فؤاد سفر 1911-1978 وجهوده الاثارية في العراق بقلم:أ.د.ابراهيم خليل العلاف
تاريخ النشر : 2009-01-27
فؤاد سفر 1911-1978 وجهوده الاثارية في العراق بقلم:أ.د.ابراهيم خليل العلاف


فؤاد سفر1911- 1978 وجهوده الاثارية في العراق

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الاقليمية –جامعة الموصل
فؤاد سليمان اللوس سفر، واحد من أبرز الاثاريين العراقيين الذين تحملوا مسؤولية ارساء مدرسة اثارية عراقية لها خصائصها وسماتها المعترف بها في الاوساط الاثارية العالمية. لا يوجد اتفاق على سنة ولادته الا ان الاستاذ ادمون لاسو اخبرني بانه دقق ولادته في سجلات الكنيسة فوجد انه ولد في شهر
تشرين الاول 1911 انهى دراسته الابتدائية في مدرسة مارتوما سنة 1928 والثانوية في 1931. وفي كلية صفد بفلسطين حصل على البكالوريوس والماجستير من المعهد الشرقي التابع لجامعة شيكاغو وعاد الى العراق سنة 1938. وقد عمل مدرسا محاضرا لمادة التاريخ القديم في دار المعلمين العلية ببغداد سنة 1941، وفي الوقت نفسه كان موظفا في مديرية الاثار العامة. وقد أسهم مع زملائه الاخرين في تأسيس قسم الاثار بكلية الاداب جامعة بغداد خلال السنة الدراسية 1951 – 1952. وفي سنة 1956 أسندت اليه مفتشية التنقيبات الاثارية. وفي سنة 1958 عين مديرا عاما للاثار، اشرف على رسائل جامعية في ميدان الاثار، وكان عضوا في لجان وطنية ودولية اثارية عديدة. كما أسهم في تحرير مجلة (سومر) المعروفة .
عرف فؤاد سفر بين زملائه : طه باقر وبشير فرنسيس ومحمد علي مصطفى وغيرهم بسعة الاطلاع. والثقافة الواسعة والحرص الشديد على اثار بلاده والرغبة الكبيرة في الكشف عن مكونات حضارة العراق وكنوزه. وقد تميزت التقارير التي كان يضعها عن نتائج التنقيبات التي يسهم فيها بالدقة والموضوعية، وكان لسعة معرفته ببعض اللغات الاجنبية كالانكليزية واللغات القديمة كالاكدية والارامية، اثر كبير في نجاحه في الاشراف على اعمال التنقيب والصيانة التي قامت بها دائرة الاثار طيلة السنوات الاربعين من حياته العلمية .
ولعل من ابرز جهود فؤاد سفر الاثارية قيامه بتنفيذ سياسة عراقية مستقلة في ميدان التنقيب بدأت، بظهور الدولة العراقية الحديثة سنة 1921. وتقوم هذه السياسة على فلسفة وطنية تأخذ بنظر الاعتبار أهمية ان يكون للعراقيين الاسبقية في التنقيب. وكما هو معروف كان التنقيب في المدن العراقية القديمة كما ظل لفترة طويلة مقتصرا على البعثات الاجنبية الامر الذي أدى الى تسرب الكثير من أثار العراق، وانتقالها الى متاحف الغرب. ومن المدن التي أسهم فؤاد سفر في الكشف عن بقاياها الشاخصة، واسط وحسونة والعقير واريدو والحضر. وقد وضع عن هذه الاعمال التنقيبة دراسات عديدة.
ولفؤاد سفر، فضل الكشف عن مشاريع الري القديمة في العراق، ولاسيما اعمال الري الاشورية ومنها (منظومة سنحاريب الاروائية). وتدل دراساته التي نشرها عن التحريات الاثارية في مناطق مشاريع الري الكبرى في العراق وأعمال الارواء التي قام بها سنحاريب في نينوى واربيل، على امكانياته العقلية والفنية التي ينبغي لكل عراقي ان يفخر بها.
وحين لمست مديرية الاثار العامة، أهمية مدينة الحضر من الوجهتين التاريخية والاثارية، قررت ان تقوم باعمال تنقيبية واسعة فيها، ولا تترك أي مجال للبعثات الاجنبية. ولم تجد المديرية غير فؤاد سفر من يتولى هذه المسؤولية، فكان رئيس البعثة التنقيبية الاولى التي اضطلعت باعمال الحفر منذ بدء شهر أيار سنة 1952 وكان لهذه البعثة انجازات هائلة، ضمن مواسمها التسعة التي استمرت حتى سنة 1971 حين نشر فؤاد سفر احدث دراساته في مجلة سومر بعنوان (كتابات الحضر) وتتكون هذه الكتابات من (12) نصا جديدا، منها النص (291) وهو عبارة عن دعاء على كل من يسرق أداة من أدوات البناء المستخدمة في تشييد المعبد الكبير .
وكان لفؤاد سفر مؤلفات عديدة، باللغتين العربية والانكليزية، ومن هذه المؤلفات : (واسط) نشره في القاهرة سنة 1952 و(آشور) طبع ببغداد سنة 1960 و(المرشد الى مواطن الاثار والحضارة) مع طه باقر (1962) و(صيانة الابنية الاثارية)، مع صادق الحسني 1965 .. كما ترجم كتبا اخرى منها كتابي : (الانسان في فجر حياته) و(المنازل الفرشية). هذا فضلا عن مقالات ودراسات وتقارير كثيرة جدا لها قيمتها العلمية والمرجعية الكبيرة .
توفي فؤاد سفر في 9 كانون الثاني 1978، اثر حادث سيارة أثناء قيامه بواجباته العلمية في الاشراف على سير العمل في مشروع انقاذ أثار حوض سد حمرين. رحمه الله، فقد كان عالما كبيرا وأنسانا رائعا ومثالا يحتذى به .