اسأل من شئت عن اسم حبيبى بقلم:د.عبد العزيز أبو مندور
تاريخ النشر : 2009-03-22
اسأل من شئت عن اسم حبيبى 00 !
ـــــ
دكتور / عبد العزيز أبو مندور
000
حبيبى معروف ، منقوش برسمه و اسمه فى حنايا القلوب وتحت شغافها !

هل عرفته ؟!

إنه سيدى ومولاي ، وإن كنت لا تعرفه ، فلا عليك ، فاسمه محمد أحمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .

ذكر الإمام البخاري فى صحيحه أسماء النبي صلى الله عليه وسلم .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب " ( صحيح البخاري )

ويحسن بنا الآن أن نأتى أولا على ذكر نسبه الزكي صلى الله عليه وسلم كما ذكرته كتب السيرة ، وكما فى ( السيرة النبوية ) لابن هشام ، قال : هذا كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب.
واسم عبد المطلب : شيبة بن هاشم.
واسم هاشم عمرو بن عبد مناف.
واسم عبد مناف المغيرة بن قصي .
( واسم قصي : زيد ) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر كنانة بن خزيمة بن مدركة.
واسم مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد .

ويقال : أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم - خليل الرحمن - بن تارح وهو آزر بن ناحور بن ساروغ بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ ، وهو إدريس النبي 00 وكان أول بني آدم أعطى النبوة وخط بالقلم .

ابن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم صلى الله عليه وسلم.

ولم نجد فى كتب الصحاح أحدا عني بنسبه كما عني الإمام البخاري فى صحيحه ، فقد أرجع نسبه إلى عدنان ، ولم يتعد ذلك.

ولعل ذلك هو الحد المطلوب وكفى ، فكل ما هنالك أنه صلى الله عليه وسلم خرج من نكاح لا من سفاح ، ومن أطهر أصلاب الرجال وترائب النساء ولد صلى الله عليه وسلم.

وجاء نسبه الشريف الزكي صلى الله عليه وسلم ، فهو كما فى ( صحيح البخاري ) – باب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم - محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

ومن هنا نفهم أنه صلى الله عليه وسلم قد خرج من أطهر الأصلاب حسبا ونسبا.

ولقد رأى بعض العلماء أنه صلى الله عليه وسلم إنما خرج مطهرا من كل عيب من نبي إلى نبي حتى خرج نبيا معصوما.

نقل هذا المعنى القاضى عياض فى ( الشفا ) ونسبه إلى ابن عباس رضي الله عنهما فى تفسيره لقوله تعالى " وتوكل على العزيز الرحيم * الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين "
( الشعراء : 217 - 219 )

والآية بها دلالة على أن الله تعالى يقول لنبيه صلى الله أننى نقلتك فى أصلاب أطهر خلقى " من نبي إلى نبي حتى أخرجتك نبيا " كما قال ابن عباس رضي الله عن هما.

ولقد تحفظ الإمام الترمذي فى ( مختصر الشمائل المحمدية ) ، فلم يصح عنده ذلك المعنى ، بل شدد على بيان ضعف من قال بهذا المعنى ، وذهب إلى القول تأسيسا : أن من أنواع البيان فى القرآن الكريم التي تضمنها الآيات أن يقول بعض العلماء في الآية قولا ، وتكون في الآية قرينة ، تدل على عدم صحة هذا القول ، وذكر أمثلة متعددة لذلك .

ومن ثم قال : فاعلم أن قوله سبحانه وتعالى " وتقلبك في الساجدين " قال فيه بعض أهل العلم المعنى : وتقلبك في أصلاب آبائك الساجدين .

أي المؤمنين بالله كآدم ونوح ، وإبراهيم ، وإسماعيل .

واستدل بعضهم على هذا القول فيمن جاء من بعد إبراهيم من آبائه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى عن إبراهيم " وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون" ( الزخرف : 28 )

وممن روى عنه هذا القول ابن عباس رضي الله عنهما ؛ ونقله عنه القرطبي فى تفسيره ( الجامع لأحكام القرآن )

إلا أن الإمام الترمذى فى ( مختصر الشمائل المحمدية ) يرى أن فى الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول.

ويرى أن العلماء لم يجمعوا على ذلك ، فأول الآية كما يقول مرتبطة بآخرها ؛ فهي تعنى يراك حين تقوم إلى صلاتك ، وحين تقوم من فراشك ، ومجلسك " وتقلبك في الساجدين " ، أي ويراك فى المصلين.

