حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بقلم الكاتب محسن الخزندار
تاريخ النشر : 2009-10-19
حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بقلم الكاتب محسن الخزندار


حركة التحرير الوطني الفلسطيني
فتــــح
كانت حركة فتح هاجس جيل بأكمله حيث ولدت من رحم مجموعة عوامل محلية وإقليمية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
- الغليان الذي كان يعتمل في صدر الشعب من المخاض الذي وجد تعبيراً عنه في انتفاضة غزة ضد مشروع توطين اللاجئين في سيناء وإلى تحركات رابطة الطلبة الفلسطينيين في مصر ونقابه المعلمين في غزة من تظاهرات تمبلر في المملكة الأردنية من حرب 1956م وصولاً إلى فشل تجربة الوحدة بين الجمهورية المصرية والجمهورية السورية من كل هذا ولدت حركة فتح.
رافق روادها التفكير بطرقه المتعددة من ترقب وتطلع ومن اختلاف واتفاق حول توقيت الانطلاقة ودواعي الإعلان وعوامل التأجيل أو التردد فمنذ أوائل الخمسينات من القرن الماضي بدأت الطليعة من أبناء شعبنا تفكر فيما آل إليه الوضع وما وصلت إليه الحال من تردي وضعف وإنهاك بعد فترات طالت أم قصرت من الاستعمار الحديث الذي أطاح بآمال الكثيرين من أبناء الأمة سواء من خلال سياسة فرق تسد أم سياسة الإبقاء على أبناء الأمة في دوائر الجهل والفقر والمرض لكي تسهل السيطرة عليهم وعلى ثرواتهم وخدمة الأهداف الإستراتيجية للدول التي استعمرت الشرق العربي( ).
كان واضحاً أن حالة النكبة لم تكن وقّفاً على الفلسطينيين وحدهم بل تعدتها للواقع العربي برمته فعرف الشعب الفلسطيني اللجوء والبطالة إلى أن قامت الثورة في مصر.
التف الفلسطينيون حول الأحزاب العربية القائمة وكان هناك ثلاثة تيارات أساسية: التيار القومي والتيار الإسلامي والتيار الماركسي الممثل بالحزب الشيوعي الذي كان في حالة ضعف نتيجة انقسامه حول موضوع مشروع تقسيم فلسطين و قد تمكن حزب البعث العربي الاشتراكي من استقطاب عدد من أبناء الشعب الفلسطيني وكذلك استقطب الحزب القومي السوري الاجتماعي عدداً كبيراً من الفلسطينيين .
كان لحركة الأخوان المسلمين دور رئيسي في استقطاب الشباب الفلسطيني في الدفاع عن قطاع غزة والقتال إلى جانب الفلسطينيين سواء عبر امتداداتها المصرية من خلال تنظيمها الفلسطيني الأمر الذي ترك انطباعاً وأثراً كبيراً جداً ليس فقط على مرحلة عام 1948م بل على مستقبل حركة فتح حيث كان المطلب الفلسطيني إيجاد تنظيم يركز على القضية الوطنية الفلسطينية بعمق قومي وإسلامي وقد نشأ حزب التحرير الإسلامي الذي رأسه الشيخ تقي الدين النبهاني و كان هدفه تحرير فلسطين ويقوم على أساس أن الدولة الإسلامية هي الطريق الوحيد لتحرير فلسطين.
كان جورج حبش على رأس حركة القوميين العرب وهي حركة قومية لكن الفكرة وطنية فلسطينية وبعد قيام الثورة في مصر عام 1952م أصبح اتجاه الوحدة اتجاهاً عاماً إلى أن حصل العدوان الثلاثي على مصر الأمر الذي شكل مفصلاً هاماً وحدثاً تاريخياً له أثره ومعناه ونقطة تحول في تاريخ الشعب الفلسطيني وتفكيره السياسي إجمالاً.
التحق عدد كبير من أبناء الشعب الفلسطيني في مرحلة نهوض الثورة المصرية في عام 1955م( ) ومن ثم طلائع الفدائيين الفلسطينيين بقيادة مصطفى حافظ الكتيبة 141 وعملت هذه الكتيبة ضمن إطار الجيش المصري وتمكنت من القيام بعمليات فدائية هامة أربكت إسرائيل حتى أن أحد أهداف العدوان الثلاثي كان وقف عمليات هذه الكتيبة التي كانت نواة القوة الفدائية التي انطلقت قبل ميلاد حركة فتح.
انتهى تنظيم الفدائيين التابع لمصر بعد احتلال قطاع غزة عام 1956م لكن العمليات العسكرية استمرت ونظراً لأن مصلحة ميزان القوى الدولية كانت لمصر، عملت مصر على عدم انطلاق العمليات العسكرية من قطاع غزة( ).
طُرح موضوع تدويل القطاع خلال تلك الفترة لكن الجماهير الفلسطينية رفضت هذا الطرح وقالت لا للتدويل ونعم لعبد الناصر وكان أثناء وقوع قطاع غزة تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي هناك نواة العمل العسكري الفلسطيني المسلح قد بدأت تتبلور وتتشكل من طلائعها التي أغلبها من الأخوان المسلمين وبعضها من البعثيين وشخصيات وطنية أخرى حيث استبعد الشيوعيون لينشئوا جبهة وطنية موازية وقد تمكن الإخوان المسلمون والبعثيون على حدا من إقامة قيادة وطنية للمقاومة نواة للكفاح المسلح ضد الاحتلال في فترة عام 1956م إلى بداية عام 1957م وكان جوهر عملهم يرتكز على المسؤولية الوطنية الفلسطينية وأمام هذه المعطيات الجديدة كان من الضرورة الخروج من الوضع الخانق الذي وضع فيه الشعب الفلسطيني وبدأ التفكير في إقامة تنظيم فلسطيني.
كانت الأفكار حول تأسيس تنظيمات وأحزاب لدى الفلسطينيين كثيرة وتدور جميعها حول فكرة واحدة وهي تحرير فلسطين وأخذ المبادرة بيد الشعب الفلسطيني( ) وكانوا أول من استفاد من التجربة وتمكنوا من استقطاب الكوادر الطليعية الوطنية بأسلوب جديد بكيفية دراسة الواقع وبناء فكر تنظيمي فالتنظيم هو التجسيد المادي للفكر الإنساني هم الكوادر الأولى التي فكرت بإقامة تنظيم حركة فتح حيث أفكار الإخوان المسلمين والتحريرين والبعثيين والقوميين والشيوعيين مشتتة ومتنافرة وعندما تختلف الخلفيات والمبادئ لا يكون هناك تنظيماً واحداً ومن هنا كان على قيادة حركة فتح أن تبدأ دراسة لمفهوم الوضع التنظيمي الذي يجب أن ينشأ ويتمتع بخلفية نظرية قابلة للتنفيذ مادياً عبر هذا التنظيم وكان ذلك عام 1957م.
أصدرت حركة فتح بيان (حركتنا) وكان هذا البيان يتحدث عن الهجرة والظلم الذي يواجهه الشعب الفلسطيني وما يتوجب القيام به. كان هذا البيان إنشائياً ولم تتبلور الصيغة التنظيمية بشكل مرتب ومقبول إلا بعد تطبيق المنهج الثوري في المعرفة وعلى ضوء ذلك حددت حركة فتح ماهيتها .
كانت هذه البداية لتحديد أطراف التناقض وكان واضحاً أن ساحة الصراع الرئيسية ستكون فلسطين وبأن التناقض تناقض جذري فإن هناك قوميتين فلسطينية وصهيونية وبأن الصراع بينهما لا يمكن أن ينتهي إلا بهزيمة طرف وانتصار الآخر ومقابل رأس الرمح الإسرائيلي يجب أن يكون رأس الرمح الفلسطيني أقوى.
ولم يغب عن قيادة حركة فتح ضرورة قيام التنظيم الوطني الفلسطيني بعيداً عن مفهوم الحزب وأن تكون أيديولوجية التنظيم قائمة على مفهوم الوطن وممارسة الثورة.
مرت نشأة حركة فتح بثلاث محطات رئيسية فمن الالتفاف حول فكرة تم الانتقال إلى تكوين النواة الأولى وجلب العناصر وشحذ الهمم إلى الانطلاقة.
جاءت البدايات في أواخر عام 1956م بعد أن حصل العدوان على قطاع غزة كجزء من العدوان الثلاثي على مصر في أعقاب تأميم جمال عبد الناصر لقنال السويس وبدأ النضال من أجل دحر الاحتلال الإسرائيلي عن قطاع غزة أخذت مجموعة من قياديي الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال على عاتقها تكوين مقاومة شعبية للمحتل وبعد دحر الاحتلال الاسرائيلي قامت دعوة على أساس جديد هو ترك الحزبية لان المرحلة هي مرحلة تحرر وطني واتفقوا في اجتماع سري على مبادئ جديدة انتقلت بالتدرج الزمني إلى حركة فتح عند إنشائها عام 1958م.
كان من أهم أسس هذا الاتفاق خلع الرداء الحزبي والارتباط بتراب الوطن لان الأحزاب تكون في دولة والدولة في مفهوم القانون الدولي أرض وشعب وحكومة والأحزاب هي وسيلة التفاعل الديمقراطي الذي يؤدي إلى أن يمارس الشعب حقه في تحمل المسؤولية والشعب الفلسطيني بكامله مشرد في كل مكان بلا أرض ولا وطن وبالتالي فإن الممارسات الحزبية في هذه المرحلة تؤدي إلى مزيد من التمزيق وتفريق الصفوف وان المرحلة تتطلب من الشعب الفلسطيني أن يرتبط بتراب الوطن فقط وان يشكل وحدة وطنية حقيقية تستهدف تحرير فلسطين( ).
إن تكون الأرض هي الحزب الذي تصب فيه جهود الجميع وان يبتعد الجميع عن كافة الاجتهادات التي تؤدي إلى تفريق الصف وقد تم خلال الاجتماع الذي عقد في غزة توقيع على وثيقة تحدد مجمل هذه المبادئ وقع عليها أكثر من اثني عشر شخصاً.
كانت ولادة الفكرة استجابة لغياب العمل العربي الثابت المكرس للقضية الفلسطينية من جهة وانسجاماً مع حالة النهوض القومي الذي عم المنطقة العربية وتعبيراً عن المخاض الوطني الفلسطيني الذي هو جزء من العمل القومي ومن جهة ثانية كان أبناء الشعب الفلسطيني يتكلمون عن الناصريين والقوميين العرب والبعثيين والإخوان المسلمين والشيوعيين ولم يكن للعمل الفلسطيني وعاء وطني ولم يكن هناك عمل مكرس لفلسطين ولم تضع كل هذه الأحزاب والحركات السياسية فلسطين رقماً أولاً ولم تكن الأولوية لفلسطين ولذا كانت هناك ضرورة حتمية لبلورة نشاط الحوافز الوطنية وإدراك جوهر الصراع على المستوى الحضاري والقومي المتمحور في القضية الفلسطينية فلا بد للشعب الفلسطيني أن يؤسس إطاره التنظيمي في سياق حركة النهوض العربي لتلبية المهام الوطنية الفلسطينية المباشرة.
بعد انتهاء الاحتلال عن قطاع غزة في شهر مارس/1957م بدأ الالتفاف حول هذه الفكرة يكبر بعد رحيل عدد من المؤمنين بها إلي السعودية وبلدان الخليج سواء مواقفهم السياسية أم الحزبية وهؤلاء هم الذين حملوا الفكرة إلى حيث ذهبوا وبدئوا في استقطاب الشباب الفلسطيني حولها( ).
بدأت النويات الأولى لحركة فتح في الكويت وقطر والسعودية وصدرت في بيروت مجلة فلسطيننا وقد عبرت عن ملامح الحركة وخاصياتها واتفق روادها وتعاهدوا على العمل من أجل تحرير فلسطين وتجسيد هوية الشعب االغربية وسورية ووجوده وشخصيته المستقلة مؤمنين بأن التحرير لا يمكن أن يصنعه إلا الفلسطينيون وبتأييد من العرب.
شجع هذا التوجه فشل الوحدة المصرية السورية عام 1961م وانتصار ثورة الشعب الجزائري عام 1962م وتم تشكيل القاعدة التنظيمية الأولى لحركة فتح وكان لأعضائها امتدادات تنظيمية في مصر وقطاع غزة والضفة الغربية وسورية ولبنان والسعودية وقطر والكويت.
كان التوسع في الاتصالات سرياً ولم تكن هناك شروط لاكتساب العضوية سوى التوجه نحو فلسطين وعدم الالتزام بتنظيم أخر واندمجت التنظيمات الصغرى في حركة فتح تدريجياً وكان الدخول في التنظيم لا يتم على أساس الاندماج ككتلة وإنما على أساس الدخول الفردي.
حافظ هذا الأسلوب لحركة فتح على تماسكها على خلاف ما حصل في بعض الجبهات التي اندمجت على مستوى القيادات وسرعان ما عادت إلى الانقسام في جو من التشاحن والبغضاء.
كان على كل عضو قبل الانضمام لحركة فتح نزع الرداء الحزبي الذي كان ينتمي إليه فهذه المرحلة هي مرحلة تحرر وطني وكان أول نشاط علني لحركة فتح بدأ عند إنشاء مكتبها في الجزائر في عام 1962م وهو أول مكتب يفتح علناً ومن هناك بدأت الحركة تحاول ربط علاقات خارجية لاسيما مع الحركات الثورية العالمية.
كان من المفروض أن تنطلق أول رصاصة سنة1964م ولكن كان في القيادة اتجاهان : الأول يستعجل الانطلاقة والثاني يدعو إلى الانتظار وفي نفس السنة اجتمع المجلس العسكري سراً في القدس مرة وفي عمان مرتين وصوت أعضاء المجلس ضد الانطلاقة عام 1964م وعندما احتد الخلاف حول هذه النقطة رفع الآمر إلى اللجنة المركزية التي أخذت بوجهة نظر المتريثين إلا انه تم بعد ذلك الوصول إلى حل وسط وهو أن تبدأ الانطلاقة باسم آخر وهو العاصفة فإذا نجحت كما ينبغي تكون هي الجناح العسكري لحركة فتح وإذا فشلت تبقى حركة فتح مستمرة وهكذا تقرر أن تكون الانطلاقة في 1/يناير/1965م.
كان صدور البلاغ العسكري رقم واحد منعطفاً هاماً في مسيرة الثورة الفلسطينية حيث عبر عن انطلاق أبناء الشعب الفلسطيني للامساك زمام قضيتهم بأيديهم بعيداً عن انتظار المعجزات العربية التي لا تأتي واختلفت الردود وتعددت فلسطينياً وعربياً على هذه الانطلاقة فمن ناحية كان بعض أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بزعامة أحمد الشقيري يريدون من المنظمة أن تدين هذه العملية باعتبارها توريطاً مع العدو ومزايدة على المنظمة ولكن أحمد الشقيري رفض مثل هذا التوجه وصدر بيان معتدل اللهجة يدعو إلى الاعتصام بحبل الله جميعا وانه لا ينبغي أن تكون هناك عاصفة ومنظمة التحرير بل أن يعمل الجميع يداً واحدة. أما على الصعيد الفلسطيني الشعبي فقد كان إطلاق الرصاصة الأولى بداية التحاق مكثفة بحركة فتح سواء من الشباب المستقل أو من عناصر بعض التنظيمات الأخرى من ذلك ما قاله أحد القادة التاريخيين لحركة القوميين العرب كنا نرى أن التحرير سيأتي من الرئيس جمال عبد الناصر ففي عام 1964م تعرفنا على قيادة حركة فتح ولم يكن لها حينها مرتكزات شعبية وطلبت منا التنسيق بين حركة فتح وحركة القوميين العرب وافقنا ولكن على شرط إيجاد برنامج سياسي موحد وكان رد حركة فتح أنه لا داعي لبرامج سياسية المهم وحدة الدم وفشلت المحادثات( ).
بدأت عمليات حركة فتح منذ عام 1965م في الوقت الذي ما زالت حركة القوميين العرب تفسر لمناضليها أن عليهم الصبر والتدريب فكان أن التحق مناضلون بحركة فتح وضاعت فرصة تاريخية بسبب القيادة التاريخية لحركة القوميين العرب.
كانت الحيرة كبيرة حول هوية الحركة وقواعدها على الصعيد العربي الرسمي وقد وصل الأمر ببعض الجهات إلى حد اتهامها بالعمالة للحلف المركزي "الناتو" الذي يسعى إلى إعطاء إسرائيل ذريعة للاعتداء على الدول العربية وكان الرئيس جمال عبد الناصر يستمع إلى تقارير ضد الحركة وتبدو فيها الاعتراضات الثلاثة عدم ملائمة توقيت الانطلاقة وغياب التنسيق مع دول المنطقة ومحاولة توريط العرب في حرب مع إسرائيل.
يمكن القول بان هزيمة يونيو مثلت الانطلاقة الثانية لحركة فتح ذلك انه وسط أجواء الذهول والإحباط التي سادت الساحة العربية بعد احتلال سيناء والجولان والضفة الغربية وغزة في حرب لم تستمر سوى ستة أيام كان من الصعب أن يجد شباب الحركة الدافع المعنوي لمواصلة المشوار ولكن مع ذلك استمر نضالهم وربما بعزيمة أقوى باعتبار أن التجربة أثبتت عملياً أن تحرير فلسطين إنما هو بيد أبنائها قبل كل شي.
بادرت حركة فتح بالدخول إلى الأرض المحتلة لإعادة التنظيم وتجديد الأُطر الموجودة وجمع أكبر كمية ممكنة من مخلفات أسلحة حرب يونيو المتروكة في ميادين القتال وكان رجال حركة فتح في الأراضي المحتلة تنطلق في سيناء والجولان وتجمع الأسلحة والذخيرة الجيدة .
جاء القرار الثالث الخطير وهو شن معركة الكرامة ضد العدو الصهيوني في شهر مارس/1968م حيث تقدمت قوات إسرائيلية ضخمة من الضفة الغربية لنهر الأردن لتدمير المعسكرات الفلسطينية الموجودة وكانت خسائر الجيش الإسرائيلي من جنود وآليات قد أعطت هذه المعركة التي شارك فيها الجيش الأردني زخماً قوياً لمعنويات المقاتلين الفلسطينيين الذين اثبتوا في أول مواجهة لهم مباشرة مع قوات العدو بأنهم قادرون على إنزال الضربات به دون دبابات أو عربات مصفحة وازدادت شعبية حركة فتح وقد نجم عن هذا النصر في زمن الهزيمة أن شاركت فتح في الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني بالقاهرة في فبراير 1969م.
انتخب ياسر عرفات ناطقاً رسمياً باسم الحركة ورئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير خلفاً ليحي حمودة ويعتبر دخول حركة فتح إلى المنظمة محطة أساسية في تاريخها وفي تاريخ المنظمة ذلك انه بعد إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية حصل جدل داخل حركة فتح بين الداعين إلى المقاطعة والداعين إلى الاشتراك فيها مع السعي إلى تطويرها إلى أن تصبح حرة الإرادة وقادرة على خدمة الثورة و انتصر أصحاب الرأي الثاني.
إن الخاصية الأساسية لحركة فتح استبعادها التصنيف على أساس الخلفية الفكرية مع التأكيد على تحرير فلسطين والكفاح المسلح كأسلوب لهذا التحرير والاستقلالية التنظيمية عن أي نظام أو تنظيم عربي أو دولي ولم يحدث أي تغيير في هذه الأسس التي تحولت في ظل قيادة حركة فتح لمنظمة التحرير والأسس التي يسير عليها العمل الوطني الفلسطيني داخل المنظمة من ذلك أن أصبح شعار استقلالية القرار الفلسطيني أحد الشعارات الأساسية ليس فقط لحركة فتح بل لمنظمة التحرير الفلسطينية بأكملها.
صاغت حركة فتح مبادئها الأساسية في مؤتمرها الثاني عام 1968م وذلك في وثيقة مبادئ حركة فتح وأساليبها وأهدافها التي تعد دستور الحركة الأساسي والتي أقرها المؤتمر الثالث 1971م والمؤتمر الرابع 1980م والنقاط الأساسية التي ركزت عليها هذه الوثيقة ومختلف الوثائق الأخرى للحركة وبياناتها السياسية ونشراتها يمكن تلخيصها كما يلي:
1- تحرير فلسطين هو الطريق إلى توحيد الوطن العربي فهي جزء من هذا الوطن وشعبها جزء من الأمة العربية وكفاحه جزء من كفاحها.
2- حرب الشعب الطويلة الأمد هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين.
3- ضرورة تحرير الإرادة الفلسطينية والمحافظة على استقلاليتها في القرار وفي القتال.
4- الوحدة الوطنية الفلسطينية هي شرط تحقيق الانتصار
5- لمعركة التحرير الأولوية على أي تناقضات فكرية وسياسية واجتماعية.
6- الثورة الفلسطينية هي حركة تحرر وطني عربية وهي طليعة الأمة العربية في معركة التحرير المصيرية الاستعمار والامبريالية العالمية.
7- معركة تحرير فلسطين واجب عربي وديني وإنساني.
8- حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح حركة وطنية ثورية مستقلة تمثل الطليعة الثورية للشعب الفلسطيني.
9- الكيان الصهيوني مؤسسة عنصرية عسكرية متكاملة دخيلة وغازية وبقاؤه يشكل عدواناً مستمراً على الأمة العربية وان قيام دولة فلسطينية عربية ديمقراطية يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود بحقوق وواجبات متساوية على أنقاضه أمر حتمي وقد تبنّى إلى ذلك المجلس الثوري لحركة فتح بعد حرب 1973م.
10- للشعب الفلسطيني وحده حق ممارسة السيادة الوطنية على أي جزء من أرض فلسطين يتم تحريره( ).
كان تفسير حركة فتح الابتعاد عن الحزبية وتجنب الخوض في الشكل الذي ستكون عليه البلاد بعد التحرير وأن المعركة المصيرية تحتم استقطاب كل القوى الفلسطينية الثورية التي تعمل بصدق لقضية التحرير وهذا يتطلب من الجميع أن لا ندخل في جدل بيزنطي حول الصورة الاجتماعية لفلسطين بعد التحرير لأن ذلك يعني أن تبدد القوى الثورية جريا وراء شعارات مختلفة بعيدة.
حتمت المعركة علي حركة فتح أيضاً أن تستقطب جماهير الشعب العربي المساند وهذا أيضا يتطلب من حركة فتح الوقوف بنفس الموقف لتضمن للشعب الفلسطيني مساندة كل القوى المخلصة والشريفة في الوطن العربي بغض النظر عن توجهاتها الاجتماعية فهذا القول يعني أن علي حركة فتح الالتزام في هذه المرحلة بعدم الخوض في معارك خلفية تستنزف قوتها العاملة وتضعف من جبهتها الثورية والجبهة المساندة وإن أي مضمون اجتماعي يحتاج إلى ثلاثة أمور أساسية هي وحدة اجتماعية وحدة جغرافية وحدة سياسية وفلسطين بحالتها الحاضرة تفتقد هذه العوامل المكونة للمضمون الاجتماعي للثورة.
إن الصراع الدامي مع الاحتلال الصهيوني في الواقع هو صراع وجود لا صراع على مبدأ اجتماعي معين هو صراع بقاء أو فناء وفي مثل هذا الصراع تختفي المعارك الاجتماعية ويلتحم الشعب كله في جبهة ثورية عريضة لاجتثاث الكيان الصهيوني السياسي والاجتماعي والاقتصادي لدولة الاحتلال عن أرض فلسطين.
