العقيدة بدون أخلاق جوفاء , و الأخلاق بلا شريعة عمياء بقلم:أقريش رشيد
تاريخ النشر : 2008-08-04
العقيدة بدون أخلاق جوفاء , و الأخلاق بلا شريعة عمياء

انطلاقا من قوله تعالى " إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه"

أقريش رشيد

يعتقد البعض أن العقيدة هي النطق بالشهادتين للدخول للإسلام , و ممارسة بقية الشرائع الأخرى , كالحج , و الصيام ,و الزكاة, و الصلاة...إلا أن الملاحظ , هو الاعتقاد السائد أن الطقوس الدينية كافية للتدليل على حسن العبادة , و حسن الارتباط بالدين , و ينسون أن الدين أساسه أخلاقي قبل كل شيء , فالصورة الحقيقية لكل مؤمن هي الاتصاف بمكارم الأخلاق , التي نص عليها القران و جاءت مجملة , و فسرتها السنة , أو ما جاء به المصطفى العدنان من مكارم الأخلاق, و هما دستوران كافيان لان يكونا هدى و نور للمهتدين , و لقد استأ ترني قوله تعالى , " أليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه " و بغض النظر عن أسباب نزول الآية الكريمة و الإكتفاء بظاهرها , نقول أن الكلم جاء بصيغة الجمع , لكل كلام طيب , و عظيم , إما في الثناء على الله , أو الصلاة على النبي الكريم و أو هو ذكر طيب الألفاظ من كل لحن , في كل المعاملات الإنسانية , و منه ذكر أخاك المسلم بما يحب أن يسمعه , و الكلام المحمود الطيب يصعد بصاحبه إلى أعلى الدرجات , و المقامات العليا, و معنى هذا الكلام , في فهمنا الضيق , انه لا يصعد إلى الله إلا طيب الكلام في مختلف دروب الحياة , و هي تربية عالية نفسية و عقلية تجعل صاحبها سوي السريرة و النحيزة , و المراد هو أن يتحلى الإنسان بصفات الله التي هي قوله تعالى "اذكروني و أذكركم, " في أي ملا كنتم فيه و بحسب نوع ذكركم الطيب فالله يذكرك عباده في ملا أحسن و أفضل من السابق , و حسن الخلق لا يتم إلا بالمجاهدة و المثابرة و الممارسة و الصبر على سيئ المعاملات باعتباره من الابتلاءات , و الصبر عليها مع التحلي بطيب الكلام من علامات الإيمان و ليس الإسلام .

أما الشق الثاني , من قوله تعالى و العمل الصالح يرفعه , المقصود به , الأعمال الجليلة التي تستمد من صفاته العليا , و التي أدب بها سبحانه و تعالى نبيه الكريم و سائر الأنبياء , و الأعمال متنوعة و مختلفة , بحسب الأحوال و الظروف , و الحالات , و كيفما كان ذلك , فالمطلوب هو أن تكون ملائمة للشرع و منهجه , و محمودة عند العامة و الخاصة , و المقصود ب "يرفعه" , أي يرفع صاحبة إلى مقاقات التجلي و الموصوفة بالسوية و بلوغ الكمال , و من تلك الأعمال التي ترفع صاحبها إلى ما ذكرناه , قضاء الحاجات , و تنفيس الكرب على الناس , و الإحسان و البر و حسن الجوار مع الأغيار , و هي من صافت الله تعالى و سنة نبيه الأعظم , فقاضي الحاجات و منفس الكربات و المحسن بالمسيء و العاصي , و المتعبد الداني و القاصي , هو الله سبحانه و تعالى , و من وصف بهذه الأخلاق الربانية شملته العناية العظمى و حفه آلاء الله .

و قضاء الحاجات من أعظم الصفات الربانية التي تتجاوز حسناتها جزاء الصلاة و الحج.مصداقا لقواه تعالى " فان كان دو عسرة فنظرة إلى ميسرة و أن تصدقوا فهو خير لكم ..".لان قضاء الحاجات ليس بالأمر الهين و السهل على العباد , لان فيه مشقة مالية , و لكن الله تعالى ألهمها الأنفس الكريمة , و لعباده الذين سبق في علم أزليته أنهم أهل لها , فالمعطي هو الله و المعين هو الله , و صفاته إذا تحلى بها عبده ارتقى و سما بين العباد .و هم الربانيون الذين ذكرهم الله في حديثه القدسي , الذي رواه عنه نبيه الأكرم , و معناه أن مجموعة من المؤمنين يأتون يوم القيامة , و نورهم يسع العالمين , ما هم بانبياء و لا رسل و صالحين , فقط هم أناس كانت تقضى حوائج الناس على أيديهم .فبشرى لمن تحلى بصفات الرحمان الغفار. و لهذا خلقهم و هم لا يعلمون...

فالعقيدة تبقى جوفاء بدون أخلاق و لو تم الحج و الصوم و الزكاة و الشهادتين..إلا إذا تجلت الأخلاق و الآداب الرفيعة في الأنفس.مصداقا لقوه تعالى " ..فألهمها فجورها و تقواها.." و لا يهب الله الأنفس الطيبة التي سبقت في علمه, إلا للشجرة الطيبة التي جدعها في الأرض و فرعها في السماء ...و في ذلك فليتنافس المتنافسون.فالتنافس على الدنيا ليس غاية الغايات و المشروع هو التنافس على مكارم الأخلاق التي ترقى بالناس على مصاف عباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامة.