اسرائيل ليست قوية بل نحن الضعفاء
بقلم : واصف عريقات
خبير ومحلل عسكري
ليست هي الحالة الاولى التي تعصف ظروف الفساد بالقيادة السياسية الاسرائيلية، ولم يكن موقف يهود اولمرت رئيس وزراء اسرائيل واعلانه استعداده للتخلي عن منصبه في حال تم انتخاب رئيس للحزب وعلى أثر تهم الرشوة والفساد المالي الموجهة له بالجديد، ولا يهمنا أن في اعلانه هذا اثبات للaفساد من عدمه، كما لايهمنا أن نبحث عن سلسلة الوقائع المشابهة لحالة اولمرت هذه، ما يهمنا هو تشخيص وتمحيص هذه الوقائع والظروف التي تمر بها والتوقيتات التي يتم كشفها والاعلان عنها، ومن يستفيد منها ويستثمرها، لا سيما وأن الكل يجمع والحالة هذه في أن مجمل النظام السياسي الاسرائيلي سيتأثر، وبالتأكيد سينسحب ذلك على الفلسطينيين والسوريين والعرب الآخرين، ولكن بأي اتجاه سيكون هذا التأثير،
فإن تم تشخيص الحالة بالضعف فأين نقف نحن من ضعفهم ..؟؟ ولماذا لا نستثمر حالات الضعف هذه..؟؟؟ أم ترانا نفعل كما كل مرة، نترقب وننتظر خلع رئيس وزرائهم لنراهن على آخر قادم، يدرك الطفل الفلسطيني قبل الكهل بأن هذه الحالات ماهي الا مصلحة اسرائيلية تستغل ويتم فبركتها واخراجها لتتلائم وظروف الهروب من استحقاقات السلام ، معتمدين على فهمهم القديم الجديد الذي نجحوا في استخدامه مرارا وتكرارا ألا وهو مخاطبة العرب بقلوبهم وعواطفهم وليس بعقولهم، الكل يدرك بأن جعبه رئيس الوزراء القادم أو القادمة ستكون مليئة بالأقوال عن المفاوضات والتسوية (مضيعة للوقت )، وعلى الأرض توسيع و تسمين و بناء للمستوطنات ومزيد من الخطوات التي تحول دون الوصول للتسوية ، بل يزيد أو تزيد في ابتكار كل جديد للقضاء على أمل للسلام وإقامة الدولة الفلسطينية (فرض الأمر الواقع ).
اسرائيل لم تكن ضعيفة عبر عقود طويلة من الزمن كما هي الآن، ليس بسبب حالة الفساد هذه فحسب، بل لمجمل أوضاع راكمتها القيادات الاسرائيلية المتعاقبة، وفي مقدمتها عدم صدق نواياها حيال التسوية، وادارتها الظهر للسلام، واعتقادها بأن عامل الزمن سيضيع الحقوق الفلسطينية والعربية وسيتكرس الأمر الواقع على الأرض، والذي يستند أساسا على ابتلاع الأرض بالاستيطان، وتشريد الشعب الفلسطيني من خلال تنفيذ سياسة القتل والاعتقال والعقاب الجماعي والحصار، والرهان على نفاذ الصبر الفلسطيني، وعدم قدرته على الصمود والمواجهة، والذي برهن على وجوده كحقيقة راسخة تتزايد وتقوى مع تواصل الاجيال وتعاقبها، بعكس المجتمع الاسرائيلي الذي ازداد تفككا، وغابت عنه قياداته المؤسسة، وتدنت ثقته بجيشه الذي كان يعطيه الأمل في الوصول للحياة بأمن وأمان، وأخذ يشعر كل مواطن اسرائيلي بأنه من الصعب بل من الاستحالة القضاء أو تهجير أو تحقيق الانتصار على الشعب الفلسطيني، وأن مخزون الحقد والكراهية من جراء الممارسات اللاأخلاقية الاسرائيلية في ازدياد وهذا أكد مقولة أنهم جسم غريب في المنطقة، ولم ينفعهم بناء جدار الفصل العنصري ولن تحميهم الجدران والكتل الاسمنتية والاسلاك الشائكة والحواجز البغيضة والمعدات الالكترونية والكلاب البوليسية وطرق الالتفاف العنصرية ولن يضعف من عزيمة الشعب الفلسطيني تشديد الحصار والعقاب الجماعي، وكل ذلك يتنافى مع الادعاءات الاسرائيلية بأنهم بؤرة الحضارة في الوسط العربي ( المتخلف )، وهو ما أفقدهم مصداقيتهم وكشفهم على حقيقتهم، إضافة الى أن العالم أخذ يدرك بأن قوة اسرائيل العسكرية آخذة في التراجع وتتآكل عندها امكانية الردع وتضعف قدراتها على خوض الحروب الاستباقية، ولا يمكن لها منع امتداد القتال لجبهتها الداخلية عند خوضها للصراع الذي تعودت بأن يكون على أرض الغير، وما زاد الطين بلة ظروف حليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة الامريكية الغارقة جيوشها في وحل القتال خارج حدودها.
والسؤال الذي لا بد من الإجابة عليه: كيف نستثمر حالات الضعف الاسرائيلي (إن كانت كذلك )...؟؟؟
الجواب في جعبة من يحملون الأمانة والمسؤولية التاريخية .
اسرائيل ليست قوية بل نحن الضعفاء بقلم : واصف عريقات
تاريخ النشر : 2008-07-31