إن المشكلة الأساسية هي مشكلة تحرير الأرض وليست تحرير الإنسان لأن التحرير الحقيقي للإنسان الفلسطيني هو تحريره من مذلة التشرد والضياع كأمر حتمي لانتصار الثورة المسلحة وبذلك أصبح الشعار الاجتماعي بالنسبة لحركة فتح في هذه المرحلة شعاراً وهمياً لا يلهب الجماهير ولا يحركها للعمل الثوري المسلح لذا لا بد من رفع شعارات تحرك الشعب وتستقطبه بشكل إرادي حر.
إن حركة فتح طليعة الشعب الفلسطيني التي تنفذ في الواقع مهمة التحرير بعد أن آمنت الجماهير بأسلوبها المسلح وبنهجها الثوري في التحرير فهي ملتزمة أمام الجماهير الفلسطينية بإيجاد المضمون الاجتماعي الذي يخدم مصالحها ويفي بحاجتها وهذا سيتحقق بعد النصر وبعد تطهير الأرض من الاحتلال الصهيوني.
إن حركة فتح برغم أنها لا تحمل اسم جبهة فإن هيكلها المرن استطاع أن يضم اتجاهات سياسية متنوعة وأن حركة فتح اتسعت لجميع التيارات الموجودة في حقبة الخمسينات والستينات من القرن العشرين واستطاعت أن تدمجها في إطارها وأفسحت لهذه القيادات مجال حرية التعبير عن أفكارها سواء كانت بعثية أو إسلامية أو يسارية أو قومية.
أصبحت حركة فتح هي العمود الفقري للشعب الفلسطيني في قيادة الكفاح الوطني ضد إسرائيل ونظريتها هي نظرية الوطنية الثورية وعلى هذا الأساس ترك الفلسطينيون أحزابهم لينخرطوا في صفوف حركة فتح ويمارسوا دورهم الثوري في نطاق وطني( ).
فترة ما قبل الانطلاقة: وتمتد هذه الفترة من بداية الفكرة عام 1957م وتحرير قطاع غزة من الاحتلال الإسرائيلي إلى الانطلاقة المسلحة في الفاتح من شهر يناير/1965م وكانت على عدة مراحل تنظيمية هامة.
1- المرحلة التمهيدية مرحلة التأسيس التي بدأت مع تبلور الفكرة خلال شهور الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة عام 1956م وبروز ظاهرة المقاومة الشعبية المسلحة ضد الاحتلال التي جسدت عمقها القومي بالموقف الشعبي في قطاع غزة برفض مؤامرة تدويل القطاع والإصرار على ربط فلسطين بعمقها القومي العربي.
لقد تبلور تنظيم النواة ضمن شروط مشددة وغاية في السرية سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية العربية وبعد فشل العدوان الثلاثي في عام 1956م في تحقيق أهدافه وانسحاب الجيش الإسرائيلي تجمع رجالات الإخوان المسلمين في قطاع غزة وشباب من رابطة الطلاب الفلسطينيين وعدة كوادر سياسية في القطاع واتفقوا على ضرورة إنشاء إطار تنظيمي فلسطيني خاص مستقل بعيد عن والأحزاب السياسية الفلسطينية والعربية( ).
كانت تجربة المقاومة في أثناء العدوان الثلاثي وما سبقه من عمل رواد العمل العسكري من خلايا الإخوان المسلمين السرية أثبت أن الكفاح المسلح هو الوحيد القادر على بعث روح الأمة واستقطاب جماهير الشعب الفلسطيني وعلى تجسيد قضية فلسطين وعلى هذا يجب أن يكون هذا الإطار بقرار فلسطيني مستقل وليس تابعاً للأحزاب والتنظيمات والدول العربية وعليه يتحتم أن يكون العمل سري .
كانت البداية والتفكير والصياغة في قطاع غزة حيث التجمع النشط الرئيسي الفلسطيني وفي الكويت وقطر والسعودية الحاضنات الأساسية لانطلاق تنظيم حركة فتح لطبيعة هذه الأنظمة وتركيبها( ) ثم كانت مرحلة التركيز وقد تطلبت استقطاب أعضاء بمواصفات خاصة وكما كان الشعار في بناء التنظيم في الخارج كان شعار بناء التنظيم في الداخل هو: لا ترشحوا للتنظيم إلا من تجدون أنه قادر على أخذ مكانكم في حال غيابكم فهذه مرحلة بناء تنظيم النُخبة حيث أن أرض المعركة ستكون فلسطين سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو الأراضي المحتلة عام 1948م.
أعطى التنظيم الاهتمام لهذه المناطق ليس فقط لتميزها بالكثافة السكانية الفلسطينية وإنما لكونها مناطق فلسطينية أرضاً وشعباً وتم تركيز التعبئة باتجاه الوطن ونشط التنظيم في قطاع غزة والضفة الغربية في استقطاب خلايا تنظيمية تمت تهيئتها للانطلاقة المسلحة و كانت سرية العضوية وعلنية الفكر هي أساس هذه المرحلة.
بدأت تتضح معالم الإعداد لحركة فتح في قطاع غزة و كانت النقاشات حول إيجابيات العمل الفلسطيني وسلبياته في مرحلة ما قبل النكبة وتوسعت النقاشات لتشمل مصر وقطر والسعودية والأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقد دارت هذه النقاشات والاجتماعات بسرية بواسطة موفدين من بلد إلى بلد.
لعبت الشخصيات الوطنية والإسلامية دوراً كبيراً في ترتيب هذه النقاشات والاجتماعات سواء في قطاع غزة أو في الدول العربية وكانت هذه الشخصيات المبادرة تدعو إلى تجميع الفلسطينيين في تنظيم واحد خارج عن أطر التنظيمات الموجودة على الساحة وعن الأنظمة العربية.
كان المبادرين لطرح فكرة حركة التحرير الوطني الفلسطيني في قطاع غزة قد التقت أفكارهم مع مجموعات الفلسطينيين المقيمين في قطر والكويت والسعودية وكان موسم الصيف يشهد النقاشات التي تتم في غزة مع الذين يحضرون من قطر والسعودية والكويت والأقطار العربية في الإجازات الصيفية وفي هذه الفترة كان صلاح خلف معجباً بشخصية أحمد الشقيري ويريد أن يفتح حواراً ويصل خطوطاً معه( ).
حيث كان الرأي السائد في أوساط حركة فتح أن أحمد الشقيري لن يكون الخيار الأفضل وأنه من الخطأ أن يتولى هذه الحركة أي واحد من الجيل القديم و أن البعد عن تجارب الجيل القديم وعلى رأسهم الحاج أمين الحسيني وتاريخه وصراعاته دون التشكيك بمواقفه واحترام مبادئه وتاريخ نضاله والعمل على الاستفادة من تجربته الوطنية واستخدام علاقاته ورجاله في مخيمات الأردن وسوريا ولبنان وعلاقاته القوية مع العائلة السعودية لصالح حركة فتح وعلى الرغم أن أحمد الشقيري خطيب ومحدث لبق وعلاقاته العربية والدولية ممتازة لكنة محسوب على الأنظمة العربية وهذا مرفوض لفكرة حركة فتح.
استقرت النقاشات في حركة فتح أن يتعاملوا مع أحمد الشقيري بحذر وإلا يطلعوه على أسرار الحركة وتحركاتها وقياداتها وقد فشل الحوار مع أحمد الشقيري ورفض التعاون مع حركة فتح واستطاعت قيادة حركة فتح التسرب داخل منظمة التحرير الفلسطينية واستثمرتها منظمة التحرير كواجهة لنشاطها السري مما أعطي قيادة فتح مرونة في الحركة والتنقل من دون أن يعلنوا عن هويتهم وفي أول مؤتمر فلسطيني في القدس عام 1964م شارك كلٌُّ من محمد يوسف النجار وكمال عدوان وخليل الوزير وخالد الحسن من كوادر حركة فتح في المؤتمر.
كان النشاط العسكري لحركة فتح قد بدأ في معسكرات التدريب السورية وسراً في صحراء الأردن و معسكرات جيش التحرير الفلسطيني في قطاع غزة الذي تم تشكيله تحت إشراف منظمة التحرير في تدريب عناصر حركة فتح.
بدأت بوادر الخلافات تظهر في صفوف حركة فتح في عام 1964فقد وجدت تيارات عدة وأراء متباينة وقد انقسمت الآراء تحت تيارين أحدهما يرى أن الوقت والإمكانيات والظروف غير مهيأة للعمل العسكري والثاني يرى أن أي تأخير سيعطل جهود الشعب الفلسطيني ويبعثرها في العالم العربي وبالتالي فإن الأحزاب العربية الناصرية والبعثية واليسارية والإسلامية ستسحب البساط من تحت حركة فتح وأن أحمد الشقيري رئيس منظمة التحرير سيجذب قطاعات كبيرة من الشعب الفلسطيني وقد انسحب التيار الأول من الحركة وجمد نشاطه وانتصر التيار الثاني وبالفعل بدأت العمليات العسكرية في 1/يناير/1965م بإعلان البيان الأول للعاصفة فقد اتفق أن يبدأ العمل من هذا التاريخ في قطاع غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية.
في قطاع غزة لم تخرج هذه المجموعات إلى العمل لأن المخابرات المصرية كانت على علم بتفاصيلها فقد كان تشكيل حركة فتح لقطاع غزة إبان هذه الفترة مخترقاً من قبل المخابرات المصرية من أكثر من اتجاه ونجح الطرف الأخر في سوريا ولبنان والضفة الغربية في العمل العسكري داخل الأرض المحتلة.
نشر البيان الأول لحركة فتح تحت اسم العاصفة وتضاربت الأقوال في هذا البيان وهذه الحركة ومن يقف وراءها ففي مصر أُتهم أن وراء العاصفة تنظيم الإخوان المسلمين الذين وصفتهم الحكومة المصرية بأنهم عملاء الاستعمار ووكلاء المخابرات الأمريكية أما في السعودية فرأت أن هذا التنظيم ما هو إلا تنظيم علماني شيوعي ويتبع الشيوعية العالمية وفي الأردن اعتبروا هذه المنظمة إما منظمة ثورية يسارية أو منظمة تابعة لمصر أو سوريا.
اختلف حتى الفلسطينيون في أمر هذه المنظمة وقام أحمد الشقيري بالتنديد باسم منظمة التحرير الفلسطينية بمنظمة العاصفة واعتبرها من أحد أعداء الشعب الفلسطيني ووجه مذكرة إلى كافة الحكومات العربية طالباً فيها قمع العاصفة بحجة عدم إعطاء إسرائيل ذريعة لمحاربة الأنظمة العربية.
كانت هذه الفترة من 1/يناير/1965م إلى حرب 1967م أدق مرحلة من مراحل النضال الفلسطيني لحركة فتح( ) والتي خرجت قيادتها منتصرة بإصرارها على مواصلة العمل رغم صعوبة الظروف وقلة الإمكانيات.
تم اعتقال وسجن مجموعة من قيادي حركة الاخوان المسلمين منهم الشيخ هاشم الخزندار و صادق المزيني ورياض الزعنون وهاني بسيسو وعبد الرحمن بارود وعمر كردية وغيرهم في عام 1965م في السجن الحربي في القاهرة وقد وجهت لهم تهمة النشاط خارج منظمة التحرير الفلسطينية ونقل أموال من الكويت وقطر والسعودية إلى غزة لصالح حركة فتح وأُفرج عنهم لاحقاً ومُنعوا من دخول مصر.
تم الاجتماع الأول لحركة فتح في الكويت وحضره كل من: ياسر عرفات وخليل الوزير وعادل عبد الكريم وتوفيق شديد ويوسف عميرة الذي انسحب بعد الاجتماع الأول وانسحب من بعده أحمد السعدي وعادل عبد الكريم وقد استطاعت هذه الكوادر بعد احتكاكها بكل التجمعات في قطاع غزة والضفة الغربية وقطر والسعودية ولبنان ومصر والكويت وسوريا أن تنشئ تنظيم حركة فتح وتعلنه للوجود( ).
عقد الاجتماع الأول لحركة فتح في الكويت واستطاعت فتح عمل وجود سياسي وشعبي وطرح فكرها في لبنان وكان تطوير بيان (حركتنا) إلى هيكل البناء الثوري للتنظيم وتضمن هذا الهيكل جوهر الفكر التنظيمي فكراً وممارسة وعلى أساسه تم إقامة تنظيم النواة وخلال تلك الفترة أقامت النواة التنظيمية علاقاتها وصلاتها مع مناضلين وطليعيين فلسطينيين بمختلف الأقطار( ).
كانت قيادة حركة فتح قد انتقلت إلى سوريا بعد أن دخل النظام السوري مع جمال عبد الناصر في منافسة على المستوى القومي وكانت القضية الفلسطينية هي لب المنافس بين النظامين المصري السوري وكذلك كان النظام المصري في مواجهة قد احتدمت مع النظام السعودي والتي أدت إلى اندلاع حرب اليمن في عام 1962م ومن هنا جاء تأييد السعودية لحركة فتح من موقع مختلف عن نظام الحكم في سوريا.
أدى هذا إلى اتهام جمال عبد الناصر لحركة فتح بأنها حركة مرتبطة بالحلف المركزي وحلف بغداد وبدأ الحوار الداخلي في حركة فتح حول متى تبدأ منذ عام 1964 وترافق ذلك مع دعوة جمال عبد الناصر لقمة عربية للتصدي لمحاولة إسرائيل تحويل نهر الأردن لنقله إلى صحراء النقب واستقدام مستوطنين جدد ولتدارك ذلك برزت الفكرة العربية بتحويل الروافد وفكرة إنشاء كيان فلسطيني وتم تكليف أحمد الشقيري بتنفيذ الفكرة بإقامة منظمة التحرير الفلسطينية وهذا لم يثنِ قيادة حركة فتح عن التخطيط العمل بل شجعهم ذلك الأمر على الإسراع في إعلان عن حركة فتح.
تم اجتماع في يوم 28/ديسمبر/1964م استعرض فيه الخطوات الكفيلة بعبور النهر والوصول إلى نفق عيلبون من أجل ضرب مشروع تحويل النهر وفي 30/ديسمبر/1964م وبعد استطلاع الأوضاع انطلقت أول رصاصة في الثورة وتنوعت ردود الفعل فمن كان يعرفها قابلها بالبِشر والاستبشار والتأييد والمناصرة ومن كان لا يعرفها ولا يعرف مفجريها قابلها بالاتهام واعتبر أنها ليست أكثر من توريط للمنطقة في قضايا وأحداث.
كانت الجماهير الفلسطينية متعطشة لمثل هذه الثورة لتزيح عن كاهلها أعباءً وأثقالاً وأحمالاً وتخرجها من حالة اليأس والقنوط من الأوضاع القائمة والظروف القاسية التي كانت تمر وعبر هذه المسيرة الطويلة صادفت حركة فتح أحداثاً جِساماً بعضها مع الخصوم وبعضها الآخر مع الوضع الداخلي الفلسطيني العام.
كان الهدف من العملية الأولى داخل أرض فلسطين المحتلة وضع خطة عسكرية ترجوا منها قتل فكر الأمن الإسرائيلي الذي يحمي المستوطنين ويزرعهم بديلاً عن الفلسطينيين لذا كانت معظم العمليات بعد ذلك تنفذ ضد آبار المياه والمنشآت من أجل تحقيق هذا الهدف وتجعل المواطن الإسرائيلي غير آمن.
لجأ الإسرائيليون إلى ذات الأسلوب بتخريب آبار المياه وتدمير البيوت والقرى وتوسعت دائرة العمليات الفلسطينية حتى هجوم الجيش الإسرائيلي على قرية السموع وتدميرها وقد حاول النظام الأردني القضاء على العمل الفلسطيني المسلح الخارج عن سيطرته بتبنيه أو حمايته فسُجن معظم كوادر حركة فتح في الأردن( ) وأخذت الأمور تتصاعد وصولاً إلى حرب 1967م ومحاولة إسرائيل ضرب فكرة المقاومة والتصدي للنشاط الفلسطيني كليةً وتمكنت إسرائيل من احتلال ما تبقى من فلسطين إضافة لأراضي عربية ذات طبيعة إستراتيجية كالجولان وسيناء وثُبت للجميع بأن الطريق لمقاومة الجيش الإسرائيلي هو حرب الشعب وليس حرب الجيوش.
كانت سوريا قد رحبت منذ العام 1965م بالعمل الفدائي وتلاقت مصلحة النظام السوري مع مصلحة حركة فتح في العمل ضد إسرائيل وكان عمل حركة فتح محظوراً في مصر وحاول خلال تلك الفترة حزب البعث الحاكم في سوريا السيطرة على حركة فتح من خلال إدخال بعض الضباط فيها.
كان الصدام عام 1966م مابين محمد حشمة وهو أحد أعضاء حركة فتح وقائد إحدى المجموعات الفدائية التي قامت بتنفيذ عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية في منطقة الحمة الفلسطينية المحتلة ويوسف عرابي وهو ضابط فلسطيني في الجيش السوري من المكتب العسكري الموحد لحركة فتح وجبهة التحرير الشعبية القيادة العامة وقد تم الاشتباك بين عناصر حركة فتح والجماعة المحسوبة على الجبهة الشعبية القيادة العامة أحمد جبريل استشهد محمد حشمة ويوسف عرابي الذي اتهم بقتله عبد المجيد زغموط وسُجن ياسر عرفات ومجموعة من قيادة فتح منهم خليل الوزير وممدوح صيدم ووليد نمر شريم في دمشق في مقر القيادة العسكرية السورية ثم نقلوا إلى سجن المزة في دمشق لمدة قصيرة ثم أفرج عنهم بعد تدخل وساطات عربية مع السلطات السورية( ).
وفي ظل تبجح وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان بأنه سيجلس إلى جانب الهاتف منتظراً مكالمة من الرئيس جمال عبد الناصر يعلن استسلامه وقبوله للشروط الإسرائيلية لكن جاء رد الرئيس جمال عبد الناصر الاتصال بواسطة محمد حسنين هيكل بحركة فتح طالباً إشعال الوضع وقال أنتم ضمير الأمة العربية وبأن ظروف مصر لا تسمح لها بأن تقوم بعمل عسكري الآن عبر سيناء وتم ترتيب لقاء بين قادة حركة فتح والرئيس جمال عبد الناصر الذي طلب من قيادة حركة فتح إشعال الأرض المحتلة تحت أقدام المحتلين الإسرائيليين( ).



















بدايات حركة فتح في قطاع غزة والدول العربية

كان العمل العسكري في قطاع غزة قد بدأ منذ عام 1954م قبل العدوان الثلاثي ضمن الأجنحة السرية العسكرية لحركة الإخوان المسلمين جناح كتيبة الحق وجناح كتيبة شباب الثأر الأحرار وقامت كتيبة الحق بتنفيذ العديد من العمليات العسكرية انطلاقاً من قطاع غزة.
اعتمدت هذه المجموعات على نظام توزيع المناطق فكل منطقة فيها عدة خلايا عنقودية فكانت المنطقة الممتدة من المغازي إلى رفح فيها مجموعات تضم كلاً من: محمود العروقي ونصر عبد الجليل ومبارك مبارك ويونس مبارك ومصطفى السميري ويوسف السميري وإبراهيم الصباح وعواد مسلمي أبو جريبان.
أما المنطقة الممتدة من المغازي إلى جحر الديك فكانت تضم كلاً من حَمَدْ العايدي وأحمد أبو خبيزة الذي استشهد عام 1963م في عملية لحركة فتح داخل الأراضي المحتلة عام 1948م وسليمان الزميلي وإبراهيم الإفرنجي وسالم أبو مطرود، وكان في منطقة جباليا: شحدة الرشايدة وموسى أبو عبيد والمختار موسى أبو راشد الذي كان يقوم بتقديم الدعم اللازم.
أمّا منطقة غزة: فكانت تضم كمال عدوان و خليل الوزير ومحمد الإفرنجي وعبد الله صيام ويحيى عاشور وعبد أبو مراحيل وقامت هذه المجموعات بعدة عمليات عسكرية من بداية الخمسينات من زرع ألغام ووضع عبوات ناسفة على جوانب الطرق الترابية ضد العدو الإسرائيلي ومن عملياتهم الناجحة عملية مستوطنة باتيش جنوب منطقة المشبه شرق البريج وقد قامت مجموعة محمود العروقي بوضع عبوتين ناسفتين في المستوطنة وذلك أثناء احتفال فيها وعند انفجار العبوات أصيب المستوطنون بالخوف والهلع فقامت المجموعة الفدائية بإطلاق نيران الأسلحة على الهاربين من الانفجار.
كانت خسائر الإسرائيليين حسب اعتراف راديو العدو حصيلة أكثر من واحد وعشرين جريحاً وكانت هناك عملية زوهر التي قام بها شحدة غيث الرشايدة وموسى أبو عبيد وكانت هذه العمليات هي بدايات العمل الفتحاوي المستقل داخل حركة الإخوان المسلمين وقد وصلت عمليات كتيبة الحق إلى النقب وإلى مشارف تل أبيب.
قامت هذه المجموعات بعمليات عديدة من زرع ألغام ونسف أنابيب المياه وكان لهم علاقات مع عرب فلسطين المحتلة عام 1948م في منطقة اللد والرملة والنقب الذين تم تنظيمهم وكانوا يقومون بدور الاستطلاع وتحديد أماكن العمليات الفدائية ويقومون بتأمين انسحاب الفدائيين وإخفائهم بعد هذه العمليات( ).
أصبح تنظيم حركة فتح بعد مغادرة خليل الوزير وكمال عدوان من قطاع غزه بقيادة عوني القيشاوي ومحمد الإفرنجي و كان معهم جعفر فريح المصدر وسليمان محمد العواودة وسليمان الزميلي ومحمود أبو خوصة وهليل أبو خبيزة وأحمد أبو خبيزة ومصطفى السميري وأسعد الصفطاوي وعبد المعطي السبعاوي وعمر سكيك وجمال عايش ونمر حجاج ومحمد مكي ومحمد جرادة وهندي الشوبكي المعروفون بانتمائهم لحركة الإخوان المسلمين.
كانت قيادة الاخوان المسلمين تقوم بتزويدهم بالمال والسلاح والمنشورات القيام بالاتصال بقيادات حركة فتح في الكويت وبيروت وقامت هذه المجموعة بزراعة عدة عبوات ناسفة على طول خط الهدنة مع إسرائيل في قطاع غزة وقد انفجرت عدة عبوات في مناطق مختلفة( ).
كانت أخطر العمليات هي انفجار عبوة في عربة إسرائيلية شرق القرارة وكانت هذه العملية هي الخيط الذي أدى إلى اعتقال المجموعات المسئولة عن النشاط العسكري لحركة فتح وقد ألقي القبض عليهم من قبل المخابرات المصرية واعتقلوا مدة ثلاثين يوماً وكان بحوزتهم حوالي عشرين قطعة سلاح أوتوماتيكي وعدد كبير من القنابل اليدوية والألغام وقد صودرت هذه الأسلحة( ).
وضع أفراد حركة فتح تحت الرقابة ومنعوا من السفر خارج قطاع غزة كما أودع قسم منهم في سجن حربي وكان من المعتقلين عوني القيشاوي ومحمد الإفرنجي وموسى عرفات القدوة وعبد الهادي أبو وادي ومحمود أبو وادي ومصطفى السميري ومعتق الرميلي وأحمد أبو شارب وهليل أبو خبيزة ومحمد الخواجة وتوسطت الحكومة الجزائرية ورئيسها بن بلا شخصياً لدى السلطات المصرية لإطلاق سراح المعتقلين.
