إلى وقوع عدة إصابات بين أفراد البوليس بين قتلى وجرحى واختفى الثوار بسلام في الجبال بعد انتهاء العملية.
رابطت ثلاثة فصائل هي: فصيل رياض الخطيب وفصيل رشيد العبد وفصيل محمود السعيد في شهر سبتمبر/1936م إلى الشرق الجنوبي من قرية مجد الكروم على طريق عكا-صفد لملاقاة قوة عسكرية إنجليزية تم رصدها ظهر ذلك اليوم وكانت القوة الإنجليزية مؤلفة من عشرين سيارة تحمل جنوداً وعندما وصلت السيارات إلى قرب أحد الجبال وجدوا أن الطريق مسدودة بالحجارة الكبيرة فنزل بعض من الجنود لإزالة الحجارة من الطريق فانهال عليهم الرصاص من الثوار المرابطين في أماكن حصينة وقتل عدد من الإنجليز وانسحب الثوار بعد نجاح العملية الخاطفة.
وصلت التعزيزات إنجليزية إلى مكان المعركة ولاحقت الثوار واحتلت قسماً من مواقعهم السابقة وكادت تطبق عليهم ولكن النجدات العربية من قرى مجدل الكروم والبصة ودير الأسد ونجف وسخنين وعرب السواعد أسرعت لإنقاذ الموقف وتمكنت من تطويق القوات الإنجليزية في نصف دائرة واستمر القتال نحو ثلاث ساعات خسر الأعداء فيه عشرين قتيلا ولم يصب أحد من الثوار.
ثوار حيفا: كانت تتألف لجنة إدارة الأعمال الفدائية في مدينة حيفا من ثمانية أشخاص ورئيسهم هم: سرور برهم وفائق واكد وسعيد عطية ومحمد أبو طايع من حيفا ومحمد الغزلان من صفورية وصالح أبو ليل وعيسى البطل من الطيرة ومحمد ذيب أبو العبد من سيلة الظهر وأحمد المزرعاوي من مزرعة رام الله والشيخ طه من صرفند الخراب وعارف الإبراهيم من كفر راعي وأحمد الخطيب وصلاح خضر من قرية شعب واشترك أهالي مدينة حيفا في الإضراب العام والمظاهرات التي كانت تقوم في المناسبات الوطنية المتعددة كما ساهم عمال الميناء في المدينة بأعمال بطولية ضد الإنجليز واليهود أثناء الثورة.
معارك حيفا: انطلقت ثورة الشيخ عز الدين القسام من حيفا وعند إعلان الثورة المسلحة استجاب الشعب الفلسطيني بجميع فئاته وكان العشرات من الشباب يعملون في حلقات سرية يتراوح عدد أفراد الحلقة بين ثلاثة وخمسة أشخاص ولكل حلقة قائد وأما أعمال الحلقة فكانت متنوعة وفي مناطق متعددة ومن قادة الثوار في مدينة حيفا الشيخ سرور برهم وعارف الإبراهيم وعبد القادر علي من عرعرة والشيخ رشيد عبد الشيخ قائد جبل الكرمل وكانت هناك مجموعات الثوار مكونة من: محمد الحسين من عين غزال وخليل مسعود من المجيدل وعيسى الخليل من الخليل ومجموعة ثانية مكونة من حسن الزواوي وعيسى البطل وصالح أبو ليل من طيرة حيفا ومحمد أبو طايع ومحمد ذيب أبو العبد ومجموعة ثالثة مؤلفة من عبد الفتاح وأحمد أبو علي من قرية المزرعة وسالم عبد الله وأحمد الخطيب من المجيدل ومحمود من قومته وقد أعدم جميعهم في سجن عكا وحسن جمعة وعثمان من التل ومحمد وخالد النجمي من قرية عبلين وإبراهيم الأسود ومحمد جابر من حيفا والشيخ نايف المصلح من صفورية وعيد يافاوي وفريد مزرعاوي ومحمد أبو سالم وأحمد الماضي وإسماعيل حجير وغيرهم من العشرات.
ومن المعارك البارزة معركة جسر رشميا في حيفا حيث قام كل من محمد الحسين وخليل مسعود وعيسى الخليل وعبد القادر علي وستة من رفاقه في عام 1936 بالهجوم بالقنابل والمسدسات على سيارة باص يهودية كانت متوجهة من هدار الكرمل إلى مستعمرة قريات مايم ليلاً عند جسر وادي رشميا أوقعت ثمانية قتلى وسبعة جرحى وقد قام الثوار في 25/مايو/1936م بإلقاء القنابل على اليهود في أحياء حيفا فقتلت عدداً منهم وفي اليوم التالي قامت السلطات الانجليزية باعتقالات واسعة وقام عدد آخر من الثوار بإلقاء قنبلة على ضابط إنجليزي في حيفا فقتل على الفور وألقوا قنبلة ثانية على ستة من اليهود فأدت إلى قتل وجرح عدد منهم.
ألقى الثوار القنابل في 18/يونيو/1936م على دار بلدية حيفا أثناء إجازة الموظفين العرب ودوام الموظفين اليهود فقط في ذلك اليوم فأصيب عددٌ من اليهود بجراح وجرت اشتباكات في 27/يونيو/1936م بين العمال العرب والعمال اليهود قتل فيها أربعة من اليهود واستشهد عربيان وجرت اشتباكات واصطدامات واسعة في 1/يوليو/1936م بين العرب واليهود في ميناء حيفا وبوابة عكا وقام الثوار بقيادة الشيخ رشيد عبد الشيخ في 8/أغسطس/1936م بنسف قطارٍ عسكريٍ جنوب حيفا أوقع خسائر في الأرواح وخسائر مادية كبيرة وقام الثوار في مدينة حيفا في 1/يناير/1938م بقتل جنديين إنجليزيين داخل المدينة كما قام الثوار في مارس/1938م بقتل حراس السكة الحديدية من اليهود واستولوا على أسلحتهم.
كان من الثوار محمد عبد الله من قرية عصيره الشمالية ومحمد الحسين ومحمد البصاوي الذين هاجموا سيارة البريد وقتلوا الحراس اليهود وقتلوا ضابطين من ضباط الجيش الإنجليزي في حيفا وهاجم في شهر يونيو/1938م خليل مسعود عاملاً يهودياً وهاجم في 4/سبتمبر/1938م محمد وخليل مسعود مع آخرين جنديين إنجليزيين إلى الشرق من وادي رشميا-حيفا وقتلوهما واستولوا على أسلحتهم وكان في مدينة حيفا عشرات من الثوار يعملون سراً للقضاء على كل من يتعاون مع سلطات الاحتلال.
كان أحمد محمود غزلان من قرية صفورية يهرِّب الأسلحة من سوريا ولبنان إلى فلسطين ليزود بها الثوار وخاصة في مدينة حيفا وقد رابط أربعة عشر من الثوار بقيادة الشيخ رشيد عبد الشيخ في 16/يوليو/1938 قرب موقع أجنادية في جبل الكرمل وجرى تبادل إطلاق النار قتل أحد عشر يهودياً ووصلت تعزيزات من الجيش الإنجليزي تزيد على ثلاثمائة جندي تحرسهم طائرتان وتبادلوا إطلاق النار مع الثوار قتل خلالها عدد من الجنود الإنجليز واستشهد ثلاثة من الثوار وهم مطلق السعيد وعلي المناصرة من عرب السويطات وأحمد حصري من الياجور واستولى الثوار على أربع بنادق ومسدس واعتقل الانجليز اثنين من الثوار من عرب الغوارنة وقتلوهما في الأسر انتقاماً لقتلى الإنجليز.
رابط فصيل الشيخ رشيد عبد الشيخ في 30/أغسطس/1938 في وادي الطبل وكان الجيش الإنجليزي يطوق جبل الكرمل فتصدى له الثوار وقتلوا ثمانية عشر جندياً إنجليزياً إلا أن الطائرات لاحقتهم واستشهد عبد القادر أبو ياسين من قرية بلعا وقتل محمد البغدادي جندياً إنجليزياً وأخذ بندقيته وفي اليوم التالي طوق الإنجليز عرب السويطات واعتقلوا عددا كبيرا منهم وقد قام الجنود الإنجليز بأعمال التخريب والتعذيب للأهالي العزل أدى ذلك إلى استشهاد علي يوسف الناصر.
رابط فصيل الشيخ رشيد عبد الشيخ ومعه اثنا عشر ثائراً منهم رضوان زعطوط وموسى كزلي وكان ذلك بعد معركة الشلالة على مشارف مستعمرة أخوذا ( مستعمرة يهودية تقع في جبل الكرمل) .
التي تقع في قمة جبل الكرمل في حيفا عند بوابة الدير هاجم الثوار سيارة ركاب يهودية وأطلقوا النار عليها وقتل سبعة من ركابها ولم تتمكن التعزيزات الإنجليزية من الوصول وقد هاجم فصيل الشيخ رشيد عبد الشيخ عمال كسارة يهود مع حراسهم وتمكنوا من قتل أربعة عشر يهودياً كما استولوا على بندقيتين حربيتين قبل وصول التعزيزات الإنجليزية وقد دخل فصيل الشيخ رشيد عبد الشيخ مدينة حيفا في 7/نوفمبر/1938 في وضح النهار وأحرقوا مخازن الجمرك وثلاث سيارات مصفحة وقتلوا عددا من أفراد البوليس الإنجليزي وعدداً من اليهود في الأحياء اليهودية في المدينة وكذلك بنك باركليس واستولوا على خمس سبائك من الذهب ومبالغ من النقود.
كان موقع فصيل جبل الكرمل بقيادة الشيخ رشيد عبد الشيخ ومعه إبراهيم قسيمي وعلي المناصرة ومطلق السعيد وإبراهيم علي النصر من عرب السويطات وآخرون قرب الاستحكامات التركية في قمة جبل الكرمل (جرت هذه المعركة قرب قرية الدامون) وقد رصد هذا الفصيل صيف سنة 1938م أن قوة من البوليس اليهودي من حرس المستعمرات يعمل على إقامة دورة تدريبية في جبل الكرمل مكونة من أربعين يهودياً فانتظر الثوار حتى شرع اليهود في التدريب وأطلقوا عليهم الرصاص قتل عدد كبير من اليهود وفر الباقون ووضع البوليس اليهودي في 19/يناير/1939م قنبلة موقوتة في سوق خضار العرب في حيفا قتلت وجرحت عند انفجارها ستين فلسطينيا الأمر الذي دفع الفلسطينيين في اليوم التالي للحادث للقيام بأعمال انتقامية.
معركة حيفا الكبرى: عقد الثوار اجتماعاً في 3/إبريل/1939 بين قرية سخنين وقرية عرابة البطوف حضر الاجتماع من قادة الثورة الشيخ سليمان خالد الحصني والشيخ رشيد عبد الشيخ لإعداد خطة عسكرية للهجوم على الأحياء اليهودية في مدينة حيفا على أن يشترك في العملية اربعون ثائراً منهم وخمسة وعشرون من فيصل خالد الحصني وخمسة عشر من فيصل رشيد عبد الشيخ ووزعت القيادة الثوار في مراكز تقع داخل المدينة لحراسة سائر الطرق المؤدية إلى ميدان المعركة خشية محاصرة العدو لهم وتقدم خمسة وعشرون ثائراًً نحو الجهة الشمالية لجامع الحاج عبد الله في نقطة تشرف على مركز خاص بتدريب حرس المستعمرات اليهودي قرب جسر وادي رشميا وقام الثوار بإطلاق النار من بنادقهم ورشاشاتهم على الحرس وبلغ عدد القتلى اليهود سبعين يهودياً وثلاثين جريحاً.
معارك قضاء شفا عمرو:
إن منطقة شفا عمرو والقرى المحيطة بها و صفورية وسخنين كلها تؤلف منطقة واحدة قائدها الشيخ محمود سالم.
معركة فسوطة: رابط الثوار في 14/نوفمبر/1937م بقيادة الشيخ محمود سالم وعبد الله الشاعر وعبد الله الأصبح وتوفيق الإبراهيم إلى الغرب من قرية فسوطة قرب الحدود اللبنانية وكان عددهم خمسة وستين ثائراً ولما وصلت قوة من البوليس والجيش الإنجليزي وعددها ثلاثمائة قرية فسوطة للبحث عن الثوار وما أن ابتعدوا عن القرية كيلو متراً واحداً حتى تصدت لهم قوة الثوار وجرت معركة معززة بثلاث طائرات انجليزية وأسفرت المعركة عن قتل اثني عشر جندياً انجليزياً وجرح عدد منهم وهربت الفرقة الإنجليزية إلى قرية فسوطة وركبت سياراتها واتجهت نحو معسكر المنصورة بعد الهزيمة التي لحقت بهم وانسحب الثوار وبينهم جريحان نحو قرية يارين على حدود لبنان.
معركة عرب العرامشة: كان القائد محمود أبو سالم في ليلة 12/نوفمبر/1937م وعشرة من رجاله في مضارب عرب العرامشة لاستقبال قافلة السلاح الآتية من سوريا حيث مركز القيادة العليا إلى قرية الحنية من أراضي لبنان فعلم الإنجليز بأمر القافلة وطوقت قوات إنجليزية يبلغ عددها مائة وخمسين جندياً مضارب عرب العرامشة داهم الإنجليز الحجرة التي كان رجاله ينامون فيها واعتقلوا الرجال العشرة أما الشيخ محمود أبو سالم فقد كان خارج الحجرة فاشتبك مع الجنود الإنجليز وأطلق النار عليهم فقتل ثلاثة منهم وأصيب في فخده الأيسر وتمكن من الفرار واتجه نحو الأراضي اللبنانية واستمر تبادل إطلاق النار أثناء عملية الانسحاب وعندما وصل إلى الأراضي اللبنانية وأرسل إلى مستشفى في مدينة صيدا لإسعافه باحتفال شعبي مهيب.
بينما كان فصيل القيادة في 1/أكتوبر/1938م مرابطاً في جبل خزعان غرب قرية كوكب أبو الهيجاء وعدده خمسة وعشرون ذهب عدد من الثوار لإحضار ماء للشرب من بئر في موقع أبي جراد بين قريتي أطمره وعبلين رصدت تحركاتهم طائرة استكشاف انجليزية وجاءت طائرتان من مطار نهلال في مرج ابن عامر بناء على إشارة طائرة الاستكشاف وشرعت الطائرتان في إلقاء القنابل على مراكز الثوار وطوقتهم قوات إنجليزية من جهة كوكب وكفر مندا شرقا وتمكن الثوار من الوصول إلى مواقعهم في الجبال ووصلت تعزيزات إنجليزية في صباح 4/أكتوبر/1938م من مدينة الناصرة ومدينة عكا إلى قرى كفر مندا وعبلين وكوكب أبو الهيجاء لتطويق الثوار الذين خاضوا معركة أبو جراد, قامت قوات الإنجليز في 6/أكتوبر/1938م بحرق قرية كوكب أبو الهيجا بجميع ما فيها من بيادر الحبوب وأثناء عودة مشاة القوات الإنجليزية من واد عميق بين قرى كوكب وكفر مندا فاجأهم فصيل الشيخ محمود سالم في عرب الحجيرات في موقع الديدبة شرقي قرية كوكب بوابل من الرصاص انتقاماً للقرية التي أحرقوها ودارت معركة حامية أسفرت عن مقتل عشرات من الجنود الإنجليز الذين استعانوا بعدد من الطائرات.
في شهر أكتوبر/1938م ذهب محمد حسن زيد العجوري وكامل أبو حمارة من اليامون وخليل موسى الهيبي إلى موقع وادي فانة في سهل البطوف مقابل قلعة صفورية التي يعسكر فيها الإنجليز وعند وصولهما كشفهما الإنجليز طوق الانجليز الثوار الثلاثة وجرت معركة بين الطرفين واستمرت المعركة حتى وصول النجدات العربية من القرى المجاورة ومن مضارب البدو وانتهت المعركة بقتل عشرة جنود إنجليز واستشهاد خليل موسى الهيبي وجرح كامل أبو حمارة.
أعمال الفصائل التابعة للشيخ محمود أبو سالم: أثر انتهاء هدنة 1937م شرعت قيادة الثورة في منطقة شفا عمرو بتأليف فصائل من الثوار بقيادة الشيخ محمود سالم باستئناف القتال وهي: فصيل حسين محمود القاسم وكان مؤلفا من خمسة وسبعين ثائراً من عرب الحلف والزبيدات والعميرية والسعدية والسواعد والخوالد القاطنين في غابة شفا عمرو(المجاهد هزاع العمري كان يساعد حسين الحمودي في قيادة الفصيل.)
ومن الأعمال المنوطة بهم مهاجمة القوافل والمستعمرات اليهودية الواقعة إلى الجنوب من غابة شفا عمرو بما في ذلك مستعمرات مرج ابن عامر الشمالية الغربية مثل: جيدا وكفر ياشوع ومزراحي.
ومن العمليات التي نفذها هذا الفصيل بين سنتي 1937-1939م مهاجمة مستعمرة جيدا ليلة 6/يونيو/1938 والتي تم فيها قتل عددا من سكان وحراس المستعمرة وحرق مستودع مؤن وهاجم سليمان الشواف ومحمد الأطرش وقاسم الطباش وعبد الله العلي وموسى حسين شحادة وعاطف علوان في 5/أغسطس/1937 الحراس اليهود حراس الجهة الشمالية من مستعمرة جيدا وقتلوا أحد الخفراء وبعد شهر من الهجوم السابق هاجموا مستعمرة جيدا ليلاً بعد أن تحصنوا في مراكز قريبة من مركز حراس المستعمرة ثم قاموا بإطلاق النار وألقوا أربع قنابل يدوية داخل استحكامات العدو فقتل أربعة من حرس المستعمرات وجرى اشتباك انسحب على أثره الثوار إلى مراكزهم بعد نجاح عمليتهم بدون خسائر وقد أحدث هذا الهجوم ذعراً شديداً بين صفوف اليهود.
هاجم الثوار وعددهم اثنا عشر في 24/سبتمبر/1938م مستعمرة بريك في الجهة الشرقية الجنوبية من مدينة حيفا وذلك لقتل أحد زعماء اليهود) الزعيم اليهودي أسمه زايد قورة)
هناك وأقاموا كميناً على الشارع الذي يصل منزله بالمستعمرة الذي يبعد خمسمائة متر جنوب المستعمرة وأثناء توجهه إلى منزله منتصف الطريق عاجله الثوار بإطلاق الرصاص عليه فأردوه قتيلاً واشتبك حراس المستعمرة مع الثوار اللذين انسحبوا نحو الجنوب بعد أن أتموا مهمتهم بقتل الزعيم اليهودي وحارس آخر من حرس المستعمرات وقد أحدث قتل ذلك الزعيم اليهودي ضجة كبيرة وخاصة في دوائر سلطات الانتداب التي شرعت في تعقب الثوار لمدة طويلة استمرت إلى ما بعد الثورة عرف اليهود مكان وجود قاسم الطباش ففاجئوه ذات يوم في منزله وقتلوه.
قام كل من محمد الأطرش وقاسم الطباش وسليمان الشواف وعاطف علوان في 10/ديسمبر/1938م بالرباط قرب مستعمرة كفار يوشع غرب مستعمرة نهلال وعلى بعد خمسة وعشرين متراً من المستعمرة وذلك للفتك بالحراس اليهود مر خمسة من الحراس اليهود بالقرب من مكمن الثوار وأطلقت عليهم النار دفعة واحدة فقتل حارس وجرح آخر وفي 5/مارس/1939م رابط فصيل حسين المحمود في منطقة العبدية على طريق حيفا الناصرة بعد خمسمائة متر من مستعمرة قرية آمال وتسلل عدد منهم إلى المستعمرة وقتلوا يهودياً.
هاجم خمسة عشر ثائراً من نفس الفصيل مستعمرة الحارثية الواقعة على الشارع حيفا-الناصرة فحضرت تعزيزات إنجليزية مؤلفة من سيارات مصفحة لمؤازرة اليهود واشتبكت مع الثوار وفي صيف سنة 1939م قام سبعون ثائراً من سائر بدو غابة شفا عمرو بهجوم على مستعمرة قصقص طبعون أوليتم الواقعة في الجهة الشمالية القريبة من مرج ابن عامر وشرعوا بتبادل إطلاق النار مع حراس المستعمرة وحضرت تعزيزات يهودية من سكان المستعمرات المجاورة وتعزيزات إنجليزية من الجنوب فقُتل عدد من اليهود وانسحب الثوار بعد الغروب بدون خسائر وقام الفصيل بنسف أنابيب البترول قرب قرية إبطن-حيفا وأعمال تخريب بأسلاك الهاتف.
فصيل إبراهيم خليل الجنداوي: كان عدد أفراده خمسة عشر معظمهم من عرب الجنادي وقسم منهم من عرب المريسات القاطنين في الجهة الشرقية من بلدة شفا عمرو ومن أعمال هذا الفصيل: هاجم ستة من الثوار بقيادة إبراهيم الجنداوي مركز بوليس شفا عمرو ليلا في أواخر سنة 1937م واستولوا على أسلحة أفراد البوليس الإنجليزي وعددها أربعة بنادق حربية وثلاث مسدسات.
كان لكل فصيل من فصائل الثورة مخابرات تقدم له التقارير عن حركات العدو لتسهيل الأعمال الحربية وقد حصل إبراهيم الجنداوي على معلومات مفادها أن حافلة ركاب من حيفا متوجهة إلى مستعمرة نهلال في مرج ابن عامر فاتجه مع فصيله إلى الموقع ورابطوا إلى الشمال من الشارع الرئيسي في الاستحكامات التركية القديمة التي تبعد مائتي متر عن الشارع وعندما وصلت السيارة المحملة بالركاب اليهود والحراسات المسلحة انهالوا عليها برصاصهم فقتلوا معظم ركاب السيارة وحضرت تعزيزات مسلحة يهودية وتبادلت النار مع الثوار وأسفرت المعركة عن قتل عشرات من اليهود وواحد من الثوار (الثائر الذي استشهد هو أحد أفراد قبيلة عرب الحجيرات قرب شفا عمرو واسمه أحمد صعيميس.)

هاجم فصيل إبراهيم الجنداوي صباح 2/أكتوبر/1938م سيارة مهندس يهودي في موقع الناعمة غرب بلدة شفا عمرو وكان برفقته المهندس أربعة أشخاص منهم ثلاثة يهود وبوليس عربي واحد للحراسة وعندما مرت السيارة أطلق الثوار النار عليها فأصيب المهندس بجراح واستسلم الآخرون وحكم قائد المنطقة محمود سالم على اليهود الثلاثة بالإعدام وبإطلاق سراح البوليس العربي وإحراق السيارة وتم تطويق المنطقة على اثر ذلك بواسطة قوة عسكرية إنجليزية قدمت من حيفا.
اصطدمت قوة من الجيش الإنجليزي جنوب شفا عمرو مع مجموعة ثوار من عرب السواعد وعرب المواس من قرية هوشة واستمرت المعركة طوال اليوم وأسفرت عن مقتل عدد من الجنود الإنجليز واستشهاد كل من حافظ السعدي وعلي أبو بشت وإصابة محمود الشويلي كما قام الثوار سنة 1939م بالهجوم على سيارة شحن تنقل مؤن لليهود يحرسها أربعة من حرس المستعمرات اليهودية بين مستعمرتي: نهلال وسمونة إلى الشمال من شارع حيفا-الناصرة في أراضي قرية عيلوط وأطلقوا عليها النار وقتلوا ثلاثة من الحراس اليهود فرد اليهود.
فصيل شفا عمرو: هاجم فصيل مفلح علي حمادة ( معظم أعماله محمد مع الشيخ ياسين أحد أعضاء اللجنة القومية في حل المشاكل بين الناس.) المستعمرات اليهودية وكان الفصيل يتألف من صالح يوسف الخطيب وصالح قاسم الخطيب وجميل صادق الخطيب وزايد حازم ومنصور قرطام وخضر أبو العلا وأخيه محمد وإبراهيم أبو جليل وابن عمه حسين وحسن نمر حسين وحردان خالد وحسين علي إبراهيم ورجا أبو غنيمة وأحمد أبو عجاج وحسين إسماعيل أبو الهبز وأحمد يوسف الحسن والحاج طيب أبو زيد وحمادة برغيث وحسن برغيث وأولاد الشيخ حسن الخضر وعبد السلام الشحبري ومحمد الحسين ومحمد شعبان وعشرات من الثوار.
أهم الأعمال التي نفذها هذا الفصيل: مهاجمة مستعمرة كفار يوحنان في 29/مايو/1938م إلى الجنوب الغربي من شفا عمرو وإطلاق النار على المستعمرة فقتل اثنان من اليهود وجرح آخرون وذلك بعد أن تم تعطيل مولد كهرباء المستعمرة.
قام فصيل شفا عمرو في 15/يونيو/1938م بالاشتراك مع فصيل حسين الحسن من عرب الحجيرات ونعيم العبد من قرية عبلين بالهجوم ليلاً على مستعمرات كفار يوحنان وكفار عطا وقَتلوا عدد من اليهود وهاجم الفصيل في 27/يوليو/1938م ليلاً مستعمرة كفار يوحنان مرة أخرى بالاشتراك مع عدد المغاربة ( سكان قرية الهوجنة جنوب قرية شفا عمرو.) وقتلوا اثنين من الحراس اليهود وجرحوا عدداً آخر.
كذلك هاجم الفصيل في 27/يوليو/1938م بالاشتراك مع فصيل صالح المحمود من عرب الحجيرات وثوار من قرية سعسع حيفا بقيادة رسلان أبو العردات ليلة مستعمرة كفار حاسديم ومستعمرة الشيخ بريك وقد شاركت بجانب القوات اليهودية في المعركة نجدات إنجليزية قتل أثناءَها عدد من الجنود اليهود والإنجليز وفي نفس الوقت قام فصيل من قرية عبلين بقطع أسلاك الهاتف بين شفا عمرو وكفرتا وإطلاق النار على المستعمرة وإيقاع إصابات بين اليهود وهاجم الثوار في 18/يوليو/1938م مع فصيل من عرب الحجيرات حافلة ركاب يهودية كانت قادمة من حيفا ومتجهة نحو مستعمرة قريات أمال في منطقة العبرية على طريق حيفا–الناصرة أدت إلى مقتل وجرح ثمانية من اليهود.
معركة قرية سعسع جنوب شفا عمرو في 15/إبريل/1939م: بينما كان القائد محمود سالم يستعد في قرية سعسع يحشد عدد كبير من ثوار القرى للقيام بهجوم على مستعمرة كفار حاسديم طوقت القوات الإنجليزية القرية وكانت تتألف القوة الإنجليزية من الدبابات الثقيلة تحرسها الطائرات من الجو فتصدى الثوار للقوات الإنجليزية وكانت معركة غير متكافئة حيث اشتبك الثوار وقوة ضخمة إنجليزية وكادت القوات الإنجليزية تتمكن من السيطرة على الموقف لولا وصول النجدات العربية التي تدفقت من جميع أنحاء تلك المنطقة, وضربت حصاراًً حول القوات الإنجليزية وأصبحت القوات الإنجليزية بين نارين الأمر الذي جعل طائرات العدو تقذف قنابلها بحذر شديد خوفا على الجنود الإنجليز الذين اختلطوا بالثوار واستمر القتال حتى انسحاب القوات الإنجليزية ونجا محمود سالم واستشهد أربعة من رجاله وبلغت خسائر الإنجليز خمسة عشر قتيلاً.
هاجم فصيل محمود سالم بالاشتراك مع فصيل من عرب الحجيرات وفصيل قرية عبلين مستعمرات يهودية شرق مدينة حيفا وبنفس الوقت تم زرع لغم بين مستعمرتي كفار عطا وكفار يوحنان انفجر بعد قليل تحت حافلة بوليس يهودية فقتل عدد من ركابها كما اشترك فصيل محمود سالم في عدة عمليات نسف أنابيب البترول وقطع أسلاك الهاتف ونسف الجسور وتخريب الطرقات والاستيلاء على أسلحة من اليهود والإنجليز.
الهجوم على مستعمرة تل النحل: قام خالد الحصني بوضع خطة عسكرية لتنفيذها على معبرة يهودية (المعبرة هي المكان الذي كان فيه المهاجرون اليهود الجدد لغاية أن يتم توزيعهم في أنحاء البلاد ) وتتلخص الخطة فيما يلي: يقوم فصيل شفا عمرو بالهجوم على تجمع يهودي من المهاجرون اليهود الجدد وفي 22/إبريل/1939 تمركز أفراد الفصيل بين المزروعات, وبعد ذلك شرعوا بإطلاق النار وإلقاء القنابل اليدوية وتمكنوا من قتل العشرات من اليهود المهاجرين وحضرت التعزيزات الإنجليزية وكادت القوات الإنجليزية تطوق الثوار ولكن بسالة الثوار ومرابطتهم على مفارق الطرق والاشتباك مع الإنجليز مكن الثوار من الانسحاب بسلام.
تقدم فصيل من عرب الحجيرات في شهر يوليو/1939م وجماعة من فصيل شفا عمرو إلى مستعمرة قريات آمال قرب العبرية شارع حيفا-الناصرة وتم إعداد خطة الهجوم كما يلي: ذهاب ثلاثة أشخاص لإطلاق النار بصورة متقطعة على المستعمرة حتى يعتقد اليهود أن قوة الثوار خفيفة فيرسلوا مصفحة إلى أماكن إطلاق النار بقصد تطويق الثوار وفي نفس الوقت يرابط اثنا عشر ثائراً على جوانب الطريق للانقضاض على الدورية اليهودية بعد خروجها من المستعمرة مباشرة وزرع الحاج محمد الحمصي خبير الألغام, مع ثائرين لغما أرضيا على الشارع الفرعي الواقع بين مستعمرتي قريات آمال وقرية قصقص طبعون لينفجر في حالة وصول تعزيزات يهودية من الشرق أو الغرب نفذ الثوار الثلاثة الخطة وحضرت سيارة يهودية اشتبكت في معركة مع القسم الثاني من الثوار.
قام صالح المذبوح وراجي المذبوح في الشهر يونيو/1936م من عشيرة الكعيبة بالهجوم على خفير يهودي وقتلوه داخل مستعمرة كفار يوشع الواقعة في تل الشمام.
قام فصيل من الثوار في 11/أغسطس/1936م من منطقة شفا عمرو بهجوم على مستعمرة قريات هاييم ليلاً وقتل عدداً من اليهود وحرق مستودع أخشاب وفي سبتمبر/1937م.
حوصر الشيخ عطية ومعه نحو ثلاثين من رجاله منهم الشيخ ذيب الزغم ومطر الزغم وحسن الزواوي إلى الجنوب على بعد ثلاثة كيلو مترات من بلد الشيخ من قبل القوات الإنجليزية وجرى اشتباك قتل من جرائه عدد من جنود الإنجليز يزيد عن خمسة عشر واستشهد الشيخ ذيب الزغم من قرية اجزم واستشهد الشيخ عطية وأحمد عوض ومحمد نجيب الخمرة في نوفمبر/1937م في معركة اليامون المشهورة
هاجم عدد من الثوار مستعمرة "كفار خاروشت" ليلاً في مطلع 1938 بقيادة صالح المذبوح من عرب شفا عمرو وأحرقوا ثلاثة منازل ثم نصبوا كميناً على شارع حيفا-الناصرة قرب جسر الحارتين وهاجموا سيارة بوليس يهودي وقتلوا يهوديين في معركة ليلية واستشهد من الثوار شريف الشيخ من قرية المنسي وقام فصيل نواف أبو شحرور التابع إلى يوسف أبو درة ومعه صالح المذبوح بهجوم على العمال اليهود بين قريتي حواسا وبلد الشيخ كان العمال اليهود يركبون ست حافلات واستطاع الثوار قتل عدد من العمال اليهود وعلى إثر ذلك حضرت تعزيزات إنجليزية لمؤازرة اليهود من حيفا ولكن الثوار انسحبوا بعد نجاح العملية باتجاه جبل الكرمل.
