بسم الله الرحمن الرحيم
فلسطيني ولو كره الأعادي ..!
كانت الحلقة عبارة عن خمسة من خليط المجتمع الأمريكي من إيطالي ويوغوسلافي ومن أصول روسية وواحد لثواني. بداء الحديث عن الأصول ومن أيها ينحدر الجالس عن يميني ومن أيها إنحدر الجالس عن شمالي وحينما جاء الدورعندي وأوشكت أن أقول نط الذي قبالي وقال يمكن الأخ من دولة .. مالي? سمار الغزازوة الغامق الغالي ياحسفاه يتهموه بأنه من جمهورية مالي. أجبت وكأن صوتي كان صوت عالي لأني رأيت الذي فى مؤخرة المكان يتنبه لصوتي العالي ، المهم ، بين من لا يعرفون أساساً أين فلسطين وبين من يقفزون جميعاً عندما تقول : حسناً ربما تعرفونها اليوم بإسم إسرائيل ، فتخرج ألف آه من الجميع .. آه .. طبعاً طبعا نعرف إسرائيل .. أنت من إسرائيل .. لالا أقول لكم من فلسطيين .. إسم الأرض قبلهم كان فلسطين ، وتعود إليك أنظارهم وهم يقولون نعم .. نعم .. إسرائيل فسحبت التليفون لإثبات إسم فلسطين الغالي وبين تسابق الجميع لبحث الموضوع علي التيليفون المحمول من كل نوع رخيص وغالي عرفوا أن الأسم هو فلسطين حتي علي ( جووجل ) اليهود وبالمرة عرفتهم علي موقع وشكل سكان دولة مالي.
وبعد كل هذا الصراع الجغرافي ( فشق ) دوري الشخص الذي قبالي وقال : تزوجت أمريكية وحصلت علي الجنسية وحققت كل أحلامي. ولما إنتهي الخمسة وجدت الجميع يتطلع نحوي وكأنهم فى إنتظاري لمعرفة كيفية الحصول علي الإقامة والجنسية بعد إنتصاري عليهم فى معركة .. مالي. قررت أن أجعل الأمر مشوقاً لديهم وأن يتحزروا كيف حصلت علي الجنسية وجعلت الجائزة شئ محرز وغالي. منهم من قال عن طريق أخيك ومنهم من قال تزوجت ومنهم من قال عن طريق .. خالي.
لم يكسب الجائزة لا الذي أجاب أنني حصلت عليها عن طريق خالي ولا الذي أجاب بأنني ربما
إستعنت بخدمات محامي ( هجرة ) يهودي وغالي. كانت كل أمريكا فى الأساس لم تكن بذهني ولا ببالي كل ما في الأمر هو أنني كنت أغار من أخي الغالي وعندما سافر إلي أمريكا قلت فى عقل بالي لابد وأن أكون فى السفر إليها التالي وفعلاًً حدث .. التالي.
كانت أمريكا فى الحقيقة ، مخيبة لكل ماكان عنها فى بالي ، وعندما هبطت فى مطار ( كينيدي ) كنت أحسب أنني سأجد نفسي محاطاً بكل ماهو جديد وغالي ولكن كما قلت لكم كانت خيبة كبيرة بالمقارنة بالذي كان ببالي. معدات المطار قديمة ومن عمر أكبر أخوالي حتي مباني المطار فى ذلك الزمن كانت رغم ضخامتها إلا أن كل ركن منها متهالك وبالي. عظمة وضخامة المباني الشاهقة هي فقط من بعد ولكن عندما إقتربت منها ولمستها لم تكن أبداً كما كنت أشاهد علي شاشات التلفزيون وكنت أحسبها عن قرب ستكون فائقة لخيالي. كانت أصعب أول ستة أشهر فى حياتي وكم من مرة هممت بالعودة وعزمت أمري علي العودة .. العودة إلي أين وإلي ماذا أمر لم يكن يشغل بالي فكل بلاد العرب أوطاني من شام وبغدادي. فى كل مرة كان يحدث شئ يمنعني من المضي فى هذه الفكرة ويحميني من خطر التمادي. فى ذاك الزمان كان العمل سهل والإقامة والـ ( جرين كارد ) رغم سهولته لم يكن الحصول عليها من الأمور التي تشغل بالي فنحن أتينا من عائلة كان يقف فيها الأب يقول لو كان أصبعي غير فلسطيني لقطعته عندما جاء إلي بيتنا يزف خبر إمكانية الحصول علي الجنسية السعودية الله يرحمه .. خالي. وعلي هذه العقلية كنت أعيش فى هذه البلاد وبالإقامة والجنسية غير مكترث أو مبالي.
ربما قصص العرب وما كانوا يعانونه من أجل ( الجرين كارد ) الغالي كانت سبباً رئيساً فى عدم إشغال بالي ، هناك من تزوج عبدة سوداء مرمطت عيشة أهلة وهناك من تزوج بيضاء شقراء ولم يكن حظه أفضل من الأولاني وهناك من ( حوش ) القرش علي القرش وقام بدفعهم لواحد نصاب كان يدعي بأنه لمعاملات الهجرة أكبر محامي ، أتفرج علي كل هذا وأنا أقول .. وأنا مالي.
فى أواخر عهد ريجان صدر الأمر من الكونجرس أن تمنح الجرين كارت ( آمنستي ) لكل إنسان فى أمريكا لا يملك إقامة شرعية ويملك مائة وثمانون دولار رسوم المعاملة وسجله العدلي من الجرائم خالي. جائت لي الإقامة ولم أطلبها وبطريقة لم تكن لتخطر ببالي. لازواج ولا عن طريق أخي الغالي ولا عن طريق أي مخلوق سبحان الذي يسر لي هذا وأنا ساهي ولاهي.
والجنسية تأتي بعد الإقامة الدائمة وكأنه شئ إجباري. يعني بقيت فلسطينياً فى داخلي ووجداني كأي أمريكي لا ينكر بل ويفتخر بأن أصله ألماني هذا كان فى صميم قراري وإختياري. لم أسعي إلي شئ فى هذه الدنيا ضد مبادئي وقناعاتي. وحتي يومنا هذا تخرج مني كلمة فلسطيني بدون شعور وهذا أمر أحافظ عليه طوال حياتي. أن تكون فلسطيني ومعني أن تكون مولوداً علي تراب فلسطين الغالي هو شيئ لايدركة المتأمركون وكل فاقد لهذا الشرف الغالي.
نافزعلوان - لوس أنجليس
فلسطيني ولو كره الأعادي ..! بقلم:نافزعلوان
تاريخ النشر : 2008-08-02