وذلك كما يقول الترمذي هو أظهر الأقوال ، لأنه صلى الله عليه وسلم ، يتقلب في المصلين قائما ، وساجدا ، وراكعا.

ومن هنا خطر ببالنا أن هذه الآية " ونراك حين تقوم وتقلبك فى الساجدين " تدل على شدة عناية ربنا سبحانه وتعالى ورعايته بنبيه فى كل شيء يتعلق بذاته صلى الله عليه وسلم ، فلا تنفك عناية ربه به صلى الله عليه وسلم طرفة عين ، فهو المعصوم فى جسمه ونفسه وسمعه وبصره وعقله وقلبه وروحه وفؤاده جميعا ، وهذا المعنى يتقارب مع قوله تعالى " وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ " ( الطور : 48 )


وعموما – لم يترك الإمام الترمذى هذه الفرصة السانحة فى بيان فضل الله العميم على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، فلا يعقل أن ينصرف محب لله تعالى ولحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم من هذا هذا المقام الجليل من تشريف الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم دون أن يثرى النقطة فهما وتعقيبا.

يقول الترمذي : وقوله سبحانه وتعالى" الذي يراك حين تقوم" الآية هنا تدل على الاعتناء به صلى الله عليه وسلم ، ويوضح ذلك قوله تعالى " واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا "

ولعل شدة عناية الله سبحانه وتعالى بعبده وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم ، وما جاء به الذكر الحكيم وكشفت عنه الآيات البينات ، ما يدعونا أن نتعرف على كل صغيرة وكبيرة وردت فى حقه ، وبينت منزلته ومقامه بين إخوانه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من جهة ، وبين جميع الخلائق من جهة أخرى ، فهو المقرب بما لا ينازعه فى ذلك أحد من الخلائق مهما علا ، فلن يطاول أحد رتبة الأنبياء عليهم السلام ، فهم لا ينازعونه صلى الله عليه وسلم ، مكرمة إلهية ، فقد أكرمه الله تعالى بمكارم وفضائل كثيرة ومتعددة ظهر بها خلقا وخلقا ، سبق أن كشفنا عن بعضها فى كتابنا( الاصطفاء والاجتباء وأنوارالأنبياء )

ولقد تناول القاضى عياض فى كتابه ( الشفا ) فضائل عده خص الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بها ، واعتمد عليها فى بيان ماله صلى الله عليه وسلم ، وما وهبه الله تعالى من المكارم ومنازل الفضل الشيء الكثير ، فقد عددت الآيات البينات ما حباه الله تعالى من المحاسن والتعظيم بقدره ؛ ورفع ذكره ؛ وأمره ، كما أبانت عن حسبه ونسبة بلا غموض أو مواربة .

وقد جاء ت الآيات فى ذلك بالشيء الكثير ؛ مجئ المدح والثناء وتعداد المحاسن ، وشرافة النسب والحسب .

بقول عز من قائل " لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ "( التوبة :128 )

قال السمرقندى: وقرأ بعضهم " من أنفَسكم " بفتح الفاء.

وقراءة الجمهور بالضم.

ولقد اختلف المفسرون فى معرفة المعني والمقصود بهذا الخطاب ! " لقد جاءكم "

هل هم المؤمنين ، أو العرب ، أو أهل مكة ، أو جميع الناس.

و ما نميل إليه أن الله سبحانه وتعالى قد أعلم المؤمنين من العرب خاصة ، ثم باقى الناس عامة ، فالناس تبع لهؤلاء المؤمنين من العرب فى ذلك ، سواء اعترفوا أم جحدوا !

أعلم الله تعالى هؤلاء وهؤلاء أنه بعث فيهم رسولا من أنفَسهم يعرفونه ويتحققون مكانه ويعلمون صدقه وأمانته ، فلا يتهمونه بالكذب ، وترك النصيحة لهم ؛ لكونه منهم ، وأنه لم تكن في العرب قبيلة إلا ولها على رسول الله صلى عليه وسلم ولادة أو قرابة.

وهذا هو معنى قوله تعالى " إلا المودة في القربى "
( الشورى : 23 )
وهو ما نقل عن ابن عباس وغيره ، فهو صلى الله عليه وسلم من أشرفهم وأرفعهم وأفضلهم حسبا ونسبا.

