مقال
القديس تونى بلير وفشل
الزيارة الإلهية الى غزة
بقلم:د.كامل خالد الشامي
أستاذ جامعي وكاتب
منذ عدة شهور قليلة كنت أتصفح صحيفة فلسطينية,رأيت على إحدى صفحاتها صورة لأطفال فلسطينيين من مدينة بيت لحم وهم يقدمون باقة ورد إلى السيد تونى بلير مسئول الرباعية الحالي,ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق.
ما أروع هؤلاء الأطفال,فهم يتعاملون مع الضيف وكأنه قديس جاء إلينا لكي يباركنا بأياديه الطاهرة فهو يكن كل خير ومحبة للشعب الفلسطيني.
ويبدو أن ضيفنا العزيز ورث هذه المحبة"سكر زيادة للشعب الفلسطيني" من سلفه وزير خارجية بريطانيا آنذاك "بلفور" الذي منح الإسرائيليين وطنا قوميا في فلسطين, فتسبب في مأساة لم بشهد لها تاريخ البشرية مثيل,أما هو فقد أسرف في حبه ومساعدته للفلسطينيين, فقد أعاق بلدة في فترة رئاسته للحكومة قرارات مقترحة في مجلس الأمن تهدف بمجملها الى أدانه الجيش الاسرائيلى لمحاوله منعه من قتل الأطفال الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية,وهو ما تدينه مؤسسات حقوق الإنسان الاسرائيليه نفسها.
في الأسبوع الماضي كان من المتوقع أن يصل الرجل صاحب الخطوات العزيزة والأيادي الطاهرة البيضاء إلى غزه لكي يطمئن على الشعب الفلسطيني,وهو بدون شك جزء من الآلة التي تشارك في حصار الناس في قطاع غزه.
كان يريد الحضور لكي يرى بأم عينه كيف يموت المرضى من قله الدواء, فالحصار أدى إلى وفاه أكثر من 180 مريضا بسبب منعهم من السفر للعلاج في الخارج,لعدم قدرة المرافق الصحية في غزة على علاج الأمراض المستعصية .ولكي يرى أيضا كيف تحول الشعب الفلسطيني من شعب عامل لم يكن ينام الليل باحثا عن رزقه إلى شعب لا ينام الليل وهو يقود عربات تجرها البهائم, بحثا عن كوبونه للمواد الغذائية, ولكي يرى كيف يسبح الناس هربا من الحر في بحر تختلط مياهه بمياه المجارى التي تضخ إلى البحر غير مكررة لحصار أدوات التنقيه.
لقد قرأت بعض التعليقات,التي أبدى أصحابها من بعض القوى بمختلف أطيافها شعورهم بالأسف, على عدم تمكن الرجل من القدوم الى غزة ,وإلغاء زيارته بسبب المخاطر الأمنية التي تتهدد حياته. فالبعض كان لديه إحساس بالتفاؤل, لو أن الزيارة تمت, فكان سيكون لها مردودا جيدا, ربما ستؤدى الى رفع الحصار عن غزة.
أما أنا فأشعر بخيبة أمل كبيرة في أن يفكر بني جلدتي بمختلف ألوانهم بهذه الطريقة,ولا يجوز لي أكثر من إبداء الشعور بخيبة الأمل ,لأن الأفكار من ملك أصحابها, ولكن الحصار عقاب جماعي,أصاب كل فئات المجتمع بالضرر, حتى أولئك الذين أيدوا هذه الزيارة.
ليس من السهل أن يرفع الحصار بمجرد زيارة شخص يكره الفلسطينيين بالوراثة ,ويكن لهم العداء الشديد,ويساهم هو في الحصار,وما يخلفه الحصار من أضرار معنوية واقتصاديه,وفقر تضرب جذوره في أكثر من 85% من العائلات الفلسطينية ,وعلى كل الأصعدة, سوف يحتاج إلى سنوات وسنوات حتى تنحسر أثارة,وحتى يعود قطاع غزة إلى وضعة العادي الذي تعودنا عليه.
وعود على بدء أنا أعتز كثيرا بالأطفال الفلسطينيين وأكن لهم كل محبة وود ,وأشعر بالفرحة عندما أراهم يقدمون باقات الورود إلى الضيوف,فهذه شيمه الإنسان الفلسطيني وطريقه رائعة في التربية الفلسطينية,ولكن علينا أن نعرف لمن تقدم هذه الورود حتى لا تصبح القضية:" يا ورد مين يشتريك".
د.كامل خالد الشامي
[email protected]
القديس تونى بلير وفشل الزيارة الإلهية الى غزة بقلم:د.كامل خالد الشامي
تاريخ النشر : 2008-07-21