مصادر التاريخ الحديث والمعاصر بقلم:د. رشيد محمود شيخو
تاريخ النشر : 2009-10-25
د. رشيد محمود شيخو
سوريا - جامعة حلب – كلية الآداب


مصادر التاريخ الحديث والمعاصر


عرف التاريخ على أنه علم يبحث في كل الأحداث ، والوقائع التي قام بها الإنسان منذ أن وجد في الماضي ، وكان هدفه هو معرفة الإنسان بنفسه ، أى أن يعرف طبيعته كـإنسان ، ويـرى "كولنجود" فى كتابه فكرة التاريخ " أن معرفتك بنفسك معناها معرفة ما تستطيع أن تفعل " [1].
إن قيمة التاريخ ترجع إلى أنه يحيطنا علما بأعمال الإنسان بالماضي ، إذن بحقيقة هذا الإنسان ، وقد اختلف الباحثون في أصل لفظ كلمة " تاريخ " فذهب البعض إلى أنه لفظ عربي خالص ، وذهب آخرون إلى أنه لفظ فارسى ، وأن العرب أخذوه عن الفرس، وذهب فريق ثالث إلى أن أصل الكلمة غربى ، وأنها مأخوذة من كلمة " أرخى " اليونانية بمعنى بداية أو حكم ، و" أرخايوس " بمعنى قديم ، ويرون أنها مأخوذة من Historia الرومانية ( البحث عن الأشياء الجديرة بالذكر ) [2]، ويرى آخرون على أنها سامية، ومشتقة من القمر أي ( يرخ ) [3] . ولفظ كلمة " تاريخ " بالعربية يعنى الإعلام بالوقت ، حيث يقال أرخت الكتاب وورخته توريخا " أى حددت وقته "، وكلمة توريخ لفظ عربى أصيل ، وقيل أنها مأخوذة من أصل سريانى معناه " الشهر " [4]، وقد أشار السخاوى لذلك فذكر " أن التاريخ يبحث عن وقائع الزمان من حيث توقيتها ، وموضوعه الإنسان ، والزمان " [5].
تطور الكتابة التاريخية عبر العصور :
مرت الكتابة التاريخية فى أدوار متعددة ، حتى وصلت إلى الصورة التي نراها الآن ، فقد كان أول دور دون به التاريخ ، كان فى صورة قصصية . كما جاء فى الأسفار اليهودية ، حيث ذكرت الأخبار الأولى عن الأحداث التي مرت بها الخليقة منذ نشأتها الأولى (كقصة الخلق ، وقابيل ، وهابيل ، والطوفان ، ...) ، كذلك تناولت سير وأخبار الملوك ، وكذلك لعبت الأساطير ، والحكايات دورا هاما فى حياة الإنسان ، وكانت بداية طبيعية للتاريخ ، إذ يحكى الإنسان لأبنائه أخبار الأجداد ، والسلف ، مما نستنتج من ذلك على اهتمام الإنسان بأخبار أسلافه السابقين مـنذ أقدم العصور .
وبعد اختراع الإنسان للكتابة شهد التاريخ طفرة عظيمة فى مجال تسجيل الأحداث ، والأفكار والمعتقدات ، وقد شهدت هذه الفترة محاولات عديدة لتدوين التاريخ سواء فى مصر وبابل وبلاد الإغريق ، وتميز مؤرخيهم بالبعد إلى حد كبير عن الخرافات والأساطير ومحاولة الوصول إلى تفسير منطقي للأحداث .
وعندما أصبحت المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية تأثر التاريخ بهذا الحدث ، وتحول التاريخ إلى أيدي القساوسة والرهبان ، وصار التاريخ خاضعا للاهوت ومسخرا له [6]. وتغيرت النظرة للتاريخ ، فنظر للأحداث لا على أنها نتيجة تصرف الإنسان وسلوكه لكن على أنها إرادة الله ومشيئته التي تسير الكون .
وفى عصر النهضة الأوربية ، أصبح التاريخ وطنيا قوميا يهتم بإثبات الشخصية الخاصة المتميزة لكل منها . وقد شهد التاريخ في القرن التاسع عشر تقدما ملحوظا ، من حيث بعد التاريخ عن السرد والجنوح إلى روح النقد والتحليل ، ولكن كانت هناك مشكلة وحيدة لا تزال تهز أركانه ، وهو الهدف منه ، والأسس التي يجب أن تقوم عليها الكتابة التاريخية ، أو ما نعبر عنه اليوم بـالمنهج[7].
المصادر الأصلية للتاريخ الحديث والمعاصر :
إن كتابة التاريخ الصحيح لا تبدأ إلا بالنظر إلى المادة الخام الأولية كأحد عناصر البحث العلمي ، وكما تستخدم في الكيمياء، والفيزياء عناصر الفلزات ، والمواد الكيماوية الخاصة بالتجربة العلمية ، تستخدم في الدراسة التاريخية مادة خام أولية وهامة للبحث العلمي ، وهى المصدر التاريخي .
تلك المادة الخام التي توفرت في دراسة التاريخ الحديث أكثر من أي فرع من فروع التاريخ الأخرى ، فالتاريخ الحديث يمتاز بكثرة مصادره وتنوعها بشكل يدعو إلى الحيرة ، فالكتب والدوريات التي تتحدث في هذا الفرع من فروع التاريخ تطبع بالآلاف كل عام ، وتتناول موضوعات تاريخية بمختلف اللغات للمتخصص ، والقارئ العادي ، لذلك يجب على المؤرخ ، أو الباحث الواعي متابعة تلك المؤلفات لمعرفة كل جديد فيها ، وعليه أن يقرأ جيدا كل المؤلفات الـتي تتناول فترة بحثه [8].
الفرق بين المصادر والمراجع :
المصادر والمراجع :
هي المعين العلمي الذي يستمد الباحث منه معلوماته في كتابة بحثه ، وليس هناك فرق بينهما من الناحية اللغوية لأن كليهما بمعنى رجع .
وتنقسم مصادر التاريخ الحديث إلى فرعين رئيسيين :
المصادر الأصلية :
هي التي تنحصر في شهادة شهود العيان التي يسجلها أشخاص كانوا موجودين خلال وقوع الحدث أو مشاركين فيه سلبا أو إيجابا . وتعد المصادر الأصلية للتاريخ الحديث كثيرة جدا ومتنوعة ، ويأتي في مقدمتها الوثائق .
وسوف نتحدث عن هذه المصادر ودورها في الكتابة التاريخية بشكل لاحق
المصادر الثانوية :
هي التي تنقل غالبا عن المصادر الأصلية ، كما أن بعض هذه المصادر يمكن أن نعتبرها أصلية في بعض الدراسات وثانوية في بعضها الآخر [9].
أما المرجع :
فهو المعين العلمي الذي يستمد منه الباحث ، ويعينه على تكوين فكرة عامة عن ما سبقه في كتابة بحثه ، وترشده إلى المراجع والمصادر المتعلقة ببحثه ، وكما أنها تمد الباحث ببيانات عن المراجع ، والمصادر ، وعدد الصفحات ، وأماكن طبعها ، وسنوات الطبع ، بل إن البعض يعطى بيانات توضيحية عن محتويات المراجع والمصادر المذكورة [10].
مصادر التاريخ الحديث :
أولا : الوثائق :
بما أن البحث الذي لا يقوم على المصادر الأصلية ، بحث ضعيف لا يرقى للمستوى العلمي المطلوب . وبما أن العثور على الوثائق الأصلية المتعلقة بموضوع البحث كالعثور على كنز ، فالوثائق التاريخية تعد إذا من أهم المصادر التاريخية Historical Documents .
والوثائق بمثابة الوقود الذي يحتاج إليه المحرك لتأدية وظيفته بالنسبة للكتابة التاريخية ، وهى أيضا لب التاريخ ، والمصدر الأول للكتابة التاريخية ، وبغيابها يصعب على المؤرخ كتابة التاريخ الصحيح لأنه لا يستطيع التعرف على الماضي مباشرة إلا مـن خلال الآثار التي خلفها وراءه [11]. ونظرا لهذه القيمة التي تتمتع بها هذه الوثائق لابد أن نعرف ماذا نقصد بكلمة وثيقة لغويا . ونوضح ولو بإيجاز متى نسمى المادة التي بمتناول أيدينا وثائق .
لقد جاء تعريفها في اللغة على أنها مؤنث الوثيقة وعناه المحكم أو ما يحكم به الأمر ، ويقال أخذ بالوثيقة في أمره أي بالثقة. وأما لتوضيح النقطة الثانية ، فقد عدها البعض بأنها المستندات التي تصدر من جهات رسمية أو من أفراد لهم صفة رسمية ، وتعرف هنا بالوثيقة القانونية. وبعضهم عدها كل ما خلفه الحدث التاريخي من آثار بمعنى أن لكل مكتوب قيمة تاريخية حتى لو لم يكن لمحررها صفة رسمية . وتوسع آخرون في تعريفها فأكدوا على أنها كل آثار السلف حتى ولو كانت من ابن لأبيه أو من صديق لصديقه، أو بيان حساب لأحد التجار أو إيصال دين ، أو قائمة أسعار فكل ذلك قد يكون ذو أهمية في دراسة التاريخ الاقتصادي ، والاجتماعي ، والثقافي [12] ، ومن وجهة نظر الباحث ، أن الكثير من الوثائق الرسمية لا تفي بالغرض المطلوب في تفسير الحدث مما يحتم على الباحث الرجوع إلى كل ما تركه الحدث التاريخي من آثار ، ومن هنا يتفق الباحث مع الرأيين الأخيرين ، ويرى أن كل ما خلفه الحدث التاريخي يدخل في عداد الوثائق .
أنواع الوثائق :
الوثائق غير المنشورة :
هي مجموعة الأوامر والخطابات والتقارير ومحاضر الجلسات والاجتماعات ومضابط المؤتمرات وسجلات وأوراق الدولة والساسة والمسؤولين وتقاريرهم السرية وتصريحاتهم العلنية ، وكذلك ملفات الساسة المودعة بدار الوثائق، ووثائق وزارة الخارجية، ووثائق دور الوثائق الكبرى ، كدار المحفوظات البريطانية ، والتي تحوى فيما تحتويه على آلاف الوثائق المتعلقة بكل المنطقة العربية. وكذلك تضم برقيات ورسائل متبادلة وإحصائيات رسمية ، وهى التي تسجل الأحداث التاريخية وقت وقوعها [13].
لذلك عدت الوثائق مصدر هام ، لأنها لو نشرت لأفادت كثيرا في حل كثير من ألغاز التاريخ وحقائقه والتي لا تزال مبهمة إلى الوقت الحالي ، وكذلك يدخل في عداد الوثائق غير المنشورة الوثائق الموجودة لدى بعض الأسر ، والأفراد ، والذين لا يقنعون بضرورة إيداعها فـي دور الوثائق . وعلى الرغم من أن بعض الأفراد درجوا على إيداع وثائقهم الخاصة كأمانات لدى مراكز الوثائق إلا أنهم بعد فترة قصيرة من الزمن يطالبون باسترجاعها قبل أن يمضى وقت كاف لدراستها أو حتى نسخها .
وكما أن البعض الآخر يضع شروطا قد تمنع وصول الباحث لتلك الوثائق ، أو تحول دون نشرها للصالح العام . وكما أن الوثائق الموجودة عند أصحابها ، والتي تفتقر إلى الحفظ السليم تتعرض للتلف السريع ، والفقد مما يؤدى إلى ضياع كثير من الحقائق التاريخية علينا[14].
وقد لجأت وزارة الثقافة في المملكة المغربية إلى طريقة رائعة للحصول على صور من الوثائق العديدة الموجودة لدى الأفراد والأسر ، فقد تعلن كل عام عن جوائز قيمة ترصد لمن يقدم ما في حوزته من وثائق للوزارة ، وبعد أن تثبت أهميتها من خلال لجنة خاصة تقوم بفحصها تصور وتعاد الوثيقة الأصلية لأصحابها [15].
الوثائق المنشورة :
وهى الوثائق التي قامت بعض الجهات بنشرها لإرشاد الباحثين لموضوعاتهم ، نذكر منها :
مضابط البرلمان المصري ، والدساتير المتعلقة بها مما نشرته الدولة ، ونصوص المعاهدات كمعاهدة 1936 ، واتفاق إلغاء الامتيازات الأجنبية ، وتقارير الأحزاب السياسية ، ومؤتمراتها وقراراتها وخطب الزعماء ، والساسة المنشورة في مجموعات، كخطب سعد زغلول ، ومكرم عبيد وجمال عبد الناصر ، ....... الخ [16] . ولكن ورغم أهمية هذه الوثائق ، يجب على الباحث الواعي والواسع الثقافة أن لا يأخذ كل ما جاء بالوثيقة ، فهذه الوثائق ليست كتاب مقدس ، وينبغى عليه إخضاعها لمقاييس النقد العلمي الباطني والظاهري لإثبات صحتها ، وعلى الرغم من أن كاتب الوثيقة قد عاش في وقت لم يكن في ذهنه أن ما يكتبه سيكون ذا قيمة تاريخية أو سيعتمد عليه في التأليف التاريخي . فربما أن هذه الوثائق كانت تعبر عن رأى أصحابها الذي قد لا يخلو من التحيز والهوى والتحريف، أو ربما بلغت أخبار إلى أحد المسئولين فبادر بإيصالها إلى حكومته دون التثبت من صحتها ، أو ربما حاول أحد الأشخاص تزويرها .
لذلك يجب على المؤرخ أن لا يقبل ما جاء في الوثيقة ، بل يجب عليه أن يقوم بتصفية وغربلة معلوماتها ويقارنها بوثائق أخرى ، ومصادر أخرى كي يتوصل للحقيقة السليمة دون تحيز ، أو ميل لأية أهواء . وبالرغم من أهمية الوثيقة إلا أنها لا تصنع الحقيقة التاريخية بل تظل أداة صماء في يد من لا يعرف كيف يضفي علمه وخبرته فيها ، لذلك فالوثائق بحاجة إلى مؤرخ واسع الثقافة، وناقد حصيف يتمتع بقدرة علمية عالية بمعالجة المسائل التاريخية ، والتعرف على ملابسات الواقع فيجتهد في إبراز ما بها من خفايا وإيضاح الجديد فيها وتلك هي الغاية الأولى للتاريخ [17].
أهم الأماكن التي تتواجد فيها الوثائق :
لا تكاد دولة في عالمنا اليوم تخلو من دور للوثائق القومية ، كما لا توجد دولة واحدة في العالم تحتكر الوثائق لنفسها، ولتسهيل مهمة الباحث للإطلاع على هذا الكنز الثمين أنشأت العديد من دور الوثائق في العالم . وأهمها :
دار الوثائق التركية :
نظرا لأن الدولة العثمانية بسطت سيطرتها على مناطق واسعة في أوربا ، وآسيا ، وإفريقيا فمعرفة الوثائق الخاصة بهذه الدولة الواسعة التي امتدت طوال أربعة قرون يعتبر هاما لنا كباحثين في التاريخ الحديث والمعاصر .
وتوجد في تركيا اليوم عدد لا بأس به من دور الوثائق وأهمها :
متحف طوب قبوسراى :
وتأسس في عام 1937 ، والذي يحتوى على 200 ألف وثيقة بين دفتر وورقة محفوظة ، ومصنفة على أحدث الطرق ، ويوجد للأرشيف دليل من 192 صفحة مكون من جزئين في مجلد واحد رتبت في أسماء الموضوعات في عمودين حسب الترتيب الأبجدي، ويحتوى هذا المتحف على العديد من الوثائق المتعلقة بالشخصيات الهامة والموضوعات المختلفة .
الأرشيف العام لرئاسة الوزراء :
يضم أعدادا هائلة من الوثائق تصل بالملايين ، ويتفرع من هذا الأرشيف ثلاث فروع خاصة ، وهى :
• الديوان السلطاني
• ديوان الوزارة
• الديوان الدفتري
ويحتوى هذا الأرشيف على وثائق هامة تتعلق ببعض الولايات العربية في فترة حكم العثمانيين والتي تتناول الفرمانات والشكاوى والإيرادات والأوقاف والعقارات ، ..... الخ [18].
