في الوقت الذي كان الفلسطينيون في الوطن والشتات يحذوهم ألأمل وعيونهم شاخصة لرؤية ذلك اليوم الذي يتم فيه طي صفحة الانقسام وإعادة اللحمة للجسد الفلسطيني ، يتفاجا الجميع وبتصعيد غير مسبوق من جانب حركة حماس فيما يتعلق بموقفها بقرير جولدستون ، علماً بان حماس تعلم جيدا بان التقرير يدين حركة حماس وقياداتها أكثر من إدانته لإسرائيل وهو ما عبرت عنه حركة حماس ورفضته منذ بدايته ، فالسؤال الذي يطرح نفسه كم من التقارير انحازت للشعب الفلسطيني في إحقاق حقوقه ؟ أليس كل التقارير والتحقيقات من لجان دولية ومؤسسات مجتمع مدني سواء كانت عربية أو أجنبية كانت تحكم لصالح الجلاد وتعاقب الضحية وجميعها باءت بالفشل لأن الإدارة الأمريكية كانت تقف بالمرصاد لإجهاض أي إدانة حتى ولو كانت بسيطة من شأنها النيل من إرادة دولة الكيان الصهيوني ...أليس قرارات الأمم المتحدة بالعودة وتقرير المصير ما زالت تصطدم بالفيتو الأمريكي خدمة لدولة الكيان ..وغيرها وغيرها من القرارات التي هي رهينة الأدراج .
لكن في المقابل ماذا لو تم مناقشة التقرير وجاءت إدانة قاسية لحركة حماس وتوجيه التهم بارتكاب جرائم حرب لعدد من قيادتها سواء السياسية والعسكرية .... أليس الجميع سيفاجأ بموقف سلبي من حركة حماس يتمثل في توجيه الاتهامات لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومتها الشرعية باعتبارها من يقف وراء هذا التقرير والعودة إلى سياسة التخوين وإدعاء التآمر ضدها .
ولكن ما إن تم سحب التقرير وفي ظل ظروف لا يعلما الكثيرين ، حتى خرجت حركة حماس كعادتها ومن خلال أبواق الفتنة لديها ومصادر إعلامها الموجه لتكيل الاتهامات للأخ الرئيس أبو مازن وحركة فتح ، فأحدهم يطالب بمحاكمة الرئيس وأخر يريد سحب الجنسية عنه والبعض طالبوا بالهروب من استحقاق المصالحة ، وفي عملية تراجيدية يخرج علينا مجموعة وللأسف من المثقفين وأساتذة الجامعات المأجورين وبشكل ممنهج ليمارسوا أحقر أبجديات الاحترام لشخص الرئيس من خلال الإساءة لشخصه الكريم .
ولكن إن القاصي والداني كان يعلم بان حركة حماس تريد التنصل والتهرب من استحقاق المصالحة ، لأن الكثيرين من قيادتها المتنفذة استبعدوا إجراء المصالحة لأنهم يعتبرون بان إنجازهم المتمثل في انقلاب غزة لن يمكن التنازل عنه بالبساطة والسذاجة التي هي بحجم تصريحات بعض قادتهم .
ولكن هل يمكن لنا أن نعتبر زيارة خالد مشعل إلى طهران لمقابلة القيادة ألإيرانية قبل توقيع المصالحة لهي أحد احتمالات تصعيد الأزمة وتفويت الفرصة على الشقيقة مصر للملمة الشمل الفلسطيني ، وخصوصا ما صرح به السيد أحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر بأن تقرير جولدستون وتداعياته هو موضوع منفصل عن موضوع المصالحة الفلسطينية وأن الفلسطينيون مدعوين لتوقيع اتفاق في 26/10/2009 ، ولكن ما إنخرجت التصريحات من أروقة حركة حماس حتى تعلن وبشكل صريح انسحابها من المصالحة وعدم الذهاب إلى القاهرة ضاربة بعرض الحائط كل الجهود المصرية والعربية وإطلاق رصاصة الرحمة على الحلم الفلسطيني بتوحيد شطري الوطن .
هل يمكن لنا كفلسطينيين أن نعتبر بأن تصعيد الموقف من جانب حركة حماس هو بمثابة ذر الرماد في العيون وهروب إلى ألأمام ، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو حجم الجائزة التي ستحصل عليها حركة حماس من جمهورية الملالي في طهران وجزيرة الشيخة موزة القطرية عرفانا لها على موقفها المشرف باتجاه شعبها الفلسطيني والإبقاء على الورقة الفلسطينية رهن المزاودين والمتاجرين بمستقبل ورقاب شعبنا الفلسطيني وليس همهم سوى المال والحياة الفارهة .
إن ما حدث بالأمس في قطاع غزة من تجاوزات وسلوكيات يندى لها جبين كل فلسطيني شريف ومن خلال استئجار بعض الموتورين للإعتداء على صورة الأخ الرئيس أبو مازن لهو يمثل حجم الضائقة التي تمر بها حركة حماس وخوفها من انتخابات المرحلة القادمة التي جاءت كافة الاستطلاعات مؤكدة على فوز حركة فتح في الإنتخابات المقبلة ، وفي نفس الوقت لو أمعنا النظر بان سلوكيات حكومة حماس تهدف إلى تقويض جهود المصالحة من خلال إقصاء رئيس جامعة الأقصى بغزة وبشكل متزامن مع تقرير جولدستون وتعيين احد كوادرها لهو أكبر دليل على التخبط الواضح وأتباع أسلوب العقاب الجماعي حتى ولو تعلق الأمر بتدمير مقدرات الشعب الفلسطيني والنيل من أجياله المتعلمة وذلك سعيا لكسب ود جمهورية الشياطين ألإيرانية و نواطير قاعدة السيلية والعيديد القطرية ، وهذا يجعلنا نستذكر المثل الشعبي القائل " وعادت ريما لعادتها القديمة " .
وعادت ريما لعادتها القديمة !! بقلم:د. منصور منصور
تاريخ النشر : 2009-10-08