كان قد تم شراء السلاح أكثر من مرة من ألمانيا وفرنسا وشُحن براً إلى بيروت ومنها إلى غزة بواسطة سيارات شحن أعدت خصيصاً لتهريب السلاح تم شراؤها من لبنان واستلم هذا السلاح تنظيم حركة فتح في قطاع غزة ( ).
كوادر حركة فتح في مصر: الطيب عبد الرحيم وعبد اللطيف أبو بكر ونبيل عمرو وربحي عوض عكوش ومازن أبو غزالة وهاني حجازي ولمعي قمبرجي وزكريا بعلوشة وفتحي الخزندار ويحيى الغصين ونصر وافي وعمر العسولي وضيف الله الأخرس وصخر بسيسو ومهدي بسيسو ويحيى بسيسو ومحمد سعدي بسيسو وظافر عبد اللطيف بسيسو وزهدي القدرة وسفيان الأغا وغسان الأغا وعلي الزميلي وحازم فؤاد كرازون وعبد فؤاد كرازون ومنذر عز الدين الدجاني وعلي الجبالي وأسعد الشريف ويونس الشريف وخالد الشريف وعبد الفتاح الشريف( ).
كوادر حركة فتح في الكويت: ياسر عرفات وخليل الوزير وعبد الله الدنان ويوسف عميرة (عبد الله العلي المطوع وخالد العسكر كويتي الجنسية) وأحمد السعدي وعادل عبد الكريم وعرفات أبو سكران وحسين الثوابتة ومنير عجور وخالد الحسن ويوسف عميرة وعلي ياسين وحسين زريعة ومنير سويدة وفتحي عرفات ومحمد مسودة وتوفيق شديد وهاني القدومي وفاروق القدومي ومحمود الوزير وعلي حسن وموسى عوض وعلي جاد الله وإبراهيم صبحي ومختار بعباع ومحمد حرب وموسى القنيبي وحسني زعرب وصلاح خلف وسليم الزعنون ونبيل الشريف.
كوادر حركة فتح في قطر: كانت مجموعة قطر قد اطلعت على تجربة الإخوان المسلمين وعلى بدايات فكر حركة فتح في قطاع غزة وكان منهم: رفيق النتشة ومحمود عباس وعبد المجيد الأسمر وأحمد رجب وعبد الفتاح حمود وحمد العايدي وسليمان الشرفا وأحمد الإفرنجي وفتحي البلعاوي وياسين الشريف وسعيد المسحال وكان تنظيم غزة له أهمية كبيرة لكونه يعمل في منطقة أكبر تجمع فلسطيني وكان حضور محمد يوسف النجار ومعاذ عابد ومحمود عباس ورفيق النتشة إلى غزة سنوياً ومعهم مصطفى الدباغ وتوفيق الناجي المحسوبان على حركة الإخوان المسلمين لانتقاء المدرسين المتقدمين للتعاقد وكان الانتقاء يتم على خلفياتهم السياسية وذوي الاتجاهات الدينية والوطنية المنسجمة مع فكر الإخوان أو فكر حركة فتح وقد تكررت هذه الزيارات للتعاقد على الموظفين مما زاد عدد المنتمين إلى حركة فتح في قطر والخليج العربي( ).
كوارد حركة فتح في السعودية: عبد الفتاح الحمود وكمال عدوان ومعاذ عابد الذي انتقل هو وكمال عدوان إلى قطر وبكر عباس وعلي يونس وأحمد وافي وعبد العزيز شاهين وصبري البنا وسعيد المزين وغالب الوزير وأحمد القدوة ومحمد الأعرج وماجد أبو شرار ونور الدين منصور وأحمد قريع ومروان اليحيى ومحمد أبو كرش وسليمان أبو كرش الذي أنشأ أول قناة حوار مع مجموعة أحمد جبريل في دمشق( ).
كوادر حركة فتح في ألمانيا: يحيى حمدان عاشور وعبد الله الإفرنجي وأمين الهندي وزهير المناصرة وغازي الحسيني ويوسف النونو وأحمد نمر عبد الله وحسين جابر ومحمد سعادة وإميل خوري وأحمد إرشيد ومحمد أبو ميزر ومحمد عبدة وداود بركات ونبيل الحسيني ووليم نصار وكانت أول خلية شكلت لحركة فتح في أوروبا هايل عبد الحميد وهاني الحسن ونبيل نصار وكان يحيى عاشور في النمسا المبعوث الأول لحركة فتح في أوروبا( ).
كوادر حركة فتح في الضفة الغربية: الشيخ محمد أبو سردانة ومحمد راتب غنيم وعبد الكريم العلمي وعمر الخطيب وإسحاق الدزدار وخالد حمدان ومصطفى عيسى وفاطمة البرناوي وعبد الله جبر وهاشم أبو سردانة وسعدي الزميلي وموسى غيث أبو غيث ومسمح البلوي ونواف سرحان الرماضين( ).
كوادر حركة فتح في ليبيا: كمال السراج وجرير القدوة وتوفيق الشهابي وغازي عرنوس ومحمود أبو الفخر وأحمد عبد الغفور وغالب عجور وفتحي حمد ومحمد سكيك ويعقوب سابا وزيد وهبي ومروان قويدر ونعيم أبو ضنية( ).
كوادر حركة فتح في الجزائر: أصبحت مركز ثقل لحركة فتح بعد انتقال خليل الوزير إليها من الكويت وكانت حركة فتح قد بدأت مبكراً بتوثيق علاقتها مع الثورة الجزائرية بواسطة جمال عرفات القدوة الذي كان يرأس مكتب مصر للهيئة العربية وقد تخرج من الجزائر أغلب قيادات حركة فتح نذكر منهم وليد نمر شريم ومحمد صيدم وعبد الكريم العكلوك ووجيه حسن وعلي عباس وزياد الأطرش وفوزي أبو سكران ومحمد أبو ميزر ومحمد الهمشري وحسين طافش ويوسف طافش وإبراهيم أبو النجا وسيف الدين رحمي ومحمد دواس وأحمد الهسي وعوض البحيصي ومحمد الحصري ومنهل شديد وأحمد وافي ووجيه حسن وياسين مراد ومحمد عرسان وعايش حرب وطالب أبو شماله وأحمد عقل وصالح البرغوثي ووديع حسن عبد اللطيف وعبد الهادي السويسي( ).
كوادر حركة فتح في لبنان: توفيق الحوري وزهير العلمي وهاني الفاخوري وزكريا عبد الرحيم وأحمد الأطرش كانت لبنان حالة خاصة للحركة الوطنية الفلسطينية فالنزوح الفلسطيني إلى لبنان عام 1948م قد قابلته السلطات اللبنانية بالامتعاض حيث عاش النازحون في لبنان حياة البؤس و الخيام والمخيمات ويوجد في لبنان عدة مخيمات للشعب الفلسطيني منها: صبرا وشاتيلا وضبية وتل الزعتر والرشيدية ونهر البارد والبداوي وعين الحلوة والمية مية والبرج الشمالي والبص وكانت السلطات اللبنانية من أول يوم لنزوح الشعب الفلسطيني قد بدأت بالتضييق على الفلسطينيين في الإقامة والتحرك من خلال المكتب الثاني حيث كانت السلطات اللبنانية تخشى من وجود الشعب الفلسطيني على أرض لبنان لأن الشعب الفلسطيني ينتمي إلى طائفة السنة وهذا ما يقلب المعادلة الطائفية في لبنان ورغم القيود والسجون والمطاردة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني استطاعت عدة أحزاب وتنظيمات العمل على الساحة اللبنانية.
عرفت حركة القوميين العرب في الجامعة الأمريكية في بيروت: جورج حبش ووديع حداد وهاني الهندي وأحمد اليماني وصلاح صلاح وعبد الكريم محمد وحزب البعث: ميشال عفلق وصلاح البيطار وجبران المجدلاني وفؤاد الركابي وعبد المجيد أبو ميزر والحزب السوري القومي الاجتماعي: أنطوان سعادة بالإضافة إلى الحزب الشيوعي والهيئة العربية العليا بقيادة الحاج أمين الحسيني ورجالاتها موجودة على الساحة اللبنانية.
كانت لبنان تعيش كل التحالفات السياسية العربية والاضطرابات في العلاقات بين المحاور والقاهرة بغداد والقاهرة دمشق والقاهرة عمان والقاهرة الرياض.
جاء انفصال الوحدة عام 1961م خيبة أمل بالنسبة للشعب الفلسطيني فقد كانت الوحدة وعداً بتحرير فلسطين بدأت بوادر تحرك فلسطيني لخلق تنظيمات فلسطينية لبعث الكيان الفلسطيني وإعادة الروح إلى الشخصية الوطنية الفلسطينية فصدرت في لبنان نشرة دورية باسم طريق العودة عرفت فيما بعد جبهة التحرير الفلسطينية وكان من رموزها:خالد اليشرطي وعبد المحسن أبو ميزر ونقولا الدر وسميرة عزام وشفيق الحوت وعرفت في لبنان جبهة التحرير الوطني الفلسطينية وتبنت مجلة الحوادث المحسوبة على الرئيس جمال عبد الناصر فكر جبهة التحرير الفلسطينية وأصبحت مجلة الحوادث المنبر الذي اعتمد لنشر الدعوة وإيصال الفكرة إلى أوسع القواعد الشعبية الفلسطينية وذلك رداً على نشرة فلسطينياً التي اعتمدتها حركة فتح التي أصبح لها وجود واضح في لبنان( ).
قالت حركة فتح حسب ما نص البند رقم (10) بالنظام الأساسي هي حركة وطنية ثورية مستقلة و تمثل الطليعة الثورية للشعب الفلسطيني وعندما تقول بأنها مستقلة فإن ذلك يعني أنها تسعى للاستقلال ولكن ليس عن العالم العربي حيث إنها حددت في المادة الأولى في النظام الأساسي أن فلسطين هي جزء من الوطن العربي وأن الشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية وكفاحه جزء من كفاحها.
و إن المادة الثانية تقول: إن الشعب الفلسطيني ذو شخصية مستقلة وصاحب الحق في تقرير مصيره وله السيادة المطلقة على جميع أراضيه.
أكدت حركة فتح على الشخصية الفلسطينية المستقلة وأن الإسرائيلي القادم جاء نقيضاً للفلسطيني وليس نقيضاً للسوري أو اللبناني أو غيره لذلك فإن نقيضه يجب أن يكون مستقلاً وأعلنت بأن الثورة الفلسطينية هي طليعة الأمة العربية نحو تحرير فلسطين.
من الممكن أن يكون داخل إطار حركة فتح من لهم خلفيات ماركسية أو قومية أو دينية تربطهم فكرة الوطنية الثورية ويربطهم جميعاً الهم الوطني الواحد أولاً وقبل أي شيء آخر ولكن بعض القوميين كعبد الله الريماوي كتبوا ضد منهج حركة فتح على أساس قومي وآخرين أضافوا بأنها تابعة لحلف الناتو واعتبروها حركة مدسوسة ترمي إلى جر العالم العربي إلى حرب مع الإسرائيليين قبل أن يتمكن العالم العربي من الاستعداد اللازم.
كانت مقالات غسان كنفاني التي عرفت بالتاءات ضد حركة فتح فقد اتهمت حركة فتح بأنها حركة رجعية عميلة بتوقيتها وانطلاقتها وتمويلها وتسليحها وأنها تسعى إلى توريط المنطقة العربية في حرب مع إسرائيل في الوقت الذي لم يستعد العالم العربي لهذه الحرب وإن هذه الحركة تفرط في القضية الفلسطينية وتحارب منظمة التحرير الفلسطينية و زاد كيل الاتهامات لحركة حركة فتح خصوصاً بعد بروز الكفاح المسلح وانطلاق العمل العسكري بأنها عميلة للدول الأجنبية بريطانيا وأمريكا وأنها من صناعة حلف الناتو وأنها حركة شوفينية إقليمية تعارض الفكر القومي وتعاند الحركة القومية وأنها مرتبطة بالأنظمة الرجعية العربية في السعودية والخليج العربي وأنها حركة عصابات مسلحة من بقايا الإخوان المسلمين والعناصر الرجعية من أتباع الحاج أمين الحسيني والأحزاب المنقرضة.
وإن الكفاح المسلح يعارض الإستراتيجية العربية وموقف القيادة العربية الموحدة وكذلك حركة فتح تختار أسوأ الأوقات لتفجير الصراع مع إسرائيل من دون التنسيق مع الدول العربية وتستعمل أسلوب التوريط ولكن كل هذا تغير بعد عام 1967م حيث ازدادت جماهيرية حركة فتح بعملياتها العسكرية وبرفضها قرار مجلس الأمن رقم 242 ليعطيها زمام المبادرة ( ).
شكلت الرصاصات التي انطلقت في 1/يناير/1965 انقلاباً في المفاهيم النضالية التي سادت الوطن العربي كله منذ عام 1948م وجاءت إستراتيجية الانطلاقة إستراتيجية الثورة حتى النصر.
أصبح تنظيم حركة فتح مطارداً من قبل مخابرات الدول العربية ومخابرات إسرائيل على حد سواء وكانت حرب يونيو الحد الفاصل الذي نشر الإحباط والهزيمة على مدى الوطن العربي وجاء قرار حركة فتح بإعلان الانطلاقة الثانية انبعاثاً من حالة اليأس والتردي إلى عنفوان الأمل والتحدي.
بدء فكرة بناء التنظيم وتطوره من خلال إعداد وتدريب الطلاب في الجامعات وتهيئتهم للعمل التنظيمي السري بعد تخرجهم من الجامعات وعودتهم إلى أرض الوطن ورغم المعارك التي فُرضت على الثورة في الخارج ومحاولات تصفيتها صمدت حركة فتح واستطاعت بناء هيكلها التنظيمي في داخل الأرض المحتلة وخارجها في الأردن ولبنان و كان صمود حركة فتح في معركة الكرامة قد أعاد للأمة العربية ولجيوشها ولأبنائها الثقة التي فقدتها أثناء حرب 1967م حيث صمدت قلة من الثوار الفلسطينيين في وجه الجيش الإسرائيلي وعبّروا للعالم أدق تعبير بأن الإرادة والصمود الفلسطيني هو سبيل النصر( ).
ترسخت قناعة الجماهير الفلسطينية والعربية في أسلوب حرب التحرير الشعبية وأطروحات حركة فتح التنظيمية والسياسية والتحقت الجماهير بحركة فتح بأعداد كبيرة وتمكنت الحركة من استيعاب هذا المد الجماهيري الواسع الذي ترافق مع مرحلة ما بعد الكرامة.
كان قرار المواجهة في الكرامة مغامرة محسوبة ولم يكن أحد ليعيب حركة فتح لو تركت الساحة استناداً على توازن القوى فيما بينها وبين القوات الإسرائيلية الكبيرة التي هاجمتها ولكن حركة فتح كانت تشعر بأهمية رفع معنويات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية عموماً وهذا يحتاج إلى عمل إعجازي وتضحية استثنائية وجاء قرار اللجنة المركزية لحركة فتح بدخول معركة الكرامة شارك مع قوة الصدام الأساسية لحركة فتح قوات التحرير الشعبية بقيادة صائب العاجز.
رغم أن بعض الفصائل آثرت الانسحاب وقامت إسرائيل بقصف شديد للكرامة والكريمة لدفع جماهير الشعب للرحيل لكن صمود حركة فتح جر عملية استقطابات واسعة لضباط أردنيين وقطاعات عسكرية كان يقودهم كلُّ من مشهور حديثة وسعد صايل وسعيد مراغة (أبو يوسف) إضافة لعدد كبير من الضباط في منطقة السلط هؤلاء ومن خلال علاقتهم بالثورة الفلسطينية.
فإذا كان موقفهم أنهم لا يستطيعون عبور النهر لمقاتلة العدو ولكن في حالة عبور العدو للنهر فإنهم سيبذلون أقصى ما يستطيعون في مقاتلته وكان لهذا الموقف وزنه وثقله في دعم صمود الفدائي وعندما وقعت معركة الكرامة وقف الضباط الأردنيون موقف الأبطال فمعركة الكرامة هي من إنجاز للفدائيين الفلسطينيين والجيش الأردني ولا يمكن لطرف أن يحتفل بها دون التنويه بدور الشريك الأساسي فهي ليست مأثرة فلسطينية ولا مأثرة أردنية والشعب الفلسطيني يعتز بهذه المعركة لأنها ولأول مرة تمتزج بها الإرادتان الفلسطينية والأردنية والجيش النظامي الأردني والفدائيون الفلسطينيون في محاربة العدو الإسرائيلي المشترك.
انتقلت حركة فتح عقب الكرامة من مرحلة التنظيم الطليعي إلى مرحلة الحشد والتنظيم الشعبي والجماهيري وبدأ العمل على إقامة تنظيم الأردن واشتدت المخاطر المحدقة بحركة فتح بعدما أصبح الرصيد المعنوي والمادي للثورة كبيراً ومؤثراً.
أصبحت حركة فتح رأس هرم الثورة الفلسطينية ونجحت حركة فتح في مطلع شهر إبريل/1968م في أثناء المفاوضات بين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية في استقطاب أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مما جعل حركة فتح تنجح في فرض مجلس وطني جديد مكون من مائة عضو استأثرت حركة فتح وحدها ثلاثة وثلاثين عضواً عدا من اختارتهم من مؤيدها ضمن المستقلين العشرة.
عُقدت الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني في القاهرة في شهر أغسطس/1968م وفي شهر فبراير/1969م أصبح ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وخلال ذلك حدثت مشاكل تم افتعالها لضرب المقاومة وجرت تفاهمات وإقامة علاقات ما بين الثورة الفلسطينية والنظام الأردني إلى أن وقعت أحداث 7/يونيو/1970م بالرغم من محاولات حركة فتح ترتيب الأوضاع الداخلية إلا أن موجة الاحتكاك والتعبئة في صفوف الجيش الأردني كانت آخذة في التصاعد والحدة إلى أن وقعت أحداث أيلول الأسود( ).

بدايات العمل المسلح في قطاع غزة والضفة الغربية 1967
شكلت حرب يونيو 1967 منعطفاً جديداً في بلورة مفهوم الكفاح المسلح الفلسطيني خاصة بعد أن تبدل المنطلق الرسمي العربي وشعاراته من الدعوة إلى تحرير فلسطين إلى الدعوة إلى إزالة آثار العدوان.
وجد الفلسطينيون أن البديل للهزيمة هو العمل الفدائي بعد أن رجحت عند الشعوب العربية عموماً وعند الشعب الفلسطيني خاصة فكرة الحرب الشعبية لمواجهة العدو الصهيوني وتحرير فلسطين.
ورجحت بين أبناء الشعب الفلسطيني فكرة تولي الشعب زمام المبادرة في قضيته عسكرياً وسياسياً وهكذا تصاعد هذا الكفاح وانضمت إلى صفوف الثورة منظمات مسلحة عدة كما انضمت الجماهير في قطاعات كثيرة للثورة الفلسطينية.
وهكذا جاءت حركة المقاومة العربية في الأرض المحتلة كرد عملي وثوري على واقع الهزيمة وكتعبير عن إرادة الجماهير على الصمود وتصفية العدو الصهيوني الإمبريالي فمثلت حركة المقاومة الجانب الإيجابي في الوضع العربي بعد هزيمة العرب في يونيو 1967.
شهد العامان 1968 و1969 تعاظم قوى المنظمات الفدائية وفي مقدمتها حركة فتح وشهد العام 1969 اكتمال احتواء منظمة التحرير الفلسطينية معظم المنظمات العاملة في ساحة الكفاح المسلح.
في الوقت نفسه أخذ العمل الثوري بعد حرب 1967 يجري في ظروف ناضجة محلياً ومؤهلة لأن تكون مناسبة خارجياً وعلى هذا أخذ العمل السياسي للنضال الثوري يسير جنباً إلى جنب مع العمل المسلح ويطرح مسألتي التحرر الوطني والوحدة الوطنية في الداخل وتبلور ورأي الدولة الديمقراطية في التمييز بين اليهودي والصهيوني وحق تقرير المصير في الخارج.
أصبحت فلسطين كلها مسرحاً دعيت المقاومة إلى العمل فيه واستفادت من مساعدات تسليحية ومالية من الدول العربية وانضم إلى صفوفها مقاتلون مدربون جاؤوا إليها من وحدات جيش التحرير والمقاومة الشعبية من قطاع غزة إضافة إلى مناضلي الضفة الغربية المعبئين سياسياً والمستعدين لمقاومة الاحتلال.
بقيت البندقية الفلسطينية هي المشرعة في وجه الاحتلال وتعلقت آمال الجماهير العربية بالثورة الفلسطينية وأعطتها دعمهما وهكذا جاء استئناف الكفاح المسلح الفلسطيني تطبيقاً لمبادئ الحرب الثورية بأن هزيمة الشعب واحتلال أرضه لا ينهيان نزاعاً تكمن وراءه أهداف مصيرية وأن بوسع الشعوب المقهورة متابعة النضال بوسائط مادية محدودة طالما أنها تملك القوة المعنوية الدافعة وإرادة القتال وترفض الخضوع لإرادة الخصم.
في البدايات كانت المنظمات الفدائية الفلسطينية قوة ناشئة لا يحكمها مسار واضح حتى حرب يونيو 1967 وقد أزاحت هذه الحرب السلطة العربية الرسمية عن الضفة الغربية وقطاع غزة نتيجة احتلال إسرائيل لهما وأضعفت من قدرة الحكومات العربية السياسية الفعلية على فرض سيطرتها على نشاط الفلسطينيين أو منع نشاطهم في دول المواجهة المحيطة بإسرائيل، هذا من جانب ومن جانب آخر أتاحت هذه الحرب للفلسطينيين وللمنظمات الفدائية الفلسطينية الظهور بجدارة كقوة إقليمية تركز جهدها الذي بذلته في الأشهر القليلة التي تلت الحرب على إنشاء قاعدة مستقلة وثورة مسلحة في الأراضي المحتلة الأمر الذي أعاد رسم العلاقات بالدول العربية وأحدث تحولا في السياسة العربية.
ولتوضيح نهضة المنظمات الفلسطينية في الفترة التي تلت حرب يونيو 1967 خلال الطورين الرئيسيين للثورة: طور الجدال والإعداد في الفترة الواقعة بين 10/يونيو/1967 إلى 28/أغسطس/1967 وطور النشاط الذي تلا ذلك وامتد حتى نهاية عام 1967 ووقع الثورة على العلاقات بين الفدائيين من ناحية أخرى منظمة التحرير الفلسطينية والحكومات العربية من ناحية أخرى قبل تقويم دلائلها على التطور اللاحق لحركتهم( ).
أسهمت حركة فتح في نشوب الحرب في يونيو 1967 وكان قرارها بانتهاج الكفاح المسلح ضد إسرائيل في 1/يناير/1965 يقوم على أساس الأمل بأن تؤدي هجماتها الفدائية إلى قيام الإسرائيليين بالرد فتنشأ دورة من الفعل وردة الفعل تجر الجيوش العربية النظامية في نهاية الأمر إلى مواجهة شاملة مع إسرائيل وكانت الهجمات التي شنتها حركة فتح والتي بلغت نحو تسعين هجمة في فترة عامين ونصف أوقعت في صفوف الإسرائيليين أكثر من أحدى عشرة إصابة وأسهمت في إثارة التوتر العام وعدم الشعور بالأمن ومما يكسب هذه الهجمات خصوصية أنها تزامنت مع خطابات الرئيس جمال عبد الناصر التي كانت تحض على القتال بصورة متزايدة وكذلك مع خطابات نظام الحكم السوري الجديد الذي وصل إلى السلطة في 23/فبراير/1966.
