معوقات الاستقرار السياسي والمجتمعي في العراق بقلم:احمد عدنان عزيز
تاريخ النشر : 2008-09-20
معوقات الاستقرار السياسي والمجتمعي في العراق
الطائفية وأزمة الهوية وإفرازات التوافقات
احمد عدنان عزيز

تتناول هذه الورقة أهم الأفكار التي لها اليد الطولى في الاستقرار المجتمعي والسياسي في العراق وقد سميتها عوامل ، وهذه الأفكار تشير إلى اتجاه ثابت في تحقيق عراق مستقل ومستقر وبالتالي تهيئة المناخ المناسب لاستقرار النظام الديمقراطي في العراق.




إذ إن تفعيل هذه الأفكار أو العوامل والأخذ بها سوف يؤدي إلى تحريك العملية السياسية وتأسيس حراكات سياسية فاعلة وتؤدي إلى تجاوز التخندق السياسي والطائفي والقومي وعدم رفع سقف المطالب إلى حدها الأقصى وإنهاء سياسة المقاطعة والمحاصصة .
- محاور أساسية
المحور الأول: محاربة التعصب الطائفي والديني. في العراق نحن أمام مظاهر عديدة للعصبية، أهمها الثار المذهبي والثأر بقصد نجدة ذوي القربى، ويمكن تلخيص ذلك بعاملين: هو الاستقطاب الطائفي غير المبرر وبلا ضابط، والآخر هو صلة النسب والدم، كذلك لدينا التعصب العرقي، لكن ما يهمنا الان إن التعصب في العراق يتجه صوب الدين "التعصب الديني “.
المحور الثاني: إشكالية الهوية العراقية التي سببتها التجربة الدكتاتورية في حكم العراق. اذ تبدو مسألة أزمة هوية في العراق مختلفة بعض الشيء عن بقية دول العالم.
إذ إن نوعية المشاكل والتحديات التي تواجهه مختلفة نوعياً، ولكنها ليست بعيدة كل البعد عن دول العالم الثالث، حيث هناك عدة هويات فرعية في العراق (وطنية أو دينية، إسلامية عربية أو كردية، قومية..) وكل هذه الأنواع من الهويات هي متصــارعة.
وفي ضوء هذه الأزمة وهذه المقاييس المعقدة التي تواجه الهوية العراقية، لا بد من الاضطلاع بمسؤولية إنقاذ الهوية العراقية من أزمة التقويض والتضليل وعدم التحديد، والتي هي أزمة شعب بكامله، وليست أزمة طبقة محددة، وهي تدل على مشكلة حرجة في الوضع الاجتماعي العراقي، وهي مسؤولية أبنائه في الدرجة الأولى والقيادات السياسية في الدرجة الثانية، ولم يضطلع الطرفان إلى الان بشكل فعلي وواقعي لحل هذه الإشكالية، وهذا يمكن إن يفسر من إن هناك شكلاً واضحاً في مقدرة الدولة من جهة وفي مقدرة أبناء الشعب العراقي من جهة أخرى، لوضع حل لازمة الهوية العراقية وإنقاذها، بالرغم من توفر مقومات الهوية العراقية وقيامها، كالتاريخ والحضارة والتراث والعنصر الجغرافي...
المحور الثالث: هو ضرورة ان تضطلع مؤسسات الدولة بمسؤولياتها وان تحدد واجباتها وتحترم القوانين والانظمة وتلتزم بالشفافية وتخضع للضبط والمحاسبة الشعبية، وتضع نصب اعينها مصلحة المواطن وحقوقه المشروعة فعلى الدولة ان تترك سمة الشعارات وتتجه للتنفيذ الفعلي والواقعي لبرامجها السياسية وعلى الدولة إن تضطلع بمسؤولية العمل الواقعي الملموس وتنفيذ الوعود وترك طرح صيغة الشعار غير المصحوب بالعمل الفعلي. فالتمسك بالشعارات الفارغة وإطلاق الوعود، وان كان يتصور فائدته على المستوى النظري ولكنه يضر على المستوى الفعلي، لأنه يصرف الأنظار والأفكار عن حقيقة العمل وعمقه إلى مجرد الكلام، وكذلك كونه وقتياً لايستمر في تأثيره طول الوقت. وكما عليها ان تتأنى في هذا التنفيذ من خلال التدرج في الطرح، لان العراق يحتاج لوقت ليستقر ولكي تتحقق مطالب النظام الديمقراطي، فعلى الدولة أن تحدد وتعتزم العمل بهذه الركائز لكن بشكل متدرج ومتأن، أي أن يكون هناك تدرج بطرح تنفيذ القيم، إضافة إلى المشاكل الداخلية والعلل الدستورية والخلافات التاريخية كلها تحتاج إلى وقت لكي تطرح، مثل قضية كركوك، الفيدرالية، المصالحة التاريخية.
- بين التوافقية والأغلبية
كما لابد والاستناد إلى حكم الأغلبية وعدم العمل بمبدأ الديمقراطية التوافقية إضافة الى ضرورة الاستناد إلى المؤسسات الدستورية، اذ إن من الضروري جدا استناد الدولة إلى المؤسسات الدستورية، حيث يلزم منح الحرية لمختلف التجمعات والتكتلات والفئات والأحزاب التي يجب إن ينظم عملها قانون، فاستقرار العراق وترسيخ أسس الديمقراطية فيه لا يمكن إن يقوم إلا بوجود أحزاب حرة وطنية (التعددية الحزبية) وهذا يشمل حزب الأقليات في إطارهم الخاص في إن يمارسوا حقهم السياسي عن طريق الحزب فعلى الدولة إن تتعايش مع الأقليات وتلبي طموحاتها...
وأخيرا أقول ان العراق اليوم بإمكانياته ومقوماته البشرية والمالية والجغرافية الضخمة يستطيع فعلاُ تأسيس نظام ديمقراطي مستقل ومستقر خصوصا في حالة الأخذ بأهم هذه الأفكار.