حقائق عن طبيعة الانتخابات العراقية في لندن... بشهادة شاهد!
2005/01/27
د. أيـّوب البزّاز
شاركت في الدورة التدريبية في لندن والتي دامت ثلاثة أيام ثم بدأنا بالعمل في تسجيل الناخبين العراقيين في السبعة أيام الأولي (17- 23) من شهر يناير. وقد حصلت خلال هذه الفترة القصيرة مفارقات أدارية وامنية غير طبيعية وأمور غير صحيحة ولا تخدم القضية الوطنية العراقية بعكس ما يردده البعض من تضخيم الدعاية للحدث من قبل من لهم غايات شخصية أو مصالح حزبية ضيقة أو مطامح قومية وعنصرية مشبوهة. وأوّد أن أنشرها للمهتمين بالحقائق من المسؤولين لكي يعلم القاصي والداني عن ما يدور في القاعات الأنتخابية من أحداث غريبة وأنتهاكات وخروقات عجيبة مؤكدة فشل العملية برمتها. فالملاحظات التي لاحظتها والقناعات التي خرجت بها هي مايلي:
1) ان اللجنة التحضيرية للأنتخابات العراقية والتي تسمي بـ(المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات) والمتكونة من عناصر من جنسيات مختلفة (بريطانية، كندية وعراقية) تدعـّي بأستقلاليتها -ككيان- عن التأثيرات الخارجية والمؤثرات السياسية العالمية غير أن العكس هو الصحيح. فقد وجدتها تحت تأثير اللوبي الكردي في الخارج والمستمد قوته من الأدارة الأمريكية المحتلة للبلد. فاللجنة تحاول أنجاح أنتخابات كتب لها الفشل منذ الساعات الأولي لأعلانها من قبل الأدارة الأمريكية المحتلة لأسترضائها وللمستفيدين منها من القوي السياسية في العراق وكدعاية للأدارة الأمريكية نفسها!
2) الغالبية العظمي من الأعضاء الأداريين المشرفين علي اللجنة الأنتخابية هم من الأخوة الأكراد (وأكثرهم من المقيمين في بريطانيا من اللاجئين) وهم الطاغون علي مجريات الأمور الأدارية والأمنية كاملة وقليل منهم من اخوتنا العرب من الشيعة. أما نسب المشاركين في اللجان الخاصة بالتحضير للأنتخابات أستنادا الي أحصاء شخصي أجريته بنفسي بعد عـّد المشاركين: نسبة الأكراد فيها هي أكثر من 70% وبنسبة ما يقرب من 27% من العرب معظمهم أن لم يكن جميعهم من أخواننا الشيعة ومنهم من الأحزاب الشيوعية والبقية الباقية والتي لا تشكل أكثر من 1% فهم من التركمان والمسيحيين.
3) كان من المفروض أن يرفرف العلم العراقي علي سماء القاعة أستدلالا للأنتحابات العراقية ورمزا للوطن لكونها أنتخابات عراقية غير أنه غاب للأسف ولم نره. ويأتي قرار المفوضية العليا (المستقلة) للأنتخابات وتعمّـدها في عدم رفع العلم العراقي في قاعات التسجيل أسترضاء للأكراد الذين فرضوا أنفسهم علي اللجنة ومنعوهم من رفعه أستنادا الي تصريح أحد أعضاء المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات لي شخصيا (لا أود هنا ذكر الأسم بل سأذكره عند أجراء تحقيق صحافي معي). وبالعكس فقد رفع بما يسمي (بالعلم الكردي غير المعترف به) في القاعة عدة مرات ومن قبل شباب من الكرد دخلوا القاعة بالزي الرياضي وبحوزتهم ما يرمز لهم وبعلم بعض أعضاء اللجنة المنظمة للأنتخابات من الأخوة الأكراد. فأنتهز بعض الصحافيين المناسبة والتقطوا صورا لهم مع (العلم) ثم ما لبثوا وان طووه بعيدا أمام ضغط العراقيين من أخوتنا العرب والوطنيين المستقـّلين والتركمان الذين أعتبروا العملية تحديا للوطن وأستخفافا واضحا بالعراق وأشارة واضحة الي نوايا القوي الكردية بتقسيم العراق والأنفصال. ثم هرعوا لطويه والخروج من القاعة تحت ضغط وأستنكار العراقيين من غير الكرد... وهم يهتفون باللغة الكردية (بزي كورد) أي (يعيش الأكراد). وقد تم تقديم عدة شكاوي من بعض الشخصيات الوطنية والتركمان (ومني شخصيا وبخط يدي) الي اللجنة الأمنية الخاصة بالمفوضية العليا المستقلة للأنتخابات. والأخيرة وللأسف لم تقم بمحاسبة الأعضاء الأكراد العاملين في اللجنة والمتواطئين مع هؤلاء الشباب والذين سمحوا لهم بالدخول سوي أعطاء الوعود للمحتجين بعدم السماح للحالة أن تتكرر مرة أخري.
