مقتطفات من مناظرات الامام جعفر الصادق ( عليه السلام ) .. بقلم :يوسف الجبوري
تاريخ النشر : 2008-11-11
من مناظرات الإمام جعفر الصادق (عليه السلام )


1- مناظرة الإمام الصادق عليه السلام مع عبدالله بن الفضل الهاشمي في الحكمة من غيبة الإمام المهدي عليه السلام ( وكما هو معروف فإن قضية الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف تكلّم عنها كل المعصومين صلوات الله عليهم)..

روي عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : سمعت الصادق ( عليه السلام ) يقول : إنّ لصاحب هذا الاَمر غيبة لا بدّ منها ، يرتاب فيها كلّ مبطل .

قلت له : ولِمَ جعلت فداك ؟

قال : لاَمر لا يؤذن لي في كشفه لكم .

قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟

قال : وجه الحكمة في غيبته ، وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره ، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر عليه السلام ، من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى عليه السلام إلى وقت افتراقهما .

يا بن الفضل ! إنَّ هذا الاَمر أمر من الله ، وسرّ من سرّ الله ، وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنّه عزّ وجلّ حكيم صدقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة ، وإن كان وجهها غير منكشف.
(( لولا السنتان لهلك النعمان ))
2- مناظرة الإمام الصادق ( عليه السلام ) مع أبي حنيفة النعمان في حكم التوسّل بالنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلّم )

قال الشيخ الكراجكي طيب الله ثراه : ذكروا أن أبا حنيفة أكل طعاماً مع الاِمام الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، فلما رفع الصادق (عليه السلام) يده من أكله قال : الحمد لله ربّ العالمين ، اللهم هذا منك ، ومن رسولك (صلى الله عليه وآله) .

فقال أبو حنيفة: يا أبا عبدالله ، أجعلت مع الله شريكاً ؟

فقال له : ويلك ، فإنّ الله تعالى يقول في كتابه : ( وما نقموا إلاّ أن أغناهم الله ورسوله من فضله ) ، ويقول في موضع آخر : ( ولو أنّهم رضوا ما أتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله ).

فقال أبو حنيفة : والله ، لكأني ما قرأتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما إلاّ في هذا الوقت !

فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : بلى ، قد قرأتهما وسمعتهما ، ولكن الله تعالى أنزل فيك وفي أشباهك : ( أم على قلوب أقفالها )وقال : ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ).

3- مناظرة الامام الصادق عليه السلام مع أبي حنيفة النعمان في حكم القياس

قال العلامة المجلسي رحمه الله : وجدت بخطّ بعض الاَفاضل نقلاً من خطّ الشهيد رفع الله درجته قال : قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت جئت إلى حجّام بمنى ليحلق رأسي ، فقال : ادن ميامنك ، واستقبل القبلة ، وسمِّ الله؛ فتعلّمت منه ثلاث خصال لم تكن عندي ، فقلت له : مملوك أنت أم حرّ ؟

فقال : مملوك .

قلت : لمن ؟

قال : لجعفر بن محمد العلوي عليه السلام .

قلت : أشاهد هو أم غائب ؟

قال : شاهد .

فصرت إلى بابه واستأذنت عليه فحجبني ، وجاء قومٌ من أهل الكوفة فاستأذنوا فأذن لهم ، فدخلت معهم ، فلمّا صرت عنده قلت له : يا بن رسول الله لو أرسلت إلى أهل الكوفة فنهيتهم أن يشتموا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ، فإنّي تركت بها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم .

فقال ( عليه السلام ) : لا يقبلون منّي.

فقلت : ومن لا يقبل منك وأنت ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

فقال ( عليه السلام ) : أنت ممّن لم تقبل منّي ، دخلت داري بغير إذني ، وجلست بغير أمري ، وتكلمت بغير رأيي ، وقد بلغني أنّك تقول بالقياس.

قلت : نعم به أقول .

قال ( عليه السلام ) : ويحك يا نعمان أوّل من قاس الله تعالى إبليس حين أمره بالسجود لآدم عليه السلام وقال : ( خَلقتَني من نار وخَلَقتهُ من طين ) ،

أيّما أكبر يا نعمان القتل أو الزنا ؟

قلت : القتل .

قال ( عليه السلام ) : فلِمَ جعل الله في القتل شاهدين ، وفي الزنا أربعة ؟ أينقاس لك هذا ؟

قلت : لا .

قال ( عليه السلام ) : فأيّما أكبر البول أو المني ؟

قلت : البول .

قال ( عليه السلام ) : فلِمَ أمر الله في البول بالوضوء ، وفي المني بالغسل ؟ أينقاس لكهذا ؟

قلت : لا .

قال ( عليه السلام ) : فأيّما أكبر الصلاة أو الصيام ؟

قلت : الصلاة .

قال ( عليه السلام ) : فلِمَ وجب على الحائض أن تقضي الصوم ، ولا تقضي الصلاة ؟ أينقاس لك هذا ؟

قلت : لا .

قال ( عليه السلام ) : فأيّما أضعف المرأة أم الرجل ؟

قلت : المرأة .

قال ( عليه السلام ) : فلِمَ جعل الله تعالى في الميراث للرجل سهمين ، وللمرأة سهماً ، أينقاس لك هذا ؟

قلت : لا .

قال ( عليه السلام ) : فلِمَ حكم الله تعالى فيمن سرق عشرة دراهم بالقطع ، وإذا قطع رجلٌ يد رجل فعليه ديتها خمسة آلاف درهم ؟ أينقاس لك هذا ؟

قلت : لا .

قال ( عليه السلام ) : وقد بلغني أنّك تفسر آية في كتاب الله ، وهي : ( ثمّ لتسئلنّ يومئذ عن النعيم ) ، أنّه الطعام الطيّب ، والماء البارد في اليوم الصائف.

قلت : نعم .

قال ( عليه السلام ) له : دعاك رجل وأطعمك طعاماً طيّباً ، وأسقاك ماءً بارداً ، ثم امتنّ عليك به ما كنت تنسبه إليه ؟

قلت : إلى البخل .

قال ( عليه السلام ) : أفيبخل الله تعالى ؟

قلت : فما هو (أي تفسير الآية) ؟

قال ( عليه السلام ) : حبّنا أهل البيت.