دور الوثائق المصرية :
دار المحفوظات العمومية بالقلعة :
تأسست في عهد محمد على باشا 1242 هـ وأطلق عليها الدفتر خانة وهى تمثل الدار المركزية لحفظ الوثائق بمصر، وفى عهد الملك فؤاد زاد أمر الاهتمام بالوثائق فنقلت بعضها إلى قصر عابدين 1925 م في دار أطلق عليها دار الوثائق السرية والمحفوظات التاريخية الملكية ، وضمت الوثائق من فترة محمد على باشا حتى الحرب العالمية الأولي . وأهم المجموعات الوثائقية الموجودة فيها دفاتر التزامات الجمارك ، ودفاتر ديوان قيد مصر ، ودفاتر الجهادية ، ومحافظ الداخلية ، وسجلات المحاكم الشرعية، وأوراق السودان ، ........
دار الوثائق القومية :
تأسست طبقا لقانون 356 لعام 1954 لجمع المصادر التي تتعلق بتاريخ مصر في جميع العصور ونشرها ووضعها في يد الباحثين[19]. والوثائق الموجودة فيها كانت موجودة في قصر عابدين ثم نقلت إلى القلعة ومن ثم إلى دار الوثائق القومية ، وتحوى هذه الدار أقسام خاصة بالوثائق التركية ، وقسم خاص لوثائق السودان في العصر الحديث ، وقسم خاص بالوثائق الأجنبية التي كان لها صلة بتاريخ مصر في العصر الحديث ، بالإضافة إلى ذلك مجموعة الفرمانات التي أصدرها الباب العالي بشأن المسائل المصرية [20]، ومحافظ عابدين ، ومحافظ مجالس الوزارات المختلفة ، بالإضافة إلى العديد من المذكرات الشخصية للقادة ، والزعماء الذين شاركوا في تشكيل تاريخ مصر الحديث ، مثل مذكرات عرابي ، ومصطفى كامل ، ومحمد فريد ، وغيرهم .
الأرشيف البريطاني :
دار المحفوظات البريطانية ( Public Record Office ) :
تضم هذه الدار بين جدرانها لأكبر حشد من الوثائق المتصلة بتاريخ المنطقة العربية اتصالا مباشرا ، مما جعل كتابة التاريخ لتلك المنطقة مستحيل دون الرجوع إلى الوثائق المحفوظة بتلك الدار ، وتعد هذه الدار من أرقى الدور في العالم ، ويرجع ذلك إلى النظام الذي تتبعه في الفهرسة والتصنيف ، وإدخال أجهزة الحاسب الآلي في إدارتها وتنظيمها ، وفى تيسير طلبات الباحثين من هذه الوثائق ، وقد نتج عن ذلك أن كثرا من الباحثين يفضلون البحث فيها عن وثائق قد تكون موجودة في بلادهم ولكن ولظروف خاصة يتعذر عليهم الوصول إليها أما بسبب البيروقراطية الإدارية ، أو بسبب عدم الفهرسة والتصنيف ، وتضم أيضا وثائق عديدة تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط ضمن أوراق وزارات الخارجية ، والمستعمرات ، ومجالس الوزراء ، والبرلمان ، وبعض الأوراق الخاصة[21].
بعد هذا العرض لأهم دور الوثائق ، وحرص أغلب الدول على أن يكون لها دور خاصة لحفظ وثائقها القومية التي تتعلق بتاريخها ، لكننا نجد اختلاف في هذه الدور من حيث الاهتمام بوضع الفهارس والكشافات لوثائقها ، وبعض هذه الدور تكتفي في هذه الفهارس بوضع أرقام للمجلدات وبيان بتاريخ الوثائق المحفوظة بها ، بينما يعطى البعض وصفا ملخصا لمضمون الوثائق الموجودة، وهكذا تختلف البيانات المتاحة . وتعد أكبر الصعوبات التي تعانى منها دور المحفوظات هي وجود وثائق غير مفهرسة ، أو منظمة، مما يصعب على الباحث الاستفادة منها [22].
وقد تنبه المسؤولون في دور الوثائق لضرورة ذلك ، وعملوا على إعداد قوائم ، وكشافات للمجموعات المحفوظة لديهم ، كما أنشأ قسما للفهرسة ليقوم بوضع فهارس مفصلة بطريقة علمية لكل أرشيف حتى يساعد في سرعة استخراج المعلومات ، كما فعلت وزارة الثقافة التركية عام 1937 م ، عندما استدعت عالم مجرى متخصص في التعامل مع الوثائق يدعى ( فكته ) كي يطلع تركيا على أحدث الوسائل لحفظ الوثائق وتصنيفها وفهرستها [23].
• المذكرات :
هي الكتابات الخاصة التي يدونها الساسة والزعماء وكبار الكتاب الذين صنعوا الحدث التاريخي ، أو ساهموا في قضية تاريخية ، أو كانوا قريبين منها كشهود عيان عليها ، وهذه المذكرات مفيدة جدا كمصدر تاريخي في تحليل ، ودراسة أبعاد شخصية كاتبها [24] . ومما يجدر بالملاحظة أن المذكرات لم تتأصل كتابتها حتى وقت قريب بين الزعماء العرب ، فقد ظهرت بعض المذكرات لبعض الساسة المصريين على مستوى كبير من الأهمية ، وهذه الشخصيات كانت قد شاركت في صنع تاريخ مصر ، أو كانوا شهود عيان له ، ومن هذه المذكرات المنشورة ، أحمد عرابي ، ومصطفى كامل ، وسعد زغلول ، ومحمد نجيب ، وغيرهم[25].