أن غياب العلم العراقي ورفع (العلم الكردي) دليل صارخ علي أن العملية الأنتخابية هي مهرجان لأنتخابات كردية لا علاقة لها بالعراق. وهذا العمل يعد من أكبر الأهانات التي توجه الي الوطن بأيدي أعضاء اللجنة من الأكراد المدعومون من المفوضية العليا للأنتخابات والمرتبطة أرتباطا واضحا مع الأدارة الأمريكية وفي الوقت نفسه أعلانا واضحا للنوايا الأنفصالية للقوي الكردية مما يضفي الصبغة الكردية علي الأنتخابات برمتها.
4) الشعارات مكتوبة باللغتين العربية والكردية فقط وفي كل مكان وكأن العراق لا يحوي سوي هاتين القوميتين. وبتعبير أدق تعد أيحاء لأعتبار اللغة الكردية لغة رسمية للعراق لا مناص منها قبل الأعلان الرسمي! وعندما قام السيد ديفيد كاهرمان العضو في الهيئة العاملة بتزويد الاخوة التركمان علي ترجمة الشعارات الي اللغة التركمانية لتوزيعها او لعرضها في القاعة قامت سيدة كردية بمنح نفسها الصلاحية بمنع توزيعها مدعـّية بأن اللغة التركمانية ليست لغة رسمية!! وكاد الجدال يتطـّور ويتعـّقد أكثر لولا تدخل أحد المسؤولين من المفوضية العليا بفض النزاع والأنتهاء بأبقاء الترجمة للتوزيع فقط. وتكررت الحالة في اليوم التالي أيضا وانتهت بنفس النتيجة ومع نفس العضوة الكردية. وهذا تأكيد علي النظرة الأستعلائية القبلية والعنصرية للقومية الكردية علي القوميات الأخري ومحاولات الغائها وخصوصا التركمانية مما يؤكدون تناقضهم في شعاراتهم في الديمقراطية وجهلهم المدقع لها والعتمة السياسية.
5) أعداد العراقيين الراغبين بالتسجيل قليلة جدا نسبة الي الأعداد الغفيرة للجالية العراقية المقيمة في بريطانيا. وبالأمكان تصنيفهم كالآتي: منهم من الأخوة الشيعة، والأحزاب الأخري المرشحة للأنتخابات ونسبتهم لا تتجاوز 20% من مجموع المسجـّلين للأنتخابات. أمّا نسبة الأكراد الذين سجلوا في الأيام الستة الأولي فهي أكثر من 80%. نصف رجالهم يرتـدون الزي الكردي ويتجوّلون في القاعة لأستعراض أنفسهم. وفي خارج القاعة يرقصون ويدبكون ويلوّحون بأعلامهم قاطعين المرور في شوارع ومبلي في لندن أمام أنظار البوليس البريطاني. أما الأخوة المسجلين من السـّنة فهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد ومعظمهم كبار السن أو من غير المسـّيسين ويجهلون بكوامن الأمور.
6) بلغ العدد التقريبي للمسجلين من العراقيين في خارج القطر حسب احصاء جريدة مترو ليوم 24 يناير أقل من 10% !!! وهذه نسبة قليلة جدا ودليل رفض العراقيين للأنتخابات لعدم ثقتهم بها ودليل فشلها.