أصرت حركة فتح على استقلال نشاطها وقرارها ولعل بعض قادتها تناول مفاهيم الحرب الشعبية ولكن حركة فتح عمليا نظرت إلى نفسها بوصفها عاملاً مساعداً أو محرضاً واعتمدت اعتماداً رئيسياً على الدور الذي ستؤديه في نهاية الأمر الجيوش العربية في تحطيم إسرائيل وتحرير فلسطين ومن هنا كانت الهزيمة الساحقة التي لحقت بالجيوش المصرية والسورية والأردنية في يونيو 1967 صدمة قاسية بالنسبة لحركة فتح التي اعتمدت قبل 1967 على توريط الجيوش العربية فيما كانت تؤمن بجدية القوة العربية وخاصة المصرية باعتبارها قوة ضاربة.
كانت حركة فتح سريعة في تجميع صفوفها ويعود ذلك إلى أنها كانت قبل الحرب تنظر إلى الحكومات العربية بحذر شديد وقد كابد أعضاؤها قمعاً مستمراً في قطاع غزة الذي كانت تديره مصر كذلك في الأردن ولبنان إلا أن نتيجة الحرب صنعت لها فرصة تكاد تكون معجزة للإفلات من السيطرة العربية فحرب يونيو 1967 تعني بالنسبة إلى حركة فتح اختفاء قدرة القمع العربية وإعادة القضية إلى صورتها الحقيقية صراع فلسطيني-إسرائيلي( ) وخلال حرب يونيو 1967 قامت حركة فتح في سوريا بحشد العشرات من الأعضاء المسلحين للاشتراك في القتال في جبهة الجولان وفي هذه الأثناء تجمع في معسكر دُمَرْ المئات من أنصار حركة فتح باحثين عن دور يؤدونه.
تمكنت حركة فتح من القيام بعدة مهمات قتالية لم تكن سوى قطرة في محيط ولكنها اضطرت إلى التخلي عن جهودها فور انسحاب الجيش السوري وعقدت اللجنة المركزية لحركة فتح اجتماعا طارئاً في دمشق يوم 12/يونيو/1967 أي بعد يومين فقط من انتهاء الحرب وحضر الاجتماع أعضاء اللجنة المركزية المقيمون في دول الخليج الذين وصلوا إلى العاصمة السورية خلال القتال إضافة إلى كوادر فتح العسكريون الرئيسيين في سوريا ودعت أصوات قليلة إلى اتخاذ موقف الانتظار والتريث أما الأغلبية فقد كانت تحبذ الانتقال إلى الأراضي المحتلة وإعادة الكفاح المسلح إلى هناك ودعت قيادة حركة فتح السرية في الأردن التي تم إطلاق سراح أنصارها من السجون الأردنية أثناء الحرب إلى اجتماع رأسه محمد غنيم وتبنت خطا مماثلا بعد الاجتماع الذي عقد في دمشق.
وفي ضوء ذلك قررت قيادة حركة فتح أيضاً درس الوضع على الطبيعة في الأراضي المحتلة وأرسلت عدة قادة لهذا الغرض وكان ياسر عرفات أشدهم حماسة لانتهاز الفرصة والاحتفاظ بالقيادة الميدانية فانتقل إلى الأردن سراً ثم تسلل إلى شمال الضفة الغربية وحذا حذوه كوادر آخرون منهم عبد العزيز شاهين وعبد الحميد القدسي ووصلوا في نهاية شهر يونيو إلى الخليل والقدس ومدن أخرى وكانت حركة فتح تواقة إلى كسب الرصيد الشعبي فسارعت إلى الإعلان في الصحافة في 21/يونيو/1967 ثم 3/يوليو/1967 إن قيادتها قد انتقلت إلى الأراضي المحتلة( ).
كان في مقدم أولويات الكوادر إعادة إقامة الاتصال بأعضاء حركة فتح المقيمين أصلاً في الضفة الغربية وإنشاء مخابئ للأسلحة التي تركها الجيش الأردني عند انسحابه وبعد أن أنهت الكوادر مهمتها غادرت قيادة فتح الضفة الغربية لتقديم تقاريرهم إلى مؤتمر حركة فتح الذي عقد في دمشق من دون إعداد مسبق واجتمع نحو خمسة وثلاثين شخصاً في منزل خليل الوزير لمناقشة ما توصل إليه العائدون ومرة أخرى عارضت أقلية بدء العمليات العسكرية في وقت مبكر خوفاً من أعمال الانتقام الإسرائيلية ضد سكان الأراضي المحتلة وفي المقابل أصرت الأغلبية أن الهم الرئيسي هو رفع الروح المعنوية لتشجيع الناس على البقاء في أرضهم صامدين.
كان لقرار مصر بالقتال على امتداد قناة السويس وقع كبير عليهم إذ استنتجوا أنه لابد من الإسراع أكثر في الإعداد للمقاومة الفلسطينية المسلحة( ) وكانت حركة فتح في استعجالها وإلحاحها تخشى ضمنا أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من الأراضي المحتلة بعد فترة وجيزة ضمن تسوية سلمية مع الدول العربية يستثنى الفلسطينيون منها( ).
قامت حركة فتح فيما بعد بوضع خطة مفصلة لتنظيم المهمات المتعلقة بالإعداد للمقاومة العسكرية والمدنية في الأراضي المحتلة وللاتصال بالحكومات العربية وتعبئتها وضمان التأييد المادي والحصول إذا أمكن على محطة إذاعة لبث نداءاتها( ).
رأت حركة فتح أنها قد لقيت استجابة عاطفية من الشعب الفلسطيني قبل عام 1967 إلاَ أنها بحاجة إلى المشاركة النشيطة ولم ترض هذه النتيجة التي انتهى المؤتمر إليها الأقلية التي نالت تأييد ثلاثة أعضاء سابقين في اللجنة المركزية كانوا مقيمين في الكويت وبالتالي نشأت في 15/يوليو/1967جماعة صغيرة أطلقت على نفسها اسم الجناح المنشق.
عارضت استمرار قيادة ياسر عرفات الذي عاد إلى الضفة الغربية ولفض هذا النزاع عرض مؤيدي درب ياسر عرفات على خصومهم اختيار واحد من أمرين: إما أن يستبدل ياسر عرفات بقائد آخر يتولى القيادة الميدانية في الضفة الغربية وإما أن يقبلوا بقيادته ورفضت الأقلية تسلم القيادة بهذه الشروط آملة ربما أن تؤول القيادة إليها عندما تؤدي المخاطرة التي سيقدم عليها إلى الفشل( ).
عقدت اللجنة المركزية لحركة فتح اجتماعا حاسما لتقرر إستراتيجيتها للمرحلة التالية وذلك على أساس التقارير الإضافية الواردة من الميدان 30/يوليو/1967ومنها تقرير مفرط في الحماسة كان ياسر عرفات قد قدمه خلال زيارة جديدة إلى دمشق وتردد بعض القادة أمام ضخامة مهمة تعبئة السكان في الأراضي المحتلة فسعى لإقناع الآخرين بشن حملة فدائية ضيقة النطاق وكان أعضاء آخرون أكثر طموحاً فأرادوا في الحقيقة تكرار ثورة 1936 التي نشبت إبان الانتداب البريطاني إذ اعتبروا إن التراث الثوري الفلسطيني يتمثل أكثر ما يتمثل في ثورة 1936.
كان الأعضاء يأملون إلى جانب بناء ثورة مسلحة شاملة بأن تنشأ قيادة وطنية فلسطينية لا منازع لها على أرض فلسطين وحرة من النفوذ العربي عليها بل أن بعض أعضاء اللجنة المركزية تطلع إلى ما هو أبعد من ذلك إنشاء كيان فلسطيني أو دولة فلسطينية مستقلة في الأراضي المحتلة إلا أن الآخرين عارضوا هذا التطلع معارضة قوية وأحبطوه.
أقرت اللجنة المركزية لحركة فتح إستراتيجية تقوم على إنشاء قواعد ارتكاز أمينة في الأراضي المحتلة وأكد برنامجها أن الأوضاع تفرض الانتقال إلى حرب تحرير شعبية لكنها جعلت اختيار الموعد الدقيق للبدء متوقفاً على استيفاء بعض الحاجات المادية والسياسية فرفعت وتيرة التدريب قبل إرسال المقاتلين إلى داخل الضفة الغربية.
شجع حركة فتح تصاعد المقاومة المدنية ضد الإسرائيليين الذين واجهوا إضرابات غير منسقة ولكنها متكررة وكذلك الاعتصامات والعرائض وغيرها من أشكال الاحتجاج.
بثت الجرأة في حركة فتح بصفة خاصة تدفق أعضاء جدد إلى صفوفها بصورة مستمرة وهو ما دفعها إلى الاستنتاج أنها أصبحت أكبر منظمة فدائية فلسطينية ولعل هذا هو السبب الذي جعل حركة فتح تتخذ قرار بدء العمليات القتالية ضد الإسرائيليين قبل الأوان منتهكة بذلك ما كانت قد توصلت إليه مع حركة القوميين العرب والجماعات الفدائية الصغيرة الأخرى من تفاهم على تأجيل هذه العمليات إلى حين اكتمال استعداداتها العسكرية والتنظيمية المشتركة.
على أية حال فقد اختير ياسر عرفات في ذلك الوقت رسمياً قائداً ميدانياً أعلى وكلف بقيادة الكفاح المسلح من داخل الضفة الغربية بل بات يشار إليه في الضفة الغربية بأنه القائد العام ففي شهر أغسطس/1967 عبر ياسر عرفات نهر الأردن على رأس فريق مكون من ثلاثين فرداً وأنشأ مقر قيادته السرية في نابلس ولكن قبل أن يغادر دمشق أصدرت قيادة حركة فتح قراراً مهماً هو: إعادة إطلاق الكفاح المسلح في 1/أكتوبر/1967 وكان هذا التاريخ مبكراً قياساً بما كان مقرراً.
قدم الموعد إلى 28/أغسطس/1967 وذلك للتأثير على الزعماء العرب الوافدين إلى الخرطوم لحضور مؤتمر القمة الطارئ والمصيري الذي انعقد في ذلك التاريخ وقد أثار قرار حركة فتح بتجديد نشاطها القتالي تهديدا لها من مصدر لم تكن تتوقعه وهي الحكومة السورية وكانت العلاقات بين الجانبين دافئة في الأشهر التي سبقت حرب يونيو 1967 بصفة خاصة إذ أن النظام الذي تولى السلطة في 23/فبراير/1966 قدم إلى حركة فتح مساعدة مادية على شكل تدريب ومعسكرات وأسلحة وهو ما دفع حركة فتح إلى تأييد سوريا لإستراتيجيتها العسكرية عقب الحرب( ).
سمحت مراكز الحدود السورية لمجموعات تابعة لحركة فتح بعبور خطوط الهدنة الجديدة في الأسابيع القليلة الأولى بعد الحرب بهدف جمع الأسلحة والإمدادات التي تركت في مرتفعات الجولان واحتفظت حركة فتح بما تستطيع استعماله منها.
ولكن لحظة المواجهة جاءت عندما قام وفد من حركة فتح برئاسة خليل الوزير وفاروق القدومي بزيارة رئيس هيئة أركان الحرب السوري أحمد سويدان لإطلاعه على خططهم القتالية وعلى تاريخ بدئها فأثار ذلك انزعاجه وقلقه وحذر من أية عملية في جبهة الجولان واحتج زواره مؤكدين أن عملياتهم ستقع في الأراضي المحتلة ولكنه اعترض قائلاً أن إسرائيل ستلقى اللوم مع ذلك على سوريا وطلب الانتظار حتى تكمل سوريا استعدادها ويعوضها الاتحاد السوفييتي بأسلحة جديدة وبعد أن أوضح وفد حركة فتح تصميم الحركة على المضي في خطتها استدعي في اليوم نفسه لمقابلة وزير خارجية سوريا إبراهيم ماخوس الذي أعاد شرح موقف سوريا نفسه وبحزم أشد وتلا هذا الاجتماع اجتماع آخر مع رئيس الوزراء يوسف زعين هذه المرة ولم ينته اليوم إلا بعد أن وجه رئيس الجمهورية نور الدين الأتاسي نفسه تحذيراً صارماً إلى وفد حركة فتح: إذا أصريتم على هذه الطريق فسوف نضطر آسفين لتصفيتكم( ).
بدأت قيادة فتح تهرب أفرادها ومعداتها عبر الحدود إلى الأردن لتنشئ وجودها السري في غور الأردن في الكرامة والكريمة لكن هذا التحرك أبطئ بعد بضعة أسابيع عند زيارة وفد من قيادة حركة فتح إلى دمشق لفترة قصيرة ولقائهم وزير الدفاع اللواء حافظ الأسد ومجموعة من كبار الضباط وبعد أن أحاطوهم علما بشأن الأوضاع في الأراضي المحتلة وقرار حركة فتح بمغادرة سوريا فحثهم اللواء حافظ الأسد على إبقاء حركة فتح في سوريا.

قرار حركة فتح بالعمل العسكري بعد هزيمة 1967
قطعت حركة فتح الحوار مع المنظمات المنافسة لها فجأة بالتحول إلى البندقية بالمعنى الحرفي لهذه العبارة إذ أنها جددت العمل ضد الإسرائيليين في 28/أغسطس/1967 وقررت استئناف العمليات القتالية ضد القوات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة منتهكة بذلك تفاهمها مع حركة القوميين العرب ومع جبهة التحرير الفلسطينية وإن الأمر الذي شجعها على ذلك هو نجاحها في إعداد مخزون من القوة البشرية المدربة.
كانت حركة فتح قد طالبت مجموعاتها في الدول العربية والأوروبية بينما حرب يونيو 1967 على أشدها طالبتهم بحشد أعضائها للقيام بالواجبات القتالية وبفضل هذا الجهد تمكنت حركة فتح بعد نشوب الحرب بفترة قصيرة من إرسال نحو مائتي عضو إلى الجزائر لتلقي التدريب على القتال.
كان لشبكاتها التنظيمية الطلابية في الخارج وخاصة ألمانيا والنمسا حيث هاني الحسن ويحيى عاشور يتوليان القيادة وكذلك في مصر حيث هايل عبد الحميد يرأس التنظيم وكان هناك نشاط حيث تقدم مئات من المتطوعين الذين توجه بعضهم إلى الجزائر في حين تلقى آخرين تدريباً سريعا في الدورات المعدة لطلاب الجامعات في مصر أو التحقوا سريعاً بمخيم التدريب التابع لحركة فتح في الهامة بالقرب من دمشق.
أصبح معسكر الهامة الذي تسلمته حركة فتح من السلطات السورية في عام 1966 يستقبل فيضاً من المتطوعين الذين جندتهم حركة فتح من الضفة الغربية وقطاع غزة ليتلقوا التدريب بسرعة وأعادتهم إلى الأراضي المحتلة.
وكانت حركة فتح فور انتهاء الحرب قد أرسلت ثلاثين من الكوادر لحضور دورة قيادية في الصين الشعبية مدتها أربعة أشهر كان من بينهم ممدوح صيدم عضو اللجنة المركزية والذي اجمع عليه فيما بعد قائداً لقوات العاصفة التابعة لحركة فتح وهايل عبد الحميد ومحمد غنيم وهاني الحسن الذين كانوا قادة للفروع الإقليمية وأصبحوا فيما بعد أعضاء اللجنة المركزية ويحيى عاشور الذي أصبح فيما بعد رئيساً للقيادة الإقليمية في لبنان وكوادر آخرون غدوا في النهاية قادة كتائب أو قادة قطاعات فدائية( ).
عاد هؤلاء الكوادر في الوقت الملائم ليؤدوا دوراً مهماً في إنشاء القواعد المساندة لفتح في الأردن وقد عين ممدوح صيدم القائد العسكري للأغوار والحاج إسماعيل جبر في الكرامة ويحيى عاشور في الكريمة وموسى عرفات في غور الصافي ووليد عرابي أبو شعبان في الفصائل المتقدمة.
كان الدور الملقى على عاتق الحاج إسماعيل جبر تجميع المقاتلين في قاعدة التدريب وإعداد عملية إسناد الدوريات المتجهة إلى الأراضي المحتلة ومرافقة هذه الدوريات إلى نهر الأردن برفقة دوريات حماية لمساعدة الدوريات في عبور نهر الأردن في الوقت الذي كانت محاولة إشعال الثورة في الضفة الغربية تمر خلال الأشهر الأخيرة من سنة 1967 في مرحلة حرجة قامت حركة فتح اعتباراً من شهر يوليو/1967 بدفع هذه القوة البشرية المتزايدة إلى الضفة الغربية لتشكيل خلايا مسلحة محلية وذلك ضمن عملية أطلق عليها اسم التعشيش.
كانت مجموعة من كوادر حركة فتح من ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا والجزائر تتراوح ما بين سبعين وثمانين اتجهت إلى الجزائر وتلقت دورة تدريبيه مكثفة وانتقلت بالطائرات العسكرية الجزائرية إلى سوريا لتلقي المزيد من التدريب تمهيداً لزرع هذه المجموعات في داخل الأراضي المحتلة للبدء في الكفاح المسلح.
جاءت الانطلاقة الثانية لحركة فتح في الكفاح المسلح في 28/أغسطس/1967( ) وكان عدد كبير من الكوادر قد تخرج لتوه من الدورات التدريبية المكثفة في حين كان آخرون كوادر قدماء نسبياً سبق أن عايشوا المرحلة الأولى من عمل حركة فتح الفدائي سنتي 1965 و1966.
كان من هؤلاء القدماء عدد من الأعضاء السابقين في كتيبة الاستطلاع الفلسطينية الفدائيين التي نظمتها سوريا في أواخر الخمسينات وقد جندتهم حركة فتح في صفوفها فيما بعد ومن أجل زيادة التدريب واستيعاب الجدد وأقامت حركة فتح في الأرض المحتلة معسكراً للتدريب في جبال طوباس وقباطية في الضفة الغربية وزود كوادرها بأوراق ثبوتية غير رسمية لتسهيل حركتهم عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية وحصل الكوادر الباقون على بطاقات هوية قانونية خلال تسجيل أسمائهم في الإحصاء السكاني الذي أجراه الإسرائيليون في شهر سبتمبر/1967.
أصبح مقر قيادة حركة فتح في نابلس وقسمت الضفة الغربية إلى ثلاث قيادات: القيادة الشمالية والقيادة الوسطى والقيادة الجنوبية وعين عمر أبو ليلى قائداً المنطقة الشمالية وعبد الحميد القدسي قائد المنطقة الوسطى وعبد العزيز شاهين قائداً المنطقة الجنوبية أما قطاع غزة فكان وضعه التنظيمي مختلف وكان قائد منطقة غزة عبد اللطيف عبيد.
كان عدد من كبار القادة في هذه الفترة من خريجي دورة التدريب الأولى التي أتاحها الجيش الجزائري لفتح في معسكر شرشال في فترة 1964 إلى 1965( ).
يلاحظ أن بعض الأفراد الذين لم يقعوا في الأسر سنة 1967 قدر لهم في الأعوام التالية أن يتولوا مناصب مهمة: قادة كتائب أو قادة قطاعات فدائية وهناك ثلاثة عوامل إضافية شجعت حركة فتح على الانتقال سريعا إلى إستراتيجية الثورة المسلحة وهي أحوال السكان وحقائق الجغرافيا وطبوغرافيا التضاريس الأرضية ووضع إسرائيل العسكري.
نزح إلى الأردن خلال الحرب وبعدها مباشرة مائتان وثلاثة وستون ألف فلسطيني وهو عدداً كبير نسبياً قد توزعوا في أربع مدن كبيرة وفي مئات البلدات والقرى علاوة على القدس الشرقية التي بلغ عدد سكانها سبعة وستين ألف نسمة لقد سهل هذا التوزيع التحركات الفدائية داخل الضفة الغربية غير أن مواقع التجمعات السكانية الرئيسية شكلت سلبية فقد كان كثير من النقاط في الحزام الحدودي خالية من المواطنين بعمق خمسة عشر كيلو متراً غرب نهر الأردن فيما عدا أريحا وجوارها.
كان على الفدائيين القادمين من نهر الأردن أن يعبروا منطقة عازلة خالية من السكان والمأوى قبل الوصول إلى التجمعات السكانية وعلى الرغم من أهمية أحوال السكان فقد كانت الجغرافيا عاملاً حاسماً في تحديد عمل حركة فتح.
ببساطة فإن للضفة الغربية حدودا مشتركة مع الأردن طولها ستة وستون كيلو متراً من مجموع ستمائة كلم هي طول الحدود الأردنية الإسرائيلية وهي الحدود التي يستطيع الفدائيون أن يقوموا بعملياتهم انطلاقاً منها.
على نقيض ذلك كان قطاع غزة محاطاً كلياً بأرض تسيطر إسرائيل عليها وكان قطاع غزة معزولا عن اقرب بلدين إليه الأردن ومصر بمسافات بعيدة بينما تمتعت الضفة الغربية بتماس مباشر بمراكز إسرائيل السكانية والاقتصادية والعسكرية إلا أن الوضع قد جمع بين نقيضين فقد جعل الهجمات الفدائية أكثر سهولة لكنه اختصر خطوط الاتصالات الإسرائيلية وأتاح للجيش وقوات الأمن الإسرائيلية الانتشار السريع في الضفة الغربية كلما لزم الأمر.
أما التضاريس فقد جمعت بالنسبة إلى الفدائيين في الضفة الغربية بين الإيجابيات والسلبيات أيضاً فيما عدا شريط ضيق يمتد في محاذاة أجزاء من مجرى نهر الأردن مقابل أحراش جرش كان الفدائيون يواجهون جبالاً في المنطقة بأسرها وفيها كثير من الوهاد والأخاديد.
كان هذا يعرقل حركة المركبات الإسرائيلية ويوفر للفدائيين مساحات واسعة يتوارون فيها ويجدون في آبارها وعيونها المتفرقة الماء وفي كهوفها الطبيعية الكثيرة المأوى ولكن جزءاً كبيراً من تلك المساحات كان قاحلاً نسبياً أو كان قليل النباتات الحرجية وخصوصاً في المنطقة العازلة التي تفصل المناطق الآهلة بالسكان عن نهر الأردن وفي نفس الوقت كانت الزراعة كثيفة في الشريط الواقع على الحدود وداخل الضفة الغربية.
كان من مصلحة الفدائيين الفلسطينيين أن الجيش الإسرائيلي قد انتشرت مواقعه كثيراً بفعل سيطرته على مساحات واسعة جديدة من الأرض العربية( ).
في مثل هذا الوضع لم يكن الجيش الإسرائيلي يستطيع نشر غير لواءين أي نحو عشرة آلاف رجل في الضفة الغربية علما بأنه قد ثبت أن هذه القوة كافية للتعامل مع السكان ولإغلاق نقاط العبور على نهر الأردن منذ منتصف عام 1968 تقريباً ويضاف إلى ذلك إن وحدات الجيش تمركزت غالباً خارج التجمعات السكانية الفلسطينية الأمر الذي ألقى مهمات الأمن الداخلي ومكافحة العمل السري على عواتق أجهزة المخابرات الإسرائيلية التي لم يكن قد أتيح لها بعد الوقت الكافي لمعرفة السكان أو لإنشاء شبكات المخبرين لكن لم يمر سوى شهرين أو ثلاثة أشهر حتى تمكنت من إنجاز ذلك كله.