وبعضها غير منشور مثل مذكرات إبراهيم الهلباوى وعبد الرحمن فهمي وهى موجودة في دار الوثائق القومية ، كما أن هناك مذكرات لا تزال موجودة لدى أصحابها وورثتهم كمذكرات بهي الدين بركات وجزء من مذكرات محمد حسين هيكل بعنوان يوميات باريس . وإن الحصول على المذكرات المودعة لدى أصحابها وورثتهم عملية في غاية الأهمية لأنها ملك التاريخ ولابد للدولة أن تستخدم كل الوسائل في سبيل الحصول على هذه الوثائق التي تمثل تراث هام لنا من أجل نشره ووضعه بين أيدي الباحثين حتى تكتمل حلقات التاريخ ومصادره [26].
أما عن شرط كتابة المذكرات فيجب كتابتها عند حدوث الحادث مباشرة ، وأما إذا تمت استعادته بعد انقضاء فترة بين وقوعه وتذكره فقد يتأثر ذلك بحالة الكاتب النفسية وقت الكتابة ، وهذا بالتأكيد سوف يؤدى إلى تغيير بعض الحقائق التاريخية ونتائجها التي سوف تترتب على ذلك الحدث ، لذلك يمكننا أن نعده أقرب للتاريخ من المذكرات ( ذكريات ) . أيضا للمذكرات أهمية في كشف نقاط عديدة ، فهي عادة تكشف عن مستور يتصل بذات صاحبها بالدرجة الأولى مثل مذكرات سعد زغلول ، كما أن معظم المذكرات التي نشرت لم يلتزم أصحابها بالموضوعية حيث أنهم لم يتعرضوا لأخطائهم ومغامراتهم الفاشلة مثل مذكرات ونستون تشرشل ، وغالبا ما نجد في المذكرات دفاعا عن النفس وتزكية لها وتبريرا لأخطائها [27] .
كما تتسرب في المذكرات بعض الاعترافات بدون أن يشعر كاتبها أنها ستكون في صالحه أو ضده ، مثل محمد فريد وسعد زغلول ، فالحديث عن المذكرات يؤدى أحيانا إلى الدخول في دهاليز الذات التي كثيرا ما تكون من الخفايا والتي يحرص الإنسان على إسدال الستار عنها ، وكلما كان أسلوب المذكرات أقرب إلى الحقيقة ، والواقع كلما كان أكثر قابلية للاعتراف به عن الأسلوب الإنشائي أو البلاغة [28].
اللقاءات الشخصية :
هي لقاءات مع شخصيات كان لها – أو يعتقد في أن لها – دور في صناعة الأحداث التاريخية في فترة معينة ، ويلجأ لمثل هذا النوع من اللقاءات الباحثين الذين يكتبون موضوعات حول فترات معاصرة . وأهمية هذه اللقاءات تكمن في تزويد الباحث ببعض الحقائق التي يصعب عليه أن يجدها ، أو يحصل عليها في الكتب وأوراق الأرشيفات . والباحث الذي يقوم بهذه اللقاءات مع الأحياء إنما يتجسد أمامه الماضي حيا في شخص من يلقاه ، فيشعر عندئذ الباحث وكأنه عاش في الفترة التي يكتب عنها [29] ، ويجب على الباحث بعد انتهائه من اللقاءات أن يسجل كل ما دار بينه وبين محدثينه بكل وضوح ودقة ، وبذلك يتحول هذا اللقاء الشفوي إلى وثيقة خاصة (غير رسمية) .
مثال ذلك من يتعرض للكتابة عن الاستعمار الفرنسي في الجزائر ، فقد يجد فائدة في الاتصال بأسرة المجاهد الجزائري (الأمير عبد القادر) ، أو عن فترة الاستعمار الفرنسي في سوريا يستفيد إذا اتصل بأسرة المجاهد ( إبراهيم هنانو ) ، لأنه سوف يعثر لديها على وثائق خطية هامة جدا ، تغنى موضوع البحث بمصدر هام جدا .
هنا تبرز مقدرة الباحث على التحليل والنقد ، فيجب أن يكون دائما على حذر ، فلا يقبل رأيا على أنه حقيقة مطلقة لا شك فيها ، بل عليه أن يقلب الأمر من جميع جوانبه ، بقصد الوصول للحقيقة [30] ، وعليه أيضا أن يقوم بغربلة هذه اللقاءات، واستخلاص المعلومات منها ، ومقارنتها بأقوال آخرين عاصروا هذه الفترة [31].
الدوريات :
وهى الصحف ، والمجلات التي تصدر بشكل دوري ، سواء أكانت يومية ، أسبوعية ، شهرية ، نصف شهرية ، فصلية ، نصف سنوية ، سنوية .
وأنواعها قد تكون : سياسية ، اجتماعية ، اقتصادية ، عامة ، أكاديمية علمية .
وتمثل الدوريات مصدرا هاما من مصادر التاريخ الحديث ، بما تمدنا من تسجيلات يومية لحركة الأحداث والأقطار والساسة وقادة الرأي ، وبما تحمله من مادة إخبارية ، وتحليل للأحداث والوقائع في حينها ، مما يخدم المؤرخين في تحليلاتهم ، وقيمة تلك الدوريات تستمد ليس فيما ينقله الباحث عنها من مادة علمية ، أو حقائق فقط ، بل تتمثل بأنها تجعله يحيى ، ويعيش خلال تلك الفترة التي يكتب عنها ، وكأنه يحس بنبضها .
وكم سيكون الباحث محظوظا لو أنه عثر على صحافة تنطق باسم الحكومة وأخرى تنطق باسم المعارضة خلال الفترة الزمنية التي يتناولها موضوعه . وسيكون أيضا محظوظا إذا كان بحثه يتناول جماعة أو حزبا سياسيا أو نقابيا ولكل منها جريدة تنطق باسمها ، فإنها تشكل مصدرا مهما له وهو يؤرخ لهذه الجماعة ، أو ذاك الحزب . وسأتناول هنا بعض الدوريات التى تصدر فى سوريا كى يتعرف عليها الزملاء الذين ليس لديهم أية فكرة عن هذه الدوريات .
