التباكي المضحك ! بقلم: زياد ابوشاويش
تاريخ النشر : 2009-06-22
التباكي المضحك ! بقلم: زياد ابوشاويش


التباكي المضحك !
بقلم: زياد ابوشاويش
قبل الإنتخابات الإيرانية وأثناء التحضير لها بما في ذلك مناظرات المرشحين التلفزيونية ونتائج استطلاعات الرأي المرجحة لفوز "الإصلاحي" مير حسين موسوي وصفت أمريكا وأوروبا العملية الإنتخابية بالإنجاز الديمقراطي الهام وبالنزاهة، وأشادت بالفرص المتكافئة التي تتيحها السلطات المعنية للمرشحين، لكنها لم تنس أن تثير احتمال التزوير على خلفية فرضية تقول بنجاح السيد أحمدي نجاد حتى وإن بدت ضعيفة حسب الإستطلاعات الخادعة التي أجرتها بعض الجهات المحسوبة على التيار الإصلاحي في الداخل الإيراني والراغبين بنجاح مرشحي هذا التيار من الجهات الخارجية المرتبطة أساساً بدوائر غربية أمريكية وأوروبية والتي رجحت فوز موسوي لأنها(الاستطلاعات) تمت بشكل رئيسي في المدن الإيرانية الكبرى.
في اللحظات الأولى لظهور النتائج المعاكسة تماماً لما كانوا يتمنون إعتبرت هذه الجهات ومعها حكومات الدول المتربصة بالجمهورية الإسلامية أن هناك خللاً ما في عملية الإقتراع والفرز، وعزز من ذلك تصريحات الخاسرين فيها وعلى الأخص السيد مير حسين موسوي الذي أعلن فوزه قبل ظهور النتائج واتسمت ردة فعله بعد ظهورها بالحدة وقلة الصبر. وبرغم ردة الفعل المخالفة للقانون من الخاسرين وأنصارهم فقد كانت تعليقات القوى الخارجية المناوئة للنظام الإيراني معتدلة واعتبرت أن ما يجري هو شأن داخلي إلى أن بدأ الصدام في الشارع يأخذ بعداً كبيراً واستمرت الاتهامات من جانب الخاسرين بالتزوير ومطالبتهم بإلغاء النتائج دون أن يقدموا دليلاً مادياً واحداً على ذلك مع استمرار رفضهم اللجوء للوسائل الدستورية والقانونية التي تكفل لهم حق الاعتراض على تلك النتائج في الفترة القانونية شريطة أن يرفقوا تلك الاعتراضات بأدلة تثبت ادعاءاتهم الأمر الذي لم يفعلوه فبدأت اللغة الخارجية تختلف وتأخذ طابع الهجوم على السلطات الإيرانية وازداد الأمر سوءاً وحدة بعد خطاب المرشد الأعلى للجمهورية الإمام علي خامنئي يوم الجمعة الماضي والذي طرح فيه تساؤلاً منطقياً حول قصة التزوير ارتباطاً بحجم الفارق بين الفائز بمقعد الرئاسة وأقرب منافسيه من الخاسرين والذي وصل إلى أحد عشر مليون صوت حيث قال أنه يمكن قبول حكاية التزوير لو تعلقت بمئة ألف أو مئتي ألف أو حتى مليون صوت أما هذا الفارق الهائل فليس معقولاً أن يكون الأمر على النحو الذي تتحدث فيه المعارضة ناصحاً إياها بعدم اللجوء للضغط على الحكومة والنظام عبر مؤيديهم محذراً هؤلاء بتحمل مسؤولية إراقة الدماء إن استمروا في اللجوء لغير الطرق القانونية رافضاً الاستقواء بالشارع وطالباً التوقف عن المظاهرات والمسيرات.
لقد تصاعدت لهجة النقد للطريقة التي عالجت بها الحكومة الإيرانية أعمال الشغب واستخدام العنف في الطرقات، وأتى النقد والهجوم والتهديد من جانب أمريكا وحلفائها الأوروبيين لدرجة التباكي على حرية الشعب الإيراني بعد أن كانت هذه الحرية على ما يرام في ظل الليبرالية العالية التي اتسمت بها المنافسة بين المرشحين وفي ظل النتائج المتوقعة لصالح منافس الرئيس أحمدي نجاد، واندفع المسؤولون الغربيون وبعض مؤسساتهم الحكومية في توجيه الاتهامات والتحذيرات للحكومة الإيرانية، ولم يسلم المرشد الأعلى نفسه من تلك الإتهامات، وشاهدنا جميعاً وسمعنا كيف تحولت وسائل إعلامهم إلى بوق تحريض ضد النظام الإيراني بما في ذلك ارتفاع وتيرة العويل والتباكي على قتلى أعمال العنف الخارجة عن القانون في شوارع العاصمة طهران. ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن مثل هذا العويل أو أدنى منه بكثير لم نسمعه أو نراه في أحداث ومواجهات أوضح من حيث تجاوزها على الحق والعدل واستخفاف مرتكبيها بكل القوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان بما فيها قتل المدنيين وقصف بيوتهم بالطائرات واستخدامهم دروعاً بشرية مثلما حدث ويحدث في فلسطين والعراق وباكستان وأفغانستان.
من المؤكد أن ما تتباكى عليه أمريكا وأوروبا وتسميه حق التعبير للشعب الإيراني في الشارع سيوصف بأعمال الشغب والعنف وتسميه خروجاً عن القانون لو جرى في بلد آخر من حلفائهم أو أصدقائهم، لذا يحق لنا ان نسأل: أليس هذا التباكي والعويل على ما يجري في إيران من جانب الأمريكيين والأوروبيين أمراً مضحكاً ويدعو للسخرية؟.
[email protected]