رأت حركة فتح في شهر أغسطس/1967 أنها مستعدة لبدء حرب التحرير الشعبية فأصدرت سلسلة من النداءات التحريضية إلى الجمهور تحثه فيها على بدء حملة عصيان مدني ضد الاحتلال غير أن الجهود الرئيسية ظلت مكرسة لإرسال الأعضاء الجدد أو الأعضاء الذين تلقوا التدريب وعادوا من الخارج إلى الجبال لتشكيل مجموعات فدائية متنقلة.
تكونت كل مجموعة من المجموعات الفدائية ذات التنظيم الفضفاض والتي عرفت باسم الدوريات المطاردة من عشرة إلى خمسة عشر عضواً أو ربما أكثر.
كان هناك عشرات من هذه المجموعات في الجبال في شمال الضفة الغربية وجنوبها عند ذروة النشاط مع تركيز خاص لعدد يصل إلى مائة وخمسين فدائياً ينتمون إلى جميع التنظيمات حول الخليل نظراً إلى وعورة تضاريسها وعزلتها وإلى تقاليدها الثورية المحلية.
كانت نقاط التركيز الرئيسية الأخرى حول نابلس وجنين في شمال الضفة الغربية مع وجود أكثر تواضعاً في قضاء رام الله وتزود الفدائيون بأسلحة خفيفة من بنادق ورشاشات ومتفجرات وألغام وأحياناً بمدافع هاون من عيار ستين مليمتراً أو اثنين وثمانين مليمتراً وصواريخ من عيار ثلاث بوصة ونصف.
كان ينقصهم الصواريخ المضادة للدبابات وقد أنشئ الاتصال بين القيادات المحلية في الضفة الغربية وبين الدوريات المطاردة عن طريق رسل جندوا بين السكان المحليين وكان عدد منهم من النساء واستخدمت الدوريات المطاردة وسيلة الاتصال هذه في طلب المؤن أو الأعضاء الجدد على الرغم من أن الفدائيين اعتمدوا كذلك على الاتصال المباشر بالقرى القريبة للحصول على الطعام والدواء و المأوى وليقوموا هم أنفسهم بتجنيد الأعضاء والمناصرين.
كل هذا يتفق مع التقاليد الفلسطينية التي رسخت أثناء ثورة 1936 إلى 1939 من أجل الثوار المطاردين والملتجئين إلى الجبال و أيضاً إلى قوة الأواصر العائلية: فكثيراً ما كانت الدوريات المطاردة تضم من تربط بينهم قرابة وثيقة وتتخذ قواعد لها بالقرب من القرى أو المدن التي ينتمي بعض أفرادها إليها كي تضمن الحصول على مؤن وعلى اتصالات تركن إليها.
كان بعض الفدائيين قد قام فعلاً بمبادرة شخصية بعدد قليل من الهجمات قبل الانطلاقة الثانية فقد تم نزع ألغام أردنية من خط الهدنة القديم أي خط ما قبل 1967 قرب الخليل وأعيد زرعها في الطرق الإسرائيلية في النقب( ) وبعد 28/أغسطس/1967 تضاعفت العمليات من زرع ألغام وعبوات ناسفة علماً بأن قنابل يدوية وأسلحة نارية أخرى قد استخدمت هي الأخرى كما استخدمت مدافع الهاون في أواخر عام 1967م.
كانت هذه أحداثاً بالغة التواضع من حيث عددها وتأثيرها غير أن البلاغات الصحافية الفلسطينية قامت بتضخيمها بلا حدود وكانت أكثر هذه الأعمال موجهة ضد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية و قطاع غزة( ).
أما العمليات في الجبهة اللبنانية فقد انخفضت انخفاضاً كبيراً بعد ارتفاع في أوائل عام 1967م ونظراً إلى تركيز حركة فتح على الأراضي المحتلة لم تبذل محاولة جادة لنقل المعركة إلى داخل المناطق الإسرائيلية عبر الخط الأخضر أو لضرب الأهداف المدنية الإسرائيلية( ) ووقع معظم إصابات المدنيين في هذه الفترة حول المستوطنات التي أخذت الحكومة الإسرائيلية تقيمها في الضفة الغربية وبلغ مجموع الهجمات التي شنها الفدائيون في الفترة الواقعة بين يونيو/1967 ونهاية تلك السنة اثنين وتسعين هجوماً.
كانت حركة فتح مسئولة عن أكثر من سبعين منها تسببت بإصابة سبعة وتسعين عسكرياً إسرائيلياً وهكذا ازدادت حماسة القادة الميدانيين بعد الشروع في نشاطهم إذ أصبحوا يتطلعون لإطلاق انتفاضة عامة وتصوروا أن الدوريات المطاردة في تلال الضفة الغربية ستلقي الدعم من شبكة تنظيمية سرية واسعة في المدن والقرى وذلك طبقاً للأسس نفسها التي قامت عليها ثورة 1936 إلي 1939.
كان المفترض أن يهاجم الفدائيون الجيش الإسرائيلي بلا هوادة في جميع المناطق بينما تقوم العناصر السرية بالهجمات داخل المدن وتنظيم المقاومة المدنية فتتحول القواعد الارتكازية بذلك إلى مناطق أمينة شبه محررة بينما يزداد الضغط العسكري لإزالة ما يبقى من الوجود الإسرائيلي على امتداد الطرق الرئيسية في المدن والبلدات.
تطلع قادة حركة فتح إلى أن تظهر إلى العلن في نهاية الأمر قيادة وطنية فلسطينية جديدة بلا منازع في الأراضي المحتلة ويفترض أن تكون نشأتها في المناطق المحررة وكان هذا الطموح يتناقض مع التنظيم الضعيف والأمن المتخلف الذين عانتهما الشبكات التي أنشأتها حركة فتح ولم تتخذ حركة فتح في عجلتها غير القليل من الاحتياطات عند اختيار الأعضاء الجدد فجعلت في كل مجموعة أعداداً كبيرة من المناضلين السريين ولم توفر إلا قليلاً من التدريب العسكري في حين كانت التعليمات الأمنية الفعلية معدومة تقريباً ولم يتلق مئات المتطوعين من الضفة الغربية الذين تدفقوا على معسكرات فتح إلا تدريباً عاجلاً مدته أسبوع واحد أو أسبوعان في أحسن الأحوال ولم يبذل أي جهد لكتم هوية المتطوع عن زملائه.
عرف الكوادر الرئيسيون أسماء جميع الأعضاء في الشبكات التابعة لهم وكان الأعضاء الجدد يتفاخرون عند عودتهم إلى بيوتهم بنشاطهم السري أمام أصدقائهم وأقاربهم وتعليقاً على هذا الوضع علق أحد كبار كوادر حركة فتح قائلاً إننا نجهل رد فعل العدو ولم يكن لدينا توقع حقيقي له وكان الناس يفكرون بمعايير الثورات السابقة عن الذهاب إلى الجبال بغير تفكير حقيقي في وسائل الاتصال وطرق الإمداد وغير ذلك ولذلك لم نعتن كثيراً بتخزين الأسلحة وتوزيعها ولم نعتمد اعتماداُ كافيا على الإمدادات المحلية هذا ولم تكن أهداف حركة فتح التكتيكية واضحة على الرغم من التشديد البالغ على العمل العسكري.
افتقرت قيادات القطاعات الثلاثة في الضفة الغربية إلى ضباط عمليات محليين ولم تحظ مسألة إعداد الأعضاء السريين والمقاتلين للصمود أمام المحققين في حال وقوعهم في الأسر إلا بحد أدنى من الاهتمام وقد ترتب على ذلك انهيار سريع تحت التعذيب واعتراف بمعلومات تتعلق بمناضلين آخرين ومن الأمور التي لا تقل خطورة عدم وجود أي تقسيم حقيقي للمهمات والوظائف داخل الشبكات السرية التابعة لحركة فتح في الأراضي المحتلة.
كان الاهتمام الغالب تعزيز القواعد المتنقلة في الجبال فإن عناية كافية لم توجه إلى إنشاء خلايا منفصلة للتعبئة السياسية بين السكان وقد اضعف ذلك إمكانية نشوء مقاومة مدنية فعالة من التجمعات السكانية وإتاحة فرص تأمين عدد مستمر من الأعضاء الجدد وأدى أيضاً إلى عدم الاستفادة في مختلف مهارات الأعضاء بصورة كافية وذلك بسبب وضعهم في مواقع غير ملائمة غير أن الأسوأ من كل ذلك انكشاف أمرهم باكراً وتعرضهم لأحكام بالسجن مدداً طويلة جداً إذ كانوا ينتدبون لهذا النشاط العسكري أو ذاك بصورة عشوائية فما يضع الإسرائيليون أحدهم تحت المراقبة حتى يقودهم من دون أن يدري إلى الشبكة بأكملها.
اعتقلت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في 1/أغسطس/1967 الكثير من نشطاء حركة فتح في غزة ثم اعتقلت في 8/أغسطس/1967 عشرات من الأعضاء في القدس وبيت لحم وأريحا وقد استفاد الإسرائيليون في تلك الحالات وغيرها من ملفات الأمن الأردنية والمصرية التي استولوا عليها في حرب 1967 إذ أنها كشفت هويات أعضاء حركة فتح وهويات أعضاء آخرين( ).
أثار إعلان إعادة بدء العمليات رسمياً بذلت إسرائيلياً جهداً أكبر لمقاومة الثورة وأدى الأمر إلى سلسلة جديدة من الاعتقالات وكان من المعتقلين كثير من الطلاب الذين تخرجوا في دورة التدريب الجزائرية وتسللوا إلى الضفة الغربية ومنهم أحمد الصانع وعبد الله الإفرنجي وغازي الحسيني وزهير المناصرة وأحمد إرشيد وعدنان أبو عياش ووليم نصار الذي اعتقل لاحقاً في القدس مع كمال النميري عضو جبهة النضال الشعبي إثر عملية على طريق القدس تل أبيب.
كان أسوأ ما حدث تلك الحملة الإسرائيلية الكاسحة التي شنت في شهر أغسطس/1967 ضد المقاومة وأسفرت عن اعتقال نحو مائة وثمانين من الفدائيين وأنصارهم في شمال الضفة الغربية وفي منتصف شهر أكتوبر/1967 اعتقل أربعة وعشرون عضواً واعتقل في شهر نوفمبر/1967 سبعون عضواً وفي شهر نوفمبر/1967 عشرون عضواً وكانوا جميعهم من حركة فتح.
دعم الإسرائيليون حملتهم بإجراءات تستهدف مجموع السكان وشملت تلك الإجراءات الجماعية ترحيل عشرات الشخصيات المحلية المتهمة بإثارة العصيان المدني ورفض طلب عودة النازحين وخاصة الشبان وتم فرض حظر شامل للتجول وحظر الانتقال من دون أذونات سفر خاصة وغير ذلك من أشكال السيطرة على السكان( ) وكل هذا أدارته حكومة عسكرية متشعبة كانت في نهاية سنة 1967 تضم مائتين وخمسين ضابطاً وبموجب تلك الإجراءات ابعد من قطاع غزة آلاف من المدنيين قامت حافلات إسرائيلية بنقلهم إلى نهر الأردن عدا خمسة آلاف أسير من جنود جيش التحرير الفلسطيني تم إبعادهم إلى مصر وعومل المواطنون الذين يقدمون للفدائيين المأوى أو العون بقسوة وعلى نحو سريع في 24/أغسطس/1967 نسفت ستة منازل في أبو ديس انتقاما لهجوم قام به قناص وكانت قريتا بيت عوا وبيت مرسيم قد دمرتا تدميراً كاملاً في شهر يونيو/1967 كما دمرت قرية الجفتلك في شهر نوفمبر/1967.
تم نسف مائة منزل وإبعاد مائتي شخص في قطاع غزة من مخيم النصيرات في شهر ديسمبر/1967 ومن أجل أن تعوض حركة فتح من خسائرها في الضفة الغربية وأن تعيد بناء قوتها العسكرية توجهت صوب أعضائها في قطاع غزة حيث كان تنظيم حركة فتح في غزة جيد التعبئة و إن كان عدده صغير نسبياً إلا أن أعضاءه كانوا مدربين ومهيئين وملتزمين تنظيمياً وذلك تحوطاً بسبب التضييق المصري قبل 1967 الذي أعاق حركة فتح من مزاولة نشاطها والدعوة إلي مبادئها علناً.
كانت السلطات المصرية في غزة ترتاب من علاقة حركة فتح وجماعه الإخوان المسلمين المحظورة التي كان الرئيس جمال عبد الناصر قد شن حمله عليها عام 1965 وكانت السلطات المصرية تخشى أيضاً أن يؤدي نشاط حركة فتح الفدائي إلى إشعال حرب غير مرغوب فيها مع إسرائيل فاعتقلت قبل سنه 1967 عده مجموعات كانت تحاول التسلل عبر خطوط الهدنة وبسبب هذه القيود وبسب توجه السكان العام المؤيد للرئيس جمال عبد الناصر وللتيارين القوميين حركة القوميين العرب وحزب البعث العربي الاشتراكي لم تتمكن حركة فتح من استغلال حرية التعبير السياسي النسبية في غزه لتجنيد أعضاء جدد ولم تستطع خوض المنافسة للحصول على نفوذ في التنظيم الشعبي الذي أسسته منظمه التحرير عام 1966 أو في صفوف جنود الاحتياط الذي دربهم جيش التحرير الفلسطيني قبل عام 1967 ليكونوا حرساً وطنياً والذين بلغ عددهم نحو ثلاثين ألفاً.
تعرض كوادر حركة فتح الرئيسين بعد الحرب للاعتقال أو أرغموا على الفرار ومنهم محمد الإفرنجي وعمر سكيك لأن الإسرائيليين وجدوا أسماءهم في ملفات الاستخبارات المصرية التي كانت إسرائيل قد استولت عليها وبذلت حركة فتح في هذا الوقت جهداً لإعادة بناء شبكاتها في قطاع غزة والتي بدأت العمل العسكري مباشرة بعد عام 1967 وكان من أبناء فتح حينها: عبد اللطيف عبيد وجمال عايش وإبراهيم الحفناوي وعلي أبو مرسة وهندي الشوبكي ومحمد جرادة وأسعد الصفطاوي وعبد المعطي السبعاوي وعمران سنونو ومحمد أبو ليل ويوسف جاد الله والحاج إسماعيل شملخ والشيخ طاهر شبانة والشيخ بدر شبانة وعلي أبو الكأس وسمير الوادية ومحفوظ رحمي وصلاح القدوة وزهير الوزير في القاهرة ومرعي بسيسو ورفيق جابر وهشام زينة وعطا أبو كرش وعبد الجواد عليان وخليل سمارة وبدر الدين الخزندار وعودة أبو مدين وعبد ربه أبو مدين ويوسف العرعير وزياد الصوراني وسليمان أبو حسنين ونعيم زيدية وعادل شراب وسليمان أبو عبدو ومحمد سعيد مكي ومحمد نعمان الخزندار وخالد ساق الله وماهر البورنو وفريج الخيرى ومحمد أبو جراد ومحمد أبو عبدو وصلاح عبدو ويوسف الزعيم وعايدة سعد وخديجة سكيك ومحمد الغزاوي ويوسف أبو جبارة ويوسف أبو زيد وفوزي سعد وعلي أبو عيد ومحمد طبش وإبراهيم أبو طير وإسماعيل الناقة وعدلي الصادق وبشير الصادق( ) ومحمد جاد الله ومالك الصوراني وسعيد شملخ وشوقي الفرا وسليم الزريعي وصدقي العبادلة وعبد الله بدوي وخليل سمارة ومحمد العبد شحاتة ومعوض الجربه وهاني الدبيكي وراشد الحلو.
رأت قيادة حركة فتح أن تدعم المنطقة الجنوبية في الضفة الغربية بعناصر من تنظيم حركة فتح في قطاع غزة وذلك بنقل ثلاثة وأربعين عضواً من أعضائها المسلحين من شبكاتها العاملة في غزة وضمتهم إلى الدوريات المطاردة في جبال الخليل.
بدأت حركة فتح بتاريخ 10/يونيو/1967 في جمع السلاح وقد كلف أعضاء حركة فتح بجمع الذخائر والأسلحة وتخزينها .
وحضر عبد العزيز شاهين موفداً من ياسر عرفات إلى عبد اللطيف عبيد في غزة وكان ملقباً بالأستاذ في تلك الفترة حيث كان ياسر عرفات موجوداً في الضفة الغربية وقيادته في نابلس وتوجه عبد اللطيف عبيد وعبد العزيز شاهين وجمال عايش وعبد المعطي السبعاوي إلى نابلس لمقابلة ياسر عرفات في حي القصبة وكان ياسر عرفات قد انكشف وجوده في نابلس فانتقل إلى رام الله مما اضطرهم إلى الانتقال إلى رام الله وتبين أن ياسر عرفات انتقل من رام الله إلى مكان آخر فتوجهوا إلى الخليل وتم الاتفاق بين عبد العزيز شاهين وعبد اللطيف عبيد على نقل أول مجموعة مقاتلة من حركة فتح تنظيم قطاع غزة إلى الضفة الغربية وكانت المجموعة مكونة من إحدى عشر مقاتلاً بكامل أسلحتهم وكانت نقطة الانطلاق من مخزن يخص نعيم زيدية يقع شرقي الشجاعية بمدينة غزة.
وتم انتقالهم إلى دورا الخليل والظاهرية مشياً على الأقدام عبر الأراضي المحتلة 1948 تم توزيع عدة قطع من الأسلحة والذخيرة بواسطة عبد العزيز شاهين إلى مخاتير بني نعيم الخليل لكسب دعمهم وتأييدهم وفي تلك الفترة اعتقل عبد العزيز شاهين.
اتسعت عمليات نقل المناضلين والأسلحة من قنابل ومدافع غرينوف وألغام لحركة فتح من قطاع غزة إلى الضفة الغربية واستعملت الحمير في نقل السلاح وكانت نقطة الانطلاق المستخدمة بيارة الحاج سعدي الشوا شرقي الشجاعية.
انتشرت عناصر حركة فتح في جبال الضفة الغربية من دورا الخليل إلى بيت لحم وصولاً إلى مرتفعات البحر الميت تعرض أفراد التنظيم من أبناء غزة من جراء نومهم في المغارات بمرض يسمى الدونام فاتجه أطباء من غزة لعلاجهم.
تنبه الجيش الإسرائيلي لحركة الفدائيين في منطقة جبال البحر الميت باتجاه الخليل فقامت أربعة طائرات عمودية بتمشيط المنطقة بحثاً عن الفدائيين الذين نزلوا من قمة الجبال واختبئوا في المغارات وسعت الطائرات العمودية دائرة بحثها وصادفها مقلع حجارة به ثمانية عشر عاملاً قامت الطائرات العامودية بإطلاق النار عليهم وأردتهم قتلى.
كان تفجير قطار اللد إيلات من أكبر العمليات العسكرية في تلك المنطقة حيث بدأت مطاردة أعضاء التنظيم في جبال الضفة الغربية واعتقالها وكذلك تم اعتقال أغلب التنظيم في قطاع غزة وفي 31/يناير/1968 وأعتقل عبد اللطيف عبيد أيضاً.
تعرضت في تلك الفترة كل التنظيمات لضربة قاصمة من الجيش الإسرائيلي طالت القوميين العرب وقوات التحرير الشعبية وحركة فتح ومنظمة سيناء العربية وهي منظمة فدائية كشف النقاب عنها في 16/ديسمبر/1968 وقد أنشأتها الحكومة المصرية من أبناء سيناء لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي لأرضهم وأشرف الجيش المصري على تدريب أفرادها وتسليحهم وقد قامت المخابرات الحربية بعمل التنسيق اللازم بين منظمة سيناء العربية وحركة فتح في قطاع غزة وقد قام أفراد المنظمة بنسف مستودعات مصرية للذخيرة بقيت في سيناء بعد انسحاب القوات المصرية في حزيران 1967 وبنسف قطار حربي في رمانة يوم 6/يوليو/1967 وكان هذا القطار ينقل ذخائر من مخلفات الجيش المصري إلى إسرائيل وأحبطت المنظمة خطة إسرائيلية لتخريب مواقع الجيش المصري والخط الحديدي من الإسماعيلية إلى بور سعيد في منطقة قناة السويس وقد أخبرت هذه المنظمة قيادة الجيش المصري بالخطة فقبض على تسعة أفراد جندتهم المخابرات الإسرائيلية لتنفيذها وتمت محاكمتهم وإعدامهم.
تلخصت إستراتجية المنظمة في العمل على كشف العدو وإشعاره بالعجز عن السيطرة على الأراضي التي يحتلها وجعله يعيش حاله قلق دائمة بالعمل في خطوطه الخلفية لإنهاكه وشل قدرته والاستيلاء على أسلحته وعتاده بالتنسيق مع الوحدات النظامية المتمركزة في الجبهة.
وقد لوحظ ازدياد نشاطها العسكري ضد أفراد ومنشآت العدو ومراكز تموينه ومعسكراته ومستودعاته وراداراته ودورياته وقياداته ووسائل مواصلاته بكافة أنواعها أثناء حرب الاستنزاف على طول المنطقة الممتدة من شرقي القناة إلى رفح على الحدود الفلسطينية (حرب الاستنزاف المصرية- الإسرائيلية) ولم يتوقف نشاط المنظمة بعد وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه في شهر أغسطس/1970 إثر موافقة مصر وإسرائيل على مشروع روجرز وظلت تعمل بصورة سرية حتى حرب 1973 فتوقف نشاطها تماماً مع وقف إطلاق النار( ).
كان قطاع غزة أكثر فائدة بوصفه مصدراً للأسلحة التي كانت حركة فتح تشتريها من تجار بدو سيناء الذين استولوا عليها مما خلفه الجيش المصري وجيش التحرير الفلسطيني غير أن حركة فتح فشلت في محاولتها الرئيسية في قطاع غزة في إقناع القوى السياسية الأخرى ببدء العمليات العسكرية.
قام ممثلها في قطاع غزة بعقد لقاءات مع قيادة الحزب الشيوعي الفلسطيني وحزب البعث وحركة القوميين العرب غير أن هؤلاء ظلوا متشبثين بموقفهم رافعين شعار: كل من يطلق رصاصة في هذه المرحلة خائن ولم تجد حركة حليفاً إلاَّ قوات التحرير الشعبية بقيادة حسين الخطيب وزياد الحسيني وعملت حركة فتح وحدها في قطاع غزة بتنسيق مع قوات التحرير الشعبية( ) التفتت حركة فتح في بحثها عما يعزز قوة الثورة التي كانت تأمل بنشوبها إلى جماعات فدائية أصغر حجماً في الضفة الغربية.






حركة فتح والمواقف العربية 1967
منحت نكسة يونيو 1967 الفدائيين الفلسطينيين نفوذا متزايدا لدى الحكومات العربية نتيجة للهزيمة الساحقة لجيوشها وللفلسفات العسكرية والسياسية التي استرشدت بها وأصبحت تلك الحكومات تفتقر إلى الأساس المعنوي والقدرة المادية على حرمان الفدائيين من استخدام أراضيها بل أن بعض الحكومات قد رأى بدلا من ذلك أن في مساعدة النشاط الفدائي فائدة إيجابية وكانت حركة فتح المستفيد الأكبر من تغير ميزان العلاقات بين العرب والفلسطينيين بعد يونيو 1967.
حدث التحسن الهائل في العلاقات بين مصر وحركة فتح وكانت مصر قبل الحرب تعتبر حركة فتح مجرد فرع تابع لجماعة الإخوان المسلمين أو واجهة للمملكة العربية السعودية أو حتى عميلة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وللحلف المركزي (الناتو) أو عميلة لتلك الجهات الثلاث معا وكلها مناوئة للرئيس جمال عبد الناصر.