يقول ( كليمنصو ) : " الصحافة حبر وورق وحرية " ، وإذ نستعرض تاريخ الصحافة السورية ضمن هذه المقولة ، نجد أن الصحف التي صدرت منذ عام 1865 وحتى اليوم كانت حبرا وورقا ، ولكن معظمها ، إن لم تكن كلها كانت تفتقر إلى الحرية، خاصة أن الصحافة السورية نشأت في بدايتها الأولى بعناية الولاة وتحت رعايتهم أيام الحكم العثماني ، وكانت صحفا رسمية بكل معنى الكلمة، أنشئت لنشر أوامر الحكومة وإعلاناتها ، والحوادث الرسمية التي كانت تقع في ذلك الوقت ، حيث نلاحظ أن هذه الصحف تتضمن الوثائق الأصلية التي قد يصعب على الباحث أن يجدها في مكانها الأصلي أي في الكتب ، والمراجع المتخصصة .
وقد كانت أول صحيفة تصدر في سوريا 1877م ، هي صحيفة ( الشهباء ) في مدينة حلب ، التي أصدرها الحاج (هاشم العطار) المعروف بالخراط ، وتولى تحريرها الثائر الكبير ( عبد الرحمن الكواكبي ) [32] . إلا أن هذه الصحيفة عطلها الأتراك عدة مرات وذلك لطرحها القضايا التي يعانيها الشعب العربي بشكل موضوعي .
ومن الصحف التي صدرت بعد الشهباء صحف عدة مثل ( اعتدال ) التي نشأت على يد الكواكبي 1879 م ، وصحيفة (دمشق) لصاحبها (أحمد عزت باشا العابد) ، وجريدة (السلام) للصدر الأعظم (خير الدين باشا) ، وفى عام 1896 م صدرت صحيفة (الشام) الإخبارية العلمية السياسية الأدبية ، لصاحبها (مصطفى أفندي واصف) ، إلى جانب هذه الصحف التي كانت تطبع علانية، كانت بعض الصحف السرية ، والتي كانت تطبع وتوزع سرا كجريدة " المنبر " التي أصدرها في حمص الشيخ (عبد الحميد الزهراوى) وهاجم فيها الاستبداد الحميدى .
أما الصحف التي صدرت أثناء الاحتلال الفرنسي لسوريا عديدة ومتنوعة مثل صحيفة ( ألف باء ) ، و (سوريا الشمالية)، و(صدى سوريا) ، و (الأنوار) ، و (السمير) ، و (فتى الشرق) ، ولكن مما يجدر بنا الانتباه إليه أنه في عام 1924 صدر قانون المطبوعات الداخلية الذي يبين كيفية إصدار الجريدة ، وما هو المسموح والممنوع نشره وطريقة بيعها .
وخلال فترة الحركة التصحيحية ، التي قامت بها في السادس عشر من نوفمبر لعام 1970 وحتى اليوم صدرت صحف ثلاث، وهى (البعث) والتي تعتبر امتدادا للبعث الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي ، والصادرة عام 1948 ، وصحيفة (الثورة) التي تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة ، والطباعة ، والنشر ، وجريدة (تشرين) التي تصدر عن مؤسسة تشرين للصحافة والنشر، وباللغتين العربية ، والإنكليزية . وجميع هذه الصحف صحف رسمية ، وتهتم بالأحوال السياسية ، وتنشر جميع المراسم ، والقرارات، والمداولات التي تطرح في مجلس الشعب السوري بالإضافة إلى بعض المقالات المتنوعة المواضيع .
وكما تصدر عن مؤسسة الوحدة صحيفة ( الموقف الرياضي ) في دمشق ، و( العروبة ) في حمص ، و ( الجماهير ) في حلب ، و( الوحدة ) في اللاذقية . أما بالنسبة للمجلات فهي عديدة ، ومتنوعة ، حيث تصدر وزارة الثقافة والإرشاد القومي عددا كبيرا من المجلات الثقافية المتنوعة ، مثل مجلة ( المعرفة ) ، ومجلة ( سلسلة الأعمال ) المترجمة في كافة المجالات ، وتصدر أيضا مجلة ( الحوليات الأثرية العربية السورية ) ، وكما يصدر عن اتحاد الكتاب العرب مجلة ( الموقف الأدبي ) ، والتي تتناول الأعمال الأدبية، والشعرية ، والقصة ، والقرارات ، وبعض البحوث ، والدراسات المتنوعة للباحثين [33].
كما تصدر عن ( الجمعية الأثرية السورية ) مجلة علمية تتناول آخر الأبحاث التاريخية التي توصل إليها الباحثون ، وتشجع (الجمعية السورية للمعلوماتية) التي تصدر عنها مجلة ( الشهيد باسل الأسد للعلوم الإنسانية والطبيعية ) الباحثين على نشر آخر الأبحاث التي توصلوا أليها وتمنح الأبحاث الأولى جائزة الباسل للتفوق العلمي ، وهى من الشهادات القيمة في سوريا ، بالإضافة إلى ذلك تصدر النقابات والاتحادات المجلات الخاصة بها .
كما تصدر الجامعات مجلات علمية أكاديمية محكمة تنشر الأبحاث الأكاديمية للأساتذة الجامعيين ، وتشكل هذه المجلات مصدرا مهما للباحث عندما يؤرخ لهذا الحزب ، أو ذاك الاتحاد أو التنظيم [34].
