حرية الرأي والممارسة ..بين النسبي والمطلق..بقلم : حسان نزال
***************************
من أين تبدأ حرية الرأي ..وأين تنتهي ...؟؟ هي نسبية أم مُطْلقة ؟أنـُلبسها ثوب النسبية إن تعلّق بنا الأمر بنا ، ونعرّيها منه لتكون مطلقة حين يتعلق الأمر بالآخرين ؟ ..هل في محاكمتنا لمواقف وأحداث وممارسات يجوز لنا أن نحاكم الأشخاص ....؟! هل من يروّجون لنا ثقافة الحرية المطلقة يمنحونا إياها كاملة في بلادهم ..من حيث حرية الاعتقاد وحرية الممارسة ؟ ...يوقعون في وعينا العربي مثلا أنّ ارتداء المرأة لما تشاء من الملابس هو ضمن الحرية المكفولة ...فهل ارتداء المسلمة في بلادهم للحجاب مثلا لا يدخل ضمن سياق هذه الحرية ؟؟؟ أليس لها حق الاعتقاد والممارسة ؟ أم أنها يجب أن تلتزم علمانيتهم أو قوانينهم ..ولا يجب عليهم التزام شرعنا وقوانيننا ؟؟!!
غريب أمر المتخذين من الحرية مشجبا يعلقون عليه كل مبررات نقدهم للآخرين ......
في موضوعة نصر الله وعملية التبادل نحن انحنينا احتراما لما تم من إطلاق سراح أسرى عرب وفلسطينيين يسومهم العدو سوء العذاب رغم أنفه ...بم يؤمن من أرغم العدو على ذلك ؟؟ ولاية الفقيه ...بأي شيء آخر ...هذه قضية أخرى ...وأعتقد أننا كنا سنشعر بذات مشاعر الاحترام لكل من يتوصل الى ما توصل اليه حزب الله من نتائج ...فقيها كان أم عروبيا أم ماركسيا أم بعثيا ..؟؟؟ ليست هذه الأمور التي تأخذ بالاعتبار حين يتعلق الأمر بنتائج ايجابية ملموسة على الأرض ؟ نحن ناضل معنا أجانب من جنسيات مختلفة بعضهم سقط في المواجهة .وأطلقنا عليه لقب شهيد ...وعندما يثار الأمر دينيا نقول ..دعوا الخلق للخالق ...لكن من يقاتل معنا ويقف الى جانبنا وجب علينا احترامه ... هل ترون صلاح الدين تنكر للقادة النصارى الذين رافقوه وقاتلوا معه في معاركه ضد الاستعمار لبلاد المسلمين ..، هل تحقيق أؤلئك لنصر على عدونا وعدوهم سيشغلنا عن شكرهم والتلهي بمعتقدهم ومواقفهم الأخرى التي قد لا نقبلها ....ليطلق أي تنظيم عربي أو نظام قائم أو قوة إقليمية سراح مئات أخرى من معتقلينا في السجون .وسيكون لهم عندنا ذات الشأن من الاحترام . لذلك يتوجب الفصل بين التعامل مع وقائع وبين الزج بأفكار ومواقف تدخل أيضا في إطار ما يدعو اليه المقدسون لحرية الرأي ...
شيء آخر .....من هي الجهة ...ومن هو التنظيم ... ومن هو الإنسان الذي ينجز إنجازا مثل انجاز حزب الله في التموزين 2006/2008 ولا يسعى لتكريس مكاسب حزبية له ..؟؟ من هو المنزه المطلق ؟؟ هل تذكرون تبادل أحمد جبريل ؟ نعم تذكرونه ؟ ألم يجن منه الرجل دعاية وسعت من قاعدته الشعبية ؟ أليس هذا من حقه ..؟؟ أم نبخسه إياه ؟؟ إئتوني يا من تؤمنون بالنزاهة المطلقة بنزيه خالص على هذه الأرض .....في هذا الزمان ...ثم لينجز من تدينون لهم بالولاء أو الانتماء بعض ما أنجز حزب الله وليسعى لكسب ضعف ما كسب حسب الله من (تجارته) ...إذا كان لا بد من مناقشة فكر ورؤى حسن نصر في ميدان العقيدة والمواقف الدينية فالأمر لا شك بحاجة لمتخصصين ومتفقهين بجزيئيات صغيرة ...وبعلوم واسعه ..أما إن كان الأمر مدار البحث يتعلق بإنجازات وممارسات على الأرض فلنحاكم الممارسة فقط ...؟؟
ثم عجبا من أخ يريد من حزب الله أن يحمي أهلنا في نهر البارد ما دمنا نحن من أعطى الضوء الأخضر ..نحن نعم نحن الفلسطينيين ، وإن لم يكن لزوم لضوئنا حتى ..لكن أخي الفاضل راجع مواقف عباس زكي إبان الحدث ...وتتبع إن أمكنك تمويل فعالياتنا وقوانا هناك ...ودقق ببصمات الحريري عليها ( ماكو إشي ببلاش ) على رأي إخوانا العراقيين ... ثم هل عليه أن يكون فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين ؟؟ .... ثم ألم يكن ليصنف عندها بداعم الإرهاب وممول جند الشام ...ومقوض الشرعية ومعتد على الجيش وساحل لجنوده ...هل سيجد منا من يدافع عنه أو يخرج له بعض أسراه من سجون ٍ ما على هذه المعمورة ....؟؟!!