وهذا نهاية المدح ، على قراءة من قرأ " من أنفَسهم " بالفتح.

جاء فى ( الشفا ) للقاضى عياض ما روى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه في قوله تعالى " من أنفَسكم"
( التوبة : 128 )
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " نسبا وصهرا وحسبا ، ليس في آبائى من لدن آدم سفاح ؛ كلها نكاح "

قال ابن الكلبى : كتبت للنبى صلى الله عليه وسلم خمسمائة (500 ) أم ، فما وجدت فيهن سفاحا ، ولا شيئا مما كان عليه الجاهلية.

و عموما جاء فى ( السيرة النبوية لابن هشام ) ذكر حسبه ونسبه الزكي الشريف صلى الله عليه وسلم.

قال ابن هشام : ولد عبد الله بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى آله .

وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

وأمها : برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

وأم برة أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

وأم أم حبيب برة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر .

ومن ثم ، فلا يغيب عنك أيها المحب الفطن هذا النسب الشريف ، فنبينا صلى الله عليه وسلم من أجل ولد آدم وأعظمهم نسبا وشرفا وفضلا ، فهو سيدهم بما لا ينازع !

قال ابن هشام : فرسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف ولد آدم حسبا ، وأفضلهم نسبا من قبل أبيه وأمه صلى الله عليه وسلم.

أما أنا وبكل حب ووفاء ، ودون التفات إلى تردد المرتابين ، أو جفاء الجاحدين ، فأقول :

حبيبى اسمه معروف لكل الخلائق من العرش إلى الفرش ، صغر من صغر وكبر من كبر !

يقول عز من قائل " سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد" ( فصلت : 13 )

وآيات الله كما نفهم جملة وتفصيلا اسمها محمد صلى الله عليه وسلم !

و إن كنت ما زلت تجهل ، فسيخبرك الأحباب كلهم جميعا أن حبيبى بالاسم والصفة عندهم معروف ومشهور ، فذكره ملء أسماعهم وقلوبهم ، فهم لا يفترون عن ذكره بذكر ربهم سبحانه وتعالى ليل نهار .

نعم ، لا ينكرك يا نبي الله إلا جاحد أو مكابر ، أو معاند حاسد ، أو مبغض حاقد من أبناء القردة والخنازير !

و عموما ، لا نمل من القول ، بل يفرحنا ويسر قلوبنا أن اسم ( محمد ) صلى الله عليه وسلم كان معروفا منذ القدم ، فهذا ذكر ، فذكره موصول بذكره ربه سبحانه وتعالى جل شأنه فى علاه ؛ سبحان ربنا وتعالى عما يشرك الكافرون علوا كبيرا ؛ ولا يمل ذكره ، ولا يجحد معرفته إلا فاسق مجاهر أو مكابر حاقد ، أو كافر غافل عن ذكر ه سبحانه.

و ليس هناك نبي من الأنبياء منذ آدم عليه السلام ، وحتى نبي الله عيسى بن مريم آخر أنبياء بنى إسرائيل عليه وعلى أمه الصديقة السلام ، إلا وعّرفوا أتباعهم وأوصوهم به صلى الله عليه وسلم ، فمنهم من أجرى الوصية ووفى بالعهد ، ومنهم من خان العهد وكفر ، وكان أبناء القردة والخنازير أول من غدر.

ومن هنا نقول إن آدم عليه السلام وهو أبو البشر أجمعين ، كما برهنا عليه فى كتابنا ( آدم أبو البشر بين الروح والجسد ) ، وهو الأب الأول لكل البشر يعرف نبينا صلى الله عليه وسلم ، فليست معرفته له كأى أب يعرف إبنه ، فهو نبي مكلم ، يعلم ما يعلمه وحيا من ربه سبحانه وتعالى على الحقيقة واليقين الذى لا شبهة فيه ، فعلم أنه خاتم النبيين وأنه مبعوث رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا للناس كافة ، وكذا يعرفه إخواته من الأنبياء معرفة الأخ لأخيه الأكبر ، فهو أولهم ومقدمهم ، ولا يقدح فى ذلك أنه جاء آخرا وخاتما ، فكذلك الأبطال والأوائل ، وإن كانوا معروفين منذ البداية ، إلا أنه لا يكون الإعلان عنهم إلا فى آخر الفائزين ، ليتوجوا على الجميع ، فيأتى تكريمهم آخرا ، فإن كان فى الزمان جاء آخرا ، فقد ختم به الأنبياء ، فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلم وتلك خصوصية تفرد بها دونهم ، فكانت غاية التكريم ومنتهاه ، وهو ما بيناه فى كتابنا ( الاصطفاء والاجتباء وأنوار الأنبياء ) ، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو السيد الأعظم ، سيد الكون كله فى الزمان والمكان ، وفى كل موطن وحال ومقام ، ظاهرا وباطنا ، شريعة وحقيقة ، فى الفكر والعقيدة والسلوك جميعا.

