بِسْمِ اٌللهِ اٌلرَّحمَنِ اٌلرَّحيمِ
سَبَب حدوث الرياح؟ وهِيَ ثمان، أربع منها عذاب، وأربع منها رحمَة..
بقلم: حميد جبر الواسطي
وَرَدَ في بحار المجلسي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قالَ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلّم: الرياح ثمان، أربع منها عذاب، وأربع منها رحمة، فالعذاب منها: العاصف والصرصر والعقيم والقاصف، والرحمة منها: الناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات.
ويقول المجلسي عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن لله تبارك وتعالى ريحاً يقال لها " الازيب " لو ارسل منها مقدار منخر الثور لاثارت ما بين السماء والأرض وهي الجنوب (الكافى: ج 8 ، ص 217).
وأنَّ الله تعالى خلق نصره في الاحزاب بريح الصبا، تكبهم على وجوههم، وتثير السافياء في أعينهم، فيعجزون عن مقاومة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. وراوي الحديث سعيد بن جبير عن ابن عباس.
ويقول أيضاً عن ابن (عمّوري) عمر، قال: قالَ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلَّم الريح مسجنة في الأرض الثانية، فلما أراد الله أن يهلك عادا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا قال: أي رب ! ارسل عليهم من الريح قدر منخر الثور؟ قال له الجبار: لا ، إذا (إذاً) تكفأ الارض ومن عليها ! ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم، فهي التي قال الله " ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم": الذاريات: 42 ..) الدر المنثور: ج 6 ، ص 115(.
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: نصرت بالصبا واهلكت عاد بالدبور. بيان للمجلسي: الصبا هي الريح التي تضرب قفا المصلي وبإزائها الدبور، والشمال التي تضرب يمين المصلي، وبإزائها الجنوب، وقالوا: مهب الصبا المستوي أن تهب من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار، وزعموا أن الدبور تزعج السحاب وتشخصه في الهواء ثم تسوقه، فإذا علا كشفت عنه واستقبلته الصبا فوضعته بعضه على بعض حتى تصير كسفا واحدا، والجنوب تلحق روادفه به وتمده من المدد، والشمال تمزق السحاب. والذي في الحديث إشارة إلى نصرة الله تعالى رسوله بالصبا لما أرسلها على الاحزاب.
ويقول المجلسي في بحارهِ عن الحسن، قال: جعلت الرياح على الكعبة. فإذا أردت أن تعلم ذلك فأسند ظهرك إلى (على) باب الكعبة، فإن الشمال عن شمالك، وهي مما يلي الحجر والجنوب عن يمينك وهي مما يلي الحجر الاسود، والصبا عن مقابلك وهي مستقبل باب الكعبة، والدبور من دبر الكعبة (الدر المنثور ج 1 ص 164).
وعن حسن (أو حسين) بن علي الجعفي، قال: سألت إسرائيل بن يونس، على أي شئ سميت الريح؟ قال: على القبلة، شماله الشمال، وجنوبه الجنوب، والصبا ماجاء من قبل وجهها، والدبور ماجاء من خلفها (الدر المنثور: ج 1 ، ص 164).
وعن ابن عباس، قال: الشمال ما بين الجدي ومطلع الشمس، والجنوب مابين مطلع الشمس وسهيل، والصبا ما بين مغرب الشمس إلى الجدي، والدبور ما بين مغرب الشمس إلى سهيل.
وعن آراء الفلاسفة – كمَا وَرد في "بحار الأنوار" للمجلسي- في سبب حدوث الرياح على اصولهم أن البخار إذا ثقل بواسطة البرودة المكتسبة من الطبقة الزمهريرية واندفع إلى أسفل فصار لتسخنه بالحركة الموجبة لتلطيفه هواء متحركا وهو الريح، وقد يكون الاندفاع يعرض بسبب تراكم السحب الموجبة لحركة مايليها من الهواء لامتناع الخلا، فيصير السحاب من جانب إلى جهة اخرى، وقد يكون لانبساط الهواء بالتخلخل في جهة واندفاعه من جهة اخرى، وقد يكون بسبب برد الدخان المتصاعد بعد وصوله إلى الطبقة الزمهريرية ونزوله.
قالوا: ومن الرياح ما يكون سموما محرقا لاحتراقه في نفسه بالاشعة السماوية أو لحدوثه من بقية مادة الشهب، أو المروره بالارض الحارة جدا لاجل غلبة نارية عليها.
وقد يقع تقاوم في ما بين ريحيَن متقابلتيَن قويتيَن تلتقيان فتستديران، أو في ما بين رياح مختلفة الجهة حادثة، فتدافع تلك الرياح الاجزاء الارضية المشتملة عليها فتضغط تلك الاجزاء بينها مرتفعة كأنها تلتوي على نفسها، فيحصل الدوران المسمى بالزوبعة والاعصار، وربما اشتملت الزوابع العظام على قطعة من السحاب بل على بخار مرتفع (مشتعل) فترى نارا تدور، ومهاب الرياح اثنا عشر، وهي حدود الافق الحاصلة من تقاطعه مع كل من دائرة نصف النهار والموازيتيَن لها المماستيَن للدائمة الظهور والخفاء، ودائرة المشرق والمغرب الاعتدالييَن والموازيتيَن لها المساويتيَن (المارتيَن) برأس السرطان والجدي، ولكل ريح منها اسم، والمشهورات عند العرب أربعة: ريح الشمال، وريح الجنوب وريح الصبا وهي الشرقية، وريح الدبور وهي الغربية والبواقي تسمى نكباء.
كانبيرا – استراليا
2 آب أُغسطس 2008
[email protected]
سَبَب حدوث الرياح؟ وهِيَ ثمان، أربع منها عذاب، وأربع منها رحمَة.. بقلم: حميد جبر الواسطي
تاريخ النشر : 2008-08-03