أحرق فصيل نواف أبو شحرور أربع قاطرات سكة حديد في منطقة تل الشمام ( تل الشمام يقع على طريق حيفا-سمخ في مرج ابن عامر.
وهاجم الثوار ملعباً لكرة القدم في مستعمرة نتشر باجور وقتلوا عدداً من اليهود وهاجم ثوار في شهر يوليو/1939م من قرية سخنين من عرب الحجيرات اثنين من اليهود يحرسان برك السمك في كردانة غرب شفا عمرو وقتلوهما واستولوا على سلاحيهما وكذلك استشهد الشيخ رشيد عبد الشيخ ففي سبتمبر/1939م داخل منزله في مدينة حيفا حيث هاجمه البوليس الإنجليزي بعد تطويق منزله واشتبك مع القوة البوليس الإنجليزي وقتل ثلاثة منهم.
مدينة صفد: مدينة صفد كانت في مقدمة المدن التي ثارت على سياسة الإنجليز التعسفية وكان لسكان مدينة صفد دورٌ بارزٌ في حادث البراق سنة1929 وكان لفؤاد حجازي وإخوانه مواقف بطولية ضد اليهود واستشهد فيها عبد سليم الخضراء ومحمود أبو خلف وآخرون أعلن الإضراب في 20/مارس/1936 واستجابت مدينة صفد وشاركت في الإضراب والمظاهرات وجرت أعمال مقاومة فردية جريئة لليهود والإنجليز والخونة داخل صفد وكانت من أبرز المظاهرات الدامية في صفد التي قامت في الأسبوع الأول من أكتوبر/1937 بعد إعلان قرار لجنة بيل الإنجليزية حيث قام المتظاهرون من أفراد الشعب بإلقاء القنابل على دور الحكومة ومراكز اليهود مما جعل سلطات الانتداب تفرض غرامات باهظة بالإضافة إلى مداهمة المنازل وتدميرها (قدرت الخسائر في ذلك الوقت بأكثر من خمسين ألف جنيه.) كما مارست وسائل التعذيب الوحشي على الرجال والنساء مما جعل أهالي صفد يهمون بالرحيل إلى سوريا وكان من جراء ذلك أن احتجت مدن سوريا على فظائع الإنجليز في صفد.
أسماء القادة وقادة الفصائل في منطقة صفد: عبد الله الشاعر وعارف غنيم ورشيد الشاعر وأحمد الحاج ياسين من مدينة صفد وعبد الله الأصبح من قرية الجاعونة ومحمود سليم الصالح من قرية عموضة ومحمود عثمان الكردي من قرية كفر برعم وفؤاد حمد من قرية عين الزيتون بالإضافة إلى قادة الفصائل المحليين ورؤساء الفصائل وقادة جماعات الثوار في القرى المحيطة.
معارك قضاء صفد: رابط الثوار في ليلة 21-22/يونيو/1936م بقيادة عبد الله الشاعر قرب قرية جب يوسف على طريق صفد–طبريا وتحصنوا ليلاً في مراكز جبلية منيعة وعندما حضرت سيارة ركاب يهودية محروسة بسيارتين من سيارات البوليس الإنجليزي ووصلت إلى منعطف واضطرت لتخفيف سرعتها انهال الرصاص عليها وعلى سيارات الحراسة الإنجليزية وتمكن الثوار من قتل معظم ركاب السيارة اليهودية وعدد من أفراد البوليس وحضرت تعزيزات إنجليزية من صفد وقتل عشرات من الجنود اليهود والإنجليز.
قام فصيل عبد الله الشاعر المكون من عشرين ثائراً في ليلة 9/أغسطس/1936م بهجوم مسلح مباغت وخاطف على مراكز الجيش والبوليس داخل مدينة صفد تمكن الثوار فيه من قتل اثنين من الإنجليز وجرح ثلاثة وأثار هذا الهجوم الحماس في صفوف شباب صفد الذين انخرطوا في صفوف الثوار.
هاجم فصيل عبد الله الشاعر المكون من ثلاثين ثائراً في 12/أغسطس/1936م سيارة ركاب يهودية محروسة بسيارتين للجيش الإنجليزي قادمة من طبريا إلى صفد وعند وصول هذه السيارات إلى نقطة تبعد اثنين كيلو متر عن قرية الجاعونة فوجئت بكمين متخفٍ بين الصخور يطلق عليها النار وخاصة على سيارة الركاب اليهودية التي أقلت ثلاثة من زعماء اليهود وقتل ثمانية من اليهود منهم الزعماء الثلاثة وستة من الجنود الإنجليز وتمكن الثوار من الانسحاب قبل وصول التعزيزات الإنجليزية التي حضرت من صفد وطبريا.
قام فصيل من الثوار بقيادة محمود عثمان في أواخر سنة 1936م بالهجوم على مركز بوليس كفر برعم واستولوا على ست بنادق حربية وفي اليوم التالي قامت قوات الجيش الإنجليزي تقدر بنحو ألف ومائتي جندي بتطويق منطقة وادي الطواحين ( يقع وادي الطواحين على بعد ثلاثة كيلو مترات جنوب مدينة صفد). وكان الثوار في حالة استعداد لمواجهة القوات الإنجليزية في موقع النقع في وادي الطواحين وعندما وصل قسم من الجيش الإنجليزي إلى مسافة قصيرة من مكامن الثوار انهال الرصاص عليهم من كل جانب فدب الذعر في صفوفهم وفقدوا السيطرة على أعصابهم وفروا هاربين بعد أن خلفوا وراءَهم أكثر من اثنين وخمسين قتيلاً(أكد البوليس العربي سليم محمد الحاج مصطفى على ذلك وأشار إلى أن الإنجليز كانوا يبكون كالأطفال من هول المعركة ويلعنون اليهود وحكومتهم) وانضمت إليهم تعزيزات إنجليزية أخرى شاركت في عملية التطويق بأعداد كبيرة بينما لم يكن عدد الثوار يتجاوز الخمسة وعشرين واستمر القتال حتى اضطر الإنجليز الانسحاب بالرغم من وفرة العدد والعدة واستشهد محمود النابلسي من عين الزيتون وأحمد البقاعي من قرية بيريا وسليم الحاج عثمان وأحمد الحاج ياسين وخليل سمحاني ومحمد مصطفى غرابي وحسن قدورة وإبراهيم الشاعر من صفد.
كان فصيل عبد الله الأصبح وفي 9/سبتمبر/1936م مرابطاً على طريق صفد طبريا قرب جب يوسف في أرض صخرية وعرة وصلت سيارة ركاب يهودية تحرسها مصفحة تابعة للبوليس الإنجليزي إلى منعطف على الطريق واضطرت إلى تخفيف سرعتها أطلق الثوار النار عليها فقتل نحو خمسة عشر يهودياً وثمانية جنود إنجليز وعلى الأثر جرى تبادل إطلاق النار بين الطرفين وحضرت تعزيزات إنجليزية من طبريا ومن قوة حرس الحدود من معسكر روشبينا ونجح الثوار في الانسحاب.
على إثر إعلان وزير خارجية بريطانيا السيد إيدن موافقة حكومته على مشروع التقسيم الجائر الذي قررته اللجنة الملكية قامت في سائر أرجاء الوطن معارك عديدة وأسهمت العشائر العربية القاطنة بين صفد وطبريا مثل عرب الزنغرية والسمكية وسكان القرى بدورها في الثورة وبلغت الثورة ذروتها عندما اجتمع أكثر من خمسين ثائراً في 9/أكتوبر/1937 في موقع كراد الخيط قرب مستعمرة–مشمار هايردن مستعمرة مشمار هايردن تقع على حدود الإقليم السوري بقيادة مصطفي الذياب من عشائر الزنغرية من عشائر السمكية وقاسم محمد السيدة من قرية جب يوسف وبعض عرب الهيب قرروا الهجوم في الصباح الباكر على مستعمرة مشمار هايردن وبدأ الهجوم أثناء ذهاب العمال اليهود للعمل فقتل منهم عدد كبير وتقدم باتجاههما أكثر من خمسين مسلحاً يهودياً في سيارة شحن ومصفحتان في حين رابط الثوار في حصون منيعة وما إن اقتربت من كمائن الثوار حتى انهال عليهم الرصاص من الجهة الجنوبية الغربية للمستعمرة فقتل أكثر من نصف اليهود واستمر تبادل أطلاق النار حتى حضرت تعزيزات إنجليزية من قوة حرس الحدود من معسكر روشينا (معسكر روشينا يقع على حدود شرق الأردن) تعززها طائرتان ونشبت معركة ضارية وقد خسر الثوار جريحين.
معركة جرن حلاوة: رابط عبد الله الشاعر ومعه خمسة عشر ثائراً في 16/نوفمبر/1937م انتظاراً لسيارة مدير بوليس صفد ( مدير البوليس كان في تلك الفترة هو"مارتن"). بناءاً على إخبارية من رجال البوليس العرب بأنه سيتوجه إلى الجاعونة في اليوم التالي وعندما وصلت سيارته بحراسة أربع سيارات بوليس إلى منعطف الجاعونة أطلق الثوار النار على القافلة وجرى تبادل الرصاص وقعت خسائر بين أفراد البوليس الإنجليزي بعد معارك عرابة البطوف وياقوق والقديرية الشهيرة.
قامت فصائل منطقة صفد في 1/يناير/1938م بهجمات عديدة على الدوريات الإنجليزية والسيارات اليهودية فقد وقع هجوم بين قرية فرادة وقرية مسموع وقتل عدد من الركاب اليهود الإنجليز وكذلك رابط عبد الله الشاعر وثلاثون من جماعته في 23/مايو/1938م على طريق سعسع-صفد قرب موقع النبي يوشع وعندما وصلت قافلة سيارات العمال اليهودية معززة بحراسة الجيش الإنجليزي انهال عليها رصاص الثوار فقتل عشرة من العمال اليهود واثنان من الجنود الإنجليز.
قام عبد الله الشاعر في 10/يونيو/1938م بالهجوم على مستعمرة روشينا وقُتل عدداً من اليهود.
قام فايز النمر من قرية بورين في 15/يونيو/1938م بقتل اثنين من أفراد البوليس اليهودي في منطقة الجاعونة وكان سلاحه هراوة لأن حكومة الانتداب منعت أفراد البوليس العربي من حمل السلاح وذلك بسبب التحاق عدد كبير منهم في الثورة وبعد أن مهدوا الطريق للثوار عدة مرات للاستيلاء على الأسلحة والعتاد من مراكز البوليس وجردهما من سلاحهما وهرب إلى دمشق والتحق بالقائد عبد الرحيم الحاج محمد وواصل جهاده في نابلس حتى انتهاء الثورة.
قام فصيل فرعي بقيادة محمود عثمان في 19/يوليو/1938م بزرع عبوة لسيارة يهودية قرب مستعمرة نجمة الصبح فنسفت السيارة وقتل جميع ركابها.
هاجم فصيل عبد الله الشاعر في يوم 28/سبتمبر/1938م المكون من ثلاثين ثائراً سيارة بوليس إنجليزي في وادي عروس قرب بحيرة الحولة وقتلوا جميع أفرادها واستولوا على أسلحتهم وعلى الأثر حضرت قوات إنجليزية معززة بالطائرات واصطدمت مع الثوار في معركة قتل فيها عدد من الإنجليز واستشهد محمود إسماعيل من قرية الجش وأحمد على من الرأس الأحمر وفي 6/أكتوبر/1938م وقبل شروق الشمس شاهدوا قوات إنجليزية تقدر بالآلاف تحاصر منطقة واسعة قريبة منهم كانت معززة بسبع طائرات حربية فاكتشفت مواقع الثوار وشرعت في إلقاء القنابل عليهم كانت عملية التطويق واسعة جداً يعادل قطرها خمسين كيلو متراً في أقضية عكا وصفد وطبريا والناصرة.
رصد قائد الفصيل نايف غنيم من أهالي مدينة صفد ومعه راجي العنيفة من عرب السواعد ومحمد كايد من الصفصاف القائد الإنجليزي وهو يجمع جنوده فأطلقوا النار عليه وعلى جنوده فقتلوا القائد وثلاثة من جنوده وجرى تبادل إطلاق النار بعد قتل القائد الإنجليزي واشتباكات فرعية في أماكن عديدة من الجبهة امتدت إلى قرى الصفصاف وبئر الشيخ والمسموع قضاء صفد واستمر القتال طول النهار خسر فيه الإنجليز عشرات القتلى واستشهد من الثوار تسعة منهم:أحمد محمد حمد وعبد الله الحاج يونس من قرية الصفصاف قضاء صفد وجرح نايف غنيم.
نسف فصيل محمود عثمان في 1/نوفمبر/1938م سيارة ركاب يهودية قرب مستعمرة نجمة الصبح وقتل عدد من ركابها وقام فصيل فؤاد حمد من عرب الزيتون وفصيل عطوة الشاعر في 11/نوفمبر/1938م بهجوم على عدد من أفراد البوليس الإضافي اليهودي في الحولة وقتل عدداً منهم ثم قاموا بنسف جسرين في الحولة خوفاً من تعقب الإنجليز لهم في الأراضي السهلة المكشوفة.
قامت قوات الجيش الإنجليزي في اليوم التالي بعملية تطويق واسعة وكان الثوار قرب المطلة فهاجموا قوات الجيش الإنجليزي وقتلوا بعض الجنود الإنجليز وقام فصيل محمود عثمان في 25/نوفمبر/1938م بنسف سيارة عسكرية قرب قرية مزعم وقتلوا ركابها.
رابط إبراهيم الشاعر مع عشرة الثوار في 2/ديسمبر/1938م على شارع صفد مارون الراسي لدورية بوليس متوجهة من صفد إلى مارون الرأس أطلق الثوار عليها النار فوقع في صفوف أفرادها خسائر قام عدد من الثوار بالهجوم في 4/ديسمبر/1938م على مركز الجيش في ميرون والجاعونة.
كانت قادة المنطقة الشمالية محمود خضر وعبد الله الشاعر ونايف غنيم يعسكرون في موقع وادي الخشب إلى الشرق من قرية شعيب في أراضي صخرية مشجرة بالأحراش مع سبعين ثائراً غرب قرية المغار كعادة الثوار في التنقل خوفا من الإخباريات.
كان عبد الله الشاعر وستة من ثوار صفد في ديسمبر/1938م متجهين من الإقليم السوري إلى فلسطين قرب موقع الدريحات في الأراضي السورية شاهدوا عشرين يهودياً عند موقع الذاب ( موقع الذاب يقع في الشريعة على نهر الأردن.) يحاولون دخول فلسطين خلسة بينهم يهود شرقيون وأوربيون فأوقفهم الثوار وبعد التحقيق معهم ثبت أنهم يحاولون دخول فلسطين بصورة غير شرعية فأعدموهم في الحال.
لأول مرة منذ اندلاع الثورة قام عدد من اليهود بالهجوم في 28/مايو/1939م على بعض العرب قرب صفد واستشهد ثلاث نساء وطفل و على الأثر قام الثوار بالهجوم على اليهود فتصدت لهم قوات من الجيش الإنجليزي وجرت معركة قتل فيها عدد من الإنجليز واستشهد ثلاثة من ثوار قرية الصفصاف وأثناء محاولتهم عبور الأسلاك الشائكة على الحدود اللبنانية نايف الزعموط وأحمد علي شريوي.
جرت معركة قرب جب يوسف في 6/يونيو/1939م على طريق صفد طبريا كالتالي: رابط عبد الله الشاعر وأكثر من خمسة وثلاثين ثائراً في منطقة جبلية في انتظار قافلة عسكرية مكونة من اثنتي عشر عربة عسكرية بالإضافة إلى سيارة باص يهودية فوجئت القافلة وعند موقع جرن حلاوة بإطلاق النار فقتل العشرات من الذين باغتهم الهجوم وقد وصلت على الأثر تعزيزات للقافلة العسكرية قوة مشاة من طبريا وسيارات عسكرية من صفد وروشينا وتعزيزات من قوة حدود شرق الأردن وتسارعت النجدات العربية مثل عرب السميكة والقديرية والمواسي والزنفرية والظاهرية الذين تمكنوا من القضاء على أكثر من خمسين جندياً وقد استشهد شقيق القائد رشيد الشاعر وجرح ثائر آخر.
المعارك في قضاء الناصرة: كان أول من أسس فصيلاً في منطقة الناصرة الشيخ نايف الزغبي من قرية سوكم وهو من إخوان القسام ومن زملاء الشيخ عطية أحمد عوض وأول عملياته الهجوم على مستعمرة مسمة وقتل عدد من الحراس اليهود وقد كمن الثوار في ليلة 29/أغسطس/1936م بقيادة الشيخ نايف الزغبي والشيخ توفيق الإبراهيم والشيخ سعد الخالدي ومعهم نحو وثلاثين ثائراً منهم سالم عبد الخالق وعلي الحسن ومحمد خليل من قرية أندور للدوريات الإنجليزية التي تتجول على خط مستعمرة العفولة في مرج ابن عامر إلى جسر المجامع على نهر الأردن في موقع الشرار الواقع إلى الشمال أربعة كيلوات عن قرية أندور ولما وصلت سيارتان عسكريتان من سيارات نقل البوليس وسيارة عسكرية مصفحة كانت المسافة بين كمائن الثوار والشارع لا تزيد عن مائة متر بدأ محمد خليل الإبراهيم بإطلاق النار وتبعه باقي الثوار وتمكنوا من القضاء على ركاب السيارة الأولى وحضرت تعزيزات إنجليزية من مستعمرة العفولة التي اصطدمت مع الثوار الذين تمكنوا من الانسحاب وقد استشهد سعيد حسين سعيد من قرية أندور في اليوم التالي قامت قوات إنجليزية كبيرة بتطويق سائر القرى المجاورة لمنطقة القتال وقامت السلطات بنسف منزل رافع الفاهوم على ما فيه من أثاث واعتقلت عشرات السكان العزل وساقتهم إلى السجون والمعتقلات وكانت فصائل بيسان وأندور والمجيدل وغابة شفا عمرو تقوم بعمليات نسف خطوط البترول يومياً وكان توقف الضخ الإجباري يخلف خسائر فادحة لشركات التداول وسلطات الانتداب.
معارك مدينة طبريا ومنطقة طبريا سنة 1936( ): كانت فصائل عديدة تعمل في مدينة طبريا أكثرها نشاطاً فصيل عرب الخوالد بقيادة خالد السعود وفصيل محمد الإبراهيم وفصيل مثقال مرعي من عرب الحرانبة وكان من أهم أعمال هذه الفصائل كما يلي: هجوم خالد السعود وأحمد الحمد من عرب الخوالد في 5/يوليو/1936 على خفرين يهود داخل مدينة طبريا وقتلهما والاستيلاء على بنادقهما وقد كان هذا الهجوم هو أول عملية حربية في منطقة طبريا بعد الإضراب العام وكذلك هجوماً آخر مسلحاً في 12/يوليو/1936م على مستعمرات تل يوسف وكفار حزقيل وفي اليوم الثاني نفذوا هجوماً آخر مسلح على دورية يهودية ما بين مستعمرات كفار حزقيل وعين جارود دمر فيه عدداً من سيارات البوليس ونفذوا هجوم آخر في مدينة طبريا حيث قتلوا ضابطاً يهودياً في 11/أغسطس/1936م وأحرقوا مستودعات للأخشاب.
رابط كل من رئيس الفصيل محمد الإبراهيم وسليمان جبول وشحادة موسى وكامل ذيبان ومحمد الحسين من عرب الدهيب بين حمام طبريا والمدينة تحت جسر صغير للقضاء على ضابط يهودي مشهور بعدائه الشديد للعرب وعندما وصلت سيارته المحملة بعدد من الركاب متوجهة إلى مستعمرة دكانيا قرب سمخ أطلق الثوار النار على إطارات السيارة فتعطلت في الحال ثم تقدم الثوار وقتلوا الضابط وركاب السيارة اليهود.
كان بينهم عدد من حراس المستعمرات وعلى الفور وصلت قوات عسكرية من طبريا معززة بطائرة من سمخ وجرى تبادل إطلاق النار وانسحب الثوار باتجاه الحرش إلى الغرب من طبريا دون أضرار وكان فصيل محمد الإبراهيم يتكون من خمسة وأربعين ثائراً منهم عبد الرحمن أبو جبار الكاتب من قضاء جنين وإسماعيل السليمان من قرية الوهيب وإسماعيل سحيم وحسين الخرس دواس وشحادة موسى وحمام رئيس مساعد وأحمد أبو الشيخ من بيت أمرين وعلي بكر وكانت مساحة المعركة تمتد من البطيحة إلى الحمة وحدود الأردن وشارك في هذه المعركة فصيل القائد محمد شتيوي بينما كان محمد الإبراهيم ومحمد شتيوي مرابطين في 29/مارس/1939م في قرية الدوير بين سمخ والحمة ومعهم نحو خمسين ثائراً في أماكن صخرية حصينة تم رصد تقدم القوات الإنجليزية قادمة من معسكر سمخ فقام الثوار بإطلاق الرصاص على القوات الإنجليزية من جنوب الشارع عند الشريعة فقتل عدداً منهم وعزز الإنجليز قواتهم بطائرة من معسكر سمخ أخذت بإلقاء القنابل وإطلاق نيران الرشاشات وكانت خسائر الإنجليز تقدر أكثر من عشرين قتيلاً وانسحب الثوار شرقاًً باتجاه وادي خالد وعبروا الحدود إلى سوريا.
رابط محمد الإبراهيم وإسماعيل سحيم وعبد الرحمن أبو جيار وحسين الخري ومحمد اليوسف في كرم العنب قرب مستعمرة النقيب الواقعة على حدود فلسطين-سوريا شرق بحيرة طبريا وقاموا بقتل ثلاثة يهود أما الثوار فقد توجهوا إلى الأردن للعمل هناك بناء على أوامر القيادة وكان عدد الثوار أكثر من خمسة وسبعين ثائراً بقيادة علي الفارس والحجازي مفلح الشراري وأبي سامي ومحمد الإبراهيم.
وصل الثوار في 2/مارس/1939م قرب قرية دير السمنة إلى الشرق من قرية أم قيس حيث يوجد مركز شرطة المنارة التابع لجيش الأردن في طريقهم للجبال فشاهدهم سكان القرى الأردنية الذين أعلموا مركز شرطة المنارة فحضرت قوة أردنية من مركز شرطة المنارة وأخرى من إربد وجرى تبادل إطلاق النار طوال النهار حتى تمكن الثوار من الاختفاء في جبال ملكا الحراجية وتراجع الجيش الأردني بعد أن قتل منه ضابط وثلاث جنود وعشرات من الجنود الإنجليز واستشهد من الثوار الشيخ إبراهيم الكردي من دمشق من عشيرة المخيبة وعلي من عرب العقادلة قرب سيرين وجرح محمد الإبراهيم من الهيب وفي اليوم التالي للمعركة توجه الثوار إلى وادي خالد قرب الحمة وقد اعتقل في هذه المعركة الجريح علي الفارس وآخرون (استطاع الأمير طلال تهريبهم من المستشفى دون علم والده الأمير عبد الله بن الحسين.)
المقاومة الوطنية في مدينة طبريا: ابتدأ العمل الوطني في مدينة طبريا بقيادة صبحي شاهين بمعاونة محمود السماك وأحمد الجمال ومحمود نعناعة من صفورية شاركت مدينة طبريا في الإضراب العام الذي استمر نحو ستة أشهر وشرع الثوار من سكان طبريا والقرى المجاورة والبدو وخاصة عرب الخوالد بالهجوم على مراكز الأعداء من يهود وإنجليز ودوريات بوليس وخونة وكان من ثوار طبريا كلٌّ من محمد قنبور الذي قتل يهودياً داخل مدينة طبريا وفوزي رمضان الذي قتل يهودياً آخر قرب الجمارك.
قام فصيل طبريا بقيادة صبحي شاهين وزميله محمود السماك بأعمال بارزة وأهمها: في إضراب سنة 1936 ألقى كل من صبحي شاهين وعباس رؤوف قنابل يدوية على جماعة من اليهود في بوابة الحمام فقتل وجرح عدد كبيراً منهم وقاموا بحرق عدة متاجر يهودية مما أوقع خسائر مادية فادحة وكذلك اشترك صبحي شاهين وحسن مصطفى قاسم في سنة 1937م بهجوم بالمسدسات على اليهود في سوق اللحم في طبريا فقتل عدد من اليهود واشترك أيضاً صبحي شاهين ومحمود السماك في 18/نوفمبر/1937م بالهجوم بالمسدسات على رواد مقهى يهودي فقتل ثلاثة من اليهود وجرح آخر.
هاجم صبحي شاهين ومحمود السماك وآخرين في 5/ديسمبر/1937 رئيس بلدية طبريا زكي حذيف وقتلوه وقام صبحي شاهين في سنة 1938م بإلقاء قنبلة يدوية على بنك أنكلو اليهودي فقتل شخص وجرح آخر أطلق نايف جبر النار في سنة 1938م على يهودي فقتله وأطلق خليل إسماعيل النار سنة 1938م على يهودي وأصابه بجراح وتمكن البوليس من اعتقاله فحكم عليه بالسجن المؤبد وعندما سجن صبحي شاهين بسبب تهمته قتل أحد الخونة ساعده في الهرب إلى سوريا نايف غنيم من أهالي صفد.
قام محمود نعناعة وحسين سعساوي في 5/سبتمبر/1938م بإطلاق النار على يهودي ) اليهودي كان يعدى يعقوب وهو صاحب متجر معروف في طبريا.) فقتل وجرح معه يهوديان آخران وانسحب الثوار وطاردتهم مدرعة إنجليزية وتمكن اليهود من اعتقالهم على طريق حمامات طبريا وحكم عليهم جميعاً بالإعدام وقام كل من صبحي شاهين ومحمود السماك في 1/نوفمبر/1938م بإطلاق النار على يهوديين على طريق بحيرة طبريا وقتل محمود السماك في سنة 1939م يهودياً في شارع السلام كما قام أحمد الجمال وأحمد عبد الغني نعناعة في سنة 1939م بقتل شرطية يهودية وثلاثة حراس يهود قرب سكة حديد سمنح.
أعمال عرب الخوالد في منطقة طبريا: هاجم خالد السعود رئيس فصيل عرب الخوالد ومعه اثنا عشر ثائراً من عشيرته وعلي الحسين من عرب الدلايكة ومحمد البدوي في 28/نوفمبر/1938م سيارة ركاب إنجليزية بين لوبية وعين كتب فقتل عدد من ركاب السيارة.
هاجم خالد السعود وفارس حسين في 29/نوفمبر/1938م يهودياً إلى الشرق من قرية لوبية فقتله قام فصيل عرب الخوالد في 6/يونيو/1939م وعددهم خمسة عشر ثائراً بقيادة خالد السعود بهجوم جريء في مدينة طبريا على مركز تجمع للقوات الإنجليزية قرب دائرة البوليس وقتل الثوار خمسة عشر جندياً وجرح عدد آخر.
هاجم خالد السعود وأحمد الحمد من عرب الخوالد في 12/يونيو/1939م يهودياً يحرس كسارة فقتلاه واستوليا على بندقيته ثم هاجم عدد من أفراد فصيل خالد السعود ثلاثة يهود من مستعمرة يما وبيت جن قضاء طبريا وقتلوهم جميعاً وغنموا بندقية صيد ورابط خالد السعود وأحمد الحمد وعلي الحسين بين الحمام وطبريا وقبضوا على ثلاثة من الخفراء وقتلوهم واستولوا على بنادقهم.
هاجم الثائر علي حسين من فصيل خالد السعود مختار مستعمرة عين الكتب اليهودي وقتله ( وقد بلغت الغنائم من الأسلحة التي استطاع الثوار أن يستولوا عليها أربعة عشر بندقية وبنادق صيد وذخيرة) واستطاع هذا الفصيل قتل عشرات اليهود والإنجليز دون أن يصاب أحد الثوار باستخدامهم أما في منطقة الطور فقد قام فصيل مثقال مرعي من عشيرة الحزانية بقتل عدد من اليهود واشترك في المعارك التي جرت ضد الإنجليز واليهود في منطقة طبريا.
معارك قضاء الناصرة: اشترك أهالي قرية المجيدل في الثورة وكان رئيس الفصيل جبر محمد لوباني وعدد من سكان القرية منهم: يوسف مسعود ومحمد الصوص وعبد الله الصوص وعبد حسين اللوباني وعارف لوباني وحسين لوباني ومحمد حسن السالم وصبحي عروق وعباس أبو القاسم وفياض أبو قاسم ويونس الشامي وآخرون وقد قاموا بمهاجمة مستعمرات عديدة في مرج ابن عامر مثل نهلال وسمونة وحنجار المجاورة للقرية وكما تم نسف أنابيب البترول عشرات المرات أثناء الثورة بالإضافة إلى نجدة الثوار في حالة نشوب معارك في المناطق القريبة.
كما قاموا بأعمال نسف الجسور وتقطيع أسلاك الهاتف وبالمقابل قامت قوات الانتداب بتعذيب السكان تعذيباً وحشياً ومعاملتهم أسوأ معاملة كالتشريد وفرض الضرائب الباهظة عليهم واعتقال العشرات منهم حيث قامت قوات الجيش الإنجليزي في 12/يناير/1938م بعمليات تعذيب وحشية ضد السكان العزل بعد أن نسف الثوار أنابيب البترول قرب القرية وقامت باعتقال جميع رجال القرية دفعة واحدة.
قامت النسوة بمظاهرة نسائية مقابل دائرة حاكم اللواء ومراكز الحكومة كما اشترك معهن نسوة من مدينة الناصرة وعلى أثر هذه المظاهرة اضطرت الحكومة للإفراج عن معظم المعتقلين وقد حكم بالإعدام على سعيد سليم سلام ومحمد السوطري ثم خفض الحكم إلى المؤبد.
مقتل الإنجليزي أندروزو حاكم لواء الجليل: بعد أن أعلن إيدن وزير خارجية بريطانيا موافقة حكومته على مشروع اللجنة الملكية الذي يقضي بتقسيم فلسطين في شهر سبتمبر/1937 قرر الثوار العودة إلى الثورة من جديد وكانت الشرارة الأولى في ثورة سنة 1937 حين تقدم ثلاثة من الثوار إلى داخل مدينة الناصرة وأطلقوا النار على الحاكم الإنجليزي أندروزو الذي كان من أشد أعداء العرب هو وحارسه وهرب رجال البوليس الإنجليزي الآخرون من ميدان القتال واستشهد في عمليات نسف البترول من أهالي قرية المجيدل كل من محمود حايك وحمد طميوز وصالح حايك وسالم عبد الخالق.
فصيل الشيخ سليمان داوود من قرية كفر كنا: كانت منطقة أعمال هذا الفصيل بين مدينتي الناصرة وطبريا الذي قام بأعمال تقطيع الأسلاك الهاتفية ومهاجمة الدوريات وخطوط المواصلات واشترك في النجدات عند نشوب معارك كبيرة في المناطق القريبة وكان من أهم المعارك التي قام بها هي:
1- معركة طرعان: رابط فصيل الشيخ سليمان داوود ومعه خمسة عشر ثائراً في 3/أغسطس/1938م على جانبي طريق الناصرة طبريا بين قرى كفر كنا وطرعان وعندما وصلت ثلاث سيارات عسكرية تقل جنوداً من الإنجليز من طبريا إلى الناصرة وكان عدد الجنود حوالي أربعمائة وخمسين جندياً فانهال الرصاص عليهم فقتل أكثر من عشرين جندياً في وأرسل الإنجليز في طلب قوة جوية وقصفت مراكز الثوار والنجدات العربية من عين ماهل وعرب الصبيح والقرى المجاورة وبعد مرور ساعة على ابتداء المعركة حضرت تعزيزات إنجليزية من طبريا والناصرة واشتبكت مع النجدات العربية وبلغت خسائر الإنجليز ما يربو على ثلاثين قتيلاً استشهد من الثوار ستة عشر شهيداً منهم: تركي سعيد طه من كفر كنا وفهد يوسف من عين ماهل وأحمد مصطفى درويش وفؤاد هوين صالح من قرية الشجرة قضاء طبريا وذلك جراء القصف الجوي على جبل طرعان.