والذى نريد أن نصل إليه أن الأنبياء جميعا ما عرفنا منهم وما لم نعرف يعرفون حبيب الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويحبونه ويعظمونه ويوقرونه ويذكرونه بذكر ربهم سبحانه وتعالى ، بل ويوصى كل واحد منهم أتباعه بذلك.

يقول عز من قائل " وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ " (آل عمران : 81 )

وجاء عند الطبراني فى ( المعجم الكبير ) 00 عن ابن عباس , قال:
قلت: يا رسول الله , متى أخذ ميثاقك؟
قال " وآدم بين الروح والجسد. "
وجاء ذلك برواية أخرى فى ( سنن الترمذي ) 00 عن أبي هريرة قال : قالوا يا رسول الله متى وجبت لك النبوة ؟
قال " وآدم بين الروح والجسد "

قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفي الباب عن ميسرة الفجر.

وجاء فى رواية الإمام أحمد فى مسنده عن العرباض بن سارية السلمي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إني عبد الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته؛ وسأنبئكم بتأويل ذلك : دعوة أبي إبراهيم ؛ وبشارة عيسى قومه ؛ ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام ، وكذلك ترى أمهات النبيين صلوات الله عليهم . "

والحديث رواه الطبراني بلفظ آخر فى ( المعجم الكبير ) 00 عن العرباض بن سارية، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأحدثكم تأويل ذلك دعوة إبراهيم ، دعاء "وابعث فيهم رسولا منهم
( البقرة : 129)
، وبشارة عيسى بن مريم "ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" ( الصف : 6 )
، ورؤيا أمي رأت في منامها أنها وضعت نورا أضاءت منه قصور الشام".

وهكذا تنساب محبته صلى الله عليه وسلم وذكره وتسرى فى نهر الحياة العظيم منذ آدم أبو البشر عليه السلام إلى أن تقوم الساعة ، فيذكر اسمه مع أنفاس الذاكرين الله كثيرا والذاكرات من أهل المحبة الإلهية أحباب النبى صلى الله عليه وسلم ، فإذا انقطعت الأنفاس انهد بنيان الكون وطويت سجلاته وانتقل كل شئ إلى الآخرة.

ولنا شواهد كثيرة على ذلك سقناها - كما قلت - فى كتابنا ( الكون كله خريطة محمدية ) ، وتشهد علي صحته الكتب السابقة ، فسيدنا محمد معروف باسمه ( محمد ) فى التوراة ، كما بيناه فى مقال سابق نشرته ( دنيا الرأي ) فاطلبه هناك ، وجاء ذكر اسمه ( أحمد ) فى الإنجيل ، وقد تناولنا شرح ذلك والتدليل عليه فى مقال نشر لنا بجريدة - المصريون ، وعدة مواقع أخرى تحت عنوان (اسمه أحمد صلى الله عليه وسلم )

ومن هنا ، فلا أقل أن يشمر الأحباب والأتباع من أمته صلى الله عليه وسلم يراع الجد والقلم للذود عن حياضه و مساقيه وشخصه الكريم ، ومقامه الشريف العالى.

لا تدخر وسعا أيها المحب الوفي ، ولا تحقرن من المعروف شيئا ، بل كن مستعدا متعاونا بالعدة
والعدد.

ولتعلموا أنكم فى رباط إلى يوم الدين ، فوظيفتكم فى خاصة أنفسكم ، الدفاع عن نبيكم بكل غال ورخيص ، و التعريف به صلى الله عليه وسلم ، فهو حبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم ، أرسله ربه سبحانه رحمة للعالمين ، فما أعظمه من نبي ورسول !

و إياك أن تغلوا فى وصفه بما لم يصفه به ربه سبحانه أو يصف هو به نفسه.

