منظمة عدم الانحياز والدور المأمول بقلم : زياد ابوشاويش
تاريخ النشر : 2008-07-31
منظمة عدم الانحياز والدور المأمول بقلم : زياد ابوشاويش


منظمة عدم الانحياز والدور المأمول
لمناسبة انعقاد اجتماع وزراء الخارجية في طهران
بقلم : زياد ابوشاويش
عام 1961 وفي ظل صراع الجبارين والحرب الباردة نشأت منظمة الدول غير المنحازة من خلال قمة يوغسلافيا التي ضمت 24 دولة كاستجابة منطقية لواقع الانقسام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية وبروز المنظومة الاشتراكية ذات المنهج الاقتصادي والسياسي النقيض للدول الرأسمالية ذات الماضي الاستعماري العريق والتي تمحورت حول ذاتها لتشكل حلفها الخاص بقيادة الدولة الصاعدة في سماء السياسة الدولية والآخذة لمكانة الزعامة بلا منافس بعد تفوقها النووي ورصيدها الاقتصادي الهائل، أمريكا التي تطور وضعها لتصبح القطب الوحيد بعد اقل من خمسة عقود على إنشاء منظمة عدم الانحياز. قبل مؤتمر القمة الأول بستة أعوام ظهر إلى العلن مفهوم وفكرة عدم الانحيازبمؤتمرباندونج الذي ضم الزعماء الثلاثة تيتو ونهرو وجمال عبد الناصر وممثلين 29 دولة واستمر ستة أيام شكل الانطلاقة الأولى لمنظمة عدم الانحياز،وترجع هذه التسمية للخطاب الذي ألقاه نهرو في ذلك المؤتمر ابريل عام1955حيث رأي في عدم الانحياز هوية مستقلة ودوراً ايجابياً نشطاً، وليس موقفاً سلبياً إزاء التكتلات .
ربما من المفيد التذكير بأن الحياد الايجابي كان أحد الشقين الرئيسيين لأهداف هذه المنظومة والمتمثل كمبدأ في الانحياز إلى المظلومين وأخذ الموقف الذي يساهم في تبريد الأجواء الدولية لوقف التصعيد ولجم الصراعات حتى لا تؤدي لتجربة مرة جديدة شبيهة بالحرب العالمية الثانية التي ذاق العالم أهوالها ونتائجها الكارثية.
لقد شكلت بعض قوى العالم الثالث ومعها كل المؤمنين بالخيارات الحرة والتكافؤ بمن فيها بعض الدول المحسوبة على المعسكر الاشتراكي منظومة الدول غير المنحازة ولعبت دوراً كبيراً في لجم الصراعات الدولية وساهمت بشكل ملموس في خلق التوازن الضروري في عالم الاستقطاب الخطير والمؤدي في حال الأزمات إلى كارثة الحرب العالمية الثالثة رغم ما قيل عن توازن الرعب النووي في حينه. واليوم وبعد مرور سبعة وأربعين عاماًً على إنشاء المنظمة التي تعقد اجتماعاً في طهران هذه الأيام ما هو الدور المفترض لها وكيف يمكن أن تساهم جدياً في تخفيف الاحتقان العالمي وحل معضلات إقليمية ودولية تشكل بؤر توتر وصداع للعالم بأجمعه؟ وكيف يمكنها أن تحول دون تغول الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية على باقي الدول تحت دعاوي مختلفة وخصوصاً ما يتعلق منها بما تسميه مكافحة الإرهاب العنوان المفضل لديها كستار للعدوان والحصار على من يقاوم نفوذها ومشاريعها في العالم أجمع؟، فمن الدرع الصاروخي في أوروبا الشرقية إلى احتلال العراق وأفغانستان، إلى التدخل الفج في الشئون الداخلية للدول المستقلة واستغلال قدراتها العسكرية والاقتصادية لفرض هيمنتها ورؤيتها على العالم وتصنيفها للدول، فهذه شريرة وهذه خيرة، وحيث من الواضح أن مهمة هذه الدول من خلال النتائج المرجوة لعقد مؤتمرها الراهن تتمثل بشكل كبير في كبح جماح الاندفاع الأمريكي الخطير سواء في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي أو في التمدد العسكري حتى الحدود الروسية، ولهذه الحيثيات والأسباب ولوجود الكثير من هذه الدول المتضررة من سياسات أمريكا العدوانية فان تعاوناً واضحاً بين هذه الدول متمثلاً في تحديد مفاهيم جديدة وأهداف واضحة وذات مصداقية عالية كما التمسك بالشرعية الدولية والقانون الإنساني وحق الدول في تحديد خياراتها وسياساتها بعيداً عن الضغط والإرهاب يجب أن تأخذ مكاناً متقدماً في بيانها الختامي.
وفي المجال العملي للتعاون بين أعضاء المنظمة لابد أن يتم وضع خطة عمل وبرنامج للتحرك وأسس لاتخاذ المواقف داخل الأمم المتحدة وتجاه القرارات الدولية الصادرة عنها ولابد من منح صلاحيات محددة وواضحة لسكرتاريا المنظمة تستطيع من خلالها لعب الدور المناط بها لحماية حقوق الدول الضعيفة والمستهدفة من جانب الدول العظمى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
إن الآمال المعقودة على هذه الدول واجتماعها في طهران كبيرة وأمامها عدة ملفات ساخنة لابد ستأخذ منها موقفاً لصالح الدول المعتدى عليها وتحديد خياراتها تجاه هذه الملفات .
إن حضور سوريا وإيران وغيرها من دول الممانعة للمؤتمر باعتبارها من الأعضاء المؤسسين للمنظمة سيترك بصمته بكل تأكيد على البيان الختامي للاجتماع والمطلوب ليس فقط إعلان التضامن والدعم المعنوي لمن تصفهم أمريكا بمحور الشر بل تقديم مقترحات عملية لتخفيف الضغوط الأمريكية على هذه الدول ومساندتها تماماً كما الخطوات العملية المطلوبة تجاه حق الشعب الفلسطيني في وطنه ووقف الاستيطان والحصار الظالم على قطاع غزة ووقف العدوان على الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال للعراق وأفغانستان على ذات القاعدة وبهذا يمكن لمنظمة الدول غير المنحازة أن ترسخ مكانها ودورها العالمي المأمول. إن موقفاً رافضاً لمبدأ أمريكا الظالم والقائل :" من ليس معنا فهو ضدنا" سيكون أمراً جيداً ليتحرر العالم من هذا الإرهاب الفكري السياسي ويتم وضع مفهوم محدد للإرهاب وعزله كلياً عن مفهوم المقاومة التي تساويه أمريكا اليوم بالإرهاب والتي تضع الدول الداعمة له موضع الاتهام، وحتى يكون أمام القمة الخامسة عشرة للمنظمة والتي تنعقد في القاهرة العام القادم 2009 برنامجاً واضحاً للعمل.
زياد ابوشاويش
[email protected]