في المخيم ... ممنوعة الأحلام بقلم : صفوت بلاصي
تاريخ النشر : 2008-08-01
هل سألك احدهم, وبشكل مفاجئ ما هي أحلامك في هذه الحياة ؟؟
إن سؤال من هذا النوع , كفيل بان يوقف عقلك عن التفكير حتى يعاود عليك السؤال مرة أخرى, قد يعارضني البعض في هذا الرأي ,قائلا ً بأنه لديه مجموعة من الأحلام والأهداف موضوعة ضمن جدول زمني , منها ما قد أصبح واقع ومنها ما هو قيد التنفيذ والجزء المتبقي على قائمة الانتظار , لكنة سيتحقق .
أنا لا أنكر عليك يا عزيزي المعارض هذا الرأي بل إنني اتفق معك كل الاتفاق , لكن في حالتي أنا سؤال من هذا النوع قد يوقف عقلي عن التفكير, لأنني أعيش في مخيم للاجئين , فهنا في هذا المخيم لا مساحة لنا بأن نحلم فالمساحة لا تكاد تكفينا للنوم .
فهذا الاكتظاظ في البيوت , وهذه العدد الكبير من الناس في هذه المكان المنسي من ذاكرة التاريخ ,وهذه الأزمة الخانقة من الهموم من وتراكمات الأيام لا تبقي لنا مساحة لا للحلم ولا حتى لرؤية القمر , فالقمر يا سادتي لا يظهر عندنا , أو لعله يظهر ونحن لا ندركه نظرا ً للازدحام الشديد في الذاكرة التي أصبحت تطغى على حاضرنا .
مع كل هذا الازدحام في الأشياء قررت السلطات المعنية منع عدة أشياء ,الحب والافتتان بالمرأة ,قلة الأدب ( حرية التعبير ) وأخيرا ً الأحلام .
فهذه الأمور الثلاث التي ذكرتها تزيد من المكان ازدحاما ً وتولد لدى الأهالي بعض الرغبات الممنوعة .
ولكن أنا وكعادتي أميل للخروج عن المألوف , فقد قررت انحل من القوانين التي تفرض علينا كسكان في المخيم, وقررت أن احلم وان احب وان أكون قليلاً للأدب وان اعبر عن أحلامي ومشاعري صارحتا ً , لذلك أعلن لكم يا سادتي أن لدي أحلام ولن أتردد في الإعلان عنها , ولست آبه بضيق المكان ولا بالازدحام في الذاكرة , أريد أن أطلق لنفسي العنان في الحلم .
ومنذ الآن لدي حلمان في هذه الحياة .
الأول , أن يكون لدي مكتبة كبيرة مليئة بالكتب والروايات وقصص الحب وأراء الفلاسفة , لكني اعترف باني لا ارغب في تحقيق هذا الحلم لأنني إذا حققت هذا الحلم ماذا سيبقى لي من الأحلام , فانا مؤمن جدا ً بان الأحلام خلقت كي لا تتحقق .
إما الحلم الثاني فهو أن يكون لمنزلي شرفة وحديقة, وان اشرب القهوة في إحداهما حسب رغبتي في تلك اللحظة.
هذا الحلم أيضا ً اعترف بأنه أكثر من حلم في المخيم , فهذا التلاصق وهذا الضيق يجعل من حلمي مستحيل ,لكن هناك أمل واحد لتحقيقه , من خلال العودة الى وطني , حيث الشمس والقمر , وطني ذلك المكان الأسطوري في طبيعته وفي جمال نسائه , وفي أناقة رجاله , هناك حيث يمكنني أن احلم من جديد وان افتتن بالنساء ,وان يسمى رأيي تعبيرا ً عن الرأي لا قلة للأدب , هناك حيث يعاملني الناس باحترام وليس بتلك النظرات الخبيثة التي تبث كل معاني الطبقية , هناك حيث لا تحفظ على ادميتي , وأتخلص من لعنة المخيم .


بقلم : صفوت بلاصي