الرهان الخاسر.....................
بقلم/علاء مطر
لا يجرؤ أحد، عدو أو صديق قريب أو بعيد أن ينكر نضال وصمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال ومن سانده. بل لم يهمه يوماً من خذله وحاك المؤامرات ضده، حيث وثق هذا الشعب دوماً بالله ثم بقدراته التي تمثلت قبل كل شيء بوحدته التي كانت دوماً صمام الأمان الذي تتكسر عليه كل آمال المتآمرين الذين لا يريدون بالفلسطينيين خيراً. بل إن هذه الوحدة هي التي كانت المرجل الذي يدفع بخطوات ثابتة إلى غدٍ مشرق. وكانت مفخرة الفلسطينيين التي جعلت العديد من شعوب العالم الحر تتعاطف معه ولا تتواني عن مساندته.
لكن الذي نشهده اليوم ونعايشه من تمزق طال أمده في هذا الجسد الضعيف، أثقل كاهل كل حرٍ وغيورٍ على مصلحة الفلسطينيين، سواء من داخل فلسطين أو خارجها. كيف لا وقد أصبح الوطن الصغير وعلى ضيق مساحته وطنين، والشعب أصبح شعبين والحكومة حكومتين والمجلس مجلسين وقد يصبح في الأمد القريب الرئيس رئيسين وغيره من تبعات الانقسام المتعددة التي لا يزيد ذكرها إلا التنبؤ بغدٍ بالغ السوء.
يا قادة الشعب الفلسطيني يا من تحملون أمانة هذا الشعب، ألم يحن الوقت بعد أن تجعلوا من مصلحة الشعب في مقدمة أولويات أجندتكم، ألم يحن الوقت لتجعلوا وحدة الشعب الفلسطيني هي الأولوية عن غيرها من الأمور. فعلى ماذا ستراهنون؟؟؟؟فالفلسطينيون اليوم ليسوا هم فلسطينيو الأمس، اليوم أصبح هدفهم أن يخفف الحصار عنهم، أن يجدوا ما يقتاتوا به، لأن صمودهم اليوم في وجه الحصار لا هدف له إلا إرهاق الذات. أما في الأمس فكان الصمود في وجه الحصار بل والقتل والدمار يعني مزيداً من التحدي لكل من يراهن على كسر إرادة هذا الشعب الذي يثق بوعد الله " وكان حقاً علينا نصر المؤمنين ".
أما المراهنة على غير الشعب الفلسطيني فهي خاسرة والتجربة في هذا الصدد أكبر برهان وما يشهده قطاع غزة الجريح خير مثال على ذلك. فهاهو اليوم ينزف أمام العالم بأسره ولا أحد يحرك ساكناً بل لم ينفعه لا عمقه العربي ولا الإسلامي برفع قيود الحصار عن رقاب أبنائه.
بل إن الأيام القادمة قد تشهد احتمالات تفاقم الأزمة المالية لحكومة رام الله إذا لم يجر دفع التعهدات العربية والأجنبية التي قطعتها على نفسها في مؤتمر باريس، وما سيحمله هذا من مزيد من التبعات السيئة على الأوضاع في الضفة والقطاع. حتى أن هذا العالم لم يف بالتزاماته تجاه مؤسساته التي تمد يدها لمن هي السبب فيما وصلوا إليه، فهاهو جون جينج مدير عمليات وكالة الغوث الدولية يؤكد أن الاونروا ليس لديها أموالا كافية لتلبي احتياجات المواطنين سوى بحوالي 56% فقط.
فسياسة العالم الميكافيلية لا تأخذها رحمة بأحد ولا تقيم وزناً إلا للمصلحة، فبقدر ما تقدمه تجد عون ومساندة الآخرين. فماذا سيقدم الفلسطينيون لهذا العالم؟؟؟ فشعب يأكل مما لا يزرع ويلبس مما لا يصنع، ماذا سيقدم ؟؟؟ دعونا نكون واقعيين ونقول لا شيء، إلا أن يكون تابعاً لمن يجعله قادراً على توفير قوت يومه، يتلاعب به كيفما يشاء ومنفذاً لسياسته ومصالحه.
إذاً يا قادة الشعب الفلسطيني أخرجوا شعبكم من هذه الدائرة الضيقة التي وضعتموه فيها، واجعلوه فاعلاً مؤثراً في علاقته مع الآخر يقام له وزناً. فهكذا تكون العلاقة بين الدول، تبادل المصالح وليس تنفيذ مصالح الآخر وأجندته مقابل قوت يومه. فمتى امتلكت القوة ضمنت في كثير من الأحيان تحقيق مصلحة أكبر في علاقتك مع الآخر، لأن في هذا العالم هكذا تبنى العلاقة بين الدول. ولن يكون للفلسطينيين أي اعتبار أو وزن على الصعد كافة دون وحدتهم قبل كل شيء، والتي بدونها لن يكون مجدياً أي فعل سواء على صعيد المقاومة أو مفاوضات وكلاهما لن يكون إلا مضيعة للوقت والطاقات.
اشرعوا أيها القادة بالحوار وكفاكم تحميل كلٍ الآخر سبب الانقسام بل وسبب فشل الحوار، فكلاكما السبب وهذا ما يعرفه. فالكل يعلم أن الأولوية لو كانت الشعب ومصلحته لما حدث الانقسام وبما أنه حصل ولم يلتئم إلى اليوم فهذا دليل آخر على أن الأولوية ليست الشعب ولا مصلحته. ولن نعطيكم طريقة سحرية لكيفية البدء في الحوار بل ولن نضع حلول جوهرية لهذا الانقسام لأنكم أنتم الذي أحدثتموه وتعلمون جيداً كيف تستطيعوا إنهائه، وما نريد التأكيد عليه فقط هو أن تضعوا مصلحة شعبكم في سلم أولوياتكم.
الرهان الخاسر بقلم:علاء مطر
تاريخ النشر : 2008-07-24