كانت مصر بصفة خاصة والجهات المساندة لها في الساحة العربية والساحة الفلسطينية مثل حركة القوميين العرب أو جبهة تحرير فلسطين طريق العودة تعتبر أن قرار حركة فتح ببدء الكفاح المسلح ضد إسرائيل عام 1965 لم يكن سوى محاولة متعمدة لتوريط الرئيس جمال عبد الناصر في حرب لم يكن مستعداً لها بعد وقد تجسد عداء مصر لحركة فتح بوضوح في قطاع غزة إذ أن الاستخبارات العسكرية المصرية اعتقلت من اشتبه في انه عضو في حركة فتح ولجأت بصورة متكررة إلى وضع القيود على تحركات أعضاء حركة فتح وعندما دعا بعض أفراد المؤسسة العسكرية المصرية إلى إتباع أسلوب أكثر استرضاء لحركة فتح عام 1966 كانت هيئة المخابرات العامة وليس المخابرات الحربية هي التي فتحت حواراً حذراً مع حركة فتح لكن الحوار لم يصل إلى نتيجة تذكر.
أحدثت حرب يونيو 1967 تحولاً كاملاً في السياسة التي كانت مصر تتبعها تجاه العمل الفدائي الفلسطيني فبحسب قول القائد العام للقوات المسلحة المصرية في ذلك الحين الفريق محمد فوزي الذي كان قد عين في منصبه حديثاً كان العمل الفدائي هاماً جداً لنا لأننا كنا عند نقطة الصفر وخاصة في سلاح الجو وكنا في حاجة إلى تسخين الجبهات الأخرى بحيث نتمكن من إعادة بناء قوتنا.
كان لأمين هويدي بوصفه وزيراً جديداً للدفاع هدف مماثل وهو فتح جبهات خلف خطوط العدو الإسرائيلي وفي قلب فلسطين وقد أوضح مدير المخابرات الحربية اللواء محمد صادق فيما بعد تفكير المصريين لوفد من قادة حركة فتح فقال: نريدكم أن توجهوا ضربات إلى إسرائيل لتقوية موقف المفاوضين العرب.
عندما تولى أمين هويدي منصباً إضافياً هو منصب مدير المخابرات العامة سعى كذلك للحصول على مساعدة الفدائيين الفلسطينيين في جمع المعلومات الاستخباراتية وكان هذا من الأسباب التي دعت المصريين في نهاية الأمر إلى حل الكتيبة 141 الفدائية القديمة التي كانت قد استمرت في مهمات الاستطلاع لحساب المصريين انطلاقاً من قطاع غزة منذ عام 1956 والسماح لأفراد الكتيبة بالتطوع في صفوف حركة فتح في الأردن والأراضي المحتلة حيث كان يمكنهم أن يأتوا بنتائج أفضل وهكذا كانت الضرورة قد حملت مصر على أن تتبنى تجاه حركة فتح سياسة مناقضة تماما لسياسة ما قبل الحرب.
اكتسبت حركة فتح التأييد المصري بفضل استئنافها من طرف واحد العمليات القتالية في الضفة الغربية وقطاع غزة في شهر أغسطس/1967 وأصبح مبعوثو حركة فتح يستقبلون بحرارة في القاهرة مثلهم مثل حلفاء الرئيس جمال عبد الناصر القدامى كحركة القوميين العرب وممثلي المنظمات الفدائية الأخرى الناشئة مثل الدكتور عصام السرطاوي الذي كان قد أنشأ الهيئة العاملة لتحرير فلسطين.
كانت المخابرات الحربية المصرية مصيبة في توقع ازدياد أهمية الفدائيين الفلسطينيين فعينت ضابط اتصال دائم بهم في عمان كما أنها أرسلت إلى الفدائيين في الأردن حمولة طائرتين من الإمدادات العسكرية علما بأن الزيادة الحقيقية في المساعدة المادية لحركة فتح لم تبدأ إلا منذ شهر ديسمبر/1967 فصاعداً( ).
شاب الموقف السوري غموض معين وكان مرد ذلك بمقدار كبير إلى ارتباك السياسة الداخلية لنظام الحكم القائم إذ أن الجناح اليساري في حزب البعث المدني أساساً الذي كان بزعامة الرئيس نور الدين الأتاسي ورئيس الحكومة الدكتور يوسف زعين والذي ضم العقيد صلاح جديد الرجل القوي في النظام وقائد الحزب الفعلي كان قبل شهر يونيو/1967 يرفع شعارات حرب التحرير الشعبية بأشد الأصوات ارتفاعاً وبالتالي كانت الضربة أصابته اشد من الضربات التي أصابت سواه.
بدأ يتشكل كذلك صراع على السلطة وتبادل التهم و كان يحكم التعامل السوري مع الفدائيين موقف متناقض تخللته انفراجات من جهة وقيود من جهة أخرى وعلى الرغم من هذه القيود فقد منح السوريون حركة فتح حرية واسعة في إدارة معسكرات التدريب التابعة لها التي استقبلت عدداً كبيراً من المتطوعين في فترة قصيرة كذلك قدموا للحركة عدداً من العربات وسهلوا حركة الأفراد والإمدادات عبر الحدود ( ).
منحت جبهة التحرير الفلسطينية التي كان يتزعمها أحمد جبريل حرية مماثلة بالإضافة إلى هذا سمح لحركة القوميين العرب في ظل الوفاق الذي قام بين سوريا ومصر بعد الحرب باستئناف نشاطها في الأرض السورية أول مرة منذ عام 1967 وكذلك استفادت حركة القوميين العرب من المساعدة المستترة التي يقدمها الضباط المتعاطفون معها في
اهتمت حركة فتح بتطوير صلاتها بالعراق متأثرة بتأرجح علاقاتها بالنظام السوري صعوداً وهبوطاً وكانت الشخصية الرئيسية في بداية العلاقة بالعراق قائد القوة العسكرية العراقية الموجودة في الأردن اللواء حسن النقيب الذي قدم للمنظمات الفلسطينية كلها مساعدة قيمة جدا في الأشهر التي تلت حرب يونيو 1967.
كانت سيارات النقل العسكرية العراقية تنقل الفدائيين والمتدربين الذين كانت القيادة العراقية تمنحهم في كثير من الأحيان أذونات مرور عسكرية عراقية كي يتجنبوا نقاط التفتيش الأردنية خلال توجههم إلى نهر الأردن عبر العراق وسوريا.
عند نزول قيادة فريق الكوادر إلى الضفة الغربية في شهر أغسطس/1967 استقبلهم اللواء حسن النقيب في الأردن وصحبهم بنفسه حتى النهر أثناء تلك الرحلة قام اللواء حسن النقيب بمنح ضابط كان قد فر من وحدة فلسطينية تابعة للقيادة العراقية الكتيبة 421 من قوات القادسية ترقية ميدانية لينضم إلى حركة فتح وقد غض العراقيون النظر كذلك عن كثير من الفارين من جيش التحرير الفلسطيني وعن تحويل الإمدادات العسكرية والتموينية من مستودعاتهم إلى الفدائيين.
كان لتلك المساعدة تشعبات سياسية فبواسطة اللواء حسن النقيب و مسئولين آخرين و جماعات فدائية صغيرة ذات روابط بالعراق مثل حركة الثوريين العرب في نابلس أنشأت حركة فتح صلاتها بالقوى العراقية المعارضة للرئيس عبد السلام عارف الذي كان قبل عام 1967 مستجيباً للخط الناصري بالتحفظ تجاه حركة فتح .
تمثلت الإمدادات في شبكات الإسناد والمساعدات العسكرية الخفية التي قدمتها لحركة فتح في الأردن وفي قيام لجان مساندة الثورة الشعبية في العراق ونظرا إلى شعبية حركة فتح والفدائيين امتنعت الحكومة العراقية من قمع هذه اللجان التي تسرب حزب البعث العراقي إليها آنذاك ليستخدمها مطية لنشاطه الجماهيري في الأشهر التي سبقت استيلاءه على السلطة في الانقلاب الذي وقع في شهر مارس/1968 بقيادة أحمد حسن البكر.
أتاح النفوذ المتزايد الذي تمتع الفدائيون به في مصر وسوريا والعراق أن يمارسوا نشاطهم بحرية كبيرة في الأردن ولبنان بعد أن عانوا فيهما تقييدا شديدا وملاحقة مستمرة قبل حرب يونيو 1967 ومع نشوب الحرب أطلقت السلطات الأردنية مئات من أعضاء حركة فتح وحركة القوميين العرب ومنظمة التحرير الفلسطينية وأعضاء أحزاب أردنية أخرى لكي يستأنفوا نشاطهم فوراً كما بلغ الأمر بالجيش اللبناني حد تدريب عشرات المتطوعين من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في ثكنة استجابة لضغوط من جنوده وضباطه من جهة ولضغوط من الشارع اللبناني واللاجئين من جهة أخرى وامتصاصا لتلك الضغوط و لكن مع تنامي حركة الفدائيين حاولت الحكومتان الأردنية واللبنانية من دون جدوى إن تستعيدا سيطرتهما وان تغلقا حدودهما.
صعدت حركة فتح جهودها لتنظيم الأعضاء الجدد في الأردن وخصوصاً أن الفدائيين كانوا يسعون لإنشاء قاعدة إسناد قوية تدعم العمليات في الأراضي المحتلة.
أنشأ الفدائيون من اجل هذه الغاية عددا متزايدا من القواعد والمستودعات السرية في غور الأردن علما بأن تلك القواعد والمستودعات أخذت تظهر للعيان بالتدريج وتكثفت أعمال الاعتقال في البلدين وتم إبعاد بعض المناضلين الفلسطينيين في حين أعلن الملك حسين عبر الإذاعة في 5/سبتمبر/1967 معارضته أي نشاط عسكري لا يكون جزءً من خطة عربية شاملة بيد أن الأثر الدائم لتلك الإجراءات الحكومية كان ضئيلاً.
شنت حركة فتح هجوما إعلاميا قاسيا على السلطات الأردنية إذ وجهت لوماً خاصاً إلى إدارة الاستخبارات العامة والى رئيسها محمد رسول الكيلاني مع العلم بأن الجنود الأردنيين كانوا في معظمهم غير راغبين في العمل ضدهم والحقيقة أن القواعد السرية التي أنشأتها حركة فتح في غور الأردن لمساندة العمليات التي كانت تجري في الضفة الغربية أصبحت بحلول نهاية سنة 1967 شبه رسمية ومعروفة للجميع وحدث أمر مشابه في لبنان إذ تمكنت حركة فتح بعد فترة قصيرة من فتح مكاتب شبه سرية للتجنيد والأمن والإعلام ولإصدار مطبوعات علما بأن النشاط العسكري ظل محظوراً.
جاءت نهضة الفدائيين على حساب منظمة التحرير الفلسطينية إلى حد بعيد إذ يحكم العلاقات بين حركة فتح من ناحية ومنظمة التحرير الفلسطينية من ناحية أخرى موقف متبادل من عدم الثقة منذ قرار مؤتمر القمة العربي بإنشاء المنظمة سنة 1964 وكانت حركة فتح تعتبر منظمة التحرير الفلسطينية أداة طيعة للحكومات العربية يراد بها حصر النزعة الوطنية الفلسطينية النضالية والمقاتلة وكذلك كانت لحركة القوميين العرب نظرة متقلبة إذ كانت تتأرجح بين تأييد منظمة التحرير الفلسطينية تماشيا مع الرئيس جمال عبد الناصر وبين معاداة رئيس المنظمة احمد الشقيري ( )








أزمة حركة فتح والفصائل والمنظمات الفلسطينية وانفجار أحداث أيلول
ظلت العلاقات طبيعة بين الحكومة الأردنية ومنظمة التحرير الفلسطينية ورجال المقاومة في الأردن وكان الشعب الأردني متعاطفاً مع المقاومة فالشعب الأردني والفلسطيني شعب واحد إلا أنه بمرور الوقت ظهرت المشاكل بين رجال المقاومة الشعب الأردني ولكنها كانت حوادث فردية لا تؤثر على العلاقات الطبيعية بين الطرفين وظل هذا الوضع سنوات طويلة دون أية عقبات.
ازدادت المشاكل والأعمال غير المسئولة خلال عام 1970م بين المقاومة الفلسطينية والحكومة الأردنية إلى أن تطلب الأمر ضرورة التدخل وخلال منتصف عام 1970م تعاقبت الاضطرابات والمظاهرات والقوى المنددة بالتمرد والتخريب المعادية للنظام الأردني وتبلور الموقف حتى بدت الخطورة التي تهدد أمن الأردن( ).
قام الملك حسين بتعيين خاله الشريف ناصر قائداً عاماً للجيش الأردني ومحمد رسول الكيلاني وزيراً للداخلية لما يتمتعان به من ثقة مطلقة لدى الملك حسين لتحقيق الهدوء داخل الأردن ومراقبة الحدود المجاورة لإسرائيل وجاءت دعوة الملك حسين لأن تكون المقاومة في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وليس على أرض الأردن.
حاول تحديد حركة أفراد المقاومة الفلسطينية إلا أن ذلك كان صعباً وبات مستحيلاً حيث أن الفصائل الفلسطينية غير موحدة وكل فصيل يقوده زعيم له تصورات خاصة ومبادئ حزبية وانتماءات مختلفة لذا كان الوفاق بين هذه الفصائل نفسها مستحيلاً وهذا ما وجده الملك الحسين فكان حين يعقد اتفاقاً مع بعضها يتنصل البعض الآخر.
كانت القرارات والالتزامات التي يتم الاتفاق عليها مع حركة فتح تتجاهلها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكذلك الجبهة الديمقراطية وهاتان الجبهتان كانت تدعوان جهراً وعلانية قبل تحرير فلسطين ينبغي تحرير الأردن وهذا ما اعتبره الملك حسين تعدياً على سيادة الأردن .
بما أن الرئيس جمال عبد الناصر كان يتمتع بتأثير كبير لإقناع الشعب العربي بما يقول وله جماهيرية عربية عريضة لم يكن أمام الملك حسين إلا إطلاعه على الموقف الداخلي في الأردن واستعراض عبث رجال المقاومة بالأمن الداخلي وأنه سيتخذ جانباً من الحزم والشدة ضد الفئات غير منضبطة.
كان الملك حسين يدرك أن عبد الناصر لا بد وأن يحافظ على وحدة الأردن وأنه وشعبه عليهم أعباء لا قبل لهم بها وخاصة أن منظمة التحرير الفلسطينية بدأت تطلب تدخل الشعوب العربية لحمايتها وهذا سيعمل على غضب الشعوب العربية مما يؤدي إلى قطع المعونات العربية عن الأردن وبالفعل قطعت المعونات الهامة التي كانت تعطي للأردن من ليبيا والكويت ولتفادي الموقف المتأجج داخل الأردن كان الملك حسين غير قادر على قمع المقاومة بالقوة وحدها فبدأ العمل علي كسب تأييد الشعب الأردني والدول العربية وتهيئة الرأي العام العربي والعالمي وتعبئة صفوف الجيش الأردني وإثارة النعرة البدوية الأردنية بينهم.
كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير قيام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمحاصرة أهم فندقين في العاصمة واحتجزت ثمانية وخمسين من الأجانب كرهائن لديها وأعلنت أنهم سيقتلونهم ويدمرون الفنادق إذا لم يفك الحصار عنهم ويوقف إطلاق النار وتم إيقاف إطلاق النار في يوم 10/يونيو/1970م ولكن لفترة قصيرة.
في اليوم التالي طالب الفدائيون الملك حسين بإقالة أربعة من أقرب المستشارين لديه وكان من بينهم الشريف ناصر بن جميل خال الملك حسين والشريف زيد بن شاكر ابن عمه أيضاً اتخذ الملك حسين قراراً بإعفاء الشريف ناصر بن جميل والشريف زيد بن شاكر كل من منصبه وقام الفدائيون بإطلاق النار من رشاشاتهم على مشهور حديثة الذي تسلم قيادة الجيش الأردني والذي عُين خلفاً للشريف ناصر بن جميل وقد طالبوا بإقالته أيضاً.
جاءت البعثة العربية الرسمية القادمة من تونس والجزائر والسودان ومصر وليبيا بناءً على دعوة من الملك حسين للتباحث واستطلاع الوضع في الأردن وبناءً على ذلك تم توقيع الاتفاقية في 10/يوليو/1970م حيث كان الاتفاق من جميع الأطراف إقراراً بالقبول والتصديق عليه ووقعه نيابة عن الحكومة الأردنية زيد الرفاعي وعن الفدائيين ياسر عرفات إضافة إلى توقيع الأطراف العربية الخمسة التي قدمت إلى عمان( ).
كان خلاصة الاتفاق اعتراف الأردن بموجبه بوجود لجنة مركزية للفدائيين على الأراضي الأردنية لها حرية المناورة والتنقل مقابل أن يتخلوا عن قواعدهم ومستودعات ذخائرهم الموجودة بين التجمعات السكانية وأن يكفوا عن حمل السلاح في المدن وهذا ما كان يخطط إليه من قبل قادة الجيش الأردني للإنفراد بأفراد المقاومة الفلسطينية ولم يدم هذا الاتفاق أكثر من شهر بعدها كان الانفجار نتيجة إحساس المقاومة الفلسطينية بأن قضيتهم قد أغلقت.
كان لدى عدة فصائل يساريه من المقاومة انطباع بأن الملك حسين وعبد الناصر لا يفكران في محاربة إسرائيل على الإطلاق مستقبلاً بل التفرغ للقضاء على المقاومة الفلسطينية حتى لا تتسبب في مشاكل جديدة مع الإسرائيليين مما قد يدفع بحرب جديدة وهما لا يرغبان فيها مستقبلاً.
تبنت الجبهة الديمقراطية تصعيد الأمور بشكل خطير ولم يكن هناك ما يوقفها لأن الأمر لا يتعلق بهم فقط بل يتجاوز بذلك منظمة التحرير التي رفضت الجبهة الديمقراطية تنفيذ قراراتها إذ قامت التنظيمات الفلسطينية برفض مبادرة روجرز وخرجت المظاهرات ضد الرئيس عبد الناصر في عمان واتهموه علناً بالتخلي عن القضية الفلسطينية وأصدروا منشورات وبيانات ضده وهاجموه بالإذاعات فأُصدرت الحكومة المصرية الأوامر بإغلاق صوت فلسطين بالقاهرة وبطرد العديد من الطلبة الفلسطينيين الذين يؤيدون الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من الجامعات المصرية وتم ترحيلهم خارج مصر( ).
كان الوضع مشتعلاً في الأردن بدرجة خطيرة تنبئ عن انفجار الموقف في أي لحظة وكانت بداية هذا الانفجار عندما قام الملك حسين في 1/سبتمبر/1970 باستقبال ابنته الكبرى عالية في مطار عمان فتعرض في طريق العودة لنيران غزيرة من قبل عناصر فلسطينية.
قامت عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في 6/سبتمبر/1970م بتحويل مسار طائرتين مدنيتين عن خطوط سيرهما: الأولى سويسرية والأخرى أمريكية وأرغمتا على الهبوط الاضطراري شمال شرق مدينة الزرقاء بالأردن حيث كانتا تقلان ثلاثمائة وعشرة من الركاب والملاحين من ضمنهم مائة وخمسة وعشرون طفلاً وامرأة.
في نفس الوقت تم تدمير طائرة جامبو أمريكية في القاهرة بعد هبوطها بقليل وذلك بأمر من وديع حداد الرجل الثاني في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفي 9/سبتمبر/1970 أجبرت طائرة بريطانية من طراز (D.C.10) على الهبوط في مطار داوسون بالأردن وتحمل مائة وخمسة عشر راكباً حيث كان يفترض إطلاق سراح الرهائن مقابل الإفراج عن سبعة أفراد من الفلسطينيين المحتجزين في السجون الأوروبية وعدد أخر من المعتقلين في السجون الإسرائيلية.
كان موقف ياسر عرفات معارضاً لاختطاف الطائرات وتؤيده بعض الدول العربية وأغلبية في الشعب الفلسطيني وفي 12/سبتمبر/1970 تم إطلاق سراح معظم المسافرين المحتجزين ما عدا أربعة وخمسين شخصاً وزعوا في مختلف أنحاء البلاد حتى يتم مبادلتهم بالفدائيين المعتقلين وأطلق سراحهم جميعاً في نهاية شهر سبتمبر/1970.
قام الجيش الأردني بتطويق مطار داوسون بقيادة الفريق مشهور حديثة من 6/سبتمبر/1970 إلى 12/سبتمبر/1970( ) وكان الصدام العسكري مستبعداً من قبل الجيش الأردني لوجود عدد كبير من الرهائن في أيدي الفدائيين رغم أن هناك قوى كثيرة كانت تستحث الملك حسين على استخدام القوة بعد نفاذ صبر قيادة الجيش الأردني وقال يومها الملك حسين: لقد أصبح من واجبنا ونحن نحمل أكبر المسؤوليات وأثقلها أن نتخذ سلسلة من الإجراءات لإعادة الأمن والنظام وللحفاظ على حياة كل مواطن ورزقه وممتلكاته وأمنه وطمأنينته وكرامته وحماية لوحدة شعبنا الوطنية وصوناً لكرامة العمل الفدائي النبيل وحماية له من كل خطر وحفاظاً على كرامة جنودنا وقواتنا المسلحة وذوداً عن بلدنا وأمتنا في وجه ما يبيته لهم العدوان من مخططات وصوناً لسمعة وطننا واسمه وكرامته في العالم.
صار واضحاً في تصور الحكومة الأردنية أن هذه المنظمات الفلسطينية تهدد الأمن الحقيقي للأردن وتخلق ضعفاً في مواصلة المسيرة والبناء والإنتاج لذا لا بد من حماية البلد وحماية شعبه ومعاملة هذه الفصائل الفدائية كأي كتيبة في الجيش الأردني تقوم بالانشقاق الذي بسببه تنتشر الفوضى والعبث بالأمن الداخلي .
جاء رد الحكومة الأردنية بإغلاق مكاتب المنظمة وجاء إجماع مجلس النواب على انحراف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عن أهدافها الرئيسية عندما قررت المنظمات التي تنضوي تحت هذه القيادة إعلان العصيان العام واستنفرت مسلحيها في الأردن واعتبرت أن المنظمات الفلسطينية انحرفت عن الطريق والهدف الحقيقي الذي يسعى إلى التحرير والنصر وبعد ذلك تدخل الجيش الأردني وقام بعمل مذبحة أيلول الأسود.
قال الملك حسين في رسالة إلي المنظمات الفدائية حول وقف إطلاق النار بتاريخ 23/سبتمبر/1970م: إن المكان الطبيعي للفدائيين وقواعدهم هو خط المواجهة مع العدو وإن على القوات الأردنية المسلحة باعتبارها درع الوطن وحامية الديار وحارسة الأرض وحصن الحرية والاستقلال أن تتواجد في الأماكن التي يقتضيها الأمن الوطني وتمليها ظروف المعركة المصيرية مع العدو وعلى هذا الأساس فسوف تصدر الأوامر إلى الجيش بأخذ مراكزه المعتادة مع انسحاب الفدائيين وانتقال قواعدهم من المدن والقرى إلى حدود الأرض المحتلة.