ثم متى كانت حرية الرأي مبررا للمس بكرامة أو شرف أو عقيدة أي كان ...؟؟ نحن نفهم حرية الآخرين نقيضا لاستعبادهم ..ونتذكر مقولة الفاروق ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) ..ونؤمن بأن حريتك تنتهي إذ تبدأ حرية الآخرين ..ولا يمكن القبول بمبدأ أن تهجما شخصيا أو شتما أو سبا أو طعنا بمعتقد أو كرامة يمكن أن يدخل في سياق حرية الرأي ......
هناك مجتمعات تؤمن بمثلية والجنس وبإقامة العلاقة بين المثليين ...هل يقبل أصحاب الحرية المطلقة ذلك لأنفسهم وأبنائهم ...؟؟ ثم إذا كان الأمر كذلك مطلقا لماذا نلوم العملاء ونتبرم منهم ...هم أصحاب رؤى ويرون أن من الضروري مكافحة ( الإرهاب ) والتبليغ عن الجار وإبن العم والصديق وابن البلد والتسبب بهدم بيته أو قتله .. حرية رأي وممارسة .... وحرية معتقد !!! ورؤية سياسية ..!!! من حقهم ذلك في عالم حرية الرأي المطلقة ...
ثم من هاجم الرسول عليه السلام برسومات أو روايات أو غيرها صاحب رأي ,,,,وفي إطار الفهم إياه لا يجوز الاحتجاج على ممارسته )( أو البصاق في وجهه )....هل هذا معقول ....؟!
ثم لمن يسعفهم البحث في الوصول الى زلة هنا وموقف هناك لهذا الرجل أو ذاك ..لماذا نتناسى المساحات الخضراء الشاسعة ونتعلق برمادية أو سوداوية كأننا نبحث عنها مبتغى لنا ....افعلوا نصف ما فعل نصر الله أو المقاومة العربية وقوى الممانعه وخذوا ضعف ما أخذ من محبة واحترام ....سنقبــّل أقدامكم إن تغبرت في سبيل الله والوطن والأرض السليبة ..وستبقون مثيرين لاشمئزازنا ما زلتم ترون النقطة السوداء في بحر من البياض .......
ثم همسة أخوية .......لماذا تكثر المعاول ساعة الهدم وتختفي ساعة البناء ..كثير من الأقلام لا أطالع لها مقالات الا نقدا لآخرين وتهجما عليهم ..الا يمكن أن نقرأ رأيا بقضية معينة لها ,,,ألا يمكن أن تشارك الآخرين النقاش تفيد وتعرّف ...أصبحنا نتوقع مقالا لفلان يتلوه علان ويشد من أزره فعلان ...في أوقات ما عندما .....ينزل مقالا لكاتب نتذكر أنه وافق على التهدئة ...ووافقه الآخرون ...هل سنطلب من القراء تتبع من خرق التهدئة ...ونشغلهم بعبثنا ؟؟!!
ثم أيها الأعزاء ..ومن باب حرية الرأي المطلقة ...إذا كان من حق كاتب أن يتهم شخصا ما بالنفاق أو الكذب ..فمن حق الآخرين أن يتهموه كذلك ( بحراقة الحرسة ) ..حرية رأي ...!!! طبعا لست أؤْمن بهذا ...ولكن سياق التعامل أصبح يميل لهذه الكفة ..........أذكر أن أخا كاتبا ذكر في تعليق أنه توقع منذ ساعة مقالا من آخر ...طبعا بعد مقال مستهدف ..لماذا صديقي العزيز لم تتوقع منه مقالا بعد استعادة جثمان دلال مثلا أو إعلان نتائج الثانوية أو استهداف السودان أو تدنيس مقبرة باب الرحمة ..أم أن الأمر لا يعنينا .......يعني كتاب الواق ....واق فقط...
أصبح الأمر ممجوجا مرَّ المذاق ...وقد جهدت هنا لعدم زج أية كلمة سوء في الموضوع ،رغم أنه موضوع سيء ما كنت أتمنى طرقه .. ويبقى القول أن من يغرف من الحرية بيده موظِفا أو مستغلا لها في قذف أو قدح أو تشهير عليه أن يتوقع أن يجد من يغرف بكلتا يديه ...ومن يحترم نفسه وقلمه وقارئه سيجد أن ذلك له ذخر في الدنيا وسبيل نجاة في الآخرة ...ودمتم طيبين ....
حرية الرأي والممارسة ..بين النسبي والمطلق..بقلم : حسان نزال
تاريخ النشر : 2008-07-21