2-معركة تحرير مدينة طبريا الكبرى من قوات الانتداب والصهاينة: وضعت خطة عسكرية لتحرير مدينة طبريا في 2-3/أكتوبر/1938م وقاد المعركة الشيخ توفيق الإبراهيم وعبد الله عمر وقد رابط فصيل القيادة على طريق الناصرة ولمنع وصول تعزيزات إنجليزية ورابط فصيل يحيى هواش وفصيل خالد السعود من عرب الخوالد على طريق طبريا سمخ قرب الحمامات لمنع وصول التعزيزات الإنجليزية التي حضرت أثناء المعركة من مدينة سمخ واشتبكوا معها وقتل عدد من جنودها أما فصيل شهاب الحمد من المراسي فقد رابط على طريق صفد طبريا لمنع وصول التعزيزات الإنجليزية واشتبك مع القوات الإنجليزية قرب المجيدل وكبدها خسائر فادحة وبذلك أغلقت سائر الطرق المؤدية إلى طبريا في وجه الإنجليز ومنعت محاصرة قوات الثوار وتقدم فصيل محمود سليم الصالح المغربي من قرية عموقة) اشترك بشجاعة المجاهد يوسف البدري وعدد من أبناء قريته حطين في المعركة.) وهو فصيل يوسف عبد الخالق من قرية أندور وفصيل صالح منصور من قرية عرابة البطوف إلى داخل مدينة طبريا ودخل محمود سالم المغربي بعد معركة قصيرة حاسمة سرايا الحكومة وقتل الحراس اليهود واستولى على أسلحتهم وأذَّن من على سارية دائرة الحكومة الرئيسية من سطح السرايا معلناً تحريرها.
هاجم فصيل محمود المغربي معسكر الجيش الإنجليزي المقابل للسرايا موقعا إصابات بالغه في صفوف الجيش الإنجليزي كما احتل فصيل يوسف عبد الخالق الحي اليهودي وسط مدينة طبريا وقتل منهم العشرات وبينهم ثلاثة حراس واستولى على أسلحتهم هاجم فصيل صالح المنصور الحي الذي يقطنه اليهود وقتل عدداً منهم واستمرت عملية التحرير خمس ساعات ثم انسحب الثوار دون أن يصابوا بخسارة وقد حدث اصطدام على مقربة من قرية حطين بين الثوار والقوات الإنجليزية المتوجهة إلى طبريا فاستشهد أربعة من الثوار وقد بلغت خسائر الأعداء في هذه المعركة أكثر من سبعين قتيلاً يهودياً وخمسة عشر جندياً إنجليزياً.
جرت في تلك المنطقة معارك أخرى عديدة وقتل عدد من الخونة في مدينة الناصرة والقضاء من قبل الثوار وكان شهاب الأحمد وسلامة عبد القادر من ذوي النشاط الملموس في تلك المنطقة وشاركهم أهالي الرينة ولوبية وحطين وغرين وسولم بالإضافة إلى عدد من بدو عشيرة المواسي واشتركا في عدة معارك أهمها القديرية –وطريق عكا صفد قرب قرية فراديه والهجوم مع بعض الثوار من عرب الصبيح على القوافل اليهودية والدوريات العسكرية الإنجليزية وقد هاجم شهاب الأحمد ومعه خمسة عشر ثائراً من عرب المواسي دورية إنجليزية في الأراضي الوعرة السوداء بين طبريا ومجدل الفوير وقتلوا عدداً من أفراد الدورية وقد قتلت القوات الإنجليزية اثنين من الرعاة هما حسن ثلجي ومحمد خالد أحمد انتقاماً للخسائر الفادحة التي أوقعها فصيل شهاب.
هاجم سلامة عبد القادر ورجا حسن النادر ويوسف الرملي وحمد الجراد من عرب المواسي في سنة 1938م دورية يهودية إلى الشمال الشرقي من قرية حطين فقتلوا يهودياً وجرحوا اثنين وفي اليوم التالي قتلت القوات الإنجليزية ستة شباب أبرياء من قرية حطين وفي أواخر ثورة 1939م هاجم الثوار ومعهم الشيخ نايف الزغبي وعدد من عرب الصبيح سيارة ركاب يهودية بين مسحة والعفولة فقتل ثمانية من اليهود واشتبكت التعزيزات الإنجليزية التي حضرت من العفولة مع الثوار في معركة أسفرت عن وقوع إصابات بين قوات جيش الإنجليزي وقد جرح الثائر ياسين فحيلي من عشيرة مخيلة.
هاجم اثنا عشر ثائراً منهم محمد ذياب الشهاب من سخنين وأحمد عقلة وأبو عرسان من لوبية سيارة ركاب يهودية كانت قادمة من طبريا باتجاه الناصرة قرب قرية مسكنة شرق لوبية فتعطلت السيارة وقتل عدد من اليهود وقد رابط فصيل الثوار في 18/مايو/1938م على طريق زرعين العفولة في مرج ابن عامر لدورية عسكرية وأطلقوا النار وتمكنوا من قتل عدد من جنود الجيش الإنجليزي وأصيب بجراح خطيرة الكولونيل تمبلر) هو أحد كبار القادة الإنجليز في فلسطين وهو رئيس أركان الجيوش الإنجليزية الذي حضر إلى الأردن في 12/1955 بقصد إدخال الأردن في حلف بغداد الاستعماري وتفاوض مع هزاع المجالي رئيس وزراء الأردن )
منطقة بيسان ومرج ابن عامر: كان الشيخ محمد الحنفي أحد زملاء الشهيد القسام الأوائل, يعمل لتأسيس مجموعات مسلحة في منطقة بيسان وتعاون معه منذ البداية عشرات من أفراد عشيرة عرب الصقر فخذ الزبيدات وعلى رأسهم حسين علي الذياب.
كان حسين علي الذياب قائد منطقة بيسان الذي اشترك في معركة وادي الملح وأسس أول فصيل من عشيرته وبدأت القيادة أعمالها العسكرية حين هاجم فصيل حسين على الذياب في 28/مايو/1936 مركز بوليس بيسان بقصد إخراج السجناء السياسيين والاستيلاء على الأسلحة ورصد أعوان قائد الفصيل حسين علي الذياب قدوم أفراد من البوليس الإنجليزي على ضفاف نهر العاصي الواقع على بعد خمسة كيلو مترات من مدينة بيسان للسباحة فرابط مع خمسة عشر من الثوار على سفح جبل فقوعة وحضر خمسة وعشرون عسكرياً إنجليزياً إلى النهر ونزلوا للسباحة وبقي ثلاثة منهم لحراسة مصفحاتهم الثلاث فانهال عليهم الرصاص من مكامن الثوار في المنطقة الجبلية الحصينة فأردوهم قتلى واستفاد الثوار من عنصري المباغتة والموجهة وتمكنوا من قتل الجنود الإنجليز والاستيلاء على بنادقهم والانسحاب بسلام باتجاه جبال قرية فقوعة الحصينة.
في اليوم التالي رابط الثوار لعدد من الحراس اليهود في موقع تل الشوك الواقع إلى الغرب من مدينة نابلس بقيادة حسين علي الذياب وتمكن الثوار من قتل أربعة حراس والاستيلاء على أسلحتهم وحضرت تعزيزات إنجليزية لمعاونة اليهود من بيسان و العفولة وتعزيزات من قوة حرس الحدود واستمر القتال تسع ساعات كاملة وتمكن الثوار من قتل عدد من جنود الجيش الإنجليزي وقوة الحدود واستشهد حمد غرير من عشيرة الصقر وثائر من مدينة جنين برصاص الإنجليز وعزز الإنجليز القوة بطائرتين قصفتا موقع الثوار الجبلية أصيب من جرائها خمسة ثوار بجراح من شظايا القنابل.
هاجم صالح عيوش بالاشتراك مع عدد من الثوار منهم محمد الذياب في 14/يونيو/1938م معسكر مجدل كروم ليلاً أسفر هذا الهجوم عن مقتل عدد من الجنود الإنجليز.
قام حسين علي الذياب وعبد الله أبو رملي في 22/يونيو/1936 بهجوم على دوائر الحكومة في بيسان وأحرقوها وضع الثوار كمية من الشحم في 4/يوليو/1936 على طريق قطار بيسان–جسر المجامع في إحدى المنعطفات وعند مروره بالموقع تدهورت ثلاث عربات كانت محملة بالبضائع للجيش الإنجليزي.
كذلك هاجم ثلاثة ثوار من عرب الزبيدات من عشيرة الصقر دورية إنجليزية على طريق بيسان ومستعمرة بيت ألفا الواقعة غرب بيسان وتمكنوا من قتل معظم أفرادها حضرت تعزيزات إنجليزية سريعة من بيسان فقاومها الثوار وأوقعوا فيها خسائر كبيرة من قتلى وجرحى واستمروا في القتال حتى استشهد اثنان منهم وهما سعد محمود مطالقة وأخوه.
قام فصيل عرب الصقر في 21/يوليو/1936 برئاسة حسين علي الذياب بهجوم على دورية إنجليزية مؤلفة من سيارة واحدة بين مدينة بيسان ومحطة بيسان واستطاعوا قتل ركاب السيارة الخمسة وأحرقوها وحضرت على الأثر تعزيزات إنجليزية حاصرت مدينة بيسان بالاشتراك مع قوة حدود شرق الأردن واعتقلوا العشرات من السكان العزل من السلاح.
بيسان: اتفق محمد الحنفي مع ضابط البوليس زكي الخضرا رئيس مركز بوليس منطقة الزراعة قضاء منطقة بيسان على أن يرسل الحنفي عدداً من الثوار للاستيلاء على الأسلحة ونفذ حسين علي الذياب مع أثني عشر من الثوار الخطة واستولوا على تسع بنادق وكمية من الذخيرة بدون قتال.
قام فصيل حسين علي الذياب في 23/أغسطس/1936م بهجوم على دورية عسكرية إنجليزية معززة بالمدرعات وقافلة كبيرة من العربات بين دنا وكوكب الهواء شمال بيسان وأثناء بحثها عن الثوار الذين نسفوا أنابيب بترول العراق ليلاً وقتلوا خمسة وعشرين من الجنود الإنجليز واليهود واستشهد القائد حسين علي الذياب من عرب الزبيدات الذي أنهك قوى العدو مدة تزيد عن سنتين في تلك المنطقة كما استشهد معه أحد أفراد عشيرته حسن مثقال وعدد آخر واستلم القيادة من بعده عبد العزيز درويش.
قام الشيخ عيد أبو رحال وعدد من الثوار في 24/أغسطس/1938م بالهجوم على مستعمرة يهودية قرب مخفر الشيخ علي ليلاً وقتلوا عدداً من اليهود على اثر ذلك حضرت تعزيزات إنجليزية من بيسان ومن قوة حدود شرق الأردن في صباح 25/أغسطس/1936 وجرت معركة استشهد على اثراها ستة من الثوار منهم عيد أبو رحال من مدينة بيسان وعبد الله غيشري وخليل محروم وثلاثة آخرون كما جرح عدد آخر كما قام الثوار في منطقة بيسان بعمليات حربية عديدة مثل: تخريب خطوط السكك الحديدية بين بيسان وجسر المجامع ونسف القطارات ونسف أنابيب البترول والهجوم على مستعمرات المنطقة وقطع أسلاك الهاتف واستشهد اثنان وثلاثون من ثوار عشيرة الصقر فخذ الزبيدات بعد أن فتكوا بمئات من الإنجليز واليهود.
معارك منطقة عكا( ): كان قضاء مدينة عكا مسرحاً لمعارك عنيفة خلال مدة الاضطرابات المتتالية ويعود ذلك لطبيعة المنطقة الجبلية الملائمة لحرب العصابات ولكونها محاذية للحدود اللبنانية حيث يتم إحضار الذخائر الحربية بسرعة وسهولة ولشجاعة وبسالة السكان بالإضافة إلى كون هذا القضاء مركزاً لأكبر قائد في شمال فلسطين والجدير بالذكر أن منطقة الشمال كانت وحدة متكاملة في العمليات الحربية فكلما جرت معركة في منطقة عززتها النجدات العربية من سائر نواحي المنطقة.
معارك الساحل الشمالي لمدينة عكا: رؤساء الفصائل الذين أبدوا نشاطاً ملموساً في منطقة عكا ومن بينهم: عيد سعيد ودليل سعيد من قرية الكابري ومحمد سعد من مزرعة عكا وكمال حسون من الغابسية وأحمد درويش من الذيب وتوفيق الجمل من البقيعة والشيخ يحيى من دنون وابتدأت العمليات الحربية لعام 1936 بهجوم عدد من الثوار بقيادة دليل سعيد وأحمد درويش وكمال حسون وكلا من عيسى قبلاوي وسليمان عوض وأحمد عبد الرزاق ومحمد عبد الحفيظ من الزيب وسليمان أنس وناشئ حسين طه من الكابري على قافلة مكونة من أربع سيارات شحن يهودية بين قرية الذيب ومستعمرة نهاريا وحين وصولها إلى أحد المنعطفات شرع الثوار بإطلاق نيرانهم عليها وتمكنوا من قتل السائقين وحرق السيارات مع حمولتهما وعلى الأثر حضرت قوات إنجليزية معززة بالطائرات وتبادلت إطلاق النار مع الثوار وأسفرت عن مقتل عدد من الجنود الإنجليز.
منطقة عكا: معركة تَرْشِيحا الكبرى: في الوقت الذي جرت فيه معركة جب يوسف بقيادة عبد الله الأصبح من قرية الجاعونة كان فوزي الرشيد رئيس فصيل ترشيحا يرابط على طريق ترشيحا-عكا إلى الغرب من قرية معليا وقد بلغ بوليس عكا الإنجليزي من قبل أحد العملاء بوجود الثوار قرب ترشيحا فخرجت قوة من البوليس الإنجليزي وكان معهم الضابط حسن الكاتب وعندما وصلت قوة البوليس الإنجليزي إلى سفح الجبل الواقع غرب معليا حيث رابط الثوار وجدوا الطريق الوحيد المؤدي إليه مسدوداً بالحجارة الكبيرة فنزل بعض الجنود من عرباتهم وحاولوا رفع الحجارة عن الطريق فانهال عليهم رصاص الثوار من الشمال والجنوب واستمرت هذه المعركة حتى المساء وعززت القوات بطائرتين وعدد كبير من القوات الإنجليزية وهبت نجدات من القرى العربية مثل سحمتا ومعليا ودير القاسي وأسفرت المعركة عن مقتل عشرات من الجنود الإنجليز واستشهاد من الثوار حسين داوودي ويونس هواري من طرشيحا اعترف البلاغ الرسمي الإنجليزي فقط بمقتل اثنين من أفراده واشتمل الجهاز السري من سكان عكا كل من فضل كتمتو وإسماعيل عرابي وأديب قاسم عرابي ومحمد سعيد أبو رقبة وكان نشاط أهالي مدينة عكا يشمل المشاركة في الإضراب والمظاهرات وتقديم المساعدات المالية للثوار.
معركة الليات الأولى: قام عدد من رؤساء ثوار فصائل المنطقة الشمالية في 8/ديسمبر/1937م بالهجوم على قافلة عسكرية إنجليزية كانت متوجهة من عكا إلى صفد قرب موقع الليات إلى الغرب من قرية مجدل الكروم وتمكن الثوار في بداية المعركة أن يقتلوا عدداً من الإنجليز من مراكزهم الحصينة وجاءت قوات إنجليزية معززة بالطائرات ووصلت نجدات من سائر قرى المنطقة الشمالية وتحصن سكان القرى الشرقية في المناطق الجبلية وعلى جوانب طريق عكا صفد وذلك لمنع وصول التعزيزات الإنجليزية وجرت معارك على مساحة تقدر بخمسة عشر كيلو متراً مربعاً إلى الشرق من قرية فرادية استمر القتال وانسحب الثوار إلى الجبال الشمالية) أسفرت هذه المعركة عن قتل ثلاثين إنجليزياً ووقع ثمانية شهداء وخمسة جرحى من الثوار واشترك في هذه المعركة ثوار قرى البروة ومجدل الكروم وشعب الدامون وويس وسابول ودير الأسد ).
هاجم فصيل أحمد درويش وثمانية ثوار في 5/يونيو/1938 دورية من الجيش الإنجليزي مكونة من ثلاث سيارات في شارع الحدود الشمالي وأسفر الهجوم عن إصابة بعض أفراد الدورية الإنجليزية وكان أحمد درويش وعيسى قبلاوي في 10/يونيو/1938 قد تمكنوا من صناعة عبوة ناسفة حيث قام أحمد درويش ورجاله من قرية الزيب وتوفيق الجمل ورجاله من قرية البصة بزرع العبوة على طريق فرعي يقع بين نهاريا ومستعمرة حانوتا على حدود لبنان وقد رابط في الجبال المجاورة خمسة وعشرون ثائراً سعياً لإبادة أي قافلة تمر في تلك الناحية وعندما مرت عربة مصفحة إنجليزية تحمل أكثر من اثني عشر جندياً إنجليزياً انفجر اللغم مما أدى إلى تحطم المصفحة وقتل جميع أفرادها.
قام أحمد الحوراني بالهجوم على أربعة خفراء يهود مسلحين في يوم 14/يونيو/1938 فقتلهم جميعاً واستولى على أسلحتهم كما قام رئيس الفصيل محمد سعد شتات وجمال يعقوب وعدد من الثوار في يوم 5/سبتمبر/1938م بهجوم على قافلة يهودية مسلحة كانت تمر من شارع عكا بيروت وأسفر الهجوم عن مقتل سبعة من اليهود كما قام أحمد درويش في يوم 7/سبتمبر/1938م بصنع عبوة ناسفة زرعها الثوار على شارع البصة-الحدود الشمالية إلى الشرق قليلاً وعلى بعد كيلو متراً من البصة ورابط ثلاثون ثائراً بقيادة توفيق الجمل وأحمد درويش ونمر ألماظة من البعنة وعند مرور عربة عسكرية كبيرة انفجرت العبوة فقتل جميع ركاب العربة ووصلت قوات إنجليزية أخذت تطلق النار نحو الجنوب ونحو الشمال وقام الجيش الإنجليزي بأعمال وحشية منها: قتل أربعة من المسيحيين العرب من سكان قرية البصة واعتقال المئات من سكان قريتي الزيب والبصة وتعذيب المعتقلين تعذيباً وحشياً وقتل العديد من المعتقلين في السجن وبعد مرور شهر من مقتل الجنود الإنجليز في 9/سبتمبر/1938م.
قام الجيش الإنجليزي بزرع لغم أرضي على الطريق وفي نفس المكان الذي جرت فيه الحادثة وأحضروا سيارة باص تخص مصطفى السعدي من قرية الزيب ووضعوا فيها عشرين سجيناً من معتقل اكرت الواقع على الحدود اللبنانية وكان جميع السجناء من قرية الزيب وأمروا السائق حسن سانبو أن يتوجه إلى شارع البصة بحجة إطلاق سراح السجناء وإرسالهم إلى قريتهم وما أن وصلت السيارة حيث زرع الإنجليز اللغم حتى انفجر ودمر السيارة واستشهد عدد من السجناء في هذه العملية الوحشية ومنهم: حسن سانبو من عكا ويونس الشيخ طه وفضل يوسف وعيسى الشيطي وخليل قندس ومحمد الحاج عبده وأحمد موسى حمودة ومحمود خطار ومحمد كامل وجرح أحد عشر سجيناً.
رؤساء فصائل قضاء عكا: محمد الجودي من البروة وصالح عيوش من سخنين ومحمد مهاوش من الدموان وكايد عباس ومحمد سعيد الخطيب من كابول وصالح منصور من عرابة ومحمود صالح السعدي عرب من السواعد ونمر ألماظة من البعنة ورشيد العبد من مجد الكروم ومحمد سعيد من نحف وأحمد أبو دية من فراديه ونمر الخليل من شعب وبولس حنا بولس من الرامة وصالح الدوخي من نحف.
معركة الليات الكبرى: قام عدد من الثوار في 19/يوليو/1938م بقيادة الشيخ عبد الفتاح أبو عبد الله أحد قادة منطقة نابلس ومعه صالح عيوش ومحمد الذياب بزرع عبوة ناسفة قرب جسر الليات عند مفرق طريق قرية البروة مرت ثلاث عربات عسكرية قادمة من مدينة عكا ومتوجهة نحو قرية سخنين فانفجرت العبوة تحت العربة الأولى وقد أسفرت هذه العملية عن مقتل اثني عشر وجرح خمسة جنود إنجليز من بينهم قائد معسكر سخنين وقامت القوات الإنجليزية بعمليات تخريب ونسف في المنطقة إذ نسفوا قرية شعب وتبع ذلك حملة من الاعتقالات شملت قرى شعب والبروة وكان عدد الذين اعتقلوا ثلاثمائة وخمسين شخصاً.
على اثر هذه الأعمال التخريبية اجتمع الثوار في الشمال والشرق وعددهم حوالي ثلاثمائة ثائر من قرى الشمال بقيادة أبي مهاوش من الدامون وجدعون وطفة من الجديدة ومحمود الجودة من البروة وأحمد أبو عوض ودليل سعيد وأبو الخير من الكابري ومحمد سعد أبو خالد من المزوعة ونمر خليل من شعب وآخرين ونفذوا هجوماً على القوات الإنجليزية أثناء عودة هذه القوات من أعمال التدمير في قرية شعب.
كان اعتقاد الإنجليز أن أعمالهم الوحشية ستدخل الرعب في قلوب الأهالي فما أن رجعت القوات الإنجليزية حتى انقض عليهم الثوار من جبال قرية شعب المنكوبة ومن تل البروة وهضاب مجدل كروم ويركا ومن بين أشجار الجديدة فطوق الثوار الجيش الإنجليزي من كل جانب وتمكنوا أثناءَها من إطلاق سراح عددٍ من المعتقلين وقتل عشرات من جنود القوات الإنجليزية وقد استشهد اثنا عشر ثائراً من الفلسطينيين منهم علي الدرويش من البصة وتسعة ثوار من قرية يركا.
قام القائد محمد عبده موسى من كوكب يرافقه عدد من الثوار: أبو الهيجاء ومحمود الجوري من البروة وكايد عباس ومحمد سعيد الخطيب ومحمد محمود زعرورة من كابول وفي 6/يوليو/1938م بزرع عبوة ناسفة على طريق عكا –شفا عمرو قرب تل البروة وعندما مرت عربة عسكرية إنجليزية حتى انفجرت العبوة فتحطمت العربة العسكرية وقتل عدد من ركابها وكان خلفها عربتان للجيش اضطرتا إلى الرجوع إلى عكا بسرعة خوفاً من الاصطدام مع الثوار.
هاجم فصيل صالح عيوش من سخنين في 20/سبتمبر/1938م ومعه ثلاثون ثائراً معسكر الرامة الكائن على شارع عكا– صفد وتمكنوا من قتل عددٍ من الإنجليز واستشهد محمد حسن خضران ومحمد ديب الشايب من سخنين.
هاجم فصيل من الثوار في 1-2/نوفمبر/1938م بقيادة صالح عيوش وموسى عمشة من فرادية ومحمود صالح من عرب السواعد على معسكر مغار حزور قضاء طبريا وتقدم رئيس الفصيل وزميل له تحت حماية نار الثوار الآخرين حتى وصلا إلى بعد عدة أمتار من المعسكر وألقيا خمس عشرة قنبلة يدوية على الخيام التي يسكنها الجنود الإنجليز فقتل عدد كبير منهم وانسحب على أثرها الثوار بعد أن فقدوا شهيداً من قرية مغار حزور وجرح آخر من قرية عرابة البطوف.
هاجم فصيل أحمد أبو دية في 10/نوفمبر/1938م من قرية فراديه معسكر فراديه من مسافة قريبة وتمكنوا من قتل عددٍ من الإنجليز وكانت جميع فصائل المنطقة تقوم بأعمال تخريب للطرق والجسور وقطع أسلاك الهاتف بصورة مستمرة والاشتراك في نجدة الثوار في المعارك.
معركة نهاريا: هاجم عيد أبو الخير قائد فصيل الكابري في 5/سبتمبر/1938م ومعه عدد من الثوار من أبناء ساحل عكا مستعمرة نهاريا وتمكنوا من قتل عددٍ من أفراد الحرس والعمال وأثناء الهجوم مرت من طريق عكا سيارة باص يهودية فأطلق الثوار عليها النار قبل وصولها إلى مستعمرة نهاريا مما أدى إلى قتل عدد من الركاب حضرت قوات إنجليزية كبيرة من عكا معززة بطائرتين لتطويق الثوار من سائر الجهات ولكن النجدات الفلسطينية التي هبت من ترشيحا بقيادة أحمد علي إبراهيم ومن سحماتا بقيادة الشيخ يونس الحبشي بالإضافة إلى نجدات أخرى من دير الفاسي وسائر قرى المنطقة وطوقت القوات الإنجليزية من الشرق من جهة قلعة جدين قرب تلة أوقية وجرت معركة أسفرت عن هزيمة القوات الإنجليزية وإنقاذ الثوار الذين هاجموا نهاريا وقد استشهد في هذه العملية سليمان الغضبان ومحمد علي الغضبان من قرية البقعية ونايف ميدا من سحماتا وصالح عثمان من صفورية وثلاثة آخرون وقد زاد عدد قتلى الإنجليز عن عشرين قتيلاً ومن اليهود ثلاثين قتيلاً.
معركة نحف: أعلنت حكومة إنجلترا في 17/مايو/1939م سياستها الجديدة التي جاءت في الكتاب الأبيض وهي سياسة لا تنص على مشروع التقسيم فابتهج الشعب عند سماعه ذلك وقامت مظاهرات الفرح والابتهاج في كل مكان اعتقاداً منهم أنهم حصلوا على مطالبهم الوطنية المشروعة ومن الطبيعي أن يكون الثوار أول من عبر عن سروره وابتهاجه لما قدموه من تضحيات في سبيل وحدة الوطن وكان من مظاهر الابتهاج أن ركبوا الخيول وأخذوا يهزجون ويطلقون العيارات النارية في الهواء ابتهاجاً بالنصر في قرية نحف القريبة من معسكر الرامة شاهد الإنجليز مظاهرات شعبية تطالب بإجلاء اليهود والإنجليز فأرسلوا عدة سيارات مدرعة أطلقت النار على المتظاهرين فاستشهد اثنا عشر من أهالي أندور كما جرح عدد كبير منهم.
رؤساء فصائل المنطقة الشمالية إلى الشرق من طريق عكا-صفد: أبو الذيب مجذوب من عمقا فياض بيتم من كويكات وأحمد علي إبراهيم من طرشيحا والشيخ يونس الحبشي من سحماتا ومحمود الإبراهيم من الدير الفاسي وشكري شوقاني من معليا ومزيد خير من البقيعة وزرع الحاج محمد الحمصي وسليم زهية في أوائل سنة 1939م لغماً بين قريتي كفر ياسيف وأبو سنان وقد انفجر تحت سيارة عسكرية كانت تحوي ثمانية جنود فقتلوا جميعاً وعلى أثر ذلك قام الإنجليز بقتل عشرة أشخاص في جامع قرية كويكات وقتلوا عدداً من سكان كفر ياسيف.
معركة يركا سنة 1939: كان القائد العام الشيخ خليل محمد عيسى ومعه بعض القادة المحليين ونحو مائة وخمسين ثائراً في قرية يركا لاحظوا أن القوات الإنجليزية معززة بطائرتين قد طوقت القرية من ثلاث جهات ما عدا الناحية الشرقية فشعر حراس القرية من ناحية الغرب فأطلقوا النار على القوات الإنجليزية وقتلوا عدداً منهم وحاول الثوار الخروج من القرية لمقابلة الإنجليز خارج القرية حرصاً على حياة السكان وأثناء خروجهم من الناحية الجنوبية اشتبكوا مع قوات المشاة الإنجليزية استمرت عدة ساعات حتى وصلت النجدات من القرى العربية وتمكن الثوار من الانسحاب من ناحية الشرق وكان ممن اشتركوا في هذه المعركة حسين علي إبراهيم من قرية شفا عمرو والشيخ خليل محمد عيسى أسفرت المعركة عن مقتل عدد كبير من الإنجليز واستشهاد رجا أبو غنيمة من شفا عمرو وأحمد بشر رئيس فصيل مجدل الكروم وثلاثة آخرون.
معركة دير الأسد: قام بعض الثوار بتقطيع أشجار حديقة المندوب السامي في قرية فرادية ثم ذهبوا إلى قرية دير الأسد وفي الصباح وصلت قوات إنجليزية تدعمها أربع طائرات وجرت معركة شمال دير الأسد بقيادة محمود خضر أسفرت عن مقتل عدد كبير من الإنجليز واستشهاد محمد يوسف عامر من سحماتا.
معركة قرية طمرة: قامت وحدات إنجليزية كبيرة في 14/مايو/1938م بتطويق طمرة واستطاع بعض أفراد الوحدة الإنجليزية من التسلل إلى داخل القرية والوصول إلى القيادة وفاجئوا القائد الشيخ عارف الحمدان وقائد الفصيل الشيخ محمد العبد موسى ومحمد محمود من كفر مندا ومدحت حسين مصطفى من طمرة واعتقلوهم ونجا الشيخ أحمد الندبة من الاعتقال وعلى اثر ذلك استعد الثوار من أهالي طمرة للقتال والأخذ بالثأر على طريقهم بالاستنفار حيث كان محمد عبد القادر زعرورة قادماً من صفورية للاتصال بالقيادة فعلم من الرعاة بما حدث فانطلق إلى منازل البدو وأبلغهم بالحدث وهكذا تجمع عشرات من الثوار وهاجموا بقيادة أحمد علي محمود تجمعات الإنجليز من الناحية الشرقية لقرية طمرة ثم حضرت نجدات من سخنين وكابول وميعار وشفا عمرو وعبلين وهاجمت القوات الإنجليزية من شمال طمرة وفي نفس الوقت رابط ثوار قرية البروة على الطريق العام قرب تل البروة وهاجموا القوات الإنجليزية أثناء عودتها وأطلقوا سراح الأسرى وجرت المعركة على مساحة اثنين وعشرين كيلو متراً مربعاً وقد بلغ عدد ثوار النجدات خمسمائة ثائراً وشاركت قوات إنجليزية كبيرة جداً تعززها الطائرات أسفرت المعركة عن مقتل أربعين إنجليزياً وإصابة إحدى الطائرات واستشهاد إحدى عشر ثائراً أيضاً ثلاثة من يركا وثائر من عرب الحجيرات وجرح محمد الجودة من البروة أشعلت المعركة نار الحقد في نفوس الإنجليز فانتقموا لجنودهم الذين قتلوا بقتل الشاعر الشعبي نوح إبراهيم من حيفا ) حادثة استشهاد الشاعر نوح إبراهيم وجماعته جرت بعد نحو شهر من معركة طمرة) مع أربعة من زملائه الذين كانوا قادمين من قرية كابول ومتجهين صوب قرية كوكب أبو الهيجاء الذين فوجئوا بكمين إنجليزي فقاوموا ببسالة إلى أن استشهدوا جميعاً.