7) كانت شروط التسجيل في بداية الأمر حيازة الناخب علي وثيقتين تثبت عراقيته (كالجنسية العراقية، أو هوية الأحوال المدنية مع جواز سفر عراقي أو بريطاني). وبسبب قلة الناخبين فقد تراجعت اللجنة المنظمة تدريجيا عن هذه الشروط الي حوزة الناخب علي أية وثيقة حتي وان كانت صورة مستنسخة من هوية الطلبة أو أجازة السياقة وأن كانت بدون صورة!! مما يشير الي مهزلة لا نظير لها في عالم الديمقراطية والي ضربة كبيرة الي نزاهة الأنتخابات وشرعيتها!! وقد أستغل هذا الشرط الأخير من قبل الأكراد فسجّل العديد منهم بشهادات مزّورة وبأسماء مختلفة وذلك لزيادة عدد الناخبين (بعضهم من أكراد أيران والذين لا يمكن تمييزهم عن أكراد السليمانية حيث يتكلم الأثنان بنفس اللهجة تقريبا). أضف الي أن البعض منهم سجـّل في أكثر من مركز أنتخابي واحد كـ (لندن ومانشستر أو كلاسكو). أما الغاية في ذلك فهي لزيادة عدد أصوات الأكراد مستغلين عدم أستخدام الكومبيوتر في التسجيل وأمكانية التزوير.
8) بعض الأكراد المسجّلين يفرض كتابة تولّده أو جنسيته (كردستان) وأخرون يرفضون التحدث باللغة العربية اما أنطلاقا من نظرة عنصرية صرفة لفرض الذات الكردية أو لجهلهم المطلق باللغة العربية وكونهم من أكراد تركيا أو أيران. وهذا العــمل يعد خرقا لشرعية ولنزاهة الأنتخابات ودليلا كبيرا علي فشلها.
9) في كل من أسواق السليمانية في العراق وشارع أدجور رود في لندن يمكن أقتناء أية وثيقة (رسمية) عراقية كـ(جوازات السفر العراقية الحديثة، الجنسية العراقية وهوية الأحوال المدنية العراقية وهوية نقابة المهندسين العراقية وغيرها) مزّورة وفق أرقي تقنيات التزوير العالمية. هذه الوثائق تباع حسب الطلب بما يعادل 100 باوند لمن يحتاج اليها في الأنتخابات.
10) بسبب هبوط نسبة التسجيل فقد تم تمديد فترة التسجيل من قبل المفوضية العليا (المستقلة) للأنتخابات الي تسعة أيام في محاولة يائسة الي أمكانية زيادة عدد المسجلين وأعطاء فرصة للآخرين للتسجيل.
11) تم تجنيد بعض الشباب من الأكراد الذين بالكاد تجاوزت أعمارهم 18 سنة ممن لا خبرة لهم في الحياة ولا دراية لهم بالأنتخابات أعضاء في اللجنة وأنيطت لهم مسؤولية تفوق أمكانياتهم الذاتية: كمراقبة الموظفين المسؤولين عن التسجيل وكمخبرين عنهم الي اللجنة العليا!! وهم في مشيهم ذهابا وأيابا من أمام الموظفين أنما يثيرون أشمئزازهم الي حد الأستفزاز والتقزّز حيث يتصرفون وكأنهم في محافظة السليمانية ويقومون بتصرفات غير طبيعية وتسيء لهم.