إن التعامل سيتم مع منظمة التحرير الفلسطينية الممثلة للشعب الفلسطيني على أساس أنها تمثل وحدة العمل الفلسطيني السياسي والعسكري وأنها تتحرك وتعمل بإرادة وانضباطية واحدة وقيادة واحدة وعقيدة واحدة بعيدة عن التيارات والمؤثرات والمتاهات الحزبية ونحو هدف واحد هو التحرير وسيمنع تواجد أية قواعد للفدائيين في عمان والمدن والقرى الأردنية ويكون تواجد القواعد على حدود الأرض المحتلة ويتم تطبق أنظمة الدولة قوانينها على الفدائيين وتمارس الدولة سيادتها التامة على جميع من يتواجد فوق أراضيها ويتمسك الجميع باحترام تلك السيادة وبالرغم من أحداث أيلول الأسود. تجدر الإشارة إلى أن العلاقات المصرية الأردنية لم تتأثر لأن مصر كانت متفهمة للموقف وحريصة على استقرار الأوضاع والعمل على سرعة عودة العلاقات الأردنية الفلسطينية حتى لا تتأثر المنطقة من هذا النزاع.
كادت أحداث أيلول الأسود تحول منطقة الأردن وسوريا والأرض المحتلة إلى حرب أخرى لا نعلم أبعادها أو نتائجها .
أصر الرئيس جمال عبد الناصر على التمسك بكل من الملك حسين وياسر عرفات حيث أنهما الرموز التي يمكن من خلالها السيطرة على الموقف وإعادة الهدوء مرة أخرى للمنطقة.
كما كان حرص الرئيس جمال عبد الناصر على الشعب الفلسطيني وقيادته كان حريصاً على أمن الملك حسين وشعب الأردن وسلامتهما حيث عبر عبد الناصر عن مدى تقديره للملك حسين وشعبه حينما التقاه يوم 20/أغسطس/1970م بالإسكندرية فطلب منه عدم تصعيد الموقف وكذلك معالجة المشاكل بسياسة وحكمة ودبلوماسية حرصاً على الطرفين وضمان السيطرة على الموقف حتى يضمن الحفاظ على القوات الأردنية وقوات التنظيمات الفلسطينية لأنه من الصعب إعادة تكوينهم أو تسليحهم مرة أخرى ومنع تدخل الولايات المتحدة الأمريكية أو القوات الإسرائيلية في هذا الصراع العربي.
كان الملك حسين قد طلب من الولايات المتحدة التدخل الجوي عندما حاولت سوريا في 18/سبتمبر/1970 دفع لواء مدرع في اتجاه الأردن لحماية المقاومة الفلسطينية ومساعدتها نتيجة لبعض النداءات المبالغ فيها من بعض الجماعات الفلسطينية حيث أن الحكومة الأمريكية قد أعلن بالفعل يوم 11/سبتمبر/1970م في بيان للرئيس نيكسون أنه سيتدخل عسكرياً للسيطرة على الموقف في الأردن والعمل على تصفية المقاومة الفلسطينية وذلك بناءً على اقتراح كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي بأن تقوم القاذفات الأمريكية بقصف مواقع المقاومة الفلسطينية بالأردن.
طلبت أمريكا من إسرائيل سرعة رفع درجات الاستعداد وبالفعل قامت إسرائيل بتحريك قواتها المدرعة في اتجاه الأردن كما أعلنت إسرائيل أنها على استعداد للتعاون مع أمريكا في حماية الأردن في حالة التدخل السوري.
كان الملك حسين يخشى من هذا التدخل وطلب فقط حال تفاقم الأمر التدخل بالقوات الجوية الأمريكية وذلك لحماية الشرعية الدولية والحكم في الأردن من التدخل السوري وبالرغم من تحذير الرئيس جمال عبد الناصر بعدم توسيع دائرة الخلاف داخل الأراضي الأردنية استمرت القوات السورية تتقدم حتى وصلت إلى مدينة أربد يوم 21/سبتمبر/1970م مما جعل الملك حسين يطلب التدخل الأمريكي فعلاً.
هنا ثار الرئيس عبد الناصر لسرعة تفاعل الأحداث التي كادت أن تؤدي إلى كارثة في حالة اشتعال الموقف وتدخل القوات الأمريكية أو الإسرائيلية في معركة مع الفلسطينيين أو القوات السورية فقام بالاتصال مع جميع القيادات للسيطرة على الموقف كما قام بإرسال برقياته العاجلة في كل اتجاه لإيقاف اشتعال الموقف مطالباً بعودة كل القوات إلى أماكنها والإسراع بعقد قمة عربية وهدأت العاصفة نسبياً حتى انعقد مؤتمر القمة وكانت الرؤى غير واضحة لبعض الدول العربية حيث طالبت بعض الدول بسرعة إرسال قوات ليبية وأخرى عراقية وسورية للسيطرة على الأوضاع داخل الأردن.
أرسلت جامعة الدول العربية إلى الأردن لجنة عاجلة برئاسة الرئيس جعفر النميري في محاولة لتهدئة الموقف وعادت اللجنة يوم 24/سبتمبر/1970م ومعها ياسر عرفات للقاهرة وبعد أن استمع الرئيس عبد الناصر لياسر عرفات قام بالاتصال بالملك حسين ليطلب حضوره للقاهرة لشرح موقفه أمام مؤتمر القمة.
مهد الرئيس عبد الناصر لحضور الملك حسين و قام بإبلاغه بموافقة المؤتمر على حضوره وحضر الملك حسين يوم 27/سبتمبر/1970م وقد بذل الرئيس جمال عبد الناصر جهداً كبيراً خلال هذا المؤتمر حتى وفق بين الطرفين وطالب بهدوء الموقف حتى لا تتدخل أي قوات أجنبية في المنطقة( ).
أصبح تواجد حركة فتح محصوراً في أحراش جرش وعجلون وانتقل من الأردن عدد كبير من المقاومة الفلسطينية قاصداً دمشق والتحق بحركة المقاومة ضباط وعناصر من الجيش الأردني ممن حاربوا مع الثورة الفلسطينية ضد الجيش الأردني ومنهم سعد صايل وسعيد مراغة أبو موسى.
انطلاقاً من الأحراش حاولت حركة فتح إعادة زرع خلايا جديدة داخل الأراضي المحتلة وتمكنت حركة فتح من قصف عمق إسرائيل بالصواريخ وأنذرت إسرائيل الأردن أنه في حال عدم تصفية الأحراش من رجال المقاومة ستقوم إسرائيل بتصفيتها.
كانت تحضيرات حركة فتح تقضي بجر الجيش الإسرائيلي إلى الأحراش وإلحاق أكبر الخسائر به ووقف الرئيس جمال عبد الناصر بقوة إلى جانب الثورة الفلسطينية حيث قضي نحبه في نفس الشهر وكان قد تمكن قبل وفاته من تثبيت الثورة على الأرض اللبنانية عبر اتفاق القاهرة الذي وقعه إميل البستاني قائد الجيش اللبناني ومع ياسر عرفات.
كانت فتح موجودة في لبنان في صورة نشاط إعلامي وسياسي وتنظيمي منذ العام 1965. لقد بدأ تنظيم حركة فتح خلال شهر أيلول 1970 في لبنان ينمو نمواً مطرداً لأن الثورة الفلسطينية حررت جماهير الشعب الفلسطيني في المخيمات من مظالم الدرك اللبناني والمكتب الثاني وغيره من أجهزة السلطة اللبنانية.
كانت تجربة حركة فتح التنظيمية في لبنان تجربة متميزة جداً حيث وجد الكثير من الشيعة والسنة أن طريق حركة فتح هي طريقهم نحو الخلاص والتحرر وبدأ التفكير بعد استشهاد قادة حركة فتح الثلاثة أبو يوسف النجار وكمال عدوان في شهر 4/1973م بالوسائل التنظيمية المستحدثة لاستيعاب الحالات الجديدة وأصدرت حركة فتح نشرة حركية نصف شهرية باسم الثورة طريقنا إلى الحرية .
بدأ العمل التنظيمي لحركة فتح وقد وقعت الاشتباكات مع الجيش اللبناني في عام 1973م بعد أن طلبت الولايات المتحدة من السلطات اللبنانية ضرورة تصفية الثورة.
برزت الحركة الوطنية اللبنانية المسلحة الداعمة للثورة والمتحالفة معها و ونتيجة لتلك الأحداث خلال تلك الفترة عمق المفهوم التنظيمي ووسائل عمله من خلال العمل اليومي.
بعد خروج المقاومة من الأردن أخذت طروحات الحلول السلمية تتبلور( ) وجاءت حرب أكتوبر 1973م فكان هناك نصر عربي وهزيمة إسرائيلية وقتها كتب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة سلسلة من مقالات تنطلق من فكرة تسوية سلمية تقوم على أساس وطني ديمقراطي.
كانت هذه المقالات تبشر بتسوية قادمة ضمن هذا الإطار ويمكن هنا أن نلاحظ أن النقاط العشر المنبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الحادية عشرة سببت شرخاً كبيراً داخل الساحة الفلسطينية وطرحت حركة فتح ضرورة وحدة الساحة الفلسطينية وللحقيقة فإن التيار اليساري في حركة فتح هو الذي تبنى التسوية ودافع عنها وسبق إقرار النقاط العشر حوارات مطولة مع الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية والشيوعيين وعلى الرغم من الخلاف الداخلي.
تمكنت حركة فتح من الحفاظ على وحدة الحركة واعتبرت أن الخلاف في الرأي أمر مشروع لكن الخروج عن الحركة انحراف أكان باتجاه اليمين أم اليسار ووضعت مخططاً أخذ فيه ما يجري على الأرض من تحولات تكتيكية واعتبرت النقاط العشر خطة اعتراضية لمشروع التصفية الذي يهدد وجود الحركة.
عندما ذهب ياسر عرفات للأمم المتحدة وألقى كلمته الشهيرة اعتبرت الجبهة الشعبية ذلك خيانة بينما لاقت هذه الخطوة تأييداً واسعاً في حركة فتح لأن ما قام به كان جزءاً من مبادئ حركة فتح الأساسية والتي تقود العمل على إبراز الشخصية السياسية الفلسطينية بمحتواها النضالي الثوري في الحقل الدولي بما لا يتعارض أو يتناقض مع الارتباط المصيري بين الأمة العربية والشعب الفلسطيني وتأسيساً على الوحدة الداخلية والقوة السياسية.
تجددت فكرة ضرب الثورة الفلسطينية وإنهاء وجودها في لبنان بعد أن بدأت حركة فتح تعسكر في جبل الشيخ وجنوب لبنان فيما عرفت فيما بعد فتح لاند ووقعت الحكومة اللبنانية مع حركة المقاومة الفلسطينية اتفاق القاهرة الذي أعطى الشرعية للتواجد الفدائي الفلسطيني في جنوب لبنان لكن حدث أن قام الجيش اللبناني بمؤامرة شهر مايو/1973م حيث قام بتنفيذ حملة على المقاومة الفلسطينية وجاء رد الفعل الشعبي اللبناني ليجعل الحكومة اللبنانية تؤجل مخططاتها وتأمر الجيش اللبناني العودة إلى ثكناته.
وجاء نجاح قمة الرباط التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني واعتراف أكثر من مائة دولة بمنظمة التحرير في الجمعية العامة للأمم المتحدة كل هذه النجاحات عجلت في المؤامرة على استنزاف طاقة الثورة الفلسطينية في لبنان بجانب قبول ياسر عرفات إلى الأمم المتحدة والاعتراف العربي والإسلامي عام 1973م ومؤتمر عدم الانحياز انتصار لمنظمة التحرير الفلسطينية بمعركتها السياسية في الأمم المتحدة عام 1974م.
بدأت تلك الأحداث في عين الرمانة عام 1975م وبأيدي حزب الكتائب اللبناني فهذا المشروع مرتبط بالمشروع الصهيوني ذاته وذلك عن طريق كميل شمعون ومن ثم حزب الكتائب وبشير الجميل ووقف الوطنيون اللبنانيون إلى جانب المقاومة الفلسطينية بقيادة كمال جنبلاط الذي دفع ثمن ذلك حياته.
وقف النظام السوري موقفاً مناوئاً للثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية وتصرف الرئيس حافظ الأسد على أساس أنه رئيس سوريا الكبرى وقد جرت بعد ذلك لقاءات فلسطينية-سورية وانعقد المجلس الوطني في دمشق وانصبت الجهود على وقف التناقضات الثانوية وتوجيه كل الجهود نحو التناقض الأساسي( ).















موقف حركة فتح من الفصائل والمنظمات الفلسطينية
لا شك بأن من أهم عوامل توحيد الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية هي منظمة التحرير الفلسطينية نفسها كإطار جبهوي يمثل الشعب الفلسطيني ويجسد تطلعاته وأمانيه الوطنية وان كانت حركة فتح باعتبارها العمود الفقري للثورة الفلسطينية بإمكانها جدلاً أن تقف بمفردها فإن باقي الفصائل إنما تستمد أهميتها الرئيسية من وجودها داخل منظمة التحرير الفلسطينية ولذا فالكل تقريباً يشعر مع وجود بعض التفاوت بطبيعة الحال أن لا استمرارية للثورة وبالتالي للفصائل دون وعاء منظمة التحرير الفلسطينية الذي نقل القضية الفلسطينية من قضية لاجئين إلى قضية تحرر وطني تمثل مفتاح الحرب أو التسوية في منطقة الشرق الأوسط.
يقول ياسر عرفات في لقاء مع مجلتي شؤون فلسطينية وفلسطين الثورة في انطلاقة حركة فتح الرابعة عشرة إن الثورة الفلسطينية في مسيرة الدم والتضحية أدت إلى انتقال شعبنا من رقم في دائرة من دوائر الأمم المتحدة ومن همسة دبلوماسية مترددة في أروقة من أروقتها ومن ملف في لجنة من لجانها اسمها هيئة غوث اللاجئين إلي شعب ثائر يحاول التعامل مع الواقع الجديد الذي صاغه في هذه المنطقة من العالم إلى شرط لتحديد وجهة التطور في اتجاه الحرب والسلام.
قدمت الثورة الفلسطينية طوابير من المقاتلين التي لا تكتب التاريخ الجديد لفلسطين فحسب وإنما تحدد وجهة الأمة العربية في السيطرة على مستقبلها الحر وأما ثاني العوامل الموحدة للفصائل فهو وجود نصوص مرجعية رئيسية تضبط العلاقة بينها على أساس الميثاق الوطني الفلسطيني والوصول إلى قواسم مشتركة تشكلاً عاملاً مهما في ضمان الوحدة داخل منظمة التحرير الفلسطينية.
وعندما يتعلق الأمر باتخاذ موقف سياسي فالإجماع الذي يلجأ إلى الحلول الوسطى لضمان الوفاق أسهم إلى حد كبير في كبح جماح التفرقة وكمثال على هذا النهج الموقف من مشروع ريغان الذي صيغ في الدورة السادسة عشر للمجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر في شهر فبراير/1983م.
كانت فصائل اليسار تصر على أن تأخذ منظمة التحرير الفلسطينية موقفاً يرفض رفضاً باتاً المشروع الذي قدم في شهر سبتمبر/1982م في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حين كانت حركة فتح ترى من الأنسب أن يترك الباب مفتوحاً قليلاً لكي لا تتحرج منظمة التحرير الفلسطينية في التعامل مع المشروع إذا ما أدخلت عليه تعديلات تضمن حق تقرير المصير بالنسبة للشعب الفلسطيني.
بعد نقاشات عديدة خلال اليومين الآخرين من المجلس تم التوصل إلى صيغة وسط لا ترضي بالكامل طرفاً بعينه ولكنها أيضاً لا تغضبه وإذا ما كانت عوامل التوحيد تعد على الأصابع فإن ما يفرق حركة فتح عن باقي الفصائل كثيرة ومتنوعة وإن إيراد الاختلافات بين حركة فتح وبقية الفصائل مفيد في حد ذاته ولكنه لا يعني بحال تبريراً لأي انفراط لعرى الوحدة الوطنية داخل منظمة التحرير الفلسطينية أو تنظيرا لاستفراد حركة فتح بمنظمة التحرير الفلسطينية وان كان دورها القيادي الرائد ليس محل شك أو مساومة( ).
أسباب الخلاف الموضوعي بين حركة فتح والمنظمات الفلسطينية الأخرى:
1- أول جوانب الخلاف موضوعي يتعلق بالنشأة فقد ولدت حركة فتح استجابة لمتطلبات مرحلة وليست تعسفاً عليها في حين أن الجبهة الشعبية أصبحت يسارية بقرار شبه آلي بعد أن حولها مؤتمرها الأول إلي حركة ماركسية لبنينية.
برر ذلك على انه رد فعل لفشل الفكر القومي العربي بعد هزيمة يونيو1967 وهكذا أصبحت مجموعة القوميين العرب مجموعة ماركسية بدون مقدمات تقريباً أما الجبهة الديمقراطية فقد خرجت من رحم الجبهة الشعبية فيما انطلقت الصاعقة بقرار من البعث السوري وجبهة التحرير العربية بقرار مماثل من البعث العراقي ومن هنا كان نزع الرداء الحزبي صفة حركة فتح الأساسية ذلك أنها اختارت المنطلق الوطني ببعده القومي بعيداً عن الأيديولوجية المجتمعية حتى تتحرر من المحاور والتكتلات والتناقضات العربية التي كانت تعطل و تقتل أي عمل صحيح.
أما باقي الفصائل وأساسا الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية فترى أن الإيديولوجية هي وقودها وأنه لا ثورة بدون نظرية ثورية وبأن هذه النظرية ليست سوى الماركسية-اللينينية وقد أثرت سيطرة الأيديولوجية على هذين الفصيلين بشكل كبير صارت معه كل المواقف السياسية مأدلجة تقريباً من ذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر ما جاء في الندوة المشتركة بين مجلتي الحرية التابعة للجبهة الديمقراطية والهدف التابعة للجبهة الشعبية في أعقاب زيارة ياسر عرفات الأولى إلى القاهرة في شهر ديسمبر/1983 فقد أكد وقتها عبد الرحيم ملوح عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية أن خطوة ياسر عرفات وضعت علامة استفهام كبيرة على قيادة البرجوازية الوطنية وبالتالي أسقطت تاريخياً دورها القيادي.
إلا انه يستدرك بالقول بأنها لم تسقط كليا كطبقة برجوازية وطنية لان ياسر عرفات وما يمثله حسب رأيه من شريحة من شرائح البرجوازية الوطنية الفلسطينية اختار في هذه المرحلة وبفعل المصاعب التي مر بها التصادم مع البرنامج الوطني الفلسطيني ممثلاً بالبرنامج المرحلي حتى تستطيع تحقيق شيء ما ظل في قيادتها ويعتقد عبد الرحيم ملوح بأن السقوط النهائي للبرجوازية الوطنية كقيادة وبرنامج في قيادة الثورة يحتاج لمجموعة من العوامل الأخرى يعني لعوامل أخرى غير الزيارة إذ أن هذه البرجوازية ما زالت تبحث حتى هذه اللحظة عن دورها الخاص وعن سوقها المحلي فهي برجوازية لديها مصالحها الاقتصادية والاجتماعية في الدولة الفلسطينية.
أما الجبهة الديمقراطية فحددت موقفها من خلال ما كتبه جميل هلال سكرتير لجنة الإعلام المركزي والعلاقات الدولية في الجبهة بمجلة الحرية 22/يناير/1984م بأن خطوة ياسر عرفات بزيارة القاهرة لا تستند إلى كونها تشكل خطوة انفرادية بل وأساساً من كونها تحمل مشروعاً سياسياً يخرج عن الخط الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي يمثل مصالح كافة الطبقات وليست الفئات الكمبرادورية والبيروقراطية المتبرجزة التي تربطها مصالح مع الدول الرجعية.
كل هذه التنظيرات والاجتهادات انطلقت مع زيارة ياسر عرفات إلى القاهرة وهي ليست إلا عينة من الكم الهائل الأيديولوجي المتسرب في عديد المواقف السياسية لليسار إن لم يكن في كلها( ).
2- تري حركة فتح أن قيادتها لمسيرة الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية إنما هو أمر أفرزته الشرعية التاريخية والنضالية بحكم ريادتها في الكفاح المسلح ضد الكيان الصهيوني دخلت حركة فتح منظمة التحرير الفلسطينية بفضل نضالها واتساع شعبيتها الذين فرضاها في العمل الوطني الفلسطيني رغم كل الريبة والاتهام اللذين صاحبا عملياتها وأنشطتها الأولى.
أما باقي الفصائل وأساسه الجبهات الشعبية والديمقراطية فترى ضمن تحليلها الذي يصنف الفصائل الفلسطينية إلي يمين و يسار انه لا بد من خوض النضال التراكمي لإزاحة قوى البرجوازية الصغيرة ممثلة بحركة فتح من قيادة الثورة الفلسطينية عبر الصراع ضد هذه الطبقة التي رغم كونها متذبذبة فهي يمكن أن تكون حليفة للثورة ولكنها ليست مادة الثورة الأساسية وبالتالي لا يجوز أن تكون الثورة بقيادتها وقيادة برامجها وإستراتيجيتها.
ويضيف كتاب الإستراتيجية السياسية والتنظيمية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بأنه لكي ننتصر على هذه الطبقة في صراعنا معها حول القيادة لا بد أن نعرف متى نتحالف ومتى نتصارع وكيف نتحالف وكيف نتصارع؟ وتؤمن الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية بمقولة عدم توقف الصراع الطبقي في إطار الائتلاف الجبهوي بين الفصائل داخل منظمة التحرير الفلسطينية.
يقول نايف حواتمة في ندوة نظمت في 26/أكتوبر/1983 (تحت عنوان منظمة التحرير الفلسطينية تحليل ونقد الجذور والحلول) أن ميزان القوى في حركة التحرر الوطني العربية مختل لصالح الاتجاه البرجوازي الوطني وامتدادا في داخل الثورة الفلسطينية مختل لصالح الاتجاه البرجوازي الوطني وعندما يحاصر هذا الجناح ويطوق ويردع في الكثير من سياساته الخاطئة والخارجة عن البرنامج المشترك في صفوف شعب فلسطين والمقاومة على الطريقة الديمقراطية اليسارية الفلسطينية وليس العكس.
كتب خالد الحسن يرد على وصف حركة فتح باليمينية ووصف التأييد الجماهيري للشعب الفلسطيني لها بأنه أيضاً يميني ومضلل بأن مثل هذا الكلام يدعو إلى السخرية لا علاقة له من بعيد أو قريب بالمسؤولية القيادية لان اتهام الشعب آمر بالغ البشاعة ولا يمكن أن يكون موقف الجماهير لمدة عشرين سنة على خطأ.
إن تكون القيادات والحركات والأحزاب التي توصف باليسارية قد حققت كل هذا الفشل في قراراتها ولم تستطع أن تستقطب أي قطاع جماهيري منذ أوائل الخمسينات حتى ألان وبين وصفها تارة بأنها مضللة وتارة بسيطرة المخابرات عليها أنه من غير الممكن خداع كل الشعب بعض الوقت أو بعض الشعب كل الوقت فكيف يمكن خداع كل الشعب كل الوقت( ).
بلغت الرغبة في تغيير القيادة الفلسطينية حداً مدمراً أثناء حصار طرابلس حيث عملت الصاعقة والجبهة الشعبية القيادة العامة على ذلك بقوة السلاح فيما لم تسع الجبهة الديمقراطية و الجبهة الشعبية بشكل حازم وجدي إلى وقف الاقتتال والأخطر من هذا أن تتحالف بعض الفصائل الفلسطينية مع بعض الأنظمة العربية لتغيير هذه القيادة.
كشف أحمد جبريل في حديث له لمجلة صباح الخير اللبنانية أمرا مهما للغاية حين قال كان الرفاق في الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية لجوجين في برامجهم ويطلبون المساعدة المادية والعسكرية من الدول التقدمية العربية تحت شعار تغيير موازين القوى على الساحة الفلسطينية لمنع اليمين من قيادة المنظمة إلى الهاوية.