معركة عرابة البطوف-القديرية الكبرى: عقد اجتماع عام لسائر قادة مناطق الجليل واللواء الشمالي وذلك لبحث شئون الثورة بقيادة القائد العام الشيخ خليل محمد عيسى ومكثوا ليلة 28/ديسمبر/1937 في قرية عرابة الجبلية من قضاء عكا ووزعت الفصائل على منازل وجهاء القرية وكان القائد العام الشيخ خليل محمد عيسى في بيت صالح المنصور وتوفيق إبراهيم نزل في بيت أولاد ياسين وكان الحراس من الثوار يشرفون على كل طرق القرية وكان من المتفق عليه بين الحرس إطلاق ثلاث عيارات نارية عند قدوم الأعداء وعند الصباح بينما كانوا يتناولون طعام الإفطار سمعوا صوت ثلاثة عيارات متتالية من ناحية جنوب شرق القرية فانتشروا في هذه المنطقة الجبلية توجه الشيخ خليل محمد عيسى وفصيل القيادة إلى الشمال الشرقي ومعه القائد عبد الله الأصبح وتوجه محمود سالم وجماعته وتوفيق إبراهيم وجماعته إلى جهة إطلاق النار في اتجاه مسلخيت فشاهدوا عدداً من رجال قوة حدود شرق الأردن يمتطون خيولاً معززين بطائرتين ويقتربون بسرعة نحوهم فجرت معهم معركة أسفرت عن استشهاد الشيخ يوسف أبو حريرة من أبناء قرية المجيدل وجرح الشيخ نايف مصلح من أبناء قرية صفورية والشيخ مسعود نصار من أهالي قرية اجزم والشيخ درويش من بلد الشيخ ورجا حسين الطه من عرب المواسي جهة مسلخيت اللذين أصيبا برصاص قوة الحدود والثالث والرابع من مرافقي القائد العام وقد أصيبوا برصاص الطائرة التي تمكن الثوار من إسقاطها قرب بلدة سمنح وقتل طيارها الإنجليزي كما قتل وجرح عدد من جنود قوة الحدود وعدد من الخيول واستولى الثوار على ثلاثة خيول وكمية من الذخيرة وبعض قطع السلاح وانتهت المعركة بهروب جنود قوة حرس الحدود وأثناء الليل تم انسحاب عام للثوار إلى قرية ياقوق من قضاء طبريا وقد حلوا ضيوفاً على الشيخ محمد سويد مختار القرية وأقاربه وتابعوا طريقهم إلى الشرق من القرية إلى مضارب عرب القديرية على مقربة من ساحل بحيرة طبريا الغربي ونزل القائد الشيخ خليل محمد عيسى في منزل الأمير خالد معجل و توزعت الفصائل الأخرى على بيوت البدو وقبيل الفجر جاء أحد رجال مخابرات الثورة وأعلم القيادة أن الجيش الإنجليزي سيقوم بعملية تطويق واسعة للقضاء على الثوار وأنه شاهد تجمعات عسكرية كثيفة في جبل الجرمق قرب مدينة صفد وعلم من آخرين وجود تحركات عسكرية من مدن الناصرة طبريا وعكا فعمد القادة إلى رسم خطة قتال.
صدرت الأوامر ليلاً بأن يحتل الشيخ خليل محمد عيسى وعبد الله الأصبح هضبة تقع جنوب مضارب عرب القديرية وتوفيق إبراهيم ومحمود سالم كل منهم يحتل هضبة قريبة من الأخرى إلى الشمال من مضارب البدو ومن مميزات الهضبات الجبلية أنها صالحة لقتال العصابات بالإضافة إلى أنها تشرف على سهل فسيح به طريق تستخدمه القوات الإنجليزية لعدم وجود طريق آخر وكانت قوى الجبهة الشمالية أقوى عسكرياً من قوى الجبهة الجنوبية بالإضافة إلى أن العدد الأكبر من الثوار كان مع محمود سالم تقدمت في الصباح قوات إنجليزية كبيرة يزيد عددها عشرة أمثال عدد الثوار وكانت منطقة التطويق مساحتها خمسة وعشرون كيلو متر مربعاً وقد قدر عدد القوات الإنجليزية التي اشتركت في عمليات التطويق بنحو عشرة آلاف جندي معززة بطائراتهم وآلياتهم وأسلحتهم الحديثة وكان عدد الثوار لا يتجاوز المائة بالإضافة إلى النجدات التي هبت من القرى المجاورة بعد بدء القتال وجرت معركة كبيرة من أكبر معارك فلسطين انقض فيها الثوار على القوات الإنجليزية في 30/ديسمبر/1937م في منطقة تبعد ثمانية كيلو متر من الأرض التي جرت فيها معركة حطين الشهيرة وقاتل الثوار ببسالة وحسمت المعركة حيث انسحبت القوات الإنجليزية تاركة خلفها أسلحة وذخيرة ومنظار قائدهم الذي قتل ) أسفرت المعركة عن قتل وجرح أكثر من مائة وعشرون جندياً إنجليزياً واستشهد خمسة عشر من الثوار ) وجدير بالذكر أنه شاركت نجدات عربية تقدر بالمئات من سكان القرى المجاورة مثل نحرين وسخنين ودير حنا وعرابة وكفر مندا وحطين وياقوق وعرب القديرية ولا بد من ذكر بطولة الشيخ محمد سويد الذي كان عمره أكثر من سبعين سنة والذي استطاع أن يقتل برصاصه أكثر من عشرة جنود انجليز كانت نتيجة المعركة هزيمة للقوات الإنجليزية ولكن ذخيرة الثوار نفذت فاضطروا للانسحاب ليلاً إلى جبال قرية ميروس قرب مدينة صفد التي طوقها الإنجليز لليوم الثالث على التوالي.
استطاع الثوار من الاختفاء لقلة الذخيرة كما أن الجيش الإنجليزي المهزوم كان يريد السلامة وهو لا يعلم بنفاذ ذخيرة الثوار لذلك لم تجر اشتباكات على نطاق واسع بل اقتصر على تبادل بعض العيارات النارية في مناطق مختلفة من لواء الجليل وكان ممن شاركوا في المعركة أيضاً الشيخ أحمد التوبة من صفورية والشيخ سعد من عرب الخوالد وعبد الله الشاعر من صفد والشيخ محمود خضر كما اشترك الأمير خالد معجل من عرب القديرية مع عدد كبير من أبناء عشيرته ومحمد قاسم من السمكية واستشهد محمود موسى الأحمد من عرب الهيب في أثناء المعركة هاجم عدد من فصائل الشمال وفي 30/ديسمبر/1937م قافلة عسكرية تحرس سيارات نقل يهودية وقتل أكثر من ثمانية من اليهود والإنجليز.
معركة طرشيما الكبرى في 18/أغسطس/1939: وتعتبر آخر معركة في ثورة فلسطين الكبرى ومن المعروف أن الإنجليز استطاعوا خلق الانقسام في صفوف الشعب كوسيلة رئيسية من وسائل القضاء على الثورة خصوصاً بعد أن عجزوا عسكرياً فوجدوا بعض الأشخاص من ذوي النفوس المريضة ممن كانوا على اختلاف مع قادة الثورة وقد سميت تلك الفصائل المكونة من قبل الإنجليز بفصائل السلام وكان من بينها فصيل السلام بقيادة فخري عبد الهادي الذي كان من كبار قادة الثورة في منطقة نابلس والخونة فريد أرشيد ورباح العوض من أهالي القابسية( ).
كان محمد الغولان في 17-18/سبتمبر/1939م يعسكر في موقع الشيخ مجاهد الواقع إلى الجنوب الغربي بنحو كيلو مترين عن بلدة طرشيما وقد أرسل خمسة وعشرين ثائراً إلى ساحل عكا الشمالي لمحاولة قتل رباح العوض واستمر البحث لساعات بعدها عاد الثوار إلى مقر القيادة بعد أن قطعوا مسافة في تلك الليلة أكثر من ثلاثين كيلو متراً وبينما كان الثوار يتناولون الطعام عند الفجر حضر أحد رجال مخابراتهم من طرشيما وأخبرهم أن رباح وفصيلته قد حضروا إلى طرشيما مع قوة إنجليزية تقدر بمائتي جندي وشرعوا في التفتيش والتخريب لذا أصدر القائد محمد الغولان أوامره لرؤساء الفصائل التسعة مع فصيل القيادة باحتلال مراكز تشرف على طريق عودة الإنجليز بعد تفتيش القرية على بعد أربعة كيلوات من بلدة طرشيما وفصيلان غرب قرية معليا وكان فصيل القيادة يرابط على قمة جبل مرتفع يشرف بصورة جيدة على الشارع وقد وضع أفراد الفصيل حجارة كبيرة في مكان ضيق من الطريق حتى يضطر الإنجليز للنزول من السيارات لرفع الحجارة وتتهيأ الفرصة للثوار لمفاجأتهم والقضاء على أكبر عدد منهم.
كان عدد أفراد الفصيل خمسة عشر ثائراً بإشراف محمد مصطفى من قرية طمرة وصالح قاسم الخطيب وجميل الخطيب وعلي الخطيب والحردان العبد خالد من شفا عمرو مصلح من ميعاد وكامل من دير الفاسي وكانت مهمة الفصيل البدء في المعركة وكان ينتشر على مسافة ستة كيلومترات من ناحية الشمال وأما من ناحية الجنوب فقد كان فصيل عرب الحجيرات بقيادة الشيخ صالح المحمود وأما فصيل صالح عيوش من سخنين فقد رابط على طريق طرشيما –قلعة جدين حيث لا يوجد طرق سيارات وكذلك فصيل محمد الغولان كان على بعد اثنين كيلو متر إلى الشمال من الفصائل التي شاركت في المعركة للإشراف على سير المعركة وتوزيع النجدات العربية التي تحضر أثناء المعركة وفي يوم 18/أغسطس/1939.
حضرت قافلة مكونة من اثنتي عشرة سيارة عسكرية قادمة من طرشيما تنقل جنوداً إنجليزيين وعند وصولهم إلى الطريق المسدود بالحجارة نزل منهم نحو خمسة عشر جندياً لرفع الحجارة فأعطيت إشارة بدء المعركة فأطلقت النار عليهم من الشمال والجنوب فقتل معظمهم منذ اللحظة الأولى وقد عززت طائرتان الجنود الإنجليز وقصفت بالقنابل مواقع الثوار بشدة وفي هذه الأثناء أصدر رئيس الفصيل محمد مصطفى أمراً بالانسحاب قبل أن تنتهي مهمتهم في القضاء على أفراد القافلة البالغ عددهم حوالي مائتي جندي واستمرت المعركة مع القافلة وازداد عدد الطائرات حتى بلغ سبع طائرات ولم تتمكن الفصائل الأخرى من المساعدة (ونذكر الشيخ سعد الخالدي من الأبطال السوريين الذي كان يعمل على رشاش متراللوز ومساعده صالح العسف وكان الشيخ سعيد يقف على الطريق ويطلق النار من رشاشه تارة نحو الجنود وأخرى نحو الطائرة مما خفف من ضغط الطائرات الشديد على الثوار)
وتمكن الثوار من إسقاط طائرة في مزرعة عكا وقد قتل خلال هذه المعركة العشرات من جنود الجيش الإنجليزي واستطاع الثوار إسقاط طائرة حربية كما تمكنوا من منع الجيش الإنجليزي من احتلال الجبل وتنفيذ خطة إحكام الطوق على الفصائل الأخرى التي ترابط غرباً وأخذت القوات الإنجليزية القادمة من مدينتي حيفا وعكا تتجه نحو ساحة المعركة وكان الثوار من رجال الفصائل لهم بالمرصاد واشتبكت معها على نطاق واسع واستمر قتال الثوار ببسالة.
اشترك في المعركة أكثر من اثني عشر ألف جندي إنجليزي هبت نجدات عربية يزيد عددها على مائتي نجدة من قرى كماتا ودير الفاس وطرشيما واستشهد من الثوار سعيد عيساوي من كفر مندا قضاء الناصرة كما جرح أربعة وعشرون منهم رئيس الفصيل وكان من الثوار الذين اشتركوا في المعركة أحمد عبد القادر زعرورة والحاج يوسف خليل ومحمد سالم من صفورية وعيد سعيد الملقب بأبي الخير من الكابري من صفورية وأحمد درويش من الذيب ومن صفورية أحمد الميدا وسليمان البكر وطالب غلبان وآخرون أما رئيس فصيل السلام الخائن رباح العوض فقد ترك الإنجليز وحدهم في القتال وهرب وتعتبر هذه المعركة آخر معركة حدثت في فلسطين في تلك الحقبة ولم يجرؤ الإنجليز على القيام بأي عملية تطويق جديدة بعد أن خسروا أكثر من مائة قتيل.
معركة الجرمق: كان عدد من الثوار ورجال المقاومة الشعبية منهم الشيخ يونس الجشي ومحمد محمود كايد وأحمد عبد القادر زعرورة يزيد عددهم على أربع مائة ثائر في انتظار قافلة الذخيرة القادمة إلى جبل الجرمق من دمشق عن طريق لبنان أبلغت السلطات الفرنسية القوات الإنجليزية بقدوم قافلة ذخيرة تمر من لبنان فحلقت طائرة إنجليزية رصدت أماكن الثوار وأعطيت إشارة إلى القوات الإنجليزية المرابطة في معسكر المنصورة فطوقت المنطقة.
جرت معركة تمكن أثناءها الثوار من التفرق في القرى المجاورة وقد أصيب في هذه المعركة صالح عيوش رئيس فصيل سخنين حاول رجال الشرطة اللبنانية منع قافلة الذخيرة من دخول فلسطين وحاول الشيخ سعد الخالدي إقناعهم بالسماح للقافلة بالعبور لحاجة الثورة للذخيرة وكانت نتيجة رفضهم أن قام الشيخ سعد الخالدي بإطلاق النار على قوات الشرطة اللبنانية الذين انسحبوا وأبلغوا مركز رميش الذي اتصل بالإنجليز وأعلمهم بالحادث وطلب تعقب الثوار وبعد أن وصلت القافلة إلى زيتون دير الفاسي وزعت الذخيرة على القيادات المحلية التي كانت مجتمعة ومنها قيادة عبد الله الأصبح وقيادة الشيخ توفيق الإبراهيم وقيادة الشيخ محمود سالم بالإضافة إلى عشرات من رؤساء الفصائل.
أثناء توزيع الذخيرة وبعد ثمانٍ وأربعين ساعة من المعركة قامت قوات إنجليزية كبيرة بعملية تطويق واسعة امتدت غرب صفد إلى قرية البقيعة من قضاء عكا غرباً وسائر مناطق جبل الجرمق وتقدر المسافة بخمسة عشر كيلو متراً مربع وكانت قيادة عبد الله الأصبح عند الفجر في قرية بيت جن وكانت ثلاث طائرات تحلق فوق بيت جن والجبال المجاورة وقوات مشاة إنجليزية تقدر بالآلاف تطوق المنطقة من ثلاث نواحي من شمال بيت جن إلى شرق البقيعة فتوزع الثوار المواجهة تلك القوات الكبيرة وبقى فصيل الشيخ سعد الخالدي ومنير اللبناني يقاتلان في ظروف عسيرة لعدم تكافؤ القوى العسكرية ومن جراء المعركة استشهد ثائران من لبنان وعبد الله الصالح من قرية أندرو واستشهد الشيخ سعد الخالدي الذي قتل خمسة من الإنجليز وهو جريح وقصفت سبعة طائرات القائد عبد الله الأصبح والثوار أثناء انسحابهم إلى خارج الطوق فاستشهد عبد الله الأصبح وصل الإنجليز إلى مكان استشهاده وعلم الثوار من فصيل عين الزيتون بقيادة فؤاد حمد وفصيل محمد كايد من الصفصاف أن الإنجليز يتجمعون حول جثمانه فأطلقوا النار من خلف الصخور فقتلوا اثني عشر جندياً إنجليزياً.
هبت النجدات العربية من سائر قرى الشمال لملاقاة العدو وعلى رأسهم فصيل قرية سحماتا بقيادة الشيخ يونس الجشي الذي اصطدم مع الإنجليز في معركة بالاشتراك مع فصائل قريتي طرشيما والبقيعة وأوقعوا بالإنجليز خسائر كبيرة.
قد جرت في قضاء عكا معارك أخرى كمعركة فراديه التي استشهد فيها الثائر محمود خضر متأثراً بشظايا قنابل الطائرات واستشهد معه ثائر من قرية علما قضاء صفد وسليم الشنيتي من فراديه وأبو جميل من دلاته وصبحي قاسم أيوب الشمال ونمر زعموت من الصفصاف وجرت معركة إلى الجنوب من قرية الصفصاف والثوار على جبل الجرمق قرب قرية بيت جن فكشفتهم الطائرات وقصفتهم القنابل والرصاص وعززتها سيارات مصفحة عن طريق شارع صفد واستشهد فيها صبحي قاسم أيوب من قرية الجش كانت منطقة عكا طريق لمرور الثوار إلى سائر مناطق فلسطين وفيها مستودع الذخائر لتموين الثورة وقد قتلت قوات الجيش الإنجليزي عشرات من الثوار عند اجتياز الشريط الشائك على الحدود الفلسطينية –اللبنانية( ).

قضاء نابلس وجنين وطولكرم
كانت نابلس مسرحاً لمعارك حربية واسعة النطاق خلال الثورة وكانت مواقف سكان منطقة نابلس غاية في الوطنية فقد اشتركوا في الإضراب العام منذ البداية حتى النهاية وقاموا بمظاهرات صاخبة وكذلك أهالي منطقة طولكرم الذين حطموا في اليوم الأول للإضراب ست سيارات يهودية ومنعوا السيارات من المرور من المدينة وكذلك أهالي منطقة جنين بلاءً حسناً فأثناء مظاهرة شعبية في مدينة جنين مرت أربع سيارات يهودية تحمل بضائع ومواشي متجهة من الجنوب إلي الشمال تحرسها قوة الجيش الإنجليزي فهاجم الثوار في جنين السيارات وحطموها وأضرموا النيران فيها وقتلوا ستة يهود وجرح فلسطيني برصاص الجيش الإنجليزي وتكررت المظاهرات في مدينة نابلس وقد ظهر أول فصيل مسلح في 28/إبريل/1936 علي طريق نابلس –القدس بقيادة محمد الصالح وابتدأ هذا الفصيل أعماله بالهجوم علي دورية عسكرية إنجليزية وقتل عدد من أفرادها كما هاجم الشعب في بلدة قلقيلية يهود المستعمرات المجاورة والقوافل اليهودية في 30/إبريل/1936 وقتل عدداً منهم.
ابتدأت عمليات نسف الجسور في منطقة نابلس بتاريخ 16/مايو/1936 وقتلت السلطات الإنجليزية سجين عربي داخل سجن نور شمس ودارت اشتباكات بين الشعب الفلسطيني والجيش الإنجليزي في 24/مايو/1936 استشهد خلالها: محمد ياسين وقتل أربعة من الجنود الإنجليز وابتدأت الثورة على أثر هذه الإضرابات والاصطدامات وكان التنظيم الإداري للثورة في هذه المنطقة يشبه إلي حد كبير التنظيم في المنطقة الشمالية مع وجود بعض الصعوبات لأعمال قيادة الثورة بسبب بعد هذه المنطقة عن سوريا حيث القيادة العليا للثورة وكان لإخوان الشهيد القسام دور بارز في سد هذا النقص والأخذ بيد الثورة في هذه المنطقة نحو تحقيق أهدافها.
أسماء قادة الثورة في منطقة نابلس وجنين وطولكرم( ): الشيخ فرحان السعدي وهو أول من أشعل نار الثورة 1936 والشيخ عطية أحمد عوض التي كانت منطقته تشمل قسما كبيرا من منطقة جنين بالإضافة إلي بعض مناطق الشمال فخري عبد الهادي وقد قاتل بشجاعة نادرة بادئ الثورة ثم انحرف وقتل.
وعبد الرحيم الحاج محمد من قرية ذنابة قضاء طولكرم والشيخ يوسف أبو درة من قرية سيلة الحارثية والشيخ محمد الصالح أبو خالد من قرية وعبد الفتاح أبو عبد الله من قرية سيلة الظهر وعارف عبد الرزاق من قرية طيبة بني صعب( ) وعلي الفارس من قرية إم الفحم قضاء جنين ويوسف الحمدان من قرية إم الفحم وحمد زواتا ونواف أبو شحرور من عرب التركمان قرية المنسة قضاء حيفا والشهيد الشيخ طه من صرفند الحزاب –حيفا وعبد الله البكر وفارس العزوني قضاء نابلس وعبد الله الأسعد من قرية عنيل قضاء طولكرم وفوزي جرار من قرية صافور قضاء جنين والشيخ عبد القادر يوسف وأحمد جميل مستشار عبد الرحيم الحاج محمد وداوود الحوراني من جنين.
قادة الفصائل: الشيخ نعيم المصري من قرية الطنطورة قضاء حيفا وفايز الحاج محمد من قرية إم الفحم-جنين وأحمد عبد المعطي من قرية إجزم قضاء حيفا وحسن الشوشاري من إم الزينات قضاء حيفا ومحمد شعيب شعبان من قرية جبع قضاء حيفا وإبراهيم الخوجا من قرية صيارين قضاء حيفا ومحمد الجربوع من قرية الغبية التحتا-حيفا وعبد الله الطه من قرية سيلة الظهر-جنين وعبد الرحمن زيدان من قرية دير الغصون وكامل الحطاب من قرية فرعون قضاء طولكرم وعبد الحميد مرداوي من قرية بيت أمرين وسعيد سليم من قرية بيت إيبا-نابلس ومحمد أبو دية من قرية طيرة بن صعب والشيخ محمد أبو جعب من قرية قباطية-جنين وسعيد أبو الرب من قرية قباطية –جنين ومحمد سليم جرار من قرية جبع-حيفا ونجيب عبد الغني عنبثاوي من شفا عمرو وإبراهيم عموري من مدينة طولكرم وعبد القادر أبو خنفر من بلدة الراحة وحافظ أبو إسماعيل من قرية طوباس ومحمود أبو جعب من قرية قباطية-جنين ورشيد من قرية طوباس وأحمد زكزوك من جديدة ومحمد الحلقموس من قرية جلقموس وأحمد ناصر من قرية صافور وخضر أبو شقير من إجزم والحاج يوسف سمارة من قرية ذنابة.
معارك مدينة نابلس: قررت فصائل المقاومة المسلحة الهجوم في 24/يونيو/1936 علي مراكز الجيش الإنجليزي داخل مدينة نابلس وقسمت هذه القوات إلي سبعة فصائل علي أن تنقض هذه الفصائل في وقت واحد علي مراكز الجيش الإنجليزي علي أن توزع مهمات الفصائل السبعة علي الشكل التالي: الفصيل الأول مهاجمة الجنود الإنجليزيين المرابطين في الجهة لشرقية من لمدينة والفصيل الثاني مهاجمة الجنود الإنجليز المرابطين في النادي الرياضي والفصيل الثالث مهاجمة الجنود الإنجليز المرابطين في ساحة السكة الحديدية والفصيل الرابع مهاجمة الجنود الإنجليز المرابطين في بناية المحكمة الشرعية والفصيل الخامس مهاجمة القوات الإنجليزية المرابطة في المدرسة الغزالية والفصيل السادس مهاجمة سرايا الحاكم والفصيل السابع كانت مهمته التمركز في سفوح الجبال حول المدينة لمراقبة تحركات الجيش الإنجليزي وحماية مؤخرة الفصائل الستة المهاجمة.
انقضت هذه الفصائل علي القوات الإنجليزية ودارت معركة شديدة داخل مدينة نابلس واشترك في هذه المعركة عبد الرحيم الحاج محمد كما اشترك عدد كبير من أبناء نابلس ومنهم: جرير خلف وتيسير جابر وفضل الله الجابر وعمر رزق ونبيه بلعوط وفيصل النابلسي استمرت المعركة طوال تلك الليلة أسفرت عن قتل عدد كبير من القوات الإنجليزية واستشهاد عدد من الثوار وقام الجيش الإنجليزي بإطلاق النيران علي الأطفال والنساء واعتقال عدد كبير من أبناء نابلس الذين استشهد أثناء التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له وهم: حامد شعبان ومصطفي الأسطة ومحمد الأسطة وقد اشترك معهم ولمدة أربعين يوما قبل انتهاء الثورة القائد فوزي القاوقجي ومعه الشيخ مجد الأشمى ومحمود أبو يحيي وأحمد صعب من سوريا وجاسم علي من العراق وكان معهم نحو ثلاثة آلاف ثائر من الأردن وسوريا والعراق والسعودية ولبنان( ).
معركة الفند قومية: رابط الثوار في 6/مارس/1936 بقيادة عطية عوض والشيخ فرحان السعدي وهم أكثر من مائة ثائر علي طريق جنين –نابلس قرب قرية فند قومية بانتظار قافلة عسكرية إنجليزية وانهال رصاص الثوار اللذين يرابطون علي سفوح الجبال المجاورة للطريق وقد تمكن الثوار من إيقاع خسائر فادحة في القوات الإنجليزية وحضرت تعزيزات إنجليزية من مدينتي نابلس وحيفا تتجاوز الألفي جندي بدباباتها ومدافعها تحرسها الطائرات واتسعت رقعة المعركة بعد أن حضرت نجدات عربية من القرى المجاورة وخسر الجيش الإنجليزي في هذه المعركة أكثر من ثلاثين جندياً وتعطلت مدرعة عندما انفجر فيها لغم أرضي وضعه الثوار واستشهد عدد من الثوار( ).
معركة بلعا الأولي: حدثت هذه المعركة قبل أن يباشر فوزي القاوقجي قيادة الثورة وسميت معركة بلعا الأولى لأن الذي خطط لها وقادها الحاج محمد عبد الرحيم وذلك لتمييزها عن معركة بلعا الثانية التي قادها فوزي القاوقجي حيث رابط الثوار في 10/أغسطس/1936 في جميع الاستحكامات والخنادق الواسعة بين قرية بلعا ومدينة نابلس وعندما مرت القوات الإنجليزية أطلق عليها الثوار الرصاص فتعطلت السيارات وتوقفت عن السير فنزل الإنجليز من سياراتهم واختبئوا بين الصخور علي مقربة من الطريق بعد أن قتل الثوار عدد منهم وصلت تعزيزات من الجيش الإنجليزي مكونة من خمس وعشرين عربة منها خمس مدرعات وخمس طائرات ودارت معركة شديدة وانسحب الجيش الإنجليزي وكانت خسارته ستين جندياً.
كان الثوار قد لغموا الطريق وراء القوات الإنجليزية فانفجر أحد الألغام تحت عربة إنجليزية وقتل فيها ضابط وأربعة جنود واستشهد من الثوار الشيخ قاسم محمد الشايب من برمتين وبعد هذه المعركة جرت معارك عديدة طوال سنوات الثورة داخل مدينة نابلس تمكن الثوار خلالها من احتلال مراكز البوليس والاستيلاء علي الأسلحة وكان الثوار يصطادون جنود الجيش الإنجليزي أثناء دخولهم وخروجهم من المدينة وقد فشلت جميع محاولات التطويق التي قام بها الجيش الإنجليزي لإخماد الثورة.
معركة عصيرة الشمالية: رابط الثوار في ليلة 16-17/أغسطس/1936 بقيادة الشيخ طه الشيخ محمد علي جانب الطريق قرب قرية عصيرة الشمالية قضاء نابلس وتحصنوا في استحكامات منيعة وفي الصباح مرت قافلة سيارات يهودية والتي كانت تحرسها المصفحات.
كانت وجهة لقافلة من مدينة القدس إلي مدينة حيفا فتصدى لها الثوار وانهالوا عليها برصاصهم مستخدمين عنصر المباغتة فقتلوا عددا كبيرا من ركاب القافلة اليهودية وحراسها الإنجليز وشرعت طائرتان بإلقاء القنابل وإطلاق نيران الرشاشات علي أماكن الثوار الحصينة وحضرت تعزيزات عسكرية إنجليزية من نابلس ولكن نجدات عربية كبيرة كانت لها بالمرصاد ولم تمكنها من التقدم خطوة واحدة وبلغت خسائر الإنجليز واليهود أكثر من سبعين قتيلا واستشهاد عدد من الثوار.
معركة وادي عرعرة: تحصن الشيخ عطية أحمد عوض وعشرات من إخوانه المجاهدين في جبال وادي عاره للهجوم علي الدوريات الإنجليزية التي تمر من تلك المنطقة ففي 20/أغسطس/1936 مرت دورية عسكرية إنجليزية كانت تتألف من ثلاث سيارات شحن كبيرة وعندما وصلت إلي الجبل الجنوبي هاجمها الثوار برصاصهم وحضرت تعزيزات عسكرية مكونة من خمس طائرات وقوات عسكرية من الجيش الإنجليزي من مدينة حيفا كانت قادمة إلي مكان المعركة ولكن التعزيزات الإنجليزية وقعت في كمين أخر للثوار الأمر الذي حال دون وصولها لهدفها وبلغت خسائر الجيش الإنجليزي عشرات القتلى والجرحى وإصابة طائرة معادية.
معركة بلعا الثانية: رابط محمد الصالح في 2/مارس/1936 مع خمسمائة ثائر على جبل المنطار قرب قرية بلعا وفي الصباح مرت قافلة إنجليزية مكونة من عشرين عربة حربية وعند وصولها إلي شرق سجن نور شمس انفجرت عبوة ناسفة زرعها الثوار وتحطمت أربع سيارات وقتل معظم ركابها وانهال الثوار بالرصاص علي القافلة من سفح جبل المنطار فقتلوا العشرات من الجيش الإنجليزي وفي هذه الأثناء مرت قافلة من سيارات الركاب اليهودية فهاجمها الثوار وقضوا عليها.
جاءت بعد ذلك تعزيزات عسكرية إنجليزية مكونة من خمسة آلاف جندي إنجليزي بأسلحتهم الكاملة وآلياتهم المتنوعة ترافقهم من الجو مائة وخمس عشرة طائرة حربية وقد اشترك في هذه المعركة من المجاهدين العرب نحو ألف متطوع من الدول العربية وعلى رأسهم الشيخ محمد الأشمر قائد المجاهدين السوريين وشملت المعركة جبال لواء نابلس انهزم الجيش الإنجليزي على أثرها وقد تم إسقاط طائرتين حربيتين وقتل ضابط الطيران "هنتر" والضابط "لنكولن" وأمباشي طيران "ويلكس" وقد بلغ عدد القتلى من الجيش الإنجليزي مائة قتيل أما شهداء العرب فكانوا خمسة عشر شهيدا منهم محمود أبو يحيي وحسن أعرار ومنصور الحوراني من دمشق وثلاثة أبطال من شرقي الأردن وعراقيان وستة من فلسطين.
معركة جبع: كان فوزي القاوقجي في منزل الحاج حافظ غنام ليلة 23/سبتمبر/1936 بينما وزعت الفصائل الأخرى من الثوار على منازل وجهاء قرية جبع وفي صباح 24/سبتمبر/1936 ذهبوا إلي الحقول ليختفوا بين أشجار الزيتون التي تبعد خمسمائة متر إلي الشرق من القرية وكان عدد الثوار يزيد علي أربعمائة ثائر شوهدت القوات الإنجليزية قادمة من بعد إلى جهة نابلس وجنين في آن واحد فأحاطت القيادة الثوار.
كانت المسافة بين الثوار وبين القوات الإنجليزية المهاجمة قريبة جدا فحاول الثوار الانسحاب إلي جهة الشرق نحو الجبال باتجاه قرية ياصيد الجبلية ولكن طائرات الجيش الإنجليزي وقواتهم هاجموا الثوار مما اضطر الثوار للدفاع عن أنفسهم أثناء عملية الانسحاب واستمر إطلاق النار بين الطرفين وبعد مضي ساعة من الزمن حضرت نجدات عربية من سائر قرى نابلس اشتركت في الدفاع عن الثوار واستشهد عدد من الثوار منهم إسماعيل أبو العونأ وكان الشيخ محمد الأشمر ومعه عدد من الثوار من الأقطار العربية قد تمركزوا في سفح جبل ياصيد بعد المعركة.
جاء عدد من مشاة الجيش الإنجليزي تقدموا نحو الجبل فلم يتعرض لهم أحد حتى أصبحوا علي بعد خمسين متراً عن مراكز الثوار المرابطين في سفح الجبل وانهالوا عليهم بالرصاص وقد ساعد الثوار في هذا العمل رجال النجدات من سكان القرى المجاورة.