وهنا فى هذا المقام يقول البصيري فى بردته :

دَعْ مَا ادَّعَتْهُ النَّصَارٰى في نَبِيِّهِــــم *** وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًا فِيهِ وَاحْتَكَــــمِ
وَانْسُبْ إِلَى ذَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ *** وَّانْسُبْ إِلىَ قَدْرِهِ مَا شِئْتَ مِنْ عِظَـــمِ
فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللهِ لَيسَ لَــــــــهُ حَدٌّ *** فَيُعْرِبُ عَنْهُ نَاطِقٌ بِفَـــــــــــــــــــــــــــمِ
َوْ نَاسَبَتْ قَدْرَهُ آيَاتُهُ عِظَمًـــــــــــــــــا *** أَحْيَى اسْمُهُ حِينَ يُدْعى دَارِسَ الرِّمَـمِ
لَمْ يَمْتَحِنَّا بِمَا تَعْيَ الْعُقُولُ بِــــــــــــــهِ *** حِرْصًا عَلَينَا فَلَمْ نَرْتَبْ وَلَمْ نَهِــــــــــــمِ
أَعْيَ الورى فَهْمُ مَعْنَاهُ فَلَيْسَ يــــــــرى*** لِلْقُرْبِ وَالْبُعْدِ فِيهِ غَيرُ مُنْفَحِــــــــــــــمِ
كَالشَّمْسِ تَظْهَرُ لِلْعَينَينِ مِنْ بُعـــــــــْدٍ *** صَغِيرَةً وَّتَكِلُّ الطَّرْفُ مِنْ أَمَـــــــــــــمِ
وَكَيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَــــــــــهُ *** قَومٌ نِّيَامٌ تَسَلَّوا عَنْهُ بِالْحُلُـــــــــــــــــمِ
فَمَبْلَغُ الْعِلْمِ فِيهِ أَِنَّهُ بَشَــــــــــــــــــــرٌ *** وَأَنَّهُ خَيرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِــــــــــــــــــــــمِ

ولا نبرح هذا المنزل الجليل حتى نأتى بما قاله شاعر الرسول عليه الصلاة والسلام حسان بن ثابت فى وصف نبينا صلى الله عليه وسلم :

وأحسن منك لم تر قط عيني
وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب
كأنك قد خلقت كما تشاء

وهذا البيت المنسوب إلى ابن ثابت رضي الله عنه يتحفظ عليه البعض ، فيرون فيه غلوا و إطراءا للنبي صلى الله عليه و سلم لا سيما شطر البيت ونصفه الأخير ( كأنك قد خلقت كما تشاء )

ولعل المسلم الغيور على دينه إن لم يكن له دربة باللسان العربي وإبداعاته البيانية ، يظن فى قائل البيت الظنونا ، فلولا نسبته إلى حسان بن ثابت رضي الله عنه لقالوا ما قال مالك فى الخمر .

والحق كما قرأت لبعض أصحاب الحس المرهف من متذوقى الشعر والأدب العربي الراقى : أن هذا أسلوب بلاغي للمبالغة ، أي لأن الأصل أن يختار لنفسه أفضل الأشياء وأكملها ، و لو اختار أن يخلق كما يشاء لما كان أجمل وأحسن مما هو عليه .

وعندى أن لو اختار النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه ما اختار لنفسه إلا ما اختاره له الله تعالى ، فقد خلقه على أكمل صورة خلقا وخلقا ، فلا نصفه إلا بما وصفه به ربه سبحانه وتعالى ، وبما وصف به نفسه صلى الله عليه وسلم ؛ فهو القدوة و الأسوة الحسنة فى الفكر والعقيدة والسلوك جميعا .، فلا يقال فيه أنه رمز ، فالرمز يبلى كرايات الدول وأعلامها ويتغير !

أما هو صلى الله عليه وسلم ، فقد سلم من التغير والبلى ، فهو من الثوابت لا من المتغيرات.

جاء فى ( صحيح البخاري ) عن طاوس سمع ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال " اللهم لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد لك ملك السموات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ، ولك الحمد أنت الحق ، ووعدك الحق ، ولقاؤك حق ، وقولك حق ، والجنة حق ، والنار حق ، والنبيون حق ، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق ، والساعة حق ؛ اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ؛ أو : لا إله غيرك "

قال سفيان وزاد عبد الكريم أبو أمية : ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قال سفيان قال سليمان بن أبي مسلم سمعه من طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
( وعلى الله قصد السبيل )

*****
[email protected]