12) أضف الي أن بعض هؤلاء المجنّدين الشباب أنيطت لهم مسؤولية التسجيل في محطات التسجيل فينسون أنفسهم الصغيرة فيقومون بالتصرف من موقع المسؤولية الأعلي ويتدخلون في كل صغيرة وكبيرة ويتجاوزون علي الموظفين الأخرين الي درجة التهديد بالقتل. وقد حصلت لي شخصيا حالة مع أحد الشباب من موظفي التسجيل الذي بدي من تصرفه بأن عمله السابق في العراق كان (بيشمركة)!!! فهدّدني وبدون تردد وامام شهود من الأخوة أكراد مردّدا تهديد أسياده في القيادة الكردية قائلا الذي لا يرضخ لنا نعتبره عدوا لنا ويستحق العقوبة !! وقد رفعت هذا التهديد في تقرير خطي الي المسؤولين في لجنة المفوضية العليا للأنتخابات غير أنه أهمل متعمدا وذلك لتحيّـزاللجنة العليا للأنتخابات للجاني!!! ثم كرّر تهديده في مناسبة أخري بعد أن سمع من رفاقه بالشكوي فجائني ووجه لي تهديدا أخر قائلا: أقسم بالقرآن ثلاث مرات ان كنت قد رفعت شكوي ما ضدي فأني سأقتلك !!! ورفعت شكوي أخري ضده ولكن بدون جدوي ولا أستجابة من قبل المفوضية العليا فأضطررت أخيرا الي الأتصال بالبوليس البريطاني من أجل تثبيت الجناية لديهم والتدخل في الأمر بعد أن تخاذل الرجل الأول المسؤول في المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات (مستر ستيوارت باوجر) وهو بريطاني الجنسية لتمييع المسألة وأمتنع عن أتخاذ أي أجراء قائلا لي ألمسألة لا تستوجب الشكوي للبوليس وحلّها لدي وهو أهمال الحدث وكأن شيئأ لم يكن وأعتبار الجاني طفلا فأجبته أن هذا المكان هو مكان رسمي في بلد ديمقراطي وليس زقاقا للأطفال.. فأنك ان أعتبرته طفلا لم يعن تهديده فعليه اللعب مع الأطفال لا العمل مع الرجال... وأنا وللأسف غير مقتنع بطريقة حلك للقضية وسأرفعها الي جهات عليا وستسجوب من قبلهم... وهذه أستقالتي من العمل فأنا غير مقتنع بكم ولست مقتنعا بالأنتخابات جملة وتفصيلا . فقدّمت أستقالتي له ثم أنصرفت الي البوليس. والأخير يحقّق في الموضوع الأن بشكل جدي والمسألة ستأخذ أبعادا سياسية وأعلامية ليست في صالح الأنتخابات أبدا.
12) نقلا عن شهود من داخل القاعة وفي اليوم السابع من التسجيل والمشاكل تكثر بسبب تدخل بعض شباب الأكراد في كل صغيرة وكبيرة في العملية الأنتخابية حيث تم التجاوز علي سيدة عربية موظفة في التسجيل وحصلت مشادّة كلامية كادت تصل الي معركة بالأيدي بين الطرفين تجاوز أحد الشباب الأكراد علي أحد الأخوة العرب وشتمه وطعن في شرف شقيقته!!!
13) لسان حال المفوضية العليا للأنتحابات العراقية يقول وعلي لسان أعلي المسؤولين فيها شيئا واحدا فقط وهو كل شيء من أجل أنجاح الأنتخابات وبأي ثمن .
من حيث المبدأ ليست لي شخصيا اية ضغـينة تجاه الاخوة الاكراد ولكن الحق يقال لما رأته عيناي من مواقف غير طبيعية من قبل بعض العاملين في اللجنة الأنتخابية ومن تجاوزات وخروقات تطعن في صميم العملية الأنتخابية وفي شرعيتها. وبأختصار شديد أن العمليات التحضيرية للأنتخابات تؤكد بأنها ليست أنتخابات عراقية، وهي أهانة للعراقيين لعدم رفع العلم العراقي في قاعاتها بل رفع بدلا منه ما يشير للأكراد، وهي فاشلة فشلا ذريعا وذلك لأنخفاض عدد المسجلين فيها الي حد هذا اليوم. وهي غير نزيهة بل ومزّيفة لكثرة التزوير والتلاعب فيها. وهي تجري تحت السيطرة الكاملة للأخوة الأكراد علي مجرياتها ومن خلال تلويح بعض المتحمسين منهم بالتهديد بالقتل لمن يقف حجر عثرة في طريق مشروع أنفصالهم عن العراق.
انا في كامل الأستعداد للأدلاء بتحقيق صحافي أيا كان شكله لكشف الحقائق (التي شهدتها بأم عيني وعايشتها) لكل المنصفين والمحبين لحقوق الأنسان ومناضلي العدالة والأنسانية من الأشخاص والمنظمات ولتعرية ما هو مستور من التزوير والتلاعب في مقدّرات الشعب العراقي. وسيترجم نص هذا التقرير الي اللغة الأنكليزية ويرسل الي المسؤولين في العالم لأطلاعهم علي الحقائق الخافية علي الآخرين ولأجراء ما هو أنسب.
محام من العراق يقيم في لندن
شاهد من أهلها: مهزلة الإنتخابات العراقية ليطاع العالم بقلم:د. أيوب البزاز
تاريخ النشر : 2005-01-27