قامت فصائل أخرى من الثوار بزرع الطرق بالألغام التي انفجر منها لغم واحد أسفر عن تدمير مصفحة وقتل ركابها وسقطت طائرة إنجليزية على أرض قرية جبع كما شوهدت طائرة أخرى تحترق ويتصاعد منها الدخان وسقطت علي أثر ذلك بعيدا عن جبع قبل وصولها إلي المطار) بلغت الخسائر لدى الثوار في هذه المعركة أربعين شهيداً وعشرون جريحاً أما خسائر الجيش الإنجليزي فكان مائة وستون جندي مابين قتيل وجريح ) وفي اليوم التالي قامت السلطات الإنجليزية بعمليات تخريب واسعة في قرية جبع فنسفوا منزل الحاج حافظ غنام و يوسف عامر النمر على أثاثهما.
معركة بيت أمرين: قامت قوات الجيش الإنجليزي في 29/سبتمبر/1936 تقدر بلواء كامل مدعوم بالآليات المدرعة وبسلاح الطيران بتطويق مدينة نابلس وقامت بعمليات تفتيش واسعة في جبال نابلس وكان قسم من الثوار يرابطون قرب قرية دير الغصون بينهم جماعة الشيخ محمد الأشرم.
كانت فصائل أخرى من الثوار ترابط في جبال برقة وفي جبال بيت أمرين وبذلك كانت قوات الثوار تمتد علي طول ثلاثة عشر كيلومتراً وفي هذه الأثناء فوجئ عدد من الثوار قرب قرية دير الغصون بالقوات الإنجليزية التي انهالت عليهم برصاصها بغتة فسقط عدد من الشهداء وكانت هذه الحادثة بمثابة نذير للفصائل الأخرى التي تنبهت وأخذت حذرها واستعدت لكل احتمال ولم يكتف الثوار بالاستعداد بل وحدوا صفوفهم بعد ذلك وقاموا بهجوم مركز علي القوات الإنجليزية.
كان عنصر المفاجئة هذه المرة بيد الثوار الذين أوقعوا الخسائر الفادحة بين قوات الجيش الإنجليزي العدو وأما الفصائل التي فوجئت في الصباح فإنها بعد هذا الهجوم تمركزت في جبال دير الغصون واستعادت تنظيمها وشرعت في إطلاق النار علي الجيش الإنجليزي من سفوح الجبال ومما أثار حماس الثوار مشاهدة عدد كبير من النساء العربيات وهن يحملن المؤن والماء للثوار كما شوهد الأطفال بين الصفوف وامتدت المعركة حتى شملت منطقة نابلس بأسرها واستمر القتال طوال ذلك اليوم إلي أن انسحب الأعداء وخلفوا وراءهم مائة وخمسين قتيلا وحطام طائرتين أسقطهما الثوار على أرض المعركة( ).
معركة كفر صور: هاجم الثوار في 8/أكتوبر/1936 بقيادة فارس عزوني قافلة عسكرية إنجليزية كانت في وادي كفر صور قضاء طولكرم تتكون من اثنتي عشرة سيارة وعشر دبابات واستطاع الثوار أن يعطلوا دبابتين وقتل من فيهما كما غنموا دبابة ثالثة واستولوا علي الأسلحة التي كانت داخلها ثم أحرقوها وبلغ عدد القتلى من الجيش الإنجليزي خمسة وثلاثين جندي واستشهاد ثلاثة من الثوار.
منطقة بني صعب: كان عارف عبد الرازق قائد منطقة بني صعب ومعه فارس العزوني من قرية عزون وعبد الله الأسعد من قرية عتيل وسليمان سلامة من قلقيلية ومحفوظ عبد الرحيم من قرية كفر الديك وإبراهيم عبد الهادي نصار مساعد فارس عزوني وعلي محمود من قرية دير بلوط وعلي الأسمر من قلقيلية وصقر من قرية كفر جمال وسليم إبتلي من قلقيلية وقد قام فارس عزوني في 30/إبريل/1936 مع خمسة وثلاثين ثائراً من قرى منطقة بني صعب بهجوم ليلي علي مستعمرة كفر سابا حيث قام الثوار بإلقاء القنابل اليدوية علي دار السينما أثناء العرض وإطلاق النار على تجمعات اليهود بين المساكن وكذلك إطلاق النار علي الخفراء اليهود في المستعمرة وقد أسفر الهجوم عن مقتل أكثر من عشرين يهودي كذلك صنع الحاج عبد الفتاح أبو خدرج عبوة ناسفة في 13/يونيو/1936 واصطحب معه محمد أبو خدرج وعدد من الثوار ووضعوا العبوة تحت جسر جلجولية الواقع إلي الجنوب من قلقيلية وعندما مر القطار فوق الجسر انفجرت العبوة وتحطم القطار وقتل من جراء الانفجار ستة عشر يهوديا وجرح آخرون كذلك قامت فصائل من الثوار في 28/يونيو/1936 بهجوم واسع النطاق علي مستعمرات : زمارين وبنيامين والخضيرة وقتلوا عدداً من حراس هذه المستعمرات وسكانها.
كان الشيخ فرحان السعدي يقود هذه الفصائل حيث أغلق الثوار الطريق التي تصل بين طولكرم وقلقيلية في نقطة تقع قرب جبل رأس عامر بالحجارة ورابطوا حول الطريق وكانوا خمسة وعشرين ثائراً بقيادة فارس العزوني بتاريخ 4/يوليو/1936 مرت قافلة سيارات إنجليزية من تلك الطريق ووصلت حيث رابط الثوار ووجدت أن الطريق مسدودة توقفت القافلة الإنجليزية عن السير فعاجلها الثوار برصاصهم فعطلوا سيارة واحدة وقتلوا ستة من الجنود الإنجليز وانسحب الثوار شرقا إلي قرية كفر صور كما قام فصيل من ثوار قرية كفر جمال بتاريخ 1/أغسطس/1936 بهجوم على دورية من الجيش الإنجليزي في منطقة رأس عامر بين طولكرم وقلقيلية وتمكنوا من قتل ثمانية من الإنجليز.
وضع فصيل فارس العزوني على طريق عزون-قلقيلية بتاريخ 23/يوليو/1936 عبوة ناسفة من صناعة رضا أبو خضر وأقبلت قافلة عسكرية مكونة من عربات من جهة قلقيلية فانفجرت أسفل إحدى العربات وقتل ركابها من جنود الجيش الإنجليزي فانهال الثوار على العربات العسكرية الإنجليزية برصاصهم واشتبك الثوار في معركة مع الجيش الإنجليزي مما اضطر القافلة العسكرية إلي الرجوع من حيث أتت.
اعتقال القائد الشيخ فرحان السعدي: داهمت قوات إنجليزية كبيرة قرية المزار قضاء جنين في 22/نوفمبر/1937 وطوقتها بإحكام وتمكنت من اعتقال خليفة الشهيد عز الدين القسام الشيخ فرحان السعدي كما أعتقل معه ثلاثة من الثوار وصادرت أسلحتهم وجاء هذا الاعتقال نتيجة لوشاية أحد رجال البوليس ) قتل هذا البوليس فيما بعد من قبل قادة الثورة) وسيق الشيخ فرجان السعدي بعد اعتقاله بمدة ثمان وأربعين ساعة إلي أول محكمة عسكرية ابتدأت أعمالها ضد الثوار بتاريخ 18/نوفمبر/1937 وبعد محاكمة صورية حكم على الشيخ فرحان السعدي بالإعدام شنقا.
ما أن انتشر هذا الخبر حتى عمت الإضرابات جميع مدن فلسطين وقرها ومدن الإقليم السوري والأردني ولبنان والعراق احتجاجا علي الحكم الجائر ونفذ حكم الإعدام شنقا يوم 27/نوفمبر/1937 بالشيخ فرحان السعدي وأعلن الشعب العربي الحداد علي الشهيد الشيخ فرحان السعدي بتاريخ 28/نوفمبر/1937.
معركة اليامون الكبيرة: كان القائد الشيخ عطية النحال والقائد الشيخ فرحان السعدي أول من أطلق رصاصة معلنين الثورة ضد الإنجليز في لواء نابس: وكان معهم الحاج أحمد الناصر أبو رسمي والشيخ يوسف أبو درة وكامل الحاج حسنين من قرية صانور وأحمد الزكزوك من قرية جديدة كانوا في قرية المغير شرق جنيتن حاصرتهم القوات الإنجليزية واشتبكت معهم وقد استطاع الثوار فك الحصار في 27/نوفمبر/1937 والخروج إلى مكامن جديدة وأما القائد الشيخ عطية النحال فقد دخل قرية اليامون مع عدد من الثوار لا يتجاوز الثلاثين وفي الصباح كانت القوات الإنجليزية قد ضربت نطاقا قويا حول قرية اليامون حيث الشيخ عطية النحال والثوار وكانت القوات الإنجليزية لا تقل عن الثلاثة آلاف جندي وشاهد الثوار عملية التطويق فأعلموا الشيخ عطية النحال فأمر رجاله أن يستعدوا تماما لمواجهة القوات الإنجليزية.
طلب الشيخ عطية أهالي القرية أن يستعدوا أيضا للمعركة واشتبك الثوار مع القوات الإنجليزية وكان من ضمن القوات الإنجليزية التي اشتركت في هذه المعركة وحدة مؤلفة من ست عربات عسكرية تنقل الجنود ومدرعتين جاءت من جهة قرية سيلة الحارثية فهاجم يوسف أبو درة ( عمل هذا القائد قبل توليه القيادة مراسلاً بين قيادات الثورة) هذه الوحدة ومعه عدد من أبناء قريته سيلة الحارثية وقضى عليها قبل أن تصل إلي اليامون.
كان هجوم أبو درة قويا ومركزا بشكل أفقد الإنجليز القوة على الحركة وأما المعركة في اليامون بقيادة الشيخ عطية النحال فقد استمرت ولم ييأس الثوار برغم ضخامة عدد الأعداء واستعمالهم الطائرات والمدافع الثقيلة وقد جاءت النجدات من القرى وأسفرت المعركة عن جرح ومقتل أكثر من مائتي جندي إنجليزي وإسقاط طائرة واستشهاد أكثر من تسعة وثلاثين ثائر وسقوط عدد كبير من الجرحى من متطوعي النجدات من القرى العربية وكان من بين الشهداء الشيخ محمد أبو قاسم من قرية عين غزال وقد اشترك في المعركة الشيخ محمد عبد العزيز قائد فصيل سلواد وسعد محمد عيسى من أجزم وكامل الحاج حسين قائد فصيل صانور وفيصل النابلسي أحد المستشارين من نابلس كانت خسائر الإنجليز والثوار كبيرة جداً فقد كانت عدد القتلى والجرحى سبعين ثائراً وكذلك استشهاد الشيخ عطية النحال.
معركة أم الفحم: حاولت قوات إنجليزية في 30/يناير/1938 النزول في قرية أم الفحم لاحتلال مدرستها الحكومية وإقامة معسكر فيها ولم تكن هذه القوات تعلم أن قيادة الثورة موجودة في القرية فعندما وصلت سيارات القوات الإنجليزية إلي نقطة تقع في شمال القرية نزل منها الجنود لينقلوا العتاد والمؤن إلي المدرسة فقام الثوار بالهجوم عليهم ليمنعوهم من احتلال القرية وكان يقود هذا الهجوم القادة يوسف حمدان وعلي الفارسي ويوسف أبو درة فانقض فصيل علي الفارسي على الجنود الإنجليز الذين ينقلون العتاد وانقض يوسف الحمدان على السيارات وحراسها وتمكن الثوار من إلحاق خسائر فادحة بالقوات الإنجليزية.
انسحب الثوار باتجاه الشرق شطر جبل اسكندر وشطر جبل خزران لمقاومة التعزيزات الإنجليزية المقبلة واشتبكوا معها وجاءت طائرات إنجليزية إلا أنها لم تستطع أن تلقي القنابل بعد أن التحم الثوار مع الجنود الإنجليز ) بلغت خسائر الجيش الإنجليزي ثمانية وأربعون قتيلاً وعدد من الجرحى كما استولى الثوار والأهالي على الأسلحة )
وفي اليوم التالي داهمت القرية قوات إنجليزية كبيرة احتلت المدرسة وسائر بيوت القرية كما قامت بأعمال تخريب واعتقالات واسعة النطاق ولم يحدث أي اشتباك لأن الثوار كانوا بعيدين عن القرية في هذه المرة.
عندما لم يجد الإنجليز مقاومة حاولوا تطويق قرى: عاره وعرعره وعانين إلي الغرب من أم الفحم وقاموا كعادتهم بأعمال التخريب فتحمس سكان القرى المجاورة ونظم رؤساء الفصائل في هذه القرى صفوفهم وقاموا بهجوم شديد على الجيش الإنجليزي شمل كل المناطق المطوقة ) مصطفى الباير من فصيل برقين الذي كان له دور حاسم في المعركة ) وذلك عندما حاول الجيش الإنجليزي أن يتقدم نحو الجبال الواقعة جنوب الشارع بعد أن نزلوا من سياراتهم إلاّ أن رجال هذا الفصيل أمطروهم بالرصاص وقتل ستون جندياً إنجليزياً نتيجة لهذا الهجوم الصاعق وغنم الثوار عشرين بندقية حربية وانقضت الطائرات الإنجليزية على الثوار واستمرت المعركة واستطاع الثوار أن يسقطوا طائرة وأما خسائر الثوار فكانت ثمانية من رجال النجدات العربية ومن الذين شاركوا في المعركة محمد أحمد شهاب ومحمد سعيد محمود ومحمد سليم جرار وانسحب الإنجليز بعد ذلك مخلفين ورائهم مائة قتيل.
معركة وادي بلعمة غرب جنين( ): كمن فصيل قرية قباطية بقيادة سعيد أبو الرب في عام 1938 على الشارع العام بين مدينتي نابلس وجنين للانقضاض على قافلة عسكرية إنجليزية مرت القافلة وعند وصولها إلي الغرب من جنين في وادي بلعمة هاجمها الثوار وأمطروها نارا حامية وقتلوا عددا غير قليل من أفرادها فطلبت القافلة تعزيزات من قوات الجيش الإنجليزي من نابلس وجنين وكادت التعزيزات الإنجليزية أن تطبق على الثوار من ثلاث جهات: من الشمال والغرب والجنوب واستنجد الثوار بإخوانهم العرب من القرى المجاورة فجاءت النجدات بدون تأخر من قرية برقين بقيادة محمد سليم جرار ومن قرية صانور وجرت معركة استمرت سبع ساعات تمكن خلالها رجال النجدات من فك الحصار وزاد عدد القتلى الإنجليز عن ثلاثين قتيلاً واستشهد من الثوار سعيد أبو الرب قائد فصيل قباطية.
معركة أم الدرج في جبل الكرمل: كان القائد الشيخ يوسف أبو درة في 11/سبتمبر/1938 يتجول بين قرى جبل الكرمل وقضاء جنين لتجنيد أبناء الشعب في بالثورة وبينما كان يزور دالية الكرمل مع مائتي رجل من الثوار اتجه شطر الساحل وعند موقع أم الدرج شاهدوا قوات إنجليزية مرابطة وسربا من الطائرات يبلغ ست عشرة طائرة يحوم فوق المنطقة على ارتفاع منخفض فوزع القائد رجاله على الفور واشتبك مع القوات الإنجليزية ودارت معركة كبيرة اتسعت حتى شملت مساحة طولها اثنا عشر كيلومتراً( بلغت خسائر الإنجليز في هذه المعركة أكثر من سبعين قتيلاً واستشهد من الثوار سبع وعشرون ثائراً منهم علي مسعود الماضي وتوفيق مشيمش وخضر عبد العزيز أبو شقير ومحمد شتية وآخرون.
معركة لد العوادين: طوقت قوة إنجليزية في 3/إبريل/1937 قرية لد العوادين الواقعة إلي الجنوب الشرقي من مدينة حيفا وكان داخل القرية فصيل الثوار بقيادة الشيخ طه من قرية صرفند الخراب ومعه صبري من قرية المزار وعدد من رجال الطيرة ونقل الثوار المعركة بعيدا عن سكان القرية الآمنين فانسحبوا إلي خارج القرية وتمكن بعض الثوار اختراق الطوق أثناء الاشتباك مع القوات الإنجليزية واستشهد في المعركة الشيخ طه قائد الفصيل وأحد أبطال مدينة حيفا واستشهد ثلاثة من الطيرة: محمود نمر الدرباس ومحمد أحمد السلمان وعيسى مفلح أبو راشد وجرح أحمد أقبيعة وقتل عدد قليل من الجيش الإنجليزي وقد هاجم الشيخ يوسف أبو درة ليلة 18/نوفمبر/1938 في مائتين من الثوار ثكنات الجيش الإنجليزي الموجودة في مدينة جنين وقتل عدداً من الجنود الإنجليز وجاءت على أثر ذلك نجدات إنجليزية من مدينتي نابلس وحيفا تقدر بألفين وخمسمائة جندي واشتبكوا مع الثوار قرب قرية بعبد أثناء النهار في معركة امتدت حتى شملت منطقة واسعة اشترك فيها اثنتا عشرة طائرة إنجليزية كانت تلقي القنابل على الثوار) خسر الإنجليز في هذه المعركة أكثر من مائة وعشرون جندياً وأسقط الثوار ثلاث طائرات حربية فاستشهد ستة ثوار) وخسر الإنجليز في هذه المعركة أكثر من مائة وعشرين جندياً وأسقط الثوار ثلاث طائرات حربية واستشهد ست ثوار.
فصيل الشيخ نعيم المصري: على طريق حيفا-يافا وبالقرب من قرية الفريديس قام فصيل الشيخ نعيم المصري بوضع الحجارة الكبيرة في وسط الطريق لقطع الطريق على القوافل الإنجليزية واليهودية وكان ذلك سنة 1938 ورابط الرجال حول الطريق وعندما مرت قافلة يهودية تتألف من حافلة مملوءة بالركاب اليهود وتحرسها سيارة بوليس يهودية عاجلها الثوار بنيرانهم وقنابلهم اليدوية وأسفر الهجوم عن مقتل خمسة وعشرين يهوديا وجرح عشرة وجاءت على الأثر قوة إنجليزية أخذت القتلى اليهود.
رابط فصيل الشيخ نعيم المصري في صيف 1938 ومعه خمسة عشر ثائراً على طريق حيفا –يافا قريبا من قرية المزار لقطع الطريق على السيارات اليهودية الذاهبة إلي حيفا والآتية منها ومرت سيارة تاكسي يهودية فهاجمها الثوار وقتلوا من فيها ثم تبعتها سيارة باص وسيارة شحن فتعرضوا لهجوم الثوار وقتل وجرح عدد من الركاب اليهود وحضرت قوات من الجيش الإنجليزي في اليوم التالي وحاصرت قرية المزار وحرقتها واعتقلت عددا كبيرا من سكانها ورابطت عدة فصائل في 1/نوفمبر/1938 من قوات القائد أبو درة منها فصيل سليم الصعبي وصبري الماضي على طريق حيفا-يافا قرب الفريديس وذلك للانتقام من قوات الجيش الإنجليزي التي أضرمت النيران في قرية عين غزال وعذبت أهاليها العزل وأثناء عودة الجيش الإنجليزي إلى حيفا بعد انتهائهم من أعمالهم الوحشية تصدى لهم الثوار المرابطون وانهالوا عليهم برصاصهم فقتلوا سبعة وعشرين جندياً بريطانياً واستشهد مجاهد.
هاجم فصيل خالد بقيادة محمد جربوع من قوات أبو درة في 2/نوفمبر/1938 سيارة بوليس يهودي كان فيها أربعة عشر بوليساً من حراس المستعمرات وذلك قرب مستعمرة الجعارة جنوب جبل الكرمل وتمكن الثوار من قتل الحراس اليهود جميعهم واستولوا على أسلحتهم ثم اختفوا في مكامنهم بالجبال.
استشهاد القائد محمد الجربوع: كان فصيل خالد التابع لقيادة أبو درة في عام 1939 مرابطا في قرية أم الشوف جنوب حيفا بقيادة محمد الجربوع فاكتشفتهم الطائرات الإنجليزية وحاصرتهم القوات الإنجليزية فاشتبكوا معها بمعركة اشتركت فيها دبابات العدو وطائراته وقتل عدد من الإنجليز واستشهد عشرة من الثوار كان من بينهم قائد الفصيل محمد الجربوع وأحمد أبو عجاج من شفا عمرو.
معركة إبريكة: على أثر مهاجمة فصيل من فصائل غابة شفا عمرو عددا من اليهود قرب قرية أبريكة وقتل يهوديين في 24/سبتمبر/1938 قامت قوات من الجيش الإنجليزي بمحاصرة قرية أبريكة وكان يرافق الجيش الإنجليزي عدد من حرس المستعمرات اليهود الهاجناه وحاولوا احتلال القرية العربية وإجلاء سكانها العرب وعندما علم القائد يوسف أبو درة أصدر أوامره إلي ثلاثة فصائل فصيل الشيخ نعيم المصري وفصيل إبراهيم الخوجة وفصيل صبرين الحمد بالهجوم فورا على الحراس اليهود والقوة الإنجليزية التي ترافقهم لإخراجهم من القرية العربية فهاجم الثوار القوات الإنجليزية واليهودية واشتبكوا معها في معركة استمرت طوال الليل خسر فيها الجيش الإنجليزي وحرس المستعمرات عدداً كبيراً من الجنود.
تمكن الثوار من إخراجهم من القرية بقوة السلاح وفي الصباح جاءت قوات إنجليزية من مدينة حيفا قدرت بألفين وخمسمائة جندي ومائة سيارة وطائرتين واشتبكت مع الثوار واستمر الاشتباك طوال النهار وانسحب الثوار وأصيب من فصيل الشيخ نعيم المصري موسى النعيم من عرب الفشة وبينما كان داوود الحوراني مع نحو مائتي ثائر جالسين في منازل عرب الفشة بين قريتي أم الزينات ودالية الكرمل في 28/نوفمبر/1938 حاولت قوة إنجليزية تتألف من حوالي ألفي جندي أن تطوق الثوار يحرسها من الجو أربع طائرات فانتبه الثوار للأمر وأصدر الشيخ داوود الحوراني أوامره بمهاجمة الجيش الإنجليزي.
استطاع الثوار فك الحصار الشديد الذي حاول الجيش الإنجليزي ضربه حولهم وبلغت خسائر الإنجليز مقتل أربعين جندي وطائرة أسقطها الثوار واستشهد اثنا عشر ثائراً كان من بينهم علي مسعود وواصل فصيل الشيخ نعيم المصري بالقيام بهجمات عديدة على مستعمرات منطقة ساحل حيفا الجنوبي أعمال التخريب في ممتلكات اليهود من يهود والإنجليز.
معركة عتليت: هاجم مائتا ثائر بقيادة يوسف أبو درة في 19/يوليو/1938سجن عتليت الواقع إلي الجنوب من مدينة حيفا لتحرير السجناء العرب وابتدأت المعركة باحتلال منزل يبعد ثلاثمائة متر لجهة الشرق الشمالي عن السجن بينما قام الفصيل الثاني من الثوار بإطلاق النار على مراكز حراس السجن فقتلهم وقام الفصيل الثالث من الثوار بمقاومة التعزيزات الإنجليزية التي جاءت من مدينة حيفا أما الفصيل الرابع فقد اشتبك مع قوة إنجليزية إلي الجنوب من السجن وكان من قادة الفصائل :نواف أبو شحرور وصالح المذبوح من عرب شفا عمرو انسحب بعدها الثوار إلي جهة جبل الكرمل بعد أن قتلوا عشرين جندياً إنجليزيا وجنديين يهود وخسر الثوار شهيداً واحداً.
هجوم على مستعمرة زمارين: بعد معركة سجن عتليت في 26/يوليو/1938 قام فصيل نواف أبو شحرور ومعهم صالح المذبوح بالهجوم على حراس مستعمرة زمارين اليهودية وقتلوا ثلاثة من الحراس وحضرت تعزيزات إنجليزية تمكنت من تطويق الثوار وأثناء الليل استطاع الثوار أن يفتحوا ثغرة في الطوق الإنجليزي وتمكنوا من الإفلات بعد أن قتلوا عددا من الإنجليز كما هاجم فصيل أم الزينات بقيادة المجاهد طالب وعشرين ثائراً من بينهم قاسم الريان من الطيرة دورية للجيش الإنجليزي مؤلفة من ثلاث مدرعات بين لطيرة وعتليت قرب جسر مسلية وكان ذلك في عام 1938 واستشهد أحمد محمد من قرية أم الزينات.
احتلال ثكنة سيلة الظهر: هاجم رئيس فصيل سيلة الظهر محمود أبو عصفور ومعه أربعون ثائراً في 20/أغسطس/1938 ثكنة للجيش الإنجليزي في جبل إلي الجنوب الغربي من قرية سيلة الظهر وتمكن الثوار من التوغل داخل الغابات حتى أصبحوا على بعد مائة متر عن المعسكر وقد تمركز خمسة وعشرون ثائراً في أماكن حصينة قرب المعسكر وأطلقوا النار على الحراس الإنجليز وتمكنوا من قتل أربعة بينما تقدم خمسة عشر ثائر ودخلوا المعسكر واستولوا على مدفع جبلي عيار ثلاث بوصات انسحب الثوار بعد ذلك نحو قرية بلعا إلي الغرب ووضع فصيل قرية دير الغصون في 7/يونيو/1938 بقيادة محمود أبو عصفور لغماً على الشارع العام طريق نابلس-طولكرم فانفجر اللغم أثناء مرور قافلة للجيش الإنجليزي في عربة وقتل جميع ركابها وانهال الثوار برصاصهم على القافلة وانسحب الثوار بسلام وفي نفس الوقت كانت فصائل أخرى من الثوار على طول الطريق الممتد أمام قرى قفين وبلعا حتى رأس عامر تطلق النار على السيارة العسكرية الإنجليزية التي تمر من هناك والتي كبدت الجيش الإنجليزي تسعة وعشرين قتيلاً.
الاستيلاء على أسلحة من مركز بوليس نابلس: في ليلة 18/يوليو/1938 هاجم فصيل الجزيرة بقيادة الشيخ طه والشيخ محمد مركز بوليس نابلس تمكن فيه من الاستيلاء على رشاشين من طراز برن واثنتين وعشرين بندقية وثلاث مسدسات وكمية من الذخيرة دون وقوع إصابات.
قتل مساعد حاكم لواء منطقة نابلس في جنين موفي: حاصر الثوار مدينة جنين صباح 24/أغسطس/1938 بقيادة الشيخ يوسف أبو درة بقصد قتل الحاكم العسكري في جنين الذي وكان يشغل مساعد حاكم لواء منطقة نابلس أيضا وذلك بسبب سوء معاملته للعرب وظلمه وتعسفه فتقدم أحد الثوار( من أبطال قرية قباطية لقب بالغزال لسرعة حركته ونشاطه) نحو سراي الحاكم والمسدس في جيبه بخطى جريئة ودخل السراي غير عابئ بالحراس من رجال البوليس حتى وصل دائرة موفي الحاكم الذي حكم عليه بالإعدام من قبل الثورة وأطلق الرصاص على الحاكم الإنجليزي فقتله وقتل معه رئيس حرسه ودارت معركة قصيرة خارج السراي مع القوات الإنجليزية المرابطة في المدينة.
معركة دير غسانة( ): عقد اجتماع في 18/سبتمبر/1938 لسائر قيادات منطقة نابلس في رام الله في قرية دير غسانة الجبلية وذلك لإزالة الخلاف بين القائد العام عبد الرحيم الحاج محمد والقائد عارف عبد الرازق وبعد أن تم الصلح بينهما اتفقا على خطوط الأعمال الحربية الرئيسية تناول الثوار البالغ عددهم مائتين وخمسين مع قادتهم طعام العشاء في القرية شاهد الثوار قوات إنجليزية كبيرة تحاصر القرية وكان عدد القوات تزيد عن ثلاثة آلاف جندي إنجليزي بكامل معداتهم قام الثوار بإطلاق النار على القوات الإنجليزية وتمكنوا من فتح ثغرة في الحصار المفروض عليه وخرجوا من القرية ليتحصنوا بالجبال فالمعركة داخل القرية تعني القضاء على السكان الآمنين من نساء وأطفال وشيوخ فأمرت القيادة الثوار بتوزيع أنفسهم على جهات القرية الأربع واستطاع القائد عبد الرحيم الحاج والقائد عبد الرزاق عارف من الإفلات والانسحاب من الجهة الغربية بدون خسائر بين قواتهما وانسحب القسم الأكبر من الثوار من الجهات الأخرى وبدون خسائر وكانت عمليات الانسحاب تتم أثناء المعارك بينما حاول القائد محمد الصالح أبو خالد الانسحاب من الجهة الشمالية حيث واجهته قوات كبيرة من الأعداء فاصطدم معها في معركة مكشوفة وتمكن مع فصيله من قتل اثني عشر جندياً إنجليزياً وفتح طريق لباقي الثوار واستشهد من الثوار كلٌّ من عبد الرحمن وعبد الله ومحمد وكلهم من قرية سيلة الظهر وحضرت نجدات من القرى العربية واشتبكت مع الجيش الإنجليزي وألحقت خسائر بالقوات الإنجليزية.
استشهاد الشيخ طه الشيخ محمد: بينما كان المجاهد طه الشيخ محمد رئيس فصيل الجزيرة في قريته عصيرة الشمالية مع عدد قليل من الثوار في 28/سبتمبر/1938 جاءت وشاية إلى الإنجليز فترك الإنجليز قوات عسكرية إنجليزية وحاصرت القرية ليلا بقصد أسر الشيخ طه وحسين شحتوت وصل إلي الشيخ طه خبر الحصار فقرر عدم الاستسلام ودارت معركة قتل فيها اثنا عشر جندياً إنجليزياً واستشهد كلٌّ من الشيخ طه محمد وحسين شحتوت.
استشهاد الشيخ عبد الفتاح السبلاوي: كان الشيخ عبد الفتاح السبلاوي قائداً لإحدى مناطق الشمال ثم أصبح قائداً لإحدى مناطق نابلس فقد استلم قيادة نابلس في شهر ديسمبر/1938 وبدأ يتجول في القرى للدعوة للثورة واستطاع أن يجمع حوله عدداً كبيراً من الثوار وعلم الإنجليز بنشاط الشيخ عبد الفتاح فأرسلوا في ليلة 14/نوفمبر/1938 قوات تزيد على ثلاثة آلاف جندي بكامل معداتهم وذلك لمحاصرة قرية بيت فوريك قضاء نابلس علم الشيخ عبد الفتاح السبلاوي بالحصار فأمر الثوار بالاستعداد للقتال واشتبك الثوار مع القوات الإنجليزية واستطاع القائد الشيخ عبد الفتاح والثوار من إنزال خسائر فادحة بين صفوف القوات الإنجليزية التي تفوق قوات الثوار بالعدد والعدة وسقط خلالها الشيخ عبد الفتاح شهيدا وجرح مصطفى الشيخ محمد من قرية عصيرة الشمالية.