حصل اجتماع على هامش قمة الصمود والتصدي عام 1979 في بنغازي وحضره قادة خمسة فصائل هي جبهة شعبية، الجبهة الديمقراطية، جبهة النضال شعبي، الصاعقة، الجبهة الشعبية القيادة العامة وما يذكر في ذلك الوقت أن جورج حبش ونايف حواتمة أصرا أن يحضر الرؤساء حافظ الأسد وعلى ناصر محمد ومعمر القذافي وفي اجتماع شبه سري طرح الاثنان أنه لا بد من إيقاع الهزيمة بقيادة المنظمة وانتزاع القيادة من التيار اليميني فكان سؤال الرؤساء العرب ما هي المعوقات في وجه هذا القرار فطرح جورج حبش ونايف حواتمة أن المعوقات هي عدم وجود القوة الذاتية لهذه الفصائل التقدمية.
أجاب أحمد جبريل عندما سئل الرؤساء بأنه في حالة تعزيز قواتكم وقدراتكم هل تستطيعون تغيير موازين القوى فكان الجواب نعم وقد رد الرؤساء العرب على هذه الطرح بالقول: إذا كانت المشكلة هي الإمكانات المادية والمعنوية والدعم السياسي فليكن وقد تبنت ليبيا بلسان الرئيس العقيد معمر القذافي عملية الإمداد بالسلاح وتبنت سوريا بلسان الرئيس حافظ الأسد تسهيل نقل هذا السلاح( ).
3- هذا الكلام الخطير يقودنا إلى أحد عناصر الاختلاف الهامة بين حركة فتح وباقي الفصائل وهي التحالفات العربية ذلك أن الفصائل الأخيرة تصنف الأنظمة العربية إلى أنظمة تقدمية وأخرى رجعية وهي لا تتحرج تبعاً لذلك من التنسيق الواسع مع الأنظمة التقدمية.
كان العراق في بداية السبعينات وراء تجربة جبهة الرفض تماما كدمشق مع جبهة الإنقاذ الوطني أما حركة فتح فقد وضحت في مؤتمرها الرابع في شهر مايو/1980م بشكل خاص الأسس التي تعتمدها في التعامل مع الأنظمة العربية أهمها عدم تعارض العلاقة مع إستراتيجية العلاقة مع الجماهير وموقف كل نظام من القضية والثورة وتفرد منظمة التحرير الفلسطينية وشرعية تمثيلها وعدم التدخل في شؤوننا ورفض الوصاية والتبعية.
4- التحرك السياسي ومفهومه وحدوده هو الذي شكل أبرز نقاط الخلاف بين حركة فتح والبقية فحركة فتح تؤمن بالمرونة والبراغماتية في التحرك وضرورة انتهاج المرحلية في النضال.
يقول خالد الحسن لا توجد ثورة في التاريخ أتبعت الإستراتيجية المباشرة لأنه عندما تبدأ الثورة تكون قوتها المادية أضعف بكثير من قوة خصمها وديناميكية النضال فيها مرتبطة بعدالة القضية وليست مرتبطة فقط بحجم القوة المادية الموجودة أو المتوفرة لدى الثورة ومن هنا لا بد من النضال على مراحل والمرحلية هي مبدأ خد وطالب من خلال رفع شعارات مرحلية مقياس صوابها أنها تتجه باستمرار نحو الهدف النهائي( ).
كانت باقي الفصائل وما تزال متحسسة للغاية من كل خطوة سياسية هنا أو هناك فحين أعلنت فتح في 1/يناير/1968م مشروع الدولة الفلسطينية التي يتعايش فيها اليهود والمسلمون والمسيحيون بكل مساواة في الحقوق والواجبات كمواطنين وجهت كثير من الاتهامات لحركة فتح قبل أن يتم تبني هذا الهدف من باقي كل الفصائل فيما بعد وهو نفس ما وقع عندما رفعت حركة فتح بعد حرب أكتوبر 1973م شعار السلطة الوطنية كذلك عندما تقرر ذهاب ياسر عرفات إلى الأمم المتحدة عام 1974م( ).
مجموع هذه المواقف الرافضة جعلت خالد الحسن يصف باقي الفصائل بالرافضين أبدا تعبيراً على أرصفة الرفض والاتهام أصبحت أحدى سماتهم الرئيسية وإن حركة فتح تؤمن بضرورة التفريق بين العمل السياسي والحل السياسي وهي من أجل ذلك واجهت العديد من الاتهامات فمثلاً بعد زيارة ياسر عرفات إلى القاهرة في شهر ديسمبر/1983م إثر حصار طرابلس دعا البيان الرباعي في 25/ديسمبر/1983م الصادر عن الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وجبهة التحرير الفلسطينية طلعت يعقوب والحزب الشيوعي الفلسطيني والقوى الوطنية إلى اعتبار أن ياسر عرفات بسياسته التي انتهجها يفقد أحقيته وأهليته في قيادة منظمة التحرير والنضال الوطني الفلسطيني ولئن لم يلتجئ نايف حواتمة إلى الطعن وقتها في ياسر عرفات شخصياً والاكتفاء بتوجيه إصبع الإدانة إلى سياسته.
انتقد جورج حبش عرفات مباشرة حين قال بأن ياسر عرفات أصبح منبوذاً من قبل الجماهير الفلسطينية بحيث يشعر أي فلسطيني بالخجل من مجرد مصافحته( ).
اشتدت لغة الشتائم تجاه حركة فتح بعد عقد المجلس الوطني السابع عشر بعمان واتفاق عمان في 11/فبراير/1985م والملاحظة الطريفة عند رصد رفض فصائل اليسار الفلسطيني للمشاريع السلمية المطروحة أنهم يتحفظون على البند السابع من مشروع فاس الذي ينص على ضمانات سلام بين جميع دول المنطقة بما فيها الدولة الفلسطينية المستقلة لما في ذلك من اعتراف ضمني بدولة إسرائيل في حين يقبلون بمشروع بريجينيف دون ملاحظات مع أنه يشير ودون لبس إلى وجوب إعلان حدود بين إسرائيل وجيرانها العرب ثابتة وغير قابلة للتغيير والى وجوب إنهاء حالة الحرب وإحلال السلم بين الدول العربية وإسرائيل وكذلك إلى الالتزام بالاحترام المتبادل لسيادة الأطراف المشاركة واستقلالها ووحدة أراضيها في النزاع وتعود مجاملة المشروع السوفيتي إلى العلاقات الوثيقة القائمة بين موسكو وفصائل اليسار ولاسيما الجبهة الديمقراطية وتليها الجبهة الشعبية.
5- لقد مثل الإجماع الوطني حتى الدورة السادسة عشر للمجلس الوطني بالجزائر في شهر نوفمبر/1983م قاعدة العمل الفلسطيني لضمان الوحدة الوطنية تتنازل حركة فتح من جهة والراديكاليون من جهة أخرى قصد الوصول إلى صيغة تمثل الحد الأدنى الذي تلتقي حولها كل الأطراف.
إلا أن حركة الانشقاق في حركة فتح والضجة المثارة بعد زيارة عرفات للقاهرة ومواصلة التنسيق مع الأردن وإبرام اتفاق عمان بعد عقد المجلس الوطني بالأردن جعل الأمور تسير بالتدرج نحو قانون الأغلبية بدل الإجماع.
قال ياسر عرفات في حديث له مع جريدة لوماتان الفرنسية 17/يناير/1984م بأنه لعله من غير المستحب البحث دوماً عن حلول وسطى اصطناعية للحصول على إجماع جامد موضحاً انه قد يكون من الأفضل إتباع الديمقراطية للقيام بسياسة حقيقية ونشيطة وإيجابية.
تضيف مجلة لوماتان بأن سياسة الإجماع الوطني هي عملياً اتخاذ اللا قرار واللا عمل وبالتالي اللا شي مما يعطي الخصوم والأعداء حرية العمل على مهلهم نادت مجلة لوماتان بالحسم ديمقراطياً ابتداء من تشكيل أي لجنة تنفيذية تتمتع بتأييد أكثرية أعضاء المجلس الوطني فقط لا كلهم قطعاً مع وجود معارضة إلى جانبها تضم أولئك الذين لا يؤيدون سياسة الحكومة واتضح هذا التوجه في المجلس الوطني بعمان حيث عقد الاجتماع رغم مقاطعة عديد من الفصائل.
كتبت مجلة فلسطين الثورة القريبة من القيادة الفلسطينية في أعقاب تنديد الفصائل الأخرى بزيارة ياسر عرفات إلى القاهرة بأن شعار الإجماع الوطني لم يكن إلا بمثابة مسمار جحا تتمسك به الأقلية تمسكاً شديداً لفرض رأيها وموقفها على الأكثرية مما يمنحها تأثيراً ونفوذاً يفوق حجمها الحقيقي أضعافاً مضاعفة.
ثم جاء خالد الحسن ليقول بان المرحلة القادمة لمنظمة التحرير هي مرحلة تخطت مرحلة الإجماع الكامل إلى مرحلة الأغلبية لان الإجماع كان يخلق ديكتاتورية اسمها ديكتاتورية الأمناء العامين هذه المرحلة انتهت باجتماع المجلس الوطني بعمان وأتمنى مخلصاً ألا تعود هذه الديكتاتورية إلى الساحة الفلسطينية لأنها تشل القرار وتشل الحركة وتشل كل الفاعلية الحقيقية وتبقينا دائماً في مرحلة ردود الفعل بعيدين عن مرحلة الفعل( ).
ثم يضيف نبيل شعت رئيس اللجنة السياسية بالمجلس الوطني أن مجلس عمان أنهى لأول مرة في العالم العربي منذ عشرين عاماً قضية ديكتاتورية الأقلية وذلك بإنهائه عملياً موضوع الإجماع لان ذلك هو الذي أوقف دور الجامعة العربية( ).
عرفت حركة فتح في تاريخها بعض الانشقاقات لأسباب حزبية إن صح القول باعتبار أن الذين قادوا الانشقاقات عبروا عن آراء وتحاليل تختلف عن قيادة الحركة واستندوا إلى خلفية أيديولوجية حزبية واضحة فقد تعرضت حركة فتح إلى العديد من الانشقاقات والأزمات طوال الأربعين سنة الماضية لكن ذلك لم يؤثر على سيطرتها على منظمة التحرير الفلسطينية وعلى كونها العمود الفقري لها كما ظلت الحركة الأكثر حضوراً على الساحة الفلسطينية مستفيدة من تجربتها النضالية ومن الدعم المالي الذي توفره لها منظمة التحرير الفلسطينية وكانت أهم الأزمات والانشقاقات التي تعرضت لها حركة فتح:
1- أزمة تنظيم الكويت 1965ـ1966م أصدرت اللجنة المركزية العليا لحركة فتح بتاريخ 29/إبريل/1966 قراراً بسحب الثقة من عضو الحركة السابق محمد ياسر عرفات القدوة وإحالته للتحقيق فوراً حيث اتهمته بإعداد تقارير كاذبة والتمرد على القرارات الجماعية وتحريض بعض القواّد على قيادة الحركة وإتباعه سياسة الاستزلام ومحاولة شراء ضمائر المناضلين وإفشائه أسرار الحركة لعناصر من خارجها تم تطويق هذه الأزمة في نهاية 1966م على حساب خروج عضوين قياديين هما عادل عبد الكريم وعبد الله الدنان.
2- تمرد محمد مسودة 1967ـ1968م: امتد التمرد المعارض لياسر عرفات بامتداد كتلة الكويت إلى الأردن بعد حرب 1967م واتخذ شكلاً عسكرياً يقوده محمد مسودة وقامت قيادة الحركة بفصل تنظيم الكويت بمجمله ثم حدثت مفاوضات أدت إلى اتفاق في شهر إبريل/1968م بإلغاء قرار فصل محمد مسودة وأن تتم دعوة المجلس الثوري للنظر في مواضيع الخلاف ومحاسبة القيادة وأن تتم دعوة مؤتمر الحركة في يوليو/1968م بحيث تنبثق عنه القيادة العليا للحركة عن طريق الانتخاب وقد نقل محمد مسودة إلى السودان ثم توجه إلى مصر حيث اعتقل في ظروف غامضة وعّذب بشدة حتى أصيب بانهيار عصبي.
3- أزمة التنظيم في لبنان 1972م: عند انتقال ياسر عرفات إلى لبنان حاول الإمساك بزمام الأمور مباشرة بيده حدثت أزمة تنظيمية خصوصاً مع معتمد إقليم لبنان يحيى عاشور الملقب حمدان اتخذت شكل تمرد مباشر واعتصام في تل الزعتر وعمليات اعتقال وخطف وتصفية حتى أحكم ياسر عرفات سيطرته على التنظيم.
4- حركة فتح المجلس الثوري: انشق عدد من قياديي حركه فتح بقيادة صبري البنا وناجي علوش ومحمد عودة متهمين القيادة بالانحراف عن خط التحرير الذي تمثله حركه فتح وأنشئوا حركة فتح المجلس الثوري وأعلنوا التزامهم بمبادئ الحركة وأهدافها وبرامجها ونظامها الداخلي ودعوا إلى خوض الصراع لإنقاذ الحركة واتهم هذا التنظيم بممارسة أساليب الاغتيال والتصفية لعدد من رموز حركه فتح الذين اعتبروهم منحرفين عن الخط الوطني ومنهم عصام السرطاوي وصلاح خلف ولقي هذا التنظيم دعماً من العراق وليبيا.
5- فتح الانتفاضة: وهو من أهم الانشقاقات التي وقعت في حركه فتح وقاده سعيد مراوغة (أبو موسى) وأبو خالد العملة و مهدي بسيسو و إلياس شوفاني وسميح أبو كويك (قدري) ونمر صالح عضو اللجنة المركزية في شهر مايو/1983م ولعبت التداعيات التي نتجت عن الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982م بالإضافة إلى اعتراض العديدين على التوجهات السياسية لقيادة فتح وخصوصاً نحو التسوية وعلى العديد من المسلكيات التنظيمية والمالية والعسكرية للقيادة دوراً سياسياً في هذا الانشقاق الذي أدى هذا الانشقاق إلى حدوث صدامات عنيفة بين الطرفين في النصف الثاني من عام 1983م ولقي هذا الانشقاق دعم سوريا ورعايتها وبعض الفصائل الموالية لها( ).













المراجع

1- ياسر عرفات: ثورتنا كلمة سر الأمة- شؤون فلسطينية- مركز الأبحاث م. ت. ف. عدد 16/يناير/1979- ص17.
2- ناصر الدين النشاشيبي: الوحدة وقضية فلسطين- عدد خاص- القاهرة 1961- الهيئة العامة للكتاب 1961.
3- خليل هندي وآخرون: المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني بإشراف د.نبيل شعث- مركز أبحاث م. ت. ف. 1971- ص22.
4- عبد القادر ياسين: تجربة الجبهة الوطنية في قطاع غزة-ابن خلدون –بيروت 1980 -صـ103-104
5- الاستعمار الصهيوني في فلسطين: الدكتور فايز صايغ- منظمة التحرير الفلسطينية ومركز الأبحاث- بيروت 1965- ص59-66.
6- عصام محمد على عدوان : حركة التحرير الوطني الفلسطيني (1958-1968) –الطبعة الأولى 2006-صـــ37-61.
7- خبرات الحركة السياسية الفلسطينية في القرن العشرين – المركز القومي للدراسات و التوثيق – يونيو 200 – صــ300-303.
8- شؤون فلسطينية عدد86 – حديث ياسر عرفات.
9- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت- صـ55-58.
10- ياسين طالب الشريف: محطات على الطريق إلى فلسطين- الطبعة الأولى 2000 مطابع قطر الوطنية- ص36-37.
11- أحمد كمال عدوان: إرهاب وراء الحدود- مايو/1958- صـ75-80.
12- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت ص62.
13- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت - صـ81-83.
14- محمد حمزة: أبو جهاد أسرار بداياته وأسباب اغتياله- المؤسسة العربية للناشرين المتحدين 1989- ص254.
15- علي بدوان ونبيل السهلي: حركة فتح من العاصفة إلى كتائب الأقصى- الأوائل للنشر والتوزيع- دمشق- الطبعة الأولى 2005- صـ37 وما بعدها.
16- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت صـ96-100.
17 محمد حمزة: أبو جهاد أسرار بداياته وأسباب اغتياله- المؤسسة العربية للناشرين المتحدين 1989ص256.
18- محمد حمزة: أبو جهاد أسرار بداياته وأسباب اغتياله- المؤسسة العربية للناشرين المتحدين 1989ص112.
19- مذكرات الشهيد أبو جهاد(4): عدد 433 بتاريخ 25-31/5/1988 المجلة ص35, كذلك معلومات مستقاة من السيد مصطفى السمري.
20- محمد حمزة: أبو جهاد أسرار بداياته وأسباب اغتياله- المؤسسة العربية للناشرين المتحدين 1989- ص 255.
21- معلومات مستقاة من السادة محمد الإفرنجي- عمر سكيك- محمد مكي.
22- معلومات مستقاة من السادة محمد الإفرنجي- مصطفى السمري.
23- معلومات مستقاة من السيد صخر بسيسو.
24- معلومات مستقاة من السيد محمد الإفرنجي.
25- معلومات مستقاة من السيد غالب الوزير.
26- معلومات مستقاة من السيد عبد الله الإفرنجي- كذلك راجع وليم نصار: تغريبة بني فتح أربعون عاماً في متاهة فتحاوية-دار الشروق للنشر والتوزيع –الطبعة الأولى 2005- صـ67-73 كذلك راجع ذكريات مع الشهيد هايل عبد الحميد: الشئون الفكرية والدراسات- الطبعة الثانية 1992- مطابع الهيئة الخيرية- ص99-132.
27- معلومات مستقاة من الشيخ محمد أبو سردانة.
28- محمد حمزة: أبو جهاد أسرار بداياته وأسباب اغتياله- المؤسسة العربية للناشرين المتحدين 1989ص257.
29- محمد حمزة: أبو جهاد أسرار بداياته وأسباب اغتياله- المؤسسة العربية للناشرين المتحدين 1989ص214.
30- محمد حمزة: أبو جهاد أسرار بداياته وأسباب اغتياله- المؤسسة العربية للناشرين المتحدين 1989ص259.
31- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت صـ84-89.
32- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت ص104.
33- عصام محمد علي عدوان: حركة التحرير الوطني الفلسطيني(1958-1968) -الطبعة الأولى 2006 صـ230-235.
34- يزيد الصائغ: رفض الهزيمة- بدايات العمل المسلح في الضفة الغربية والقطاع1967- مؤسسة الدراسات الفلسطينية1992- ص7.
35- فتح الثورة الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي- دراسات ثورية- منشورات الثورة- لاتا ص85.
36- الكتاب الثوري للقضية الفلسطينية لعام 1967- مؤسسة الدراسات الفلسطينية- بيروت 1967- صـ129.
37- حديث مع صخر حبش- عضو اللجنة المركزية لحركة فتح- تونس آب/أغسطس 1990.
38- حديث مع خالد الحسن- تونس آب/أغسطس 1989.
39- للمزيد: خليل الوزير: حركة فتح النشور والارتقاء والتصور والممثل الشرعي البدايات1- 1986- صـ106-110.
40- حسام الخطيب: في التجربة الثورية الفلسطينية- دار الطليعة- بيروت1972- صـ25-30.
41- شارل أندرين: أسرار المفاوضات الإسرائيلية العربية (1917-1973) سلام أوحرن- دار الفاضل للطباعة- الطبعة الأولى 1998- دمشق- صـ283-296.
42- حديث مع محمود عباس- تونس آذار/مارس 1992.
43- خليل الوزير: حركة فتح النشور والارتقاء والتصور والممثل الشرعي البدايات 1-1986 - ص106-110.
44- فتح: دروس وتجارب ثورية- لاتا- ص9.
45- يزيد الصايغ: رفض الهزيمة-بدايات العمل المسلح في الضفة الغربية والقطاع 1967-مؤسسة الدراسات الفلسطينية 1992 - ص21-22.
46- يوسف صايغ: استنزاف إسرائيل نتيجة الصراع العسكري- شئون فلسطينية عدد4 أيلول 1971.
47- حديث مع أبو على شاهين تونس – آب 1990.
48- وليم نصار: تغريبة بني فتح أربعون عاماً في متاهة فتحاوية – دار الشروق للنشر والتوزيع – ص(129-137)
49- الكتاب الثوري للقضية الفلسطينية – عام 1967 – مؤسسة الدراسات الفلسطينية –بيروت 1967 .
50- صبحي غوشة : الشمس من النافذة العالية وجوه في رحلة السجن و النضال – مؤسسة الأبحاث العربية – بيروت – 1988 ص 125.
51- للمزيد حول هذه الأحداث راجع محمد القبيسي الهواء المقنع – أبو على شاهين خمسة عشر عاما في الاعتقال الصهيوني - 1956.
52-معلومات مستقاة من السادة محمد الإفرنجي – عمران سنونو – محفوظ رحمي – سمير الوادية – سعيد عياد – راسم المقيد – عدلي الصادق – و آخرون
53- الموسوعة الفلسطينية: القسم العام- الجزء الثاني- الطبعة الأولى 1984 ص606.
54- معلومات مستقاة من السادة عبد اللطيف عبيد وسمير الوادية
55- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت- صـ93-98.
56- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت ص99
57- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت ص100.
58- عبد الرحمن غنيم: الحالة الفلسطينية ودور الرقم الصعب- دار الجليل للطباعة والنشر والتوزيع- دمشق 1987- صـ25-26.
59- عبد العظيم رمضان: تحطيم الآلهة- قصة حرب يونية 1967- دراسة تاريخية- مكتبة مدبولي- الطبعة الأولى 1986- الجزء الثاني- صـ305-399.
60- عبد المنعم حمزة: أسرار ومواقف الملك حسين ما بين مؤيد ومعارض-مطابع السافوي-القاهرة 1999-صـ124-131.
61- ليلى خالد: حرب أيلول- وكالة أبو عرفة للصحافة- القدس 1975- الطبعة الأولى.
62- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- مرجع سبق ذكره صـ127-135 كذلك عبد المنعم حمزة: مرجع سبق ذكره صـ132-140.
63- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت صـ144-152.
64- صلاح خلف: فلسطيني بلا هوية- كاظمة الكويت صـ217-231.
65- محمد كريشان: منظمة التحرير الفلسطينية التاريخ وهياكل الفصائل والأيديولوجية-دار البراق-الطبعة الأولى 1986- صـ96.
66- خالد الحسن: الاتفاق الأردني الفلسطيني للتحرك المشترك- دار الكويت للصحافة 1985- صـ45-60.
67- المصدر السابق ص61.
68- مجلة صباح الخير التابعة للحزب القومي السوري- عدد 445 وكذلك مجلة الإمام التابعة للقيادة العامة 1/سبتمبر/1984.
69- حديث لمجلة الصخرة الصادرة عن حركة فتح- الكويت عدد84- 30/يوليو/1985.
70- أنطونيو روبي: مع عرفات في فلسطين- منشورات وزارة الثقافة الفلسطينية- الطبعة الأولى 1998- رام الله- صـ29-50.
71- حديث لمجلة الموقف العربي الصادرة بقبرص- عدد186 بتاريخ 8/يناير/1984.
72- حديث لصحيفة الشرق الأوسط 15/ديسمبر/1984.
73- حديث لصحيفة الشرق الأوسط 26/ديسمبر/1984.
74- صلاح خلف : فلسطيني بلا هوية من صـــ249-302 .