هنا ينبغي على الباحث أن يكون حذرا ، عندما يأخذ من هذه المصادر لاحتوائها على الكثير من المغالطات ، ووجهات النظر المتعجلة ، وأحيانا قد تعمد بعض الحكومات إلى تضليل الرأي العام ، أو إخفاء بعض الحقائق عنه ، لذلك يجب مقارنة المادة التي يحصل عليها بالمصادر التاريخية الأخرى ، وقد دأبت دور الكتب على جمع هذا التراث الضخم في مجلدات شهرية ، أو سنوية وتجليدها ، وإعدادها للإطلاع الباحثين عليها ، وأودعت في قاعات خاصة كقاعة الدوريات بالهيئة المصرية العامة للكتاب على كورنيش النيل بالقاهرة ، والتي تعد مبادرة إيجابية من جمهورية مصر العربية لحفظ تراثها القومي [35].
المخطوطات :
هي المؤلفات ، والدراسات ، والنصوص التي كتبها أصحابها في فترة تاريخية سابقة على ظهور الطباعة ، ومن هنا استمد اسمها على أنها خطت باليد . وتوجد في أشكال كثيرة ، وتودع في المتاحف ، ودور الوثائق ، والمعاهد المتخصصة ، بعد أن جمعت من المعابد ، وقصور السلاطين ، والحكام ، ودواوين الإدارة ، وتكمن أهميتها في تسجيلها للموضوعات ، والأحداث ، والتواريخ في حين حدوثها ، ويلاحظ أن كثيرا من هذه المخطوطات قد كتبت بلغات قديمة كالعثمانية وغيرها ، كما أنها كتبت بلغة ، وتعبيرات لم تعد مستخدمة في عصرنا هذا وكثيرا منها تغلب عليها صفة الأدب والتصوف كما تمتلئ بالبديع ، وتتضمن معلومات تاريخية غير موجودة في مصادر أخرى .
وللمخطوطات أهمية عظيمة في دراسة تاريخ مصر في العصر العثماني 1517 – 1897 م على اعتبارها المصدر الرئيسي لدراسة تاريخ مصر ، حيث أن الطباعة لم تكن موجودة خلال تلك الفترة ، ومن ثم يفتقر المؤلف إلى الكتب ، والمؤلفات المطبوعة، فتمنحه المخطوطات مادة تاريخية أصلية هامة [36].
أهم أماكن حفظ المخطوطات :
تتواجد المخطوطات في المتاحف ، ودور الوثائق ، والمكتبات ، وأماكن العبادة ، وتعتبر الدولة العثمانية من أغنى دول العالم بالمخطوطات ، حيث تعد مكتبة السليمانية المركز الرئيسي لوجودها ، حيث يوجد بها 20 ألف مخطوط باللغات العربية ، والتركية، والفارسية ، ويوجد بهذه المكتبة فهارس منظمة ، وقاعتين للمطالعة ، والمخطوطات .
كما يوجد في مكتبة ( السلطان محمد الفاتح ) مخطوطات قيمة بلغ عددها 5188 مخطوط ، كذلك تحتوى مكتبة (أيا صوفيا) على العديد من المخطوطات النفيسة والنادرة وأهماها فضائل مكة والمدينة لمؤلف مجهول ، كما تتواجد هذه المخطوطات في أوربا وخاصة في مكتبة المتحف البريطاني حيث يحتوى على قسمها الشرقي على العديد من المخطوطات العربية التي تتعلق بتاريخ العرب ويقدر عددها بأكثر من مائة ألف مخطوط [37] . ناهيك عن المخطوطات الموجودة في البلاد العربية وأغلبها غير محققة وهى بانتظار الباحثين لتحقيقها .
أشكال المخطوطات :
للمخطوطات شكلين :
o الخام غير المحقق .
o المخطوطات المحققة المنشورة .
ويوجد عدد كبير من المخطوطات غير المحققة ، وهى بانتظار الباحثين كي يزيلوا عنها الستار لكي تخرج محققة لتساهم في نشر المعرفة التاريخية . وعلم تحقيق المخطوطات ، ونشرها قد يكون موضوعا في حد ذاته لذلك يجب أن يكون الباحث متمكنا من أدوات التحقيق ، وأهمها اللغة التي كتبت بها المخطوطة ، والخبرة في أشكال الحروف ، والتعبيرات والخبرة في كتب البلدان، وتراجم الرجال ، والأحداث ، والموضوعات فهذه كلها تشكل أدوات هامة تعينه على حسن تحقيق المخطوطة ، وتقديم خدمة معرفية تاريخية تغنى البحث العلمي لمن سيقرأ هذه الكتب المحققة .
اليوميات :
هي لون من الوثائق أكثر إمتاعا من الناحية الفنية ، وتكاملا من الناحية الموضوعية لكونها تلقائية ، وخالصة ، وهى بنت ساعتها أو يومها لأنها تسجل أحداث النفس البشرية كبيرها ، وصغيرها من خلال نظرة موضوعية ، لذلك وضعت في مرتبة عالية بين المصادر التاريخية . ومن أبرز اليوميات ( يوميات هيروشيما 6 أغسطس – 30 سبتمبر 1945 ) التي سجل كاتبها الدكتور (متشهيكوهاتشيا) حالة النفس البشرية من خلال ضعفها وعجزها إبان ضرب هيروشيما بالقنبلة الذرية [38]. ويخشى على اليوميات من التلف والتحوير ، خاصة إذا كانت تتناول الأمور السياسية التي تراها بعض الحكومات خطرا عليها [39].