استشهاد القائد العام عبد الرحيم الحاج محمد سيف: استعان عبد الرحيم الحاج محمد( ) بالشباب المثقف فكان له عدد من المستشارين المخلصين وعلى رأسهم الشاعر مدير مدرسة النجاح الثانوية في نابلس عبد الرحيم محمود عنبتاوي وأحمد جميل والأستاذ يوسف جابر والمهندس الزراعي فريد طه(اشترك أحد النواب الأردنيين في هذه المعركة مع الإنجليز ضد الثوار وكان يدعى فريد إرشيد) وقد حضر القائد عبد الرحيم من دمشق مع عدد قليل من إخوانه في 26/مارس/1939 كان منهم قائد الفصيل سعيد من بيت إيبا وقائد الفصيل سليمان أبو خليفة مع اثني عشر ثائر وتوقف القائد في قرية صانور قضاء جنين ليأخذ قسطاً من الراحة هو ومن معه ثم يواصلوا السير في اليوم التالي إلى منطقة طولكرم حيث القيادة وحل القائد عبد الرحيم ومعه سعيد ضيوفاً علي المجاهد كامل الحاج حسين أما سليمان أبو خليفة فقد حل ضيفاً على فوزي جرار رئيس فصيل صانور الذي كلف أفراد فصيله بالحراسة فعلمت السلطات الإنجليزية بوجود القائد عبد الرحيم الحاج محمد ومن معه من الثوار في قرية صانور فحاصرت القوات الإنجليزية القرية ليلاً من سائر جهاتها واستطاع قسم من الجنود الإنجليز الدخول إلى القرية دون أن يشعر بهم أحد وعلم فوزي جرار بدخول القوات الإنجليزية فأخبر القائد عبد الرحيم الذي وضع خطة لاجتياز الطوق الذي ضربه الجيش الإنجليزي العدو حول القرية بقوة السلاح فاشتبك الثوار مع الجيش الإنجليزي واستشهد سليمان أبو خليفة في بيت فوزي جرار وحاول القائد عبد الرحيم الحاج محمد ومعه عدد من الثوار اختراق الحصار من جهة الشرق حيث اشتبكوا مع الجيش الإنجليزي ودارت معركة شديدة استشهد فيها عبد الرحيم الحاج محمد ومعه اثنان من الثوار( ).
معركة أم الفحم الثانية: حاصر خمسة آلاف جندي إنجليزي في 25/مايو/1939 قرية أم الفحم ليلاً في أيام الثورة الأخيرة ولما علم الثوار بأمر الحصار حاولوا الانسحاب عند الفجر من الجهة الجنوبية وقد فاجأتهم القوات الإنجليزية فاشتبكوا معها ودارت معركة بين الثوار وبين الجيش الإنجليزي استشهد فيها يوسف الحمدان ومعه ستة وعشرون من الثوار منهم محمد يوسف كرم وأسرت قوات الجيش الإنجليزي الجرحى من الثوار وأعدمتهم فور وصولهم إلى جنين.
علم رئيس فصيل شداد عبد الله الأسعد بواسطة أحد رجال البوليس العرب أن قوات إنجليزية ستحاصر قرية زيت قضاء طولكرم بتاريخ 1/مايو/1939 للقضاء على الثوار في تلك المنطقة فرابط ومعه مجموعة من الثوار وبعض أبناء القرى من رجال النجدات البالغ عددهم الأربعين للجيش الإنجليزي الذي سيقوم بمحاصرة القرية ولما اقتربت قوات الجيش الإنجليزي من مكامن الثوار اشتبكوا معها وتمكنوا من قتل وجرح عشرين جندياً إنجليزياً واستشهد خمسة ثوار من قرية لوبيه هم: أحمد الشهابي قائد فصيل وأحمد قاسم محسن وحسين حسن العائدي.
في اليوم التالي لهذه المعركة الناجحة التي خاضها فصيل شداد قام هذا الفصيل بهجوم على مستعمرة الخضرة ليلاً وقتل يهوديين وجرح أربعة ولم يصب أحد من رجال الفصيل بأذى وأتبع ذلك بهجوم ليلي على ثكنة نور شمس المحتلة فقتل عدد من الإنجليز ولم تقع خسائر بين أفراد الفصيل وهاجم فصيل قلقيلية في صبح 2/يونيو/1939 دورية بوليس مكونة من ثلاثة يهود وخمسة جنود إنجليز قرب سكة الحديد وبعد معركة قصيرة تمكن الثوار من قتل جميع أفراد الدورية والاستيلاء على أسلحتهم) أسقط الثوار في هذه المعركة طائرة حربية وقتل ضابط إنجليزي كبير اسمه باندل وضابطان آخران من ضباطه وعشرين جندي إنجليزي وقتل ستة ثوار) وقام الحاج عبد الفتاح أبو خدرج بصنع عدة عبوات ناسفة وضعت على الطرق التي تمر منها قوافل اليهود والجيش الإنجليزي وانفجر لغم تحت عربة عسكرية إنجليزية في 7/يونيو/1938 قرب رأس عامر وقتل ركابها وانفجر لغم آخر تحت عربة عسكرية في 20/يوليو/1938 قرب قرية بديا قضاء نابلس وقتل ركابها فحضرت تعزيزات عسكرية إنجليزية على أثر الحادث واصطدمت مع الثوار في معركة قادها عبد الرحيم الحاج محمد اشترك في القتال آلاف الجنود الإنجليز ومئات المتطوعين العرب من القرى لنجدة إخوانهم الثوار من سائر منطقة نابلس واستمرت المعركة طوال الليل أسقط الثوار خلالها طائرة حربية.
دارت معركة كبيرة بقيادة عبد الرحيم الحاج محمد في منطقة طولكرم في 27/أغسطس/1938 امتدت حتى قرية عنبتا اشترك فيها عدد من رؤساء الفصائل منهم نجيب عبد الغني من شفا عمرو ورجاله من عنبتا أسقط أثناءها الثوار طائرة حربية للأعداء كما قتلوا عددا كبيرا من الإنجليز واستشهد ثلاثة من الثوار )اشترك في هذه المعركة فصيل كفر قاسم في قيادة علي أبا دير) كذلك أرسل القائد عارف عبد الرازق في 10/يوليو/1938 عددا من إخوانه وضعوا لغما أرضيا بين مدينتي طولكرم ومستعمرة ناثانيا فانفجر اللغم تحت سيارة عسكرية إنجليزية قتل عدد من ركابها منهم ضابط ووضع الثوار في 18/سبتمبر/1938 لغما آخر قرب قرية طاقون بقيادة عبد اللطيف أبو هنطش وقد انفجر اللغم وحطم سيارة عسكرية وقتل عددا من ركابها.
معركة دير بلوط: بينما كان فارس العزوني ورئيس فصيل دير بلوط علي محمود ومعهم نحو ستين ثائراً في قرية بلوط وفي 2/فبراير/1937 شاهد الثوار قوة إنجليزية قادمة من قرية كفر قاسم ومتجهة نحوهم مشياً علي الأقدام وتقدر تلك القوة بمائة وخمسين جندياً فتهيأ الثوار للقتال وما أن وصلت تلك القوة المعادية حتى اشتبكت مع الحراس توزع الثوار على جميع الجبهات التي فتحتها تعزيزات الجيش الإنجليزي واشتركت طائرتان إنجليزيتان في القتال واتسع ميدان المعركة وحضرت نجدات من القرى العربية المجاورة وتم قتل أكثر من خمسة وثلاثين من الإنجليز كان من بينهم أربعة ضباط وإسقاط طائرة بين قريتي: كفر قاسم ودير بلوط واستشهاد ثلاثة من الثوار هم نمر منير ومحمد أبو هادي من عزوني.
احتل فارس العزوني ومعه ثمانية من الثوار في عام 1938 مراكز حراسة مستعمرة ماكدين جنوب غرب قلقيلية وعند وصول الحراس إلي المستعمرة في الصباح فاجأهم الثوار الذين احتلوا مراكز الحراسة بإطلاق النار وإلقاء القنابل اليدوية فقتلوا جميع الحراس اليهود واستولوا على سبع بنادق حربية وفي معركة دارت داخل بيارة عاشور استشهد محمد أبو خديجة واستشهد معه اثنان من المتطوعين السعوديين وقتل في هذه المعركة شاويش إنجليزي وعدد من اليهود.
قامت الفصائل في هذه المنطقة بتخريب الجسور الحديدية والخطوط الحديدية وقلب القطارات عشرات المرات وكبّدت الجيش الإنجليزي خسائر فادحة في الأرواح والأموال طيلة سنوات الثورة الأربع كما أسهمت في الهجوم على المستعمرات اليهودية وقطع الأشجار التابعة لها وقطع أسلاك الهاتف والكهرباء وتخريب الطرقات التي يستفيد منها العدو وقد استشهد في هذه المعارك ثمانية ثوار فلسطينيين وخمسة ثوار من السلط.
قام فصيل طيرة بني صعب بقيادة محمد أبو درية بهجوم ليلي على مستعمرة كوفنش الواقعة غرب قلقيلية واحتلوها وقتلوا اثني عشر يهودياً ودام القتال أربع ساعات وجرح ذياب سلطان فقط وبرزت في هذه المنطقة أسماء عديدة من الثوار نذكر منهم: علي سبيث وعبد عثمان ورشيد أبو نجيم ومحمد درويش الشنطي وإبراهيم راضي وأسعد راضي وذيب قنير عبد الله قنير وأسعد فتوحية ومحمد رشيد أبو حذرج وعشرات غيرهم.
اعتقل يوسف أبو درة في مدينة عمان عاصمة الأردن في 12/أغسطس/1939 أثناء عودته من دمشق إلي فلسطين فسجن بضعة أيام ثم تم تسليمه إلى السلطات الإنجليزية حيث حوكم أمام محكمة عسكرية في مدينة القدس التي أصدرت الحكم بإعدامه ونفذ حكم الإعدام في يوسف أبو درة( ).

الثورة في مناطق القدس والخليل وبيت لحم ورام الله وأريحا( )
كان التنظيم الإداري للثورة في منطقة القدس ورام الله وبيت لحم والخليل وأريحا يشبه إلى حد قريب التنظيم في منطقة الشمال ولواء نابلس ولكن مدينة الخليل كان لها نظامها الخاص المستقل عن القيادة العامة لكنها كانت تعمل ضمن مخطط الثورة وهدفها السياسي وهو منع الهجرة اليهودية والحصول على الاستقلال أما منطقة أريحا حيث يوجد فيها شركة البوتاس اليهودية فكانت فيها أكثر أعمال الثورة مشتركة بين سكان تلك المنطقة وسكان شرق الأردن.
أسماء القادة ورؤساء الفصائل: استلم القيادة العامة للثورة في منطقة القدس القائد عبد القادر الحسيني عام 1938م وقام بإجراء عدة اتصالات مع الثوار داخل مدينة القدس الذين نفذوا عدد من العمليات في جبال القدس وبيت لحم ورام الله وكان الثوار قد وصل إلى سمعهم اسم عبد القادر الحسيني اثر خروجه من المعتقل في شهر سبتمبر/1936م بسبب اشتراكه في معركة الخضر التي جرح فيها ثم أسر وكان أول شاب مثقف ثقافة جامعية يسهم في الثورة والقتال وأخذ اسمه يلمع تدريجياً عندما قام مع ثوار قضاء القدس بهجمات موفقة على الإنجليز واليهود فاجمعوا على مبايعته قائداً عاماً للمنطقة والثوار الذين بايعوه محمد عمر من بيت صفافا وسعيد شقير من بيتونيا وعبد الفتاح محمد المزرعاوي من المزرعة ومحمد خلف من سلواد وإبراهيم خلف من بيت لحم وعيسى رشيد من بيت نويا ومحمد عبد العزيز من سلواد وأحمد جابر من بيت عطاب وجابر أبو طبيخ من خربة اللوز وسعود القسيس من المالحة وأحمد السالم وعيسي أبو قدوم من عرب التعامرة وسالم الشيخ من دورة وحميدان من بيت فجار والحاج حسن عوض من قطاينة وفريد سعيد مزرعاوي من المزرعة وأبو الخير الصاروري والحاج سعيد حرباوي من خشة وجمعة أبو سرحان والحاج محمد الكرد من القدس وفارس العزوني من باب الواد ومحمد مصطفى من عين كارم وإبراهيم أبو دية من صوريف ورشيد أبو هنية من الدوايمة وعبد السلام صبحي من بيت صفافا وعبد الله مشعل من شرقات وعبد الله أبو دية من صوريف والثوار الذين شاركوا في الثورة منذ بدايتها عام 1936 حتى نهايتها عام 1939 ومن مدينة القدس بهجت أبو غريبة وسامي الأنصاري وفوزي نامق القطب وصبحي أبو غربية وداوود العلمي وحمدي الجاعوني وعبد عكة والحاج يوسف الشرفة وعبد القادر فرحات وحافظ بركات وصبحي بركات وحافظ السدر وداوود العنتبلي وعلي مرسوس وعيسي فراح وإسحاق خليف وإبراهيم خليف وخليل محمدية من سعير وداود من عين كارم وخليل الفارمن بيت فجار في منطقة بيت لحم والحاج عارف الجاعوني الذي كان يمد الثوار بالمال والعتاد.
كان لعرب التعامرة دور فعّالٌ في المعركة تألف التنظيم الداخلي لمنطقة القدس من ثلاثة فصائل برئاسة القائد عبد القادر الحسيني من 1938م الفصيل الأول تألف من: فوزي القطب وداوود العلمي وصبحي أبو غربية وآخرين الفصيل الثاني تألف من: بهجت أبو غربية وسامي الأنصاري وأكرم الجاعوني وعبد الشهابي ورفيق خاروف وآخرين الفرقة الثالثة تألفت من: الحاج يوسف الشرفا وعيد عكة وعبد القادر فرحات وحمدي الجاعوني وحافظ بركات وصبحي بركات وداوود العنتبلي وعيسي فراح وعلي مرسي وحافظ السدر وعبد الغني فراج وموسى أبو الحمص ومحمد أبو ناب وهاشم مأمون وكان الضابط العربي جميل العسلي والصحافي رشاد أبو غربية يساعدان على تقديم معلومات عن العدو للثوار.
قام فوزي القطب وصبحي أبو غربية وداود العلمي وإسحاق سلهب بإطلاق النار في 21/أغسطس/1936م على عدد من أساتذة الجامعة العبرية فقتل ستة منهم كما ألقى الثوار قنبلة يدوية على مركز تدريب سري لليهود في القدس فقتل عدد من اليهود يزيد عن اثني عشر وجرح آخرون وألقى الثوار قنبلة على مطعم جمعية الهستدروت أدى إلى إصابة أكثر من عشرة يهود بين قتيل وجريح وكذلك قنبلة أخرى على مدخل سينما زيون أدت إلى إصابة ثلاثة وعشرين يهودياً كما قاموا بإلقاء عدة قنابل في عدة مناسبات مختلفة في شارع بن يهودا أدت إلى إصابة عشرات اليهود وكذلك وإلقاء قنبلتين في حي النجارية أدت إلى قتل وإصابة أكثر من عشرين يهودياً وقنبلة أخرى على باص شركة إيجد اليهودية أدتا إلى إصابة أكثر من واحد وعشرين يهودياً وإلقاء قنبلتين على حي ميشارم اليهودي مع إطلاق الرصاص على تجمعات يهودية أدى إلى قتل وجرح نحو ثلاثين يهودياً وإلقاء قنبلة على حافلة ركاب بين القدس ومستعمرة ميكور حاييم أدى إلى إصابة عدد من الركاب وإلقاء قنبلتين على الحي اليهودي القديم في القدس أدت قتل وجرح أكثر من خمسة عشر يهودياً وإلقاء قنبلتين على شارع الملك جورج أدت إلى قتل خمسة عشر يهودياً وقصف مستعمرة مانتفيوري قتل أربعة يهود عند باب الخليل وستة يهود في حي الشماعة وضابط وعشرة جنود إنجليز في القدس في فترات متقطعة.
أطلق فوزي القطب النار على جندي بريطاني في القدس وقتله وأشعل النار في عدد كبير من مخازن اليهود ومصانعها منها مخازن زلشتاين المشهورة ومطبعة الحكومة في القدس وأربعة متاجر في شارع الملك جورج ومخزني أخشاب في محنة يهودا كان الفصيل الثاني مؤلف في بادئ الأمر من ثائرين ثم التحق أكرم الجاعوني ورفيق الخاروف بهما.
قام هذا الفصيل بأعمال بطولية في مدينة القدس في شهر إبريل/1936م حيث قام بهجت أبو غربية وسامي الأنصاري بإطلاق النار على اليهود أثناء خروجهم من سينما أديون أدى إلى مصرع ثلاث يهود وجرح اثنان منهم وفي 21/مايو/1936م قام بهجت أبو غربية وسامي الأنصاري بقتل ثلاثة جنود إنجليز في مدينة القدس رمياً بالرصاص.
مقتل الضابط البريطاني سيكرست: قتم الضابط البريطاني سيكرست مفتش البوليس في منطقة القدس على أثر قيام الجنود الإنجليز بأعمال وحشية انتقامية أثناء التفتيش واعتقل مئات من الأبرياء أثناء تنقله بين أريحا والقدس بحراسة ثلاثة جنود إنجليز وعند وصوله إلى منعطف قرب باب الساهرة في القدس تقدم سامي الأنصاري إلى السيارة التي كان يستقلها وأطلق الرصاص على سيكرست وحراسه فقتلهم وتدهورت السيارة وأصيب الثائر سامي الأنصاري إصابة أدت إلى استشهاده.
قام بهجت أبو غربية بقتل اثنين من الطيارين الإنجليز عائدين من أريحا في نفس المكان الذي قتل فيه الشهيد سامي الأنصاري في 27/مايو/1936م.
رابط بهجت أبو غربية في 30/مايو/1936م للمندوب السامي أثناء مروره بسيارته بحراسة شديدة فأطلق النار عليه ولكنه أخطأه.
هاجم فصيل من الثوار العاملين خارج مدينة القدس في 15/نوفمبر/1937م مراكز الحكومة المدنية والأحياء اليهودية فقتل عشرة من الإنجليز واليهود واستشهد أربعة من الثوار وجرى اشتباك بين العمال العرب واليهود في القدس في 23/مايو/1938م أدى إلى قتل عدد من اليهود واستشهد ثائر وجرح ثلاث آخرون.
من أهم الأعمال التي قامت بها الفصائل قتل تسعة يهود وحراسهم من الجنود الإنجليز وقتل يهوديين في الحي اليهودي في القدس القديمة وقتل عشرات من اليهود وعشرات من الجنود الإنجليز بحالات متفرقة طيلة أيام الثورة وتحرير مدينة القدس القديمة وإقامة الصلاة في المسجد الأقصى المبارك باسم الثورة وحمل السلاح علناً في شوارع القدس والسيطرة التامة على القدس القديمة لمدة تسعة أيام وقتل عشرات من الخونة التي حكمت عليهم محاكم الثورة بالإعدام.
اشترك الثوار في القتال خارج القدس في معارك باب الواد وطريق بيت لحم حيث أن السلطات الإنجليزية كانت تقبض على من تشتبه به فكان كل من يشتبه به يترك القدس وينضم إلى الثوار في الجبال.
أطلق فصيل بهجت أبو غربية في 14/أغسطس/1938م النار على سيارة المندوب السامي للمرة الثانية في مدينة القدس وجرت معركة حامية بين حراس المندوب وبين الثوار قتل فيها عددٌ من حرس المندوب بينما نجا المندوب السامي من الموت.
قام فصيل من الثوار في 3/يناير/1938م من سكان قرى باب الواد بإطلاق النار على حافلة ركاب يهودية في طريقها من تل أبيب إلى القدس فقتل ثلاثة من ركابه وقتل أحد الثوار في 28/يناير/1938م جاسوساً يهودياً في رام الله وهاجم القائد عبد القادر الحسيني ومعه نحو خمسة وأربعين ثائراً في 6/فبراير/1938م مستعمرة رامات رحيل جنوب القدس وتمكنوا من قتل عدد من الحراس وعدد من سكان المستعمرة.
قام عدد من اليهود في 22/8/1938 بمحاولة لنسف من اليهود في 12/أغسطس/1938م لنسف محطة إذاعة رام الله بإلقاء ثلاث قنابل على أجهزة الإرسال فتعطلت بعض الأجهزة واستمرت الإذاعة في إرسالها وقد وجرت معركة قرب رام الله في 2/أكتوبر/1938م عندما كان ستة من الثوار من منهم محمد قسيس وسليمان عوامة متجهين من قرية البيرة إلى قرية بئر الزيت صادفوا بطريقهم عدداً من الجنود الإنجليز فأطلقوا النار على ما يقرب من خمسة وعشرين جندياً إنجليزياً وقتلوا وجرحوا أكثر من ستة جنود من الإنجليز واستشهد رشيد أبو هنية من قرية الدوايمة.
هاجم فصيل من الثوار في 25/مايو/1938م سيارة بوليس الإنجليز عند زقاق الهيش قرب مدينة الخليل وقد قتل ثلاث من أفراده وقام فصيل بيت نوبا وفصيل بيت محير من قري باب الواد بالهجوم على حافلة يهودية كانت قادمة من يافا إلى القدس بباب الواد وقد تمكن الثوار من قتل ثلاثة من ركاب السيارة.
قام فصيل جابر أبو طبيخ من قرية اللوز في 14/يونيو/1936م بالهجوم على قطار عسكري يحمل بضائع وعتاد بين القدس ويافا في منطقة باب الواد وتمكن الثوار من تخريب القطار بشكل فني مما أدى إلى خروجه عن السكة وتدهوره إلى وادي إسماعيل.
معارك جنوب القدس: قام عبد القادر الحسيني 21-22/مايو/1938م وثمانون ثائراً بهجوم على مستعمرة بيت فيفان الواقعة على بعد اثنين كيلو متر جنوب مدينة القدس وتمكنوا من قتل ثلاثة من أفراد البوليس اليهودي وخمسة من العمال اليهود الذين يعملون في كسارة حجارة وقتل عدداً من سكان المستعمرة وقد قامت قوات إنجليزية يزيد عددها على ثلاثة آلاف جندي في 23-24/مايو/1938م بتطويق قرى حوسان وبتير ووادي فوكين الواقعة جنوب القدس.
كان القائد عبد القادر الحسيني والثوار في قرية بتير فبلغهم من رجال مخابراتهم عملية التطويق قبل حلول الفجر فسارع مع الثوار إلى جبل وعر يقع بين حوسان وبتير وكمنوا فيه وعندما مرت القوات الإنجليزية بالقرب من كمين الثوار انهالوا عليهم بالرصاص وكانت خسائر الجيش الإنجليزي أكثر من عشرين قتيلاً وطلبت القوات الإنجليزية تعزيزات فوصلت سبع طائرات معززة بقوات عسكرية كبيرة.
وصلت نجدات للثوار من سكان القرى المجاورة وجرت معارك امتدت على طول أكثر من اثني عشر كيلو متراً جنوب مدينة القدس في قرى حوسان وبتير ووادي فوكين ودير ياسين وقد بلغت خسائر الإنجليز أكثر من أربعين قتيلاً وسقوط طائرة في حوسان كما أصيبت طائرة ثانية بعطب واستشهد من الثوار ثلاثة.
أمر عبد القادر الحسيني رؤساء فصائل المنطقة بالقيام بهجوم عام على مستعمرات القدس اليهودية حتى لا يعتقد الإنجليز أن عملية التطويق التي قاموا بها كانت ناجحة وجرى الهجوم في 27/مايو/1938م على سائر مستعمرات القدس قتل فيه عشرات من اليهود.
معركة وادي المالحة: رابط فصيل سعود القسيس مع أكثر من عشرين ثائراً من قرية المالحة, غرف منهم صالح قسيس وعبد الله مشعل وعبد السلام صبحي للدوريات الإنجليزية الراجلة في شارع القدس-بتير وعندما وصلت الدورية الإنجليزية الراجلة إلى مكمن الثوار داخل استحكامات الأتراك القديمة أطلق الثوار عليها النار بغزارة مما أدى إلى مقتل عدد من أفرادها فطلبت الدورية تعزيزات سريعة من الجيش الإنجليزي في القدس كما رابط الثوار وعددهم خمسة عشر وعلى رأسهم عبد السلام صبحي وعبد الله مشعل للتعزيزات الإنجليزية القادمة من القدس واشتبكوا معها وكبدوها خسائر في الأرواح قبل وصولها إلى مكان المعركة.
معركة الدهيشة: قام ثوار منطقة بيت لحم في 18/أغسطس/1939م بالهجوم على مركز بوليس الدهيشة بين الخليل وبيت لحم وتمكنوا من الاستيلاء على أسلحة من المركز وهاجموا دورية من البوليس الإنجليزي وصلت وقتلوا عدداً من البوليس الإنجليزي ومن أهم العمليات التي قام بها الثوار إتلاف خطوط البرق والهاتف ونسف ممتلكات الحكومة وممتلكات اليهود وتهديمها كما شارك أفراد الشعب الفلسطيني مع الثوار بعمليات متنوعة فقد قام فريد سعيد مزرعاوي في 20/مايو/1938م بالمرابطة على طريق القدس – يافا في باب الواد بمهاجمة سيارة تحمل احد عشر جندياً إنجليزياً وقتلهم جميعاً واستولى على كل ما في السيارة من أسلحة قبل حرقها بعد ابتداء الثورة ذهب فريد المزرعاوي إلى قضاء رام الله حيث مسقط رأسه وأسس فصيلاً من قريته المزرعة الشرقية واستشهد في عام 1942م أثناء العمليات ضد الجيش الإنجليزي واستشهد إلياس شختور من أهالي مدينة بيت لحم عندما قام بإطلاق النار على أحد ضباط البوليس الإنجليزي وقتله( ).
منطقة الخليل وبيت لحم: كانت مدينة الخليل أول مدينة عربية حررت أرضها من اليهود بعد مذبحة البراق عام 1929م حيث هاجم أفراد الشعب هناك الحي اليهودي وقتلوا مئات اليهود ومنعوهم من دخول المدينة حتى لمجرد الزيارة وكانت مدينة الخليل من بين البلدان التي سارعت إلى الإضراب العام في 19/إبريل/1936م.
أسهمت مدينة بيت لحم في الإضراب منذ البداية وشاركت في أعمال الثورة كان إبراهيم خليف أول مؤسس فصائل ثورية تعمل في الجبال المجاورة يساعده في ذلك عيسى أبو قدوم من عرب التعامرة وكانت أول أعمالهم إلقاء قنابل يدوية على مركز بوليس بيت لحم في 29/مايو/1936م تلا ذلك ظهور فصائل الثوار في الجبال وقد قام الثوار في 4/يونيو/1936م بنسف جسر بين القدس وبيت لحم وهاجم الثوار في 6/يونيو/1936م لأول مرة قافلة يهودية على طريق القدس الخليل قرب بيت لحم وقتلوا سبعة منهم قام الثوار بقيادة إبراهيم خليف في 1/يونيو/1936م بالهجوم على قافلة عسكرية بين القدس والخليل قرب بيت لحم وقتلوا عدداً من أفراد الجيش وفي اليوم التالي اعتقلت السلطات عبد القادر الحسيني القائد السري للثوار في منطقة القدس ونُفي إلى معسكر صرفند.
معركة حلحول الأولى: المعروف أن سعيد العاص من قادة الثورة السورية عام 1925م من مدينة حماة جاء إلى فلسطين مع عدد من إخوانه المغاربة الذي اشتركوا في الثورة السورية في الأسبوع الأول من أغسطس/1936م اختار لنفسه منطقة جنوب القدس وبدأ في الاتصال مع الثوار في القرى المجاورة هناك لتجنيد عدد من المتطوعين للثورة وكان يساعده في الإعداد القائد عبد القادر الحسيني بعد أن أُطلق سراحه من معتقل صرفند فاستجاب له مئات من سكان منطقة القدس ومنطقة بيت لحم والخليل وبعد أن تمكن من جمع مائتين وخمسين ثائراً قرر القيام بهجوم شامل على القوافل العسكرية الإنجليزية التي تمر في المنطقة.
اختار جبال قرية حلحول القريبة من طريق بيت لحم مركزاً لتهيئة الهجوم ولما رأى أن الهجوم في النهار سبب من أسباب رفع المعنويات في نفوس السكان هناك جعل الهجوم في وضح النهار كي يتمكن أيضاً من قتل أكبر عدد ممكن من الإنجليز وابتدأت عملية الهجوم على النحو التالي: قسّم الثائر سعيد العاص الثوار إلى ثلاثة أقسام جعل القسم الأول والأكبر مرابطاً في جبال حلحول بعد أن أغلق الشارع العام بالحجارة الكبيرة وجعل القسم الثاني يرابط إلى الشمال بقيادة إبراهيم خليف والقسم الثالث يرابط إلى الجنوب بقيادة سالم الشيخ وذلك لمنع وصول أي تعزيزات معادية إلى ميدان المعركة وصلت قافلة عسكرية في 24/سبتمبر/1936م من الخليل ووجدت الطريق مسدوداً بالحجارة فنزل بعض الجنود لفتحها فانهال الثوار المرابطون على قرب من الطريق بوابل من الرصاص فقتلوا عدداً كبيراً منهم وقد سارع قائد القافلة الإنجليزية بطلب تعزيزات فحضرت تعزيزات عسكرية ما يقارب ألف وخمسمائة جندي إنجليزي ولم تتمكن القوات الإنجليزية من الوصول إلى ساحة المعركة حيث تصدى لها الثوار المرابطون وكان من نتائج المعركة قتل أكثر من أربعين جندياً إنجليزياً والاستيلاء على كمية من الأسلحة وقد استشهد ثلاثة من الثوار( ).
معركة الخضر: حاول الجيش الإنجليزي الانتقام لفشله في معركة حلحول فجمعوا ما يزيد عن ثلاثة آلاف جندي وقاموا بعملية تطويق واسعة النطاق بين القدس والخليل في 6/أكتوبر/1936م وكان القائد سعيد العاص على علم بعملية التطويق وهو في مكمنه في الجبال فطلب من إخوانه الذهاب إلى قراهم وبقي معه خمسة وعشرون ثائراً من بينهم عبد القادر الحسيني وجرت معركة شديدة في جبال الخضر بين عدد قليل من الثوار وآلاف من الجنود الإنجليز واستمر القتال عدة ساعات قُتل بعض الثوار من بينهم القائد سعيد العاص وجرح مساعده عبد القادر الحسيني وأسر وهو جريح وقد هرب من مستشفى السجن.
مقتل عيسى البطاط: بدأ العمل في منطقة الخليل في عام 1937م وقام الثائر عيسي البطاط وعدد من سكان منطقة بيت جبرين وقضاء الخليل بعمليات من أهمها تقطيع أسلاك الهاتف والاستيلاء على ممتلكات الإنجليز واليهود ولم يكن على اتصال مع قادة الثورة في تلك المنطقة وكان أول عمل بارز قام به عيسى البطاط هو قتله لمدير الآثار الإنجليزي ستاركي قرب بيت جبرين في 10/يناير/1938م فشرعت القوات الإنجليزية بتفتيش تلك المنطقة بحثاً عن الثوار والسلاح وقد اشتبكت القوات الإنجليزية مع الثوار في جبال بيت جبرين تم فيها قتل عدد من الإنجليز في حين انتقل عيسى البطاط إلى جهة أخرى وقد صدر بلاغ حكومي مفاده أن عيسى البطاط قُتل في 14/مايو/1938م بعد أن قتل ومن معه من الثوار اثنين من أفراد البوليس اليهودي قرب الظاهرية حيث قامت مجموعة عميلة باغتيال قائد الثوار عيسى البطاط من الظاهرية بعد أن أعيا الإنجليز واليهود وشهد له العدو والصديق بالشجاعة والبطولة وقد قتل غدراً في قرية جبرين على يد عبد كردوش أحد الخونة حيث نصب كميناً له وصفاه ثم نقلت جثته لإخفاء الحادث.
مذبحة مدينة حلحول: حضر اللورد دوجلاس سنة 1939م إلى مدينة حلحول على رأس قوة عسكرية إنجليزية وجمع أهلها في ساحة البلدة وأحاط المكان بأسلاك شائكة ومكهربة تحت أشعة الشمس الحارقة دون طعام أو شراب وتركهم يموتون جوعاً وعطشاً وكان من يستشهد منهم يترك بين المعتقلين حتى يتعفن وبلغ عدد الشهداء سبعة عشر شهيداً قضى معظمهم عطشاً وكانت أول مذبحة بدم بارد تقوم بها السلطات الانتداب الإنجليزية للقضاء على روح الثورة في الشعب الفلسطيني( ).

المعارك في منطقة الخليل( )
اندلعت الثورة من جديد في شهر سبتمبر/1937م شعر أهالي مدينة الخليل بأن عليهم مسئوليات وواجبات للإسهام على نطاق واسع في المعركة القائمة لتحرير فلسطين.
