الزواج على الطريقة الأمريكية بقلم:وليد رباح
تاريخ النشر : 2005-02-06
هنيئا لعجائز أمريكا

الزواج على الطريقة الأمريكية

بقلم وليد رباح

وددت ان يكون هذا الموضوع جادا.. ولكني بعد تفكير قررت ان يكون هزليا وجادا في الوقت نفسه.. فجنة امريكا التي رسمناها في عقولنا منذ الصغر.. تتحول اليوم الى كابوس يخيفنا.. فورد الشباب الذي ينبع من وجوه شباب العرب الذين يسعفهم الحظ بالحصول على الفيزا لدخول امريكا ويجابهون عنتا في الحصول على الإقامة.. يضطرون للجوء الى قوانين ضد الطبيعة.. فماذا نفعل؟

سر بنا ياصديقي القارىء قليلا لمشاهدة هذا المنظر : امرأة يبلغ وزنها ثلاثمائة باوند على الأقل.. تسير في الشارع متكئة على ذراع شاب في سن أولاد اولادها.. ينقلها من مكان الى آخر بكل عناية خيفة ان تقع وتنكسر رقبتها.. يسهر معها ليلا في احسن المطاعم (طبعا على حسابها) تحيطه بعناية فائقة وتطعمه كما تطعم الدجاجة فراخها.. تخاف عليه من الريح إذا هبت.. ومن النسيم ان مر على جبهته.. تغار عليه من نفسه..وتحيطه بكل أنواع العناية خيفة ان يطير من يدها.. ويحتمل الشاب كل ذلك من اجل عيون (الجرين كارد) الذي أصبح هاجس من لا يمتلكه.

وصورة أخرى: أنت شاب يافع تنام قرب عجوز شمطاء ..يعلو شخيرها الى السماء بفعل وجبة الطعام الدسمة التي زادت وزنها ثلاثة باوندات أخرى.. فشخرت ونخرت ووضعت يدها على رقبتك تتحسسها خشية ان تطير الى عالم آخر .. تتفرس في وجهها باهتمام.. تلعن البلد الذي هاجرت منه والبلد الذي انت مقيم فيه.. هذا اللحم الذي (يمغط) مثل العلكة على البلاط أيام الصيف المريعة.. وهذه الذراع التي تقيسها فإذا بها أعرض واتخن من وسطك المياس الذي كنت تباهي به أقرانك.. وذلك الوجه المتهدل الذي حفرت فيه السنون وديانا وغدا متشققا كالأرض العطشى.. هذا (العجز) الذي ان (أخرج ريحا ) فسيعم العالم الخراب وتنتشر أسلحة الدمار الشامل عبر البيت.. فلا تملك إلا أن ترضى بالعقوبات التي تفرضها هيئة الأمم المتحدة مثل تلك التي فرضت على العراق ما قبل الاحتلال .. هاتان العينان التي تنام صاحبتهما بإحداهما أما الأخرى فتظل مفتوحة تنظر إليك وتراقبك.. هذه القدم التي تشبه قدم الحراث في الغيط أو المارس أيام الصيف اللزجة.. وهذا البطن المتهدل طية اثر أخرى مثلما تطوي بدلة عتيقة أكل عليها الدهر وشرب.. هذان الثديان المتدليان كالفوانيس الصدئة.. وتلك الخدود البارزة التي تعلوها لحوم تخفي لونها المساحيق والحمرة .. هاتان الأذنان اللتان تشبهان أذني عيروط ابن شمهورش ملك الجان.. اصابع اليد اليمنى تشبه منكاشا للزراعة.. أما اصابع اليسرى فيحلو لك ان تتفرس فيها لكي تتخيل مجموعة من الثعابين ذوات الجلد المموج يكفي ان ينقض عليك احداها لكي تذهب الى الجحيم.. ومع كل هذا المنظر اللذيذ الذي يخدرك تحلم بأن (تقبض) على الكارت الأخضر لكي تباهى به أمام أصحابك في الوطن وتقول لهم .. ها قد حصلت عليه (بأسهل) الطرق.

اما الصورة الثالثة: تحصل على ذلك الكرت اللعين بعد اشهر أو سنوات.. تفصل لنفسك حلما بأن تزور الوطن وتضع ورقة المائة دولار بارزة في جيب قميصك الصيفي لكي تجلس في مقهى قريتك وتنفش ريشك مثل ديك متعفن.. تنسى ما مر بك من عذاب ومن سهر ومن رؤية تلك الحيزبون التي تلازمك صورتها حتى وأنت في قريتك.. تقضي اياما ثم تعود الى العذاب ثانية..تعد الأيام والليالي بفارغ الصبر ان تمضي مسرعة.. لكنها تسير بطيئة مملة كأنما هي قطار يسير على سكة حديد مهترئة.. فيصبح اليوم شهرا والشهر عاما والعام قرنا كاملا.. والساعة لا تجري في مخيلتك الا كل ساعة لدقائق معدودة.. وتجهد ان تنفذ لها رغباتها الجهنمية حتى لو كانت لبن العصفور حتى لا ترفض الذهاب برفقتك الى دائرة الجوازات والهجرة. فتعلن أنك (خائن) و(منافق) و(متزوج من أخرى في وطنك) وأنها لا تريدك زوجا لها.. فيضيع كل تعب السنين التي كابدتها من اجل تلك الورقة اللعينة.

وفي رحلة العذاب الطويلة تحبل المرأة حملا كاذبا.. وتلد ألف مرة.. فرغم أن سن اليأس قد ادركها فهي تذهب الى الاطباء لكي توهمك انها حامل.. تظن ان ذلك يمكن أن يحميها فلا تهرب مع الريح.. فإن حالفك الحظ وحملت فإن العلم قادر على ان يجعل الماء طحينة.. وبقدرة قادر تلد الأم الحيزبون.. ثم تقضي بقية عمرك تعمل ليلا ونهارا لكي تغطي مصاريف ( الولد) الذي يكبر وتكبر معه مشاكله.. وبعدها فقط تدرك أنك تسب وتشتم العالم والكرين كارت واليوم الذي ولدت فيه..لأنك وقعت في أعمالك.

سربنا ياصديقي ثانية لكي نطبق المثل الذي يقول : من طين بلادك لط اخدادك.. فرغم انك تحصل على ورقة الاقامة الدائمة في بلد كأمريكا فإنك تدفع الثمن باهظا.. فمن اجل تلك الورقة تصبح حياتك هباء.. ويجفوك النوم .. تتعذب اكثر ما تجلدك المخابرات في بلدك..

فاختر عزيزي القارئ بين أن تجلدك المخابرات أو أن تجلدك امرأة سبعينية في بلد كأمريكا..أيهما ارحم.. واختر ما يمكن أن يفيدك.. ولله في خلقه شؤون.