وبهذا العرض الموجز للمصادر التاريخية يستنتج الباحث ، أن كاتب التاريخ هو الذي يمتلك الثقافة الواسعة ، والملكة النقدية ، وهو الذي يستطيع أن يتعرف على أوجه القوة ، والضعف في أي مصدر مـن مصادر التاريخ ، ويستطيع أن يصل إلى تحديد المسائل الجديرة بالدراسة والتحليل .
ومن حسن حظنا نحن الباحثين في التاريخ الحديث ، والمعاصر ، انه قد توفرت لنا المادة الخام ، والتي نعنى بها المصادر أكثر من أي فرع من فروع التاريخ ، فالتاريخ الحديث يمتاز بكثرة مصادره ، وتنوعها فالكتب ، والدوريات تطبع سنويا بالآلاف كل عام ، وتتناول موضوعات تاريخية مختلفة ، وكذلك الوثائق التي تصدر بين فترة ، وأخرى ، وتكشف لنا حقائق ، ومعارف تاريخية كانت كالألغاز التي يصعب حلها أو فهمها .


________________________________________
1 بحث السنة التمهيدية للباحث
[1] كولنجوود ، فكرة التاريخ ، ترجمة : محمد بكير خليل ، لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة 1961 ، ص 7 .
[2] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى " دراسات وبحوث " ، مطبعة الجبلاوى ، القاهرة 1992 ، ص 8 .
[3] السيد عبد العزيز سالم ، مناهج البحث فى التاريخ الاسلامى ، والآثار الاسلامى ، مؤسسة شباب الجامعة ، الاسكندرية ، ب . ت ، ص 14 .
[4] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى ، ص 8 .
[5] عزيز العظمة ، الكتابة التاريخية والمعرفة التاريخية ، دار الطليعة ، بيروت 1983 ، ص 20 .
[6] شوقى الجمل ، علم التاريخ نشأته وتطوره ووضعه بين العلوم الاخرى ، مكتبة الانجلو المصرية ، القاهرة 1982 ، ص 9 .
[7] شوقى الجمل ، علم التاريخ نشأته وتطوره ، ص 9 .
[8] أحمد زكريا الشلق ، محاضرات فى منهج البحث التاريخى ، سلسلة محاضرات ألقيت على طلبة السنة التمهيدية للماجستير ( 2001 – 2002 ) ، شعبة التاريخ الحديث والمعاصر ، قسم التاريخ – كلية آداب – جامعة عين شمس .
[9] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى ، ص 40 .
[10] شوقى الجمل ، علم التاريخ نشأته وتطوره ، ص 25 .
[11] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى ، ص 41 .
[12] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى ، ص 41 ، 42 .
[13] أحمد زكريا الشلق ،
[14] عثمان زروق ، الوثائق ودورها فى البحث العلمى ، مجلة التاريخ والمستقبل ، مجلد 1 ، عدد 2 ، كلية الآداب – جامعة المنيا ، 1987 ، ص 139 – 144 .
[15] شوقى الجمل ، علم التاريخ نشأته وتطوره ، ص 129 .
[16] أحمد زكريا الشلق ، منهج البحث التاريخى ، ص 61 .
[17] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى ، ص 42 .
[18] حمدنا الله مصطفى ، محاضرات ألقيت على طلبة السنة التمهيدية للماجستير ( 2001 – 2002 ) ، شعبة التاريخ الحديث والمعاصر ، مادة مصادر ووثائق ، قسم التاريخ - كلية آداب – جامعة عين شمس .
[19] على بركات ، دراسات فى منهج البحث التاريخى ، المنصورة 1985 ، ص 45 .
[20] شوقى الجمل ، علم التاريخ نشأته وتطوره ، ص 130 .
[21] عادل غنيم ، جمال حجر ، فى منهج البحث التاريخى ، دار المعرفة الجامعية ، الاسكندرية 1999 ، ص 164 – 165 .
[22] شوقى الجمل ، علم التاريخ نشأته وتطوره ، ص 127 .
[23] عثمان زروق ، الوثائق ودورها فى البحث العلمى ، ص 145 .
[24] أحمد زكريا ، منهج البحث التاريخى ، ص 62 .
[25] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى ، ص 43 .
[26]احمد زكريا ، منهج البحث التاريخى ، ص 63 ، 64 .
[27] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى ، ص 44 – 45 .
[28] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى ، ص 45 .
[29] عادل غنيم ، جمال حجر ، فى منهج البحث التاريخى ، ص 228 .
[30] شوقى الجمل ، علم التاريخ نشأته وتطوره ، ص 136 .
[31] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى ، ص 46 .
[32] سمير رفعت ، قرن وربع القرن على الصحافة السورية ، مجلة العربى ، عدد 519 ، فبراير 2002 ، ص 56 – 57 .
[33] سمير رفعت ، قرن وربع القرن على الصحافة السورية ، مجلة العربى ، عدد 519 ، فبراير 2002 ، ص 56 – 57 .
[34] Syrian newspapers ( www.syria.com/history/newspaper ) .
[35] أحمد زكريا ، منهج البحث التاريخى ، ص 68 .
[36] أحمد زكريا ، منهج البحث التاريخى ، ص 68 .
[37] حمدنا الله مصطفى ، محاضرات .
[38] متشهيكو هاتشيا ، يوميات هيروشيما ( 6 أغسطس – 30 سبتمبر 1945 ) ، ترجمة : رؤوف عباس حامد ، مكتبة الخانجى ، القاهرة 1977 .
[39] عبد المنعم الجميعى ، منهج البحث التاريخى ، ص 42 .