بأي ذنب قتلت ... يا مؤسساتنا بقلم : سامح رمضان
تاريخ النشر : 2008-08-01
بأي ذنب قتلت ... يا مؤسساتنا

بقلم : سامح رمضان
مراسل صحفي ( إذاعة صوت الشعب )

منذ أكثر من عام والشعب الفلسطيني يعيش حالة من أسوأ الحالات النفسية التي يمر بها ويتجرع المرارة فيها كل يوم وفي كل وقت ، هذه الحالة وهذه المرارة التي يشعر بها العقلية الفلسطينية بشعور الإنسان الذي فقد أهله وعائلته وإرثه السياسي والوطني الذي ضحى بعمره داخل أسوار السجون الإسرائيلية و بدمائه التي لا طالما نزفت بين ميادين القتال والمقاومة دفاعا عن الأرض و عن العودة وعن العاصمة التي حدد مسارها حكيم الثورة و خطى إليها قائدها .

منذ أكثر من عام ولازال يتذكر أبطال بيروت و أبطال العمليات الفدائية كم من شهيد سقط وكم من قلم كتب ورسم و كم من عقل فلسطيني دفع ثمن تفكيره من أجل الثورة ومن أجل أن يكون هناك قضية من بين قضايا العالم وهي قضية فلسطين وليس الفلسطينيين فقط ، وكم من قائد يدعي القيادة في هذا الزمان وتحديدا هذا المكان أصبح لا يفرق بين فلسطين وبين الفلسطينيين ، ولا نعلم إن كان يعي ما هو الفرق ، إلي أن وصلنا نحن كشعب غزي نخرج بمسيرات نجوب فيها شوارع غزة ونقول وداعا قضيتنا وداعا فلسطيننا وداعا لهذا المقاتل الفلسطيني الذي ضل الطريق و أصبح يحمل بندقية مشوهة فقدت عقلها و خلطت دمائها بمائها إلا أن فقدنا مهارات الجغرافية في رسم خريطة فلسطين .

لقد آلمنا مشهد الانفصال و الأحداث الدموية التي فتكت بدماء و رجال وشباب غزة التي تساقطوا بالجملة في الرابع عشر من حزيران الأسود الداكن ، وتألم بها من تألم ممن حاربوا في معارك مشرفة ضد الاحتلال الإسرائيلي واستبسل من اجل هدف أجمعت عليه منظمة التحرير الفلسطينية التي رسمت خطوط النضال و حددت لنا معسكر العدو وأين هو هذا العدو وكيف ومتى نقاتل ومتى نغير أشكال الحرب و الحراب معه ، وأيضا تألمنا عندما شاهدنا ولا زلنا نشاهد ونعايش إفراغ المجتمع المدني من مدينته وإفراغه من أسس الوعي التي بذلنا فيه سنوات طويلة من اجل ينهض هذا المجتمع وتقوم قائمته مع باقي مجتمعات المنطقة ، و لكن ومع أسف من الوزن الثقيل ونقولها وكلنا ألم لقد قتلت مؤسساتنا وضاع الجزء الكبير و المدني من قضيتنا التي لنا نحن فيها الشباب جزء من جهودنا و مثابرتنا و فكرنا و ديمقراطيتنا التي جاء الكثير والكبير من خلالها .

اليوم نحن معشر أبناء مؤسسات المجتمع المدني نقول بأي ذنب قتلت وتقتل مؤسساتنا وتوأد ديمقراطيتنا وهي في مهدها التي علمنا إياها قيادات ثورتنا و قيادات الفكر الشاب والثقافة ، وها نحن نرددها ورددناها عندما شاهدنا مؤسساتنا وهي مؤسسات كل الشعب تنهار وتتساقط ورقة تلو ورقة تاركة فراغ أسودا وعلامة ضبابية لمستقبل كل عقلية شبابية خرجت من جهلها و لتقدمها نحو شعب متقدم وريادي يعلم متى نكون واعيين وكيف نستمر في ثقافة الوعي ، أما الآن فلا مكان لشبابنا سوى الانخراط في صفوف اللاعمل و البطالة الفتاكة والمجتمع المجهول والذي نقصت أهم ركن من أركانه ، و أصبحت خياراتنا مرة ومريرة بدل ما إن كانت مرنة و مرموقة ، أصبحنا ننظر وبكل خطورة لمستقبل كل شاب يريد أن يصعد بمن حوله إلي الأعلى ونحو الفكر الحر الغير مرهون بأيديولوجية ولا إرهابية وخالية من مواد الجهل و الأفق المظلم و السلوك المحروم .

وأخيرا وبعدما وصل الضرر وبهذا الشكل الجدي لكل أرجاء الشاب الفلسطيني الذي أصبح رهينة للعنف و التطرف ، يجب أن يكون لنا كلمة وإطار يحمل المسئولية التي طالما حملها من اجل أن يعلم الجميع ولكل من هو مسئول : لقد قضيتم على أرضنا و زرعنا الذي ضاع حصاده أمام أعيننا ، ولكننا لم ولن نترك يوما ما انتجناه طيلة السنوات الماضية ونحن لسنا جدرانا ولا أثاث ولكننا شبابا يحمل فكراً عسي على المساس .