كان على رأسهم عبد الحليم الجولاني فألفوا قيادة تجمع كلمتهم ويأتمرون بأمرها فاجتمع الثوار ومنهم: عبد الحليم الجولاني وسعيد عبده وشكري زيتون وعيد شاكر جنيد والحاج ناجي وهاشم الدويك ومحمد إسماعيل مرعى ومحمد إسماعيل منصور وعبد الرزاق الجولاني ويونس الجولاني وعبد الأشهب ويوسف جنيد وعبد الله سليم من الخليل وصبحي أبو غربية من القدس وعدد آخر من الثوار لتأسيس الثورة ولم يكن الثوار أي اتصال مع اللجنة العربية العليا لفلسطين أو القيادات الأخرى.
عندما أتم عبد الحليم الجولاني تأسيس فصيل من سكان مدينة الخليل شرع في الاتصال مع قرى القضاء لتوحيد القوى ضد الاحتلال الإنجليزي فاستجاب سكان القرى لدعوته وتطوع عشرات منهم في الثورة بينما استعد المئات من الفلاحين لنجدة الثوار في حالة وقوع أي خطر أو تطويق وكانت العقبة التي واجهت عبد الحليم الجولاني هي الحصول على الأسلحة فقرر أن يشتري كل ثائر بندقيته من ماله الخاص حتى يتسنى لهم مجابهة قوات الجيش الإنجليزي للاستيلاء على أسلحته وبدأ عبد الحليم الجولاني هو وفصيله العمل.
قامت دورية من قوات الانتداب الإنجليزي مؤلفة من خمسة وثلاثين بوليساً عربياً وشاويشاً إنجليزياً في 25/مايو/1938م بالبحث عن الثوار في منطقة الخليل ورابط الثوار بقيادة عبد الحليم الجولاني في خربة حاكورة إلى الغرب من مدينة الخليل وبمجرد أن وصلت الدورية إلى كمائن الثوار أشهروا عليها أسلحتهم وطلبوا من أفرادها التسليم أو الموت السريع فاستجاب أفراد القوة العرب لكن الشاويش طلب منهم المقاومة إلا أنهم لم يكترثوا بما طلب وقد تقدم منه شاب عربي وقتله وغنم الثوار ستاً وثلاثين بندقية وعدداً من القنابل والذخيرة وبعد هذه الحادثة ازداد عدد فصيل عبد الحليم الجولاني خمسة وسبعين ثائراً.
تحرير مدينة بئر السبع: كانت الأسلحة التي بأيدي الثوار قليلة وقديمة ففي 9/سبتمبر/1938 لذا أصدر القائد عبد الحليم الجولاني أربع سيارات شحن من قضاء الخليل ركب في كل واحدة منها فصيل يتكون من أكثر من خمسة عشر ثائراً وذهبوا إلى مدينة بئر السبع بقصد تحرير المدينة والاستيلاء على أسلحة الجيش هناك وعند الظهر تمت عملية التطويق لجميع جهات البلدة وتمكن فصيل القيادة من دخول مخازن السلاح والاستيلاء على أكثر من ستمائة قطعة سلاح أكثرها من البنادق ومنها رشاشات ومسدسات ومدافع جبلية وقنابل يدوية وكميات أخرى من الذخائر وقد اشترك عدد من الثوار من منطقة غزة وبئر السبع في هذا الهجوم الذي قُتل فيه خمسة جنود إنجليز.
تحرير مدينة الخليل: بعد أن استطاع عبد الحليم الجولاني تأمين السلاح والذخائر الكافية للثوار قام بجولة عامة على معظم القرى ودعا الثوار للاستعداد لمعارك مقبلة كبيرة وكان هدفه تحرير الخليل وتطهيرها من الاحتلال فسارع الثوار وانضموا بأسلحتهم تحت قيادة عبد الحليم الجولاني وقد بلغوا مائة وعشرين ثائراً فعُقد اجتماع في وادي بيت عانون حيث قرر تحرير مدينة الخليل.
نفذت الخطة على النحو التالي في 22/نوفمبر/1938م: رابط فصيل شكري زيتون على طريق القدس – الخليل وسد الطريق بالحجارة في موقع عين سارة على بعد كيلو مترين من الخليل وذلك لمنع وصول أي تعزيزات إنجليزية أثناء المعركة ورابط فصيل محمد إسماعيل الوعر من حلحول على طريق الخليل – بيت جبرين في موقع وادي القف لمنع وصول نجدات إنجليزية من غزة ورابط فصيل يوسف جنيد من الخليل على طريق الخليل – بئر السبع قرب وادي المغير لمنع وصول أي تعزيزات إنجليزية من الخليل.
تقدم فصيل عبد شاكر جنيد واحتل دائرة البريد وباب الزاوية دون قتال ثم تقدم فصيل سعيد عبده نائب القائد نحو مركز البوليس وبنك باركلس فوجدوا في طريقهم مصفحة تقل خمسة من البوليس الإنجليزي تحرس بنك باركلس ولكن هؤلاء بوغتوا بإطلاق النار عليهم من الثوار وقتلوا جميعاً وأحرق الثوار المصفحة بعد أن غنموا أسلحة الحراس ثم زحف الثوار إلى داخل البنك ولما عجزوا عن فتح الخزانة الحديدية للأموال أشعلوا النار في البنك وغادروه بسلام.
احتلوا مركز البوليس سلمياً إذ أن بوليس المركز كانوا من العرب وقد استولى الثوار على خمسٍ وعشرين بندقية وعدد من المسدسات وكمية من الذخائر أما فصيل القيادة بقيادة عبد الحليم الجولاني فقد كان يتجول أثناء عملية الاحتلال داخل شوارع المدينة لتقوية الروح المعنوية لدى سكان البلدة ثم انسحب الثوار إلى موقع شُعب الملح الواقع غربي الخليل حيث الأحراش والأشجار الكثيفة وقد اتخذ عبد الحليم الجولاني هذا الموقع المركز الدائم للقيادة.
معركة جورة بحلص الكبرى بين الخليل وحلحول( ): بعد نجاح معركة تحرير مدينة الخليل والاستيلاء على أسلحة وافرة من بئر السبع اجتمعت قيادة الثورة في شُعب الملح وقررت القيام بهجوم شامل على منطقة الخليل.
تطوع لهذا الهجوم ما يقرب من مائتي ثائر من القرى المجاورة بالإضافة إلى الثوار الدائمين الذين يزيد عددهم على خمسين ثائراً وتوزع الثوار بين مدينة الخليل وقرية حلحول بشكل عسكري منظم على مساحة ثلاثة كيلو مترات مربعاً وقد سد الثوار الطريق في موقع جورة بحلص بالحجارة وفي 11/أكتوبر/1938م وصلت قافلة عسكرية إنجليزية من الخليل مكونة من ثلاث مدرعات وخمس سيارات نقل جنود مكشوفة وقبل حلحول وجدت الطريق مسدودة بالحجارة.
نزل عدد من الجنود لإزالة الحجارة وما أن استقروا على الأرض حتى انهال عليهم رصاص فصيل القيادة فتعطلت جميع السيارات واشترك في القتال عدة فصائل بينما بقيت الفصائل الأخرى مرابطة في الشمال والجنوب لمنع وصول تعزيزات القوات الإنجليزية إلى ساحة المعركة.
تمكن الثوار من قتل جميع جنود القافلة العسكرية والبالغ عددهم خمسة وسبعين جندياً والاستيلاء على الأسلحة وإحراق السيارات والمدرعات وأثناء المعركة حلقت خمس طائرات على أرض المعركة وأخذت تلقي قنابلها وتطلق رصاص رشاشاتها على مواقع الثوار وأصدر عبد الحليم الجولاني أوامره بالانسحاب بشكل منظم وأخذت الطائرات تحلق قريباً من الأرض لتتمكن من تسديد الإصابة للثوار ولكنها تعرضت لرصاص الثوار.
أسقطت طائرة على الطريق في جورة بحلص قرب بئر ماء وسقطت أخرى قرب رميدي وقتل طيارها وتمكن الثاني من الفرار إلى الخليل واختفى عند عائلة التكروري ثم سلم نفسه للثورة وسقطت طائرة ثالثة بين قرية بيت جبرين وخربة أم برج وبلغت خسائر العدو خمس وسبعين قتيلاً وثلاث طائرات مع طياريها واستشهاد كلٌ من: عبد شاكر جنيد رئيس فصيل وهو من أهالي الخليل وعبد الأشهب وهاشم الدويك من الخليل واستشهد ثائران من سكان قرى القضاء وجرح ثلاثة ثوار بجراح طفيفة وانسحب الثوار إلى أماكن متفرقة وتعتبر معركة جورة بحلص من أنجح المعارك الحربية التي جرت على أرض فلسطين.
معركة خربة بيت خيران: بعد مضى أسبوع على معركة جورة بحلص اجتمعت قيادة الثورة وقررت القيام بهجوم جديد على الإنجليز في موقع خربة بيت خيران بين بيت لحم والخليل.
أرسلت القيادة بعض الرسل إلى القرى المجاورة لإحضار النجدات والاشتراك في الهجوم المقرر فحضر الكثير من أهالي القرى.
تمكن الثوار من رصد قوة إنجليزية متوجهة من القدس إلى بئر السبع فرابط فصيل من الثوار في خربة بيت خيران على طريق الخليل حيث سد الثوار الطريق هناك بالحجارة وتركزت فصائل أخرى في أماكن بعيدة عن أرض المعركة لمنع وصول نجدات إلى العدو ولما وصلت من القدس قوة إنجليزية عسكرية مؤلفة من عشرين سيارة نقل جنود مكشوفة وعشر دبابات وعشر مدرعات في حين يركب قائد القوة في سيارة صغيرة بين الدبابات والمدرعات ولم يكن عدد الثوار المرابطين في الموقع أكثر من مئة ثائر لاعتقاد القائد عبد الحليم الجولاني أن القافلة الإنجليزية لا تحتاج إلى سائر قوى الثوار.
عند وصول القوات الإنجليزية إلى مكان المعركة وجدوا الطريق مسدودة ولم تمض برهة إلا وقد انهمر الرصاص عليهم من كل جانب وقد كانت سيارة قائد القافلة التي شوهد بها عدد من الضباط الآخرين هدفاً للرصاص أكثر من غيرها فقتل في الهجوم الأول عدد من الإنجليز وطلبت القافلة تعزيزات إنجليزية فسارعت عشر طائرات إلى ميدان القتال ولم تجرؤ على الانخفاض خوف إصابتها كما أصيب غيرها في المعركة السابقة ووصلت قوات كبيرة من الجيش الإنجليزي من القدس وجرت معارك عنيفة على طول خمسة عشر كيلو متراً حاول فيها الإنجليز تطويق الثوار إلا أن وصول عبد الحليم الجولاني ومساعده سعيد عبده على رأس قوة مكونة من مائة ثائر ورجال من قرى منطقة بيت لحم والقدس والخليل أحبطت خطة الإنجليز.
خسر الإنجليز أكثر من ثمانين جندياً منهم القائد واثنان من كبار ضباطه وسائق سيارته, وحرقت خمس دبابات وتم الاستيلاء على كمية من الأسلحة واستشهد ثمانية من الثوار منهم رباح البكري وعيد الجعبري من الخليل وستة من سكان القرى.
في ذلك الوقت جرت معركة أخرى بين مدينة بيت لحم وقرية الخضر بقيادة الثائر إبراهيم خليف ومعه عدد من عرب التعامرة قُتل فيها عشرات من الإنجليز واستشهد ثلاثة من الثوار ومتطوعان اثنان من قرية بيت فجار وفي اليوم التالي لهذه المعارك وصلت قوات إنجليزية كبيرة لاحتلال الخليل وقرية حلحول واعتقلوا المئات وأقدموا على شتى أنواع التخريب والتعذيب.
قام الثوار بالهجوم في منطقة الحاووظ بين مدينة الخليل وقرية دورة الواقعة على طريق بئر السبع في 11/سبتمبر/1938م على دورية للجيش الإنجليزي يسير معها فخري النشاشيبي الذي كان يعمل للدعاية ضد الثورة.
وضع الثائر الحاج رمضان في أول عام 1939م من قرية النعامة عبوة في شارع الخليل بئر السبع قرب قرية دورة ورابط مع خمسة من الثوار على مقربة من العبوة لمنع السيارات العربية من المرور على تلك الطريق وما أن وصلت خمس سيارات مصفحة إنجليزية من الشمال حتى انفجرت العبوة وتحطمت أولى المصفحات تحطماً كاملاً وقُتل جميع ركابها واصطدمت بها المصفحة الثانية وكانت على مسافة قريبة منها وتدهورت وأصيب عدد من ركابها بجراح.
أيقن عبد الحليم الجولاني أنه بعد انفجار العبوة لا بد من حضور القوات البريطانية إلى مكان الحادث فرابط مع الثوار على الطريق قرب خربة قلقس وصلت قافلة عسكرية إنجليزية من بئر السبع مكونة من أربع سيارات محملة بالجنود وأربع مدرعات وعندما اقتربت القافلة من مكمن الثوار تعرضت لرصاص واستمرت المعركة حيث قتل فيها أحد عشر جندياً إنجليزياً وجرح عدد مماثل وتعطلت ثلاث سيارات.
في اليوم التالي أصدر القائد الجولاني منشوراً يحمل توقيع مساعده سعيد عبده عن المعركة وخسائر الإنجليز فقامت قائمة سلطات الانتداب وحضر القائد الإنجليزي إلى الخليل لنسف منزل الثائر سعيد عبده ولكن الخبراء أكدوا أن عملية النسف ستؤدي إلى تخريب حرم سيدنا إبراهيم الخليل التاريخي وسيؤدي هذا العمل بدوره إلى سخط سائر الجهات الإسلامية والأثرية في العالم وبهذا مُنع النسف فسلب الجيش محتويات البيت وبعد ذلك قام عبد الحليم الجولاني والثوار بعمليات حربية في منطقة السبع بقطع أسلاك الهاتف وتخريب الطرق ونسف الجسور) لجأ عبد الحليم الجولاني وسعيد عبده إلى مصر بعد الثورة ثم عادوا بعد نهاية الحرب)
معركة بني نعيم الكبرى: (كان اجتماع الثوار في بني نعيم بقصد إجراء صلح بين القائد عبد الحليم الجولاني والقائد سالم الشيخ) تحركت قوات إنجليزية كبيرة في ليلة 6/يناير/1939م تقدر بخمسة آلاف جندي مدعومة بالآليات المدرعة لتطويق القرى والجبال الواقعة جنوب مدينة القدس بين بيت لحم والخليل للقضاء على الثورة وكان القائد عبد القادر الحسيني أثناء ذلك مرابطاً مع خمسة وسبعين ثائراً في جبال بني نعيم.
شاهد القوات الإنجليزية تتدفق فأصدر الأوامر إلى الثوار لملاقاة العدو ووزعهم في أماكن متفرقة لإيهام العدو بأن عدد الثوار كبير وفي الصباح كانت طائرات العدو تبحث عن مكامن الثوار وعندما اقترب الإنجليز من مكامن الثوار انهال عليهم الرصاص من كل جانب وقد وصلت خلال المعركة تعزيزات عسكرية إنجليزية من القدس والخليل فهبت نجدات عربية من سائر قرى القدس وبيت لحم وجاء القائد عبد الحليم الجولاني مع أكثر من مائة من الثوار من جنوب الخليل.
تمكن الثوار من قتل وجرح خمس وسبعين جندياً إنجليزياً وإسقاط طائرة حربية واستشهد اثنا عشر من الثوار منهم علي الحسيني وإبراهيم خليف قائد فصيل بيت لحم وعيسى أبو قدوم قائد فصيل عرب التعامرة وعبد الله مشعل من شرقات وجرح ثمانية ثوار منهم عبد القادر الحسيني وصبحي أبو غربية ومحمود جاد الله وخمسة آخرون وقد تمكن الثوار من حمل جرحاهم من ميدان القتال حيث أرسلوا إلى دمشق للمعالجة.
معارك باب الواد شمال غربي القدس: تعتبر منطقة باب الواد من أفضل المناطق لحرب العصابات حيث الجبال الشاهقة والأشجار الباسقة والصخور العالية.
بدأ قادة الفصائل: محمد خلف ومحمد عبد العزيز من سلواد ومحمد العمر وأحمد جابر وعيسى رشيد من بيت نوبا وآخرون من رام الله بالعمل.
كانت أول عملية في تلك المنطقة في 25-26/يوليو/1936م حيث رابط الثوار في باب الواد إلى حين وصول قافلة سيارات يهودية محروسة بسيارات الجيش الإنجليزي إلى أقرب مراكز الثوار حيث أطلق الرصاص من كل جانب فقُتل عشرات من ركاب القافلة اليهودية وأصيب البعض بجراح وأثناء محاولة الثوار الانسحاب إلى الجبال بعد نجاح المعركة حلقت طائرة وطلبت تعزيزات من الجيش الإنجليزي من القدس واصطدمت التعزيزات الإنجليزية مع الثوار في معركة قتل نتيجتها عدد من الإنجليز واستشهد تسعة من الثوار منهم رئيس فصيل بيت نوبا عيسى رشيد ومحمد ديب من بيت نوبا.
قام الثوار في منطقة القدس بالهجوم على قوافل السيارات اليهودية في باب الواد في 30/يوليو/1936م وتمكنوا من قلب سيارتين وقتل جميع ركابهما الذين يزيد عددهم على ثلاثين راكباً وقد اشتركت عدة طائرات في القتال الذي استمر طوال اليوم حيث استطاع بعض الثوار الوصول إلى مسافة قريبة من القافلة اليهودية وإلقاء عدد من القنابل عليها وفي 1/أغسطس/1936م وتجددت المعركة حيث وصلت عدة تعزيزات للجيش الإنجليزي ووصلت نجدات للثوار من سائر قرى المنطقة وقد بلغت خسائر العدو ثمانين قتيلاً واستشهاد خمسة ثوار واشترك في القتال محمد خلف ومحمد عبد العزيز وأهالي بيت محبس وبيت نوبا.
جرى هجوم في 9/أغسطس/1936م بقيادة سعيد شقيرة ومحمد الكرد على اليهود في ضواحي القدس حيث اشترك الجيش الإنجليزي في الدفاع عنهم وكانت جبال القدس مسرحاً لمعارك جديدة في 16/أغسطس/1936م إذ رابط عدد من رؤساء فصائل المنطقة منهم: مسعود قسيسي رئيس فصيل المالحة ورئيس فصيل بيت صفافا السيارات الإنجليزية المارة من جنوب القدس وأطلقوا النار عليها بغزارة فأوقفوا عدداً منها عن المسير ووصلت تعزيزات إنجليزية للدفاع عن الدوريات المحاصرة والتي أصيبت بخسائر جسيمة أسفرت عن إصابة عدد من الجنود الإنجليز وجرح اثنين من الثوار.
قامت مظاهرات صاخبة في 6/أكتوبر/1937م في القدس والخليل بعد أن ألغت الحكومة البريطانية المجلس الإسلامي الأعلى واعتقلت عدداً من أفراد اللجنة العربية العليا وأرسلوا إلى المنفى في سيشل احتجاجاً على سوء معاملة الزعماء واحتجت جميع طبقات الشعب بشدة على السياسة البريطانية الجديدة التي ترمي إلى تقسيم فلسطين) أقدم اليهود في 12/أكتوبر/1937م على قتل الشيخ إبراهيم الأنصاري إمام الحرم الشريف)
تحرير مدينة القدس القديمة: اجتمع قادة الثوار العاملين داخل القدس بقيادة بهجت أبو غربية والحاج يوسف الشرفا وفوزي القطب مع قادة الثورة وعلى رأسهم قائد منطقة القدس عارف عبد الرازق وبإرشادات جميل العسلي ودرسوا وضع المقدسات الإسلامية التي دنسها الجيش الإنجليزي ووضعوا خطة لتحرير مدينة القدس القديمة وطرد الإنجليز منها بدأ العاملون في 13/أكتوبر/1938م الإضراب العام داخل الأسوار ومنع التجول بأوامر القيادة العربية هناك.
قامت فصائل الثوار العاملة في القدس جميعاً باحتلال أربعة مراكز بوليس كان يحتلها البوليس العربي بدون قتال واستولوا على جميع الأسلحة وقامت فصائل أخرى بالهجوم على مخفر البراق الشريف وتمكنت من احتلاله بعد قتل أربعة من الجنود الإنجليز والاستيلاء على أسلحتهم.
نفذت الخطة بإتقان ودقة وسرعة وكان لتحرير القدس صفعة قوية وجهت للإنجليز فحاولوا استعادة السيطرة عليها بإرسال تعزيزات عسكرية من خارج مدينة القدس ولكن الثوار خارج المدينة واجهوا هذه التعزيزات ومنعوها من الوصول إلى غايتها.
استمرت المناوشات تسعة أيام والقدس خلالها تحكم من قبل قيادة الثورة مباشرة) كان قاضي الثورة في القدس شكيب القطب) جرت أثناءها معارك عديدة قتل فيها نحو ستين من الإنجليز واستشهد أكثر من أربعين من أفراد الشعب العزل فاضطر الثوار إلى الانسحاب حينما هدد الإنجليز بضرب الأماكن المقدسة التاريخية.
معارك منطقة أريحا والبحر الميت( ): هاجم عشرات الثوار في 20/يوليو/1938م قافلة سيارات شركة البوتاس اليهودية قرب البحر الميت وقتلوا عشرات من اليهود وحرقوا جميع السيارات واستشهد سبعة من الثوار ووقعت هجمات عديدة على العمال اليهود في تلك المنطقة وجرت أعمال التخريب على نطاق واسع في مشروع شركة البوتاس اليهودية وقام الثوار بنسف الجسور وقطع أسلاك البرق والهاتف عدة مرات متتالية.
كان آخر هجوم في 1/أكتوبر/1938م حيث رابط الثوار لقافلة من سيارات شركة البوتاس اليهودية مكونة من ثماني سيارات شحن قرب أريحا وأطلقوا النار عليها تمكنوا من قتل عشرين يهودياً وعدد من الجنود الإنجليز وحرق السيارات وتدميرها.

ثورة يافا والمنطقة الجنوبية من فلسطين
على إثر قيام اليهود بقتل ثلاثة من العرب في تل أبيب أعلنت مدينة يافا الإضراب في 19/إبريل/1936م وقام أهالي محلة أبو كبير وسكان ضواحي المنشية بالهجوم على الأحياء اليهودية وقتل في هذا الهجوم تسعة من اليهود وجرح أحد عشر واستشهد عربيان برصاص البوليس الإنجليزي.
أضربت مدينة يافا في 20/إبريل/1936م وقامت مظاهرات كبيرة في حي المنشية اشترك فيها الآلاف من سكان المدينة اللذين هاجموا الحي اليهودي وقتلوا خمسة وجرحوا ستة وعشرين من اليهود واستشهد برصاص البوليس الإنجليزي اثنان وجرح اثنان وثلاثون من المتظاهرين وأخذت الحوادث تتفاقم يوماً بعد يوم.
تألفت فرق من الكشافة الإسلامية المتجولة وكشافة نادي الشبيبة الأرثوذكسية وكشافة النادي الرياضي الإسلامي لإسعاف الجرحى من العرب) حاول مدير المعارف منع فرق الكشافة من القيام بواجبها الوطني باعتبار أن الكشافة ليست لها أية علاقة بالسياسة) وتم تأليف أول لجنة قومية في 21/إبريل/1936م للإشراف على قيادة الإضراب الشعبي وقد أصدرت اللجنة أول بيان شرحت فيه التطورات السياسية لقضية فلسطين وانحياز حكومة الانتداب لليهود ضد العرب وعدم العدل والإنصاف فيما يتعلق بكل الأعمال الحكومية ودعت هذه اللجنة الشعب الفلسطيني لمواصلة الإضراب إلى أن تجاب مطالبه العادلة وأضربت كافة وسائل النقل في فلسطين في 24/إبريل/1936م وكان لبحارة ميناء يافا مواقف وطنية رائعة في مقاومة الاستعمار والمشاركة في الإضراب وكان من رؤساء البحارة الحاج سعيد المدهون والحاج راغب ناصر والحاج أحمد ياسين كما كان من زعماء يافا الوطنيين عبد الرحمن حماد وعلي الدباغ ومحمد عبد الرحيم ومحمد ياسين.
كان أول شهيد في يافا فؤاد زيدان ومن قادة المظاهرات وعبد الله الناقة والحاج عمر الناقة من محلة أبي كبير ومحمود أبو هيبة وعيسى صندوق الخليلي ومصطفى العزب مختار حي أبي كبير ومن أفراد البوليس العربي الذين ساعدوا الثورة بإخلاص الضابط صلاح الناظر والعريف فخري مرقة الذي اشترك في معارك عديدة وحُكم عليه بالسجن المؤبد ومن أبطال مدينة يافا أحمد أبو حجر وعمر الحلبي وعشرات آخرون.
تفاقمت الأحداث في يافا وامتدت نيران الثورة في كل أنحاء فلسطين العربية وقرر أهالي يافا تأليف الحرس الوطني وأصدرت لجنة الحرس الوطني بياناً إلى الشعب طالبت فيه: باستمرار الإضراب وانخراط الشباب في الجهاد ثم شرحت هذه اللجنة تطورات القضية الفلسطينية.
مظاهرات 15/مايو/1936م: قامت مظاهرات في سائر المدن الفلسطينية يوم 15/مايو/1936 تنفيذاً لإعلان العصيان المدني الذي طالب فيه البيان الذي أصدره مؤتمر اللجان القومية وقامت في مدينة يافا مظاهرات صاخبة رافقها البوليس الإنجليزي منذ البداية خوفاً من الهجوم على تل أبيب وبعد ازدياد أفراد الشعب المشاركين في المظاهرة خشي البوليس الإنجليزي قيام الشعب بهجوم على اليهود فأطلق النار تحذيراً على المتظاهرين فسقط العديد من القتلى والجرحى.
نسف مدينة يافا القديمة( ): اشتبه الجيش الإنجليزي المرابط في ساحة الشهداء بيافا أن عيارات نارية قد أطلقت من داخل يافا القديمة ليلة 31/مايو/1936م فصوب المدافع الرشاشة وأطلق القنابل على السكان وقد ألقت قنبلة على مركز الجيش الإنجليزي قرب البلدة القديمة واتخذت السلطات الإنجليزية تلك القنبلة ذريعة لنسف مدينة يافا القديمة وفوجئ السكان في صباح 16/يونيو/1936م بطائرة حربية تحلق في سماء المدينة على مقربة من أسطح بيوتها وألقت عليهم المنشورات التي تتضمن الإنذار التالي:
"إن الحكومة على وشك البدء في مشروع يرمي إلى توسيع المدينة القديمة في يافا وتحسينها وذلك بشق طريقين يفيدان كلاً من الحي والمدينة وقد تضمن المنشور مطالبة السلطات الإنجليزية الأهالي بالعمل على إخلاء منازلهم وابتدأت عمليات النسف في 18/يونيو/1936م بواسطة فرقة مخصصة بالمواد المتفجرة والآليات وقد بلغ عدد البيوت التي تم نسفها مائتين وعشرين بيتاً كانت تأوي حوالي ستمائة نسمة غدوا مشردين بلا مأوى وتعتبر عملية نسف بيوت مدينة يافا القديمة التاريخية من أفظع الجرائم التي ارتكبتها السلطات الإنجليزية في فلسطين".
عامل الجنود الإنجليز الشعب معاملة قاسية زاد نسف مدينة يافا الشعب عناداً وتصميماً على متابعة النضال وقام بحارة يافا في 20/يونيو/1936م بهجوم على البوليس الإنجليزي بعد تحويل ميناء يافا العربي إلى ميناء تل أبيب اليهودي ووقع صدام مسلح بين الجانبين أسفر عن وقوع عدداً من القتلى والجرحى وكانت حكومة الانتداب قد أججت الإضراب الشعبي الشامل بسب قيامها بالبدء في مشروع تأسيس ميناء مدينة تل أبيب اليهودية الحديثة المجاورة لمدينة يافا لتأمين عمل للعمال اليهود العاطلين على حساب العمال العرب.
هاجم البحارة في 29/يونيو/1936م من على متن قارب بخاري غادر ميناء يافا إلى ساحل تل أبيب وقام بإلقاء القنابل اليدوية على اليهود مما أدى إلى مقتل العديد من اليهود.
هاجم عدد من ثوار يافا في 30/يونيو/1936م عدد من اليهود وألقوا القنابل وأطلقوا العيارات النارية عليهم من مسدساتهم وقتلوا عدداً منهم وبعد الهجوم بساعات قلائل رد اليهود بهجوم على سيارة في ضواحي مدينة يافا المجاورة لمدينة تل أبيب وقتلوا جميع أفرادها ونتيجة لذلك الحادث أطلق ثوار مدينة يافا النار ليلاً في شوارع تل أبيب وقتلوا عدداً من اليهود.
كما قام فصيل من الثوار من قرية بيت دجن في 6/يوليو/1936م بهجوم شديد على الأحياء والنوادي والمقاهي اليهودية ومراكز الحراسة ودوائر البوليس في مدينة تل أبيب قتل خلالها واحد وأربعون يهودياً واستشهد أربعة من الثوار وكذلك هاجم عدد من ثوار أهالي سكنة الجبالية في مدينة يافا في 25/يوليو/1936م مجموعة من اليهود وقتلوهم.
هاجم ثوار من أهل قرية سلمة إحدى ضواحي مدينة يافا في 2/أغسطس/1936م مستعمرة يهودية قريبة من تل أبيب وأوقعوا خسائر في الأرواح بين السكان اليهود.
الحوادث التي وقعت في مدينة يافا 1937م - 1939م( ): أقام اليهود في 6/أكتوبر/1937م حفلة تأبين لحاكم الجليل الإنجليزي أندروز الذي قتل برصاص الثوار في مدينة الناصرة في 26/سبتمبر/1937م وبعد الحفل قام اليهود بمظاهرة معادية للعرب.
رد أهالي مدينة يافا بمظاهرات صاخبة ضد المظاهرات اليهودية كما قتل الثوار في 25/ديسمبر/1937م ضابطاً انجليزياً وجندياً داخل مدينة يافا كما قتل الثوار في 19/يوليو/1938م يهوديين بين يافا وتل أبيب وألقوا قنبلة على شارع روتنبورغ أبيب وقد قتل من جراء ذلك تسعة من اليهود وجرح عدداً آخر.
فجر الثوار قنبلة داخل سيارة يهودية بالقرب من مبنى الصناعات الكيماوية (I.C.I) فقُتل عدد من ركابها.
قام رجال البوليس اليهودي بإلقاء قنبلة في 25/يوليو/1938م في سوق خضار يافا أدى انفجارها إلى إصابة ستة وأربعين شخصاً بين قتيل وجريح وفي اليوم التالي قام الثوار بأعمال انتقامية واسعة النطاق وقتلوا عدداً من يهود يافا وتل أبيب.
جرت مظاهرات عامة في سائر مدن فلسطين في 26/يوليو/1938م احتجاجاً على إلقاء القنبلة من قبل اليهود على سوق الخضار العربي وانتقاماً لشهداء العرب الذين قتلوا في سوق خضار يافا في 2/سبتمبر/1938 زرع الثوار عبوة ناسفة في سوق خضار تل أبيب أدت إلى مقتل عدد كبير من اليهود وفي الوقت نفسه قتل الثوار يهودياً بالرصاص وحرقوا مخازن أخشاب كبيرة في تل أبيب.
تمكن الثوار في 1/نوفمبر/1938م من احتلال مركز بوليس يافا وإحراقه ومن السيطرة على أكثر أحياء المدينة وجرت معارك ضد أفراد الجيش والبوليس الإنجليزي قتل فيها عدد من الإنجليز واستشهد عدد من أبناء مدينة يافا على إثر قيام الجيش الإنجليزي بأعمال تخريبية واسعة وأطلق الثوار في 3/مارس/1939م النار على سيارة يهودية على حدود يافا وتل أبيب فقتل ثلاثة وجرح خمسة من اليهود.

الثورة في منطقة اللد والرملة ولواء غزة
منذ بداية الإضراب العام والمظاهرات أسهمت مدينتا اللد والرملة بدور فعال فكان محمد علي الغصين وأحمد الجمال من الثوار الذين عملوا في مدينة الرملة في حرب العصابات وكانت الأعمال الفدائية في تلك المنطقة أشبه بحرب الثوار حيث إنها مناطق سهلية محاطة بأشجار البرتقال وكانت للقائد حسن سلامة جولات موفقة في منطقة اللد قامت مظاهرة كبيرة في مدينة الرملة في 15/مايو/1936م اشترك فيها المسلمون والمسيحيون تقدمها الهلال والصليب وأذن المؤذنون مرددين الله أكبر-الله أكبر وقرعت أجراس الكنائس حتى وصل الآلاف إلى الدائرة الحكومية مطالبين بتنفيذ مطالب عرب فلسطين العادلة.
قادة الثورة( ): لم تكن في هذه المنطقة قيادات منظمة في بادئ الأمر وكان كل ثائر يقود عدداً من أبناء بلدته وأصدقائه وفي أواخر سنة 1938 شعروا بأهمية تنظيم هذه القيادات فاجتمع رؤساء الفصائل ومنهم السيد أسعد الرنتيسي من يبنا والسيد طه النمر من العباسية وآخرون غادروا إلى قرية قولة بلد الشيخ حسن سلامة وطلبوا منه تسلم القيادة حرصاً على المصلحة العامة فوافق.
قام الشيخ حسن سلامة مع رؤساء الفصائل بجولة في قرى المنطقة الوسطى لدعوتها للمشاركة في الثورة وقد كان مع الشيخ حسن سلامة نمر المصري وحكمت التاجي والدكتور حمدي التاجي وعلي شاهين والشيخ محمد العجل وأسعد ترتير وأمين حسونة.
بدأ الثوار بإطلاق النار في 11/يونيو/1936م ليلاً على الجنود الإنجليز داخل مدينتي اللد والرملة وقتلوا أعداداً منهم وعرف أن الشيخ حسن سلامة هو من قام بالعمل مع عدد من الثوار.
ظهرت جماعة اليد السوداء في منطقة الرملة في 16/يونيو/1936م وقتلت أحد الخونة الذين تعاونوا مع الإنجليزي هاجم عدد من الثوار في 24/يونيو/1936م مطار اللد وأشعلوا فيه النار وألقوا عدداً من القنابل على الإنجليز واليهود أدت إلى قتل ما يزيد على اثني عشر منهم.
قام الثوار بقطع أسلاك الهاتف وتقطيع أشجار البيارات التابعة لليهود وقد شارك بهذا العمل ثوار اللد وقرى المنطقة بقيادة طه النمر وأستشهد ثلاثة من الثوار.
ابتدأت أعمال نسف القطارات وتخريب السكك الحديدية: فقد قام حافظ صقر من ثوار اللد بنسف جسر من جسور سكة الحديد بين يافا واللد في 28/يونيو/1936م وقد استشهد الثائر حافظ صقر في العملية في اليوم التالي قام الثوار بتخريب خطوط السكك الحديدية على مسافة أربعين كيلو متراً وقد قررت القيادة في المنطقة توسيع عمليات تخريب السكة الحديدية التي تعتبر جزءاً هاماً من المعركة لأن القطارات كانت تستعمل لنقل الوحدات العسكرية الإنجليزية والمؤن والذخائر إليهم بالإضافة إلى تنقلات اليهود مما يؤدي إلى شل حركة تنقلات العدو.
كان عدد من الثوار يرابط على جوانب خطوط السكك الحديدية لنسف القطارات وتدمير سائر العربات بإطلاق الرصاص على الركاب من الإنجليز واليهود فقد قام الثوار في 29/يونيو/1936م بتخريب الخط الحديدي بالقرب من مدينة اللد وبعد نجاح العملية وانقلاب العربات انهال رصاص الثوار على الركاب اليهود والحراس الإنجليز وقد قتل ما يزيد على عشرين من الإنجليز واليهود.
نصب الثوار كميناً بين محطة اللد ومحطة كفر جنس وعند وصول القطار إلى الكيلومتر مائة وسبعة فوجئ بإطلاق النار بغرازة مما أرغم السائق على السير بسرعة جنونية وجرى تبادل إطلاق النار مع حراس القطار وعندما وصل القطار إلى ناحية القضيب المنزوع فوق الجسر انقلب في الوادي وقُتل أكثر من عشرين إنجليزياً مع سائق القطار ومعاونه.
عطل الثوار في 9/أغسطس/1936م قضبان السكة الحديدية بين اللد ورأس العين مما أدى إلى تدهور القطار مع عشرين عربة محملة بجنود وعتاد عسكري وقد قتل عشرات الإنجليز في هذه العملية وقد تدهور قطار آخر محمل بالبضائع قرب محطة كفر جنس وتحطمت خمس عشرة عربة منه كما انقلبت في حادثة أخرى قاطرة مع ست عربات بين اللد والسافرية أدت إلى قتل عدد من الجنود الإنجليز وقد انقلب قطار التفتيش العسكري مع عرباته قرب قاقون وخرج قطار بضائع عن الخط بالقرب من رأس العين وتحطمت عرباته الثماني والعشرين واصطدمت بقاطرة بالمحطة وأدى الاصطدام إلى قتل القائد وحارس القطار وزادت الخسائر المادية عن ثلاثين ألفاً من الجنيهات الإسترلينية وقد خرج قطار التفتيش العسكري عن الخط شمال رأس العين وتبعها قطار الركاب فاصطدم بها.
خرجت قاطرتان بين قلقيلية وطولكرم في 3/أغسطس/1936م عن الخط بسبب انفجار لغم تحت القاطرة الأولى وقتل جميع ركابها وانقلبت القاطرة الثانية عن الخط ولقد أدى هذا لخسائر كبيرة في اليهود والإنجليز ووقوع أضرار جسيمة في الخط الحديدي وخرج قطار عن الخط الحديدي محمل بالبضائع في 15/سبتمبر/1936م كان قادماً من مدينة اللد وانقلب معه ستة عشرة عربة كانت تجرها القاطرة مما أدى إلى قُتل ثمانية من الجنود الإنجليز.
قام الثوار في 11/يونيو/1936م بمهاجمة الجنود الإنجليز في اللد والرملة وقتل عدد منهم وقامت قوات من الجيش الإنجليزي بحملة تفتيش واسعة واستعمل الجيش في تطويق للقرى وسائل وحشية فقتل أعداداً كبيرة من الخيول والأغنام والأبقار.
شارك ثوار اللد في نسف القطارات وقد بلغ عدد القطارات التي نسفت في المنطقة أثناء الثورة سبعة وعشرين قطاراً قُتل فيها من الإنجليز واليهود أعداداً كبيرة بالإضافة إلى ذلك الهجوم على الدوريات الإنجليزية واليهودية والمستعمرات اليهودية ومعسكرات الجيش الإنجليزي وقد حكمت السلطات الإنجليزية على واحد وعشرين ثائراً من اللد بالإعدام دفعة واحدة بتهمة قتل شاويش إنجليزي وقد نُفذ الإعدام بأكثرهم ومنهم الشهيد أسعد الترتير وأمين حسونة والشيخ محمد العجل.
كان في قرية صرفند مجموعات من الثوار تعمل بمفردها دون قيادة وهم: علي بدر وإسماعيل سليم وآخرون الذين هاجموا حرس المستعمرات اليهودية الهاجانا في منطقة وادي حنين قضاء الرملة وهاجموا السيارات المصفحة والدبابات مما أثار الرعب في نفوس اليهود وقد استشهد عدد منهم.

الأعمال الحربية في مناطق غزة وبئر السبع وخانيونس ورفح والمجدل
منذ إعلان الإضراب العام في صباح 19/إبريل/1936م شاركت مدن غزة وبئر السبع وخانيونس ورفح والمجدل في الإضراب العام وقامت مظاهرات عديدة احتجاجاً على السياسة الاستعمارية ولم يكن أهالي الجنوب أقل اندفاعاً للثورة على ظلم الإنجليز من إخوانهم في مناطق فلسطين الأخرى.
منذ دخل الإنجليز إلى فلسطين العربية عام 1918م بعد الحرب العالمية الأولى ولواء غزة يقاوم الاستعمار بكل الوسائل كان للعشائر العربية في منطقة بئر السبع مواقف وطنية مشرفة وكان الجهاد في الجنوب عسيراً بسبب عدم وجود أراضي جبلية صالحة لحرب العصابات كأراضي فلسطين الأخرى والمعروف أن أراضي الجنوب نادرة الصخور وسهولها شبه جرداء ما عدا الساحل وكانت أعمال الثورة عبارة عن سلسلة من الأعمال الفدائية الصاعقة تتم بسرعة ثم يختفي الثوار ويعودون إلى منازلهم أو يذهبون إلى جبال بيت جبرين بين مدينتي بئر السبع والخليل.
كان الوقت المناسب لتوجيه الضربات للقوات الإنجليزية قبيل غروب الشمس حتى يسهل الانسحاب بستار الظلام بعد القيام بالعمليات من نسف القطارات والخطوط الحديدية بين مصر وفلسطين وخاصة خط السكة الحديد المستعمل لنقل الوحدات العسكرية القادمة من قاعدة السويس الإنجليزية إلى ميادين القتال في فلسطين والهجوم على معسكرات الجيش الإنجليزي ومراكز البوليس والقوافل والدوريات العسكرية على الطرق والمستعمرات اليهودية الساحلية بين قرية قسطينة وأسدود( ).
التنظيم الإداري للثورة: لم يكن التنظيم الإداري مشابهاً للمناطق الأخرى لعدة أسباب منها:
1- عدم وجود جبال حصينة تمكن أعداد كبيرة من الثوار من البقاء خارج المدن والقرى.
2- بُعد المسافة عن مقر القيادة العامة بدمشق.
3- حدة الخلافات الحزبية.
كانت اللجنة القومية في غزة هي المرجع الوحيد للثورة في بادئ الأمر ولم تكن اللجنة العربية العليا تعرف شيئاً عن أعمال الثورة في الجنوب إلا ما يذكر في الصحف أو يذاع من محطات الإذاعة ولم يكن لهذه المنطقة ممثل في اللجنة العليا وكانت اللجنة القومية مضطرة للإشراف والإنفاق على الثورة.
قد انبثق عن اللجنة القومية لجنة مالية لجمع التبرعات من أفراد الشعب وإنفاقها على حاجات الثورة وأسر الشهداء والفقراء الذين أُنهكوا من الإضراب الطويل من أعضاء اللجنة المالية يوسف الصائغ وعبد الرحمن الخضر من مدينة صفد وكان يعمل مديراً لبنك الأمة العربية في مدينة غزة وانبثق عن اللجنة القومية لجنة تمويل من أعمالها: شراء أسلحة وذخائر من مصر وتقديم مؤن وملابس إلى المحتاجين ورعاية أسر الشهداء ومن أعضائها جعفر فلفل ( كان يشتغل رئيس كتبة دائرة البوليس) ويوسف جابر( من قرية عنبتا قضاء نابلس عمل أستاذاً في غزة) وفائق بسيسو ومحمد أبو رمضان.
أسماء قادة الفصائل: شفيق عرفات مشتهى من غزة يقطن بئر السبع, توفيق حسين مشتهى من غزة يقطن بئر السبع مدحت الوحيدي وعُرف بسهم الموت من غزة وبطرس الصائغ من غزة يقطن بئر السبع وعلي محمد العكشية من غزة وعلى إسماعيل عطا الله من غزة وسعيد محمد أبو جهل من غزة وعُرف في المجدل باسم سعيد أبو عطايا والشيخ إبراهيم الفيومي من غزة وعبد الله أبو ستة من غزة وعيد سليم الأغا من خان يونس وعمران شقورة الملقب بشوشر من المجدل وعبد الله مهنا من المسمية وأسعد عبد الله الرنتيسي من يبنا والشيخ محمد طه النجار من يبنا ومحمد طبيش من حمامة ومحمد عبد القادر أبو العنين من بشيت أما في منطقة بئر السبع فكان كل رئيس عشيرة يقود جماعته أثناء المعارك( ).
كان فصيل قرية حمامة قد قام في 30/أغسطس/1938م بقيادة محمد طبيش ويساعده عمر الفار بزرع لغم بين قرية أسدود وقرية حمامة وانفجر في سيارة بوليس يهودي قتل فيها خمسة من أفراد البوليس.
تقدم سعيد محمد أبو جهل من المجدل في 30/أغسطس/1938م نحو حافلة يهودية وحده وبيده مسدس وكانت الحافلة متوجهة من الجنوب إلى الشمال نحو رخبوت وقتل حارسين يهود وتم الاستيلاء على أسلحتهما.
هاجم فصيل المسمية بقيادة عبد الله مهنا في 13/سبتمبر/1938م الحراس اليهود المكلفين بحراسة عمال الهاتف على بعد كيلو متر إلى الشمال من المسمية فقتل عدد من الحراس والعمال اليهود واستولوا على أسلحتهم وقد حضرت نجدات إنجليزية من الشمال من مستعمرة قطرة وجرى اشتباك بين الطرفين واستشهد يوسف مهنا واثنان من الثوار.
قام فصيل أسعد الرنتيسي من يبنا وفصيل محمد عبد القادر أبو العينين من قرية بشيت ومعه أحمد مصلح كلاب بإعداد كمين على الطريق الواقعة بين رخبوت وغزل قرب قرية المغار في أواخر 1938م لسيارة بوليس يهودي متوجه من الشمال إلى الجنوب وعند وصولها إلى مسافة قصيرة من الثوار أطلقوا عليها النار بغزارة فتعطلت وقتل جميع ركابها وحضرت تعزيزات إنجليزية من الشمال فنزل الجنود الإنجليز من السيارات التي يبلغ عددها خمساً وعشرين سيارة للبحث عن الثوار وعند اقترابهم مسافة قصيرة جداً من الثوار انهالوا عليهم بالرصاص بغزارة فقتل خمسة عشر جندياً بينهم ضابط كبير فطن قائد الفصيل لخطة الإنجليز تطويق الثوار فأمر ثواره بالانسحاب.
هاجم فصيل قرية يبنا مستعمرة رحبوت وحرق مخازن باردس وقتل اثنين من اليهود في وادي حنين وبعد حوالي نحو شهرين من المعركة السابقة قام رئيس فصيل قرية يبنا أسعد الرنتيسي وثلاثة عشر من الثوار بزرع لغم بين صرفند الخراب وأرض النبي روبين على باب مستعمرة بيت حنان فانفجرت الحافلة المحملة بالعمال خارج أسلاك المستعمرة فقتل ثمانية عشر يهودياً وجرح آخرون وأثناء انسحاب الثوار نحو الجنوب فوجئوا بكمين يهودي فاشتبكوا معه وقتل يهودي وجرح آخر.
أسر اليهود ثائر من يافا وقام الثوار بالتقدم نحو اليهود وأخذوا يطلقون النار عليهم بغزارة فهرب اليهود وتمكن الثوار من تحريره (الثائر الأسير أحمد أبو حجر) زرع فصيل المسمية بقيادة عبد الله مهنا وفصيل يبنا بقيادة أسعد الرنتيسي لغماً على طريق بين قرية المسمية ومستعمرة قطرة لسيارة بوليس كانت تمر يومياً ولكن وصلت قبل موعد السيارة عربة خيل يستقلها يهوديان فانفجر اللغم وقتل اليهوديان وفي شتاء عام 1939م هاجم فيصل قرية يبنا بقيادة أسعد الرنتيسي سيارة بوليس يهودية قرب أرض النبي روبين قضاء الرملة وقتلوا عدداً من أفراد البوليس وحضرت تعزيزات إنجليزية ووقعت معركة قصيرة انسحب على أثرها الثوار بدون خسائر.
هاجم فصيل يبنا بقيادة الشيخ محمد طه النجار في الليل مستعمرة رحبوت ودخلوها وتمكنوا من قتل خمسة من اليهود وأثناء الانسحاب فوجئوا بكمين يهودي على طريق مستعمرة رحبوت أطلق عليهم النار فاستشهد محمد المغاري من يبنا شارك فصيل يبنا بقيادة أسعد الرنتيسي في النجدات للثوار أثناء المعارك التي جرت في المنطقة الوسطى وقام بأعمال انتقامية عديدة في المستعمرات اليهودية منها قطع أسلاك الهاتف وتدمير جسور وخطوط سكة الحديد في الجنوب.
زرع رمضان أبو علي من النعانة لغم على طريق الخليل-بئر السبع ودمر سيارة مصفحة إنجليزية وقتل من فيها ثم زرع مع علي أبو العايد من قرية النعانة لغماً على طريق المسمية انفجر في مصفحة بوليس يهودي فقتل جميع ركابها وزرع لغماً آخر بمساعدة فصيل المسمية بقيادة عبد الله مهنا وفصيل قرية يبنا بقيادة أسعد الرنتيسي بين قرية بشيت وقرية أبو سويرح الساحلية فانفجر اللغم وقتل خمسة من أفراد الجيش الإنجليزي وقد قام بزرع عبوات عديدة في المنطقة الوسطى.
سجل المعارك والمناوشات: قام رؤساء عشائر منطقة بئر السبع في 19/مايو/1936م بقيادة شيخ عشيرة الظلام سلمان أبو ربيع بمظاهرة مسلحة داخل مدينة بئر السبع شارك فيها عدد كبير من ثوار المدينة وقاموا بمظاهرة مسلحة احتجاجاً على سياسة الحكومة الظالمة وحين وصولهم إلى وسط المدينة انضم إليهم سكان المدينة شيوخاً وشباباً ونساءاً وأطفالاً وذهبوا جميعاً إلى سرايا الحكومة وقدموا مذكرة بمطالب الشعب والمطالب القومية لعرب فلسطين.
لقد أثارت المظاهرة المسلحة وعياً ثورياً في صفوف الشعب لأنها كانت تحدياً صريحاً لقوات الحكومة التي عجزت عن القيام بأي عمل ضد العشائر الثائرة ورصد الثوار في 25/مايو/1936م بأن قوة عسكرية من الجيش الإنجليزي ستذهب من الشمال إلى الجنوب مخترقة مدينة بئر السبع فرابط عشرات من الثوار من أبناء عشائر بئر السبع إلى الجنوب من المدينة على الشارع المؤدي إلى معتقل عوجا حفير الصحراوي (كان يستعمل هذا المعتقل منذ بداية الأحزاب للسجناء السياسيين) وعندما مرت القافلة الإنجليزية انهال عليها الرصاص من كل جانب وقُتل عدد من أفرادها فأرسلت إشارات النجدة لأنها عجزت عن الصمود فحضرت تعزيزات سريعة من قوات الجيش الإنجليزي من بئر السبع وغزة وعوجا حفير وحاولت تطويق الثوار.
كانت النجدات العربية بالمرصاد لتعزيزات قوات الجيش الإنجليزي واشتبكت معها وتم قتل خمسة وعشرين جندياً وعدد من أفراد البوليس الإنجليزي واستشهد ستة من الثوار منهم عيد سليم الأغا من خانيونس.
منذ بداية الإضراب والثورة أقام الإنجليز معتقلاً صحراوياً في العوجا على مقربة من الحدود المصرية وكانت قوافل المعتقلين المتجهة إلى معتقل العوجا تمر من مدينة بئر السبع وعندما علم الثوار في 1/يونيو/1936م أن قافلة ستمر فرابط خمسة عشر ثائراً إلى الجنوب من بئر السبع في محاولة جريئة لإطلاق سراح المعتقلين العرب بقوة السلاح وعندما وصلت القافلة تصدى لها الثوار وأطلقوا النار على حراسها وجرى تبادل إطلاق النار جرح فيه ضابط وقتل جندي إنجليزي ولم يصب أحد من الثوار بأذى كما أن القافلة واصلت السير إلى معتقل العوجا دون أن تنجح الخطة المرسومة.
رابطت عدة فصائل من الثوار في 8/سبتمبر/1936م على طريق بئر السبع-الخليل بقصد الهجوم على الدوريات الإنجليزية التي تمر من تلك الطريق الجبلية وعندما مرت دورية إنجليزية مسلحة واقتربت من مكامن الثوار انهال عليها الرصاص بغزارة وجرت معركة استمرت حتى بعد منتصف الليل قُتل فيها عشرات من الجنود الإنجليز واستشهد واحداً وجرح ثلاثة ثوار من الشعب الفلسطيني مما كان يسمى بالصداقة الإنجليزية وضاقوا بظلمهم فقام رجال العشائر وأبناء مدينة بئر السبع على مرأى من رجال البوليس وأمام الحاكم الإنجليزي بتحطيم تمثال الجنرال اللنبي أول قائد إنجليزي دخل فلسطين عام 1918م بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وانقض الأهالي على رمز الاستعمار بالفؤوس وقد استقبل ذلك العمل في الأوساط العربية بحماس بالغ.
قام الثوار من مدينة خان يونس في 23/يونيو/1936م بنسف أول عربة كاشفة كانت تسير أمام القطار على الخط الحديدي قرب خان يونس بين غزة ورفح وقد اعترفت السلطات الإنجليزية بقتل أربعة من جنودهم في هذه العملية وجرت مناوشات في 6/يوليو/1936م بين الثوار وقوات الحكومة داخل مدينة بئر السبع ولم يبلغ عن وقوع إصابات هاجم عدد من الثوار في 23/يوليو/1936م دورية إنجليزية جنوب بئر السبع أوقعت إصابات بين رجال الدورية وقام فصيل من فصائل الثورة في 1/أغسطس/1936م في الجنوب بالهجوم على قطار عسكري قرب رفح كان ينقل تعزيزات للجيش الإنجليزي من قاعدة السويس إلى فلسطين أطلقت النار على القوات الإنجليزية من مسافة قصيرة قُتل من الجنود الإنجليز ثمانية جنود.
حضر رسول خاص إلى قادة فصائل منطقة غزة يُعلمهم بأن قيادة نابلس ستقوم بهجوم عام على الثكنات والقوافل الإنجليزية ويخشى من وصول تعزيزات إنجليزية جديدة من قاعدة السويس لذلك يجب تخريب خطوط السكك الحديدية واستجاب قادة الفصائل لهذا الطلب وأعلنوا النفير العام للشعب وللثوار فقام أفراد الشعب من رفح إلى يبنا بعملية خلع قضبان السكك الحديدية واشترك النساء والشيوخ والأطفال بحماس بالغ وعبر الشعب بسائر طبقاته عن تأييده العميق للثورة وتم في مدة ساعتين نزع قضبان أكثر من عشرين كيلو متراً وقدّر عدد الذين اشتركوا في هذا العمل باثني عشر ألف مواطن ومواطنة واستلم الثوار الحراسة من الجنوب والشمال والوسط خوفاً من وصول قوات إنجليزية بالسيارات أو مشاة تفتك بالأهالي العزل من السلاح.
وصلت القوات الإنجليزية لمنع إنجاز عملية التخريب وكان الثوار لها بالمرصاد فأمطروها بالرصاص في ثلاثة مواقع الأول محطة غزة والثاني في وادي غزة والثالث بين قسطينة والمجدل وجرت معارك عنيفة تمكن الثوار من منع القوات الإنجليزية من الاقتراب إلى الخط الحديدي المنزوع بقوة السلاح وتم قتل أكثر من أربعين جندياً إنجليزياً في المعارك التي جرت في ليلة واحدة واستشهد ثلاثة من الثوار جُرح الثائر علي إسماعيل عطا الله ونجحت العملية بمنع وصول التعزيزات الإنجليزية من السويس إلى جبهات القتال في لواء نابلس.
قامت فصائل الجنوب بقيادة عبد الله مهنا وأسعد الرنتيسي وسعيد أبو جهل وعلي العكشية وبطرس الصائغ في 11/أغسطس/1938م بهجوم على الدوريات الإنجليزية التي كانت تتجول ليلاً على الطرق الساحلية شمال غزة وجنوبها حيث رابط كل فصيل على مقربة من خطوط المواصلات الواقعة في منطقته وأخذ يطلق النار على كل دورية تمر فما كانت الدورية تنجو من إحدى الكمائن حتى تقع في كمين آخر.
استطاع فيه الثوار إيقاع عشرات الإصابات في صفوف العدو واستشهد ثلاثة وجرح خمسة من الثوار وهاجم عدداً من الثوار مراكز الحكومة داخل مدينة غزة في 30/أغسطس/1938م واشتبكوا في معركة دامية مع قوات الجيش الإنجليزي أدت إلى مقتل اثنتي عشر جندياً إنجليزياً واستشهاد ثائر واحد.
اشترك ثوار من غزة وآخرون من عشائر بئر السبع في معركة مدينة بئر السبع التي قام بها بقيادة عبد الحليم الجولاني واستولوا على كميات كبيرة من السلاح كما قام الثوار من غزة وبئر السبع عشرات المرات بتخريب أسلاك الهاتف ونسف الجسور ونزع قضبان السكك الحديدية والهجوم على المستعمرات اليهودية الساحلية وزرع ألغام في طرق مواصلات العدو واشتركوا في المعارك الكبرى التي جرت في جبال الخليل( ).

فصائل السلام
إثر حل سلطات الانتداب البريطاني للجنة العربية العليا في 1/أكتوبر/1937 حاول حزب الدفاع( ) بزعامة راغب النشاشيبي ومناصروه تشكيل قيادة فلسطينية تحل مكان اللجنة العربية العليا ولما فشل في ذلك عمد إلى إطلاق الاتهامات ضد الثورة (ر-1936-1939) محاولاً تشويه سمعتها باتهامها بالإرهاب وارتكاب المذابح واتهام القادة الوطنيين بتحويل الثورة لمصلحتهم الشخصية والاستيلاء على الأموال المخصصة لشراء السلاح والذخيرة.
استغلت سلطات الانتداب البريطاني ملل الشعب الفلسطيني من تصرفات الأحزاب والزعامات التقليدية فشكلت ما أطلق عليه فصائل السلام لضرب الثورة في البلاد وكانت هذه الفصائل تعمل بتوجيه تشارلي تيجارت وهو ضابط مخابرات بريطاني وإشراف فخري النشاشيبي بقيادة فايز الإستانبولي وإنشاء قوة إضافية من الشرطة العربية تحت إمرة ضباط فلسطينيين مثل الضابط مصطفى عبد الفتاح شاويش من يافا.
جندت حكومة الانتداب بعض المواطنين الذين ُقتل أبناءهم من قبل رجال الثورة عام 1936م وسمحت لهم بتجنيد أتباع لهم وسلحتهم وقدمت لهم أجهزة الهاتف واللاسلكي لطلب النجدة حين مهاجمة الثوار وسميت مجموعة هؤلاء الخونـة بجيش السلام واستغل الاستعمار البريطاني انضمام بعض المدسوسين على الثورة والذين أساءوا للثورة بانضمامهم هذا وقد أساءوا في تصرفاتهم الطائشة إلى الوطن والثورة وأعلوا الخلافات الشخصية وانتقموا ممن كان لهم ثارات قديمة مما دفع الموتورين إلى الانضمام إلى فرق السلام لينتقموا لأنفسهم وكان بأسهم شديداً وقامت فرقة السلام بأعمال المطاردة والملاحقة للثوار وفعلت ما عجزت عنه قوات الاحتلال البريطاني من قتلٍ واغتيالِ وتنكيلٍ في حق الشعب الفلسطيني.
وقد ارتكبت عدداًً من أعمال القتل الوحشية والسلب والنهب في كثير من المناطق الفلسطينية كنعلين وأبو غوش وغيرها.
وقد تصدت الثورة الفلسطينية لأعمال فصائل السلام واستطاعت إلقاء القبض على عدد من أفرادها فتمت محاكمتهم أمام محكمة الثورة واعترفوا بالأعمال التي ارتكبتها فصائلهم ونفذ حكم الإعدام فيهم ومنهم إبراهيم عبد الرازق من بيت ريما بقضاء القدس وأبو نجيم الشنطي كما أصدر عارف عبد الرازق أحد قادة الثورة أمراً في 30/نوفمبر/1938 بإعدام فخري النشاشيبي لخروجه عن إجماع الأمة وتعاونه مع السلطة الإنكليزية والصهيونيين.
هدفت سلطات الانتداب البريطاني من وراء تشكيل فصائل السلام إلى:
1- تشويه سمعة الثورة الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها.
2- إيقاد نار حرب أهلية داخل البلاد بجعل فصائل السلام تصطدم بجماعات الثوار الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف الثورة.
3- الحد من التأييد الجماهيري للثورة بنتيجة ممارسات القتل والسلب التي عمدت إليها فصائل السلام متهمة بها الثورة.
ولكن الحركة الوطنية الفلسطينية قضت على هذا التنظيم المتعاون مع الاستعمار البريطاني والصهيونية( ).
عند النكبة خرجوا ليجروا ذيول الخيبة والعار مهاجرين ولم تشفع لهم خيانتهم لوطنهم وشربوا مع الشعب الفلسطيني كأس الهجرة والهوان.


















المراجع
1- صبحي ياسين: "الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939) –القاهرة –الهيئة العامة 1958- ص43 وما بعدها
2- صبحي ياسين: "الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939) " ص53 وما بعدها.
3- صبحي ياسين: "الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939) ص84 وما بعدها.
4- صبحي ياسين: "الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939) ص102 وما بعدها.
5- نمر سرحان ومصطفى كبها: عبد الرحيم الحاج محمد القائد العام لثورة 1936-1939- سلسلة دراسات التاريخ الشفوي الفلسطيني- الطبعة الأولى رام الله 2000- صـ22-27.
6- صبحي ياسين "الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939) ص95-122.
7- صبحي ياسين "الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939) ص125.
8- يوسف رجب الرضيعي: ثور 1936- دراسة عسكرية- مؤسسة الأبحاث الفلسطينية- الطبعة الأولى- ص160-166.
9- عيسى السفري: "فلسطين العربية بين الانتداب والصهيونية " الكتاب الأول ،يافا 1937 ص128 وما بعدها.
10- الثورة العربية في فلسطين 1936-1939- الرواية الإسرائيلية ترجمة أحمد خليفة وسمير جبور- المؤسسة الفلسطينية- جامعة الكويت- الطبعة الأولى- بيروت 1989.
11- العقيد محمد الشاعر:" الحرب الفدائية في فلسطين على تجارب الشعوب في قتال العصابات"- بيروت الطبعة الأولى 1967.
12- صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939)-ص145.
13- صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939)-ص155.
14- انشراح عاشور: عبد الرحيم الحاج محمد- القائد العام لثورة 1936-1939 في فلسطين- الطبعة الأولى- أغسطس/1993- دمشق.
15- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام في أربعة مجلدات- المجلد الثالث- الطبعة الأولى 1984- إصدار هيئة الموسوعة الفلسطينية- ص161-162.
16- صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939)-ص163-164.
17- صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939)-ص 170.
18- عمر عناني: بين الجد والهزل- مطابع دار الأيتام الإسلامية- القدس 1977- ص53.
19- مذكرات بهجت أبو غربية (1916-1949) في خضم النضال العربي الفلسطيني- مؤسسة الدراسات الفلسطينية- الطبعة الأولى- بيروت 1993- ص85.
20- صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939)-ص180.
21- عمر عناني: "بين الجد والهزل" ص 55.
22- عمر عناني: "بين الجد والهزل" ص54.
23- صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939)-ص196.
24- عيسى السفري: "فلسطين العربية بين الانتداب والصهيونية " الكتاب الأول ص93-102.
25- المرجع السابق ص102-108.
26- صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939)-ص 204.
27- عيسى السفري: "فلسطين العربية بين الانتداب والصهيونية " الكتاب الأول ص 71-76.
28- صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936-1939)-ص213.
29- عمر عناني: "بين الجد والهزل" - ص 94-98.
30- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام- المجلد الثاني- الطبعة الأولى 1984- ص566.
31- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام- المجلد الثاني ص 24-25.